لا تلقَ دهرك إلا غيرَ مـُكثرثٍ ... ما دام يصحبُ فيه روحكَ البدنُ
فما يـُديم سرورٌ ما سررتَ بهِ ... ولا يرد عليكَ الفائتَ الحزنُ
هذان البيتان لحكيم الشعراء وشاعر الحكماء أبي الطيب المتنبي رحمه الله تعالى ,
يقول : ما دمتَ حياً فلا تبال بتغيرات الدهر وصروفه , فلا السرور والفرح يديم ما أفرحك وأسرك ويبقيه ولا الحزن على فائتٍ يعيده ويرده .
وكما قيل دوام الحال من المحال , وقد أشار لهذا المعنى أبو الفتح البستي رحمه الله تعالى في نونيته فقال :
لا تحسبنَّ سروراً دائماَ أبداً ... مَن سرهُ زمنٌ ساءتهُ أزمانُ
وكذلك قال أبو البقاء الرندي رحمه الله تعالى :
لكلِ شيءٍ إذا ما تمَّ نقصانُ ... فلا يـُغر بطيبِ العيشِ إنسانُ
هي الأمورُ كما شاهدتها دولٌ ... منَ سرهُ زمنٌ ساءتهُ أزمانُ
وبهذا جرت سنن الله تعالى حتى يظهر فضل الصابرين وتتبين مزية الشاكرين .
صبرٌ وشكرٌ وكل الخير بينهما ... فالأجر لم ينقطع يوماً وينفصلِ
قال الله تبارك اسمه : " فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ , وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ "
فكم من نعمة أنعم الله تعالى بها علينا ونحن عن شكرها غافلون .
ومن أجل النعم أن خلقنا الله عز وجل وسلمنا في عقولنا وأبداننا وهدانا للإيمان وجعلنا من أمة سيد ولد آدم أبي القاسم محمد خاتم النبيين ورحمة الله للعالمين صلى الله وسلم وبارك عليه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أصبح منكم آمناً في سربه , معافى في جسده , عنده قوت يومه , فكأنما حيزت له الدنيا " .
فإن كنت صحيح العقل فغيرك قد أبتلي بالجنون , وإن كنت سليم البدن كامل الحواس فانظر إلى غيرك ممن فقد بعض حواسه , وإن كنت آمناً في وطنك فأنظر إلى غيرك ممن فقد الأمن , وإن كنت حلقت في سماء العلم فانظر إلى غيرك ممن أخلد إلى أرض الجهل , وإن كنت ممن يجد كماليات العيش فأنظر إلى من لم يجد إلا الضروريات , وإن كنتَ ممن يجد قوت يومه فانظر إلى من أنهكه الفقروغلبه الدين .
وإن كنت حياً تذكر الله تعالى فانظر إلى من غيبتهم القبور .
فاللهم لك الحمد حمداً يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك , اللهم لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك , اللهم ما أصبح أو أمسى بنا من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر .
" وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ "
رقم : سعيد بن صالح بن علي الحمدان
05-07-2014, 08:39 AM
نعمة الله
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
