المتسولة


ملتقى الكتاب والمؤلفين خاص بما تخطه اقلام كُتْاب الموقع

موضوع مغلق
قديم 04-02-2009, 06:23 PM
  #1
سعد ابوحيمد
..::قلم من ذهب::.
.:: روائـــــي ::.
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 224
سعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond repute
افتراضي المتسولة

\المتسوله بقلم : سعد ابو حيمد
رأيتها تبسط سجادة الصلاة بجانب جدار الجامع من الخارج ، وتتابع الصلاة مع الإمام .. كان لباسها كاملاً ، وشرعياً ، وعلى وجهها نقاب وبأيديها قفاز ( جوانتي ) . في بداية الأمر لم تلفت نظري كثيراً ، فربما تكون تلك امرأة متدينة ومجتهدة ، وترى أن الصلاة في الجامع أو قربه أكثر أجراً ، لكن الذي لفت نظري بعد انتهاء الصلاة ( صلاة الجمعة ) ، ومغادرتي للجامع أن تلك المرأة بعد نهاية الصلاة قد جلست على طرف السجادة مستدبرة القبلـة ، خافضـة رأسـها حتى لا يكاد المـرء يرى شيـئاً من وجهها ( المتنقب ) ، ويبدو أنها تتلو تسابيح أو دعاء ما بعد الصلاة ، ظهر ذلك من تحريك أناملها .. وتبين لي أنها ربما تطلب الصدقة ، بدا لي ذلك حين رأيت بعض المصلين يتجهون نحوها ، ويلقون شيئاً من النقود على السجادة ... وقد فعلت ما فعله المصلون ونفحتها ما قسم الله . ثم ذهبت إلى سبيلي
لكن أموراً شتى تواردت على خاطري : ترى هل اتخذت هذه المرأة من الصلاة بجانب الجامع وسيلة لكسب مشاعر المصلين وعطفهم ، ليزيدوا لها العطاء ؟ أم أنها حجة لطلب الإحسان ؟ أو أن ظروفاً قاهرة قد دفعتها لأن تسلك هذا الطريق ؟ مما يثير حولها الظنون ... ربما هذا ، وربما ذلك ، والعلم عند الله ... في اليوم التالي ( وهو غير جمعة ) أتيت إلى الجامع ، لكنني لم أجدها ، لذا فقد أخذت صورتها حالتها تتلاشى من ذهني واهتمامي . مرّ أسبوع ، وحل يوم الجمعة التالي ، وإذا هي تحتل مكانها بجانب الجامع باسطة سجادتها كما رأيتها أول مرة بعد الصلاة ، ولاحظت أن الناس زادوا من تعاطفهم من المرأة ... تبين لي ذلك من وفرة النقود الملقاة على السجادة ، وإن كانت في حقيقتها ليست كبيرة القيمة ، لأن معظمها من مفردات النقود الصغيرة ، ولقد لفت انتباهي غياب تلك المرأة طيلة الأسبوع ، ثم عودتها يوم الجمعة ... والجمعة بالذات ، ويبدو أنها قد خصت يوم الجمعة بطلب الإحسان . حين اقتربت من السجادة لأضع ما قدر من مساهمة لاحظت أن يد المرأة مطبقة على شيء ما ، ويبدو أنها كانت ورقة صغيرة ، وحين وضعت ما تيسر من النقود على السجادة ، فتحت المرأة يدها وألقت بالورقة على السجادة وأشارت بما يعني خذ الورقة ، ولا أدري لماذا خصتني دون المصلين الآخرين ؟! ربما لاحظت لباسي وملامحي التي يبدو منها أنني وافداً ولست من مواطني البلاد . كانت الورقة صغيرة ، وبها كلمات مركزة ونصها كما يلي :
ربما تظن بي الظنون ... ولكن مهلا أيها الأخ المسلم ... لا تستعجل في الحكم .. ولا توغل في سوء الظن ... وسوف تجد الإجابة على تساؤلاتك وظنونك – إن ساورتك تلك الظنون – غدا وفي نفس هذا المكان . لأن مجيئي هنا له علاقة بما يدفعه المحسنون كل أسبوع لأنه يسد حاجتي لمدة أسبوع ... اسمي زينب ... خديجة ... حليمة ، لا يهم سمني بما شئت من هذه الأسماء ولكن ليس اسمي واحداً من بينها " .
قرأت الورقة بعد مغادرتي للمكان ، ودهشت ، وزاد فضولي بعد قراءتي لتلك الورقة من تلك المرأة التي لا أدري بماذا أدعوها : متسولة ، فقيرة ، محتاجة ، وربما غير ذلك .. وراح ذهني يحلل ويعلل ويظن ... لم يستقر ذهني على صفة أو حكم ، ورحت أنتظر بفارغ الصبر مرور الوقت ، لا أعرف ما سيأتي به الغد ، لاكتشف ما وراء هذه المرأة ... وأخيرا حان وقت صلاة الظهر من اليوم التالي حيث موعدها ، وعلى غير عادتها ، لتفصح عن قصتها ، وعن أسباب وجودها في هذا المكان .
حين اقتربت من الجامع تطلعت يميناً وشمالا ولم أجدها ... واشتد بي القلق وسوء الظن ... هل كانت تسخر مني ؟ هل أرادت اللعب بأعصابي ؟ ( وليغفر الله لي لأن أمرها قد أخذ نصيباً من صلاتي ) انتهت الصلاة ، وخرجت من الجامع ، وأنا أعلل نفسي : بأنني قد أجدها ، فلعلها جاءت متأخرة لعلها .. ولعلها ... وأخيرا لقد رأيتها .. وجدتها ... لكنها كانت في حالة صلاة ... لم تبسط السجادة كعادتها بعد صلاة الجمعة على طرف منها ... وأصابتني الحيرة والقلق ... ماذا علي أن أفعل ؟ أأقف ؟ أأمشي ذهابا وإيابا حتى لا ألفت أنظار المصلين إلى وقوفي ؟ إنني في حالة ارتباك إنني أخشى أن يلاحظ أحد المارة أو ما بقي من المصلين وقوفي بقرب المرأة ، وبينما أنا في حيرة من أمري ، إذ بي أفاجأ بها وقد بسطت سجادتها ، فاقتربت منها ، ولاحظت مظروفا كبيرا وقد وضع على السجادة ، وقد كتب عليه بخط واضح : ( هذا هو الجواب فاستلمه ) .
وتقدمت في وجل وحذر وخوف من أن يراقبني أو يرانـي أحــد
وبسرعة تناولت المظروف وبالسرعة نفسها غادرت المكان متأبطاً الظرف ... ورحت أحثّ الخطا وأنا أفكر بما سيكون (ما سيفاجئني به هذا المظروف ) .. وما كدت أصل إلى مقر إقامتي حتى أقدمت متلهفا على فض المظروف ... وكان أول ما صافح عيني يقول سدت الأبواب فذهبت إلى باب الله ) اسمي زينب ... خديجة ... حليمة .. هذه الأسماء يمكن أن أدعى بها أو بواحد منها مع أن اسمي ليس من بينها . والدي عامل بسيط يكسب قوته وقوتنا اليومي بجهده واحتماله ، وحالتنا المعيشية على الكفاف ... والدتي قروية طيبة ... ولي أخت عشر سنوات ، وأخ ثمان سنوات . جاهد والدي وادّخر حتى استطاع أن يحقق أمنيته : وهي إلحاقي بالجامعة، وكان يحلم بأن يرى ابنته الكبرى وقد نالت الشهادة الجامعية ، لكنه توفي – رحمة الله عليه – قبل أن تكتحل عيناه برؤية الشهادة والتي حصلت عليها بعد وفاته بمدة قصيرة ... وحزنت كثيراً لأنه لم ينل حلمه ، ويسعد بشهادة ابنته التي يحبها كثيرا ...
لم يترك لنا والدنا الكثير ... كان يدخر قليلا من المال ، وقطعة أرض صغيرة من القرية يأتينا منها بعض الدخل ولم يكن ذلك كافيا ، وكان علي تحمل المسؤولية بعد أن ألقي العبء على كاهلي . ومن غيري فلا أقارب ميسورين يمدوننا ، ولا دخل يؤمن لنا الحد الأدنى من المعيشة.
وهكذا بدأ أمامي المشوار الصعب الطويل المجهول . وقررت أن أبحث عن عمل فلدي بكالوريوس محاسبة ، وتقدير جيد جداً .. وضعت الخطة .. وطرق البحث عن وظيفة ... أولا : مراجعة البنوك ... ثانياً الشركات الكبرى ... وأخيراً ( وبدون أمل ) وظائف الدولة ...
وطرقت الباب الأول ... البنك ( أ ) ، وقصدت دائرة التوظيف فيه ، وقدمت أوراقي للمدير الذي تناولها بثقل وأمرني أن أنتظر بالخارج ( خارج مكتبه ) حتى يحين له الوقت ( كما قال ) للاطلاع على الأوراق ... جلست بصالة الانتظار ساعة وساعتين دون أن يجري استدعائي ... وتجرأت ، وطرقت باب مكتبه ( مكتب مدير التوظيف ) وسمعته من الداخل يقول تفضل ... وفوجئ بدخولي , وحاول أن يبدي اعتذاره وأسفه لأنه قد نسي أن يطلع على الأوراق , واستدرك قائلاً : لا بأس سوف أطلع عليها الآن .. وبإمكانك الجلوس هنا وأشار إلى أحد المقاعد الموازية لمكتبه, وراح يقلب الأوراق موزعا نظراته بين أوراقي وبين شخصي . وبعد أن فرغ من فحص الأوراق أخذ ورقة , وراح يسجل عليها بعض الملاحظات .. مثل تخصص محاسبة تقدير جيد جداً .. بدون خبرة غير متزوجة لباسي إسلامي محافظ . دون تلك الملاحظات على أوراقي , ليعرضها كما قال على المدير العام .تلك الملاحظات التي شاهدتها وأنا أقف أمام مكتبه قبل الانصراف .
قال وهو يشير لي بالانصراف : دعي الأوراق عندي وراجعيني بعد أسبوع , ولم يكن بوسعي أن استعجله , فهو لا يعلم أن الأسبوع عندي يساوي شهراً بل سنة لأنني بحاجة ماسة للعمل و ما به لسد حاجتي و والدتي وأخوتي , وقبل أن أغادر المكتب قلت للمدير : عفواً سيدي ما مدى قبول طلبي أعني ما نسبة قبول طلبي " 50- 60 " % .. ضحك المدير وقال يا بنتي , لا يوجد لدينا نسب أما نعم أو لا فقط .. وأعدت عليه السؤال ... سيدي يعني بإمكاني أن أبحث عن عمل في أماكن أخرى قال نعم ... لا بأس هذا من حقك ... غادرت البنك ( أ ) وفي اليوم التالي ذهبت إلى البنك (ب) كان أول من قابلني موظف خدمات العملاء .. وحين علم بطلبي أحالني إلى سكرتير التوظيف ...وصلت إلى مكتب السكرتير ، ولم يكن لديه حاجب ، وكان باب مكتبه من الزجاج الذي ينغلق تلقائيا ( من تلقاء نفسه ) : طرقت الباب فأشار لي بالدخول ... وللوهلة الأولى شعرت أنه شاب لطيف ... فقد استقبلني بشكل مهذب ولطيف وبإبتسامة مهنية ... وقال تحت أمرك ... مددت له أوراقي دون أن أتكلم ... تناول أوراقي وسمح لي بالجلوس ... تطلع إلى أوراقي بشكل سريع ، وراح ينظر إلي أكثر مما ينظر إلى أوراقي ... وربما لفت نظره شكلي ولباسي الإسلامي ، وأود هنا أن أشير إلى أمر يسبب لي أحيانا بعض المشاكل أو الحرج هذا الأمر هو الذي يتعلق بشكلي فقد أراد الله ( وليس أنا ) أن يكون شكلي مقبولا وقد أقول جذابا كما يقال لي من الآخرين ... لم يكن لي شأن في تكوين شكلي كما ذكرت ... بل ربي هو الذي خلقني هكذا .. أقول ذلك لأن الشكل أحيانا يتغلب على المضمون ... أعود للسكرتير ... قال بعد أن فرغ من مطالعة الأوراق ... ممتاز محاسبة ، وتقدير جيد جداً ، وربما يكون لك نصيب في البنك ... وأنا من أجل عيونك ... سأبذل الجهد لدى المسؤولين ... ( وقد وقعت عبارة من أجل عيونك موقع الريبة من نفسي ) وأضاف السكرتير فقط اسمحي لي أن أعرض عليك وجهة نظري ، هي في الواقع نصيحة ... قلت : أشكرك تفضل بأداء نصيحتك .. قال : أنت شكلك جميل ، والبنك دايما يفضل الشكل الجذاب وأنت كما أعتقد – أيضا – شعرك جميل ونصيحتي – لتكوني مقبولة لدى البنك أكثر – أن تتخلي عن غطاء الرأس ، وإن أمكن أن ترتدي تنورة أو بنطلونا ... وصعق داخلي بعد سماعي تلك النصيحة غير النظيفة ... تماسكت ولم أشعر السكرتير بعدم رضائي وقلت : أشكرك على نصيحتك وسوف أفكر في الأمر وأعود إليكم .
ويظهر أنه ظن أن وجهة نظره قد نجحت وأردف قائلا : أتمنى أن تكوني زميلة لنا هنا بالبنك ، فأنت وجه صبوح ، وظل خفيف ... (هكذا تمادى ) وقبل أن أغادر المكتب وقف محييا ولم ينس أن يعطيني رقم هاتفه ويقول أرجو أن أسمع صوتك ، لأخبرك بالنتيجة بعد رفع الأوراق للإدارة ... تركت أوراقي عنده ( فهي ليست إلا صورا ) وعندي قرار بعدم العودة ... تلكما محاولتان لم تنجحا ...
وراح الهم والقلق يزحفان ويسيطران على تفكيري ... وحدثتني نفسي بالعودة إلى البنك ( أ ) فقد وعدني المدير بمراجعته بعد أسبوع ، وها هو الأسبوع قد مر وإني لآمل أن أجد نتيجة طيبة فقد لمست من المدير وحسن معاملته إنه جاد في السعي لقبول طلبي ... ذهبت إلى البنك ، وجلست في قاعة الانتظار بعد أن أعطيت السكرتيرة خبراً بوجودي ورغبتي في مقابلة المدير ... وبعد ساعة أذنت لي السكرتيرة بالدخول ، ووقفت أمام المدير ، وتطلع إلي وقال : خيرا ماذا تريدين ؟ قلت لقد تقدمت قبل أسبوع بطلب توظيف وحسب وعدك حضرت لأعرف النتيجة قال أي والله .. نعم ، نعم أنت التي تقدمت بطلب وظيفة محاسب .. الواقع يا بنتي ، النتيجة سلبية ... فالبنك له بعض الشروط التي لا تتوفر فيك ... إذ لابد أن يكون لديك خبرة سنتين ... ومنها لباسك الذي لا أدري هل ستوافقين على تعديله ... قلت سيدي : بالنسبة للخبرة .. كيف يحصل عليها خريج الجامعة دون عمل ؟ والبنوك والشركات تضع أمامه هذه العقبة ... ألا يمكنكم يا سيدي ، أن تتقبلوا الخريج وتتيحوا له فرصة ممارسة العمل ليحصل على الخبرة ؟ ولو حتى بمرتب اقل ! قال : تلك أنظمة سنت بجهالة ، ولم يجرؤ أحد على تغييرها ... قلت : وماذا عن اللباس ؟ السنا دولة إسلامية ومجتمعا إسلاميا ؟ قال : هذا أيضا شرط فيه جهالة ...
وعدت إلى البيت بخفي حنين .. وحين دخلت وجدت والدتي تلملم متاعها المتواضع ، وسألتها ما الذي تفعلينه ؟ قالت : يا ابنتي لقد جاء مالك الدار يطلب الإيجار ، وأنت تعلمين حالتنا ... لذا فاني عزمت على السفر للقرية بقرب أهلي ، لنوفر الإيجار ، وسيذهب معي أخواك ليلتحقا بالمدرسة هناك ... أما أنت فإنني اقترح عليك أن تعيشي مع خالتك لطيفة في بيتها حيث أنها تسكن لوحدها – لاسيما وأنها لكبر سنها محتاجة لمن يؤانسها ويؤدي لها بعض الخدمات – ولم يكن لدي ما أرد به على والدتي ... لأنه لا يوجد حل أيسر من ذلك ... وأضافت والدتي : سأقوم في القرية بالعمل في المزارع بقدر جهدي وطاقتي لأوفر بعض المصروف لإخوتك ...
ذهبت إلى خالتي ، وفرحت بوجودي إلى جانبها ... وشعرت بأن بعض الحمل قد إنزاح عن كاهلي . بعد إخفاقي في المحاولتين الأوليين عزمت ( وليس أمامي غير ذلك ) أن أواصل البحث عن العمل .
ذهبت إلى الشركة ( ج )وليس عندي من الأمل إلا قليلة ، وطلبت من السكرتيرة مقابلة مدير التوظيف واستمهلتني قليلا ثم أذنت لي بالدخول . دخلت وحالة من اليأس والقنوط تسيطر على ذهني ... كان رجلا مسنا سمح الوجه طيب الملامح .. وقفت أمامه وبيدي الأوراق ولم استطع منع نفسي من الإجهاش بالبكاء ، وذلك بضغط من ظروفي وحاولت من خلال حالتي تلك أن أنطق وأتكلم ... لكن الكلمات قد توقفت ، وانعقد لساني وغشيني حالة من الدوران ، وسمعت المدير يحاول تهدئتي ويقول : اهدئي ( عمي ) ... اهدئي ( عمي ) ... اتكلي على الله ( عمي ) ... استريحي. استريحي ( عمي ) على المقعد ... وجلست ... ومن لطفه ناولني منديلا كي أجفف دموعي ... وبعد بضع دقائق ... وبعدما أذهبت عني معاملته شيئاً من اليأس والقنوط ... خاطبته بقولي : عمي أنا فتاة فقيرة وأحمل مسؤولية نفسي ووالدتي وأخوين صغيرين ، وأحمل شهادة تفوق في المحاسبة ، وقد راجعت العديد من الجهات أطلب التوظيف ، لكن محاولاتي قد باءت بالفشل ... وذلك لأسباب منها : طلب الخبرة ومنها وجوب تغيير ملابسي الإسلامية ... وحين تقدمت إلى شركتكم كان أملي ضئيلا بقبول طلبي ... ولكني حين دخلت عليك ورأيت ملامحك التي توحي بالطيبة والإنسانية .. تجدد الأمل ، ودفع بدموعي لأن تشتكي إليك ... وأقسم بالله إن ذلك حدث بالرغم مني والآن هذه أوراقي ... بل أملي بين يديك ، فكن رحيما وكن منقذا ... وكن سببا في سد رمقي وأسرتي ، وهيئ لي العمل والكسب الحلال .
كان الرجل يستمع إلى حديثي المتشنج وقد ركز عينيه إلى الأوراق التي أمامه وأوقف قلمه عن الحركة ... وحين توقفت عن الحديث رفع رأسه ، ولكنه لم يتطلع إلى ناحيتي ، بل إلى الجانب الآخر ، وقد لاحظت وأنا أنظر إلى جانب وجهه أنه يحاول إخفاء غمامة من الدموع الذي غشي عينيه ... وبعد لحظات من الصمت قال يا بنتي : إنني مقدر لظروفك ومتعاطف مع حالتك ... وبالرغم من أن الشركة بها اكتفاء ذاتي إلا أنني واثق بإذن الله من أن المدير العام سيوافق على طلبك ... لذا فإنني أطلب منك إحضار الطلبات التالية ، والحضور غدا ، وسلمني قائمة بمتطلبات التوظيف ، وغادرت الشركة وأنا لأول مرة أشعر بالأمل .
وفي اليوم التالي كانت سعادتي لا توصف ، فقد تسلمت الوظيفة وكلفت بجانب من حسابات الشركة ، وقمت بواجبي على أتمه ... وكان يزاملني في القسم فتاتان ومن التوفيق أنهما محجبتان ... وشعرت بشيء من الهدوء والاستقرار لأنني سوف أحصل على مرتب أسد به رمقي ويكفي الحاجات الضرورية ، وأمد والدتي ولو بشيء بسيط يعينها على العيش في القرية مع أبنائها .وهكذا مرت الأيام وخيال السعادة يلوح لي ويرسم للمستقبل آمالا ... ولكن الخيال شيء وتصاريف القدر شيء آخر فبعد مضي ثلاثة شهور على عملي بالشركة سمعنا ، بل فوجئنا ( وحزنا ) سمعنا خبرا يفيد بأن أبا محمد مدير التوظيف قد أعفي من منصبه ، لأنه قد بلغ سن التقاعد كما يقضي بذلك النظام ، وحل محله موظف آخر ( أبو سليم ) وكان في ريعان الشباب ويشعر بالزهو والخيلاء ... ذلك لأنه رقي وبطرق لولبية من موظف عادي إلى مدير .. وأراد المدير الجديد أن يمارس سلطته بشكل يوحي للآخرين بأنه قادر على الإدارة والتنظيم والتجديد ، فبدأ بتغيير المواقع وخاصة موقعي وموقع زميلاتي ، ولم يكن لدينا مانع ما دام الغرض هو خدمة الشركة ...
وكان يتحدث لبعض زملائه ، ويعلق على زينا وشكل لباسنا ويقول إن الموظفات المحجبات متخلفات ، وإن مكانهن المناسب هو الخدمة في البيوت ، قال ذلك من منطلق أنه حضاري ومتمدن وبادعاء تخلفنا بهذا الزي عن ركب الحضارة والمدنية وبالطبع سمعنا ... ووصلت إلينا الهمسات ، ورجونا الله أن يكفينا شره ، لكنه كان يخطط بثرثرته لأمر ما في ذهنه ... فقد ضاعف من تكليفنا بالأعمال الكثيرة ... وكان يتحين بعض الأوقات ، ويمر على مكاتبنا ويحثنا ، ويلومنا ويزعم أننا لا ننجز الأعمال ... وذات مرة مر بمكتبي ... ووجد على طرف منه كتاب ... وكان أن وجه لي إنذارا مكتوبا وزود ملفي بنسخة منه ... كما أنذر إحدى زميلاتي لأنه وجد بجانب المكتب جريدة ، وهكذا مضى أبو سليم في خطته متلمسا لنا الأخطاء ، ولن يصعب عليه أن يجد وسيلة يتخذ منها سببا لكتابة إنذار جديد .
وفي أحد الأيام طلبت إجازة لمدة يوم واحد لزيارة والدتي بالقرية ، وأذن لي بالإجازة ، وكانت تلك بداية النهاية ... عدت من القرية متأخرة ساعتين وقد سجل أبو سليم علي يوم كامل ... ثم بدا يفتعل الخلاف معي بسبب وبدون سبب ، ثم يوجه لي الإنذار تلو الإنذار حتى بلغ عدد الإنذارات ثلاثة ... وهذا في نظام الشركة يقضي بالفصل من العمل إذا طلب رئيس القسم ذلك ... وهكذا قرر أبو سليم فصلي من الشركة ، وأي شيء أكثر إساءة إلى سمعة الموظف حين يجري فصله تأديبيا ؟! وبهذا النوع من الفصل انقطع أملي في العمل لدى الشركات والبنوك ... فانا مفصولة تأديبيا ، وحبست نفسي في بيت خالتي ، ورحت أتجرع الهموم ألوانا .كان لخالتي جارة ولها بنت شابة كنت أراها تخرج كل صباح بحجة أنها تعمل موظفة كما كانت تدعي والدتها ... تذهب في الصباح وتأتي قبل الغروب .. وفكرت أن أزورها ، فلعلها تجد لي فرصة عمل معها ... طلبتها ، ورجوتها أن تساعدني ، وتجد لي عملا معها ... وضحكت البنت واسمها ( سلمى ) ... وقالت يا عائشة ، ( وهذا هو اسمي الحقيقي ) أن العمل الذي أعمل به صعب ، وفيه مخاطر ... قلت لها : صعب شاق لا يهم ، فانا محتاجة ... وسوف أصبر وأقوم به مهما كان ، أما إن فيه مخاطر فلا أدري ماذا تقصدين ؟ هل هو مصنع ؟ أو عمل ميداني ؟ ، قالت سلمى : لا يا عائشة ، لا هو مصنع ، ولا هو عمل ميداني ... قلت : إذا ما هو ؟ ثم أردفت بأنني أقبل بما تعملين به وتتحملينه ، فأنا لست أقل منك احتمالا ... قالت يا عائشة : لا أنصحك به .. قلت : لا أنت يا سلمى لا تريدين لي أن أعيش وأستر حالي بالعمل ... قالت : يا عائشة ، العمل لا يناسبك لأنه يحط من قدرك وأحيانا يمس كرامتك ، قلت : يا سلمى : أنت تبالغين في إخافتي ومع ذلك فأنا قابلة ومقدمة على العمل الذي قد رضيت به ما دام مشروعا وشريفا ... قالت : عائشة هل لديك أعصاب تتحمل الإذلال لو تعرضت له ؟ قلت : نعم ... نعم سأتحمل كل شيء في سبيل حصولي على ما يستر حالي ويقوم بأودي أنا وأمي وإخوتي ... قالت : إذا غدا صباحا في السابعة كوني جاهزة . قلت : وهل أدري إلى أين ؟ .. قالت : لا لن أخبرك حتى ترين بعينيك وسوف تعرفين .
ذهبت مع صديقتي سلمى ، وفي إحدى العمارات الكبيرة بوسط المدينة دخلنا إلى مكتب تديره سيدة ... وكان يوجد بالمكتب عدد من النساء اللواتي يجلسن على المقاعد المنتشرة بالمكتب ... ولم أدر ماذا يعني هذا المكتب ، ولا ماذا يعني وجود هؤلاء النسوة الكثيرات ؟ ولماذا أتينا إليه ؟ أخذتني صديقتي سلمى إلى إحدى الغرف الجانبية وصارحتني وصارحتني بعد أن جعلتني أرى ذلك الحشد من النساء والفتيات .. قالت يا عائشة ، هذا مكتب للتخديم أي أنه يلبي طلبات أصحاب المنازل ، وبأجر يومي أو شهري ، تذهب كل سيدة أو فتاة من الحاضرات إلى المنزل الذي يطلب الخدمة ثم تقوم بالخدمة المنزلية بكافة متطلباتها مقابل أجر يومي ( غالبا) يأخذ المكتب 30 % تقريبا .
ذلك هو العمل الذي أعمل به يا عائشة ، فهل فهمت ؟ بل هل قبلت ؟ الأمر يعود إليك ... وسرحت بعيدا ورحت في تفكير عميق ، وتنازعتني الهواجس والأفكار ، فتاة جامعية تدفعها الأقدار والظروف لأن تعمل خادمة ... تجلي وتكوي وتغسل وتنظف وتكنس وتتلقى الأوامر من فوق ! تنازعت الكرامة وعزة النفس مع الحاجة والفقر... وكان المبرر أنه ما دام عملا وله أجر وهناك حاجة ، فلا بأس مهما كان العمل دنيئا ، لاسيما أنه لا بديل سواه ... كانت سلمى تراقب سرحاني وانغماسي في التفكير ولم تحاول قطع أفكاري ، منتظرة ماذا أقول وبماذا أرد ؟ .. قلت : يا سلمى لا بأس قبلت العمل ولكن لي رجاء بأن لا تعرف خالتي شيئا عن طبيعة العمل ، ابتدأ عملي بأن توجهت إلى منزل عائلة كريمة ، وقد عاملتني بلطف واحترام ، وقمت بالعمل خير قيام وتناولت أجري ، وانصرفت ، وتراجعت الأنفة والكبرياء عندي حيث وجدت أنه وإن كان عملا دونيا إلا أن فيه دخلا حلالا يفي بحاجتي ويسترني .
وبعد مضي شهرين من عملي بهذا المكتب ، وفي أحد الأيام جاء إلى المكتب هاتف يطلب عاملة ، وكان الدور لي فذهبت وكان صاحب المنزل من غير أهل البلاد ويسكن وحده ... وكان كريما ولطيفا لكنه في نهاية المطاف ارتكب حماقة جعلتني أفر منه حتى دون أجر ، ولم تكن هذه الحادثة هي الوحيدة التي تعرضت لها بل حدث قبلها كثيرا ... فما كان مني إلا أن انقطع عن هذا العمل المحفوف بالمخاطر.. كما ذكرت صديقتي سلمى . وعدت لبيت خالتي أبحث عن حلول وأصارع الدوامة من جديد – دوامة البحث عن عمل وطرقت كثيرا من الأفكار ، وفكرت حتى في الزواج ورحت استعرض الذين مروا في حياتي طالبين الزواج مني : صاحب البقالة في حينا ( أبو سمير ) وهو رجل قد تجاوز الخمسين مطلق وله أولاد عرض علي الزواج ذات مرة ، وأعرضت أنا عنه متطلعة إلى الأفضل ، ثم مقامر لم تعجبني أخلاقه فتجنبته ... أما عادل وهو شاب مستقيم ويشهد له المسجد ... وأعترف بأنني رغبت الزواج منه ، وقد فاتحته بذلك ولكن بطريق غير مباشر ... استوقفته في الشارع ( وهو يسكن بنفس حينا ) ومادام أنه من الحي وصاحب سمعة حسنة فلا حرج في أن أقف معه في وسط الشارع وهكذا استوقفته وقلت له : ألا تستطيع إيجاد عمل لي ؟ إنني بحاجة إلى العمل أو إلى رجل يقوم بأودي ، قال : مع احترامي وتقديري لك ، إذ وثقت بي ، وطلبت مني مساعدتك فإنه يؤسفني يا أختي المحترمة أن ليس باستطاعتي إيجاد عمل لك ... فأنا كما ترين متخرج من الجامعة من مدة سنتين ، ولم أجد عملا حتى الآن ... أما قضية الرجل فإن الكل يتمنى أن تكوني له زوجة ، فمكانتك العلمية وسمعتك الطيبة شهود على قيمتك ... قلت له : يا عادل ألم تفكر أنت في الزواج ؟ قال عفوا يا أختي ، كل شاب لا يغيب عنه هذا التفكير ، لكن ظروفا اجتماعية ومادية تعترض وتحول أحيانا دون الزواج .
وعلى الرغم من أن والدي ميسور الحال وأنا أعيش في كنفه، لكنني لا أرضى أن أكون عالة عليه مع زوجتي وأولادي فيما بعد ، بالرغم من أنه يتمنى ذلك ، لذا فإنني لا أنوي الزواج حتى أجد عملا ودخلا مستقلا .. قلت : أحترم أنفتك واعتزازك بنفسك ومع ذلك لن أخجل من القول : إنني أتمنى أن يكتب القدر لقاءنا يوما ... ما .. قال : ( أقدر لك هذا الموقف والرأي الصريح ) ... وأتمنى لك ولي التوفيق ... وعدت وانكفأت إلى بيت خالتي معتكفة على هواجسي وأحزاني . وفي ليلة غفوت فيها وأنا غارقة في همومي سمعت مناد يقول : اذهبي ... اذهبي إلى ربك حين سدت الأبواب في وجهك ... وتنبهت وأنا في حيرة من أمري ، ماذا يعني هذا النداء . اذهبي ... اذهبي إلى ربك ... إنني لم أنس يوما ذكر ربي ... حقيقة لم أفهم ماذا يعني هذا النداء.
وفي ليلة أخرى عاد المناد ليقول : اذهبي إلى الجامع وصلي هناك ... اذهبي إلى ربك ، ولكنني لم أفهم أيضا ... اذهبي وصلي هناك ... اذهبي إلى ربك ... إن ربي موجود في كل مكان وأنا كامرأة تجوز صلاتي في بيتي ... وبقيت في حيرة وراح الوقت يضغط علي وبدأت مدخراتي تنفذ. وضاقت بي الأرض وكدت أخرج عن إيماني ... ووسوس لي الشيطان بعض الأفكار السوداء ... لماذا يغتني البعض ويحل الفقر بآخرين ؟ ... لماذا يشقى البعض وينعم آخرون ؟... ومضت بي الوساوس حتى بلغت بي ما قبل الانهيار ... وكان منها ( الوسواس ) هل يجوز لي أو يحق لي أن أسرق ؟ ... هل يحق لي أن أزني ؟ ... وهنا ثار إيماني وقذف الشيطان ووساوسه بالآيات والذكر الحكيم ...
ومرة أخرى رحت أستعيد ذلك النداء ، وأحلله ، وأفسره ، وأقلبه في كل اتجاه ، ووصلت إلى نتيجة مؤداها لماذا لا أذهب إلى الصلاة في الجامع ؟ وأرى ماذا يعني ذلك النداء ... ربما يكون الدعاء في الجامع أقرب إلى الله . أخذت سجادتي ولبست لباسي الشرعي وتوجهت للجامع وبسطت سجادتي بجانب الجامع وتابعت الإمام ... وبعد نهاية الصلاة جلست على طرف السجادة ورحت أتلو وردي وتسابيحي ... وهنا عرج بعض المصلين وألقى بعض النقود على السجادة ... ورآهم البعض الآخر فراحوا يعطون ما يستطيعون .
لم أفكر أن هذا سيحدث ولم أكن أقصد ذلك ... ثم خطر ببالي هل هذا ما عناه النداء ؟ هل يعني أنه عطاء من قبل المحسنين ... ورحت أسأل نفسي هل أصبحت متسولة ؟ أم أن هذا تنفيذا لقوله تعالى " وفي أموالهم حق للسائل والمحروم " حقيقة أن ديننا العظيم لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا جعل لها حلا وعلاجا ... انتهى المصلون وغادروا الجامع ... أما سجادتي فقد اعتلاها مقدار من النقود يمكن أن يكفي لمصروف عادي مدة أسبوع
عدت لبيت خالتي ولا أدري ماذا أقول لها ... قررت عدم إخبارها بما فعلت ... وأوهمتها أن معي بقايا من أجوري ... وبقيت أفكر فيما جرى وفيما فعلت دون قصد ... هل هو جائز شرعا ؟ ... هل يعتبر تسولا .. ؟ وذهبت لأحد العلماء استفتيه ... أخبرته برؤياي والنداءات التي تكررت وأخبرته بصلاتي جوار الجامع ، وما نالني من عطاء المحسنين دون طلب أو قصد ، فكانت فتواه : ما دمت بحاجة فلا حرج أن تستعيني بإخوانك المسلمين ... وتلا الآية الكريمة " وفي أموالهم ... " كان اليوم الذي ذهبت فيه هو يوم الجمعة ، وفي يوم الجمعة الأخرى قررت الذهاب إلى نفس الجامع ونفس المكان ... وكان ما كان حين رأيتني وأنا رأيتك أيها الأخ المسلم ... ولست أدري لماذا وقع اختياري عليك لأن تفهم أنت وأنت وحدك معنى وجودي هنا ... ولأنني قد كتبت خواطري ومسيرتي المتعثرة والأسباب التي حدت بي لأن أجلس هذه الجلسة والتي ربما يطلق عليها عدة أوصاف وتفسيرات وتحليلات : متسولة ، فقيرة ، محتالة ، وغير ذلك ... دون أن يدرك أحد ما خلفها ... تلك هي قصتي وتلك هي حالتي ... فلا تظن بي الظنون ( وما أظنك فاعلا ) .. بعد ما تقرأ ما دونته بصدق .. ( عائشة ) فقط ... قرأت القصة وما كنت أنتهي منها حتى اقشعر بدني ، واغرورقت عيناي بالدمع حزنا على ما جرى لتلك الفتاة .. من عثرات وصعوبات ، وتمنيت لو أفعل شيئا من أجلها ، ولكن كيف لي وأنا لا أعرفها ولا أعرف مكانها ؟ ثم في حالة وجودها كيف تفسر هي تلك المساعدة لو حدثت ؟ لماذا وكيف ومن أجل ماذا ؟ تساؤلات قد تطرح ، وعزمت في قرارة نفسي على بذل المساعدة إن استطعت ، وإذا أمكن ، وإذا هي قبلت ... ولكن كيف لي أن أصل إليها ؟ كيف لي أن أتحدث إليها ؟ فقد تأتي يوم الجمعة الأخرى وقد لا تأتي ... ولنفترض مجيئها ... فالكلام المباشر معها مستحيل ...

ورحت أبحث في كل الوجوه ، وأخيرا اهتديت إلى حل ربما يكون مناسبا : ذهبت إلى إمام الجامع ... قلت أرجو أن تفهمني ، وتفهم نيتي وقصدي الخيري بشأن الموضوع الذي سأتحدث إليك حوله ... قال : خير ماذا تريد ؟ وأي شيء تقصده ؟ قلت : إنني أديت معكم الصلاة جمعتين وعند مغادرتي للجامع رأيت تبسط سجادة تصلي عليها بجانب الجامع ، ويبدو إنها فقيرة حيث رأيت المصلين يلقون على سجادتها بعض النقود. وقد اهتممت بأمرها ... فهل تستطيع مساعدتي في الوصول إليها والتحدث معها ؟ لأنني لا أستطيع التحدث معها مباشرة ، وأنا اقصد مساعدتها فقط . قال جزاك الله خيرا ... سأحاول التحدث إليها والتعرف إلى مكانها ... إن هي جاءت الجمعة القادمة ... فهي كما لاحظت لا تأتي إلا يوم الجمعة فقط ...
وفي الجمعة التالية وبعد نهاية الصلاة غادرت المسجد ... وإذا هي تجلس على سجادتها ... أما الإمام فقد تأخر بعض الوقت ... ثم خرج ... وقفت أنا بعيدا ورأيته يقف أمامها ويخاطبها ، ويبدو أنها ترددت بعض الشيء ، لكن الإمام ( ولابد أنها تثق به ) قد استطاع إقناعها ... قالت لا أهل لي وأنا فقيرة ووحيدة ... وأقرب الناس لي هو خالي أبو محمد وإليك عنوانه
وفي اليوم التالي ذهبت مع الإمام ( أبو رائد ) إلى بيت الخال ( أبو محمد ) ... وأبلغناه بسبب الزيارة وبسطنا له الموضوع ... قلنا إننا نريد المواجهة مع عائشة ... قال لماذا ؟ قال أبو رائد ( الإمام ) أن هذا الرجل قد علم بطريقة أو بأخرى عن ظروف عائشة وهو يريد أن يمد لها يد المساعدة ... قال الخال وعلى أي أساس تريدون مساعدتها وكيف ؟ ولماذا .. قال أبو رائد نرجو استدعاء ابنة أختك وسنوضح الموضوع بحضورها ، وحضرت عائشة وهي بلباسها الشرعي .. قلت : إنني يا أخت عائشة قد علمت عن ظروفك ومتاعبك علمت إنك متخرجة من الجامعة وتحملين شهادة محاسبة ، وإنه قد سدت أبواب الأعمال في وجهك ، وحين علمت بوضعك شعرت بأنني مرسل من قبل العناية الإلهية لإنقاذك ، إنني قادم من باب الله الذي ترجوه ، وتدعوه عائشة ... هنا تكلمت عائشة وقالت ... أيها الإنسان المسلم ، لك ثواب الله ثم تقديري ... ولكن كيف ؟ وما هو هدفك ؟ وما هو أسلوب مساعدتك ؟ ... قلت كما ذكرت لك سابقا إنني مدفوع بإيماني وابتغاء ما عند الله ... قالت إذا أنت مرسل بإرادة الله .. ( وعادت عائشة لتتذكر النداء ... اذهبي إلى ربك ... اذهبي إلى الجامع ). قلت نعم أشعر بأنني مأمور من الله .
قالت أيها الأخ المسلم الذي حتى لا نعرف اسمك ولا من أين أتيت لقد قلت إنك ستساعدني ... كيف ؟ .. قلت أعرف أنك جامعية تخصص محاسبة .. ألا يوجد لديك طريقة أو وسيلة تستفيدين منها في مجال تخصصك ؟!.. قال : نعم يوجد وسائل كثيرة وأفكار كثيرة ... قلت : مثل ماذا .. ؟ قالت : نعم لدي دراسات كثيرة وفي مقدمتها مكتب المحاسبة ... قلت : أخت عائشة يوجد معنا الآن الشيخ أبو رائد وخالك أبو محمد ... اكتبي الآن وثيقة قرض بكامل تكاليف المكتب ، وأشهدي عليه الشيخين وسوف أقوم بدفع المبلغ سلفة تعاد بعد نجاح المشروع إن شاء الله .. ولي تحفظ بسيط هو أن يكون الشاهدان مشرفان على صرف المبلغ والإنفاق على المشروع . كما إنني سأدفع المبلغ على شكل دفعات حسب الاحتياج ... فهل أنت موافقة ؟ .. قالت : وهل أملك إلا الموافقة ؟ لك شكري وتقديري على نبل موقفك ودعائي لك بالتوفيق والخير والسداد
فتحت عائشة مكتب المحاسبة وخلال سنتين أصبح من أشهر مكاتب المحاسبة بالمدينة ، واتسع المكتب حتى ضم أكثر من عشرين موظفا وتعددت مجالاته أما أنا ( أبو زيد سالم زيد عطية ) فقد غادرت إلى بلدي ، وتركت عائشة تجني ثمرة وعد ربها انطلاقا من ذلك النداء ... فقط كنت أتابع مسيرتها عن طريق الشيخ ( أبو رائد ) ليزف لي بين الحين والآخر أخبار نجاحها ,,, أما هي فقد كلت وهي تبحث عن مكاني وعنواني ، لتقدم لي شكرها وتهدي إلى خبر نجاحها ... ذلك إنني قد طلبت من الشيخ ألا يخبرها بمكاني فقط يشعرها بأنني أتابع أخبارها ونجاحها .
ذلك أنني لا أحب أن أبدو في الصورة ... حتى لا ينقص أجري ...
لكن عائشة - بعد النجاح الذي حصلت عليه ، وتوفر المال الذي تريد رده إلى صاحب المعروف – أصرت وأكدت على الشيخ أن يبلغني ويلزمني بالحضور لاستلام المال ... وكان علي بعد تأكد نجاح المحاسبة عائشة أن آتي لتهنئتها أولا واستعادة القرض ثانيا ، والذي استثمرته ونجحت بأسبابه ، وكان أبو محمد ( الخال ) قد أصبح مديرا ماليا للمكتب ... وكذلك الشيخ أبو رائد فقد كان له عمل جانبي يفيد منه ويستفيد وعدت بعد سنتين من الغياب وكانت فرحة لا قياس لها من قبل عائشة وأبو رائد وأبو محمد الثلاثة الذين شهدوا أول انطلاقة للمشروع ... ولقيت تكريما ضافيا وردت عائشة المال ، ولكن شعورها بالمعروف والجميل ما زال يغطيها ، وهي لا تدري ماذا تقدم لصاحب الجميل . جلست معي بحضور الخال أبو محمد وقالت : يا أبا زيد ما الذي أستطيع به رد جميلك انه حلم لا يكاد يصدق .. متسولة تصبح صاحبة أكبر مكتب محاسبة ! ... قلت لها إن الحمد والمنة والشكر لله .. ربي وربك هو الذي هيأ ، ويسر هذا الحلم الكبير ، وإنني مسرور مثلما أنت مسرورة ، وليكن هذا الأمر وسيلة لتوثيق الصداقة على مدى الدهر . قالت أبا زيد إنني اشعر بحمل يثقل كاهلي وهو معروفك وجميلك ، ولابد أن أقدم لك شيئا ، وإن أغلى ما أملك هو نفسي فهل تقبلني زوجة لك .
- شرف كبير يا عائشة ، غير أن هناك مسافة قد لا تحسمها العواطف والمشاعر ورد الجميل .
- إن قوة من الإرداة وصدقا في العزيمة يمكن أن تختصر المسافات وتزيل الموانع أخي سالم .
- إنها يا أخت عائشة عوائق يصعب الخوض فيها والبحث عنها .
- حينما تحل الإنسانية وتمتزج بالأخلاق السامية ثم تجمعها الإرادة ويحيط بها التوافق فلابد أن الأقدار بمشيئة الله ستدعمها وترعاها .
- مفاهيم رائعة ومشاعر سامية وعاطفة طاغية لا تقاوم ، ولكن ... .
- دع لكن هذه وضع مكانها ما يقضي على أسبابها .
- أنت يا عائشة ، تسبغين على مشاعري أطيافا من الأحلام وفيضا من الأماني مما يجعل الخيال يغزو ذهني ويحلق به بعيدا .
- ها أنت قلت ما كان ذهني يتصوره ولا يستطيع قوله فهل من العدالة أن يمتنع الإنسان عما يرنو ويحلم به ؟
- حالنا يذهب بنا إلى الخيال ... والخيال شيء والحقيقة والواقع شيء آخر يا أخت عائشة .
_ إن تفعيل الحلم والخيال شيء ممكن ، وهي غاية يسعى نحوها كل إنسان .
- إن الخيال سحر مثله مثل داء يندر دواءه وبفعله أحيانا تميد الأهواء وتتعطل المقاصد وتتكتل العوائق وتتكاتف الموانع .
- لكل داء دواء ولكل عائق أو مانع حلول فدع اليأس وابتعد عن القنوط .
- إن للخيال ميدانا رحبا يمتزج من خلاله الألم بالاستمتاع ولقد مررت بموجات منه متقلبة ومتلونة وفيها المؤلم ومنها المؤلم .
- إن للخيال كما أعتقد ارتباطا بسلوك الإنسان وصفاء نفسه وطيب خلقه ، إذ يستمد الخيال ويتأثر بسلوكيات كل إنسان فغالبا ما يشكل ويصوغ طموحاته وأحلامه .
- هنا يقع الامتحان ، إذ كيف نميز ، ونتعرف على سلوكيات كل إنسان ، وما يتخيله ، وما يطمح إليه ؟
- سالم جلستنا هذه استغرقت أربع ساعات ، ونحن نحلق في الأفلاك ، ولم نهبط على الأرض ، وأنا أمل منك جلسة أخرى غدا ... فقد شعرت بأننا قد أرهقنا الخال بطول الجلسة وهو لكبر سنه تعود أن ينام مبكرا .. فهل تعدني ؟
- نعم يا عائشة ... أعدك .... سنلتقي غدا ..
عاد سالم لمقره وعادت عائشة إلى بيت خالتها .. والكل مشغول بدوامة من التفكير ، ويكاد يغرق في الخيال . سالم رجل تخطى الخمسين ، وهو متزوج وله أولاد ، وحالته المادية جيد جدا ، ووضعه العائلي مستقر ، وليس في نيته أن يخطو خطوة أخرى ، غير إن إنسانيته وسيرته الخلقية تجعله أحيانا يقف على شفا الحفرة الأخرى . أما عائشة فهي فتاة في الثلاثينات ، وغير متزوجة ، وقد بهرها سالم بخلقه وإنسانيته ، وحل في تفكيرها ، كما غمرها بمعروفه ... تجمعت تلك الأسباب ، فجعلتها أسيرة ومتعلقة بذلك الإنسان .
انعقدت الجلسة الثانية وكانت لعائشة البداية حيث قالت :
- أبا زيد في جلستنا السابقة تشعب بنا الحديث وعصف بنا الخيال حتى كدنا لا نعي ما نقول وما وصلنا إليه ، فهل لك أن تعيدنا وتصلنا بحوارنا حيث توقفنا .
- الواقع لقد كان حوارا ممتعا ، وكان كالبحر تملؤه الدرر والجواهر حتى ليتمنى المرء ويطمح ألا يغادره ويبقى يتمتع بمناظره الخلابة .
- تقول كالبحر ... يبدو أنك تعشق البحر بالرغم من أنه يوصف بالغدار وكثير الأخطار ...
- من البديهي أن كل ما يوجد بالكون من أحياء وجماد ... كل تلك الكائنات بها ما يضر ، ولها ما ينفع ... حتى الطعام الذي نتناوله بتلذذ ، به ما يضر إذا اختل ميزان التعامل معه ...
- إذا أنت لا تخشى خوض أو ركوب البحر .
- هناك فارق بين الخوض والركوب والفارق بينهما شاسع .
- كيف لا أفهم ماذا تعني .. ؟
- خوض البحر فيه نسبة عالية من الخطورة ، إذ يعني الخوض الاعتماد على قدرة الإنسان الذاتية ... أما الركوب فانه يعني أن يستخدم الإنسان وسيلة يعترف بها البحر ويقبلها ، وهذه نسبة الخطورة فيها منخفضة ، وإن كانت غير معدومة .
- أبا زيد .... ألا ترى أنك قد أغرقتنا وأشغلتنا بالرموز والإشارات ... حتى ابتعدت بنا عما نريد أن نتحدث حوله ... فهلا عدت بنا إلى الوضوح والإيضاح ..
- لا بأس ولكن ألا ترين أننا قد أسرفنا في استعمال الوقت ، ونسينا أن الخال يشاركنا ، واني أرى النعاس يغشى عينيه الآن . فهل نؤجل الحوار إلى الغد ؟
- كما ترى سالم ..... إلى الغد .

في الجلسة الثالثة حاول سالم أن يبدأ الحوار ويبدو أنه قد أراد بل تعمد أن يدخل في حوار يزيد من الرمزية والتحليق في المجهول .. قال :
- الأماني والتمنيات هل هي هدف بحد ذاتها تقف عنده غاية الإنسان ؟ أم أن هناك أهداف وطموحات لا تتوقف .
- التمنيات والأماني لا شك أنها غاية ... ولكنها الوجه الأول للعملة ، أما الوجه الثاني للعملة فهو كما ذكرت طموحات وتطلعات تزيد عن الذاتية والشخصية على أن تتوافق وتطابق مع الواقع الممكن والمراد ، حتى تقترب الدائرة من الاكتمال .
- الواقع المراد مساحة واسعة يصعب تغطيتها ويلزم لها تكاليف شاقة .
- إذا وجدت الامكانات ، وتوفر الاقتدار ، ووجدت العزيمة ، وتهيأت الظروف ، فان الإرادة ستكون المطية التي تقتحم المواقع .
- في بعض الأحيان تكون الأحلام والخيالات أكثر إمتاعا من الواقع ، فيلهو بها الإنسان ، وتعطل إمكانياته .
- أبا زيد .... دعنا من الخيال ولنقترب من أهدافنا ونحاول علاج أمرنا
- أمرنا تلاحقه الموانع وتسومه المخاوف وتشوبه الظلال .
- دع الخوف وتوافق مع الجد والإقدام .
- يعز ويصعب على ذهني تجاوز الأعراف والقوانين ، لاسيما القوانين الإنسانية
- لا أعراف ولا قوانين يجوز لها أن تعطل إرادتنا .
- إن الميزان الزمني الواقع لا يتناسب مع واقع الميزان الزمني الآخر .
- لا نعترف بالموازين والمقاييس فهي مفاعيل مفتعلة تعوق وتعرقل المساعي المنشودة .
- إن إرادتي منقوصة هناك من يشارك فيها ، وربما يستطيع تعطيلها .
- إن المشاركة تعني التعاون ، وديننا ينصح بالتعاون ، ويد الله مع الجماعة .
- لقد تعودت أن أتنازل عن بعض حقوقي ، ولكنني لا أرضى لمن أقدره وأحترمه أن ينقص من حقه شيء .
- إنك .. أبا زيد ، تبالغ في التواضع ، وتعطي حقوقا أنت أولى بها ، فهلا راجعت موقفك هذا لتستوفي ما تستحقه ؟
- تلك سجيتي وذلك خلقي وأعتقد أن لكل فعل رد فعل . إذ حين أعطي أشعر – غالبا – بأن العطاء يعود إلي .
- أبا زيد يبدو لي أن حوارنا هذا قد طال وهو مرشح ليطول . فهل نقف هنا ونعود في الغد ؟
- كما ترين – عائشة – إلى الغد .
في الجلسة الرابعة بدأ سالم بالحديث حيث قال :
- الأخت عائشة كان لك استفهام في الجلسة السابقة تقولين فيه ك هلا راجعت موقفك حول العطاء : ما تأخذه وما تعطيه ؟ نعم يحدث أن أراجع وأحصي وأجرد حساب علاقاتي العامة ، لكن نتيجة الإحصاء والمراجعة غالبا ما تكون مؤلمة ، لذا فإنني أتباطأ دائما في المراجعة بل أتجاهلها وأزور عنها ، ولكني أزيح عن كاهلي تبعات الخسارة ، وأصرف أو أوجه النظر إلى ما ربح من تجارتي . نعم تجارتي الأخلاقية والإنسانية . هنا يتوفر لي من الراحة النفسية التي أجنيها من هذا الجانب .
- إنك – سالم – حالة نادرة وكل إنسان يتمنى أن يكون أنت . أنت بصبرك باحتمالك بالأفق الواسع الذي تتمتع به .
- لا تزيديني غرورا بنفسي إن عندي عيوبا عديدة وأخطاء كثيرة ، وهكذا هو الإنسان مزيج من الخطأ والصواب .
- نعم صحيح هناك ميزان ( إلهي ) يحكم ويوزع الخطأ والصواب ويعطي من يشاء المزيد من الصواب والآخرين المزيد من الخطأ .
- الأخت عائشة ، سؤال يمر بذهني أحيانا ، ما الحكمة من وجود الخطأ والصواب وحدوث الشر والخير ؟
- لا أعتقد إنني ضليعة في الفلسفة والتحليل ، ولكن اجتهادي يقول حتى ندرك الصواب لابد من وجود الخطأ. وحتى نشعر بالخير لابد من حدوث الشر . ذلك ما وصل إليه فهمي .
- تحليل صائب كما أعتقد ، فلست أنا وأنت من يحلل ، ويفسر ، ولا يتقبل آراء الآخرين . فقولنا هذا ممارسة لاحتمال وجود الخطأ والصواب .
- أبا زيد ... وقفة ... فاصلة .. ألا تتفضل بتشكيل الحوار وتلوينه وترطيبه . نريد أن نطرق مواضيع أخرى أقرب إلى آمالنا وأهدافنا .
- إنني لا أملك زمام الحوار لوحدي ، وإنما هناك من يشاركني وله مثل مالي . فليتك تتفضلين بطرق أي باب .
- يبدو لي بل تأكد لدي أنك طويل النفس في الحوار ، وأن مخزونك المنوع لا ينضب . كيف ؟ ومن أين جاءك هذا ؟ كيف ومتى حصلت على هذا المخزون ؟
- سؤال عريض ولو أردنا الإجابة عليه بما يستحقه لما انتهى الحوار في وقت قريب . وإن أردنا الإجابة المبتورة فإنها لن تفي ولن تشفي
- أنت تعلم وأنا أعلم أن هناك رواية عالمية من التراث الأدبي الشعبي المشهور اسمها ( ألف ليلة وليلة ) أفلا نستعير أجزاء من تلك الليالي ؟ لقد كانت تلك الليالي ممتعة . وإلا لما امتدت هذا المدى من الوقت ، فلنبدأ بالليلة الأولى .
- اشعر بأنك تدفعين بي إلى ما ليس لي به قدرة ، لأنني لا أستطيع أن أكون شبيها بذلك العبقري الذي كان عقله أوسع من دهره . صعب بل مستحيل أن ينتج خيالنا مثل ذلك ، وان الليالي التي نتوقع حاجتنا لها ليس باستطاعتنا تحديدها أو معرفتها .
- لقد قلت نجتزئ ما نستطيعه من الوقت ليكن مائة ليلة وليلة ، خمسين ليلة وليلة . ليس لدينا حد محدود فقط ( على قدر لحافنا نمد أرجلنا ).
- أنت يا عائشة تشبهين الطبيب النفساني أو طبيب الأعشاب الذي لديه حل لكل معضلة صحية .
- لقد أطنبنا – أبا زيد – في الحديث حول الإجراءات قبل أن نبدأ بالجلسة الأولى من الليالي التي لم نعرف كم ستطول .
- كما تريدين . لقد ذكرت فيما تقدم بأني طويل النفس في الحوار ولدي مخزون منوع لا ينضب – كما تتصورين – ثم تسألين كيف تكون هذا ؟ .. ذلك هو مجمل السؤال العريض . في الواقع – أختي عائشة – يأتي طول النفس في الحوار حين يكون المحاور على قدر وافر من المعلومات والمعارف ، وأن يكون هناك تشابه في الآراء والأفكار ، وأن يتمتع المتحاوران بالاحترام المتبادل . أما المخزون وكيف اكتسابه ، فجوابي المختصر : إن الحياة جامعة تذخر بالمعلومات والأفكار ، وأبواب الثقافة مشرعة لا موانع دونها ، وهناك الاحتكاك والممارسة والإطلاع والانتشار حول العالم والانتفاع بما ينتجه من غذاء للعقول . ذلك بعض موارد اكتسابي . فهل تكون تلك الإجابة كافية ؟
- أبا زيد لم أتوقع أنني سوف أتوه عند محاولتي التعرف على أعماقك فقد كانت من الغزارة بالقدر الذي عجز ذهني أن يصل إلى مداها . لقد أجبت إجابة مضغوطة ، ولكنها مليئة بالمعاني وبها يغني عن التفاصيل . ولكن ...
- أراك استعرت حرف الاستدراك – لكن – وهذا يعني أنك تطلبين المزيد .
- كأنك تقرأ ما بخاطري نعم . أريد المزيد .
- المزيد يا أخت عائشة المزيد عن ماذا ؟ إنها سيرة طويلة والوقت والذاكرة لن تسعفنا ، فهل نتفق على فسحة من الوقت ويذهب كل منا إلى شأنه ثم نعود وقد تهيأ ذهن كل منا لمواصلة الحوار ؟
- أبا زيد ، أنا لا أخال رغبتك ، وإن كانت تلك الرغبة ستشعل نار الانتظار عندي . فلقد أمضينا ثلاثين ليلة وليلة غمرتنا خلالها السعادة والمتعة التي ننشدها .
- سعادتي عائشة لا تقل عن سعادتك ، ولهفي على وصل الحوار لا يقاس ، وأن عقلي وذهني سيبقيان على تواصل بما جرى وسيجري .
هنا وقف الحوار بين ... سالم زيد العطية ، وعائشة عبد السلام الحسن صاحبة مكتب المحاسبة العربي .. توقف الحوار لكنه لم يتوقف عقليا وذهنيا ، والكل منهما ينتظر وصل الحوار . فإلى أن يبدأ الحوار ستتوقف الكتابة ويصمت القلم . وان كان ليس من شيمة القلم الصمت .. لكنه جندى مطيع .. وسينتظر مع المنتظرين ..
سعد ابوحيمد غير متواجد حالياً  
قديم 05-02-2009, 02:48 PM
  #2
علي آل جبعان

مراقب
الاقسام الرئيسيه
 الصورة الرمزية علي آل جبعان
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 1,652
علي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond repute
Arrow رد : المتسولة


أخي الغالي
سعيد أبو حميد
لقد أبحرت في خيالك متسولاَ المزيد من هذا النسيج العالي في حبك هذه الرواية من كل جوانبها ،
وأبدعت حين لامست جوانب الذات البشرية وواقع الحال ...
كنت بحق أطير بخيالي نحو نهاية هذا العمق الإنساني ثم أعود إلى الأحرف الأولى
لأتلذذ بنكهة دور الأبطال وعزفك على أوتار الواقع المرير ..
أدخلت العمق الإيماني في حوارك لتتسع مساحة التفكير في وطنية الإيمان
وحفز مشاعر كثير ممن يتسمون به , فهذه الرموز التي ارتكزت عليها بداية
من إخفاق مخرجات الحياة والمنبر الإسلامي (المسجد)
حتى الوصول إلى طلب الكفاف فقط دون التفكير في الكماليات ..
عشت بعمق الدموع وصدقها حينما تغرر في المحاجر دون أن تخرج لنرتاح مع الآهات
وتسكن نفوسنا نحو الشواطئ المطمئنة ودون استغلال حاجات الناس
التي تتصيدها ذئاب البشر الذين حاولوا إخراج بطلة قصتنا من قمعها البريء الفطري
الذي دأبت أن تحافظ عليه دون الرضوخ للحاجة ومغريات الحياة ..
أخي الغالي
إذا كانت هذه القصة من نسج الخيال فأهنئك على هذا النضج الذي جعلني
أتدرج مع هذه الحروف من أول حرف حتى أخرها ،
فأحينا أذهب بالمؤشر لأخر القصة لأعود بسرعة لكي لا تهرب لذة العمق الفكري
من خيالي الذي أجبرتني عليه بسردك للمواقف والتدرج من بدايتها إلى الخاتمة
التي توجت هذا العمل بالإبداع ..
لقد حققت التكافل الاجتماعي في أنبل صوره الإيمانية دون أن يهدف إلى
ما وراء الغرائز ولذة الجسد الذي كثير من المصالح تبنى عليها بصورة مباشرة
أو غير مباشرة ..
لقد تلذذت بعمق المشاعر رغم ألمها ..
لقد غصت في بحرك الفكري رغم ضحالة فكري ..
لقد أبحرت في محيطك رغم صغر قاربي ..
لقد حاول قلمي أن يجاري قامة قلمك العملاق ..
فلك كل الاحترام وتقبل مروري
ومتابعتي لسيلك العارم ..

ودمت بودّ

علي آل جبعان غير متواجد حالياً  
قديم 06-02-2009, 02:19 AM
  #3
منصور العبدالله
مـــراقــــب
 الصورة الرمزية منصور العبدالله
تاريخ التسجيل: Jun 2005
الدولة: أمجاد الرياض
المشاركات: 11,034
منصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond reputeمنصور العبدالله has a reputation beyond repute
افتراضي رد : المتسولة

السلام عليكم ورحمه الله

سأعلق اخوي سعد ابو حميد

على بدايه هذه الروايه


عن تلك المرأه التي اتخذت الصلاه ذريعه لكسب المال

وهي نموذج مصغر من الكثير من هذا المجتمع

ليس بالشكل المباشر طبعا


هناك ناس يقولون ويكذبون ليكسبوا الأموال

هناك ناس يزورون ويسرقون في النهار


وهناك وهناك الكثير والكثير

وكلها نماذج لهذه المرأه

اصبحت بعض وسائل كسب المال بهذا الشكل

فتلبس شيئا وتوهم الغير بالخير وتكسب المال

لماذا هذا الشيخ يركب سيارة فارهه ويلبس مشلحا غاليا

كي يجاري غيرة فيصيبه بعض الخير

-------------------------------------------------------------------------------------

شكرا اخوي سعد ابو حميد

اراهن بمولد كاتب كبير في مجالسنا هو سعد ابو حميد

كاتب روائي من الدرجه الذهبيه

لله درك يا سعد

والف تحيه لهذا الجمال والإبداع في الحضور

رعاك الله


----------------------------------------------------------------------------------

أخوك / منصور العبدالله ( واااادي الغلااااا )
__________________



اللهم أرحم والدتي ..وأجعل قبرها روضه من رياض الجنه..واسكنها جناتك
منصور العبدالله غير متواجد حالياً  
قديم 06-02-2009, 03:48 PM
  #4
سعد ابوحيمد
..::قلم من ذهب::.
.:: روائـــــي ::.
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 224
سعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond repute
افتراضي رد : المتسولة

رد/ على ابن العاصى
تحياتى اليك يا صاحب القلم الذهبى .. واشكرك على الا طراء الذى اسبغته علي وعلى كتابتى . لقد اخجلتم تواضعى , فان لست كاتبا متمرسا , بل كاتب ( هاو ) يكتب عن مما رساته وتجاربه وخباته وقراءاته , وكتا باتى التى تميل الى البساطة وعدم التكلف , وتدور حول الا حوال الا جتماعية والا نسانية , ولا تخلو من الر سائل والا هداف , وحين تجد كتا باتىالقارىء المثقف عميق الفهم والا دراك فا نه يفهمها ويقدرها , وفى الحقيقة فلقد تجاوزت بتعليقك اليغ ماكتبته انا , مرة اخرى اشكرك
سعد محمد ابو حيمد
ها مش : اخى ابن العاصى : ان لدى مجموعة من الكتب والقصص التى كتبنها واود اذا رغبت ان ابعث اليك جانبا منها .. ان قيلت هديتى فتكرم بتزويدى بعنواك البريدى ( السطحى ) هاتفى الجوال 0504598277
سعد ابوحيمد غير متواجد حالياً  
قديم 06-02-2009, 04:47 PM
  #5
سعد ابوحيمد
..::قلم من ذهب::.
.:: روائـــــي ::.
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 224
سعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond reputeسعد ابوحيمد has a reputation beyond repute
افتراضي رد : المتسولة

المتسوله رد / على منصور العبد الله
مع تحياتى للا خ الكربم منصور العبد الله .. اشكرك على تقديرك وتقييمك لكتابتى ( المتسوله ) واشكرك ايضا على تكرمك بمنحى صفة ربما لا استحقها ..اننىمسرور اخى منصور, اذ اجد من يقر أ ويفهم . لا ن فهم القرا ءة بحد ذاته , يعتبر ثقافة وعمق فى المعرفة و التفكر
اخى منصور اود ان اشير الى تعليقك على موقف البطلة ( التسول ) والذى قا رنته ببعض من ينتحلون صفات معينة بقصد الكسب عن طريق التسول .. اننى ارجو ان تعيد قراءة مسيرة البطلة وما هى العقبات والمعوقات التى تعرضت لها , واللجوء للتسول ( وهو مشهد خيالى ) يشير الى النقد الصارخ المبطن للمجتمع الذى الجأ ها لذلك ..هذا مجرد لفت نظر , وارجو ا ن تلمس اقع فى مراجعتك للقصة
اخى منصور لا حظت اشارتك الى ( الصحراء والمطر ) بجزئيها الا ول والثانى , اننى فى سبيل نشر الجزء , الثالث وهو تتمة لمجريات الرواية واتمنى ان تروق لكم وان اقرأ تعليقكم الممتع فالرواية مهمة فى تقديرى ..
اخوكم : سعد محمد ابو حيمد

ها مش : طلب منى الا خ الكريم ابن العاصى أ، ابين له هل المتسولة خيالية ام واقعية , وحيث اننى كتبت له ونسيت اجابته على ذلك فاننى ارجو ان تسمح لى ان ارفق الا جابة ضمن رسالتكم هذه .. والاجابه الى الاخ الكريم ابن العا صى هى ان المتسولة خيالية وليست وا قعية .
سعد ابوحيمد غير متواجد حالياً  
قديم 06-02-2009, 05:07 PM
  #6
عبدالهادي ابن مشتح
عضو فضي
 الصورة الرمزية عبدالهادي ابن مشتح
تاريخ التسجيل: May 2006
الدولة: العرقيـــن ـ الريـــاض
المشاركات: 1,410
عبدالهادي ابن مشتح has a reputation beyond reputeعبدالهادي ابن مشتح has a reputation beyond reputeعبدالهادي ابن مشتح has a reputation beyond reputeعبدالهادي ابن مشتح has a reputation beyond reputeعبدالهادي ابن مشتح has a reputation beyond reputeعبدالهادي ابن مشتح has a reputation beyond reputeعبدالهادي ابن مشتح has a reputation beyond reputeعبدالهادي ابن مشتح has a reputation beyond reputeعبدالهادي ابن مشتح has a reputation beyond reputeعبدالهادي ابن مشتح has a reputation beyond reputeعبدالهادي ابن مشتح has a reputation beyond repute
افتراضي رد : المتسولة

الســلام عليكـم ورحمـة الله وبركاتـه

مســاء الخيـر / النــووووور ..

روايتـكـ هــاذي عجيبـة !! لأنهــا لامسـت أشيـاء كثيـرة كانـت بداخلـي حوول هــذا الموضـوووع ولـن أقـوول لك الا

لله دركـَ .. لله دركـَ .. لله دركـَ .. لله دركـَ .. لله دركـَ .. لله دركـَ ..
لله دركـَ .. لله دركـَ .. لله دركـَ .. لله دركـَ .. لله دركـَ ..
لله دركـَ .. لله دركـَ .. لله دركـَ .. لله دركـَ ..
لله دركـَ .. لله دركـَ .. لله دركـَ ..
لله دركـَ .. لله دركـَ ..
لله دركـَ ..

أبدعـت في الطرح .. أجـدت في الصيـاغـة .. أفصحـت وأنوورتـ في توصيـل الجوهـر للمتلقـي القاريء ..

:: .. :: .. :: .. ::

سجـل أعجـابـي بـكـ مـن خـلال مقالـكـ هــذا والمقالـتـ الأخـرى التـي عجزتـ عن تعليقيـ عليهـا ..


:: .. :: .. :: .. ::

كـُْ ـُْـل الـُْ ـُْـود
__________________



...:: بيـَض الله وجهـَـك يـَالحبـَـابـَـيَ علـَـى التوقيـَـع ::...




سلمـان أهـدائـك هــاذا يرقــع القلــب .. لا عدمتـك على التوووقيـع ..
عبدالهادي ابن مشتح غير متواجد حالياً  
قديم 06-02-2009, 08:00 PM
  #7
علي آل جبعان

مراقب
الاقسام الرئيسيه
 الصورة الرمزية علي آل جبعان
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 1,652
علي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond reputeعلي آل جبعان has a reputation beyond repute
Arrow رد : المتسولة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعد ابوحيمد مشاهدة المشاركة
رد/ على ابن العاصى
تحياتى اليك يا صاحب القلم الذهبى .. واشكرك على الا طراء الذى اسبغته علي وعلى كتابتى . لقد اخجلتم تواضعى , فان لست كاتبا متمرسا , بل كاتب ( هاو ) يكتب عن مما رساته وتجاربه وخباته وقراءاته , وكتا باتى التى تميل الى البساطة وعدم التكلف , وتدور حول الا حوال الا جتماعية والا نسانية , ولا تخلو من الر سائل والا هداف , وحين تجد كتا باتىالقارىء المثقف عميق الفهم والا دراك فا نه يفهمها ويقدرها , وفى الحقيقة فلقد تجاوزت بتعليقك اليغ ماكتبته انا , مرة اخرى اشكرك
سعد محمد ابو حيمد
ها مش : اخى ابن العاصى : ان لدى مجموعة من الكتب والقصص التى كتبنها واود اذا رغبت ان ابعث اليك جانبا منها .. ان قيلت هديتى فتكرم بتزويدى بعنواك البريدى ( السطحى ) هاتفى الجوال 0504598277
أخي الغااااالي
سعد ابو حميد
بكل الفخر أن تخصني بهذه
الكتب والقصص فهذا كرما لا أستطيع رده ..
فهذا النبع الصافي لا يرويني منه سوي أن تكون مؤلفاتك
بين يدي تعانق نظري بين الفينة والفينة ..
وبكل الشرف سوف أرسلك البريد على الإيميل بالموقع ..
ويسعدني التواصل معك فأنتظر مني إتصال يا بومحمد ..

ودمت بودّ

علي آل جبعان غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:22 AM

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود