الـــــكــذب ...أنـــواع ... ومــظـــاهــر .. ( 1 )
أخي المسلم
هذا الموضوع من المواضيع المهمة
وفي نفس الوقت يغيب عن كثير من الناس
ولأهميتة طرحته موضوعا لوحده وإلا فهو مرتبط بموضوع
[ ما الذي يعصمك من الدجــ( 15 )ــال ]
وتحت قوله عز وجل :
{ إن يقولون إلا كذبا }
فالكذب أنواع ومظاهر
ومن أعظم مظاهر الكذب ؛ الكذب على الله وعلى رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا أعظم أنواع الكذب
وأشدها خطرا وضررا ، كمن يفتي الناس بغير علم , ويقول على الله تعالى وعلى رسوله ـ عليه الصلاة
والسلام ـ الكذب وهم يعلمون ، قال الله تعالى{ فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم
إن الله لا يهدي القوم الظالمين } ويقول ـ عز وجل ـ { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا
حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم }
ومن مظاهر الكذب: الكذب في البيع والشراء ؛ كمن ينفق سلعته بالأيمان الكاذبة ,أو يغش الناس بجودة
بضاعته يقول أحدهم " سيارة نظيفة ، والله ما خبرت فيها أي شيء " وهو يعلم أن فيها أشياء ، لكنه
جمع بين الكذب وبين الحلف بالأيمان الكاذبة ، لا.. والأدهى من ذلك أنه يكذب على أخيه المسلم ، يغشه
ويخونه ويخدعه ويأكل ماله بالكذب ؛ لذا يقول المصطفى ـ عليه الصلاة والسلام ـ
" الحلف منفقه للسلعة ممحقة للبركة "
حلف بالله أن السلعة ليس فيها شيء ، لذا ذهبت السلعة بإيمانه الكاذبة ، لكن هذه الأيمان الكاذبة محقت
البركة ، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" ثلاث لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة: رجل حلف على سلعه لقد أعطي بها أكثر مما أعطي
وهو كاذب , ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم , ورجل منع فضل ماء
فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك ".
ومن مظاهر الكذب وأنواعه
الكذب .. لإفساد ذات البين ؛ فإن من الناس ـ عياذا بالله ـ من لا يهدأ له بال , ولا يقر له قرار حتى يفسد
فيفرق شمل المتحابين , ويشحن صدور المتآلفين ، فتراه يختلق الأقاويل , وينسج الأباطيل ليفسد بين
الناس , ويحملهم على القطيعة والتباغض , ولذا تقطعت روابط , وتفصمت علاقات , وتخاصم أرحام بسبب
هذا المفسد , وهذه هي البلية العظمى , والرزية الكبرى التي لا يقوم بها إلا دنيء نفس وحقير شأن
ومريض قلب ، انظر كيف يخالف هذا ما أمر الله به إذ يقول:
{ وأصلحوا ذات بينكم }
وقوله ـ عز وجل ـ { لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس }
لذا لا بد أن يحذر كل منا من إفساد ذات البين ، وإن كان هناك من يسعى للإصلاح فليأخذ صاحب القضية
بما كتب عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ إلى بعض عماله إذ يقول:
" إياك أن تستعين بكذوب ؛ فإنك إن تطع الكذوب تهلك "
والله ـ عز وجل ـ { يعلم المفسد من المصلح }
ومن مظاهر الكذب وأنواعه المتفشية بين الناس:
الكذب لإضحاك السامعين والحاضرين , وتشويقهم بالقصص والنكت والطرائف الكاذبة والمزيفة والملفقة
وكم ترى وتسمع من يكذب في المجالس والمكاتب والاستراحات ويأتي بالغرائب , يرسلها كالصواريخ
والقنابل ، يسوق من القصص والأحاديث والسوالف ما يجعل العبد المؤمن يشمئز من الحديث ومن قائله
بل حتى من المجلس الذي هو فيه ، وهذا مصداق ما أخبر به ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ
" يكون في آخر الزمان دجالون كذابون , يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم , فإياكم
وإياهم , لا يضلونكم , ولا يفتنونكم " رواه مسلم.
هؤلاء الدجالون الكذابون يتميزون بالثرثرة والهرج الزائد ، والكذب والواضح ، ويتلذذون بذلك إذا وجدوا
آذانا صاغية تسمع لهم ، وأفواه تتبسم ، وقلوب تجامل فترى الضحك والقهقهة والاستهزاء والسخرية
وفي المقابل صمت مطبق عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، تراهم
{ لا يتناهون عن منكر فعلوه }
إن المسلم العاقل ليتأمل في وصية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحذر من هؤلاء الدجالون الكذابون
وهو يقول " فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم " بمعنى:
{ فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره }
وبقوله { فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره }
إذا رأيت وسمعت الدجالون الكذابون في المجالس وعرفتهم من أحاديثهم
{ فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين } فإن العاقل لا يأمن الفتنة منهم " لا يضلونكم ولا يفتنونكم "
وروى البخاري مرفوعا:
" لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المُزاحة , ويترك المراء ، وإن كان صادقا "
الله أكبر!! ... " لا يؤمن العبد الإيمان كله " طيب .. متى يؤمن؟
حين يترك الكذب والمراء وإن كان صادقا ، فما بالك بالمتعمد والمتصنع والمخطط للكذب
وإذا قيل لأحدهم ما ينبغي لك أن تقول مثل هذا الكلام فإنه كذب ، قال ـ يا أخي ـ نمزح ، نضيع
الوقت ، نتسلى ننكت ، سبحان الله!
بالكذب ، بالدجل ، نمزح ونتسلى وننكت على حساب مخالفة نصوص شرعية!!
وكم من متورع عن أكل الحرام ولبسه ، ولسانه يفري بالكذب ، لا يبالي بما يقول ، لا يتحرى الصدق
ولا يتورع عن الكذب ، لذا قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث طويل
" ... رأيت الليلة رجلين أتياني ، وقالا: إن الذي رأيته يشق شدقه فكذاب ، يكذب الكذبة فتحمل عنه
حتى تبلغ الآفاق فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة " رواه البخاري ومسلم
ألا وإن المخرج هو :
" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "
هذا وللحديث بقية ـ إن شاء الله ـ
والسلام عليكم ورحمة الله
و