مـــاذا فــي عـــشـــر ذي الـــحـــجـــة (1)؟!
عشر ذي الحجة لها المكانة العظيمة عند الله
دل على ذلك محبته لها وتعظيمه إياها
فهي عشر مباركات للمحسنين
فيها تضاعف الحسنات ، والمسيئين فيها يحصدون السيئات
إنها عشر أقسم الله بها فقال
{ والفجر وليال عشر }
قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف:
إنها عشر ذي الحجة
والله ـ سبحانه ـ لا يقسم إلا بعظيم ، وقسموه بهذه العشر يدل
على عظمتها ومكانتها , قرنها ـ سبحانه ـ بأفضل الأوقات
قرنها بالفجر وبالشفع والوتر وبالليل
أما اقترانها بالفجر فلأنه الذي بزوغه تعود الحياة إلى الابدان بعد موتها
وقت مبارك تجتمع فيه الملائكة مع عباد الله المؤمنين
وقت الفجر الذي قرنت به العشر هو الوقت الذي يعرف به
أهل الإيمان من أهل النفاق
وأهل الطاعة من أهل المعصية
وأهل الصدق من أهل الكذب
وقرن العشر بالشفع والوتر ، لأنهما العددان المكونان للمخلوقات
فما من مخلوق إلا وهو شفع أو وتر , والعشر فيها شفع وهو:
النحر , وفيها وتر وهو: عرفه
وقرن العشر: بالليل لفضله , وذكر الليل في القران أكثر من أثنين
وسبعين مرة , وذكر النهار سبعاَ وخمسين مرة
والليل: هو أفضل الأوقات لصلاة النفل , وهو أقرب للإخلاص بصفته
زمن خلوه وانفراد , إذ لا يرى القائم فيه ولا يسمعه ولا يعلم بحاله
إلا الله , والليل: هو أقرب لإجابة الدعاء وإعطاء السائل مسألته
ومغفرته التي يرجوها من ربه , والصالحون يقدرون الأوقات ويتلمسون
فرصها , وهم يعلمون أن الله ـ عز وجل ـ ينزل في الثلث الأخير من
الليل ويقول: هل من داع فأجيبه؟
وهل من سائل فأعطيه؟
وهل من مستغفر فأغفر له؟
أخي المسلم: تأمل كيف امتاز أهل الجنة وكيف أثنى الله عليهم
بقوله تعالى { كانوا قليلا من الليل ما يهجعون }
في الليل تتجافى جنوب الصالحين
{ عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا }
وعباد الرحمن في الليل
{ يبيتون لربهم سجدا و قياما }
لذا قال بعض السلف ( لولا الليل ما أحببت العيش أبداَ )
وقال آخر
( لم يبق من لذة الدنيا إلا قيام الليل وصلاة الجماعة وصحبة الصالحين ) فيا حسرة وغبن الذين لا يقدرون الليل والنهار ، ولا يقدرون
لهما قدرهما يذهب عليهم حسرة وتفريطاً , إما بنوم عميق أو بسهر في
اللهو واللعب
أخي الحبيب: عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا على الإطلاق
بدقائقها ..... وساعاتها ...... وأوقاتها كلها
أيام : هي أحب الأيام إلى الله كما صح ذلك عن نبينا ـ عليه الصلاة والسلام ـ
وكيف لا تكون كذلك وقد أكمل الله فيها الدين ورضي لعبادة الإسلام
قال حبر من أحبار اليهود ـ عليهم لعنة الله وسخطه ـ لعمر الفاروق ـ رضي
الله عنه ـ آية في كتابكم لو نزلت علينا ـ معشر اليهود ـ اتخذنا ذلك اليوم
الذي نزلت فيه عيداً ، والآية التي يقصدها اليهودي قول ربي
{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } فقال عمر
( إنني أعلم متى نزلت ، وأين نزلت ، نزلت يوم عرفه في يوم جمعه)
ويوم عرفه من أيام عشر ذي الحجة
وكلما كمل العبد دينه انتصر الحق وانهزم الباطل أمامه
بكمالك لدينك تعيش في عزة وقوة ، وحينما يأخذ العبد المسلم هذا
الدين تكمل شؤون حياته كلها
فينتصر على نفسه الأمارة بالسوء حتى تصبح بإذن الله نفساً مطمئنة
كلما أرا د ، وتقتدي بالصالحين ، وتتخلق بالأخلاق الحسنه ، فلا يتبع هوى
ولا يسقط في شبهة أو شهوة
أخي المسلم: في عشر ذي الحجة أتم الله النعمة:
قال تعالى { وأتممت عليكم نعمتي }
تأمل في قوله ـ عز وجل ـ { فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً }
لتدرك حقيقة النعمة
وأصحاب البدع وأهل الترف والغفلة لا يشعرون بهذه النعمة ، ومن الناس
من يظن أن النعمة كل النعمة أن يأكل ويشرب ، وينام ويسكن ، ويعمل
حتى يتقاضى مرتب ، ما علم هؤلاء أن النعمة هي نعمة الإسلام ، وإن
في الإسلام نعمة لا يعدلها نعمة على وجه الأرض ألا هي نعمة الهداية
التي يحصل معها نعمة الأمن والأمان
{ وما بكم من نعمة فمن الله }
ومن تمام النعمة أن الله أظهر الإسلام على جميع الأديان فتهاوت على
صخرة الإسلام اليهودية والنصرانية والشيوعية والوثنية والمجوسية
وما ارتفعت راية إلا هوت وتهاوت
فلا يغرنك رايات النفاق والعلمنة والزندقة والإلحاد والأفكار الضالة
وهؤلاء يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم وأقلامهم وقنواتهم وصحفهم
يريدون أن يطفئوا نور الله بأموالهم وأفكارهم وتصوراتهم وإرجافهم
يريدون أن يطفئوا نور الله تمشياً مع عملائهم وساداتهم وزملائهم وإخوانهم
الذين يصدون عن سبيل الله و يبغونها عوجاً ، لكن الله يأبى إلا يتم نوره
ويظهر دينه ، وينصر جنده ، ويعلي كلمته ولو كره من كره ، وكم هم الذين
يبغون الفتنة بشتى صورها وأشكالها في المجتمع المسلم الآمن!
كم قلبوا الأمور ومكروا بين السطور!
كم تدسسوا خلف الأسوار وبين الصفوف!
كم تبجحوا علانية ليثيروا الشبة أو يفسدوا أو يزعزعوا أمنا!
{ ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين }
ومهما مكروا لهذا الدين وأهله ودعاته فهم تحت قوله تعالى
{ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله }
ومن بين هذا الغثاء يظهر الحق ويعلو وتتضح صورته للناس ، ولو كان ذلك
على حساب أن يذهب بعض رجاله في سبيل نصرته ، فيا لها من نعمة أن
ترى أهل الصلاح والإيمان ظاهرين ، وأصحاب الحق والمنهج الصحيح
واضحين ، ويوضح ذلك ويظهره قولا وعملا استقامتهم الباطنة والظاهرة
وهذه الاستقامة هي علامة لهم ظاهرة وواضحة في شؤون حياتهم.
هذا وإلى لقاء لآخر ـ إن شاء الله ـ .
05-11-2010, 01:38 PM
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
