عفريت ومصباحه في زمن صعب

يقال انه في الوقت الذي ظهرت فيه هذة الكوراث .. توسونامي واعصار كاترينا وزلزال باكستان الجديد وغيره.. تداول الناس بينهم شائعة.. مفادها ان اسطورة الفانوس السحري وعفريته قد ظهرت مرة اخرى بين الشعوب.. (اللي اول ماتمسح بيدك عليه يطلعلك العفريت اياه) .. الوحيد القادر على تحقيق امنياتك الصعبة ..
وبما اننا في عصر لايقبل الخرافات .. فإن العفريت الضيف شعر بالسعادة الغامرة بعدما ايقن انه في العصر المعلوماتي.. وبأن الارض قد افرجت عنه اخيرا في وقت يحسده عليه جميع العفاريت .. وأحس بالفخر العارم والغبطة الشديدة كونه سيقوم بتحقيق بعضاً من الامنيات لبضعة اشخاص من سكان هذا القرن ..


كيف حدث كل هذا ؟؟

الحقيقة انه وقت حدوث كارثة توسونامي الشهيرة ظهر المصباح العجيب مرة اخرى بالفعل دون ان تكتشف حقيقته .. حيث تناقلته الايدي الى ان انتهى به المقام مسافرا في باخرة استقدام عمالة آسيوية إلى السعودية .. ومن يد الى اخرى بدأت قصته مع احد المواطنيين..

استنكر الرجل من ان يكون المصباح حقيقياً .. قام بهرش لحيته ... لكنه اقنع نفسه ان كل شي قابل للتجريب .. وبطرف ثوبه مسح المصباح وهو يضحك على غبائه وحمد الله ان احدا ممن يعرفونه لايرونه الآن.. وبالرغم من سخريته اللاذعة من الموقف ... تحرك المصباح واهتز بعنف محدثا ضجيجا هائلاً .. وطلع له عفريت حتى الحكايات ماعرفت توصفه له اوكيه ..

قال له العفريت بحماس عفريت طالع براءة بعد خمسين الف مليون قرن ..
( شبيك لبيك .. عبدك بين ايديك .. عندك ثلاث امنيات .. ماتطلب غيرها وعلي ان احققها لك في التو واللحظة .. بما انك اصبحت الان سيد المصباح )
طبعا اخونا في الله ..أصابه الشك .. إلا انه حدث نفسه قائلا بأنها فرصته ولا باس من الخوض في الامر لعل وعسى يطلع عفريت حقيقي مو أي كلام .. وذكر امنيته الاولى بلهفة وخوف وهو ينظر الى العفريت نظرة مليئة بالرعب والانكسار والريبة..

.. ( اول شي يالأخو تغيرلي هالسيارة الكحيانة ماعليك امر ..)

واصابت الامنية كبرياء عفريتنا الضيف في مقتل .. بس أخذ يحدث نفسه ( ماعلينا يمكن ماقدر يستوعب الموضوع) وحقق له امنيته الاولى .. فرأى الرجل ان الموضوع حقيقي والله ولايقبل الشك .. فأكمل امنياته بسرعة خوفاً من ان يتلاشى العفريت ويرجع في كلامه..

( ثاني شي ماعليك امر .. تسدد لي كل الفواتيير .. الكهربا والتلفون والجوالات وفواتيير المخالفات المرورية والدين اللي مستلفه من نسيبي .. وراتب الخدامة .. ورواتب المدرسين الخصوصيين حق العيال .. وايجار الشقة الله يحفظك )

لأول مرة في حياته تشمل العفريت دهشة ممزوجة بالسخرية المؤلمة .. أبعد كل هذة العصور!! لكنه حقق الامنية الثانية على أمل ان تكون الثالثة هي الافضل ... وأكمل اخونا في الله امنيته الثالثة بصوت خفيض هامساً _كانه وراه حرامي _ وهو يغسل يديه في الهواء بخبث..

( تكفى .. بس بيني وبينك .. عسى الله يطولي بعمرك فديت هاللحية هذي .... تغيرلي ام العيال .. يعني دورلي عروس زينة بس طلبتك بدون ماتدري القشرة .. ها ..؟ قل تم ؟ )

وهكذا يشعر العفريت بالإكتئاب .. ويغوص في اعماق مصباحه يقتله الإحساس بالعار ... فيتمنى ان يبدأ هذة المرة قصته مع امرأة .. فهو يثق تمام الثقة ان المرأة مازالت هي سيدة الحكمة رغم كل شيء .. وفعلاً يسقط مصباحه في يد احدى النساء .. تستعجب من الامر بس برضو تجرب .. فتقوم بمسح المصباح.. ويطلع لها العفريت .

( شبيك لبيك .. عبدك بين ايديك .. لديك ثلاث امنيات .. لاتطلبين غيرها وعلي ان احققها لك في التو واللحظة .. بما انك اصبحت الان سيدة المصباح تقول له بفجعةٍ شديدة وهي تجفف يدها في مريلة المطبخ وباليد الاخرى تلملم شعرها المتهدل في كل مكان ..

( لو سمحت ..ابي صندوق كامل لي كله مجوهرات بس ماركات عالمية .. جفنشي ولا ديور او داماس .. ولا اقولك بالمرة .. سنتر المجوهرات اللي بجدة .. شارع التحلية على مااعتقد .. تعرفه ؟! .. ابيه كله عندي الحين بدل ماأعطللك وانا اقول كل اسماء الماركات ويضيع علينا الوقت )

فيتمتم العفريت مسلياً نفسه .._ ماعليه المجوهرات اصلا ماصنعوها إلا عشان خاطر الحريم _ .. ويحقق لها الامنية فتكمل المرأة بطمع وكأنه عمرها ماشافت خير في حياتها ..

( 50 ولا 60 مليون ريال سعودي تكتبها بإسمي بالبنك .. بس هاا !! اياني واياك تنسى وتكتبها بإسم ابو محمد ترى يلهفها علي ويتزوج وحدة ثانية .. تدري الرجاجيل مالهم امان هالايام )

يحط العفريت يده على خده .. وينتظر الامنية الثالثة بعد ماحقق لها ما تريده مفكراً في عقلية هذة المرأة في هذا العصر الرهيب.. وتكمل اختنا سيدة المصباح ..

( زوجي .. ابو محمد ..ابيك ترقيه من مجرد موظف حكومي مقربع لصاحب شركة اسهم رزة من اللي خبري خبرك هاليومين .. هذا اذا سمحت طبعاً )

يدفن نفسه داخل المصباح وهو يردد .._ ماعليه.. تمالك اعصابك ياعفريتي هاؤلاء ليسوا إلا من جيل قديم بافكار سطحية .. جرب بني آدم من جيل جديد معلوماتي مثقف يعاشر و تعاشره التكنولوجيا ليل نهار _ .. ويسقط المصباح وعفريتنا في يد فتاة مراهقة .. تمسح المصباح مسرعة دون ان تشك في حقيقته ويطلع لها العفريت قائلا بصوت جهوري محدثاً دوياً حرك عويناتها الكبيرة فوق انفها الصغير ..

0(( شبيك لبيك .. عبدك بين ايديك .. لديك ثلاث امنيات .. لاتطلبين غيرها وعلي ان احققها لك في التو واللحظة .. بما انك اصبحت الان سيدة المصباح)

فتذكر امنياتها بسرعة دون تفكير .. وهي تعلم ان الامنيات محققة محققة .. لان أي شي خيالي في قاموسها الشخصي سهل التحقيق

( اول حاجة بليز ابغى اكون احلى من نانسي عجرم واكتر دلع من روبي .. ابغى صحباتي يشوفوني يقولو ياي صارت تجنن .. ابغى احس انهم يحسدوني وكل وحدة لو سوت مليون عملية تجميل ماتطلع ربع جمالي .. اوكي ؟ )

.. ولأن العفريت شعر بالاختناق فجأة.. قام بخلع عمامته.. وتحريكها فوق صلعته محتاجاً لكمية اكسجين اضافية هائلة .. ومالبث ان حقق امنيتها وهو غارقا في توتره العصبي .. وتكمل الفتاة بلهفة فتاة ماتدري الله فين حاططها بالضبط ..

( عناويين وتلفونات الفنانيين والفنانات كلهم .. الغرب والعرب .. واللي نعرفهم واللي مانعرفهم .. بليز بليز تكون عندي دحين .. احصاء شامل كامل .. ماابغى ولا رقم او عنوان مايكون عندي حتى للي دوبهم طالعين من ستار اكاديمي او سوبر ستار وحتى اللي بالتلفزيون الاريتيري يعني كامل شامل يكون احصائك بليز )

يقف شعر لحيته بعد ماتكهربت نفسيته بشكل عنيف ويحقق لها الامنية نادما على مجيئه هذا العصر .. فتقول امنيتها الثالثة وهي تضع ساق على اخرى من باب الثقة يعني ..

( كل تصميمات ايلي صعب وزهير مراد في الفساتين .. بليز ابغاها كلها في دولابي .. بس على فكرة تكون جديدة مو يقولو عليا صحباتي لابسة فضلة خير هيفاء وهبي ولا نوال الزغبي !!)

فيذبل عفريتنا العزيز بعد تحقيق اخر امنية لفتاتنا المراهقة .. ويقوم بدحرجة نفسه داخل مصباحه شاعراً بكبت قاتل إثر تعامله مع اسياده المذكورين اعلاه .. وبالصدفة يصطدم مصباحه بقدم شاب جامعي تحمل ملامح وجهه الكثير من اللامبالاة + 6000هموم مستعصية.. يمسح الشاب المصباح .. فيطلع له العفريت وهو يلعن نفسه.. ويقول للشاب آملاً ان تكون هذة المرة اكثر حظاً من المرات السابقة ..
( شبيك لبيك .. عبدك بين ايديك .. عندك ثلاث امنيات ياإبني .. لا تستطيع ان تطلب غيرها وعلي ان احققها لك في التو واللحظة .. بما انك اصبحت الان سيد المصباح ..فاهم يعني ايش سيد المصباح ولايلزمك شرح؟؟ )
في لحظة تفكير يحك الشاب الجامعي رأسه.. وهو ينفث دخان سيجارته في وجه عفريتنا الكريم متأملاً..

( شف .. ابي شهادة جامعية .. أي قسم .. المهم اني ناجح فيها ... واني القى بعدها وظيفة محترمة ماتتعبني .. وبنفس الوقت راتبها زين يعني تخليني أأسس نفسي والّم المهر بسرعة مو اقعد عشرين سنة ألّقط فلوس وبعدها راسي يصير كله شيب !)

يحقق العفريت امنية الشاب وهو ينتف لحيته شاعرا بالخزي الهائل .. فيكمل الشاب بعدما احس بالغرور ..

( سيارة آخر موديل .. مرسيدس ولا لكزس ولا اقولك .. ياريت تكون بي ام دبليو هذي لايقه اكثر على شخصيتي + ونيت غمارتين للتطعيس )

فيحقق الامنية العفريت وهو يبكي بحرقه.... ويكمل الشاب بصوت عجيب يخبرنا في طياته بما معناه _ ياارض انهدي ماعليكي قدي _

( استراحة كشخة .. الم فيها العيال كل اسبوع .. وماابيها قريبه من بيتنا عشان لاينط لي ابوي كل شوي يخرع فيني انا والشباب! )

وهكذا تنتهي رحلة العفريت الضيف .. بعد ان قام ببلع عشرة الاف قرص باندول دفعة واحدة .. و يقرر ان يبدأ رحلته الجديدة عند اعصار كاترينا.. ويسقط مصباحه في يد رجل يهودي بسيط يعمل في البيت الابيض _ جامع قمامة_

يمسح الرجل المصباح بكلتا يديه ببطء شديد وكأنه عالم ببواطن الامور.. ويطلع له العفريت وهو في حالة مزرية لا يعلم بها الا الله ويقول للرجل العامل بصوت مخذول ..

(( شبيك.... لبيك .. عبدك بين ايديك .. عندك ثلاث امنيات .. ماتطلب غيرها وعلي ان احققها لك.... في التو واللحظة .. بما انك اصبحت.... الان سيد المصباح ..الله لايبارك في اللي اخترعه )

يضم الرجل ساعديه الى صدره متكئاً مع مكنسته الى الحائط .. قائلا بصوت رزين ..

( اول هاجة ياهبيبي .. اترّشه دي السنة للرئاسة .. واسير من مجرد موّزاف تافه لبرزيدنت دولة كَبيرة .. إكزاكلي زاي امريكا كدا )

حينها تصيب العفريت اصعب انفعالات الاستغراب على مر العصور .. ويتمتم بان الموضوع اكيد يحمل بين جوانبه ان واخواتها .. فهل من المعقول بعد كل هذة التجارب .. تفرج..!! ويستطرد محدثاً نفسه بحكمة _ إييييه صحيح مافي ليل إلا وبعدو نهار _ ويحقق له العفريت الامنية وهو يتنظر الامنية الثانية على عجل .. فيكمل الرجل الرئيس ..بصوت اكثر رزانة من السابق ..

( أي كوة اسكرية إيند الأرب .. تمهيها كويس .... وآية اوقول إند الأرب تيئمللها دليت .. مش آيز اشوف إلا شوية مونكيز .... اوكي يابست فريند؟؟ )

شعر العفريت بالخوف من عقلية هذا الرجل وقام بإعادة عمامته فوق رأسه و بتمشيط ماتبقى من لحيته .. محققاً في نفس الوقت ماطلبه الرجل الرئيس .. منتظرا على احر من الجمر تحقيق الامنية الثالثة .. وهو يقول مشجعا لنفسه _ ايوا كدا ياعمنا .. هادي العقول ولا بلاش _ فضحك الرجل الرئيس ضحكة خبيثة طويلة ممطوطة وقال لعفريتنا اللي على نياته..

( الامنية نمبر 3 إيزي كَتير ياهبيبي ! ... وهيا إنك Go في ستين دهية تاني .. ولااشوف اليور فيس اناذر تايم في أي كورنر .. هنا ولا هنا .. يعني بالأربي الفسيح .. تنِتهي هكاية المسباح والفانوس دي للأبد .. فاهم ولا لأ ياماي بيق ديفل إنتا ؟؟! )

وهكذا يتم رمي المصباح عند زلزال باكستان وتنتهي مغامرة عفريتنا المسكين في هذا القرن ..

لاعناً في سره سطحية وتفاهة العرب..

باكياً عند اصدقائه العفاريت على بلواه .


(انتهى )

__________________

شباب أرجوا الرد

__________________

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...


و الله العظيم أخي صقر قريش ... و بالرغم من أن القصة خيالية بالطبع ... إلا أنني سبحت في عالم من الخيال

أتفكر في حال المسلمين المخزي الفاضح ... و لا حول و لا قوة إلا بالله ..

لقد صور ذلك العفريت الخيالي و بأحداثه الخيالية ... صور واقعنا بالحرف الواحد ...

صور إهتمامات الرجال التافهة الفارغة ... و بعضا ً من همومه ...

و صور إهتمامات النساء الأكثر تفاهة و سطحية و جهلا ً ..

و صور إهتمامات الفتيات و الشباب .. الغارقة في التفاهة ... و البعد عن دين الله ...

و لا حول و لا قوة إلا بالله ..

نعم .. ابتعد المسلمين عن دينهم ... فهكذا يجب أن يكون حالهم ...

وعندما ذهب العفريت الخيالي لليهودي ... وجد الأمر مختلفا ً ... و الإهتمامات متفاوتة ...

فاليهودي كافر نجس .... و لكن لديه هدفا ً يريد تحقيقه ...

أما المسلمون اليوم ...

فلا سامح الله .. لا سامح الله .. لا سامح الله ...

من أغرقهم بالأفلام و المسلسلات و المباريات و أفلام الدعارة و العهر و النساء و الخمور و الملاهي

و الموضات و الموديلات و ......... و ............. و ...... إلخ من أشكال الملهيات و المشغلات و الموبقات ..

لا سامح الله من ألهاهم عن دينهم ...

و صنع لهم تمثيليات و أفلام داعرة كلها كفر و ردة و استهزاء بدين الله تعالى و بأهل الدين ...

و لا عجب فهؤلاء أصلا ً مشكوك في دينهم و إسلامهم ...


ولكن العجب ..


كل العجب ...


في الأغبياء الذين يصدقون تلك الترهات ويصدقون تلك التمثيليات ...


و لا حول و لاقوة إلا بالله ..










حفظك ربي و رعاك يا صقر قريش ..

و أسأل الله تعالى أن يعيد المسلمين لدينهم و يردهم إليه ردا ً حسنا ً و أن يعجل بالتمكين و النصر و أن

يعجل بزوال الطواغيت و كل المفسدين و حاشية السوء ... الذين يسروا كل المنكرات للمسلمين ... وعسروا

على المسلمين أمورهم و أشغلوهم عن سلوك طريق رب العالمين ....


و الله المستعان ..

و
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

__________________