السعودية تضع قدمًا أمام أخرى نحو "دولة المؤسسات"
من موقع إيلاف
السعودية تضع قدمًا أمام أخرى نحو "دولة المؤسسات"
بعد تنظيم ملكي جديد يفتح المجال للأمراء الشباب لتولي الحكم .
سلطان القحطاني من الرياض: خطوة أخرى يقوم بها عاهل السعودية الملك عبد الله بن عبد العزيز، ضمن إطار رغبته في قيادة بلاده حتى تكون بلدًا مؤسساتيًا، تمثلت في إصداره اللائحة التنفيذية لهيئة البيعة التي أقرها في مثل هذه الأيام من العام الفائت، فيما هو يدلف إلى الأسابيع الأولى من عامه الثالث على كرسي حكم هذه الدولة النفطية الكبرى في المنطقة. وأعلن في الرياض رسميًا فجر اليوم الاثنين عن الأمر الملكي القاضي بإصدار اللائحة التنفيذية المكونة من 18 بندًا لهيئة البيعة بغية تنظيمها بشكل أكثر دقة، كي تكون صمام أمان مستقبلي ومسطرة ضبط يتم بموجبها ضمان انتقال الحكم بسلاسة أكبر، وإغلاق الباب بالضبة والمفتاح أمام أي من سيناريوهات عدم الاستقرار داخل بيت الحكم.
ويعزز هذا القرار الذي أصدره الملك عبد الله من دور "هيئة البيعة" في الحياة السياسية السعودية باعتبارها مسؤولة بشكل مباشر عن تنظيم وراثة الحكم داخل الأسرة الحاكمة بعد وفاة الملك الحالي وولي عهده، مما يمكن أن يجعلها شبيهة بـ "مجلس إدارة" سياسي كبير يتولى شؤون ملوك البلاد الجدد. وحسب مصادر سعودية وثيقة الإطلاع، فإن أسماء أعضاء هيئة البيعة في طريقها إلى الصدور خلال الأيام القليلة المقبلة بعد أن تتم المشاورات الأخيرة بشأنها قبيل إقراراها رسميًا ورفعها إلى الملك، خصوصًا أن هذا المرسوم الحساس لم يصدر إلا بعد جلسات مشاورات متفرقة نشطت منذ عدة أيام في مكة المكرمة، مهد الإسلام، بين أفراد الأسرة الملكية.
ودرج ملوك السعودية وأمراؤها في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، وفي أيام موسم الحج من كل عام، على القيام بزيارة إلى مكة المكرمة، وهذا ما يفسر تواجد كل أفراد الأسرة الحاكمة في تلك المنطقة المقدسة، مما يسهل سرعة التشاور واتخاذ القرارات. وكانا لافتا أن ينص أحد بنود هذه اللائحة التنفيذية الجديدة على أن أيًا من أبناء الملك عبد العزيز الأحياء، الذين لا يودون أن ينضموا إلى عضوية "هيئة البيعة"، أن يرشحوا أحد أبنائهم كي يحصل على العضوية في المجلس الذي سوف يختار ملكًا للبلاد، مما يفتح المجال على مصراعيه أمام أمراء الجيل الثاني من الأسرة المالكة كي يكون ملوك المستقبل.
ومن المتوقع أن يرشح نحو أربعة من أبناء الملك عبد العزيز الأحياء أبناءهم خلفًا لهم في عضوية مجلس البيعة إما بسبب حالتهم الصحية أو زهدهم في المناصب، في حين أن أبناء المتوفين من أبناء الملك المؤسس سوف يختارون أخاهم الأكبر ممثلاً لهم في المجلس حسب ما درجت عليه التقاليد.
وكشفت اللائحة التنفيذية الجديدة عن تنبه حكومي ذكي إلى ضرورة فتح المجال بشكل أكثر من ذي قبل أمام الدماء الشابة في الأسرة الملكية المقدر عددها بالآلاف، خصوصًا أنهم يحكمون بلدًا مثل المملكة السعودية حيث أكثر من 60 في المئة من المواطنين هم من فئة الشباب الذين لا يتعدون سن الواحدة والعشرين.
وجمع الأمير السعودي المعروف طلال بن عبد العزيز أحفاد الملك المؤسس من أمراء الجيل الثاني في جلسة خاصة العام الفائت في إطار لقاء شامل وصفه خلال حديث سابق مع "إيلاف" بأنه "اجتماع الأبناء مع عمهم" على الرغم من أن مصادر مطلعة أشارت حينها إلى أن الأمر هو أكثر من ذلك.
وفي أواخر شهر رمضان الفائت كان الأمراء السعوديون الذي ينحدرون من سلالة الملك المؤسس مباشرة في اجتماع مغلق دعا إليه عاهل البلاد في مدينة مكة المكرمة، مهد الإسلام، وفق ما ذكرته مصادر "إيلاف" حينها، على الرغم من أن الدعوة إلى هذا الاجتماع الكبير من نوعه لم يكشف عنها رسميًا في أي من أجهزة الدولة الإعلامية حتى ذلك التوقيت.
ويعتبر ذلك الاجتماع، الذي كان الأكثر أهمية من نوعه في البلاد، عادة اختطتها الأسرة السعودية الحاكمة لنفسها دون أن تضع له توقيتاً محدداً. وكان أحد أبرز مهندسيها ومخططيها ملك البلاد الحالي عبد الله بن عبد العزيز، إذ سبق وأن اجتمع أفراد الأسرة الحاكمة تحت عينا ملكهم الجديد قبل نحو ثلاثة أعوام في المكان ذاته، مما يوضح مدى التناغم الكبير الذي يؤدي دوره بين دهاليز القصور الحاكمة. وكما هو المعتاد، فإن الاجتماع الملكي مع أفراد بيت الحكم لا يلتزم بجدول أعمال محدد أو يخرج بتوصيات رسمية مكتوبة، بل يتم تناول الاقتراحات المقدمة من أفراد الأسرة الذين يمثلون جيل الحكم الأول في مملكتهم، وبعض الآراء الخاصة بشؤون الأسرة وطريقة تنظيمها.
ولا يعتبر هذا الاجتماع، الذي يحضر على غير أبناء عبد العزيز حضوره، وثيق الصلة باجتماعات مجلس العائلة الرسمي التي تعقد بشكل رسمي والذي يعتبر الملك عبد الله رئيسه الحالي، بل هو منفصل عنه لا يرتبط بالترتيب الزماني المنظّم نفسه لاجتماعات مجلس العائلة التي يمكن لجميع أفراد العائلة الحاكمة من مختلف أوردتها حضوره.
وبعد ذلك الاجتماع بشكل فوري، يكاد يكون ساعات قليلة، أصدر الملك السعودي قراره الأول بخصوص خلق مؤسسة جديدة تسمى "هيئة البيعة" تكون مسؤولة عن انتقال الحكم داخل الأسرة الحاكمة فجر يوم الجمعة الثامن والعشرين من شهر رمضان الذي من المعروف أنه يعقب غالبًا "ليلة القدر" التي يتيمن بها المسلمون خيرًا في هذا الشهر من كل عام.
وعيّن الملك لهيئة البيعة أمينًا عامًا هو ذراعه ومدفعيته الثقيلة خالد التويجري الذي يتولى رئاسة الديوان الملكي وأمضى جوار ملكه الجديد أكثر من 15 عامًا هي حصيلة عمل داخل الحياة السياسية في بلاده، فضلاً عن أن منصبه الجديد، حسب ما كشفت عنه اللائحة التنفيذية، يعتبر محركًا مهمًا ونقطة ارتكاز.
وفي بلدان العالم الثالث فإنه من المدهش جدًا الحديث بواقعية عن وفاة الملك وولي عهده ومحاولة التفكير بمستقبل البلاد، على الطريقة السعودية التي وردت في النص الأساسي لهيئة البيعة أو لائحتها التنفيذية الملحقة التي صدرت فجر اليوم، بل إنه من غير المعتاد في الخطاب السياسي العربي أن يعلن زعيم دولة ما أنه سوف يموت، مما يوضح إلى حد كبير مقدار جرأة الملك السعودي.
في ما يلي نص اللائحة التنفيذية لنظام هيئة البيعة:
اللائحة التنفيذية لنظام هيئة البيعة
المادة الأولى:
يتم تعيين أحد أبناء كل متوفى ، أو معتذر ، أو عاجز بموجب تقرير طبي من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود في هيئة البيعة وفقا للآتي:
أولا : 1 – يطلب الملك من أبناء المتوفى ، أو العاجز ، ممن أكملوا السابعة عشرة من العمر ترشيح اثنين أو ثلاثة منهم لعضوية الهيئة ويقوم أبناء كل متوفى أو عاجز من أبناء الأبناء بترشيح أحدهم للمشاركة في تسمية المرشحين لعضوية الهيئة ، وعليهم تسمية المرشحين خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تلقي طلب الترشيح.
وفي حالة انتهاء المدة دون الوصول إلى تسمية المرشحين لعضوية الهيئة يعين الملك من يراه منهم لعضوية الهيئة.
ويحرر الأمين العام للهيئة محضرا بما تم التوصل إليه.
وتسري على الاجتماعات التي تعقد والمحاضر التي تعد وفقا لهذا الفقرة الضوابط والقواعد المنظمة لاجتماعات الهيئة.
2 - يكلف الملك من يراه من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود أو أبناء الأبناء لترشيح ثلاثة من أبناء المتوفى أو العاجز بموجب تقرير طبي ليسمى الملك أحدهم لعضوية الهيئة ، وله أن يحيل الترشيح إلى أبناء الملك المؤسس لترشيح واحد من المرشحين الثلاثة لعضوية الهيئة.
3 - يختار الملك في الأحوال كلها من يراه من أبناء المتوفى ، أو المعتذر ، أو العاجز ، لعضوية الهيئة .
ثانيا : على من يعتذر من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عن عضوية هيئة البيعة أن يخطر الملك كتابة بذلك مع ترشيح أحد أبنائه لعضوية الهيئة ، وإذا لم يتضمن الإخطار ترشيح أي من أبنائه لعضوية الهيئة أو لم يوافق الملك على من تم ترشيحه ، يتم التعيين وفقا لما ورد في الفقرة / أولا / من هذه المادة .
وتسري أحكام هذه المادة على أبناء الأبناء وإن نزلوا .
يجب أن يتوافر في عضو الهيئة ، المعين وفقاً للفقرتين (2) ، (3) من المادة الأولى من نظام هيئة البيعة ، الآتي:
1- ألا يقل عمره عن اثنين وعشرين عاماً.
2- أن يكون مشهوداً له بالصلاح والكفاية.
المادة الثالثة
مع عدم الإخلال بما ورد في المادة الأولى من نظام هيئة البيعة تُحدد مدة العضوية في الهيئة بأربع سنوات غير قابلة للتجديد تبدأ من التاريخ المحدد في الأمر الملكي الصادر بتعيين العضو. واستثناء من ذلك يجوز التجديد لعضو الهيئة في حالة اتفاق إخوته على ذلك بعد موافقة الملك.
المادة الرابعة
إذا أخل عضو الهيئة بواجبات العضوية ، ومسؤولياتها يتم التحقيق في ذلك من قبل لجنة مكونة من ثلاثة من أعضاء الهيئة يختارهم رئيسها. وترفع اللجنة نتائج التحقيق للهيئة. وإذا رأت الهيئة بموافقة ثلثي أعضائها إسقاط عضوية العضو المخل ترفع الأمر للملك لاتخاذ ما يراه.
المادة الخامسة
إذا خلا محل أحد أعضاء هيئة البيعة يعين الملك بديلاً عنه ، وفق المادتين الأولى والثانية من هذه اللائحة.
المادة السادسة
عند وفاة الملك تعقد هيئة البيعة اجتماعاً بصفة فورية للدعوة إلى مبايعة ولي العهد ملكاً على البلاد.
المادة السابعة
إنفاذاً للمادة السابعة من نظام هيئة البيعة ، يبعث الملك خلال الأيام العشرة التالية لمبايعته ملكاً على البلاد ، كتاباً إلى رئيس هيئة البيعة يتضمن من اختاره لولاية العهد لعرضه على هيئة البيعة ، أو الطلب من الهيئة ترشيح من تراه لولاية العهد ، وعلى الهيئة تسمية مرشحها خلال عشرة أيام من تاريخ تسلمها كتاب الملك.
المادة الثامنة
اجتماعات اللجنة الطبية سرية ، ويحضرها الأمين العام للهيئة ، وتُعد تقاريرها الطبية في مقر الهيئة ، وتُعد سرية ، ويوقع عليها جميع أعضاء اللجنة.
المادة التاسعة
تسلم التقارير الطبية التي تعدها اللجنة الطبية إلى رئيس هيئة البيعة في ظرف مختوم ، ولا يتم الاطلاع عليها إلا في اجتماع الهيئة.
المادة العاشرة
عند غياب عضوي اللجنة الطبية المنصوص عليهما في الفقرتين ( 1) ، (2) من المادة الرابعة عشرة من نظام هيئة البيعة أو خلو منصب أي منهما يحل محله المكلف بعمله. أما في حالة غياب أحد عمداء كليات الطب المشار إليهم في الفقرة (3) فعلى الهيئة اختيار بديل عنه من بين عمداء كليات الطب الآخرين.
المادة الحادية عشرة
يقوم الأمين العام تحت إشراف الهيئة بفرز الأصوات ، وإعلان نتيجة التصويت.
المادة الثانية عشرة
يرتبط الأمين العام للهيئة بالملك ، وهو مسؤول أمامه عن كافة الشؤون المالية والإدارية للهيئة.
المادة الثالثة عشرة
ينشأ في الهيئة مركز للوثائق ، يرتبط بالأمين العام ، يتولى حفظ محاضر الهيئة ، وجميع وثائقها ، والتقارير ذات العلاقة بالهيئة وأعمالها. وتعد هذه الوثائق سرية.
المادة الرابعة عشرة
يكون للهيئة ميزانية سنوية ، ويتم الصرف منها حسب القواعد والتعليمات المعتمدة من الملك.
المادة الخامسة عشرة
يُعين الأمين العام لهيئة البيعة بمرتبة وزير ، ويُعين نائبه بالمرتبة الممتازة.
المادة السادسة عشرة
يتم شغل وظائف الأمانة العامة لهيئة البيعة وفقاً للقواعد والإجراءات المتبعة في الديوان الملكي.
المادة السابعة عشرة
يلتزم موظفو الهيئة ومن يستعين بهم الأمين العام للهيئة بالمحافظة على سرية المعلومات ، والمداولات التي يطلعون عليها خلال عملهم بالهيئة.
وفي حالة الإخلال بهذا الالتزام تطبق على المخالف العقوبات المناسبة وفقاً لما تقضي به الأنظمة واللوائح.
المادة الثامنة عشرة
يتم تعديل أحكام هذه اللائحة بأمر ملكي بعد موافقة هيئة البيعة.
09-10-2007, 12:54 AM
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
