حـــــديــــث ... وتـــعـــلـــيـــق ( 5 )
(21)
قال جبريل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
"عزه ـ أي:المؤمن ـ استغناؤه عن الناس" حديث حسن.
قال حكيم: ( استغن عمن شئت تكن نظيره ، واحتج إلى من شئت تكن أسيره ، وأحسن إلى من شئت
تكن أميره ) لذا يكون الزهد والاستغناء في الدنيا سهلا عندما نعلم: أن الدنيا ظل زائل سماها سبحانه
متاع الغرور وذم من رضي بها واطمأن إليها ، وأن بعدها دارا أعظم منها قدرا وهي دار البقاء
" ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم فلينظر بم يرجع "
وأن الزهد فيها لا يمنع عنا شيئا كتب لنا منها ، وأن الحرص عليها لا يجلب ما لم يقدر لنا ، والعبد متى
أنزل فقره وفاقته بربه أعزه بعزه وأغناه بغناه ، في القناعة العز والحرية.
(22)
كان من دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
كان يقول ـ عليه الصلاة والسلام ـ:
" اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم "
فقيل له: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله!
فقال: " إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ، ووعد فأخلف "
قال ابن القيم: وفائدة جمعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين المأثم والمغرم ، أن المأثم ـ وهو الإثم ـ يوجب
خسارة الآخرة ، والمغرم ـ وهو الدين ـ يوجب خسارة الدنيا.
(23)
قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ:
" إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها ، حتى ما تجعله في في امرأتك "
قـد يداعب الواحد امرأته ويطعمها من باب الملاطفة البريئة ، ويغفل عن احتساب الأجر في مثل هذه
الأعمال الصغيرة ـ خصوصا مع الجو الرمنسي ـ ففيه لفتات طيبة ورائعة تمس ممارسة الإنسان لأعماله
الاعتيادية ، وكيف يحتسب الأجر فيها.
(24)
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" اللهم بارك لأمتي في بكورها "
كان صخر بن وداعة ـ رضي الله عنه ـ وهو راوي الحديث رجلا تاجرا ، وكان يبعث تجارته أول النهار
فأثرى وكثر ماله. صحيح أبي داود
وهكذا كل من أراد عملا من قراءة أو تسبيح أو علم أو صنعة أو سفر ، إذا فعله أول النهار.
(25)
في الحديث القدسي " وإن تركها ـ أي: السيئة ـ من أجلي فاكتبوها له حسنة " البخاري.
فمن همّ بسفر إلى معصية وتركه خوفا من الله ، كتبت له حسنة كاملة ، ومن همّ وسعى لحصول معصية
ثم تركها خوفا من الأوبئة أو لتعذر الحجز أو لنقص المال.. فالواجب عليه التوبة ، وليحمد الله الذي جعل
في طريقه العراقيل ليرجع ويتوب ويستعتب.