نجم شاعر المليون عايض الظفيري : الشعر الآن بين االتسول والمرهقة
في شعر " عايض الظفيري " اختلاف وفي حضوره أيضا ، فهو الذي شد القلوب والأنظار إليه بظهوره البكر والأول في النسخة الثالثة من شاعر المليون .
جاء من مدينة حفر الباطن شمال السعودية ، غير محمّل بأصداء الشهرة ، بل من غير سابق إنذار أماط اللثام عن شاعريته ، وتفرد في التحليق عالياً ، حتى أحرز المركز الثاني بالمسابقة ، وحل وصيفاً ، للشعر وشاعر المليون ، وها هو اليوم يطل من خلال حوار " وكالة أنباء الشعر " معه ، ومثل ما اعتدنا عليه ، يأتينا باللامتوقع ، واللا سهل واللا صعب ، يجمع كل المتناقضات ، من البساطة إلى أعقد نظريات المعرفة والفلسفة ، من طفولة الكلمات ، إلى فحولة الأفكار ، والتجربة ...
عايض الظفيري في هذا اللقاء سكب الدهشة ، والكثير من الأسئلة ، والجمال ، وبللنا بمطر الشعر ، والنثر ، والسحر ، فلا تحرموا أنفسكم من متعة البلل والغوص فيه ، أسرعوا واقرؤوا..
- الشاعر عايض الظفيري .. ما سر غيابك عن الأضواء بعد صعودك ونيلك للمركز الثاني بمسابقة شاعر المليون ؟ وكأنك خرجت لتشارك وتسجل للتاريخ مركزك وتعود للانزواء ؟
لا أعرف أو لا أجد إجابة دقيقة على مسألة الاختفاء عن الأضواء لكن مقاييس شاعر المليون تختلف عن مقاييس الساحة الشعبية ، وأنا رهاني في البرنامج كان الشعر ، ولا زلت متمسّكا ًبهذا الرهان على أي مقياس آخر .. لكني بالرغم من هذا موجود في الساحة لكن كعايض الكاتب .. فأنا أكتب في الصحافة بشكل أراه جيّداً وأصداءه جميلة .
- وأين عايض الشاعر؟
موجود .. لم يختفي تماماً .. بل ظهر على أهم المنصّات الشعرية في المملكة فقد شاركت في عدة مهرجانات كان آخرها الجنادرية لهذا العام
- لماذا لم تستثمر النجومية والمركز المتقدم الذي حصلت عليه في شاعر المليون .. في الساحة واكتفيت بالأمسيات ، ولم تتوج الفوز بمشاريع تفيد تجربتك الشعرية؟
أنا موجود في الساحة .. لكن مشاريعها كما تقول قليلة ، وغالباً مشاريع مشوهة ،أنا أريد أن أضع نفسي في المكان الذي اختاره أنا حسب ما أريد .. هذا كل شيء .. فالساحة فيها كل شيء ، هل جربت قيمة أن تكون حيث لا يريدك الآخرين أن تكون ؟
- ألا تخاف أن ينساك الجمهور بعد مرور سنوات طوال وفوات الأوان من جني أرباح الظهور بالمسابقة ؟
الساحة تعتمد على العشوائية أكثر .. وليس بها هذا الفكر الأقتصادي الذي تريدني أن أستثمر فيه ، أنا جنيت كل شيء من شاعر المليون ، جنيت محبّة الناس وهو شيء عظيم والله .. أعيشه إلى هذه اللحظة وعرضت ما لدي من شعر عبر البرنامج ونجحت في قبول الشعر والشاعر من النّاس والبرنامج ، وهذا كان مطمعي وهو الآن أهم مكاسبي ، أما مسألة النسيان تحدث لأني لا أعتقد أن مسألة التواجد المستمر كافية أيضاً فالتواجد المتشابة الذي لا يحمل الجديد هو مدعاة للملل والنسيان أيضاً وأن يذكرك الناس وحينما يذكرونك بشعر جيد أفضل من يذكرك الكل بشعر سيء .
- كيف وجدت الأمور بعد البرنامج وما الذي تغير عليك ما بعد مشاركتك ؟
ما بعد البرنامج حرصت كثيرا أن أحفظ عايض ما قبل البرنامج ، فلو بحثت عن عايض ما قبل لوجدته هو نفسه عايض ما بعد .. هناك تغييرات حدثت كثيرة لكنها لاشك تغييرات إيجابيّة فقد أصبح عايض الشاعر معروف ومطلوب في كل مكان وهذه من حسنات برنامج شاعر المليون وفضائله .
- هل جاءتك عروض مشاريع إعلامية او إصدارات ؟
ألاحظ تركيزك على مسألة ( مشاريع ) والمشاريع حسب رأيي لا تأتي لأحد ، بل على كل أحد لم يأته مشروع ما ، أن لا يطيل الإنتظار ويذهب هو إلى اقرب مشروع ..! أما أنا فلدي النيّة بعمل إصدارات تخص مسيرتي الشعرية والكتابية على حد سواء وسأعلن عنها في القريب العاجل وعن طريق الوكالة إن شاء الله
- كيف وجدت عالم الكتابة .. بعد تعاقدك مع عدد من المطبوعات لكتابة أعمدة ومقالات فيها ؟
بصدق أقولها .. الكتابة أرحب من الشعر .. الكتابة تستطيع أن تعبّر من خلالها عن كل شيء .. خذ مثلاً حينما تريد أن تسخر من أي أمر يحدث غالباً في أوطاننا .. هل يكفي الشعر لتقول ما تريده مثلاً .. هل يستطيع الشعر أن يتعامل مع كل مالديك من رؤى ، أفكار ، أوهام ، أحلام .. ! أبداً وحتى وإن كان قادراً فمعول الهدم المتوفر في الساحة لا يتقبل أي شيء جديد في عالم الشعر ثم تخاف أن ترمى بتهمة التجديد والإنقلاب على الموروث والمساس بقدسية الشعر .!!
الكتابة وجع أشد من الشعر وفيها ومضات أكثر شاعرية وتستطيع من خلالها أن تكون مثلما تريد .. فمرّة تكتب عن الفن حتى يظنك النّاس فنّاناً وأنت ( من جنبها ) .. ومرّة تضيق بالسياسة فتصبح سياسياً مدهشاً .. ومرّة يعجبك أن تشاهد مباراة كرة قدم فتكتب عن خيبات المونديال .. كل هذا يمر من تحت أيدي الشعر .. الشعر ينام صدقني .. الشعر الآن إمّا متسولاً عظيماً .. أو مراهقاً يعبث بمشاعر الجميلات ..للأسف الشعر آخر اهتمامه النّاس الآن .. أما الكتابة فآخر ما يهمها الشعر ..! ثم إن المتعة المنشودة في الكتابة هي نفسها المتعة الموجودة في الشعر .. لكن قلّة من يدرك ذلك .. ( هذي الساحة وسواياها ) .
- أراك متشائما كثيرا ، على عكس طبيعتك وابتسامتك التي لا تفارق محياك .. فما سر هذه التناقضات؟
أنا ( متشائم) كثيراً ربما .. وابتسامتي التي لا تفارق محياي كما وصفتها ربما هي سلاحي الذي أحارب فيه كل أشكال التشاؤم .. أمّا التناقضات .. لأني أعيش في عصر المتناقضات لا أكثر .. وأنا نتيجة طبيعيّة لكل هذا التخبط الذي نعيّشة في كل شيء .. في الشعر والفن والرياضة والسياسة كلها تناقضات .. (يعني جات علي انا يالمسكين ماتبيني اتناقض .. اتق الله يارجل .. )
- برزت لشعراء حفر الباطن مدرسة خاصة بهم .. وبتأكيد حتى لجنة تحكيم شاعر المليون ومن تابع شاعريتك وتجارب شعراء الحفر أمثال فالح الدهمان وغيرهم .. فهل تكشف لنا السبب أو أدوات هذه المدرسة وآلية تشكلها ؟
مع تحفظي الشديد على مسمى ( المدرسة الحفراوية ) لكن تميزها الملحوظ هو من راهن عليه الجميع والحمدلله فلقد ظهرت أصوات شعراء حفرالباطن عالية في أهم المنابر الشعرية ، حفرالباطن المدينة منسيّة من الإعلام قبل شاعر المليون ، فيها عدد كبير من النّاس يعشق الشعر ويتنفسه ، وظل أبنائها أوفياء للشعر .. وطوّروا من أنفسهم حباً في الشعر وليس حباً في الشهرة .. ولعلمك الفضل قد يكون في أفضلية حفرالباطن هو للتجاهل والتهميش الإعلامي الذي عانى منه أبناء المحافظة .. فهذا جعلهم يؤمنون أكثر بما يكتبون .. واستطاعوا أن يطوروا من مفهوم الشعر عندهم حتى جاءت اللحظة المناسبة للظهور إلا وهو شاعر المليون فخرجت أصوات أشاد بها كل صاحب ذائقة عالية في كل الخليج .
أي أن شعراء حفرالباطن عاشوا تحديا مع الذات ، وأصبح لهم رؤاهم التي يدافعون عنها فيما يتعلّق بالشعر تحديدا والتجارب التي مرت على البرنامج تؤكد ذلك ومنهم الصديق سعد زبن .. الذي أنشد للأحبّة والمساكين جميعا من مسرح شاطيء الراحة وسمعه الملايين من النّاس آنذاك .. من أين له كل هذا لو لم يكن لديه إيمان وفهم متطور لمفهوم الشعر .
- ألا تتفق معي أن تطوير الشعر المبني على العمق والرمز ليس له جماهيرية كبيرة ؟
وليكن ذلك .. هل المقياس الدقيق للشعر هو الجماهيرية ؟
طبعا لا ، لأن كل من وصلنا شعرهم من السابقين هم من رواد التجارب الحديثة في وقتهم ، الجماهيرية الآن ليست مقياس كافي للحكم على جودة الشعر وثورته ، الجماهيرية الآن جماهيرية شاعر وليست جماهيرية شعر ،وهناك فرق شاسع بين الأثنين ، لماذا مثلاً لم تتوقف جماهيرية ابي الطيب المتنبي الى هذه اللحظة ؟ لأن الجماهيرية هي جماهيرية شعر ، لم يعد الآن يصفق لشخص أبو الطيب .. الكل يصفق لشعره فقط .
- هل نفهم أنك تكتب لزمن قادم ، وجمهور ليس موجودا الآن ؟
هذا شرف لا أدعيه .. لكني سأقاتل لو وجدت الطريق الذي يبقيني إلى زمن قادم ، الزمن هو الرهان الحقيقي لكل مبدع ، أنت تعرف أن موسيقيين عظماء ورسامين عظماء لم يعرفوا في أوقاتهم حتى تعاقبت الأجيال نحن هنا مجرد أن يأتي شاعر ليكتب شيء لايعجبنا ننصب المشانق ، لما كل هذا ؟ دعوا الناس تجرّب ، التجربة حينما تكتمل تستطيع محاكمتها وسيفعل الزمن ، نحن نقتل كل شيء في مهده ، الشعر ليس له كل هذه القدسية التي يظهرها الناس بأنها يجب أن لاتتجاوز كذا وكذا ، الشعر بحر لا قرار له .. كلما وصل شاعر إلى أرض جديدة قامت الدنيا ولم تقعد ، لما كل هذا ؟ هل يعجبك كل هذا التناسخ والتشابه الموجود الآن ؟
- لكن الشعر فيه رسالة والشاعر يكتب بلسان حال واقعه .. وعندما يكتب للمستقبل ينفصل عن محيطه ؟
حينما يكون محيطه سيء .. تكون مهمة الشاعر الوحيدة هي الإنفصال عن واقعه .. والهروب للأمام فإن الهروب للخلف أيضاً مسأله أشد جهلاً ..!!
- كيف حكمت عليه بأنه سيء ؟ وهروب للخلف ؟
من سؤالك الأول .. انت قلت يكتب بلسان حال واقعه .. مثلاً لو كان واقعه جيّد فهو بالضرورة واقع ينظر للأمام دائما .. أما لو كان سيء فسيظل ينظر للخلف ، أرجو أن يكون فهمي صائباً
- ماذا عن الغزل لدى عايض الظفيري هل يكتبه بلسان حاله .. أم لحبيبة افتراضية ؟
قلت لسان حال واقعه .. ولم تقل لسان حاله .. وهناك فرق ، لكني أيضاً سأجيبك عن الغزل
أنا كتبت لها :
وجهك مثل : استغفر الله لاجات // بشفاه طفل وكان يكذب على امّه
ومزيّن بضحكة سهو عمرها فات // مستبشره ولكل حسن متمّة
أنا كتبت لحبيبتي هذه الأبيات ، هل علي كي تتأكد من شاعريتي أن أكتب مثلاً عنقها عنق المهاة وعينها عين الغزال مثلا أم ماذا ؟
حبيبتي لا تشبه الأخريات ربما هذا السبب يكفي لأن اخترع لغة جديده لها فقط .
- لماذا تغرق بكتابة الوجدانيات أكثر من الغزل والحب ؟ مادمت عاشقا لمن لا تشبه الآخريات ؟
نعم في هذه أصبت .. أنا أميل فعلاً إلى الوجدانيات أكثر .. لأني غالباً أحتاج إلى لغة لم أجدها لأكتب ما أشعر به .. أحياناً كثيره لدي شعور بأني لم أكتب الشعر كما أفهمه .. أقولها صادقا ياجاسم إلى الآن لم أكتب الشعر الذي أريد ..!
منقول
__________________
[
صفحتي على تويتر
haian_ali@
الايميل الجديد
ali_haian@hotmail.com
اسعد بتواجدكم