..:: كاتب وباحث تاريخي ::..
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 1,747
ذو القرنين
ذو القرنين من ملوك اليمن
ذو القرنين من ملوك اليمن لقب ذي القرنين تسمى به أكثر من واحد من ملوك حمير وأن هناك ذا القرنين الأول الكبير وغيره. كما أن ذا القرنين الأول وهو الذي بنى سد يأجوج ومأجوج قبل الإسكندر المقدوني بقرون كثيرة سواء كان معاصرا للخليل (عليه السلام) أو بعده كما هو مقتضى ما نقله ابن هشام من ملاقاته الخضر ببيت المقدس المبني بعد إبراهيم بعدة قرون في زمن داود وسليمان (عليهما السلام) فهو على أي حال قبله مع ما في تاريخ ملوك حمير من الإبهام. ويبقى الكلام على ما ذكره واختاره من جهتين:
أحدهما: أنه أين موضع هذا السد الذي بناه تبع الحميري؟
وثانيهما: أنه من هم هذه الأمة المفسدة في الأرض التي بنى السد لصدهم؟ فهل هذا السد أحد الأسداد المبنية في اليمن أو ما والاها كسد مأرب وغيره فهي أسداد مبنية لادخار المياه للشرب والسقي لا للصد على أنها لم يعمل فيها زبر الحديد والقطر كما ذكره الله في كتابه أو غيره؟ وهل كان هناك أمة مفسدة مهاجمة، وليس فيما يجاورهم إلا أمثال القبط والآشور وكلدان وغيرهم وهم أهل حضارة ومدنية؟.
[عدل] قول بن كثير
ذو القرنين أحد التبابعة العظام من الأذواء اليمنيين من نسل ملوك العرب حمّير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام والأدلة على هذه كثيرة وقد ذكره أيضا ابن هشام الذي قال أيضا إنه الإسكندر في السيرة والتيجان وأبي ريحان البيروني والعالم الكبير في التاريخ القديم نشوان الحميري في شمس العلوم وكتاب خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة، وقد جاء في بعض أشعار الحميريين تفاخرهم بجدهم ذو القرنين منها:
قد كان ذو القرنين جدي مسلما ملكا تدين له الملوك وتحتشد
وبلغ المشارق والمغرب يبتغي أسباب أمر من حكيم مرشد
فراي مغيب الشمس عند غروبها في عين ذي خلب وثأط حرمد
من بعده بلقيس كانت عمتي ملكتهم حتى أتاها الهدهد وهناك أشعار عربية كثيرة أرخت مجد ونسب ذو القرنين حتى أنه رثاه الشاعر الشهير امرؤ القيس الكندي:
ألم يحزنك أن الدهر غول ختور العهد يلتهم الرجالا
أزال عن المصانع ذا رياش وقد ملك السهول والجبالا
همام طحطح الآفاق وجيا وقاد إلى مشارقها الرعالا
وسد بحيث ترقى الشمس سدا ليأجوج ومأجوج الجبالا والمنذر بن ماء السماء اللخمي ملك الحيرة (العراق) فما ملك العراق على المعلي بمقدار ولا الملك الشآم أسد نشاص ذي القرنين حتى تولى عارض الملك الهمام. وقد قال تبع الأكبر شعرا:
أنا تبع الأملاك من نسل حمير ملكنا عباد الله في الزمن الخالي
ملكناهم قهرا و سارت جيوشنا إلى الهند والأتراك ترى بأبطال
ولك بلاد الله قد وطئت لنا خيول لعمري غير نكس واعزال
فمالت بنا شرق البلاد وغربها لهتك ستور نكبة ذات اهجال
وعطل منها كل حصن ممنع ونقل منها ما حوته من مال
وتلك شروق الأرض منها وطأتها إلى الطين والأتراك حالا على حال
فإبنا جميعا بالسبايا وكنا على كل محبوك من الخيل صهال
بكل فتاة لم تر الشمس وجهها اسيلة تجري الدمع بيضاء مكسال
سموت الرى غرثى الوشاح كأنها من الحسن بدر زال عن غيم هطال
اتينا بها فوق الجمال حواسرا بلا دملج باق عليها وخلخال
تركناهم عزلا تطيح نفوسهم فلا ساكن منهم مقيم ولا وال
فما الناس إلا نحن لا ناس غيرنا وما الناس ان عدوا لقوي بأمثال والأشعار تطول وكما نعرف أن العرب كانوا يؤرخون تاريخهم بأشعارهم وينقلوا أخبارهم بأشعارهم، ومن كان يريد أن يقرأ عن سيرة وقصة ونسب ذو القرنين بشكل مفصل ودقيق، يرجع إلى كتاب: خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة – للكاتب نشوان الحميري.
قول المقريزي
قال المقريزي في الخطط: أعلم أن التحقيق عند علماء الأخبار أن ذا القرنين الذي ذكره الله في كتابه العزيز فقال: «و يسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا» الآيات عربي قد كثر ذكره في أشعار العرب، وأن اسمه الصعب بن ذي مرائد بن الحارث الرائش بن الهمال ذي سدد بن عاد ذي منح بن عار الملطاط بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود (عليه السلام) بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح (عليه السلام)، وأنه ملك من ملوك حمير ملوك اليمن وهم العرب العاربة، ويقال لهم أيضا العرب العرباء، وكان ذو القرنين تبعا متوجا، تبع لقب يطلق على ملوك اليمن ولما ولي الملك تجبر ثم تواضع لله، واجتمع بالخضر، وقد غلط من ظن أن الإسكندر بن فيلبس هو ذو القرنين الذي بنى السد فإن لفظة ذو عربية، وذو القرنين من ألقاب العرب ملوك اليمن، وذاك رومي يوناني وأيضا هذا اليوناني لم يعمر أكثر من 30 عام وقتل وسيرته معروفه ولا داعي للخلط.
قول أبو جعفر الطبري
قال أبو جعفر الطبري: وكان الخضر في أيام أفريدون الملك بن الضحاك في قول عامة علماء أهل الكتاب الأول، وقيل: موسى بن عمران (عليهما السلام) وقيل: إنه كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان على أيام إبراهيم الخليل (عليه السلام) وإن الخضر بلغ مع ذي القرنين أيام مسيره في البلاد نهر الحياة فشرب من مائه وهو لا يعلم به ذو القرنين ولا من معه فخلد وهو حي عندهم إلى الآن، وقال آخرون إن ذا القرنين الذي كان على عهد إبراهيم الخليل (عليه السلام) هو أفريدون بن الضحاك وعلى مقدمته كان الخضر وهذا الرأي ضعيف.
قول أبو محمد عبد الملك بن هشام
وقال أبو محمد عبد الملك بن هشام في كتاب التيجان في معرفة ملوك الزمان، بعد ما ذكر نسب ذي القرنين الذي ذكرناه: وكان تبعا متوجا لما ولي الملك تجبر ثم تواضع واجتمع بالخضر ببيت المقدس، وسار معه مشارق الأرض ومغاربها وأوتي من كل شيء سببا كما أخبر الله تعالى، وبنى السد على يأجوج ومأجوج.
قول ابن عباس
وأما الإسكندر فإنه يوناني، ويعرف بالإسكندر المجدوني ويقال المقدوني: سئل ابن عباس عن ذي القرنين: ممن كان؟ فقال: من حمير وهو الصعب بن ذي مرائد الذي مكنه الله في الأرض وآتاه من كل شيء سببا فبلغ قرني الشمس ورأس الأرض وبنى السد على يأجوج ومأجوج. قيل له: فالإسكندر؟ قال: كان رجلا صالحا روميا حكيما بنى على البحر في إفريقية منارا، وأخذ أرض رومة، وأتى بحر العرب، وأكثر عمل الآثار في العرب من المصانع والدول
قول كعب الأحبار
وسئل كعب الأحبار عن ذي القرنين فقال: الصحيح عندنا من أحبارنا وأسلافنا أنه من حمير وأنه الصعب بن ذي مرائد، والإسكندر كان رجلا من يونان من ولد عيصو بن إسحاق بن إبراهيم الخليل (عليه السلام) ورجال الإسكندر أدركوا المسيح بن مريم منهم جالينوس وأرسطو طاليس.
قول الهمداني
وقال الهمداني في كتاب الأنساب: وولد كهلان بن سبإ زيدا، فولد زيد عريبا ومالكا وغالبا وعميكرب، وقال الهيثم: عميكرب بن سبإ أخو حمير وكهلان فولد عميكرب أبا مالك فدرحا ومهيليل ابني عميكرب، وولد غالب جنادة بن غالب وقد ملك بعد مهيليل بن عميكرب بن سبإ، وولد عريب عمرا، فولد عمرو زيدا والهميسع ويكنى أبا الصعب وهو ذو القرنين الأول، وهو المساح والبناء، وفيه يقول النعمان بن بشير. فمن ذا يعادونا من الناس معشرا * كراما فذو القرنين منا وحاتم. وفيه يقول الحارثي: سموا لنا واحدا منكم فنعرفه * في الجاهلية لاسم الملك محتملا. كالتبعين وذي القرنين يقبله * أهل الحجى فأحق القول ما قبلا. وفيه يقول ابن أبي ذئب الخزائي: ومنا الذي بالخافقين تغربا. وأصعد في كل البلاد و صوبا. فقد نال قرن الشمس شرقا ومغربا. وفي ردم يأجوج بنى ثم نصبا. وذلك ذو القرنين تفخر حمير. بعسكر فيل ليس يحصى فيحسبا. قال الهمداني: وعلماء همدان تقول: ذو القرنين الصعب بن مالك بن الحارث الأعلى بن ربيعة بن الحيار بن مالك، وفي ذي القرنين أقاويل كثيرة
الأدلة والبراهين على أن ذي القرنين من الحميريين !!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه وسلم أفضل الصلاة وأتم التسليم .
وبعد :
قال تعالى : ( ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وءاتينه من كل شيء سببا فأتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من ءامن وعمل صالحا فله جزاءا الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال ءاتوني أفرغ عليه قطرا فما اسطعوا أن يظهروه وما استطعوا له نقبا ) سورة الكهف : الآيات 83 – 98 .
قد أطلعت على كتاب : ( فك أسرار ذي القرنين ويأجوج ومأجوج ) لمؤلفة حمدي أبو زيد قبل سنة تقريبا والحقيقة أنه كتاب (علمي بحت) وفيه بعض من الأخطاء والمغالطات وسوف نذكر بعضها سريعا ونأسف مقدما على عدم ترتيب الموضوع ترتيبا علميا فمن الأخطاء التي وقع فيها المؤلف عف الله عنا وعنه إهماله الأحاديث النبوية المتعلقة بذي القرنين وأقوال العلماء والمؤرخين الإسلاميين وإكثاره النقل من تواريخ الأمم الأخرى كالتواريخ الصينية والغربية هذا مع إهماله النقل عن التواريخ الإسلامية !! مما أوقع المؤلف في العديد من الأخطاء التاريخية والمزالق العقدية وسأتطرق إلى أحد تلك الأخطاء التي وقع فيها المؤلف وهو جزمه بأن ذي القرنين هو أحد الفراعنة المصريين وهو الملك الفرعوني ( أخناتون ) وحقيقة أن هذا القول لم يقل به أحد من علماء الإسلام والمؤرخين فقد ذكروا عدة أسماء كالإسكندر والحميري وغيرهم أما أنه الملك ( أخناتون ) فلم يقل بذلك أحد غير المؤلف على حد علمي والله أعلم ..
وبالجملة فالكتاب لا بأس به من الناحية الجغرافية والعلمية أما من الناحية التاريخية فهو فيه الكثير من الأخطاء الواضحة للجميع وسأبين خطأ القول بأن ذي القرنين هو الملك ( أخناتون ) والمؤكد أن ذي القرنين عربي الأصل وأنه من التبابعة الحميريين وسنبين ذلك باختصار شديد ببعض النقول والشواهد الشعرية وخاصة في الجاهلية التي قيلت قبل الإسلام كخطبة قس بن ساعده الأيادي وذكره في خطبة ذي القرنين وشعر حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه وغير ذلك حتى لا يقال أنهم قد انتسبوا إلى ذي القرنين بعدما عرفوا فضائله !! ومعلوم أن المؤلى قد ذكره في كتابه ..
وأما بخصوص الملك الفرعوني ( أخناتون ) فالمذكور في كتب التواريخ والمشهور عنه وعن قومه الفراعنة أن جميعهم وثنيون على الشرك والعياذ بالله وشاهد ذلك هو معابدهم وتاريخهم الباقي إلى اليوم بل يقال إن ( أخناتون ) هذا أنه كان يعبد الشمس وسماها ( أتون ) بل وحمل قومه على عبادة الشمس بل إن منشأ القول بأن ذي القرنين هو ( أخناتون ) فهذا القول لم يعرف قديما إنما أحدث في العصور المتأخرة وأحدثه بعض المرجفون من الفلاسفة المصريون كما فعل أحد الضالين لديهم وهو نجيب محفوظ الذي كتب ( الملك النبي إخناتون ) وهؤلاء القوم إنما يدفعهم على ذلك التعصب المقيت وما يتوهمون من أنه حضارة !! وما هو في الحقيقة إلا ضلاله !! ووثنية حتى وصف أحدهم شدة تعصب أولئك المرجفون بقوله يسخر منهم !! :
و أخناتون للتوحيد داعٍ قديما=قبل كل المرسلينا
وكعبتنا الحبيبة لو أرادوا=لقالوا إنها كانت بسينا
الحميريون والتبابعة :التبابعة جمع تبع وهو اسم كانوا يلقبون به ملوك اليمن كقيصر للروم وكسرى للفرس .
من هو ذي القرنين :
قيل : الصعب ابن الحارث وقيل اسمه الصعب ابن ذى مرائد وهو أشهر ملوك بلاد اليمن ..
قال الإمام ابن الجوزي في تنوير الغبش في فضل السودان والحبش (1/85)
طبعة : دار الشريف , ط 1 تحقيق : مرزوق علي إبراهيم , سنة 1419 هـ .
وقد اختلفوا في ذي القرنين
فقال عبد اللَّهِ بن عمرو بن سعيد بن المسيب والضحاك بن مزاحم كان نبيا , وروينا عن علي بن أبي طالب رضي اللَّهِ عنه أنه قال كان عبدا صالحا من القرون الأول من ولد يافث بن نوح , وذكر جعفر بن محمد الرسعني في تاريخه عن إبراهيم عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال كان ذو القرنين أسود , وقال أبو الحسين بن المنادي كان ذو القرنين في زمن إبراهيم الخليل عليه السلام ومات في ذلك الزمن .
وفي علة تسميته بذي القرنين عشرة أقوال :
الأول : أنه دعا قومه إلى اللَّهِ تعالى فضربوه على قرنه فهلك فغبر زمانا ثم بعثه الله تعالى فدعاهم إلى الله تعالى فضربوه على قرنه الآخر فهلك فذلك قرناه قاله علي بن أبي طالب
الثاني : أنه سمي بذلك لأنه سار إلى مغرب الشمس وإلى مطلعها رواه أبو صالح عن ابن عباس
والثالث : لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس
الرابع : لأنه رأى في النوم كأنه امتد من السماء إلى الأرض فأخذ بقرني الشمس فقص ذلك على قومه فسمي بذي القرنين
الخامس : لأنه ملك فارس والروم
السادس : لأنه كان في رأسه شبه القرنين رويت هذه الأقوال الأربعة عن وهب بن منبه
السابع : لأنه كانت له غديرتان من شعر قاله الحسن قال ابن الأنباري والعرب تسمي ضفيرتي الشعر غديرتين وقرنين
الثامن : أنه كان كريم الطرفين من أهل بيت ذوي شرف
التاسع : لأنه انقرض في زمانه قرنان من الناس وهو حي
العاشر : لأنه سلك الظلمة والنور
" قلت " وكذلك فصل في هذه المسألة الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه " الزهر النضر في أخبار الخضر " وقد ذكر أن الخضر كان وزيرا له ..
وقال الدكتور الباحث التاريخي محمد علي الصلابي مقالاته " فقه التمكين عند ذي القرنين "
ب - من هو ذو القـرنين؟ :
اختلف المفسرون في اسم ذي القرنين ونسبه وزمان وجوده ، وسبب تلقيبه بذي القرنين ، لقد تضاربت أقوالهم وآراؤهم ، وتعارضت أدلتهم ، واعتمد الكثير منهم على الإسرائيليات والخرافات والأساطير ، والروايات الواهية ، والأخبار الكاذبة .
وعندما طالعت الكتب التي تكلمت عن ذي القرنين خرجت بنتيجة وهي : لا يمكننا الحزم بتحديد شخصية ذي القرنين ، ولا تحديد رحلاته الثلاث التي أشار إليها القرآن ، ولا تحديد السد الذي بناه على الكره الأرضية.
إن القرآن الكريم والسـنة النبوية المطهرة لم يتعرضا إلى تلك التفصيلات ، وبما أنهما سكتا عن المعلومات التفصيلية ، فلا دلالة يقينية عليها.ولذلك يكون كلام المفسرين وأهل التاريخ والعلماء عنها من باب الظن وليس من باب الجزم .
لقد قالوا : إن ذا القرنين هوالإسكندر المقدوني اليوناني وذلك لأن البلاد التي استولي عليها الإسكندر امتدت إلى مشارق الأرض ومغاربها . وقيل هو قورش الإخميني ، لإجماع المؤرخين على عدالة سيرته وحسن سيرته في الشعوب والممالك التي استولي عليها . وقيل أنه أبو كرب شمر بن عمرو الحميري.
ولقد ناقش الأستـاذ محمد خير رمضان يوسف الأقوال السابقة وخرج بنتيجة أن ذا القرنين لم يكن واحدا من هؤلاء الثلاثة ، واستطاع أن ينقد نقدا علميا متينا فنّد فيه آراء كل من ذهب إلى أنه الحميرى ، أو الاسكندر ، أو قورش.
وقال : إن النتيجة التي وصلت إليها هي : أن ذو القرنين القرآني الذي ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز ، وأثنى عليه بالإيمان والإصلاح والعدل ، في سورة قرآنية عظيمة ، وآيات إعجازية جليلة ، وقصة تاريخية نادرة ، مليئة بالدروس والعبر ، طافحة بالعظمات والمبادئ والحكم..إنه عَلََمٌ قرآني بارز … خلد الله تعالى ذكره في كتابه الخالدة فاستحق أن ينال اللقب القرآني .. وكفى.
ولم أشأ أن أقول غير هذا .. لأنني لم أر من أعطى شخصية ذي القرنين حقها في التاريخ مثلما أعطى لها الله عز وجل ، في كتابه العظيم ، إنه الرجل الطواف في الأرض ، الصالح العادل ، الخاشع لربه ، والمنفذ لأمره ، والقائم بين الناس بالإصلاح ، والذي ملك أقاصي الدنيا وأطرافها ، فلم يغره مال ولا منصب ولا جاه ولا قوة ولا سلطان ، بل إنه بقي ذاكرا لفضل ربه ورحمته ، متأهبا لليوم الآخر ، ليلقى جزاءه العادل عند ربه.
ويكفى أن يبقى ذو القرنين تلك الشخصية العظيمة في التاريخ ، وذلك العلم البارز في العدل والإصلاح والقيادة ومثال الحاكم الصالح ، على مر التاريخ ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بشهادة الكتاب الخالد .
وقال أبي منصور الثعالبي في ثمار القلوب في المضاف والمنسوب :
( ذو القرنين ) قال الجاحظ فى كتاب التدوير والتربيع ولقد سألت عن ذى القرنين أهو الإسكندر ومن أبوه ومن قيرى ومن عيرى فقال القاضى أبو الحسن على بن عبد العزيز الجرجانى فى الجواب عن ذلك وشرحه قال أكثر من بحث عن سالف الأمور وتصفح ما حدث منها من متقادم العصور أن التسمية بذى القرنين لا تعرف فى غير هذه اللغة ولا يوجد منها علم إلا عند هذه الأمة ومتى سمعنا غيرهم ينطق بها ووجدنا بعض الأمم يذكرها فبحثنا عن أصلها ومأخذها وسألناهم عن معناها وتأويلها اصبناها راجعة إليهم وأحلنا فى الإسناد عليهم
قالوا ولم نعثر على كثرة التفتيش والتكشيف وشدة الطلب والتنقير من ملوك الأمم وأولياء الدول وقادة الجيوش وساسة الجنود ممن ارتفع فشهر أو خمل فغمر بمن لزمه هذا الأسم أو حصل له معناه أو استحقه بلازم خلقه أو مستجد صفة فأما نحن فقد وجدنا فى التواريخ القديمة المأخوذة عن السريانية واليونانية أن ضاميرس وهو الثالث من ملوك بابل خرج عليه أطر كركسى فحاربه وظفر به فقتله ونزع قرنى رأسه فجعلها إكليلا يلبسه فسمى ذا القرنين فهذا كما تراه تسمية مأخوذة من الأمم السالفة منقولة عن تلك اللغة إلى هذه ...
وقال صديق خان في لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان :
وقف التحقيق عند علماء الأخبار أن ذا القرنين الذي ذكره الله في كتابه فقال : ( ويسألونك عن ذي القرنين ) عربي قد كثر ذكره في أشعار العرب وأن اسمه الصعب بن ذي مراثد بن الحارث الرائش بن الهمال ذي سدد بن عاد بن دلدار فخشد بن سام بن نوح عليه السلام وأنه ملك من ملوك حمير وهم العرب العاربة ويقال لهم أيضا العرب العرباء ... وقد غلط من ظن أن الإسكندر بن فيلبش هو ذو القرنين الذي بنى السد فإن لفظة ذو عربية وذو القرنين من ألقاب العرب ملوك اليمن وذاك رومي يوناني ...
وقال أيضا :
وسئل ابن عباس عن ذي القرنين ممن كان فقال من حمير قيل له فالإسكندر قال كان روميا حكيما بنى على البحر في أفريقية منارا وأخذ أرض رومة وأتى بحر الغرب وأكثر من عمل المصانع والمدن ...
وقال أيضا :
وسئل كعب الأحبار عنه فقال الصحيح عندنا من أخبارنا وأسلافنا أنه من حمير والإسكندر كان رجلا من يونان من ولد عيصو بن اسحاق ابن إبراهيم ورجال الإسكندر أدركوا المسيح بن مريم منهم جالينوس وأرسطا طاليس .. وقال الرازي في التفسير ومما يعترض به على من قال إن الإسكندر هو ذو القرنين أن معلم الإسكندر كان أرسطا طاليس بأمره يأتمر وبنهيه ينتهي واعتقاد أرسطا طاليس مشهور وذو القرنين نبي فكيف يقتدي بنبي بأمر كافر في هذا أشكال ...
الحافظ ابن حجر العسقلاني يضعف رواية أن الإسنكندر هو ذي القرنين :
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري ( 6/382) طبعة : دار المعرفة , ط 1 تحقيق : محب الدين الخطيب .
وفي إيراد المصنف (يقصد الإمام البخاري ) ترجمة ذي القرنين قبل إبراهيم إشارة إلى توهين قول من زعم أنه الإسكندر اليوناني لأن الإسكندر كان قريبا من زمن عيسى عليه السلام وبين زمن إبراهيم وعيسى أكثر من ألفي سنة والذي يظهر أن الإسكندر المتأخر لقب بذي القرنين تشبيها بالمتقدم لسعة ملكه وغلبته على البلاد الكثيرة أو لأنه لما غلب على الفرس وقتل ملكهم انتظم له ملك المملكتين الواسعتين الروم والفرس فلقب ذا القرنين لذلك والحق أن الذي قص الله نبأه في القرآن هو المتقدم والفرق بينهما من أوجه :
أحدها : ما ذكرته والذي يدل على تقدم ذي القرنين ما روى الفاكهي من طريق عبيد بن عمير أحد كبار التابعين أن ذا القرنين حج ماشيا فسمع به إبراهيم فتلقاه ومن طريق عطاء عن بن عباس أن ذا القرنين دخل المسجد الحرام فسلم على إبراهيم وصافحه ويقال أنه أول من صافح ومن طريق عثمان بن ساج أن ذا القرنين سأل إبراهيم أن يدعو له فقال وكيف وقد أفسدتم بئري فقال لم يكن ذلك عن أمري يعني أن بعض الجند فعل ذلك بغير علمه ,
وذكر بن هشام في التيجان أن إبراهيم تحاكم إلى ذي القرنين في شيء فحكم له وروى بن أبي حاتم من طريق على بن أحمد أن ذا القرنين قدم مكة فوجد إبراهيم وإسماعيل يبنيان الكعبة فاستفهمهما عن ذلك فقالا نحن عبدان مأموران فقال من يشهد لكما فقامت خمسة أكبش فشهدت فقال قد صدقتم قال وأظن الأكبش المذكورة حجارة ويحتمل أن تكون غنما فهذه الآثار يشد بعضها بعضا ويدل على قدم عهد ذي القرنين ,
ثاني الأوجه : قال الفخر الرازي في تفسيره كان ذو القرنين نبيا وكان الإسكندر كافرا وكان معلمه ارسطا طاليس وكان يأتمر بأمره وهو من الكفار بلا شك وسأذكر ما جاء في أنه كان نبيا أم لا ؟ ,
ثالثها : كان ذو القرنين من العرب كما سنذكر بعد وأما الإسكندر فهو من اليونان والعرب كلها من ولد سام بن نوح بالاتفاق ... وشبهة من قال أن ذا القرنين هو الإسكندر ما أخرجه الطبري ومحمد بن ربيع الجيزي في كتاب الصحابة الذين نزلوا مصر بإسناد فيه بن لهيعة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين فقال كان من الروم فأعطى ملكا فصار إلى مصر وبنى الإسكندرية فلما فرغ أتاه ملك فعرج به فقال انظر ما تحتك قال أرى مدينة واحدة قال تلك الأرض كلها وإنما أراد الله أن يريك وقد جعل لك في الأرض سلطانا فسر فيها وعلم الجاهل وثبت العالم وهذا لو صح لرفع النزاع ولكنه ضعيف والله أعلم .
" قلت " هذا الإسناد ضعيف كما قال الحافظ فيه عبد الله ابن لهيعه وهو ضعيف وقد انفرد بالرواية فلا تقبل .
وقال أيضا :
وقد اختلف في اسمه فروى بن مردويه من حديث بن عباس وأخرجه الزبير في كتاب النسب عن إبراهيم بن المنذر عن عبد العزيز بن عمران عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس قال ذو القرنين عبد الله بن الضحاك بن معد بن عدنان وإسناده ضعيف جدا لضعف عبد العزيز وشيخه وهو مباين لما تقدم أنه كان في زمن إبراهيم فكيف يكون من ذريته لا سيما على قول من قال كان بين عدنان وإبراهيم أربعون أبا أو أكثر ؟؟ ...
قيل اسمه الهميسع ذكره الهمداني في كتب النسب قال وكنيته أبو الصعب وهو بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ وقيل بن عبد الله بن قرين بن منصور بن عبد الله بن الأزد وقيل بإسقاط عبد الله الأول...
>>>> يتبع بعون الله >>>.
( باب ما ذكرته العرب من الأشعار في ذي القرنين في الجاهلية والإسلام ) :
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري :
قال أعشى بن ثعلبة :
والصعب ذو القرنين أمسى ثاويا=بالحنو في جدث هناك مقيم
وقال الربيع بن ضبيع :
والصعب ذو القرنين عمر ملكه=ألفين أمسى بعد ذاك رميما
وقال قس بن ساعدة :
والصعب ذو القرنين أصبح ثاويا=باللحد بين ملاعب الأرياح
وقال نشوان الحميري :
والصحيح الذي جاءت به الشواهد في كتاب الله تعالى وفي أشعار العرب، وقد وقع الإجماع فيه أنه من ولد قحطان بن هود عليه السلام وإنما وقع الاختلاف في نسبه إلى حمير أو كهلان فيما تقدم من الروايات .
وقال نشوان في مقطع من الملحمة الحميرية :
والرائد الملك المتوج تبع=ملك يرود الأرض كالمساح
فتح المدائن والمشارق وانتحى=للصين في برية وبراح
فأذاق بعبر حتفه فدحى به=في عقر لحد للمنية داحي
وأحل من يمن بتبت معشراً=أضحوا بها عنا من المزاح
والترك قبل الصين كان لهم به=يوم شتيم الوجه والأكلاح
وقال نشوان الحميري :
والصعب ذو القرنين أمسى ملكه= ألفين عاما ثم صار رميما
وقال حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه يفتخر بذلك ويذكر أن فيهم ذا القرنين ومسيره في البلاد، وبناءه السد في قصيدة طويلة ومنها :
لقد كان قحطان الندى القرم جدنا=له منصب في رافع السمك يشهر
ينال نجوم السعد إن مد كفه=تقل أكف عند ذلك وتقصر
ورثنا سناء منه يعلو ومتحدا=منيف الذرى سامي الأرومة يذكر
إذا انتسبت شوس الملوك فإنما=لنا الراية العليا التي ليس تكسر
لنا ملك ذي القرنين هل نال ملكه=من البشر المخلوق خلق مصور
بواتر يتلو الشمس عند غروبها=لينظرها في عينها حين يدخر
ويسمو إليها حين تطلع غدوة=فيلمحها في برجها حين يظهر
وكيلا بأسباب السماء نهاره=وليلي رقيبا دائما ليس يفتر
وأوصد سدا من حديد أذابه=ومن عين قطر مفرغا ليس يظهر
رمى فيه يأجوجا ومأجوج عنوة=إلى يوم يدعى للحساب وينشر
وقال تبع الحميري :
قد كان ذو القرنين قبلي مسلما=ملكا تدين له الملوك وتحشد
من بعده بلقيس كانت عمتي=ملكتهم حتى أتاها الهدهد
" قلت " القصيدة رواها ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ونشوان الحميري في خلاصة السير الجامعة
قد كان ذو القرنين عمر مسلما=ملكا تدين له الملوك وتحشد
يأتي المشارق والمغارب يبتغي=أسباب ملك من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند مآبها=في عين ذي خلب وثأط حرمد
وفي رواية أخرى :
قد كان ذو القرنين جدي مسلما=ملكا تدين له الملوك وتحسد
وفي أخرى أيضا لتبع الأصغر الحميري اليماني أسعد بن كليكرب :
منع البقاء تقلب الشمس=وطلوعها من حيث لا تمسي
وطلوعها بيضاء صافية=وغروبها صفراء كالورس
تجيء على كبد السماء كما=يجري حمام الموت بالنفس
وقال نشوان الحميري في كتابه خلاصة السير الجامعة :
والصحيح أن ذا القرنين تبع الأقرن لأنه ولد وقرناه أشيبان فسمى بالأقرن وذو القرنين قال فيه أسعد بن ملكي كرب بن تبع الأكبر أبن تبع الأقرن :
وقد كان ذو القرنين جدي قد أتى=طرف البلاد من المكان الأبعد
فرأى مغار الشمس عند غروبها=في عين ذي خلب وثأط حرمد
وبنى على يأجوج حين أتاهم=ردما بناه إذ أتاه مخلد
ودعا بقطر قد أذيب فصب=ما بينه وكذا بناء المحقد
ملك المشارق والمغارب يبتغي=أسباب ملك من حكيم مرشد
" قلت " وذكرها أبو السعود في تفسيره وقال بعد ذكره لهذه الأبيات السابقة :
وجعل هذا القول أقرب لأن الأذواء كانوا من اليمن كذي المنار وذي نواس وذي النون وذي رعين وذي يزن وذي جدن .
وذكرها الثعالبي في ( الكشف والبيان ) , وكذلك ابن عطية في المحرر الوجيز ,
وقال الصحابي النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه :
ومن ذا يعادينا من الناس معشر=كرام وذو القرنين منا وحاتم
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري , ونشوان الحميري في خلاصة السير الجامعة , والمقريزي في المواعظ والاعتبار .قال بعض الحارثيين يفتخر بكون ذي القرنين من اليمن يخاطب قوما من مضر :
سموا لنا واحدا منكم فنعرفه=في الجاهلية لاسم الملك
محتملا كالتبعين وذي القرنين يقبله=أهل الحجى وأحق القول ما قبلا
" قلت " صرح بأسمه نشوان الحميري في كتابه " خلاصة السير الجامعة في لعجائب أخبار الملوك التبابعة " حيث قال :وقال عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي يذكر ذا القرنين ويخبر باسمه :
فسموا كذى القرنين نعرف فضلكم=به إن في اليوم المبين شافيا
لنا الشرق والغرب احتيالا وقوة=فأبقى لنا غداً به الهر باقيا
بنى دون يأجوج ومأجوج إذ رأى=فسادهم ردماً لدى السد راسيا
دعا إذ أناه بالحديد فازه=ولاءم بالقطر المذاب السابيا
فما قدروا أن ينقبوا بحيلة=ولا وجدوا فيه لرجل مرقيا
فقد سار عرض الأرض قدماً وطولها=وما كان بها واهن البطش واهيا
فنودي لما سار والشمس خلفه=على الماء ذا القرنين قف واحف طافيا
فقد جئت حدثني الأرض والظلمة التي=مررت بها تهوى على الماء ماشيا
وكان اسمه في قومه الصعب لم يكن=له اسم سواه يستحق المماريا
وقال الحافظ في فتح الباري :
ويؤخذ من أكثر هذه الشواهد أن الراجح في اسمه الصعب ووقع ذكر ذي القرنين أيضا في شعر امرئ القيس , وأوس بن حجر , وطرفة بن العبد , وغيرهم .
وقال ابن الوردي في تاريخه :
ذو القرنين المذكور في القرآن وهو ملك قديم على زمن إبراهيم الخليل قيل أنه أفريدون وقيل غيره وغلط من ظن أن باني السد هو الإسكندر الرومي , ولذلك استفاض على الألسنة أن لقب الإسكندر ذو القرنين وهذا أيضا غلط فإن لفظه ذو عربية محضة وذو القرنين من ألقاب العرب وملوك اليمن وكان منهم : ( ذو جدب , وذو كلاع , وذو نواس , وذو شناتر , وذو القرنين الصعب بن الرائش ) واسم الرائش الحارث بن ذي سدد بن عاد بن الماطاط بن سبا , وقيل : إن ذا القرنين الصعب هو الذي مكن الله له في الأرض وبني السد ,
ومما نقله ابن سعيد المغربي أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن ذي القرنين الذي ذكره الله في كتابه فقال : ( هو من حمير ) وهذا مما يقوي أنه الصعب المذكور لأنه كان ملكا عظيما من ولد حمير ...
( وعلق نشوان بعد ذلك بقوله ) :
فحقق أنه الصعب بن مالك وكذلك حقق حسان بن ثابت أنه من ولد مالك بن زيد بن كهلان بقوله لنا ملك ذي القرنين هل نال ملكه من البشر المخلوق خلق مصور فلما فرغ من خبره قال : وفي سبأ هل كان عز كعزهم فأخرجهم من حمير وأخرجها من قصصه .
وقال فيه علقمة بن ذي جدن ورثاه في جملة من ذكر من ملوك قحطان فقال :
أين الذي بلغ المشارق كلها=ومغارب الأرض التي لم تعمر
وبنى على يأجوج ردماً رصف=بالقطر لم ينقب ولما يظهر
فتناولته منية قصدت=فأجابها ومضى كأن لم يذكر
ويقول طرفة بن العبد وهو شاعر جاهلي :
فكيف يرجي المرء دهراً مخلداً=وأعماله عما قليل تحاسبه
ألم تر لقمان بن عاد تتابعت=عليه النسور ثم غابت كواكبه
وللصعب أسباب نجل خطوبها=أقام زمانا ثم بانت مطالبه
إذا الصعب ذو القرنين أرخى لواءه=إلى مالك ساماه قامت نوادبه
يسير بوجه الحتف والعيش جمعه=وتمضي على وجه البلاد كتائبه
وقال نشوان الحميري في خلاصة السير الجامعة وفيه يقول ابن أبي ذئب الخزاعي :
ومنا الذي بالخافقين تغربا=وأصعد في كل البلاد وصوبا
فقد نال قرن الشمس شرفا ومغربا=وفي ردم يأجوج بنى ثم نصبا
وذلك ذو القرنين تفخر حمير=بعسكر قيل ليس يحصى فيحسبا
قال الهمداني وعلماء همدان تقول : ذو القرنين الصعب بن مالك بن الحارث الأعلى بن ربيعة بن الجبار بن مالك .
" قلت " والأبيات ذكرها المقريزي في المواعظ والاعتبار , ونشوان الحميري في خلاصة السير الجامعة , وعزاها كذلك للهمداني في الإكليل ولم أرها فيه ..
" قلت " ونقل القول بأنه الصعب الحميري كل مما يلي :
القرطبي في تفسيره نقل قول ابن هشام , وابن الجوزي في زاد المسير نقل قول ابن خيثمه أنه الصعب , وابن حيان في البحر المحيط , وابن حجر في الفتح , والسهيلي في الروض الأنف , وابن الوردي في تاريخه , وابن الأثير في الكامل , وابن مأكولا في الإكمال , ووهب بن منبه في كتابه التيجان في معرفة ملوك الزمان وغيرهم ..
وقال أحدهم على أن الصعب هو ذي القرنين :
والصعب ذو القرنين أصبح ثاويا=بالحنو في جدث أميم مقيم
وتزعن من داود أحسن صنعة= ولقد يكون بقوة ونعيم
صنع الحديد لحفظه أسراده=لينال طول العيش غير مروم
" قلت " وعزاه السهيلي في الروض الأنف إلى الأعشى ,
وعزاها الحافظ في الفتح إلى الأعشى ,
وعزاه ابن منظور في لسان العرب إلى لبيد ,
وعزاها الأنباري في الباقلاني إلى لبيد .
" قلت " وهي مطبوعة في ديوان لبيد بن ربية العامري فالأظهر أنها له وليست للأعشى لأن بيت الأعشى قريب منه وشطره الأول : هم ضربوا بالحنو حنو قراقر .
وقال الربيع بن ضبع (ضبيع) الفزاري :
والصعب ذو القرنين عمر ملكه=ألفين أمسى بعد ذاك رميما
" قلت " هذا البيت ذكره نشوان الحميري في خلاصة السير الجامعة , والحافظ ابن حجر في الفتح وعزاه للربيع بن ضبيع .
وقال نشوان الحميري :
ومما يدحض رواية العجم فيما أدعوه من بنائه السد أن مسير الدنيا المشرق إلى المغرب فيما يؤثر عن العلماء أنه مقدار خمسمائة سنة من مطلع الشمس إلى مغربها وكان مدة عمر الاسكندر بن فيلبوس ستا وثلاثين سنة فكيف يمكن بلوغه مطلع الشمس إلى مغربها في هذه المدة اليسيرة ؟؟ وإتما تصح الرواية في بلوغ أقصى مطلعها وأقصى مغربها فيمن أقدره الله على ذلك وممكن له في الأجل فنال ذلك على المهل ، ( وهو ذو القرنين الصعب ) ويكنى ذا رياش بن مالك بن الحارث ذي مراثد بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان ، ( وذو القرنين ) اسم عربي من الأذواء وهو من المعمرين وكان فيما يذكرون والله اعلم أنه عمر ألفا سنة ، وقد جاءت بذلك الشواهد من الأشعار ,
ومنها قوله بعد رجوعه لما نعيت نفسه إليه فجعل يخاطب نفسه :
صعب حقاً كل شيء ذاهب=إلا الإله الواحد المعبود
هتكت خطوب الدهر عمرك هتكة=أمسى حسامك دونها مغمودا
عمرت ألفاً بعد ألفا قبلها=في العالمين فقد دعيت وحيدا
وقصدت آفاق البلاد بقدرة=فوجدت نحساً دونها وسعودا
فهديت فيها مؤمناً ذا همة=ونشزت منها كافراً وجحودا
ورايت عين الشمس عند سقوطها=ووردت أمواج المحيط ورودا
وبلغت أعلام المشارق كلها=أبغي بما أبغي لهن حدودا
فوطئت يأجوجاً ومأجوجاً بها=وبنيت دونها وحديدا
وجعلت عن شريهما مندوحة=فالفج عن صدفيهما مقصودا
وولجت في الظلمات حين ولجتها=خوفا وكان وتاجها محدودا
ولقيت تحت الشمس قوماً خلتهم=تحت الظلام خنازراً وقرودا
وعلوت في الدنيا بعزة قاهر=أكدت فيها للبقا تأكيدا
حاولت أن أعطي الخلود وأرتقي=في الخافقين إلى السماء صعودا
فأبى لي الله الذي أملته=أمس المنى دون الرضا ممدودا
فالحنو للصعب المعبهل منهل=يسعى به أمداً له ممدودا
قال النعمان بن الأسود بن المعترف بن عمرو بن يعفر بن سكسك المقعقع الحميري يرثي ذا القرنين الحميري :
بحنو قراقر أمسى رهيناً=أخو الأيام والدهر الهجان
لئن أمست وجوه الدهر سوداً=جلين لذلك الملك اليماني
لقد صحب الردى ألفين عاماً=ولاقاه الحمام على ثمان
إذا جاوزت من شرفات حنو=وسرت بايك برقة رحرحاني
إذا جزت العقيق بأرض هند=إلى القنوات والنخل الدواني
هناك الصعب ذو القرنين ثاو=بأرض تنوفة الحنوين عاني
ألم تر أن حنو الرمل أمسى=لملك الدهر والدنيا مغاني
فقال للنازلين بكل أرض=لكم أمر على بعد وداني
وقال نشوان الحميري :
قال أبو محمد : حدثنا أسد عن إدريس عن وهب بن منبه عن عبد االله بن العباس أنه سئل عن ذي القرنين ممن كان ؟؟ , قال : كان من حمير وهو الصعب بن ذي مراثد وهو الذي مكن الله له في الأرض وآتاه من كل شيء سببا بلغ قرني الشمس وداس الأرض وبني السد على يأجوج ومأجوج .
قال فالأسكندر الرومي ؟؟ , قال : كان الاسكندر الرومي رجلاً صالحاً حكيما ، بني على بحر أفريقيس منارتين واحدة يأرض بابلبيون ، وأخرى في أرض رومة ، وسمي إفريقيس باسم ملك عظيم من عظماء التبابعة أكثر الآثار عليه في المغرب من المصانع والمدن والآثار .
وسئل كعب الأحبار عن ذي القرنين ؟؟ , فقال : الصحيح عندنا من علوم أحبارنا وأسلافنا أنه من حمير وأنه الصعب بن ذي مرائد ، والأسكندر من بني يونان أبن عيص بن إسحق بن إبراهيم عليه السلام ورجاله أدركوا عيسى بن مريم منهم جالينوس وأرسطوطاليس ودانيال وهو من بني إسرائيل وجالينوس وأرسطوطاليس من بني يونان من الروم...
( خطبة قس بن ساعدة الإيادي الجاهلي التي ذكر فيها ذي القرنين ) وذكره قس بن ساعدة الإيادي ( الجاهلي ) فقال :
( أيها الناس، هل أتاكم ما لم يأت آبائكم الأولين ، أو أخذتم عهدا من السنين ، أم عندكم من ذلك يقين ؟؟ ، أم أصبحتم من ريب المنون آمنين ؟؟ ، بل أصبحتم والله في غفلة لاعبين !! ، أين الصعب ذو القرنين ؟؟ ، جمع الثقلين ، وأداخ الخافقين ، وعمر ألفين ، لم تكن الدنيا عنده إلا كلمحة عين , إلى أن أنشاء وقال في قصيدة طويلة وفيها :
والصعب ذو القرنين أصبح ثاويا=بالحنو بين ملاعب الأرواح
وقال الأعشى :
والصعب ذو القرنين أصبح ثاويا=بالحنو في جدث رميم مقيما
وقال الربيع بن ضبع الفزاري :
سيدركني ما أدرك المرء تبعا=ويغتالني ما اغتال أنسر لقمان
أجار مجير النمل من عز ملكه=وأنزل سيف البأس من رأس غمدان
وألوى بذي القرنين بعد بلوغه=مطالع الشمس بالإنس والجان
وقال الربيع أيضا :
لا بد أن ألقي المنون وإن نأت=عني الخطوب وصرفه المحتوما
هلا ذكرت له العرنجج حميرا=ملك الملوك على القليب مقيما
والصعب ذو القرنين عمر ملكه=ألفين أمسى بعد ذلك رميما
ونبت به أسبابه حتى رأى=وجه الزمان بما يسوء شتيما
وقال امرؤ القيس يذكر ذا القرنين الصعب بن ذي مرائد :
ألم يحزنك أن الدهر غول=ختور العهد يلتهم الرجالا
أزال عن المصانع ذا رياش=وقد ملك السهول والجبالا
همام طحطح الآفاق وجيا=وقاد إلى مشارقها الرعالا
وسد بحيث ترقى الشمس سدا=ليأجوج ومأجوج الجبالا
وسئل علي عليه السلام عمن اجتمع له ملك الأرض كلها، فقال :
( ملك الأرض كلها أربعة : مؤمنان , وكافران , فالمؤمنان سليمان بن داود وذي القرنين اسمه الصعب بن عبد الله بن مالك بن زيد بن سدد بن حمير الأصغر بن سبأ الأصغر والكافران تبع والنمرود .)
وقال نشوان الحميري في ذي القرنين :
هذا الملك الرائد وهو الذي يسمى به الأكبر لعظم ملكه وشدة وطأته وهو تبع أبن الأقرن بن يرعش بن إفريقيس وكثير من حمير يقول أنه ذو قرنين السيار الذي بنى سد يأجوج ومأجوج وأنه الصعب ذو القرنين بن الأقرن ، فأقام عشرين سنة لا يغزو ، ثم أتاه عن الترك ما ساءه من تطاولهم على من ببابل وتناولهم لأطاربفه فسار إليهم على الأرض نجد ثم على جبلي طيء ثم على الأنبار وهو الطريق الذي ك يسلكه الرائش وشمر يرعش فلقيهم في حدثني أذربيجان فهزمهم وأذرع القتل فيهم وأسر منهم وسبى ثم جال في بابل وبلد خرسان وفارس ثم توجه إلى نحو الصين فافتتحها واستباحها وأخذ ما كان من الأموال وقتل ملكها يعبر وأقام بها مدة ثم قفل وخلف في التبت في صدره جيشاً عظيماً رابطة ,
فأعقبهم بالتبت إلى اليوم , قال عبيد بن شرية : ( وهو التبتيون , وإذا سئلوا عن أنسابهم ؟؟ أخبروا : أنهم من العرب وإن لهم بيتاً يعبدون فيه ربهم ويطوفون حوله أسبوعاً ويذبحون وذلك في شهر من السنة ) قال : ولما كثرت الأعداء بيننا وبين البيت وكنا إذا خرجنا إليه تعظيما له أعتزلوا دونه فلما رأى ذلك أولونا جعلوا في بلادهم وموضعهم الذي يسكنون فيه بيتا مثل ذلك البيت فنحن اليوم نعظمه ونطوف به سبع مرات ونذبح فيه شهرين في السنة ونطعم ثلاثة أيام من جاء من الناس ...
وقد قال تبع الأكبر في ذلك شعراً ويذكر فيه ذي القرنين :
أنا تبع الأملاك من نسل حمير=ملكنا عباد الله في الزمن الخالي
ملكناهم قهراً وسارت جيوشنا=إلى الهند والأتراك ترى بأبطال
ولك بلاد الله قد وطئت لنا=خيول لعمري غير نكس وأعزال
فمالت بنا شرق البلاد وغربها=لهتك ستور نكبة ذات أهجال
وعطل منها كل حصن ممنع=ونقل منها ما حوته من المال
وتلك شروق الأرض منها وطأتها=إلى الصين والأتراك حالا على حال
فإبنا جميعاً بالسبايا وكنا=على كل محبوك من الخيل صهال
بكل فتاة لم تر الشمس وجهها=أسيلة تجري الدمع بيضاء مكسال
سموت البرى غرثى الوشاح كأنها=من الحسن بدر زال عن غيم هطال
أتينا بها فوق الجمال حواسراً=بلا دملج باق عليها وخلخال
تركناهم عزلا تطيح نفوسهم=فلا ساكن منهم مقيم ولا وال
فما الناس إلا نحن لا ناس غيرنا=وما الناس إنْ عدوا لقومي بأمثال
وتبع الأكبر هذا هو القائل من شعر طويل :
منع البقاء تقلب الشمس=وطلوعها من حيث لا تمسي
وطلوعها بيضاء صافية=وغروبها صفراء كالورس
تجري على كبد السماء كما=يجري حمام الموت للنفس
اليوم أعلم ما يجيء به=ومض بفصل قضائه أمس
وتشتت الأهواء يخلجني=والغزو نحو مطلع الشمس
وانا الهمام الحميري على=نجم السعود ولدت لا النحس
قدنا الجياد على كواكبها=أسد العرين وأشبل الفرس
وقال نشوان الحميري :
والكامل الملك المتوج أسد=فيه تقصر مدحه المداح
كم قاد من جيش أجيش كبابلٍ=وكتيبةٍ تغشى البلاد رداح
حتى استباح بلاد فارس بالقنا=وبكل أجرد في الجياد وقاح
والترك والخزر استباح بلادهم=والروم منه تتقي بالراح
والصين تجبي خراجها عماله=في بكرةٍ من دهرهم ورواح
نطح الأعاجم في جميع بلادهم=بأحد قرنٍ في الوغى نطاح
وأذاق موليس الحمام وجؤذراً=ونجى قباذ كثعلبٍ صياح
حتى أتاه ذو الجناح برأسه=من أرض بلخ ونهرها المنساح
وأتى بقسطنطين في أغلاله=وبهرمزٍ في قيده الملحاح
وغزوا أرض الشمال فخاض في=ظلماتها بمنارة المصباح
وكسى البنية ثم قوس هدية=سبعين ألفاً من بنات لقاح
وروى ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (62/414) طبعة : دار الفكر - بيروت – ، تحقيق : محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري , سنة 1995م .
أنه وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثنين وسبعين رجلا من الحبشة وأن النبي صلى الله عليه وسلم قودني عليهم وعقد لي راية صفراء ذراعين في ذراعين وفيها هلال أبيض وعذبتان سوداوان وبينهما عذبة بيضاء وجعل لي شعارنا كل خير وكان منهم ذو مجبر وذو مهدم وذو مناحب وذو دجن فقال لهم انتسبوا فقال ذو مهدم :
على عهد ذي القرنين كانت سيوفنا=صوارم يفلقن الحديد المذكرا
فمن كان يعمى عن أبيه فإننا=وجدنا أبانا العدملى المشهرا
وهودا أبونا سيد الناس كلهم=وفي زمن الأحقاف عزا ومفخرا
وقال ابن الأثير الجزري في أسد الغابة عقب ذكره لهذه الأبيات لصحابي ذو مهدم رضي الله عنه .قلت : قوله وهود أبونا فيه نظر فإن هوداً لم يكن أبا للحبشة ولعله من العرب وقد سكن أرض الحبشة والله أعلم .
" قلت " لعلهم عرب من اليمن سكنوا الحبشة وهي بجوار اليمن وأتوا من الحبشة فليس هناك ما يدل على أنهم ليسوا عرب ولو لم يكونوا عربا لما انتسبوا إلى هود عليه السلام وهو جد قحطان على الصحيح من النسب والله أعلم .
ويقول ابن حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط :
وقال أبو الريحان البيروتي المنجم صاحب كتاب : ( الآثار الباقية عن القرون الخالية )
هو : أبو بكر بن سمي بن عمير بن إفريقس الحميري بلغ ملكه مشارق الأرض ومغاربها وهو الذي افتخر به أحد الشعراء من حمير حيث قال :
قد كان ذو القرنين قبلي مسلما=ملكاً علا في الأرض غير مبعد
بلغ المشارف والمغارب يبتغي=أسباب ملك من كريم سيد
قال أبو الريحان : ويشبه أن يكون هذا القول أقرب لأن الأذواء كانوا من اليمن وهم الذين لا تخلوا أسماؤهم من ذي كذي المنار وذي يواس انتهى والشعر الذي أنشده نسب أيضاً إلى تبع الحميري .
" قلت " وفي الأبيات السابقة يتبين أمرين :
الأول : أن ذي القرنين أحد أجداد تبيع الحميري وكلمة جدي هي الأصل لأن المقام مقام فخر وانتساب لذي القرنين فلا يعقل أن يقول قبلي لأنه لا فائدة بأن يفتخر بمن قبلة إن لم يكن من أصلة ونسبة !! وهذا فيه دليل على أن ذي القرنين من أصل عربي ,
ثانيا : قوله وذي القرنين جدي كان مسلما إلى أن قال (وعمتي) بالقيس وفي هذا دليل على أن بالقيس ابنة ذي القرنين وذلك لقوله جدي ومن ثم بعدها عمتي أي أن بالقيس هي ابنة ذي القرنين ومعلوم أن بلقيس من اليمن بلا خلاف في ذلك ومما يؤكد ذلك أنه ذكر أكثر المفسرين وأهل السير والأخبار والأنساب بالإجماع أن بلقيس قد ترك لها والدها ملكا عظيما وهذا ما ينطبق على ذي القرنين فقد كان أحد الأربعة الذين حكموا الدنيا والأرض جميعا هذا والله أعلم وأحكم .
ولذلك قال ابن عساكر في تاريخه :
قال السام بن داود : وليس كل الناس يعلم أنه من حمير ولا يعرف أباه وإنما نسبته الروم إلى أمه كان أبوه مات وهو صغير وخلفه في حجر أمه فلذلك جهل العلماء ونسبوه إلى أمه ولقد كان أبوه من أهل الملك والمروءة ولذلك سمي الفيلسوف في حديث طويل اختصرناه .
" قلت " وقد وجدنا أن هناك علاقة بين التبابعة اليمنيون وذي القرنين ولذلك كان التبع الحميري الأصغر وهو أسعد بن كلي كرب الذي كسا الكعبة البرود اليمانية وأراد غزو (يثرب) المدينة فمنعه اليهود من ذلك بقصة طويلة ليس هذا محل ذكرها يفتخر بإنتسابة لذي القرنين وقد رويت تلك الأبيات في عدد من المراجع التاريخية كابن إسحاق في سيرته والبدء والتاريخ وخلاصة السير الجامعة وغيرها وبغض النظر عن صحة هذه الأبيات من عدمها هناك رابط أخر يدل على ارتباط الحميريين بذي القرنين وهو :
ما رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/92) طبعة : دار الكتب العلمية , الطبعة : الأولى ، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا سنة 1411هـ .
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أدري تبع أنبيا كان أم لا ؟ , وما أدري ذا القرنين أنبيا كان أم لا ؟ , وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا ؟ ) هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولا أعلم له علة ولم يخرجاه .
" قلت " ورواه أيضا البيهقي في السنن الكبرى , والديلمي في الفردوس وغيرهم .
فأنظر إلى الرابط بينهما في هذا الحديث الشريف فقد ذكرهما في حديث واحد وفي ذلك إشارة على أنهما من نسب واحد والله أعلم ..
وقال المبرد في الكامل في اللغة :
باب ذكر الأذواء من اليمن : فأما في الجاهلية ، فيكثرون نحو ذي يزن ، وذي كلاع , وذي نواس , وذي رعين , وذي أصبح , وذي المناور , وذي القرنين .
[color="Blue"]هذه بعض الشواهد من الأشعار قد أختصرتها بأشد أختصار خشية الإطالة والإكثار وإلا فالشواهد والمراجع أكثر فمن أراد الإستزادة فلينظر ( ذي القرنين وسد الصين ) وقد حققه الشيخ العلامة : مشهور بن حسن أل سلمان أحد تلاميذ الإمام الألباني رحمة الله , وكذلك ( ذي القرنين الرجل الصالح والملك العادل ) وغيرها العديد من المراجع هذا ونعتذر عن إكمال التعقيب وذلك لكثرة المشاغل والله المستعان.
للأمانة كتبه : أبن غنيم المرواني الجهني
__________________
للإطلاع على تحقيقي حول قصيدة حسان بن ثابت
للإطلاع على الموضوع اضغط هنا
لزيارة موقعي أنساب العرب
تفضّل بزيارة هذا الرابط
http://ansabalarab.com/