الجريمة والعقاب الجزء الثاني
الجريمة والعقاب الجزء الثاني
- وبقي العميد إبراهيم في حيرة من أمره حول هذه القضية , وعاد إلى تحقيقاته ومضبوطاته وأعمل فيها فكره وخبرته , ومن خلال تحليلا ته علق بذهنه علامتان صغيرتان وربما ثلاثة , الشعرة الطويلة والمكالمة التي استمعت إ ليها شقيقة المغدور , وايضاتلك القصاصة وما كتب عليها والتي توحي بأن هناك قضية انتقام , ومع ذلك لا يجد إبراهيم دليلا قاطعا , ولكن ميزان التحري لديه يميل إلى أن العنصر الفاعل عنصر نسائي , ولكن كيف وما ذا ومن هي تلك المرأة ؟ والتي غالبا تكون قد ارتكبت الجريمة ,وبخطة بارعة ثم تخلصت من كل المخلفات الجنائية , ما عدا الشعرة الطويلة والبصمات ؟ ويعود العميد في تخقيقاته إلى نقطة الصفر , وليقتفي أثر تلك المرأة , امرأة ., من هي وأين هي ؟ إذن هي أ مرأة تنتقم من فهد , ,ولكنه انتقام بالغ القسوة , فماذا فعل فهد ليدفع حياته ثمنا لتلك الفعلة
لم يبق لدى العميد من المضبوطات التي يعتمد عليها في تحقيقاته سوى مضبوطة واحدة, وإن كان لا ينتظر منها العميد ما يفيد التحقيق وهي الهاتف , ولكنه كمتخصص وممارس وخبير في الا مور الجنائية لا يتجاوز ولا يهمل أي دليلة مهما كانت ضئيلة ,
وتناول العميد الهاتف الذي يحتوي على أكثر من خمسين رقما واسما , أ سماء قد لا تكون فاعلة وحقيقية , لكن العميد مضطر بل من واجبه أن يتعرف ويتصل بتلك الأسماء, فلربما وجد من خلا لها ما يفيد مسار التحقيق , وباشرالعميد بالا تصالات , وكانت الحصيلة الكثير من الشتائم أو عدم الرد وأخيرا بقي هاتف واحد أفادت إدارة الهاتف أنه ليس في الخدمة , ومع ذلك لم ييأس العميد , ذهب لإ دارة الهاتف وحصل على إسم وعنوان صا حب الهاتف, وطرق العميد باب الساكن سالم عمر وأ جابه ساكن البيت :ان سالم عمر قد سا فر مع اسرته قبل شهرين ,إلى بلده فهو غير سعودي , وشعر إبراهيم بشيء من خيبة الأ مل فهذاهو آخر مضبوط - يتوقع منه بصيص دليل - يختفي , ولكن العميد بفطنته عاد وسأل الساكن الجديد , هل عندك علم بعنوان سالم عمر أو تلفونه ؟ قال الساكن : عندي فقط رقم تلفونه , ورغم أن هذا دليل ضعيف , إلا أن رجال الأ من لا يستهينون بأ ي دليل مهما قل شأنه ,
إ تصل العميد على الرقم الذي حصل عليه , وقد أجاب الطرف الآ خر وكان من أ جاب صوت إ مرأة, وسأل العميد هل هذا منزل السيد سالم عمر ؟ نعم هذا منزل سالم عمر فما ذا تريد , ؟
- قال : أناالعميد إ برا هيم حامد من الأ من العام بالمملكة العربية السعودية ,
- قالت المرأة : أهلا وسهلا وما سبب إتصالك ؟
-الواقع أن هنا ك قضية أو مشكلة قد وقعت لد ينا عنا في المملكة العربية السعودية ,وأ ثناء التحقيق والتحري ,تبين لنا وجود إسم ( سالم عمر ) مسجل علىهاتف صاحب المشكلة , من هو سالم عمر وما صلتك به ؟,
- سالم عمر والدي وأنا إبنته وفاء
- هل والدك موجود ؟ وهل تستطيعين الإ جابة في حالة عدم وجوده حيث أود معرفة بعض الأ مور ؟
- والدي غير موجود وأ ستطيع الإ جابة بما أ عرف
- - أخت وفاء منذ متى كنتم تقيمون بالسعودية ؟
- قبل عشرين سنة تقريبا لا أتذكرفقد كنت صغيرة حين قدمنا إلى هنا
- ما هو عمل والدك هنا في المملكة ؟
- كان يعمل با ئعا فيمتجر
- وأنت : هل دخلت المدارس في المملكة ؟
- نعم وبكل التقدير والشكر لبلدكم الطيب , فقد درست في مدا رسها وجا معاتها
-علمت أنكم سافرتم قبل شهرين , فهل تنوون العودة ؟
- لا لا ننوي العودة كفا نا غربة
- كيف يترك والدك عمله وهوذو مدخول جيد ؟
- لدينا مسئوليات في بلدنا ولنا أملا ك تحتاج إلى إدارة
- أخت وفاء نعود للقضية والمشكلة , ألا يوجد لوالدك أية مشاكل أو نزاع مع أحد هناك ؟
- لا أبدا فلا يوجد لوالدي مشاكل مع أحد فنحن غرباء ويا غريب كن أ ديب
- إذن كيف تفسرين وجود إسم والدك في هاتف صا حب المشكلة ؟
- الأ مر ليس غريبا , فلنا معارف وا صدقاء ووجود اسم والدي لدى أحدهم أمر وارد
- أ لأ خت وفاء ,,الرجل صاحب المشكلة : هو – فهد سعيد – فقد وجد مقتولا , ولم يتبين قاتله , فهل لديك أولدى والدك معلومات عن هذ الحادث وهل لكم به صلة ؟
- سيادة العميد أفهم حنكتك وقدرتك على استنباط الأ هداف من وراء الحوار والأ سئلة , وها قد وصلت إلى غايتك التي تبحث عنها , إنها جريمة قتل ,, نعم إنك تبحث عن القاتل , قاتل فهد سعيد , إنك تبحث عن الحقيقة لتقدمها إلى العدالة ولتدفع بها عن المظلوم , أليس كذلك ؟
-نعم ما قلته صحيح , نحن ندعم العدالة وندفع الظلم , ولكنك وفاء لم تجيبي على سؤالي السابق
- سيادة العميد : تقديرا لك ولبلدك الذي عشت به جل عمري ونعمت بخيراته وتعلمت في مدارسه , مقابل ذلك فإ نني سوف أ تعاون معك وسوف أ مدك بالحقيقة , رغم مرارتها ورغم خطورتها , وتبعاتهاالتي قد تطول حياتي ,, سيادة العميد : أرجو أن لا تندهش إذا قلت لك ,, إنني من قتل فهد سعيد ,, أقول ذلك وأنا صادقة معك ومع نفسي ,
ودهش العميد بالفعل بل وفوجىء بعذ هذا الإ عتراف الصريح الذي يحدث دون إكراه , وقال مخاطبا وفاء , : أشكرك على هذه الصراخة , ولكن أرجو أن تتأكدي من ما قلته ,و لا بد أن تعلمي أن هذه المكالمة التلفونية الطويلة يجري تسجيلها ,
- سيادة العميد : أؤ كد ما قلته فلقد فعلت ما فعلته جزاء فعلة نكراء دفعتني لأ ن أثأ ر لكرامتي وعزتي , , وسوف أتحمل أي نتيجة تأ تي بعد ذلك , , سيادة العميد :الآ ن أنا خارج سلطتك , ولن تستطيع ملا حقتي , ( لا تعتمد على الإ نتر بول ) فلن يستطيع العثور علي ,, ولكن برضائي وطوعي , يمكن أن أعود إلى المملكة واواجه قدري , لأنك ستقد مني إلى القضاء الإ سلامي و القائم لدى المملكة , ولأنني اثق به ثقة مطلقة , فإ نني سوف أتقبل أي حكم يصدره القضاء الشؤعي في المملكة , وايضا قبل أن أ عود أود أن تقدم لى عهدا ووعدا أ خلا قيا بأ نك لن تزج بي في السجن ولن تضع القيد في معصمي , لأن ذلك سابق للحكم , وطلب آخر,, سوف أقص عليك سيرتي وقصتي فيما يلي وسوف أبعثها إليك مسجلة علىشريط , وبعد أن تطلع عليها وتكتشف الملحمة التي مررت بها بعد ذلك فإ نني سوف أقبل نصيحتك إ ذا طلبت عودتي , , وهنا أود أن أحيط علمك بأ نني أ حتفظ بوثيقة بليغة الحساسية , وعليها اتوقع نجاتي وذلك حين أقدمها للمحاكم الشرعية حيث آمل وأ توقع أن يتفهم القضاء دوافعي وما فعلت , والآن دعنياسجل وأ سرد لك مسيرتي وقصتي كما يلي : -
أنا فتاة عربية مسلمه لن أذكر بلدي الذي ولدت به لا لشيء , إلا لانني أ عتبر البلد الذي قضيت به جل عمري وتعلمت به ونعمت بخيره هو الوطن الذي يهمني وهو المملكة العربية السعودية , والدي يعمل في المملكة منذ عشرين عاما وبأ جر متواضع ولكنه كان كا ف لنا مع القليل من الإ دخار ,درست في مدارس المملكة وعند ما أ نهيت الثانوية أراد والدي – وأناكذلك – أن ادخل الجامعة وقد تهيأ لي ذلك – بحمد الله - وفي مجتمع الجامعة شعرت بأ جواء مختلفة , فتيات يتحدثن بلغة غريبة علي ويرددن عبارات لا أ فهمها سمعتهن يذكرن - الإ نتر نت – الذي لم أ كن أ عرفه , فبيتنا قروي وشبه بدوي ولا وجود للوسائل الحديثة به , وشملتني العدوى - بعد شعوري بالعزلة – ورجوت والدي - وهو كريم وعطوف - لأ ن يبتا ع لي كمبيوتر – وولده السحري – الإ نتر نت وفعل مشكورا وكان لي صديقة محترمة ولطيفة , وهي ممن يمارسون لعبة الإنتر نت وكنت أ زورها وتزورتي ومنها تعلمت الإ نتر نت , ورحت أ عبث كما تعبث الأ خريات , كنت في البداية أعتبره لعبة وتسلية وكنت أ حيا نا أرد وأ علق على بعض ما ينشر , وحينا أكتب شيئا من معار في , وجاء أحدهم وأ مسك بتعليقاتي وأ قوالي وراح يمتدح كتا باتي ويطلب المزيد منها , وداخلني شيء من الزهو والإ رتياح , إذ كيف وانا فتاة في أول سلم التعليم والثقافة وأ جد من لا يعرفني ويمتدح كتا باتي , وتقدم هذا المجهول – خطوة أ خرى وطلب التعرف علي , وتهيبت الأ مر , وقلت لا حاجة لذلك , وما هو الغرض ؟ قال رجل أنهى تعليمه الجا معي وأ عمل بوظيفة ذات مدخول جيد , وكإ نسان يبحث عن شريكة حياة , ولأ نني قد أعجبت وراق لي ما تكتبينه وإعتدالك وميولك الدينية , وذلك هو ما ينقصني
ودخلت في حيرة وتردد , أ عرف أن كل فتاة لا بد لها من أن تسلك هذا الطريق طريق الزواج , وهذا الذي قاله (المجهول ) قول يجب الوقوف عنده وتحليله والبحث عن جديته ,
ورددت عليه انتظر تمهل , دعني أ ستشير والدي ودعنا نستخير الله قال : إ نني على أ حر من الجمروسأ لت والدي ما ذا ترى ؟ قال : إذا كان رجلا موثوقا وصالحا فلا مانع وأخبرته أن والدي لا مانع لديه , وأن عليك أن تتصل به وليس بي أنا قال : المجهول : أليس من الواجب أن نلتقي قبل ذلك ونتعارف ثم نخطوالخطوة التالية ؟ قلت لا يمكن ولا بد أن تكون المقابلة في بيت أبي وجاء إلى بيتنا , وعرفنا على نفسه , قال : أنا فهد سعيد جامعي مدرس , غير متزوج , وأ قنع والدي بمنطقه ومظهره وقد حضرت جانبا من المقابلة , وكما قال أنه أعجب بشكلي ومظهري , ومن هذه المقابلة تمت الموافقة المبدئية , على الزواج , غير أنه مما اثار الريبة والشك أنه طلب أن يكون هذا الأ مر غير معلن في الوقت الحاضر , وقد علل ذلك بأنه يود ا قناع والدته التي تصر أن يتزوج بأ بنة أختها , والأ مر الثاني أن ينتظر حتى تتم الموافقة الرسمية ,بسبب إ ختلا ف الجنسية , ولم يكن أ مامنا إلا قبول تعليله
وكثر تردده على بيتنا , وأ صبح يها تفني يوميا مضى على وضعنا هذا عام كامل وكنا نتحدث كل يوم في كل شيء إلا موضوع الزواج , وتجرأت يوما وسألته : ماذا عن مشروعنا , ويبدو أنه فوجىء فقد ظهر عليه الإ رتباك , وقال تقصدين الزواج ؟ صحيح هذا أ مر مهم , ولكن كما تعلمين الإ جراءات ا لرسمية تحتاج إلى وقت ولكن إطمئني , وقبلت هذا التعليل أيضا والذي لا أدري حقيقته
وبعد شهر من حديثه , جاء إلى بيتنا وهو في حالة أرتباك وجلس معي بحضور والدتي , وراح يمهد لما يريد الإ فصاح عنه , قال : يا وفاء أنت تعلمين ما للوالدين من حقوق ووا جبات , وأن الله قد قرن حقهما بحقه ,وأن طا عتهما من طا عته , قلت هذا صحيح ولكن ما هي منا سبة هذاالقول الآ ن ؟ ما دمنا كمسلمين نعرف ونقر بحقوق الوالدين , قال : يا وفاء أرجو أن تتفهمي موقفي وأن لا يدا خلك شك في مكا نتك عندي , قلت : يا فهد أ فصح ما ذا تريد أن تقول ؟ قال : والدتي من مدة طويلة وهي تلح وتطالبني بأ ن اتزوج إبنة أختها , وتعلل أنها جميلة وهي من لحمنا ودمنا , وكنت أ طرح التعليلات والإ عتذا رات و أطلب التأ جيل , لكنها تزيد الإ لحاح , وفي صباح هذا اليوم دخلت والدتي في حالة تشنج بعد بكاء طويل , وأ مام حالتها وواجب طا عتها فقد وعدتها وأ نا غير مقتنع وذلك رافة بها وعطفا على حالتها ,لذا فأ نا مضطر ا ن أ خطو هذه الخطوة عليه أ رجو أن تقدري موقفي ولا تغضبي مع العلم أنني متمسك بك ولن أ تخلى عنك فدعيني أ قضي حاجة والدتي وأنا واثق بأ ن هذه الخطوة لن تدوم كثيرا أشهرا وربما أيام
ما ذاعلي ان أعمل لقد جاء ليبلغني بزواجه وبكلمات ساذجة لا قيمة لها أ راد أن يربطني ويطلب مني إنتظاره , لكنني قررت العزوف عن العلاقة به تزوج فهد بقريبته , وا صبحت في حل من العلاقة به , لكنه أصر على أن يبقي العلاقة , ثم بقي على اتصال بنا ها تفيا , وكان يعزف أ نغا ما من القول يظن أنها ستبقيني في إ نتظاره , بعد ستة شهور من زواجه جاء إلى بيتنا وكان في حالة سرور لكنه سرور مفتعل وسارع بالقول : ألم أقل لكم ؟ ها هي قد ذهبت إلى دار أهلها غاضبة بعد ما سمعت حديثي معك بالتلفون ولكنها بالطبع لا تعرف شيئا عن علا قتنا وفي الحقيقة إن شكوكي في نوا ياه لم تبرح خاطري وقد لاحظ سلبيتنا تجاه زيارته وأيضا حول قصة زوجته , وجاهد على إقنا عنا بجدية موقفه , لكننا في الواقع قد صرفنا النظر عنه ولا بد أنه قد لمس ذلك لكنه لم يتراجع , وراح يكرر المحاولة ويقدم بعض الهدايا الرمزية , وكنا نتعفف عن ذلك , ويبدو أنه مصر على الإ ستمرار بأي وسيلة وبأ ي طريقة , عرض على والدي إستضافة اسرتنا في استرا حته , ولكن والدي أ عتذر , غير أنه أصر وحتى أ قسم اليمين, عندها وافق والدي , وذهبنا والدي ووالدتي وأنا إلى الإ ستراحة مساء الأ ربعاء ليلة الخميس , وكنا في الحقيقة لا ندرك شيئا من نواياه , لا سيما إصراره على العزيمة , وكنا وحدنا وهو وحده , وقدبالغ في تكريمنا , وكان هو من يقوم بالخدمة , ولم يسمح لأ حد أن يساعده
الجزء الثالث والا خير يعد العشاء راحفهد ليعد الشاهي