مواجهة غير متكافئة


المجلس الـــــعــــــــام للمواضيع التي ليس لها تصنيف معين

 
قديم 05-10-2007, 03:35 PM
  #1
صابر الأديب
عضو نشيط
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 279
صابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really nice
افتراضي مواجهة غير متكافئة

بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي وأخواتي الكرام :
أحبّ أن أتحدّث عن معضلة الحياة الكبرى خاصة في هذا الزمن الغريب ( بداية القرن الواحد والعشرين ) أو بالأحرى في زمن العولمة ( ألا وهي محنة الفقر ). المعاني التي يدل عليها الفقر لغة تتلخص في النقص والحاجة. فالفقير إلى الشيء لا يكون فقيرا إليه إلاّ إذا كان في حاجة إليه لغيابه تماما أو لوجوده دون الحاجة. والمعنى السائد الذي يتبادر إلى الذهن قبل غيره هو نقص المال الذي يمكّن من تحقيق الحاجات من مأكل وملبس ومسكن ودواء، الخ.
ولعل نسبية الفقر هي التي تبرّر وصف الفقر أحيانا بالمدقع في العربية وبالشديد بألسن أخرى.
ويمكن التمييز بين الفقر الثابت المتواصل، وهو جماعي هيكلي، والفقر الطارئ أو الظرفي ( العرضي ) الناجم عن أزمة اقتصادية أو عسكرية أو سياسية عابرة أو جائحة من الجوائح أو الكوارث الطبيعية وهو عادة ما يمكن تجاوزُه بالتضامن الشعبي ( الديني ) والدولي.
لذلك نحتاج اليوم إلى توسيع مفهوم رأس المال بتصنيفه إلى ثلاثة :
رأس المال الاقتصادي ، وهو مالي، قابل للنموّ بحسن التصرّف.
رأس المال البشري، وهو فردي، يتحسّن خاصة بالتعليم والمعرفة.
رأس المال الاجتماعي، وهو جماعي، يهم مجتمعا معينا ويتحسّن بالتوزيع لثمار النمو( جمعيات استثمارية ) وللزكاة وبالتضامن الاجتماعي (العائلي والوطني...).
فإذا اعتبرنا ما بين هذه الأنواع من ترابط وتكامل، وعممنا الوعي به لدى الجميع، أمكن تضافر الجهود لتنميتها جميعا.
وصلتني أخبار صادقة من أجدادي وأعمامي ووالديّ ورفاقهم بأن الفقر أنشب مخالبه فيهم ومع ذلك كانوا يلجأون إلى الله أولا ، ثم يُعملون أفكارهم عن طريق ما يسمى الآن بالعصف الذهني لتحديد موارد سريعة لأقواتهم . فبعضهم كان يقتات من النباتات كالبرسيم وخاصة في بداية نموّه كونه ما يزال غضا طريا ، وهناك نبات يسمى محليا ( الحوّاء ) وهو لذيذ الطعم إلا أنه محبب للحيوانات . وفئة أخرى وخاصة رعاة المواشي يأكلون نوعا من الطين الملّون الطري فيشبعون وقد أكلته أنا بحكم الفضول . والسواد الأعظم يعيشون على الماء ( النزيع ) البارد مع خبز الشعير وأحيانا اللبن المنزوع دهنه والممذوق بالماء لقلّته .
قال بعض الحكماء ( الفقر رأس كل بلاء) وقال لقمان لابنه يا بني أكلتُ الحنظل وذقت الصبر فلما أر شيئا أمرّ من الفقر، فإذا افتقرت فلا تحدث به الناس كي لا ينتقصونك , ولكن إسأل الله تعالى من فضله , فمن ذا الذي سأل الله ولم يعطه من فضله أو دعاه فلم يجبه ؟ .
وقال ابن الأحنف في الفقر :
يمشي الفقير وكل شئ ضده
والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مبغوضا وليس بمذنب
ويري العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة
خضعت لديه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوما فقبر عابرا
نبحت عليه وكشرت أنيابها
وقال الشاعر
إن الدراهم في المواطن كلها
تكسو الرجال مهابة وجمالا
فهي اللسان لمن أراد فصاحة
وهي السلاح لمن أراد قتالا
إذا كان السواد الغالب من أهل منطقتي في السابق فقراء وفق المعنى الحقيقي لتعريف الفقر ، ومع ذلك لم يتسوّلوا ، ولم يلجأوا إلاّ إلى الله العلي القدير لذا أعطاهم الرضى بما قسم فهم في الغالب سعداء ، ومن السهل جدا أن يحصل الإنسان على قوته وقوت أهله فعامل التكافل كان عاليا جدا بينهم .
في بداية حياتي كان القحط يصيب ديارنا فتتأثر الحيوانات قبل الإنسان ، فيلجأ الناس إلى إطعام الحيوانات من لحاء شجر الطلح ، ويهرعون إلى الله بالصلاة والدعاء الصادق فيغاثون سريعا .
يتباشرون حين قراءتهم للطقس اليومي فيحسّون بقرب الرحمة ، وبعد نزول المطر يهنئون بعضهم البعض ويقدّمون القرابين لله على هذه النعمة العظيمة ، ومن بعد نزول المطر تتغيّر أحوالهم وأساليب تعاملهم الاقتصادي .
كانوا سعداء مع الفقر ومع عيشة الكفاف لأن معظمهم إن لم يكن كلّهم في مستوى معيشي واحد . وكان الكسب عن طريق تبادل المنافع ميسّرا جدا، كما كان التآزر كقيمة إسلامية مرتفعة للغاية . وكانت احتياجاتهم غير معقّدة ، لذا كان الادخار ممكنا من قبل كل أسرة .
أرى أن فقر اليوم أشد بكثير جدا من فقر الأمس ، فقد أُفتقدتْ المخازن المنزلية ولم يعد المال أمام ناظريّ صاحبه لذا يشعر بأنه هو في حاجة لاعتماده على الودائع البنكية . ثم إن مجتمعنا أصبح مجتمعا طبقيا ، والفارق الماديّ بين كل طبقة وأخرى عبارة عن بون شاسع ولذا تولّدتْ فجوة بين الطبقات المجتمعية تحوّلت في النهاية إلى إحتقار وجفوة . ثم إن التكسّب اليوم أصبح عملة نادرة جدا أو بالأحرى استولت الجاليات الوافدة على كل وسائل التكسّب وعلى قيمته ممّا رحّل أموال الاكتساب إلى فئات خارجية ، وزاد من أرباح المؤسسات والشركات الوطنية وبعض الأفراد فعمّق المفهوم الطبقي وزاد من قبضة البخل والتملّك.
بحث أفراد من الأصدقاء عن ما يسدّ رمقهم ويلبي أبسط احتياجهم من مسكن وغذاء وماء ودواء ونقل فلم يتمكنوا ، وأكدّوا أن فقر اليوم أشدّ بكثير من فقر أيام زمان ( أشدّ إيلاما نفسيا وأضيق في وسائله وأساليبه ) !! .
__________________
[poem font="Arial,4,white,bold,normal" bkcolor="firebrick" bkimage="" border="none,1," type=2 line=0 align=center use=sp]أُحٍـبُّ مـن الإخـوانٍ كـلَّ مُـواَتـي=وكلَّ غضيضٍ الطرفٍ عن عثَراتي
يـوافقُنـي فـي كــلٍّ أمـرِِِِِ أُرٍيـده=ويـحـفـظـني حيّـاً وبـعـد مـماتي
فـمَـن لـي بهذا ؟ليت أَني أصبتـُهُ= َـقَـاسـمتُـه مـا لـي مـن الحـسنـات
تصفّحـتُ إخوانــي فـكـان أقلُّـهـُـم=علـى كثـرةٍ الإخــوان أهـلُ ثٍقَـاتـي[/poem]

التعديل الأخير تم بواسطة صابر الأديب ; 05-10-2007 الساعة 03:37 PM
صابر الأديب غير متواجد حالياً  
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أرقـــــــام الأخطــاء في الاتصال بالانترنت ومعانيها عبدالله ابن طرخم مجلس برامج الكمبيوتر و الأنترنت 7 05-10-2007 05:53 PM
رأي العلامة محمد ناصر الدين الألباني في [ كيفية حجاب المرأة المسلمة ] حرقي العرين مجلس الإسلام والحياة 6 07-05-2007 11:40 PM
حكم كشف المرأة غير وجهها وكفيها عند النساء والمحارم عبدالله الوهابي مجلس الإسلام والحياة 10 26-05-2006 10:35 PM


الساعة الآن 10:48 PM

سناب المشاهير