مجنـــــــــــون ليــــــــلى@@@


مجلس عذب الكلام مختارات الأعضاء والقصائد المنقوله

إضافة رد
قديم 27-04-2005, 03:21 PM
  #1
الامبراطور
عضو فعال
 الصورة الرمزية الامبراطور
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: جده
المشاركات: 530
الامبراطور has a spectacular aura aboutالامبراطور has a spectacular aura about
Post مجنـــــــــــون ليــــــــلى@@@

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي قرب إلى جنابه من أحب , والصلاة والسلام
على محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وآله والصحب , وبعد :

هذه معلوماتٌ استقيتها من كتاب : " بسط سامع المسامر في أخبار مجنون بني عامر "
لـ أبي عبدالله شمس الدين محمد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي .
ولقد ذكر الكتاب عددًا من الروايات لكل حادثة ذكر بها قيس بن الملوح , ولكنني
انتقيت من كل حادثة رواية واحدة فقط , ومن أراد الاستزادة فله أن يرجع للكتاب .



قــــــــــــــيـــس بــن الـــــــــمــــلــــوّح (( مــجــــــــنــون لـــيــــلى ))


هو من نسب إليه سلطان الحب , وقد جاءت إليه محبوبته ليلى يوما وهو يقول :
- ليلى .. ليلى
ويلقي الثلج على صدره فيذيبه حرارة فؤاده , فقالت له :
- يا قيس , أنا ليلى
فنظر إليها وقال لها :
- إليكِ عني , فإن حبك شغلني عنك .

وهذا ألطف حال ظهر في هذا الشأن من سلطان الحب , لأن صورتها الظاهرة لما شاهدها
حالت بينه وبين ما كان في خياله منها , فإن خيالها ألطف منها في عينه , فلما أحس بفقد
ذلك اللطف لمشاهدتها قال لها : إليك عني .
وفي ذلك قالوا :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

وعزّة الحب إن الحب أشهدني = عين الحبيب الذي أهواه في خـَـلدي
بحيث لو ظهرت في الحسن صورته = لعين حبي لم أنقص ولم أزدِ
فحال حضرته كحال غيبته = وهذه صفة ٌ لم تُدر في أحدِ
بها خصصت فلا شخصٌ ينازعني = فيها وأهل الهوى عنها على حيدي
لذاك أنكرها من ليس يعرفها = والكل أنكرها إذ كان لم يجدِ
والسر في ذلك أن القوم ما عشقوا = من عالم اللطف إلا عالم الجسدِ[/poem]

الاسم والنسب /

أما عنه فهو : قيس بن الملوّح بن مزاحم بن قيس بن قيس بن عنبسه .

وأما ليلى فهي : ليلى بنت مهدي بن سعد بن ربيعة بن الحريش
وقيل أنها : ليلى بنت ورد من بني ربيعة .

وفي كنيتها قولان :
أحدهما " أم مالك " وبذلك كنّاها المجنون في شعره وهو الصواب
والثاني " أم خليل " وفي بعض شعر المجنون " أم عمرو " على ما يأتي ,
وهي من بني عامر , ولهذا يقال لها ليلى العامرية .

بداية معرفة المجنون بليلى /


ذكر بعضهم أن قيسا خرج فمر بامرأة من بني عقيل , وكانت امرأة عاقلة , وكان بنات الحي
يجلسن عندها , ويتحدثن وينشدن الأشعار , فلما رأت قيسا دعته إلى النزول عندها , فنزل
عندهن , وتحدث معهن وأنشدهن , وقد عجبن من فصاحته , وإذا ليلى قد أقبلت , فلما رآها
فتن بها , فلما رأته تلك المرأة كذلك قالت : ما بالك يا قيس قد ضل عقلك؟ فقال : من يرى
مثل هذه الصورة كيف لا يضل عقله ؟! فسألت تلك المرأة ليلى أن تجلس معهن ففعلت ,
فانحرف قيس نحوها وعلق قلبه بها , وعلقته هي أيضا , فلما أمسوا انصرف قيس وبات
بأطول ليلة , فلما أصبح مضى وجلس إليهن , ثم جاء فتى من حي ليلى يدعى منازل فأقبلت
عليه ليلى وتركت قيسا , فكادت نفسه أن تذهب , فلما مضى أنشد قيس :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

أأعقر من أجل الكريمة ناقتي = ووصلي مقرونٌ بوصل منازل ِ
إذا جاء قعقعنّ الحلى ولم أكن = إذا جئت أرجو صوت تلك الخلاخل ِ
ولم تُغن عني بردتي وتجمّلي = وقومي ونسلي من كرام ٍ أفاضل ِ
إذا ما اتفقنا في الحديث فضلتهُ = وإن رام وصلاً كان أكرم واصل ِ
وإني من إعراضها متألمٌ = قليل العزا والصد لا شك قاتلي[/poem]

فلما قال ذلك قالت :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
كلانا مظهرٌ للناس بغضًا = وكلٌ عند صاحبه مكينُ
وندفع بالتجمّل ضغن قوم ٍ = وفي الأحشاء منك هوىً دفينُ
ونظهر جفوةً من غير حقد ٍ = وحبك في فؤادي ما يبينُ
فطب نفسًا بذلك وقرّ عينًا = فإن هواك في قلبي مصونُ[/poem]

فلما سمع ذلك فرح ورجعت نفسه , فلم يزل معهن حتى أمسى ,
ثم ذهب فبات بأطول ليلة , وجهد أن ينام فلم يقدر , فأنشأ يقول :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

نهاري نهار الناس حتى إذا بدا = ليَ الليل هزّتني إليك ِ المضاجعُ
أقضي نهاري بالحديث وبالمُنى = ويجمعني والهم بالليل جامعُ
لقد ثبتت في القلب منك محبةٌ = كما ثبتت في الراحتين الأصابعُ
ولو كان هذا موضع العتب لا شتفى = فؤادي ولكن للعتاب مواضعُ
وأنت التي صيرتِ جسمي زجاجةً = تنمّ على ما تحتويه الأضالعُ
أتطمع من ليلى بوصل وإنما = تضرّب أرقاب الرجال المطامعُ[/poem]

فلما أصبح غدا فوجدها مع أمها فلم تقدر أن تكلمه . فأنشأ يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أخاف هواها تاركي بمضلّةٍ = من الأرض لا مالٌ لديّ ولا أهلُ
ولا صاحب ٌ أشكو إليه بليّتي = ولا وارثٌ إلى المطيّة والرحلُ
محا حبها حبّ الألىَ كنّ قبلها = وحلّت مكانا لم يكن حُل من قبلُ
فحبيها حبٌ قد تمكّن في الحشا = فما إن أرأى حبا يكون له مثلٌ[/poem]


فرجع وفي نفسه أشد من ذلك , ثم استمر به الحال من ذكرها , وقد لقيه ابن عم له فقال :
يا أخي اتق الله في نفسك , فإن الذي أنت فيه من عمل الشيطان , فازجره عنك .
فأنشأ يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يا حبّذا عملُ الشيطان من عمل = إن كان من عمل الشيطان حُبّيها[/poem]

في ذكر تزايد أمره وقلة صبره ورجوع عقله عند ذكراها /

كان المجنون يجلس في نادي قومه وهم يتحدثون فيقبل على بعض القوم وهو باهت ينظر
إليه ولا يفهم ما يحدثه به , ثم يثوب عقله فيسأل عن الحديث فلا يعرفه , فحدثه مرة
بعض أهله بحديث ثم سأله عنه فلم يعرفه , فقال : إنك لمجنون . فقال :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

إني لأجلس في النادي أحدثهم = فأستفيق وقد غالتني الغولُ
يُهوى بقلبي حديث النفس نحوكم = حتى يقول جلسي أنت مخبولُ[/poem]

وتزايد أمره حتى فقد عقله , وكان لا يقر في موضع ولا يؤويه رحل , ولا يعلوه ثوب
إلا مزقه , وصار لا يفهم شيئا مما يكلّم به , إلا أن تذكر له ليلى ! فإذا ذُكرت أتى
بالبداية ورجع عقله .
وقيل أن قيسا ذهب إلى ليلى وقد شعروا ببعض أمره
فرأته ليلى ولم تقدر على القيام إليه , فأنشأ يقول :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

أيا ليلُ بكّي لي بعينكِ رحمة ً = من الوجد مما تعلمين وأعلمُ
أليس مجيبا أن تكون ببلدة = كلانا بها يشقى ولا يتكلمُ
لئن كان ما ألقى من الحب أنني = به كلفٌ جمّ الصبابة مغرمُ
فعلّك أن ترثي لعبد متيّم ٍ = فمثلك يا ليلى يرق ويرحمُ
بكى لي يا ليلى الضمير وإنه = ليبكي بما يلقى الفؤاد ويعلمُ[/poem]

( كلف : مولع 000 الضمير : جبل بالشام )

فلما اشتهر أمره لام قيسا أهله على ذلك ,
فصبر عن زيارتها أياما , ثم سار إليها وهو ينشد :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ألا أيها القلب اللجوج المعذّلُ = أفق عن طلاب البيض إن كنت تعقلُ
أفق كما أفاق العاشقون عن الهوى = وأنت بليلى هائم القلب مُتبَلُ
وقد زعمت ليلى بأني سلوتها = وأن سواها حبه لي مكمّلُ
فقلت لها : يا ليل والله إنني = لأوفي بعهدي في الجميل وأفضلُ
هبي أنني أذنبت ذنبا جهلته = ولم آته عمدا وذو الجهل يجهلُ
فقد تبت إليك فها اقبلي = ومثلي إذا ما تاب مثلكِ يقبلُ
عفا الله عما قد مضى لسبيله = فها أنا من ذنبي لكم أتنصلُ
فإن شئت هاكي نازعيني حكومة ً = وإن شئت قلنا إن حكمك أفضلُ
وإن كان هذا الهجرُ هجرَ تدلل ٍ = فقد زادني يا ليل هذا التدللُ
أعلّل منك النفس بالوعد والمُنى = فهل لي بيأس ٍ منك يا ليلى أعللُ
أهيم بكم في كل يوم ٍ وليلةٍ = جنونا وجسمي بالسقام موكّلُ[/poem]


ثم سار حتى جاء منزلهم فلم يجدهم , فجعل يقبّل الأرض ويقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أبوس تـراب رجـلـك ِ يا لـُويـْـلـَى = ولـولا ذاك لــم أدعـَى الــمـصـابا
وما بـَـوسي التراب لحـب أرض ٍ = ولـكـن حـب مـن وطـئ الـتـــرابا
جننت بها وقد أصبحت فيها = محبا أستطيب بها العذابا
ولازمت القفار بكل أرض ٍ = وعيشي بالوحوش نما وطابا[/poem]

ثم صوّر صورة في التراب منها , وجعل يعاتبها ويقول :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

أصوّر صورةً في الترب منها = وأبكي إن قلبي في عذابِ
وأشكو هجرها منها إليها = شكاية مدنفٍ عظم المصابِ
وأشكو ما لقيت وكل وجد = غراما بالشكاية للترابِ[/poem]

( مدنف : مريض )

ولما خلط قيس بن الملوح وزال عقله وامتنع عن الأكل والشرب سارت أمه إلى ليلى فقالت
لها : إن ابني قد جنّ من أجلك وذهب حبك بعقله , وقد امتنع عن الطعام والشراب , فإن
رأيت أن تسيري معي إليه , فلعله إذا رآك أن يسكن بعض ما يجد . فقالت لها : أما نهارا
فما يمكنني ذلك , وإن علم أهلي ذلك لم آمنهم على نفسي , ولكن سأسير إليه في الليل ,
فلما كان الليل سارت إليه وهو مطرق يهذي , فقال له : يا قيس إن أمك تزعم أنك جننت
من أجلي وأصابك ما أصابك , فرقع رأسه فنظر إليها وتنفس الصعداء وأنشأ يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
قالت جُننت على أيش ٍ؟ فقلت لها = الحب أعظم مما بالمجانين ِ
الحب ليس يفيق الدهر صاحبه = وإنما يُضرع المجنون في الحين ِ
لو تعلمين إذا ما غبتِ ما سقمي = وكيف تسهر عيني لم تلوميني[/poem]

ولنوفل بن مساحق أنه رأى يوما قيسا وهو يلعب بالتراب , فدنا منه وكلمه , فجعل يجيبه
بخلاف ما يسأله عنه , فقال له رجل من أهله : إذا أردت أن يكلمك كلاما صحيحا فاذكر له
ليلى . فقال له نوفل : أتحب ليلى ؟ قال : نعم . قال : فحدثني حديثك معها .
قال : فجعل ينشد شعره فيها فأنشأ يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وشُغلت عن فهم الحديث سوى = ما كان منكِ وأنتمُ شغلي
وأديم نحو محدثي ليرى = أن قد فهمت وعندكم عقلي[/poem]

وأنشد :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ذكرت عشيّة الصدفين ليلى = وكل الدهر ذكراها جديدُ
إذا حال الغراب الجون دوني = فمنقلبي إلي ليلى بعيدُ
عليّ أليّة إن كنت أدري = أينقص حب ليلى أم يزيدُ[/poem]

( أليّة : يمين , حـَلِف )

فلما رأى نوفل ذلك منه أدخله بيتا وقيّده وقال : أعالجه . فأكل لحم ذراعيه وكفيه فحلـّـه
وأخرجه , فكان يأوي مع الوحش , وكان له داية ربّته صغيرا , فكان لا يألف غيرها
ولا يقرب منه أحد سواها . فكانت تخرج في طلبه إلى البادية وتحمل له الخبز والماء ,
فيوما أكل ويوما لم يأكل .


عزمهم على تزويجه بغيرها لعله يذهب ما به /

لما ذكر المجنون لليلى واشتهر أمره اجتمع إلى أبيه أهله , وكان سيدا . فقالوا له : زوّج
قيسا , فإنه سيكف عن ذكر ليلى وينساها . فعرض عليه أبوه التزويج فأبى وقال : لا حاجة
بي لذلك . وأتى ليلى بعض فتيان الحي , ممن كان يحسد قيسا ويعاديه , فأخبرها أنه عزم
على أن يتزوج . وجاء المجنون كما كان يجيء فحجبته ولم تظهر له , فرجع وهو يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
فوالله ما أدري علام هجرتني = وأيّ أموري فيكِ يا ليلُ أركبُ
أأقطع حبل الوصل فالموت دونه = أم أشرب رنقـًـا منكم ليس يشربُ
أم أهرب حتى لا أرى لي مجاورًا = أم أفعل ماذا أم أبوح فأغلبُ
فوالله ما أدري وإني لدائبٌ = أفكّر ما جرمي إليها فأعجب ُ[/poem]

فبلغها قوله فأنشأت تقول : صدق والله قيس حين يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ومن يطع الواشين لا يتركوا لهُ = صديقا وإن كان الحبيب إلى القلبِ[/poem]

وذكر بعضهم أنه قال له : أنا أزوجك أشرف منها وأحسن . فبكى وأنشأ يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
لليلى على قلبي من الحب حاجزٌ = مقيم ٌ ولكنّ الفراق عظيمُ
فواحدةٌ تبكي من الهجر والقِلى = وأخرى لها شجوٌ بها وتهيمُ
وينهشني من حب ليلى نواهشٌ = لهنّ حريق في الفؤاد مقيمُ
إلى الله أشكو فقد ليلى كما شكا = إلى الله فقد الوالدين يتيمُ
يتيمٌ جفاه الأقربون فعظمُهُ = ضعيف وعهد الوالدين قديمُ
وإن زمانا فرّق الهجر بيننا = وبينكِ يا ليلى فذاك ذميمُ[/poem]


خروجهم به إلى مكة ليذهب كلفه ويـُـقـِـل /

لما ظهر من المجنون ما ظهر ورأى قومه ما ابتلي به اجتمعوا إلى أبيه وقالوا : يا هذا
قد ترى ما ابتلي به ابنك , فلو خرجت به إلى مكة فعاد بيت الله , ودعا الله عز وجل ,
رجونا أن يرجع عقله ويعافيه الله . فخرج أبوه حتى أتى مكة , فجعل يطوف به ويدعو
الله له بالعافية , وهو يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
دعا المحرمون الله يستغفرونه = بمكة وهًنا أن تمحى ذنوبها
وناديت أن يا رب أوّل سؤلتي = لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها
فإن أعط َ ليلى في حياتي لا يتب = إلى الله خلقٌ توبةً لا أتوبها[/poem]

( وهنا : منتصف الليل )


حتى إذا كان بمنى نادى منادٍ من بعض تلك الخيام يا ليلى , فخرّ قيس مغشيا عليه , واجتمع
الناس حوله , ونضحوا على وجهه الماء , وأبوه يبكي عند رأسه , ثم أفاق وهو يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وداع ٍ دعا إذ نحن بالخيف من منى = فهيّج أطراب الفؤاد وما يدري
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما = أطار بليلى طائرا كان في صدري[/poem]

( أطراب الفؤاد : أحزانه )




وذكر بعض المشائخ قال : خرجت حاجا حتى إذا كنت بمنى إذا جماعة على جبل من تلك
الجبال ومعهم فتى أبيض حسن الوجه وقد علاه الصفار , وبدنه ناحل , وهم يمسكونه ,
فسألتهم عنه , فقالوا : هذا قيس الذي يقال له المجنون , فقلت لهم : فما لكم تمسكونه؟
قالوا نخاف أن يجني على نفسه جناية تتلفه . قال : وهو يقول : دعوني أتنسّم صبا نجد .
فقال لي بعضهم : ليس يعرفك , فلو شئت دنوت منه فأخبرته أنك من نجد وأخبرته عنها .
قلت : نعم أفعل . فدنوت منه فقالوا له : يا قيس هذا رجل قدم من نجد . قال : فتنفس حتى
ظننت أن كبده قد تصدّعت , ثم جعل يسألني عن موضع ٍ موضع ووادٍ واد , وأنا أخبره ,
وهو يبكي : ثم أنشأ يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ألا حبّذا نجدٌ وطيب ترابهِ = وأرواحه إن كان نجد على العهدِ
ألا ليت شعري عن عوارضتى قنا = بطول الليالي تغيرتا بعدي
وعن جارتينا بالبـَـتيل إلى الحمى = على عهدنا أم لم تدوما على عهدِ
وعن أعلويّات الرياح إذا جرت = بريح الخزامى هل تهب إلى نجدِ
وعن أقحوان الرمل ما هو صانعٌ = إذا هو أسرى في ليلة بثرى جعدِ
وإن هبت الأرواح هيّجن ذكره = فيا طول أحزاني عليه ويا وجدي[/poem]

وأنشد بعضهم للمجنون :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إذا الحجاج لم يقفوا بليلى = فلست أرى لحجّهم تماما
تمامُ الحج أن تقف المطايا = على ليلى وتُقريها السلاما[/poem]

وأنشد أيضا :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أقول لإلف ذات يوم لقيتهُ = بمكة والأنضاء ملقىً رحالها
بربك أخبرني ألم تأثم التي = أضر بجسمي من زمان ٍ خيالها
فقال : بلى والله سوف يمسّها = عذابٌ وبلوى ف الحياة تنالها
فقلت ولم أملك سوابق عبرة ٍ = سريع ٍ على جيب القميص انهمالها
عفا الله عنها ذنبها وأقالها = وإن كان في الدنيا قليلا نوالها[/poem]

في ذكر منعه من محادثتها والاجتماع بها /

لما نسب المجنون بليلى وشهر بحبها اجتمع إليه أهلها فمنعوه من محادثتها وزيارتها ,
وتهددوه وأوعدوه بالقتل , وكان يأتي امرأة فتعرف له خبرها فنهوا تلك المرأة عن ذلك ,
فكان يأتي الغافلات في الحي في الليل . فلما كثر ذلك خرج أبو ليلى ومعه نفر من قومه إلى
مروان بن الحكم يشكون إليه ما ينالهم من قيس بن الملوّح , وسألوه الكتاب إلى عامله لديهم
بمنعه من كلام ليلى , فكتب لهم مروان كتابا إلى عامله يأمره أن يحضر قيسا ويتقدم إليه في
ترك زيارة ليلى , فإن أصابه أهلها عندهم أهدر دمه . فلما ورد ذلك قيس وأبيه وأهل بيته
قال قيس :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ألا حُجبت ليلى وآلي أميرها = عليّ يمينا جاهدا لا أزورها
فكيف وقلبي في هواها موكّل = وقد فاض من أجفان عيني غزيرها
وفيها جفاني كل إلف ٍ وصاحب ٍ = فيا ليت شعري ما يكون مصيرها
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت = فقد رابني منها الغداة سفورها
وما أسفرت إلا وقد بات أهلها = على عجل منّي وهذا نذيرها
وأوعدني فيها رجالٌ أعزهم = أبي وأبوها فاستقلّت صدورها
على غير ذنب ٍ غير أني أحبها = وأن فؤادي عند ليلى أسيرها
وقد عوّضتني بالوصال قطيعة ً = فيا ليت شعري ما يكون أخيرها[/poem]


ما وقع له من الاستخبار والاصطياد /

لقي مجنون بني عامر الأحوص الأنصاري فقال له حدثني حديث عروة بن حزام .
فجعل الأحوص يحدثه وهو يسمع حتى فرغ من حديثه . ثم أنشأ يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
عجبت لعروة العُذري أمسى = أحاديثا لقوم ٍ بعد قوم ِ
وعروة مات موتا مستريحا = وها أنا ذا أموت بكل يوم ِ[/poem]

ويوما دخل كـُـثير عزّة على عبدالملك بن مروان , فجعل ينشد شعرا في عزة وعيناه تذرفان .
فقال له عبدالملك : قاتلك الله يا كثير ! هل رأيت أحدا أعشق منك ؟ قال : يا أمير المؤمنين ,
خرجت مرة أسير في البادية علي بعير لي يوضع ( يوضع : يسرع السير ) فبينما أنا أسير
إذ رفع لي شخص فأممته , فإذا رجل قد نصب شركا للظبى وقعد بعيدا منه , فسلمت فرد علي
السلام . فقلت له : ما أجلسك هاهنا ؟ قال : نصبت شركا للظبى فأنا أرصده . قلت : إن أقمت
لديك فصدت أطعمتني ؟ قال : إي والله . قال : فنزلت فعقلت ناقتي وجلست أحدثه , فإذا هو
أحسن خلق الله حديثا وأرقّه وأجزله , قال : فما لبثنا أن وقعت ظبية في الشرك , فوثب
ووثبت معه , فخلصها من الحبائل ثم نظر في وجهها مليّـا , ثم أطلقها . وأنشأ يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أيا شِـبه ليلى لن تراعي فإنني = لك اليوم من بين الوحوش صديقُ
ويا شبه ليلى لن تزالي بروضةٍ = عليك سحابٌ دائم وبروقُ
فما أنا إذ أشبهتها ثم لم تؤب = سليما عليها في الحياة شفيقُ
ففر فقد أطلقت عنك لحبها = فأنت لليلى ما حييت طليقُ
فعيناك عيناها وجيدك جيدها = ولكنّ عظم الساق منكِ دقيقُ[/poem]

( تؤب : ترجع )

ثم أصلح شركه وعدنا إلى موضعنا . فقلت : والله لا أبرح حتى أعرف أمر هذا الرجل . فأقمنا
باقي يومنا فلم يقع لنا شيء , فلما أمسينا قام إلى غار قريب من الموضع الذي كنا فيه وقمت
معه فبتنا به . فلما أصبح غدا فنصب شركه , فلم نلبث أن وقعت ظبية شبيهة بأختها التي
بالأمس , فوثب إليها ووثبت معه , فاستخرجها من الشرك ونظر في وجهها مليّـا ثم أطلقها
فمرت . فأنشأ يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
اذهبي في كلاءة الرحمن ِ = أنت مني في ذمة وأمان ِ
لا ترهبي والجيد منك لليلى = والحشا والبـُغام والعينان ِ
لا تخافي بأن تُهاجي بسوء ٍ = ما تغنى الحمام في الأغصان ِ[/poem]

( البُغام : صوت الظبي )

ثم عدنا إلى موضعنا فلم يقع يومنا ذلك شيء , فلما أمسينا سنا إلى الغار فبتنا فيه . فلما
أصبحنا غدا إلى شركه وغدوت معه . فنصبه وقعد يتحدث , وقد شغلني يا أمير المؤمنين
بحسن حديثه عن الجوع , فبينما نحن نتحدث إذ وقعت في الشرك ظبية فوثب إليها ووثبت
معه . فاستخرجها من الشرك فنظر في وجهها وأراد أن يطلقها فقبضت على يده وقلت :
ماذا تريد أن تعمل ؟ أقمت لديك ثلاثا كلما صدت شيئا أطلقته ! قال : فنظر في وجهي
وعيناه تذرفان وأنشأ يقول :



[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أتلحي محبا هائم القلب إذ رأى = شبيها لمن يهواه في الحبل موثقا
فلما دنا منه تذكّر شجوهُ = وذكّره من قد نأى فتشوّقا[/poem]

( أتلحي : أتـلوم )


فرحمته والله يا أمير المؤمنين فبكيت لبكائه , فنسبته فإذا هو
قيس المجنون . فذلك والله أعشق مني يا أمير المؤمنين .

وذكروا أن المجنون مرّ برجلين قد صادا عنزا من الضباء فقمطاها . فلما نظر إليها دمعت
عيناه وقال : يا هذان خلـّـياها . فأبيا عليه . فقال : لكما مكانها شاة من غنمي . فقبلا منه
ودفعاها إليه , فأطلقها ودفع إليهما الشاة . وأنشأ يقول :



[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
شريت بكبش شبه ليلى ولو أبوا = لأعطيت مالي من طريف وتالد ِ
فيا بائعي شبها لليلى هُبلتما = وجُنبتما ما ناله كل عابد ِ
فلو كنتما حرين ما بعتما معا = شبيها لليلى بيعة المتزايد ِ
وأعتقتماها رغبةً في ثوابها = ولم ترغبا في ناقص غير زائد ِ
فلا ظفرت كفّا كما بكريمةٍ = وجُنبتما صوب الغمام الرواعد [/poem]ِ

( طريف : الجديد 000 تالد :القديم الموروث )


وقال في ذلك أيضا :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يا صاحبيّ الذين اليوم قد أخذا = في الحبل شبها لليلى ثم شدّاها
إني أرى اليوم في أعطاف شاتكما = مشابهًا أشبهت ليلى فـَحُلاها
وأورداها غديرا لا عدمتكما = من ماء مزن ٍ قريب ٍ عند مرعاها[/poem]


قال مجنون بني عامر : بينما أنا ذات يوم قاعد إذ رأيت ذئبا فرس ظبية , فاتبعته فإذا هو
رابض عندها يأكلها , فرميته بسهم فما أخطأته , ثم لحقته فقتلته وشققت بطنه وأخرجت
ما كان في بطنه من لحمها فدفنته وأحرقت الذئب , وقلت في ذلك :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أبى الله أن يبقى لليلى بشاشة ٌ = فصبرا على ما شاءه الله لي صبرا[/poem]


في ذكر كلفها به /


ذكر أن رجلا رحل إلى ناحية الشام مما يلي تيماء والشراة في طلب بغية له , فإذا هو بخيمة
قد رفعت له , وقد أصابه مطر فعدل إليها فتنحنح , فإذا بامرأة قد كلمته فقالت لبعض العبيد :
سلوا هذا الرجل : من أين أقبل ؟ فقال : من ناحية اليمامة ونجد . فقالت له : انزل . فنزل
وراحت إبلهم وغنمهم , فإذا أمر عظيم , وإذا رعاء كثير , فقالت : أيّ بلاد نجد وطئت ؟
فقال : كلها . فقالت : بمن نزلت هناك ؟ قال : ببني عامر . فتنفست الصعداء وقالت : بأي
بني عامر ؟ فقال : ببني الحريش . فاستعبرت ثم قالت : هل سمعت بذكر فتى يقال له قيس
ويلقّب بالمجنون ؟ فقال : أي والله , ونزلت بأبيه وأتيته حتى نظرت إليه في تلك الفيافي
يهيم , ويكون مع الوحش لا يعقل ولا يفهم إلا أن تذكر له ليلى , فيبكي وينشد الأشعار
يقولها فيها . قال : فرفعت الستر بيني وبينها فإذا شقة قمر , فلم تر عيني مثلها , فبكت
وانتحبت حتى ظننت والله أن قلبها قد انصدع , فقلت لها : أيتها المرأة , اتقي الله ,
فوالله ما قلت بأسا . فمكثت طويلا على تلك الحال من بكاء ونحيب , ثم قالت :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ألا ليت شعري والخطوب كثيرة ٌ = متى رحلُ قيس ٍ مستقلٌ فراجعُ
بنفسيَ من لا يستقل برحله = ومن هو إن لم يحفظ الله ضائعُ[/poem]


ثم بكت حتى غشي عليها , فلما أفاقت قلت : من أنت ؟ قالت : أنا ليلى المشؤومة عليه ,
غير المساعدة له . فما رأيت مثل حريقها عليه ووجدها به , فمضيت وتركتها .


في شعوره بالألم عند فراقها وسؤاله الغريب والبعيد بكل أمرها /


قيل إن ليلى اجتمعت به مرة ثم ودعته فقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ضعفتُ عن التسليم يوم وداعها = فودّعتها بالطرف والعين تدمعُ
وأخرست عن رد الجواب فمن رأى = محبا بدمع العين قلبا يودعُ
عليك سلام الله مني تحية ً = إلى أن تغيب الشمس من حيث تطلعُ[/poem]


وقيل إنها زارته مرة فأنشأ يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
زها جسم ليلى في الثياب كما زها = مع الغصن غصن قد تزايد عودها
ضممتك حتى قلتُ: ناري قد انطفت = فلم تطفَ نيراني وشبّ وقودها
ألا قل لليلى قد وهبت لها دمي = وجدت بنفسي قد نعاها عزيزها[/poem]

وقيل أنه اجتمع بليلى يوما , فلما حان فراقها أنشد هذه الأبيات :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
متى يشتفي منكِ الفؤاد المعذّبُ = وسهم المنايا من وصالكِ أقرَبُ
فبعدٌ وهجرٌ واشتياقٌ ورجفةٌ = فلا أنت تدنيني ولا أنا أقرُبُ
كعصفورة ٍ في كفّ طفل يزمّها = تذوق حياض الموت والطفل يلعبُ
فلا الطفل ذو عقل ٍ يرق لما بها = ولا الطير ذو ريش ٍ يطير فيذهبُ
ولي ألف وجه ٍ قد عرفت مكانه = ولكن بلا قلب ٍ إلى أين أذهب ؟[/poem]

ويوما مر المجنون بزوج ليلى وهو جالس يصطلي في يوم شات , فوقف عليه ثم قال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
بربك هل ضممت إليك ليلى = قُبيل الصبح أو قبّلت فاها
وهل رفّت عليك قرون ليلى = رفيف الأقحوانة في نداها[/poem]

فقال : اللهم إذ حلفتني فنعم . فقبض المجنون بكلتي يديه قبضة من الجمر
فما فارقهما حتى خرّ مغشيا عليه , فسقط الجمر مع لحم راحتيه .


في ذكر ما حصل له في جنونه من الصوت , وذهابه مع الوحوش حتى جاءه الموت /

وفد فتى من نَهد يقال له صباح بن عامر على الملوّح أبي قيس المجنون , فسلم عليه وخبّره
نسبه وقال له : إني وفدت من بلدي لأنظر إلى قيس وأسمع شعره , فما فعل ؟ فبكى الشيخ
حتى غشي عليه , ثم سكن وقال له : وأنى لك بقيس ؟ فقد عشق ابنة عم له , وإنه جن ّ على
رأسها , فهو لا يأنس بأحد , يرد مع الوحش يوم ورودها , ويصدر معها إذا صدرت , ولكن
هاهنا شاب يذهب إليه في كل يوم , وهو يأنس به ويحدثه , فإن شئت فصر إليه . قال
صباح : فصرت إلى الفتى فرحب بي وسألني عن حالتي فأخبرته , فقال لي : تروي لقيس بن
ذريح شيئا ؟ فإن المجنون معجب بشعره , قلت : أنا من أحفظ الناس لشعر قيس . قال : فصر
إلى موضع كذا وكذا فاطلبه في تلك الفيافي فإنك تجده , واعلم أنه إذا رآك فسوف ينفر منك
ويهوي إليك بحجر , فلا يهولنّـك واقعد كأنك لا تريده , فإذا رأيته قد سكن : فاذكر له ليلى ,
فإنه سيرجع إليه عقله وترجع صحته ويحدثك عن حاله . ثم أنشده من شعر قيس بن ذريح
فإنه مشغوف به . قال صباح : ففعلت الذي أوصاني به الفتى فلم أزل أطلبه حتى انتصف
النهار , فإذا أنا برجل عريان قد شعث شعر رأسه على حاجبيه , وإذا هو قد فعل حظيرة من
تراب وهو قاعد في وسطها وإلى جانبه أحجار وهو يخطط بإصبعه في الأرض , فلما رآني
أهوى إلى حجر ووثب ليقوم , فقعدت ناحية أرمي ببصري إلى غيره ولا أحفل به , ثم إنه
رجع إلى عبثه وتخطيطه . فقلت له : أتعرف ليلى ؟ قال : بأبي والله هي , وكيف لا أعرفها ؟
قلت : لله در قيس بن ذريح حيث يقول :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وإني لمفن ٍ دمع عيني بالبكا = حِذارا لما قد كان أو هو كائنُ
وقالوا غدا أو بعد ذاك بليلة: = فراق حبيب لم يبن وهو بائنُ
وما كنت أخشى أن تكون منيتي = بكفّيكِ إلا أن ما حان حائن[/poem]

فقال : أنا والله أشعر منه حيث أقول :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

نعب الغراب ببين ليلى غُدوة ً = فأتى الكتاب ببينهم مخطوطا
أصبحت من أهلي الذين أحبهم = كالسهم أصبح ريشه ممروطا[/poem]

ثم وثب مسرعا إلى ظبي سنحت له فغاب عن عيني فتبعته فجعلت أقفو أثره إلى آخر النهار
فما وقعت عيني عليه , ثم غدوت في اليوم الثاني فجعلت أطوف عليه في تلك الفيافي حتى
إذا جنى الليل انصرفت , فلما كان في اليوم الثالث طلبته فإذا أنا به عريان بين أحجار ميت .

وقد حكي فيه غير ذلك :

فذكر أن كثيرا قال : بينما أنا عند مجنون بني عامر إذ مر راكب فقال : تعزّ يا قيس .
قال : عمّن ؟ قال : عن ليلى . فقام إلى بعيره وقمت إلى بعيري , ثم أتينا الحي فأرشد
إلى قبرها , فأقبل يقبله ويلزمه ويشم ترابه وينشد الشعر , ثم شهق فمات فدفنته .

في ذكر سياق أبيات نستحسنه من شعره /


[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
قضاها لغيري وابتلاني بحبها = فهلاّ بشيء ٍ غير ليلى ابتلانيا [/poem]

قال القذحمي : لما قال المجنون هذا البيت سُـلب عقله ,
وقال ابن الجوزي : ذهب بصره .

وقال المجنون :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
تزوّدت من ليلى بتكليم ساعةٍ = فما زاد إلا ضعفَ ما بي كلامها[/poem]
وقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى = فصادف قلبا خاليا فتمكّنا[/poem]
وقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يكاد فضيض الماء يخدش جلدها = إذا اغتسلت بالماء من رقّة الجلد ِ[/poem]
وقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
لقد هتفت في جنح ليل حمائمُ = على إلفها وإني لنائمُ
كذبتُ وبيت الله لو كنتُ عاشقا = لما سبقتني بالبكاء الحمائمُ[/poem]

وقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يقرّ بعيني قربها ويزيدني = بها كلفا من كان عندي يعيبها
وكم قائل ٍ قد قال: تب فعصيته = وتلك لعمري توبةٌ لا أتوبها[/poem]
وقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
عفا الله عن ليلى وإن سفكت دمي = فإني وإن لم تجزع غير عاتبِ
عليها ولا مبدٍ لليلى شكاية ً = وقد تشتكي البلوى إلى كل صاحبِ
يقولون : تب من حب ليلى وذكرها = وما خلتُني عن حب ليلى بتائبِ[/poem]
وقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أحبّا على حب وأنت ِ بخيلة ٌ = وقد زعموا ألاّ يحب بخيلُ
بلى والذي حج الملبّون بيتهُ = ويشفي الجوى بالنّيل وهو قليلُ[/poem]

وقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أمر على الديار ديار ليلى = أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار أهاج وجدي = ولكن حب من سكن الديارا[/poem]

وقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
فحبك أنساني الشراب وبردهُ = وحبك أبكاني بكل مكان ِ
وحبك أنساني الصلاة فلم أقم = لربي بتسبيح ولا بقرآن ِ[/poem]
وقال :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

وما الناس إلا عاشقون ذوو الهوى = ولا خير فيمن لا يحب ويعشقُ
إذا لمتها قالت : وعيشك إننا = حراصٌ على اللقيا ولا نتفرقُ
فإن كنت مشتاقا فسر نحو بابنا = فنحن إلى ما كان من ذاك أشوقُ[/poem]

وقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إذا نظرت نحوي تكلّم طرفها = وجاوبها طرفي ونحن سكوتُ
فواحدةٌ منها تبشّر باللقا = وأخرى لها نفسي تكاد تموتُ
إذا مت خوف اليأس أحيانيَ الرجا = فكم مرة ٍ قد متّ ثم حييت
ولو أحدقوا بي الإنس والجن كلهم = لكي يمنعوني أن أجيكِ لجيتُُ[/poem]
وقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
عجبت لليلى كيف نامت وقد غفت = وليس لعيني للمنام سبيلُ
ولما غفت عيني وما عادةٌ لها = بنوم ٍ وقلبي بالفراق عليلُ
أتاني خيالٌ منك باليلَ زائرٌ = فكادت له نفسي الغداة تزولُ
خيال لليلى زارني بعد هجره = وزار نجيّا والعناقُ يطولُ[/poem]
وقال :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أحبك يا ليلى محبة عاشق ٍ = عليه جميع المصعبات تهونُ
أحبك حبا لو تحبين مثله = أصابك من وجد ٍ عليّ جنونُ
ألا فارحمي صبّا كئيبا معذّبا = حريق الحشا مضنى الفؤاد حزينَ
قتيلٌ من الأشواق أما نهاره = فباك ٍ وأما ليله فحزينُ
له عبرةٌ تهمى ونيران قلبه = وأجفانه تذري الدموع عيونُ
فيا ليت أن الموت يأتي معجّلاً = على أنّ عشق الغانيات فتونُ[/poem]

وقال أيضا :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ألا لا أرى وادي المياه يثيبُ = ولا النفس عن وادي المياه تطيبُ
أحب هبوط الواديين وإنني = لمشتهرٌ بالواديين غريبُ
أحقا عباد الله أن لست واردا = ولا صادرا إلا عليّ رقيبُ
ولا زائرا وحدي ولا في جماعةٍ = من الناس إلا قيل : أنت مريبُ
ألا في سبيل الله ما قد لقيتهُ = غراما به أحيا ومنه أذوبُ
ألا في سبيل الله قلبُ معذبُ = بذكرك يا ليلى الغداة طروبُ
أيا حب ليلى لا تبارح مهجتي = ففي حيّها بعدُ الممات قريبُ
أقام بقلبي من هواها صبابة ٌ = وبين ضلوعي والفؤاد وجيبُ
فلو أن ما بي بالحصى فلق الحصى = وبالريح لم يسمع لهن هبوبُ
ولو أن أنفاسي أصابت بِحرّها = حديدا لكانت للحديد تذيبُ
ولو أنني استغفر الله كلما = ذكرتك لم تكتب عليّ ذنوبُ
ولو أن ليلى في العراق لزرتها = ولو كان خلف الشمس حين تغيبُ
أحبك يا ليلى غراما ومعشقا = وليس يُرى لي في الوصال نصيبُ
أحبك يا ليلى محبة عاشق ٍ = أهاج الهوى في القلب منه لهيبُ
أحبك حتى يبعث الله خلقه = ولي منك في يوم الحساب حسيبُ
سقى الله أرضا أهل ليلى تحلّها = وجاد عليها الغيث وهو سكوبُ
ليخضرّ مرعاها ويخصب أهلها = وينمى بهذاك المحل خصيبُ [/poem]


وله ايضا :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وداع ٍ دعا إذ نحن بالخيف من منى = فهيّج أحزان الفؤاد وما يدري
دعا بسم ليلى غيرها فكأنما = أطار بليلى طائرا كان في صدري
ينادي سواها أسخن الله عينه = وليلى بأرض عنه نازحةٍ قفر ِ
أقول لها يوما وقد شط بي النوى = متى الملتقى قالت: قريبٌ من الحشر ِ
حلفت لها بالله ما بين ذي الحشا = سواها حبيبٌ من عوان ومن بكر ِ
جعلنا علامات المودة بيننا = مصائد لحظ هنّ أخفى من السحر ِ
فأعرف منها الود من لين طرفها = وأعرف منها الهجر بالنظر الشذر ِ
إن عبتها شبهتها البدر طالعا = وحسبكِ من عيب يشبه بالبدر ِ
هي البدر حسنا والنساء كواكب = فشتان ما بين الكواكب والبدر ِ
إذا ذكرت يرتاح قلبي لذكرها = كما انتفض العصفور بلله القطرُ
تداويت من حب ليلى بليلى من الهوى = كما يتداوى شارب الخمر بالخمر ِ
وتزعم ليلى أنني لا أحبها = بلى والليالي العشر والشفع والوتر ِ
بلى والذي أرسى بمكة بيته = بلى والمثاني والطواسين والحِجر
بلى والذي ناجى من الطور عبده = وشرّف أيام الذبائح والنحر ِ
بلى والذي نجّى من الحب يوسفا = وأرسل داوودا وأوحى إلى الخضر ِ
بلى والذي لا يعلم الغيب غيره = بقدرته تجري المراكب في البحر ِ
سأصبر حتى يعلم الناس أنني = على نائبات الدهر أقوى من الصخر ِ
سلام ٌ على من لا أملّ حديثها = ولو عاشرتها النفس عشرا إلى عشر ِ
عزائي وصبري أسعداني على الأسى = فأحمد ما جرّبت عاقبة الصبر ِ
ولي كل يوم غشية ٌ من صدودها = أبيت على جمر ٍ وأضحي على جمر ِ
عليها سلام الله ما طار طائر = وما سارت الركبان في البر والبحر ِ[/poem]

وله أيضا :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أيا أبتي دعني وما قد لقيتهُ = ولا تُلح محزون الفؤاد سقيمُ
عديم التسلّي باكيُ العين ساهرٌ = حليف الأسى للاصطبار عديمُ
تعشّقت ليلى وابتليت بحبها = وأصبحت منها في القفار أهيمُ
كلفت بها حتى أذابني الهوى = وصيّر عظمي بالغرام رميمُ
وأصبحت فيها عاشقا ومولّهًا = مضى الصبر مني والغرام مقيمُ
يقول أبي يا قيس عندي خلافها = وأكثر منها بهجةً ونعيمُ
وذي أمها كانت من الروم أصلها = وقصدي أنا أصلي يكون كريمُ
رضيت الذي قد عبت يا أبتي بها = ودع أصلها بين النساء ذميمُ
فيا أبتي إن كنت حيّا تريدني = وترجو حياتي بينكن أقيمُ
فجُد لي بليلى واصطنعني بقومها = أصير لها زوجا وأنت سليمُ
لليلى على قلبي من الحب حاجزٌ = مقيمٌ ولكنّ اللسان عقيمُ
فواحدة تبكي من الهجر والقلى = وأخرى تبكي شجوها وتقيمُ
وتنهضني من حب ليلى نواهضٌ = لهن حريقٌ في الفؤاد عظيمُ
إلى الله أشكو حب ليلى كما شكا = إلى اله فقد الوالدين يتيمُ
يتيمٌ جفاه الأقربون فعظمهُ = ضعيف وحبّ الوالدين قديمُ
وإنّ زمانا فرّق الدهر بيننا = وبينكِ يا ليلى فذاك ذميمُ [/poem]

وقال أيضا , وهي المؤنسة :

[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
سقى الله جارات ٍ لليلى تباعدت = بهن النوى حيث احتللن المطاليا
بثمدين لاحت نار ليلى وصحبتي = بقزع الغضا تزجي المطيّ الحوافيا
فقال بصير القوم: لمحةُ كوكبٍ = بدا في سواد الليل فردا يمانيا
فقلت لهم: بل نار ليلى توقّدت = بعليا تسامى ضوؤها فبدا ليا
بلى نار ليلى يا خليليّ فارسما الـ = قلائص لا تأوُوا لهنّ ولا ليا
أشواقا ولمّا يمض لي غير ليلةٍ = رويدا الهوى حتى يغبّ لياليا
خليليّ لا والله ما أملك البكا = إذا عَلَم من أرض ليلى بدا ليا
خليليّ لا والله لا أملك الذي = قضى الله في ليلى ولا ما قضى ليا
قضاها لغيري وابتلاني بحبها = فهلاّ بشيء ٍ غير ليلى ابتلانيا
وخبّر تماني أن تيماء منزلٌ = لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا
فهذي شهور الصيف عنّا قد انقضت = فما للنوى ترمي بليلى المراميا
فلو كان واش ٍ بالمدينة دارهُ = وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا
وماذا لهم لا أحسن الله حظّهم = من الحظ في تصريم ليلى حباليا
وقد كنت أعلو حب ليلى فلم يزل = بيَ النقض والإبرام حتى علانيا
فيا رب سو الحب بيني وبينها = يكون كفافا لا عليّ ولا ليا
فما طلع النجم الذي يهتدى به = ولا الصبح إلا هيّجا ذكرها ليا
ولا سرت ميلاً من دمشق ولا بدا = سُهيل لأهل الشام إلا بدا ليا
ولا سُميت عندي لها من سميةٍ = من الناس إلا بلّ دمعي ردائيا
ولا هبّت الريح الجنوب من أرضها = من الليل إلا بت للريح جانيا
ويوم ٍ كظل الرمح قصّرت طوله = بليلى فلهّاني ولا ما كنت لاهيا
فيا ليلَ كم من حاجة لي مهمّةٍ = إذا جئتكم بالليل لم أدر ما هيا
خليليّ إن لا تبكيا لي ألتمس = خليلا إذا أنزفت دمعا بكا لي
فقد يجمع الله الشتيتين بعدما = يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
فإن تمنعوا ليلى وتحموا بلادها = عليّ فلن تحموا علي القوافيا
فأشهد عند الله أني أحبها = فهذا لها عندي فما عندها ليا
قضى الله بالمعروف منها لغيرنا = وبالشوق منّا والعناء قضى ليا
وإن الذي أمّلت من أم مالك ٍ = أشاب قذالي واستهام فؤاديا
أعد الليالي ليلةً بعد ليلةً = لقد عشت دهرا لا أعد اللياليا
وأخرج من بين البيوت لعلّني = أحدّث عنك النفس بالليل خاليا
إذا سرت أرضا بالقفار رأيتني = أصانع رحلي أن يميل حياليا
إذا ما تداعى في الأنين حبائبٌ = دعوت لليلى أن تجيب دعائيا
فلا نفع الله الطبيب بطبّه = ولا أرشد الله الحكيم المداويا
أتيت أبا ليلى بصحبي ونسوتي = وجمّعت جمعا من رجال بلاديا
بأن يتخلّى عن قساوة قلبه = فزاد فظاظا ثم رام هلاكيا
ألا لا رعا الله الوشاة فإنهم = يرومون قتلي عامدين هلاكيا
ألا قل لقومي هام قيس من الهوى = لقد همت يا ليلى وزاد هياميا
ألا قل لهم ما قد ترى من صبابتي = ومن أدمع تنهلّ مني تواليا
فمن أجل ليلى صرت راع ٍ لأهلها = ثلاثين شهرا في السنين الخواليا
ومن أجل ليلى شاب يا قوم مفرقي = وخلّيت بعدها جميع رجاليا
ومن أجل ليلى صرت استوطن الفلا = وأحببت بعد الأهل وحس البراريا
ومن أجلها أحببت من لا يحبني = ومن لا يزال الدهر منها معاديا
ومن أجلها صاحبت قوما تعصّبوا = عليّ ولم يرعوا حقوق الجواريا[/poem]

وهي أطول من ذلك ولكن لا يتسع المكان لذكرها أو لذكر أيّ من قصائده كاملة .

خاتمه

ذكر الغزالي في كتابه " الإحياء " قال : رؤي مجنون بني عامر في المنام فقيل له :
ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لي وجعلني حجة ً على المحبين .

ويعضد ذلك ما ورد في كتاب " روح الروح " لأبي الفضل السهلكي , قال : سمعت عن عمن
حكى عن الجُـنيد أنه كان يقول : مجنون بني عامر كان من أولياء الله عز وجل , فستر شأنه بجنونه .


تنبيه : نظرا للبس الدائم فلا بد من التوضيح بوجود قيسين هما :
قيس بن الملوّح الملقب بالمجنون ومحبوبته ليلى العامرية
وقيس بن ذريح ومحبوبته لبنى الكعبية .

وليلى ليلتان أيضا :
ليلى العامرية محبوبة قيس بن الملوّح الملقب بالمجنون
وليلى الأخيلية محبوبة توبة بن حمير بن حزن بن كعب .


وشكرااااااااااااا
__________________


almas0110@hotmail.com

JEDDAH is the best

التعديل الأخير تم بواسطة السيف النادر ; 01-05-2005 الساعة 09:50 PM سبب آخر: تنسيق الابيات
الامبراطور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 27-04-2005, 05:25 PM
  #2
ابوملاك
عضو متميز
 الصورة الرمزية ابوملاك
تاريخ التسجيل: Feb 2005
المشاركات: 950
ابوملاك has a spectacular aura aboutابوملاك has a spectacular aura aboutابوملاك has a spectacular aura about
افتراضي

مشكووور اخوي الامبراطور والله لايهينك .

والله يكفينا مما صابه ما عاد ذا بحب كله والمصيبه ان ليلى ماهي بيمه ولادرت عنه وهذا البلا إذا كان الحب من طرف واحد بس .
__________________
ابوملاك غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 27-04-2005, 08:02 PM
  #3
مسفر الفهري
.:: مؤسس مُلتقى الكُتْاب ::.
 الصورة الرمزية مسفر الفهري
تاريخ التسجيل: Apr 2005
الدولة: من يمة الشرق
المشاركات: 185
مسفر الفهري is on a distinguished road
افتراضي

لاهنت يالإمبراطور

[poem=font="Simplified Arabic,6,blue,normal,italic" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
تموت القلوب الخالية بين زين وشين= وتعيش القلوب اللي على الحب مبنيه[/poem]

تحياتي لك...................
مسفر الفهري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 27-04-2005, 09:53 PM
  #4
الامبراطور
عضو فعال
 الصورة الرمزية الامبراطور
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: جده
المشاركات: 530
الامبراطور has a spectacular aura aboutالامبراطور has a spectacular aura about
افتراضي

ابو ملاك هلا والله فيك والله لايهينك على المرور الجميل

نمر الفهري حياك الله وتعليقك زاد الموضوع جمال

واذكر ان الشاعر قال/

الحب قطع قلوب البعارين +++++ حتى الحمير السود يلعن جدفها

فما بالك بانسان ضعيف
__________________


almas0110@hotmail.com

JEDDAH is the best
الامبراطور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-05-2005, 05:38 AM
  #5
المعمري
عضو فضي
 الصورة الرمزية المعمري
تاريخ التسجيل: Nov 2004
الدولة: الكويت
المشاركات: 1,477
المعمري is a glorious beacon of lightالمعمري is a glorious beacon of lightالمعمري is a glorious beacon of lightالمعمري is a glorious beacon of lightالمعمري is a glorious beacon of light
افتراضي

لالالالاهنت يالامبراطور وبيض الله وجهك وتسلم يمناك

اخووك المعمري
المعمري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-05-2005, 09:55 PM
  #6
السيف النادر
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Sep 2004
المشاركات: 816
السيف النادر is a jewel in the roughالسيف النادر is a jewel in the roughالسيف النادر is a jewel in the roughالسيف النادر is a jewel in the rough
افتراضي

لا هنت يالامبراطور

موضوع رااااائع جدا ...... ومعلومات كثيرة استفدتها عن هذا الشاعر الذي بهر الاجيال بحبه واخلاصه ...

اكرر شكري يالامبراطور ....واسمح لي بتنسيق الابيات لكي يستمتع القراء بقراءة موضوعك الرائع

تحياتي
__________________
[frame="1 80"][poem font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يوم ان كل من عميله تبرا=حطيت الاجرب لي عميل مباري
نعم الرفيق الى سطا ثم جرا=يودع مناعير النشامى حباري[/poem]
الامام تركي بن عبد الله[/frame]
السيف النادر غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-05-2005, 01:26 AM
  #7
فارس قحطان
GM
 الصورة الرمزية فارس قحطان
تاريخ التسجيل: Jun 2004
الدولة: في قلب شبكة قحطان
المشاركات: 7,494
فارس قحطان has a reputation beyond reputeفارس قحطان has a reputation beyond reputeفارس قحطان has a reputation beyond reputeفارس قحطان has a reputation beyond reputeفارس قحطان has a reputation beyond reputeفارس قحطان has a reputation beyond reputeفارس قحطان has a reputation beyond reputeفارس قحطان has a reputation beyond reputeفارس قحطان has a reputation beyond reputeفارس قحطان has a reputation beyond reputeفارس قحطان has a reputation beyond repute
افتراضي

لاهنت يالامبراطور

على هذا النقل الرائع

لمجنون ليلي
__________________
،



«لا إله إلا الله محمد رسول الله»



،
فارس قحطان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-05-2005, 08:29 PM
  #8
الامبراطور
عضو فعال
 الصورة الرمزية الامبراطور
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: جده
المشاركات: 530
الامبراطور has a spectacular aura aboutالامبراطور has a spectacular aura about
افتراضي

المعمري

السيف النادر


فارس قحطان

بيض الله وجيهكم على المرور والتعليق اللي يرفع الراس

وبالنسبه يالسيف النادر لاتماليني ياسنايدي انت ابوها وسمها الا بيض الله وجهك والله لايهينك

الشكر للجميع
__________________


almas0110@hotmail.com

JEDDAH is the best
الامبراطور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 PM

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود