رسائل العشاق (2)
سا ئل العشاق (2 )
بقلم : سعد ابو حيمد
يبدو أ نني أ بحر بقاربي المتواضع , في بحر يفوق قدراتي ,, فأ نا أ كتب موضوعا أ أسميه ( رسائل العشاق ) ومن المفا رقة أ نني لم أ مارس حالة العشق , كما ما رسها ( من أ كتب عنهم ) وإ ن كان في الواقع ( واقع الحياة ) أن أي كا ئن إ نساني ( سوي ) , لا بد من أن يمر بهذا الطريق , وإ ن كان على مستو يات ها دىء وثا ئر , , لذا أرجو أن لا يلومنني أحد , إن هو لمس ضعفا في تعبيري , أ و في وصفي لمسيرة العشاق ,,
و في هذه الحلقة من رسا ئل العشاق ,, أروي فيها مشا هد من العشق ( الخيالي المطلق )والذي تدور أ حداثه في إ حدى المؤ سسات الإ نسانية ,,( مستشفى )طبيب بل استاذ يحاضر في الجامعة ,, يلتقي بالصدفة بل يصطدم - دون قصد – مع إ حدى طا لباته ( المتعالية إجتما عيا ) ,, وتحدث المواجهة والخصومة , التي حاول الدكتور ان يتدارى عنها ,, لكن الطرف الآ خر يصر على منا زعته , وكما يحدث بعد البرق والرعد يهطل المطر الذي يسقي الزرع والضرع ,, وينحسر النزاع , ويتحول إلى شىء آ خر ,, لكن هذا الشىء يبقى مستترا , حتى يتدخل طرف ثالث ,, ويتم التوا فق والتصالح ,, دون كشف المشا عر ,,
وتسا فر الطبيبة ( مزينه ) إلى الخارج , للدرا سات العليا ,, وتبقى زميلتها ( الوسيط ) فا طمة ( طبيبة أيضا ) وهي شديدة الذ كاء , حيث استطا عت ان تستدرج الدكتور( صالح وتسمع منه عبارة رقيقة تخص مزينة , و حينها أ سرعت – فاطمة – بنقلها ا إلى مزينة في الخا رج ,, وما أن تبلغت مزينة بالعبارة حتى , تملكها السرور والغبطة ,,فقد كان هناك توارد خواطر بينها و بين الدكتور , ( علاقة جيدة بل أكثر ) تلك هي العبارة التي سمعتها فاطمة ونقلتها إ لى مزينه ,, إنه حلم يدا عب خيال مزينة , فقد إ نقلب ذلك الخصا م إلى تواد وتها فت ,, لكنه تواد غا مض مستتر , تحجبه التقاليد والسمات والعادات ,, كما يخفيه الغيب غير المقروء ,, نعم هناك توارد خواطر , لكنها خواطر متبا عدة , ,لم تتفاعل ولم يتصل بعضها ببعض ,, ولكن فاطمة بد هائها , قد أ مسكت بأ ول الخيط , وسلمته لمزينة ,, ولم يكن لدى مزينة ما يمنعها من أن تكشف أ وراقها , وتشير إلى ما يعتلج بخا طرها , وكتبت إلى الدكتور لتقول :
استا ذي الكريم الدكتور صالح : تحياتي وتقديري , و بعد : لقد مررت بمراحل من التعامل المضطرب , مع رجل ,, بل إ نسان نادر المثال , فلقد ثبت لي , ,,وتأ كد , وترسخ ,, بأ نني أ تعامل مع رجل بل طبيب ماهر ذو خلق عظيم ,, لذا ,فقد بلغ مني الإ عجا ب به , مكا نة لا مثيل لها ,, كما أن سجا ياه العقلية والخلقية , ( والمهنية ) التي يتصف بها , قد جعلت منه رمزا يحتل مكانة من التقدير والإ حترام لدى عموم من عرفه وتعا مل معه ( وخصوصا أنا ,, رغم عبثي الشبابي في مرحلة الدراسسة والذي استطاع هذا الإ نسان ان يتحمله بل أن يقومه ويهذبه ),, لذا يا استاذي الد كتوؤ صالح , فإ ن تللك المزايا والصفات التي منخها لك الله ,, قد جذبتني ودفعتني , لأ ن أ كتب إ ليك , وأكشف لك عن جانب من الستار الحديدي الذي أ حيط به نفسي ,
ولكن : ,وعند ما هممت بالكتابة ,, حدث أمرغريب , فدعني أعترف لك , بأ ن الحالة التي أكتب لك فيها , هي حالة خارج الواقع , شعور وإ حساس فوق السيطرة ,, فقد شعرت أن القلم الذي يكتب , قد استولت وسيطرت عليه قوى خفية غيبتني عن ما يقوله القلم ,, لذا فإ نها – القوى – ستكون معنية ومسئولة عما يرد في هذه الر سالة ,,فأ نا ملي التي تمسك بالقلم , ليست سوى وسيلة تستخدمها تلك القوى , أ ما أ نا بكامل كياني , فلست إلا كيان خاضع لتلك القوى تقوده وتتحكم به ,, فلندع القوى تتحدث , أو ليتحدث الكيان من خلا لها ,,
عند ما أ خلو إلى نفسي , كنت , أ نظر , وأنتظر , أن ترسل , لي , بلادي شيئا من نسيمها , لكي , يبلل جفاف بعدي , وو حشة غر بتي , ونفحة تهون على غيابي عن مو طني , وعمن أود رؤ يتهم , والقرب منهم , وحين غادرت البلاد , لم أكن أظن , أن شيئا – ما – مني قد بقي ,, ولكن وبعد مضي الوقت , وعند ما رحت أعد وأ حصي أ حا سيسي , ومشا عري , وقد أ قول أ فكا ري , , عند ها إ كتشفت , أن أ شياء مني مفقودة , , بقيت , تخلفت , وبما ا أ حتجزت , , وكنت أجهل الأ سباب , التي من أ جلها بقيت , , وتشتد بي الحيرة , لما ذا ا حتجزت بعض مشا عري و أ حا سيسي؟,, ربما أنها تلك القوى , التي تتحكم بمشاعر الإ نسان وإ رادته , دون خيار منه ,
بالأ مس , وفي أ جواء تلك الحالة ,, أ صابني منام أو حلم ,, شعرت خلا له , بأ ن سهما طا ئرا , قد إ نطلق من بلا دي , مخترقا الأ جواء ومتجها إلى كياني ,, وكان يحمل على متنه (غاز ) وبين يدي هذا الغا زي , البقية التي بقيت مني , , حملها ذلك الغا زي , لتكون له وسيلة وحجة يتسلح بها للأ ستيلاء على البقية البا قية والتي حملتها معي للغر بة ,, وشعرت وأ نا في لجة المنام , أنه لا يوجد أ ما مي مفر أ و سلا ح أ صد به هذا الغازي ,, فتها وت حصوني , وتسا قطت دفا عاتي , تلك الحصون التي كنت أثق بمنا عتها , وأ زعم أ نها صعبة الإ ختراق ,,فقد جاء ذلك السهم بقوته وسلطته , وبدد مزا عمي , وأ بطل ثقتي , , فما كان أ ما مي إ لا أن أ رفع راية الإ ستسلام ,, وأ ستنجد وارجو من ذلك الغازي , بالغازي نفسه ,, أن يكون رحيما ورفيقا بمنشآ تي وبقا يا حصوني ,, ولم أ كن محظوظة لأ ستمع إلى إ ستجا بة ذلك الغازي على إ ستنجادي ,, ذلك أن هزيم الرعد خارج غرفة منا مي ثد أ يقضني ,,,
استاذي الكريم : يبدو أنني قد عدت لواقعي ,فلا تسلني , ولا تأ خذ مني جوا با عما تقدم ,, فتلك مسئولية القوى الخفية , والحساب منها وعليها ,, ,,
د / مزينة التغلبي
الد كتور يرد
قرأ الدكتور رسالة مزينة ,, مرة ومرتبن , ووجد نفسه في مو اجهة مع جانب من شخصيته ,, التي حاول ( زمنا )أن يبقيه مواربا وليس مفتو حا , لكن ريحا هبت وفتحت الباب على مصرا عيه , ووجد نفسه أمام مفترق طرق , وجد نفسه أمام إحتيار , بل أمام إ ختبار فئما أن يبقي الباب مفتوحا , ويفرج عن المكتوم والمحبوس الذي يختزنه الجانب الآ خر من كيانه ,, ويستجيب لذلك السيل من العواطف المندفع بقوة ,, أو أن يغلق الباب ويعصف بالمشاعر ويصدها ,, لم يكن الدكتور بسماته الجادة وسلوكه المحافظ , لم يكن خال من المشا عر والعواطف ,,لكنه كان يرقب المواقع , ويتلمس ويتحسس الخطوات التي يسير عليها ,, لكن مزيتة أربكت حسا باته , وقضت على محا ذيره ,, إن مشاعر الدكتور متحفظة , متأ نية وتتحرك بتؤدة ,, ولكنها حين تشعر بالأ مان وتلمس الثقة , فإ نها تحط وتهبط كما يهبط الطير على عش فراخه ,و تحط مخلصة صادقة وهي لا تشبه تلك العواطف , التي تتقد وتشتعل نارا , ثم لا تلبث حتى تتوارا وتخبو , ثم تنطفىء ,,
ومن طبيعة الد كتور المهنية , راح يبحث ويحلل و يفحص طبيعة ذلك الفيروس الذي أ صاب كيانه العاطفي ويبدو أنه وجد حلا وعلا جا لهذا الفيروس ,, المهادنة ثم التحالف ,واخيرا التوافق والإ نسجام , والصلح , على أن يعمد الفيروس إلى نزع سلاحه , وأن لا يدمي ولا ينهش ,, بل يصبح ترياقا و دواءا يلبي ما تحتاجه الروح والأ نفس ,, ويمسح ما يعلوها من كدر وأ حزان , ويرويها بما تحتاجه من ماء الحياة ,, وييزيل التردد ويوقف البحث , إذ وجد المراد ,,
بعد ما وصل الدكتور إلى هذا التحليل والتشخيص الذي يتسم باللغة الطبية , قام بالرد على مزينة ,,با سلوب ووصفة طبية ,,
قال : طالتي العزيزة : مزينة التغلبي : بعد تحياتي : من الوطن إلى بلاد الغربة ,, لقد أ صابني الفيروس الذي إ نطلق من هناك وعلى متن النجم الثاقب ’ وقد تصالحت معه وعقدنا العزم على السير معا في أمان وإطمئنان ,, أما الغا زي , فقد إ ستجاب لر جائك , وحافظ على الحصون ودعم الد فاعات ,, أشكرك على العبارات البليغة , وأنتظر العودة بشوق مع تحياتي
د/ صالح الشامي
22-06-2011, 12:11 PM
رد : رسائل العشاق (2)
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
