حرب البسوس 1428 هجريه بين (( ... و ... )) ؟


ملتقى الكتاب والمؤلفين خاص بما تخطه اقلام كُتْاب الموقع

موضوع مغلق
قديم 04-03-2007, 01:19 AM
  #21
راشد الراشد
عضو نشيط
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 270
راشد الراشد has much to be proud ofراشد الراشد has much to be proud ofراشد الراشد has much to be proud ofراشد الراشد has much to be proud ofراشد الراشد has much to be proud ofراشد الراشد has much to be proud ofراشد الراشد has much to be proud ofراشد الراشد has much to be proud ofراشد الراشد has much to be proud of
افتراضي رد : حرب البسوس 1428 هجريه بين (( ... و ... )) ؟

اهلا بك اخي عمر



من قال قد هلك الناس فهو اهلكهم ....



ولا يزال الخير في امتي الي قيام الساعه ...



والتشاؤوم ليس منهج راشخ بل التفائل والنظر بان الله لن يخذل عباده ...



كل ما جرى التنوية اليه في الرد السابق عبارة عن توضيح ان النظرة المثالية وتحويلهم الي ملائكة سواءا كان مجازيا او ادبيا لا يجب وان العصمة لمحمد صلى الله عليه وسلم ...



وان كما ان هناك صالحين فلا تخلو الارض من الفاسدين ....



بعض الهجوم بالالفاظ او الاتهام قد لا يكون فيه صلاح ولكن حسن التحاور واضمار النية الطيبة فمهما يكن الوطن جريدة وطنية ويديرها ابناء هذا الوطن لهم حق النصيحة ولهم حق الخطاب الهادف الناجع ولهم حق مشروع بروح الدين وبروح الاخوة وبروح الوطن اما ان نجعل الساحة مجرد مهاترات وانتقادات وتصيد للهفوات فهذا توجه لا يقره عقل ولا منهج ولا رؤيا تحمل في نظرها التالف والاخوة والتقارب ....



الاصل واحد اخي عمر وننطلق من قناعات وثوابت ومسلمات واحده ولا اعتقد ان ينظر الانسان للدنيا بنظرة مختلف فاعلم ان الهدف واحد وان الاصل واحد مهما تختلف القناعات ....



لك كل شكر وتحية اخي عمر واتمنى ان يكن افقك واسعا كما عهدته يرى الامور بانصاف ولا تأخذه الشكيمة في الخير الي منحنى اخر ....
راشد الراشد غير متواجد حالياً  
قديم 04-03-2007, 04:55 AM
  #22
سنحان بن عامر
عضو متميز
 الصورة الرمزية سنحان بن عامر
تاريخ التسجيل: Jan 2006
الدولة: بلاد سنحان
المشاركات: 892
سنحان بن عامر is a splendid one to beholdسنحان بن عامر is a splendid one to beholdسنحان بن عامر is a splendid one to beholdسنحان بن عامر is a splendid one to beholdسنحان بن عامر is a splendid one to beholdسنحان بن عامر is a splendid one to beholdسنحان بن عامر is a splendid one to behold
Exclamation رد : حرب البسوس 1428 هجريه بين (( ... و ... )) ؟

بإختصار أخواني الكرام جريمة الوطن >> جريرة الوثن >> جزيرة الدمن (( أكرمكم الله ))
مسميات لائقة لم تنعت إلا بما هي أهلاً له فسياستها خالف تعرف أسست لتحارب الفضيلة في بلاد الحرمين
منذ نشوئها وهذا دأبها وديدنيها ودينها التي تتقرب به زلفى إلى عجوزها الشمطاء التي رضعت فكرها وعداوتها للإسلام حتى الثمالة
أعزائي الكرام (( مبدأ حسن النية )) يكون محمود حين لا تتضح التوجهات والأهداف
لكنـ جريرة الوطن رؤيتها وتوجهاتها وأهدافها واضحة للعيان لا تحتاج لأي إجتهاد إلا لمن قلوبهم غلف
لا غرابة إذا عرفنا من يقف ورائها ممن يحارب الدين والعلماء والفضيلة
يا مدعين العروبة وأنتم لها أغراب ؟؟ يا مدعين الجاهلية وأنتم لها أعراب هذا والله موقعكم من الإعراب
الدين جعلتموه حجر عثرة في طريق تقدم الفكر العربي !!
هل لا زالت لديكم عروبة ؟ وإن كانت فما هي المبادئ والقيم العربية الأصيلة التي تنادون بها ؟؟
رجال الهيئة المحتسبين ليسوا ملائكة بالمعنى الصرف لهذه الكلمة
ولكنهم في النهاية بشر ولكنهم ملوك تمشي على الأرض لتحرس الفضيلة ـ في نظرنا وفي نظر كل منصف ؟؟
فكم من الجرائم بحق الوطن كشفوها ؟؟وكم من الأعراض حرسوها ؟؟
نقدوها لأنها تحارب نتاج جرائمهم بحق الوطن المطعون بخناجرهم المسمومة لم يعرف الوطن جرائم السرق والإغتصاب والرذيلة وكافة الجرائم الأخلاقية إلا حينما أطلق العنان لأقلامهم المشبوهة تسرح وتمرح بين ظهرانينا بضغوط خارجية غربية >> خانوا الوطن والدين والأخلاق فهم كلاب تنهش جسد الوطن الجريح
هل نقف مكتوفي الأيدي أم نتباكا كالنساء !!
كلا بل نقول عاشت الأقلام الشريفة وبؤساً للأقلام الملوثة بالسموم


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راشد الراشد
جملة اخيرة انا احترم جريدة الوطن وما تقدم مع اني اختلف معها اتدري لماذا ؟؟
لانها تعلن مبادئها وثقافتها وتوجهاتها ...
أخي الكريم أستاذي المحترم شايب الجميع ليس بالضرورة أن تحترم النشاز كـ جريمة الوطن جريرة الوثن جزيرة .....
بل الضرورة الملحّة التي يفرضها عليك دينك أن تعلن موقفك النهائي مع أو ضد
ولو كان الأمر كما قلت فيلزمك أن تحترم صاحبة رواية بنات الرياض ويلزمك أيضاً أن تحترم دعاة السفور والفجور
لأنهم في النهاية يعبرون ويعلنون عن مبادئهم وثقافتهم وتوجهاتهم
وهكذا يلزم رجل المرور أن يحترم إرادة قاطع إشارة المرور !!
هل هذه المعادلة عادلة في نظرك ؟؟


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راشد الراشد
في وقت ان هناك من يلبس العمائم ويسحب البشوت وهو ابعد ما يكون عن المبدأ والدين ؟؟
إن كنت ترمي إلى أصحاب العمائم السوداء الشرقية فصدقت وإن كان غيرهم فيلزمك الدليل ؟
أما أهل البشوت فإن كنت تقصد العلماء والخطباء فيلزمك الدليل ولو كمثال قد نتفق وقد نختلف حوله
وإن كان المبدأ أن لكل قاعدة شواذ ولكن من العدل أن نحكم بالغالبية العظمى لأنها هي القاعدة
وعلى فكرة البشوت يلبسها الأمير وشيخ المال وشيخ القبيلة وشيخ الدين والعلم فإن كنت تعنيهم فصدقت وكفى ..


ــ ــ دمتم على خير وعليه نلتقي ــ ــ
__________________
الحقيقة : هي الشئ الوحيد الذي لا يصدقة الناس !
|| سبحانك اللهم وبحمدك <> أشهد أن لا إله إلا أنت <> أستغفرك وأتوب إليك ||
سنحان بن عامر غير متواجد حالياً  
قديم 14-03-2007, 11:50 PM
  #23
عمر الغريب
موقوف
 الصورة الرمزية عمر الغريب
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 364
عمر الغريب is a jewel in the roughعمر الغريب is a jewel in the roughعمر الغريب is a jewel in the rough
افتراضي رد : حرب البسوس 1428 هجريه بين (( ... و ... )) ؟

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راشد الراشد
اهلا بك اخي عمر



من قال قد هلك الناس فهو اهلكهم ....



ولا يزال الخير في امتي الي قيام الساعه ...



والتشاؤوم ليس منهج راشخ بل التفائل والنظر بان الله لن يخذل عباده ...



كل ما جرى التنوية اليه في الرد السابق عبارة عن توضيح ان النظرة المثالية وتحويلهم الي ملائكة سواءا كان مجازيا او ادبيا لا يجب وان العصمة لمحمد صلى الله عليه وسلم ...



وان كما ان هناك صالحين فلا تخلو الارض من الفاسدين ....



بعض الهجوم بالالفاظ او الاتهام قد لا يكون فيه صلاح ولكن حسن التحاور واضمار النية الطيبة فمهما يكن الوطن جريدة وطنية ويديرها ابناء هذا الوطن لهم حق النصيحة ولهم حق الخطاب الهادف الناجع ولهم حق مشروع بروح الدين وبروح الاخوة وبروح الوطن اما ان نجعل الساحة مجرد مهاترات وانتقادات وتصيد للهفوات فهذا توجه لا يقره عقل ولا منهج ولا رؤيا تحمل في نظرها التالف والاخوة والتقارب ....



الاصل واحد اخي عمر وننطلق من قناعات وثوابت ومسلمات واحده ولا اعتقد ان ينظر الانسان للدنيا بنظرة مختلف فاعلم ان الهدف واحد وان الاصل واحد مهما تختلف القناعات ....



لك كل شكر وتحية اخي عمر واتمنى ان يكن افقك واسعا كما عهدته يرى الامور بانصاف ولا تأخذه الشكيمة في الخير الي منحنى اخر ....


أخي راشد ...

تحيه من أعماق بحار الأطلسي والذي طلسم أعناق الرجال عندما أرادوا مجاراة أسماكـ القرش ؟

وبعد / يتحفنا قلمكـ عن المثاليات كيف نلقنها ومتى وإلى من ! ولكن ؟

تتحرى آذاننا الإصلاح ولكن لم نجد إلا النقد تجاه بعض الفئات والتي تعاني ولازالت تعاني وقد تستمر المعاناه إلى أن
يأتي الفرج والفرج قريب قريب ياصاحبي .

سئمنا تلك العبارات والتي ركز بعض وليس الكل من الطبقه المذهبه ( أصحاب البشوت اللماعه ) عليها في غير موقعها
وزمانها الحقيقي بأن من قال قد هلك الناس فهو أهلكم وسخروا أقوال الحبيب ومآثره في لي أعناق النصوص للتثبيط
والتقليل من الكوارث والعواصف التي تحيط بنا من كل جانب .....

رويدك ياشقيق القلب فأمامك صاحبكـ الذي تعرفه من جرة قلمه المعاتب وليس الناقد فهنا فرق جوهري ناصع ...


وللحديث بقيه ......
عمر الغريب غير متواجد حالياً  
قديم 14-03-2007, 11:54 PM
  #24
عمر الغريب
موقوف
 الصورة الرمزية عمر الغريب
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 364
عمر الغريب is a jewel in the roughعمر الغريب is a jewel in the roughعمر الغريب is a jewel in the rough
افتراضي رد : حرب البسوس 1428 هجريه بين (( ... و ... )) ؟

سنحااااااااااااااااااااااااان القلم .....


باركـــــــــــــــــــــ الله فيكـ ....



قد أسهب في مدحكـ ولكن القلم قد يعجز حتى عن ذلكـ وخصوصاً متى وجد الكمال ... والكمال لله *
عمر الغريب غير متواجد حالياً  
قديم 16-03-2007, 01:48 AM
  #25
محمد الحياني

.: مشرف ســـابق :.

 الصورة الرمزية محمد الحياني
تاريخ التسجيل: Aug 2005
الدولة: k . s .a
المشاركات: 8,767
محمد الحياني has a reputation beyond reputeمحمد الحياني has a reputation beyond reputeمحمد الحياني has a reputation beyond reputeمحمد الحياني has a reputation beyond reputeمحمد الحياني has a reputation beyond reputeمحمد الحياني has a reputation beyond reputeمحمد الحياني has a reputation beyond reputeمحمد الحياني has a reputation beyond reputeمحمد الحياني has a reputation beyond reputeمحمد الحياني has a reputation beyond reputeمحمد الحياني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : حرب البسوس 1428 هجريه بين (( ... و ... )) ؟

يعجز لساني ... في مقاومة كلماتك الرائعة والرنانة

وفقك الله .........

مبدع كالعادة

وليس بغريب عليك الابداع


لأنك من الابداع بدأت
__________________
« اللهم كما أحسنت خَلقي فحسن خُلقي »
محمد الحياني غير متواجد حالياً  
قديم 28-03-2007, 03:41 PM
  #26
العبدي
عضو ذهبي
 الصورة الرمزية العبدي
تاريخ التسجيل: Sep 2006
الدولة: قطر
المشاركات: 5,624
العبدي has a reputation beyond reputeالعبدي has a reputation beyond reputeالعبدي has a reputation beyond reputeالعبدي has a reputation beyond reputeالعبدي has a reputation beyond reputeالعبدي has a reputation beyond reputeالعبدي has a reputation beyond reputeالعبدي has a reputation beyond reputeالعبدي has a reputation beyond reputeالعبدي has a reputation beyond reputeالعبدي has a reputation beyond repute
افتراضي رد : حرب البسوس 1428 هجريه بين (( ... و ... )) ؟

والله اني احسد السعودية . . على أشياء كثيرة ومنها . . تطبيقها الشريعة الاسلامية . . على كافة النواحي . .
ومنها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . فوالله انها نعمة عظيمة لا تقدر بثمن وكم اتمنى لو انها في دولة قطر . .
فما نراه في المجمعات والمحلات التجارية . . حتى في المستشفى من تحرش الشباب ومضايقتهم للفتيات . . شئ وللأسف كأن الدولة ترضى بذلك الشئ . .
ولا تتدخل الا عند بلاغ شكوى من الفتاة . .
. . رسالة الى جريدة الوطن . . لا تدمرو بلدكم من اجل حفنة من المال يقدمها لكم اعداء الدين . . حتى ولو كانو من اصحاب الارض . .
فان اغلقت هذه الهيئة فسوف تتمنون لو انها كانت موجودة . . فهذه المرأة التي يتعرض لها . . أحد ما . . قد تكون زوجتك أو حتى أمك أو اختك . . أو حتى خادمتك . . فهل ترضون بهذا الشئ . .
؟؟ ؟ ؟ ؟
مشكور يا أيها القلم . . البارع . . مشكور يا عمر الغريب . .
__________________
سُبـ ح ـان الله وبحمده .. سُبـ ح ـان الله العظيم

~ًًًَََُ

العبدي غير متواجد حالياً  
قديم 31-03-2007, 06:41 PM
  #27
ابن خضير

.: مراقب قسم ســـابق :.

 الصورة الرمزية ابن خضير
تاريخ التسجيل: Mar 2007
الدولة: @الرياض @
المشاركات: 17,553
ابن خضير has a reputation beyond reputeابن خضير has a reputation beyond reputeابن خضير has a reputation beyond reputeابن خضير has a reputation beyond reputeابن خضير has a reputation beyond reputeابن خضير has a reputation beyond reputeابن خضير has a reputation beyond reputeابن خضير has a reputation beyond reputeابن خضير has a reputation beyond reputeابن خضير has a reputation beyond reputeابن خضير has a reputation beyond repute
افتراضي رد : حرب البسوس 1428 هجريه بين (( ... و ... )) ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


اللة يعز الاسلام و المسلمين

ولك تحياتي
__________________
ابن خضير غير متواجد حالياً  
قديم 27-04-2007, 12:13 AM
  #28
عمر الغريب
موقوف
 الصورة الرمزية عمر الغريب
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 364
عمر الغريب is a jewel in the roughعمر الغريب is a jewel in the roughعمر الغريب is a jewel in the rough
افتراضي رد : حرب البسوس 1428 هجريه بين (( ... و ... )) ؟

الشكر موصول لكل من عانق صفحتي وجال بين ثنايا حروفي .........................


أشكركم مره أخرى ......
عمر الغريب غير متواجد حالياً  
قديم 30-04-2007, 09:52 AM
  #29
معيض بن صميع
..:: شاعر ::..
 الصورة الرمزية معيض بن صميع
تاريخ التسجيل: Aug 2006
الدولة: خيالات القصص
المشاركات: 1,201
معيض بن صميع has much to be proud ofمعيض بن صميع has much to be proud ofمعيض بن صميع has much to be proud ofمعيض بن صميع has much to be proud ofمعيض بن صميع has much to be proud ofمعيض بن صميع has much to be proud ofمعيض بن صميع has much to be proud ofمعيض بن صميع has much to be proud ofمعيض بن صميع has much to be proud ofمعيض بن صميع has much to be proud of
افتراضي رد : حرب البسوس 1428 هجريه بين (( ... و ... )) ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


إليك خطبة الجمعة للشيخ ابن حميد وآمل أن تتمعن في ماورد بها جيدا قبل أن تتخذ القرار بالرد


لعل وعسى ..


مع التقدير ..




الخطبة الأولى

أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رَحمكم الله، فالعَجَبُ لمن يأنس بالدنيا وهو مفارِقُها، وكيف يأمَن النارَ من هو وارِدُها، يلهو من يقودُه عمره إلى أجله، ويغفَل من أنفاسه تخطُو به إلى مصيرِه، بقاؤُه قائده إلى فنائه، وصحَّتُه تسوقه إلى سقَمِه، وما يُؤتى الحذِرُ إلاّ من مأمنه. فالجدَّ الجدَّ ـ رحمكم الله ـ قبلَ حلولِ المنَايا، والتوبةَ التوبةَ مِن الذنوب والخطَايا، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر: 5، 6].

أيُّها المسلمون، قبلَ أيامٍ قلائِل عُقِد مؤتمرٌ في هذه البلاد الطيِّبَة اجتمع فيه قادَةٌ من قيادات المسلمين، كان اجتماعَ إخلاصٍ ومصارَحَة وتصميم وصلابةٍ ونقد بنّاء وقرارات فاعلة، فكانت الثمارُ كبيرةً والآثار عظيمة، فسدَّدَ الله الخُطَى وبارك في الجهودِ وهَدَى للتي هي أقومُ.

معاشِرَ الأحِبَّة، وفي سياقِ المكاشَفَةِ ومَسلَك المصارَحَة والنقدِ البنَّاء ونهجِ الإصلاح الذي تنتَهِجه هذه البلادُ بقيادتها وما يَنبَغي أن تسيرَ عليه الأمة في قياداتها ومسؤوليها ومفكِّريها، في هذا النهج وفي ذاتِ السياق وفي حديثٍ للشباب وخطابٍ لطلبة العِلم ولكلِّ مريدٍ للإصلاح وناصح لنفسِه ودينه وأمّته وبلاده وولاة أمرِه لنَرجِعْ إلى الوراءِ قليلاً بِضعَ سنين، حينما بَدَأ يَظهَر الصَّلاح على الناشِئَة والشبابِ، وفَشَت فيهم مظاهِرُ الاستقامة والمحافَظة على الدين وشعائره، فعُمرت المساجد، وأُحيِيَ ما اندرسَ من بعض السنن والفضائل، وازدحمت مجالس العلم، وزَخَرتِ المكتبات الإسلاميّة بإنتاجٍ علميّ مبارَك في شَتى فنونِ العلوم والمعارف والتخصُّصات الإسلاميّة والدعوية من مقروء ومسموع، وانتَشَرَت المراكز الإسلامية، ونمت الجهود الدعويّة، وانتشرت الأعمال الخيريّة والإغاثات المادّية، ليس في ربوع العالم الإسلاميّ فحسب، ولكن في أرجاء الدنيا كلِّها، وشعَر الناس بالخير العميمِ والأمَل العَظيم؛ صلاحٌ ونَشاط واستبشار وآثار وإنتاج، لم يكن قاصرًا على المنتسبين إلى العلوم الشرعية فحَسب، بل عمَّ العلومَ والأعمال في أهل الإسلامِ أجمعين، صلاحٌ في الرِّجال وفي النساء، وانتشرت الفضيلةُ، وظهرت مظاهِرُ الصّلاح، وتَقَارَبَت النفوس.

أيُّها المسلمون، أيُّها الأحبَّة، هذا الامتداد والانتِشار ومظاهِرُ الوئام لم يدُم طويلا, بل سُرعانَ ما تقلَّص هذا المدّ المبارك عندما ذرّ قَرن الخلافِ والتناحر الفكريّ، وارتَفَع الغلوُّ والتعصّب في صفوفِ أهل الحقّ، وادَّعَى الواحِدُ والفِئَة أنّه وحدَه صاحبُ الحقّ والمستقيمُ على السنة، فارتفعت الأصواتُ بالاتهامات والمثالب، واستُهدِف العلماءُ والحكام، وقامت دولة الإشَاعَات في كلِّ وَسيلة وفي كلِّ مجتمع وناد، في المجالس العامّة والخاصّة، وهم في ذلك على مراتِب؛ مُقِلٌّ ومُكثر، ومُظهِر ومُستَخفٍ، فأُوغِرَت الصدور على أهل العلم وولاةِ الأمور وأهلِ الصلاح، وأُسقِطَت هيبة كلِّ ذي هيبة، وتزعزع مفهومُ السّمع والطاعة والولاءِ والبراء، وسَرَت بِدَعُ التكفيرِ والتَّبدِيعِ والتفسِيقِ حتى كُفِّر الموَظَّفون والجنودُ والطلابُ، وسَرَت الوَقيعةُ في أهلِ العلم، ولا سيّما ... ورموزهم وقياداتهم، واتُّهِموا بالسَّطحيّة والجَهل بالواقِع والمداهَنَة وبيع الدين بالدنيا؛ مما لا يجوز أن يتفوَّه به عاقل، فضلا عن أن يعتقدَه مسلم ممن ينتسب إلى أهلِ العلم والدين والصلاح.

والله، لقد أسرفوا على أنفسِهم، وأسرَفوا في حقّ غَيرهم، اشتغَلوا بتتبّع العثرات وتعقُّب الأخطاءِ والزّلاّت وتضخيمِها ونشرِها، فكانت الأخطاء عندهم بِدَعًا والغلطاتُ مروقًا، وشاع فيهِم الهَجر والتَّهاجُر، جرأةٌ في التجهيلِ والتَّضليل، ناهيكم بالتّكفير والتّبديع والتّفسيق. ثم ماذا؟
ثم كانتِ الفتنةُ والفُرقة، فِتنةٌ للجاهل والعَامّة، وفرقةٌ في الأمّة، وسُخرِيّة من العدوّ وأهل الفُجور، فتنةٌ استبِيحَت فيهَا الأعراضُ ولحومُ الناس ودماؤُهم، وقودُ هذا كلِّه شبابٌ أغرار، قلَّت بضاعتُهم في علم الشَّرع، ونقَص فقههُم في الدّين، وضَعُف رأيُهُم في إدراك العواقِبِ والمآلات، شبابٌ غضٌّ دُفِع به إلى أتونِ العنف والموتِ والقَتل والإرهابِ، لا يسمَعون نصحَ ناصح، ولا يقبلون توجيهَ عالم، بل إنهم ليسفِّهون العلماءَ، ويتّهمون أهلَ الصّلاح، ويشكِّكون في المخلصين.

وفي حكم بعض الأمم: "الضجيجُ العظيم تصدِرُه الأواني الفارغة"، إنها حكمةٌ تجسِّد حقيقةَ سالكي مسالِكِ العنف والقتل الذين يملأ ضجيجُهم الدنيا وهم خلوٌ من العلم والفقه وصحيح التدين. أغرارٌ يائِسون بائسون أغلَقوا على أنفسهم المنافِذَ، وسَدّوا الأبواب، وأحكموا الإغلاقَ، لم يجعلوا لأنفسهم خياراتٍ ولا اختِيارات، ومن وسَّع الخياراتِ على نفسه كان أرشدَ وأصلح وأوفَق، توسيعُ المنافذِ والمخارج خيرٌ من طريقٍ واحِد ضيِّق يحمِل على اللّجاجة والغَضَب، ويؤزُّ الشيطانُ فيه أزًّا، فيكون صاحِبُه مغلولَ اليدين إلاّ مِن الانتقام والتشفِّي وإزهاقِ نفسِه ونفوسِ الآخرين. أغلقوا على أنفسِهم، وانطوَوا إلى فِئَتهم، لا يسمعون نصحَ ناصح، ولا يبالون بتوجيهِ موجِّه واعتراضِ معترِض. ولو تأمَّلوا بِعينِ البَصيرةِ ونَظَروا بفِقهِ الدين ومسالِكِ الورَع لوجدوا أنهم أسرى عقولٍ وفُهوم بعيدةٍ عن منهج الشَّرع وأنوارِ النبوَّة، بل إنهم أسرَى هَوى خفيٍّ لم يدَع لهم سبيلاً للتَّصحيح والمراجَعةِ.

ومِن الغريب العجيبِ ـ أيّها المسلمون ـ أن التاريخَ هنا يعيد نفسَه، فهذه البليَّة هي التي ابتُلِيَ بها الإسلامُ في أَواخِر عهدِ الصَّحابة رِضوان الله عليهم، فالإِسلامُ لم يضارَّ إلاّ بمثل أصحابِ هذه العقول والفهوم غيرِ الراشدة، أصواتٌ عالِيَة وأفعال قاتلة. إنها فتنةُ الخَوض والشغَب والإشاعاتِ والكلام في الفتن والقَدح في الأئمّة والافتيات عليهم، ضلّوا وأضلّوا، يتكلَّمون في دينِ الله بالظنِّ والخَرص، فصارُوا فتنةً للمفتونين ورُؤساءَ للجاهلين. ولقد وصَف عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أسلافَهم وهو الذي أدرَكَهم ونظَرَ في مسالكهم فقال: (أتباعُ كلِّ ناعق، يميلون مع كلِّ داعٍ، لم يستضيئوا بِنورِ العلم، ولم يلجَؤُوا إلى ركنٍ وثيق).

أيّها المسلمون، ومن أبرزِ ما أدخَلَ عليهم الشيطان أمور عظام ثلاثة، وقد تكون هذه الأمورُ معلومةً، ولكنّ الحديثَ عنها والتذكير بها بعدما تجلّى من أوضاع الأمة وأحوالها وما آلت إليه يحتاجُ هذا إلى مزيدِ تأكيد وتذكير.

أول هذه الأمور: إساءةُ الظنِّ بولاة الأمور وعدَمُ الطاعة والخروجُ على الأئِمّة والاستخفاف بالولاية والجرأةُ على مخالفة وليّ الأمرِ والافتيات عليه، وهذا كما يقرِّر مشايخُنا والمحقِّقون من أسلاف علمائنا هذا والله من دين الجاهلية الذين لا يرَونَ السمع والطاعةَ دينًا، بل كلّ منهم يستبدّ برأيه، وهذا من الجهل بالدين والسعيِ في الأرض بالفسادِ، ويعرِف ذلك كلُّ ذي عقلٍ وإيمان. وهذه الأحوال والآثار والنتائج ظاهرةٌ ماثلة في ديار ضعُفت فيها الولايَة، فسالت فيها الدماء، وتفرّق أهلها، وتمكَّن الأعداء والمفسِدون منها، عياذًا بالله ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقد عُلِم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دينَ إلا بجماعة، ولا جماعةَ إلاّ بإمام، ولا إمامَ إلا بالسمعِ والطاعة.

الأمر الثاني: الوقوعُ في أهلِ العلم واتهامُهم بالمداهَنَة والضعف والسكوتِ عن البيان وسوء ُالظنّ بهم وعدم الأخذ عنهم، ولقد قال علماؤنا من أئمّة هذه الدعوة وتلاميذهم: وهذا سببٌ للحرمان من العلم النافع، والعلماءُ هم وَرَثَة الأنبياء في كلّ زمانٍ ومكان، فلا يُتلقَّى العلم إلاّ عنهم، فمن زهد في الأخذ عنهم ولم يقبَل ما نقلوه وقرّروه فقد زَهدَ في ميراث المرسلين، واعتاضَ عنه بأقوالِ الجهلة الخالصين، ومن وقع في أهل العلم بالعيبِ والثَّلبِ ابتلاه الله بموتِ القلب، وهذا هو والله ما يُخشَى على هؤلاء الشبابِ الأغرار ومن سلك هذه المسالك.

الأمر الثالث: الوقوعُ في الغُلوّ والتَّنطّع الشَّديد وجهلُ كثيرٍ مِنهم بمقاصِدِ الشريعة وأصولها وقواعِدِها الكلّيّة، أو عدم التوفيق في مراعاة ذلِك كلِّه؛ مما جعلهم لا يبالون بالعواقب ومآلاتِ الأفعال، فكان منهم الانحرافُ عن فهمِ أهلِ الحقّ القائمِ على العلم والعَدل في التعامُل مع المخالف. فيا لله! كم بَدَا من بعض هؤلاء من جعلِ مسائِلِ الاجتهاد من جملة مسائِلِ الأصول التي يُعقَد عليها الولاءُ والبراء، بل كم كفَّروا بمعاصِي أو بقيودٍ أحدثوها وأوصافٍ اخترَعوها، وأحدثوا مسائلَ مَن خالف فيها لا يقبلون منه صرفًا ولا عدلاً، ولا تنفَعه عندهم شَفاعةُ الشافعين؛ فخَرَجوا من الانتصارِ للحَقِّ إلى الانتصارِ إلى الهوَى والفِئَة والحِزب والطائفة، حتى دخلت الأمّة في سراديبَ مظلمةٍ وأنفاق طويلةٍ ملتَويَة من الإفسادِ والحِرابة والبغيِ والقتل والتفجيرِ والتّخريب ونقضِ البيعة والخروج عن الطاعة.

هذا كلُّه قد حَصَل، فماذا كانتِ النتيجة يا عباد الله؟
ماذا كانتِ النتيجة مع أن هذه نتيجة؟ كانت النتيجة ضعفٌ في الدين وانحسارٌ في الدعوة وتجفِيف لمنابعِ الخير وتسلّط من الأعداء وفشوٌّ للتحزّب والتعصّب، فخسر أهل الحقّ، وكسب أهل الباطل، واتَّخَذ الأعداءُ هذه الأحوالَ والشتات سُلَّمًا وذرائع للنيل من الدين وأهله ودِيارِه، ولا حول ولا قوّةَ إلاّ بالله العليِّ العظيم.

يا إِخوتَنا، يا أبناءَنا، الهدمُ سهل، وسَفكُ الدماء إذا فتِح صعُب إيقافه، وإذا استُرخِصَت النفوسُ عمَّت الفوضى. البِناءُ هو الصَّعب، تربيةُ النفوس وإِصلاحها أصعَب، وهذا هو طريقُ المرسلين. إنَّ هذه التصرفاتِ التدميريّة والسلوكيّات القاتلة لا تبني بيتًا، ولا تعمر مسجدًا، ولا تفتَح مدرسةً، ولا تعلّم جاهلا، ولا ترشِد ضالاًّ، ولا تطعِم جائعا، ولا تعالج مريضًا. حُسنُ النية وصلاحُ القصد إذا وجِد فإنّه لا يكفي وحدَه البتة، بل لا بدَّ أن يقتَرنَ به صحّة المنهج وحسنُ العمل وإيجابيَّةُ الأثر، وبخاصّة الأعمال المتعدّية التي تمسّ الأمّةَ والديار.

أيّها المسلمون، إخوتَنا وأبناءَنا، العِصمةُ ليست لأحدٍ مِن البَشر سوى أنبياء الله فيما يبلِّغون عن الله، والحقُّ ضالّة المؤمن، ومن ابتغى في الناس الكمال فقد طلب المحالَ، والخطأُ من ولاةِ الأمورِ وأهل العلم واردٌ وواقِع، ومَن أراد الحقَّ وتصويبَ الخطأ فليَبحَث عن ذلك بطريقِه، وليصَحِّح ولينصَح بأسلوبِ الحكمة، مَع حسن القصدِ وحِفظ بيضةِ المسلمين وهَيبةِ الأئمّة وأهلِ العلم.

اسمعوا هذا الكلامَ النفيس لشيخِ الإسلام محمّد بن عبد الوهّاب رحمه الله، وهو من هو في إمامتِه وقوَّته وصدقِه وجهاده، يقول رحمه الله: "إنّنا نرى بعضَ أمورٍ تجرِي وننصَح إخواننا في هذا البابِ، إنَّ بعضَ أهل العلم ينكِر منكرًا وهو مُصيبٌ، ولكنّه يخطئُ في تغليظِ الأمرِ إلى شَيءٍ يوجِبُ الفُرقَة"، قال رحمه الله: "الخللُ يدخُل على صاحبِ الدين من قلَّةِ الفهم"، ويَقول في مقامٍ آخَر: "إنَّ إنكار المنكر إذا صارَ يحصُل بسببه افتراقٌ لم يجُز إنكارُه، فاللهَ اللهَ العملَ بما ذكرنا والتفقّه فيه، فإنكم إن لم تفعَلوا صار إنكارُكم مضرّةً على الدّين، والمسلِمُ لا يسعَى إلاّ في صلاحِ دينه ودنياه" انتهى كلامه رحمه الله.

وقد اجتمَعَ الفقهاء عند الإمامِ أحمد رحمه الله حين اشتدَّت فتنةُ القولِ بخَلق القرآن، وقالوا له: إنَّ الأمرَ قد تفاقَمَ وفشَا، فَحاوَرَهم وناظَرَهم ثمّ قال: "عَليكُم الإنكارُ في قلوبِكم، لا تخلَعوا يدًا من طاعة، ولا تشقّوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءَكم ودماء المسلمين معكم، وانظُروا في عاقبة أمرِكم، واصبروا حتى يستريح برٌّ ويُستراح من فاجِر"، رحمه الله من إمامٍ فقيهٍ بصيرٍ ناصح.

عبادَ الله، إنَّ المؤمنَ الذي يبتَغي الحقَّ وينصِف من نفسِه ويتأمَّل في كِتابِ الله وما صحَّ مِن سنّة رَسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قولاً وعملا وتقريرًا ينظر هذه النصوصَ في اجتماعِ الكلمة وحِفظ حقّ الأمة والأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر وعذابه والتناصح وحبّ أهل الإسلام، ثمّ ينظر في كلام المحققين من أهل العلم، وبخاصّة أولئك الذين باشروا الدعوةَ وخالطوا الحكّامَ، وعَلِم أنه موقوفٌ بين يدَي الله ومَسؤولٌ عمَّا يقول وما يفعل، فإنه يقف عند حدِّه، ويخشى العاقبةَ على نفسِه وعلى أمّته، أمّا من غلبه الهوى والجهلُ وأُعجِب برأيه وانحازَ إلى فئةِ الأغرار فلاَ حيلةَ فيه، وَمَنْ يُرِدْ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ [المائدة: 41].

ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واسمعوا وأطيعوا، واحفظوا حقَّ الولايةِ وحقَّ الأمة باجتماعها وحمايتِها وتجنيبِها تسلُّطَ أعدائها، فلا يسلم ـ والله ـ من الفتن إلاّ من راقبَ الله في سرِّه وعلانيته، ووقَف عند أقواله وأفعاله وحرَكاته وسكناتِه، ونظر في عاقبة أمره ومآله، وراجع أهلَ العلم والبصائر والمعرفة أصحابَ الأقدام الراسخة في الفهم والنظر.

ومن زين لكم ـ أيّها الشباب ـ ما أنتم فيه فاعلَموا أنه مِنفاخُ سوء، يبدي لكم ما تخفِي كيره، ويلبِّس عليكم دينَكم. اعرِفوا نعَمَ الله علينا وعليكم في الأمن والإيمان واجتماعِ الكلمة ووحدَة الدّين والدولةِ، فإنَّ النعم إذا شكِرَت زادت وقرَّت، وإذا كُفِرت وجحِدَت وبُطِرَت زالت وفرَّت، وعليكم بالنَّظر الصادِق الناصِح المخلِص فيما يصلح به أمرُ أهل الإسلام ويسدّ بابَ الفِتنة ويردمُ سبيل الفُرقة؛ نصحًا لله ولكتابه ولرسولِه ولأئمّة المسلمين وعامّتهم، فليس لهذه المسالك ـ والله ـ إلا غاية وخيمةٌ وعاقبة ذميمة، ولله عاقبة الأمور.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الأنفال: 24-26].

نفعني الله وإيَّاكم بالقُرآنِ العظيم وبهَدي محمّد ، وأقول قَولي هذا، وأستغفِر الله لي ولكم ولِسائر المسلِمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنه هو الغَفور الرَّحيم.


الخطبة الثانية


الحمد لله، لا مانعَ لما أعطاه، ولا رادَّ لما قضاه، أحمده سبحانه وأشكُرُه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله، وأشهد أنّ محمّدًا رسول الله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.

أمّا بعد: أيُّها المسلمون، ما خرَج من خرَج عن جادّةِ الحقّ والوسَط جادّةِ المسلمين في علمائِهم وولاتهم إلاّ سلَك أحدَ طريقين، إمّا الجفاء والإعراض، وإما الغلو والإفراط والتنطّع، وهذه من مصائدِ الشيطان ومكائدِه، وقد قال الله في أقوامٍ محذِّرًا سلوكَ مسالِكهم واتِّباعَ طريقهم: لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة: 77].

وإن من يتأمّل في أوضاع الأمة وفي سنواتها المتأخِّرَة وينظرُ في شبابها وبَعضِ المنتسِبين إلى العِلم فيها ويتأمَّل ما تعيشُه في بعضِ أقطارِها من الهرج والمرجِ والخِلافِ بل التقتيل والتشريد يُدرك أنَّ هناك مشروعاتٍ للفتن بين أبنائِه على كلِّ المستويات والأقطار، وكأنهم يريدون أن لا تبقى ديارُ الإسلامِ مُستقِرَّة مطمئنّة آمنةً متَّحِدة.

إنها فِتنٌ يُراد نَشرُها في كلِّ قطر وإقليم، ومِنَ المؤسِف حقًّا أنَّ الناسَ والدوَلَ قليلاً ما تتعلَّم من دروس الماضي وعِبَر التاريخ القريبِ منه والبعيد، ولو كان هناك استفادةٌ ونظَر وصِدق وحبّ وإخلاص، ناهيكم أن يكونَ هناك دينٌ حاجز وعقل مانع، لو كان ذلك كذلك لما رأيتَ مَن يندفع بجهالةٍ في الاشتراكِ في هذه الفتنِ وإشعالِها مع أنّه ـ والله ـ لا رابِحَ إلاّ الذين يقِفون من ورائها خارجَ الحدود.

وبعد: عبادَ الله، فإنَّ مِن أعظم أسبابِ السعادة والفلاح في المعاشِ والمعاد الانتظامَ في سِلك أهل الحق والرشاد وجماعةِ المسلمين، وأعظمُ أسباب السلامة البعدُ عن سبُل الغيّ والفساد وطريق الضالين واقتباس نورِ الهدى من محلِّه والتماس العلم النافع من حمَلَته وأهلِه، إنهم أهلُ العِلم والدّين والإيمان الذين بذلوا أنفسَهم في طلب الحق وهداية الخلق، حتى صاروا شهودًا لهم في الهداية والعدل، وصانوا أنفسَهم عن صفات أهلِ الضلال والغي.

ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واسمَعوا وأطيعوا، وأحسِنوا واستقيموا، وقولوا قولا سديدا؛ يصلِح لكم أعمالكم ويغفِر لكم ذنوبكم.

هذا، وصلّوا وسلِّموا على الرحمةِ المسداة والنِّعمة المهداةِ نبيِّكم محمّد رسول الله، فقد أمركم بذلك المولى جلَّ في علاه، فقال عزَّ قائلا عليمًا في محكم تنزيله قولاً كريمًا: إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد النبيّ الأمّيّ المصطفى الهادي الأمين...[/QUOTE]
معيض بن صميع غير متواجد حالياً  
قديم 30-04-2007, 11:30 AM
  #30
عمر الغريب
موقوف
 الصورة الرمزية عمر الغريب
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 364
عمر الغريب is a jewel in the roughعمر الغريب is a jewel in the roughعمر الغريب is a jewel in the rough
افتراضي رد : حرب البسوس 1428 هجريه بين (( ... و ... )) ؟

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معيض بن صميع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


إليك خطبة الجمعة للشيخ ابن حميد وآمل أن تتمعن في ماورد بها جيدا قبل أن تتخذ القرار بالرد


لعل وعسى ..


مع التقدير ..




الخطبة الأولى

أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رَحمكم الله، فالعَجَبُ لمن يأنس بالدنيا وهو مفارِقُها، وكيف يأمَن النارَ من هو وارِدُها، يلهو من يقودُه عمره إلى أجله، ويغفَل من أنفاسه تخطُو به إلى مصيرِه، بقاؤُه قائده إلى فنائه، وصحَّتُه تسوقه إلى سقَمِه، وما يُؤتى الحذِرُ إلاّ من مأمنه. فالجدَّ الجدَّ ـ رحمكم الله ـ قبلَ حلولِ المنَايا، والتوبةَ التوبةَ مِن الذنوب والخطَايا، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر: 5، 6].

أيُّها المسلمون، قبلَ أيامٍ قلائِل عُقِد مؤتمرٌ في هذه البلاد الطيِّبَة اجتمع فيه قادَةٌ من قيادات المسلمين، كان اجتماعَ إخلاصٍ ومصارَحَة وتصميم وصلابةٍ ونقد بنّاء وقرارات فاعلة، فكانت الثمارُ كبيرةً والآثار عظيمة، فسدَّدَ الله الخُطَى وبارك في الجهودِ وهَدَى للتي هي أقومُ.

معاشِرَ الأحِبَّة، وفي سياقِ المكاشَفَةِ ومَسلَك المصارَحَة والنقدِ البنَّاء ونهجِ الإصلاح الذي تنتَهِجه هذه البلادُ بقيادتها وما يَنبَغي أن تسيرَ عليه الأمة في قياداتها ومسؤوليها ومفكِّريها، في هذا النهج وفي ذاتِ السياق وفي حديثٍ للشباب وخطابٍ لطلبة العِلم ولكلِّ مريدٍ للإصلاح وناصح لنفسِه ودينه وأمّته وبلاده وولاة أمرِه لنَرجِعْ إلى الوراءِ قليلاً بِضعَ سنين، حينما بَدَأ يَظهَر الصَّلاح على الناشِئَة والشبابِ، وفَشَت فيهم مظاهِرُ الاستقامة والمحافَظة على الدين وشعائره، فعُمرت المساجد، وأُحيِيَ ما اندرسَ من بعض السنن والفضائل، وازدحمت مجالس العلم، وزَخَرتِ المكتبات الإسلاميّة بإنتاجٍ علميّ مبارَك في شَتى فنونِ العلوم والمعارف والتخصُّصات الإسلاميّة والدعوية من مقروء ومسموع، وانتَشَرَت المراكز الإسلامية، ونمت الجهود الدعويّة، وانتشرت الأعمال الخيريّة والإغاثات المادّية، ليس في ربوع العالم الإسلاميّ فحسب، ولكن في أرجاء الدنيا كلِّها، وشعَر الناس بالخير العميمِ والأمَل العَظيم؛ صلاحٌ ونَشاط واستبشار وآثار وإنتاج، لم يكن قاصرًا على المنتسبين إلى العلوم الشرعية فحَسب، بل عمَّ العلومَ والأعمال في أهل الإسلامِ أجمعين، صلاحٌ في الرِّجال وفي النساء، وانتشرت الفضيلةُ، وظهرت مظاهِرُ الصّلاح، وتَقَارَبَت النفوس.

أيُّها المسلمون، أيُّها الأحبَّة، هذا الامتداد والانتِشار ومظاهِرُ الوئام لم يدُم طويلا, بل سُرعانَ ما تقلَّص هذا المدّ المبارك عندما ذرّ قَرن الخلافِ والتناحر الفكريّ، وارتَفَع الغلوُّ والتعصّب في صفوفِ أهل الحقّ، وادَّعَى الواحِدُ والفِئَة أنّه وحدَه صاحبُ الحقّ والمستقيمُ على السنة، فارتفعت الأصواتُ بالاتهامات والمثالب، واستُهدِف العلماءُ والحكام، وقامت دولة الإشَاعَات في كلِّ وَسيلة وفي كلِّ مجتمع وناد، في المجالس العامّة والخاصّة، وهم في ذلك على مراتِب؛ مُقِلٌّ ومُكثر، ومُظهِر ومُستَخفٍ، فأُوغِرَت الصدور على أهل العلم وولاةِ الأمور وأهلِ الصلاح، وأُسقِطَت هيبة كلِّ ذي هيبة، وتزعزع مفهومُ السّمع والطاعة والولاءِ والبراء، وسَرَت بِدَعُ التكفيرِ والتَّبدِيعِ والتفسِيقِ حتى كُفِّر الموَظَّفون والجنودُ والطلابُ، وسَرَت الوَقيعةُ في أهلِ العلم، ولا سيّما ... ورموزهم وقياداتهم، واتُّهِموا بالسَّطحيّة والجَهل بالواقِع والمداهَنَة وبيع الدين بالدنيا؛ مما لا يجوز أن يتفوَّه به عاقل، فضلا عن أن يعتقدَه مسلم ممن ينتسب إلى أهلِ العلم والدين والصلاح.

والله، لقد أسرفوا على أنفسِهم، وأسرَفوا في حقّ غَيرهم، اشتغَلوا بتتبّع العثرات وتعقُّب الأخطاءِ والزّلاّت وتضخيمِها ونشرِها، فكانت الأخطاء عندهم بِدَعًا والغلطاتُ مروقًا، وشاع فيهِم الهَجر والتَّهاجُر، جرأةٌ في التجهيلِ والتَّضليل، ناهيكم بالتّكفير والتّبديع والتّفسيق. ثم ماذا؟
ثم كانتِ الفتنةُ والفُرقة، فِتنةٌ للجاهل والعَامّة، وفرقةٌ في الأمّة، وسُخرِيّة من العدوّ وأهل الفُجور، فتنةٌ استبِيحَت فيهَا الأعراضُ ولحومُ الناس ودماؤُهم، وقودُ هذا كلِّه شبابٌ أغرار، قلَّت بضاعتُهم في علم الشَّرع، ونقَص فقههُم في الدّين، وضَعُف رأيُهُم في إدراك العواقِبِ والمآلات، شبابٌ غضٌّ دُفِع به إلى أتونِ العنف والموتِ والقَتل والإرهابِ، لا يسمَعون نصحَ ناصح، ولا يقبلون توجيهَ عالم، بل إنهم ليسفِّهون العلماءَ، ويتّهمون أهلَ الصّلاح، ويشكِّكون في المخلصين.

وفي حكم بعض الأمم: "الضجيجُ العظيم تصدِرُه الأواني الفارغة"، إنها حكمةٌ تجسِّد حقيقةَ سالكي مسالِكِ العنف والقتل الذين يملأ ضجيجُهم الدنيا وهم خلوٌ من العلم والفقه وصحيح التدين. أغرارٌ يائِسون بائسون أغلَقوا على أنفسهم المنافِذَ، وسَدّوا الأبواب، وأحكموا الإغلاقَ، لم يجعلوا لأنفسهم خياراتٍ ولا اختِيارات، ومن وسَّع الخياراتِ على نفسه كان أرشدَ وأصلح وأوفَق، توسيعُ المنافذِ والمخارج خيرٌ من طريقٍ واحِد ضيِّق يحمِل على اللّجاجة والغَضَب، ويؤزُّ الشيطانُ فيه أزًّا، فيكون صاحِبُه مغلولَ اليدين إلاّ مِن الانتقام والتشفِّي وإزهاقِ نفسِه ونفوسِ الآخرين. أغلقوا على أنفسِهم، وانطوَوا إلى فِئَتهم، لا يسمعون نصحَ ناصح، ولا يبالون بتوجيهِ موجِّه واعتراضِ معترِض. ولو تأمَّلوا بِعينِ البَصيرةِ ونَظَروا بفِقهِ الدين ومسالِكِ الورَع لوجدوا أنهم أسرى عقولٍ وفُهوم بعيدةٍ عن منهج الشَّرع وأنوارِ النبوَّة، بل إنهم أسرَى هَوى خفيٍّ لم يدَع لهم سبيلاً للتَّصحيح والمراجَعةِ.

ومِن الغريب العجيبِ ـ أيّها المسلمون ـ أن التاريخَ هنا يعيد نفسَه، فهذه البليَّة هي التي ابتُلِيَ بها الإسلامُ في أَواخِر عهدِ الصَّحابة رِضوان الله عليهم، فالإِسلامُ لم يضارَّ إلاّ بمثل أصحابِ هذه العقول والفهوم غيرِ الراشدة، أصواتٌ عالِيَة وأفعال قاتلة. إنها فتنةُ الخَوض والشغَب والإشاعاتِ والكلام في الفتن والقَدح في الأئمّة والافتيات عليهم، ضلّوا وأضلّوا، يتكلَّمون في دينِ الله بالظنِّ والخَرص، فصارُوا فتنةً للمفتونين ورُؤساءَ للجاهلين. ولقد وصَف عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أسلافَهم وهو الذي أدرَكَهم ونظَرَ في مسالكهم فقال: (أتباعُ كلِّ ناعق، يميلون مع كلِّ داعٍ، لم يستضيئوا بِنورِ العلم، ولم يلجَؤُوا إلى ركنٍ وثيق).

أيّها المسلمون، ومن أبرزِ ما أدخَلَ عليهم الشيطان أمور عظام ثلاثة، وقد تكون هذه الأمورُ معلومةً، ولكنّ الحديثَ عنها والتذكير بها بعدما تجلّى من أوضاع الأمة وأحوالها وما آلت إليه يحتاجُ هذا إلى مزيدِ تأكيد وتذكير.

أول هذه الأمور: إساءةُ الظنِّ بولاة الأمور وعدَمُ الطاعة والخروجُ على الأئِمّة والاستخفاف بالولاية والجرأةُ على مخالفة وليّ الأمرِ والافتيات عليه، وهذا كما يقرِّر مشايخُنا والمحقِّقون من أسلاف علمائنا هذا والله من دين الجاهلية الذين لا يرَونَ السمع والطاعةَ دينًا، بل كلّ منهم يستبدّ برأيه، وهذا من الجهل بالدين والسعيِ في الأرض بالفسادِ، ويعرِف ذلك كلُّ ذي عقلٍ وإيمان. وهذه الأحوال والآثار والنتائج ظاهرةٌ ماثلة في ديار ضعُفت فيها الولايَة، فسالت فيها الدماء، وتفرّق أهلها، وتمكَّن الأعداء والمفسِدون منها، عياذًا بالله ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقد عُلِم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دينَ إلا بجماعة، ولا جماعةَ إلاّ بإمام، ولا إمامَ إلا بالسمعِ والطاعة.

الأمر الثاني: الوقوعُ في أهلِ العلم واتهامُهم بالمداهَنَة والضعف والسكوتِ عن البيان وسوء ُالظنّ بهم وعدم الأخذ عنهم، ولقد قال علماؤنا من أئمّة هذه الدعوة وتلاميذهم: وهذا سببٌ للحرمان من العلم النافع، والعلماءُ هم وَرَثَة الأنبياء في كلّ زمانٍ ومكان، فلا يُتلقَّى العلم إلاّ عنهم، فمن زهد في الأخذ عنهم ولم يقبَل ما نقلوه وقرّروه فقد زَهدَ في ميراث المرسلين، واعتاضَ عنه بأقوالِ الجهلة الخالصين، ومن وقع في أهل العلم بالعيبِ والثَّلبِ ابتلاه الله بموتِ القلب، وهذا هو والله ما يُخشَى على هؤلاء الشبابِ الأغرار ومن سلك هذه المسالك.

الأمر الثالث: الوقوعُ في الغُلوّ والتَّنطّع الشَّديد وجهلُ كثيرٍ مِنهم بمقاصِدِ الشريعة وأصولها وقواعِدِها الكلّيّة، أو عدم التوفيق في مراعاة ذلِك كلِّه؛ مما جعلهم لا يبالون بالعواقب ومآلاتِ الأفعال، فكان منهم الانحرافُ عن فهمِ أهلِ الحقّ القائمِ على العلم والعَدل في التعامُل مع المخالف. فيا لله! كم بَدَا من بعض هؤلاء من جعلِ مسائِلِ الاجتهاد من جملة مسائِلِ الأصول التي يُعقَد عليها الولاءُ والبراء، بل كم كفَّروا بمعاصِي أو بقيودٍ أحدثوها وأوصافٍ اخترَعوها، وأحدثوا مسائلَ مَن خالف فيها لا يقبلون منه صرفًا ولا عدلاً، ولا تنفَعه عندهم شَفاعةُ الشافعين؛ فخَرَجوا من الانتصارِ للحَقِّ إلى الانتصارِ إلى الهوَى والفِئَة والحِزب والطائفة، حتى دخلت الأمّة في سراديبَ مظلمةٍ وأنفاق طويلةٍ ملتَويَة من الإفسادِ والحِرابة والبغيِ والقتل والتفجيرِ والتّخريب ونقضِ البيعة والخروج عن الطاعة.

هذا كلُّه قد حَصَل، فماذا كانتِ النتيجة يا عباد الله؟
ماذا كانتِ النتيجة مع أن هذه نتيجة؟ كانت النتيجة ضعفٌ في الدين وانحسارٌ في الدعوة وتجفِيف لمنابعِ الخير وتسلّط من الأعداء وفشوٌّ للتحزّب والتعصّب، فخسر أهل الحقّ، وكسب أهل الباطل، واتَّخَذ الأعداءُ هذه الأحوالَ والشتات سُلَّمًا وذرائع للنيل من الدين وأهله ودِيارِه، ولا حول ولا قوّةَ إلاّ بالله العليِّ العظيم.

يا إِخوتَنا، يا أبناءَنا، الهدمُ سهل، وسَفكُ الدماء إذا فتِح صعُب إيقافه، وإذا استُرخِصَت النفوسُ عمَّت الفوضى. البِناءُ هو الصَّعب، تربيةُ النفوس وإِصلاحها أصعَب، وهذا هو طريقُ المرسلين. إنَّ هذه التصرفاتِ التدميريّة والسلوكيّات القاتلة لا تبني بيتًا، ولا تعمر مسجدًا، ولا تفتَح مدرسةً، ولا تعلّم جاهلا، ولا ترشِد ضالاًّ، ولا تطعِم جائعا، ولا تعالج مريضًا. حُسنُ النية وصلاحُ القصد إذا وجِد فإنّه لا يكفي وحدَه البتة، بل لا بدَّ أن يقتَرنَ به صحّة المنهج وحسنُ العمل وإيجابيَّةُ الأثر، وبخاصّة الأعمال المتعدّية التي تمسّ الأمّةَ والديار.

أيّها المسلمون، إخوتَنا وأبناءَنا، العِصمةُ ليست لأحدٍ مِن البَشر سوى أنبياء الله فيما يبلِّغون عن الله، والحقُّ ضالّة المؤمن، ومن ابتغى في الناس الكمال فقد طلب المحالَ، والخطأُ من ولاةِ الأمورِ وأهل العلم واردٌ وواقِع، ومَن أراد الحقَّ وتصويبَ الخطأ فليَبحَث عن ذلك بطريقِه، وليصَحِّح ولينصَح بأسلوبِ الحكمة، مَع حسن القصدِ وحِفظ بيضةِ المسلمين وهَيبةِ الأئمّة وأهلِ العلم.

اسمعوا هذا الكلامَ النفيس لشيخِ الإسلام محمّد بن عبد الوهّاب رحمه الله، وهو من هو في إمامتِه وقوَّته وصدقِه وجهاده، يقول رحمه الله: "إنّنا نرى بعضَ أمورٍ تجرِي وننصَح إخواننا في هذا البابِ، إنَّ بعضَ أهل العلم ينكِر منكرًا وهو مُصيبٌ، ولكنّه يخطئُ في تغليظِ الأمرِ إلى شَيءٍ يوجِبُ الفُرقَة"، قال رحمه الله: "الخللُ يدخُل على صاحبِ الدين من قلَّةِ الفهم"، ويَقول في مقامٍ آخَر: "إنَّ إنكار المنكر إذا صارَ يحصُل بسببه افتراقٌ لم يجُز إنكارُه، فاللهَ اللهَ العملَ بما ذكرنا والتفقّه فيه، فإنكم إن لم تفعَلوا صار إنكارُكم مضرّةً على الدّين، والمسلِمُ لا يسعَى إلاّ في صلاحِ دينه ودنياه" انتهى كلامه رحمه الله.

وقد اجتمَعَ الفقهاء عند الإمامِ أحمد رحمه الله حين اشتدَّت فتنةُ القولِ بخَلق القرآن، وقالوا له: إنَّ الأمرَ قد تفاقَمَ وفشَا، فَحاوَرَهم وناظَرَهم ثمّ قال: "عَليكُم الإنكارُ في قلوبِكم، لا تخلَعوا يدًا من طاعة، ولا تشقّوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءَكم ودماء المسلمين معكم، وانظُروا في عاقبة أمرِكم، واصبروا حتى يستريح برٌّ ويُستراح من فاجِر"، رحمه الله من إمامٍ فقيهٍ بصيرٍ ناصح.

عبادَ الله، إنَّ المؤمنَ الذي يبتَغي الحقَّ وينصِف من نفسِه ويتأمَّل في كِتابِ الله وما صحَّ مِن سنّة رَسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قولاً وعملا وتقريرًا ينظر هذه النصوصَ في اجتماعِ الكلمة وحِفظ حقّ الأمة والأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر وعذابه والتناصح وحبّ أهل الإسلام، ثمّ ينظر في كلام المحققين من أهل العلم، وبخاصّة أولئك الذين باشروا الدعوةَ وخالطوا الحكّامَ، وعَلِم أنه موقوفٌ بين يدَي الله ومَسؤولٌ عمَّا يقول وما يفعل، فإنه يقف عند حدِّه، ويخشى العاقبةَ على نفسِه وعلى أمّته، أمّا من غلبه الهوى والجهلُ وأُعجِب برأيه وانحازَ إلى فئةِ الأغرار فلاَ حيلةَ فيه، وَمَنْ يُرِدْ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ [المائدة: 41].

ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واسمعوا وأطيعوا، واحفظوا حقَّ الولايةِ وحقَّ الأمة باجتماعها وحمايتِها وتجنيبِها تسلُّطَ أعدائها، فلا يسلم ـ والله ـ من الفتن إلاّ من راقبَ الله في سرِّه وعلانيته، ووقَف عند أقواله وأفعاله وحرَكاته وسكناتِه، ونظر في عاقبة أمره ومآله، وراجع أهلَ العلم والبصائر والمعرفة أصحابَ الأقدام الراسخة في الفهم والنظر.

ومن زين لكم ـ أيّها الشباب ـ ما أنتم فيه فاعلَموا أنه مِنفاخُ سوء، يبدي لكم ما تخفِي كيره، ويلبِّس عليكم دينَكم. اعرِفوا نعَمَ الله علينا وعليكم في الأمن والإيمان واجتماعِ الكلمة ووحدَة الدّين والدولةِ، فإنَّ النعم إذا شكِرَت زادت وقرَّت، وإذا كُفِرت وجحِدَت وبُطِرَت زالت وفرَّت، وعليكم بالنَّظر الصادِق الناصِح المخلِص فيما يصلح به أمرُ أهل الإسلام ويسدّ بابَ الفِتنة ويردمُ سبيل الفُرقة؛ نصحًا لله ولكتابه ولرسولِه ولأئمّة المسلمين وعامّتهم، فليس لهذه المسالك ـ والله ـ إلا غاية وخيمةٌ وعاقبة ذميمة، ولله عاقبة الأمور.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الأنفال: 24-26].

نفعني الله وإيَّاكم بالقُرآنِ العظيم وبهَدي محمّد ، وأقول قَولي هذا، وأستغفِر الله لي ولكم ولِسائر المسلِمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنه هو الغَفور الرَّحيم.


الخطبة الثانية


الحمد لله، لا مانعَ لما أعطاه، ولا رادَّ لما قضاه، أحمده سبحانه وأشكُرُه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله، وأشهد أنّ محمّدًا رسول الله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.

أمّا بعد: أيُّها المسلمون، ما خرَج من خرَج عن جادّةِ الحقّ والوسَط جادّةِ المسلمين في علمائِهم وولاتهم إلاّ سلَك أحدَ طريقين، إمّا الجفاء والإعراض، وإما الغلو والإفراط والتنطّع، وهذه من مصائدِ الشيطان ومكائدِه، وقد قال الله في أقوامٍ محذِّرًا سلوكَ مسالِكهم واتِّباعَ طريقهم: لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة: 77].

وإن من يتأمّل في أوضاع الأمة وفي سنواتها المتأخِّرَة وينظرُ في شبابها وبَعضِ المنتسِبين إلى العِلم فيها ويتأمَّل ما تعيشُه في بعضِ أقطارِها من الهرج والمرجِ والخِلافِ بل التقتيل والتشريد يُدرك أنَّ هناك مشروعاتٍ للفتن بين أبنائِه على كلِّ المستويات والأقطار، وكأنهم يريدون أن لا تبقى ديارُ الإسلامِ مُستقِرَّة مطمئنّة آمنةً متَّحِدة.

إنها فِتنٌ يُراد نَشرُها في كلِّ قطر وإقليم، ومِنَ المؤسِف حقًّا أنَّ الناسَ والدوَلَ قليلاً ما تتعلَّم من دروس الماضي وعِبَر التاريخ القريبِ منه والبعيد، ولو كان هناك استفادةٌ ونظَر وصِدق وحبّ وإخلاص، ناهيكم أن يكونَ هناك دينٌ حاجز وعقل مانع، لو كان ذلك كذلك لما رأيتَ مَن يندفع بجهالةٍ في الاشتراكِ في هذه الفتنِ وإشعالِها مع أنّه ـ والله ـ لا رابِحَ إلاّ الذين يقِفون من ورائها خارجَ الحدود.

وبعد: عبادَ الله، فإنَّ مِن أعظم أسبابِ السعادة والفلاح في المعاشِ والمعاد الانتظامَ في سِلك أهل الحق والرشاد وجماعةِ المسلمين، وأعظمُ أسباب السلامة البعدُ عن سبُل الغيّ والفساد وطريق الضالين واقتباس نورِ الهدى من محلِّه والتماس العلم النافع من حمَلَته وأهلِه، إنهم أهلُ العِلم والدّين والإيمان الذين بذلوا أنفسَهم في طلب الحق وهداية الخلق، حتى صاروا شهودًا لهم في الهداية والعدل، وصانوا أنفسَهم عن صفات أهلِ الضلال والغي.

ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واسمَعوا وأطيعوا، وأحسِنوا واستقيموا، وقولوا قولا سديدا؛ يصلِح لكم أعمالكم ويغفِر لكم ذنوبكم.

هذا، وصلّوا وسلِّموا على الرحمةِ المسداة والنِّعمة المهداةِ نبيِّكم محمّد رسول الله، فقد أمركم بذلك المولى جلَّ في علاه، فقال عزَّ قائلا عليمًا في محكم تنزيله قولاً كريمًا: إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد النبيّ الأمّيّ المصطفى الهادي الأمين...
[/QUOTE]


وزعها لأقرانك فالحق أحق أن يتبع..............................
عمر الغريب غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصة الزير سالم كاملة.....؟ ابو سام المجلس الـــــعــــــــام 28 03-04-2008 11:47 PM
مناسك الحج و العمرة اللبيب مجلس الإسلام والحياة 6 28-04-2007 02:39 PM


الساعة الآن 05:11 PM

سناب المشاهير