السير والقصص القديمة ( كذب وافتراء )

السير والقصص القديمة ( كذب وافتراء )

منذ أربعة قرون أو خمسة تقريباً ظهر ما يسمى بـ"تدوين القصص والآثار في الجزيرة العربية" في وقت كان فيه الجهل هو السائد , وإذا كان هناك من اهتمام للعلم وطلبته فقد اقتصر على تعلّم القرآن الكريم والكتابة والحساب فقط في الوقت الذي كان فيه الناس ما بين راعٍ لإبله وغنمه يقطع بها الأرجاء بحثاً عن الكلأ , وما بين مزارع ليس له هم سوى مزرعته ونتاجها , وما بين تاجر يسافر من بلد إلى بلد آخر لكي يحصل على الكسب , مما كان لهذا التدوين الاهتمام الخاص من أشخاص قلة أحبوا تخليد المواقف والمناقب والمآثر , واهتموا بنقل القصة والقصيدة وروايتها على مجتمعاتهم , وسواءً كان الهدف من ذلك إبراز دور مجتمعاتهم أو نصرتها, أو هدف خاص يريدون من خلاله الظهور على أقرانهم ومنافسيهم 0
فالسؤال أو(الأسئلة) التي تضع نفسها هنا ما يلي :

1/// كيف استطاع هؤلاء كتابة هذه المآثر والمناقب والقصص القديمة في وقت لم يكن لها أي اهتمام "" معرفي """ من قبل مجتمعاتهم ؟0

2/// إذا افترضنا جدلاً أن مقصدهم من الكتابة هو حفظ التاريخ وتدوينه لأبنائهم وأحفادهم فما مدى مصداقية ما وصل إلينا منهم ؟0

3/// إذا كان هناك أحاديث وآثار وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلّم أورد العلماء في قولهم بأن منها الصحيح والضعيف والحسن بل هناك الموضوع على لسانه صلى الله عليه وسلّم , فكيف بالقول على قصص وآثار وردت من بشر يعتريهم الخطأ والنقص والنسيان؟0

4/// هل أهداف هؤلاء من كتابة هذه القصص والآثار أهداف سامية ترقى بالأمم كـ( إبراز أخلاق العرب و ذكر مآثرهم النقية والصافية كالجود والشجاعة والإيثار ) أم هي أهداف ( مضللة وغير شريفة , كالحمية الجاهلية , ونظرية البقاء للأقوى )؟0

5/// ألا يستطيع ( المبدع ) أن يؤلف قصة عن قبيلته {{ من ضرب الخيال }} ثم يطرزها بأبيات شعرية تولدت من بين أضلاعه , ثم يلقيها على خاصة الناس وعامتهم ثم يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,white,normal,normal" bkcolor="sienna" bkimage="" border="ridge,4,darkred" type=1 line=0 align=center use=sp num="0,black"]
أُولئِكَ آبَائي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ = إِذَا جَمَعَتْنَا يا جَرِيرُ اَلمَجَامِعُ؟0[/poem]



6/// إذا كان فعلاً أنه ( لا يكتب التاريخ إلا المنتصرون ) فما ذنب أولئك الأبطال اللذين لم يذكرهم التاريخ ولم ترحمهم الأقلام؟0

7/// إذا كان مثلاً (الزير سالم) ذلك الرجل الذي لم يكن نصيبه من الدنيا إلا العبث واللهو عنوان حديثٍ لمجالسنا في يومٍ ما , الأمر الذي جعل أكثر من مجتمع وقبيلة تعلن وتصرح بأنه أحد أجدادها الأبطال , بل تنسب إليه الأماكن والجبال والأودية بدليل ما ظهر في أكثر من صحيفة ومجلة تثبت ذلك فمن نصدق يا ترى؟0

8/// بل إن ( أبو زيد الهلالي ) على اهتمام الأدباء والمؤرخين على مستوى العالم العربي بقصته إلا أنه لازال مثار حديث عن نسبه ومولده ورحلته إلى شمال أفريقيا , فماذا يدل عليه ذلك؟0

9 /// سمعنا من بعض هذه القصص والآثار غرائب لا تصدق , وأمور لا أظن أن يتحدث بها عاقل فرجلاً يداعب له أسداً , وآخر يقتل من الرجال ثلاثة أو أربعة مواجهةً في وضح النهار , وآخر يشبّه فرس فارس قبيلته بالبرق وبينه وبين عصر ذلك الفارس عشرة عقود أو أكثر فهل نستطيع أن نوقف هؤلاء عن كذبهم وغيهم بالحكمة عن ما سمعناه منهم ؟0

10/// بصراحة هل أصبح الكذب والتبجح في المجالس بقصص لا أصل لها ولا فائدة منها مهنة من لا مهنة له ؟0

أرجو أن لا يُفهم من استفساراتي السابقة تحجيم تراث سليم مبني على قواعد الشرع السليمة , أو مصادرة تاريخ ناصع العقيدة والمذهب , أو التقليل من شأن ما وصل إلينا من أجدادنا وهو صحيح لا غبار على صحته , أو محاربة من يهتمون بهذا الفن متى ما كانوا أصحاب دين وعقل ورشاد 0

ولكنها أسئلة طالما خالجت النفس فأحببت أن أطرحها لغيري علّها تأخذ من تفكيرهم نصيب فيشاركون في الطرح , ويساعدون في الحل0