ابليس يطلب آخر فرصة

الساعة تشير للثانية فجراً وهو في استجرار للهموم واستعذاب للآلام وأخذ يسائل نفسه : ما الذي حدث ؟؟ لم أكن هكذا , لم أكن أكاد أضع رأسي على الوسادة حتى تتسابق إليه الأحلام الجميلة .. إنها ولا شك تلك الليلة .. تنهد ووضع رأسه بين كفيه النحيلتين وأخذ يتذكر تلك الليلة.. يتبادر إليه صوت زميله أحمد وهو يناديه:هيا يا إبراهيم لابد أن تخرج معنا الليلة .. إلى متى تظل منفرداً لا تصاحب أحداً ولا تقضي وقتك كباقي الشباب,هيا لتعرف معنى السهر؟؟واستجاب إبراهيم بعد تردد. إنها أول مرة يخرج مع الشباب فقد كانت حياته تمشي على نظام معين ولكنه لبّى دعوة أحمد لأنه ملّ النظام ورتابته وكان يريد أن يجرّب الجديد , كانت تلك الليلة تحولاً في حياته فقد تعلّم فيها أموراً جديدة على فطرته,عرف الكأس وكان هو عربون التعارف مع الانحرافات الأخرى وأًصبح يقضي لياليه مع أولئك الزمرة , لعبٌ وشرب وعبث .
وفي إحدى الليالي وبعد أن رجع من صحبة العبث دخل غرفته ووقف أمام المرآة ليغسل وجهه وعندما رأى وجهه في المرآة رأى وجهاً غير وجهه,فبعد أن كانت البراءة تقطر من وجهه رأى آثار المعصية ورأى عبوسا لم يعهده في ملامحه فبكى بكاءً مريراً نادما على ما بدر منه وعزم في نفسه أن لا يعود إلى المعصية وكان عزماً صادقاً.
ومن بعد تلك الليلة اعتزل أولئك الزمرة وتاب عن مصاحبتهم , وفي إحدى الليالي وبينما كان مسترخياً في فراشه وإذا بالهاتف يرن وكم كانت دهشته عندما سمع فتاة تهاتفه,إنها فرصة أخرى يقدّمها ابليس وكان اختبارا لصدق توبته ولكن سقط في الاختبار وانجرف وراء نفسه الأمارة بالسوء وتوالت المكالمات , وأحس ابليس بنشوة الانتصار , وعادة الكؤوس ليجمع إلى السوء الحشف وكان يقوم من معصية ليقع في أخرى ويالضحك ابليس !!
وعاد من شريط الذكريات ليذرف دمعة كانت آخر دمعة على شبابه الذي أضاعه في بحر المعاصي وعلى نفسه التي أصبحت طيّعة مستسلمة لإغراءات ابليس , وعزم في نفسه أن يتوب التوبة النصوح , وقام يناجي ربه يطلبه المغفرة والرحمة وقضى ليله في صلاة وخشوع حتى أدركه الفجر .
بعد أن خرج من صلاة الفجر احس أنه إنسان آخر-ولا غرو فالتوبة تجب ما قبلها-وقال في نفسه لابد أن افتتح حياتي الجديدة بعمل خير , ومشى وهو يفكر فيما يبدأه من عمل خير فانتهى به الطريق عند شيخ جالس ينكت بعصاه الأرض فاقترب منه ثم حيّاه فقال له الشيخ:أتدري من أنا؟ فقال ابراهيم :لا لا أدري , فقال :انا ابليس , وقد علمت أنك تبت من مصاحبتي في طريق المعصية , ولا ألومك , وإنما أريد منك أن تقيلني وأن تسامحني على إغوائي لك وسأبتعد عنك إلى الأبد...!!
وقف ابراهيم برهة يفكر فيما طلبه منه ابليس وأخذ يستعرض تاريخ ابليس المديد مع البشر فلم تظهر له علامة وفاء واحدة,واستخار الله في نفسه فعلم بخبث ابليس وانه إنما أراد فرصة أخيرة يرجع بها إليه,فقد أراد منه ابليس أن يخالف أمر الله الذي أمر باتخاذ ابليس عدواً وأمر بعدم تصديقه ولو صدّق ابليس وقع في ذنب عظيم,ولو سامحه وغفر له لكان بذلك متأليّاً على الله فالمغفرة والعفو بيد الله وحده وإنما أراده ابليس أن يغترّ كون ابليس نفسه جاءه معتذراً,ولكن الله ثبته فاستعاذ منه ثلاثاً,فأخزاه الله وولّى هارباً وهو يقول:سأعود إليك لاحقاً فسنة الله تقتضي
ذلك..

__________________

الأكفان بلا جيوب

جزاك الله خير يابو الحارث 0
وصدني ان محاربت ابليس اكبر جهاد ولا حول ولا قوة الا بالله 0
نفعنا الله واياك بما كتبت 0

__________________
انا حنيشي وبعشيتي ماتنعمت
ورمز العرب سيف والكيف دله
محبوبتي الجزعه في حبها همت
أعشق سهلها والرجوم المطله
يكفينــي من ربعــي اني تعلمت
إن الركوع لغيــر ربـي مذلـــه