حكم.وأحكام.تطهيرالصيام..في آخر رمضان(زكاة الفطر)
طهرة للصائمين
السنة الرابعة – العدد 43 – رمضان 1424هـ - نوفمبر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد.
فهذا عرض مختصر لأحكام زكاة الفطر، مقروناً بالدليل، تحرياً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وإتباعا لسنته.
حكمها
زكاة الفطر فريضة واجبه على كل مسلم؛ الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والحر والعبد، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير؛ على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين. و أمر بها أن تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة ) أخرجه البخاري.
فتجب على المسلم
إذا كان يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، فيخرجها عن نفسه، وعمن تلزمه مؤنتة (أي نفقته) من المسلمين كالزوجة والولد. والأولى أن يخرجوها عن أنفسهم إن استطاعوا؛ لأنهم هم المخاطبون بها، أما الحمل في البطن فلا يجب إخراج زكاة الفطر عنه؛ لعدم الدليل بل يستحب إذا نفخت به الروح. لأن عثمان رضي الله عنه كان يعطي صدقة الفطر عن الحَبَل.
حكم إخراج قيمتها
لا يجزئ إخراج قيمتها، وهو قول جمهور العلماء وأفتى به من المعاصرين الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله، لأن الأصل في العبادات هو التوقيف، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدٍ من أصحابه أنه أخرج قيمتها مع توفر الأموال بينهم. وقد قال عليه الصلاة والسلام: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أخرجه مسلم.
حكمة زكاة الفطر
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدها بعد الصلاة في صدقة من الصدقات" أخرجه أبو داود وابن ماجه بسند حسن.
جنس الواجب فيها
كل طعام الآدميين من قوت البلد غير معيب ؛ من تمر أو بُر أو أرز أو غيرها من طعام بني آدم، قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: ( كنا نخرج يوم الفطر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر) أخرجه البخاري.
وقت إخراجها
يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين كما كان الصحابة يفعلون؛ فعن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال في صدقة التطوع : ( وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين ) أخرجه البخاري ، وعند أبي داود بسند صحيح أنه قال : " فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين".
آخر وقت إخراجها صلاة العيد، فلا يجوز تأخيرها عنه كما سبق في حديث ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم وأفضل أوقاتها قبل الخروج لصلاة العيد لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
مقدراها
صاع عن كل مسلم لحديث ابن عمر السابق.
والصاع المقصود هو صاع أهل المدينة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ضابط ما يكال، بمكيال أهل المدينة كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة ) أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح. والصاع من المكيال، فوجب أن يكون بصاع أهل المدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد وقف الشيخ يوسف الأحمد على مدٍ معدول بمد زيد بن ثابت رضي الله عنه عند أحد طلاب العلم الفضلاء، بسنده إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه فأخذت المد وعدلته بالوزن لأطعمه مختلفة ، ومن المعلوم أن الصاع أربعة أمداد فخرج بالنتائج الآتي :
أولاً : أن الصاع لايمكن أن يضبط بالوزن؛ لأن الصاع يختلف وزنه باختلاف ما يوضع فيه فصاع القمح يختلف وزنه عن صاع الأرز، وصاع الأرز يختلف عن صاع التمر، والتمر كذلك يتفاوت باختلاف أنواعه، فوزن ( الخضري ) يختلف عن ( السكري ) ، والمكنوز يختلف عن المجفف حتى في النوع الواحد، وهكذا ولذلك فإن أدق طريقة لضبط مقدار الزكاة هو الصاع، وأن يكون بحوزة الناس.
ثانياً : أن الصاع النبوي يساوي : (3280 مللتر) ثلاث لترات ومائتان وثمانون مللتر تقريباً.
وأنبه هنا أن تقدير أنواع الأطعمه هنا بالوزن أمر تقريبي؛ لأن وضع الطعام في الصاع لا ينضبط بالدقة المذكورة، والأولى كما أسلفت أن يشيع الصاع النبوي بين الناس، ويكون مقياس الناس به.
المستحقون لزكاة الفطر
هم الفقراء والمساكين من المسلمين، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق : "... وطعمه للمساكين".
تنبيه : من الخطأ دفعها لغير الفقراء والمساكين، كما جرت به عادة بعض الناس من إعطاء الزكاة للأقارب أو الجيران أو على سبيل التبادل بينهم وإن كانوا لايستحقونها، أو دفعها لأسر معينه كل سنة دون النظر في حال تلك الأسر؛ هل هي من أهل الزكاة أو لا؟.
مكان دفعها
تدفع إلى فقراء المكان الذي هو فيه لأنها عباده متعلقة بالبدن فتجب حيث هو لفقراء ذلك البلد.
من الأخـــطـــــاء : إخراج الطعام معيباً أما بتغير طعمه أو بوجود الدود فيه أو السوس فالله طيبً لا يقبل إلا طيباً.
حكم إخراج الزكاة
تحقق اهدافا خاصة للمؤمن.
أولا: تزكي نفس المؤمن وتطهرها مما قد يعلق بها من آثار للغو والرفث أثناء صيام رمضان، ( لحديث ابن عباس السابق)
ثانياً: تصون كرامة المؤمن، وتحفـظ له عزته، فالمؤمن الجائع قد يضطره جوعه إلى أن يسأل الناس يوم العيد، وفي ذلك حد من الذل والانكسار مما يتنافى مع عزة المؤمن وكرامته، وصدقة الفطر تحول دون هذا لقوله صلى الله عليه وسلم: ( اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم ) اخرجه البيهقي والدارقطني.
ثالثاً: المحافظة على المجتمع الإسلامي سعيداً مرحوما، فزكاة الفطر في توزيعها على الفقراء، وإخراجها لبيوت الأرامل والمساكين، مظهر من مظاهر رحمة المؤمنين لبعظهم تلك الرحمة التي لا تتحقق سعادة المجتمع من المجتمعات إلا بها، لأنه لا سعادة لمجتمع بعض إفراده يموتون بالشبع والبطنة والبعض الآخر يمون بالخصاصة، والجوع لاسيما في يوم عيد وفرح عام.
الحكم من اعتبار الكيل لا الوزن
1- لأن الصاع وحده من وحدات قياس الكيل لا الوزن، والكيل مقياس لحجم الشيء، والوزن ومقداره صاع دون النظر إلى وزنه، والقاعدة عند العلماء أن ( المكيلات لا تنضبط بالوزن) ومن هنا لزم رد الناس إلى الأصل وهو تقدير الزكوات والكفارات بالصاع النبوي لما في ذلك من ضبط الأحكام الشرعية وإحياء للسنة النبوية.
2- بل لو أخذنا صاعاً من تمر العجوة وصاعاً من تمر الغبرة لوجدنا أن تمر العجوة صغير الحجم ثقيل الوزن ، وتمر الغبرة كبير الحجم خفيف الوزن وعليه لا ينضبط تقدير زكاة الفطر إلا بتقديرها بالصاع النبوي.
مسائل متفرقة
أفضل الأصناف ما كان أنفع للفقير (تمر، أرز، بر) وهذا يختلف باختلاف المكان والزمان.
لا يجب على الكفيل إخراجها عن الخدم المسلمين لكن لو تبرع فلا بأس بذلك ويلزمه إعلامهم حتى تقع منهم النية لأنها عبادة والعبادة لا بد لها من نية.
يجوز إعطاء فطرة الواحد لجماعة وفطرة الجماعة لواحد.
يجوز التوكيل في إخراج زكاة الفطر كإعطاء بعض اللجان والجمعيات الخيرية بشرط أن يخرجوها طعاماً.
الأولى أن يخرج المسلم زكاة الفطر بنفسه وفائدة ذلك هو الوقوف على أحوال الفقراء والمساكين من المسلمين.
السهر
لقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الكثير من الهرمونات يفرزها الجسم أثناء ساعات النوم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، هرمون النمو وهو مسئول عن إكساب الجسم المزيد من القوة العضلية والذهنية، فمع طول السهر يحرم الإنسان من إفراز الهرمونات بالصورة الطبيعية، وزيادة إفراز هرمون الميلاتونين أثناء النوم ليلا، وهو المسئول عن إعطاء الجسم المزيد من الحيوية والنشاط وإكسابه المزيد من المناعة ضد الإصابة بالأمراض المختلفة.
كما أثبت العلم الحديث وجود غاز الأوزون المليء بالأكسجين الثلاثي الذي يعين جسم الإنسان على الصفاء والتركيز، وهذا الغاز بتركز وجوده مع انبلاج الصبح أثناء شروق الشمس والذين يسهرون في الليل يفتقدونه ولا يستطيعون الاستفادة منه لأنهم سينامون قبل أوانه، وإذا سهروا حتى إلى ما بعد الفجر فإن الجسم سيكون مرهقا ومجهدا بعوامل أخرى لا تمكنه من الاستفادة من هذا الغاز.
إخراج زكاة الفطر
يقول كثير من الناس إن زكاة الفطر نقود أفضل من الأرز والتمر وإن المساكين عندهم ما يكفيهم من الأكل وأنهم بحاجة إلى المال لشراء الملابس والانفاق منها ونحو ذلك..!! والرد عليهم بأمرين:
الأول : ال الله تعالى: { أّوً مٌسًكٌينْا ذّا مّتًرّبّةُ } البلد16، وقال: { وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } الماعون3، وقال: { وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ } المدثر44 ، وقال: { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } الإنسان 8 ، لقد حث الله تعالى على إطعام المساكين في آيات عديدة لم يقل إلباس المسكين وقال صلى الله عليه وسلم: (طهرة الصائمين طعمة المساكين) أي في زكاة الفطر.
الثاني : أن الصحابة والتابعين كانوا يملكون المال ومع ذلك كانوا يزكون بصاع من أرز وتمر.. الخ امتثالاً بقول وفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يملك المال.
إذن يجب إخراج زكاة الفطر صاعاً من أرز أو صاعاً من تمر أو صاع من زبيب امتثالا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل السلف الصالح...
واعلم أخي المسلم أن الله تعالى يعلم ما كان وما سيكون، ولو كان المسكين بحاجة إلى الملابس بدلا من الطعام لأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شباب مسجد أبوسبرة بن أبي رهم
العارضية ق11
من موقع العلمين
جزاكم الله خير
اخوكم
مبــارك