بسم الرحمن الرحيم
موضوع وردني على البريد وأحببت ان انقله لكم لتعم الفائده
.......................
إن الحج من أوله إلى آخره وفي كل خطوة من خطواته
حافل بكثير من المناسك والمواقف التي تُشعر الإنسان بعظمة الله وقدرته
وتتجلى فيها الحكم والأسرار لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ..
وفي كل واحدة من هذه المناسك تذكرة للمتذكر ، وعبرة للمعتبر
وهذه بعض أسرار الحج وحكمه :
الحج والإحرام
في الإحرام تظهر المساواة بين جميع المسلمين حاكمهم ومحكومهم
غنيهم وفقيرهم ، ومظهر الحجاج في لباس الإحرام يمثل البعث
في الحياة الآخرة ، ويكشف عن أن الدنيا الزائلة لا يليق أن تُصرف
مفاتنها عن الاستعداد للحياة الباقية ..
وهو في حقيقته تجرد من شهوات النفس والهوى وحبسها عن كل
ما سوى الله وعن التفكير في جلاله ..
الحج والتلبية
في التلبية إجابة نداء الله - عز وجل - فارجُ الله أن تكون مقبولا
واخش أن يقال لك : لا لبيك ولا سعديك ، فكن بين الرجاء والخوف مترددا
وعن حولك وقوتك متبرئا ، وعلى فضل الله - عز وجل - وكرمه متكلا ..
وليتذكر الملبي عند رفع الصوت بالتلبية إجابته لنداء الله عز وجل :
{ وأذن في الناس بالحج } وانقياد الخلق بنفخ الصور ، ونشرهم من القبور
وازدحامهم في عرصات القيامة مجيبين لنداء الله ، وهذه التلبية شهادة
على تجرد النفس من الشهوات والتزامها الطاعة والامتثال ..
الحج والطواف
ينبغي أن يُحضر في قلبه التعظيم والخوف والرجاء والمحبة
والحاج في الطواف متشبه بالملائكة المقربين الحافين حول العرش
الطائفين له ، وليس المقصود هو طواف الجسم بالبيت فحسب
بل المقصود هو طواف القلب بذكر رب البيت ، حتى لا يبتدئ الذكر إلا منه
ولا يُختم إلا به ، كما يبتدئ بالبيت ويُختم به ..
والطائفون في عملهم ، كأنما يمثلون الدوران حول عقيدة التوحيد
والتمسك بها ، وإخلاص العبودية لله ، والاستجابة لندائه على لسان
خليله إبراهيم عليه السلام ..
كما يرمز إلى مشروعية الاقتداء بأبينا إبراهيم ورسولنا محمد
- عليهما الصلاة والسلام –
وسائر أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين الذين لبوا دعوة الله في قوله :
{ وليطوفوا بالبيت العتيق }
الحج والسعي
إنه يضاهي تردد العبد بفناء الملك جائيا ذاهبا مرة بعد أخرى إظهارا
للخلوص في الخدمة ورجاء للملاحظة بعين الرحمة ..
وليتذكر عند تردده بين الصفا والمروة تردده بين كفتي الميزان
في عرصات يوم القيامة ، وفي السعي شدة إلحاح المؤمن
في استمطار رحمة الله عليه ..
وفيه شعور بالضراعة بين يدي الله القوي العزيز ، وفيه اقتداء
بما فعلته السيدة هاجر ، إذ كانت حركتها تلك حركة مباركة
وسنة قائمة إلى يوم القيامة يتعبد بها الناس ربهم ويأخذون منها وجوب
السعي وراء الرزق والحث على العمل والبعد عن الكسل ..
الحج والوقوف بعرفة
يذكر الحاج به يوم القيامة واجتماع الأمم والعرض الأكبر
على الله - تعالى - وهو موقف يذكر بالموت الذي ينتقل به المرء
إلى ربه بكفن شبيه بلباس الإحرام ، كما أن فيه تجرد الإنسان في ذلك الوقت
من ملاذ الدنيا ، وشهوات النفس ، وأن ذلك يدفع إلى الإقبال على الله
- تعالى - والاجتهاد في الأعمال الصالحة ..
كما يركّز ذلك التجمع إلى التذكير بالبعث بعد الموت وما في يوم القيامة
من أهوال ، ليأخذ المسلم الاستعداد لها بأفعال الخير ، وفيه من تذكير
المسلمين الذين دفعوا إلى الحج بمشروعية الاتحاد والأخذ بالأسباب
الداعية للوحدة والاجتماع ..
وما هو إلا بذل المهج في الضراعة بقلوب مملوءة بالخشية ، وأيد
مرفوعة بالرجاء ، وألسنة مشغولة بالدعاء
وآمال صادقة في أرحم الراحمين ..
الحج ورمي الجمار
إنه رمز للاقتداء بسيدنا إبراهيم - عليه السـلام –
ومحاربة الشيطان ووسوسته وتضليله ..
كما يرمز إلى وجوب طاعة الله ، وامتثال أوامره ليصبح المرء
في عداد المحسنين ، وهو عزم على الالتجاء إلى الله - تعالى –
ونبذ الأهواء ، وهو رمز مقت واحتقار لعوامل البشر ونزعات عائد
لصدق العزيمة في طرد الهوى المفسد للأفراد ..
الحج وذبح الهدي
إنه إراقة لدماء الرذيلة بيد اشتد ساعدها في بناء الفضيلة
إنه ذبح للنفس الأمارة بالسوء ، وإخراجها من جسد الإنسان
وإحلال روح الخير والفضيلة عليها ..
وهو إظهار لنعمة الله ، بتوسعته على المسلمين بأن يوسعوا على أنفسهم
وعلى الفقراء والمساكين في أيام العيد وفيه تذكير بفعل إبراهيم
- عليه السلام - حينما عزم على ذبح ابنه إسماعيل استجابة
لأمر الله ففداه الله بذبح عظيم ..
وأصبح الفداء بعدها سنة متبعة كل عام اقتداء بسيدنا محمد
- صلى الله عليه وسلم - الذي ساق الهدي من المدينة المنورة
إلى مكة المكرمة ..
ولكم كل التقدير
أخوكم فارس الشواطي