جوانتنامو على الطبيعه !!!!!


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

موضوع مغلق
قديم 02-10-2006, 09:30 PM
  #1
عاشق الجنوب
عضو
 الصورة الرمزية عاشق الجنوب
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 56
عاشق الجنوب is on a distinguished road
افتراضي الجزء الثالث

-

عندما وصلت إلى الزنزانة قرأت البطاقة الموجودة في الأمام وعرفت أن اسم المعتقل هو حبيب، كان شعره أقصر من شعر معظم المعتقلين الآخرين، لكنه أسود مثل البقية وعيناه سوداوان، وكان يجلس بالطريقة الهندية على الأرض. قلت له: "السلام عليكم"، أجاب: "وعليكم السلام"، كانت تلك إشارة طيبة تعني أنه لن يكون مشاكسا. سألته عما يريد، قال إن المحقق في الليلة السابقة وعده بنقله إلى زنزانة أخرى. ولكن عندما جاءت نوبة الحراس الصباحيين، لم ينقلوه وكان يريد أن يعرف السبب.
طلبت منه الانتظار "وكأنه كان سيذهب إلى أي مكان" بينما أسأل الحراس عن الأمر، قال لي الضابط المسؤول إنه لا يوجد في ملاحظاته شيء عن نقل حبيب. فكرت في أن حبيب قد يكون كاذبا، أو أن المحقق وعده فعلا لكنه نسي إخبار الحراس بذلك، أو ربما نسي الحراس في نوبة الليل إخبار نوبة الصباح. وقال مسؤول النوبة: "في جميع الأحوال، لن يتم نقله ما لم أسمع ذلك من المحقق المسؤول عنه أو من رؤسائي".
توجهت عائدا إلى الزنزانة 36 وقلت له: "أتمنى لو أنني أستطيع مساعدتك يا حبيب، ولكن اليوم ليس يوم سعدك، يقول الحراس إنهم لا يعرفون شيئا حول نقلك، عليك أن تتحدث إلى المحقق"، لكنه صرخ قائلا: "لكنني لن أرى تلك اللعينة حتى الأسبوع المقبل، هي تعرف أنني بريء، إنني أقول لها كل ما أعرفه، علي أن أحصل على جائزتي، إنني عالق هنا مع كل هؤلاء الأغبياء الأفغان".
إما عن طريق المصادفة أو تخطيط المحقق، كان حبيب وهو يمني عربي، محاطا بمعتقلين من غير العرب البشتون أو الأفغان، كان أقرب عربي يبعد عنه 6 زنزانات وقال حبيب عنه: "إنه من القاعدة، ولا أريد أن أتحدث إليه وأجعل أي شخص يعتقد أنني واحد منهم"، لم يكن بإمكاني أن أعرف إذا كان يقول الحقيقة، لكنني كررت أنني لا أستطيع مساعدته.
صرخ مرة أخرى: "أنت لا تفهم، إنني لا أستطيع أن أبقى في هذه الزنزانة، إنني أكاد أجن، هؤلاء الحمقى حولي يدفعونني إلى الجنون، عليك أن تساعدني"، كنت قد بدأت أحس بالضيق منه فقلت له: "حبيب، حتى لو أردت مساعدتك، لا أستطيع"، صرخ حبيب: "حمار"، التفت إليه وسألته: "ماذا قلت؟"، أجاب: "لو كانت الفتاة الشقراء مكانك لساعدتني"، صرخت في وجهه بغضب: "استمع إلي، عليك أن تستيقظ بسرعة، سواء كان ظلما أو عدلا، فأنت لست في فندق، أنت معتقل في سجن أمريكي"، بدا أن الحراس كانوا سعداء بسماعهم قولي أنه ليس في فندق.
صرخ حبيب فيما كنت أسير مبتعدا: "أرسل الفتاة الشقراء"، تجاهلت ذلك، وتجاهلت صيحات المعتقلين الآخرين طلبا لخدماتي، لكنني شرحت للحارس مشكلة حبيب فقال لي إنه سيكتب ذلك في دفتر الملاحظات.
كانت تلك مشكلة أخرى ضمن مشكلات المعتقلين العادية، وانتهت بنفس الطريقة، هم عادة يريدون شيئا - كتب، تغيير زنزانة، تغيير الطعام، معرفة ما إذا كانوا سيلتقون مع محام - وكانوا يحاولون إطالة المحادثة أو ينقلبون إلى عدائيين عندما نقول لهم إننا لا نستطيع مساعدتهم.
كانت الحياة مملة للمعتقلين في أفضل الأحوال، طبعا ما عدا الوقت الذي يقضونه في التحقيق، مع أنهم يشعرون بالحيوية أحيانا، إلا أنهم معظم الوقت يجلسون على أسرتهم أو على الأرض ويقرؤون أو يحدقون في الفراغ وعلى وجوههم تعابير فارغة، كانت أفضل ساعات اليوم لديهم هي الفترة التي يحصلون فيها على وجبتين من الطعام الحلال الساخن، كانت لديهم عدة فترات للاستحمام والتريض خلال الأسبوع، وكان عدد هذه المرات يعتمد على التصنيف الذي وضعهم محققوهم فيه، واحد، اثنان، أو ثلاثة، كان المستوى الثالث للمعتقلين الذين وصلوا حديثا أو الذين لا يتعاونون مع محققيهم، كان يسمح لهم بالأساسيات فقط - بطانية، سجادة صلاة، قبعة، قرآن، فرشاة أسنان - المستوى الثاني كان للذين يتعاونون بشكل متوسط، كان يتضمن السماح بأشياء إضافية بسيطة مثل كأس للشرب، وكمية أكبر من الكتب، أما المستوى الأول فكان لأفضل مواطني جوانتانامو كانوا يحصلون على كل ما يحصل عليه الآخرون بالإضافة إلى ساحة لممارسة الرياضة ووقت للاستحمام، والمجلات وحتى بعض الألعاب التي يمكنهم أن يلعبوها مع المعتقلين المجاورين من خلال الحاجز الشبكي، حتى تلك الأمور الصغيرة كانت تعني لهم الكثير.
كان يسمح للمعتقلين بركل كرة القدم في ساحة الرياضة، ولكن كان يسمح لمعتقل واحد فقط بالخروج إلى الساحة في كل مرة، وفي الجو الحار الخانق في جوانتانامو، كانت مجمعات الزنزانات التي لا تحوي مكيفات حارة إلى درجة لا تطاق، كان هناك نظام لتنقية الهواء على كل مجمع زنزانات ومن المفترض تشغيلها عندما ترتفع درجة الحرارة، لكن ذلك لم يكن يحدث في الغالب.
بعد مرور عدة أيام على وجودي في جيتمو، أصبح بإمكاني أن أعرف عندما يكون معتقل ما قد عاد من تحقيق صعب، كان يبدو عليهم غالبا ملامح الهزيمة، رؤوسهم منخفضة وعيونهم لا حياة، كان الأمر أحيانا أكثر وضوحا، كانوا يجلسون وهم ملتفون على أنفسهم على شكل الجنين في زاوية الزنزانة، ويحدقون في الفراغ أو يبكون بصمت، وكانوا أحيانا يعودون ويتباهون بصوت عال كيف أنهم لم يقولوا شيئا للمحققين وكيف خدعوهم، كان معظم اللغويين يعتقدون أن تلك المباهاة كانت طريقة لتعويض ما فعلوه وأن أولئك المعتقلين كانوا في الواقع يعترفون بما يعرفونه، كان من الواضح أن بعض المعتقلين كانوا تحت ضغط نفسي كبير.
في صباح هادئ، بعد أن كنت انتهيت من تناول إفطاري، دخلت ضابطة شابة من سلاح الجو ذات عينين خضراوين وشعر بني قصير إلى مكتبنا وقالت: "من هو ضحيتي اليوم؟".
حيث إنني كنت الأحدث في الفريق، وكان مو منهمكا في قراءة إحدى المجلات، قال لي: "إريك، لماذا لا ترافقها إلى المعتقلين اليوم؟"، سألت متعجبا: "إلى أي نوع من المشاكل ترسلونني يا شباب؟"، اتضح أن جيسيكا، وهو اسمها، كانت اختصاصية نفسية في المعسكر.
قالت فانسيا: "دورها النبيل هو أن تحاول ضمان أن أقل عدد ممكن من المعتقلين يحاولون الانتحار في اليوم الواحد"، كانت قد سمعت أنه كانت هناك الكثير من حالات محاولة الانتحار بين المعتقلين، ربما محاولة كل أسبوع، وكان يتم استدعاء لغوي عادة إلى مكان الحادث، لحسن الحظ، لم أكن قد استدعيت إلى إحدى هذه الحالات بعد، التقطت قبعتي ونظارتي الشمسية وتبعت جيسيكا.
كان أول معتقل تحدثنا إليه اسمه سعيد، عندما اقتربنا من زنزانته كان يجلس في الزاوية الأمامية، وهو ينظر حوله باستغراب ويراقب كل شيء حوله، قالت جيسيكا: "صباح الخير سعيد"، وطبعا كنت أقوم بالترجمة. سألته جيسيكا: "كيف نومك؟" أجاب دون حتى أن ينظر إلينا: "لا بأس"، سألته جيسيكا: "كيف طعامك؟" أجاب: "لا بأس"، سألته جيسيكا: "هل تراودك كوابيس؟"، أجاب: "لا"، سألت جيسيكا: "هل تشعر باليأس؟"، قال: "لا"، سألته جيسيكا: "هل تفكر في إيذاء نفسك أو غيرك؟"، أجاب: "لا".
بذلك انتهينا من سعيد، وانتقلنا إلى معتقل آخر، تمت إعادة نفس الأسئلة والأجوبة مرات ومرات وأنا أتبع جيسيكا في مجمع الزنزانات كانت تكتب ملاحظات حول كل معتقل في دفتر ملاحظاتها الأخضر، ولدى اقترابنا من أحد المعتقلين، بدأ بتلاوة القرآن دون أن يرفع رأسه عن القرآن، قال دون أن ينتظر أسئلة جيسيكا: "إنني أنام جيدا، وآكل جيدا، ولا أتعرض لكوابيس، ولا أريد أن أؤذي أحدا، بما في ذلك نفسي، هذا المكان جنة".
بدا لي أن سؤال هؤلاء الأشخاص إذا كانوا يحسون باليأس كان أمرا سخيفا بسبب وضعهم الذي هم فيه، ذلك تماما ما كان المحققون يريدونهم أن يحسوا به، كان من السخافة أن يحاول الفريق النفسي التقليل من الخسائر عن كل ما كان المحققون يفعلونه، واكتشفت أن هناك في الواقع بعض المعتقلين الذين لا يراهم الاختصاصيون النفسيون لأن المحققين كانوا يريدون هؤلاء المعتقلين أن يحسوا بالاكتئاب والوهن.
قالت لي جيسيكا إن بعض المعتقلين كانوا يدعون أنهم يرون أرواحا شريرة، يسمونها الجن، وتم وصف أدوية لهم، كان المعتقلون يتحدثون إلى الجن الذين كانوا يسخرون منهم، لكنهم لم يكونوا يتحدثون عن ذلك، الأمر بصراحة مع الاختصاصيين النفسيين كانوا يريدون التحدث فقط مع المستشار الديني الكابتن جيمس بي، وهو مسلم كان يقدم الاستشارة الدينية لقيادة المعسكر حول قضايا المعتقلين، كان المعتقلون يعتقدون أن تلك الأرواح كانت رسائل دينية وأنها حقيقية جدا، كان معظم المعتقلين يؤمنون بها.
كان هناك ثلاثة أمور تساعد المعتقلين على التغلب على ضجر الزنزانات وتوتر ساعات التحقيق الطويلة، إيمانهم، وإخوانهم مع أنهم لم يكونوا جميعهم على وفاق، وأي محادثة أو فوضى أو مشاحنات كانوا يتمكنون من خلقها مع سجانيهم، كان الإسلام مصدر قوتهم الأساسية، ويجب أن أعترف أنه في هذه الظروف، كانت تقواهم مثيرة للإعجاب، لكن الطبيعة المتطرفة لمعتقداتهم وفكرة أننا كنا ربما نقوي هذه المعتقدات بسبب ممارساتنا كان مثيرا للقلق، كان مو قد قال لي إن عددا من الكتب في مكتبة المعسكر - وهي الأكثر رواجا بين المعتقلين - كانت أصولية في طروحاتها، إذ لم يكن المعتقلون متطرفين عندما دخلوا، كانت هناك فرصة جيدة بأنهم سيكونون كذلك عندما يغادرون - إذا غادروا.
كان معظمهم يريدون الشهادة، وجميعهم تقريبا كانوا يصلون خمس مرات في اليوم، وكانوا يصومون رمضان على الأقل، وأحيانا أكثر، وقد حفظوا أجزاء من القرآن بعضهم كان قد حفظ القرآن كله.
داخل كل مجمع للزنزانات كان بعض المعتقلين يأخذون أدوارا خاصة، كان هناك عادة شخصان أو ثلاثة يحترمهم باقي المعتقلين لأنهم كانوا أساتذة دين محبوبين، هؤلاء الأساتذة كانوا يأخذون دور زعامة المعتقلين في مجمع الزنزانات، كان أحد المعتقلين متهما بأنه متعامل مع القاعدة، وأن مهمته كانت الاتصالات عبر الإنترنت، كان شابا لكنه كان يحفظ القرآن كاملا وكان أستاذا محبوبا، كان المعتقلون ينقلون من مجمع زنزانات إلى آخر كل الوقت، ويتم إعادة خلطهم وترتيبهم، ولكن لا يهم إلى أين كان هذا الشخص ينقل، كان يكتسب احتراما مباشرا، خلال أيام كان يعطي محاضرات عن القرآن بعد الظهر لكامل المجمع، وعندما كان يتحدث كان يمكنك سماع صوت الإبرة إذا سقطت.
كان معتقلون آخرون يلعبون دور المشجعين، إذا عرف أحد المشجعين أن معتقلا كان يتعرض لاستجواب مكثف، كان يحثه على مقاومة الإغراءات ومحاربة الكفار، كنت أسمع مثلا معتقلا يلعب هذا الدور يصيح: "يجب أن تبقى قويا يا أخي، وسيأتي جزاؤك فيما بعد" وكان يقتبس آيات من القرآن، وكان هناك معتقلون يلعبون دور الارتباط مع حراس الشرطة العسكرية، وهي مهمة لا يحسدون عليها بسبب "السعادة" العامة التي كان عناصر الشرطة العسكرية يستمعون فيها إلى شكاوى المعتقلين، هؤلاء المعتقلون كانوا يتنافسون على الزعامة.
كان اعتماد المعتقلين على بعضهم البعض يشكل عقبة فعالة بالنسبة للمحققين، عندما كنت في الزنزانات كنت أسمع معتقلين يتحدثون بغرور عن غباء محققيهم، أو أن يقول أحدهم مازحا: "إنني أتحدث إليهم فقط حتى لا أضطر لأكون هنا معكم أيها الأغبياء"، لكن العلاقة بين المعتقلين والمحققين كانت أكثر تعقيدا من ذلك، خلال الأيام الأولى من وجودي في المعسكر، سمعت معتقلا يقول إنه واقع في غرام التي تقوم بالتحقيق معه، وبدا أنه صادق لدرجة أنه كان من المستحيل معرفة إذا كان يتحدث عن ذلك بسخرية، سمعت أيضا معتقلا يشتكي من أن المحققة كانت تحاول "استغلالي روحيا"، في ذلك الوقت، لم أفهم تماما ماذا كان يعني بذلك.
كانت هناك أمور قليلة ذات أهمية كبيرة أو تسببت بإثارة الغضب الكبير داخل مجمعات الزنزانات وبين عناصر المعسكر مثل قضية التعامل مع القرآن، كان كل معتقل يحصل على نسخة من القرآن إذا أرادها، وجميعهم كانوا يتعاملون مع القرآن باحترام، كانت دراسة القرآن الذي كان يغطى بقماش أبيض تستغرق معظم ساعات اليوم، أي تعامل مسيء للكتب المقدسة لم يكن مجرد إهانة شخصية لكنه كان إساءة للإسلام نفسه.
كانت المشكلة هي أن المعتقلين كانوا يمانعون بشدة أن يمسك غير المسلمين القرآن، هذا كان يسبب ورطة كبيرة، لأن الحراس كان عليهم أن يفتشوا الزنزانات بانتظام لأسباب أمنية، وكان هناك قرآن في كل زنزانة تقريبا، كان الكابتن بي قد أقنع قيادة المعسكر بإرضاء المعتقلين في هذه النقطة، عندما كان أحد عناصر الشرطة العسكرية يحتاج إلى تفتيش القرآن، كان على جندي مسلم أن يأتي ليفعل ذلك، وذلك كان يعني عادة أحد اللغويين، عندما كان عناصر الشرطة العسكرية يتصلون بنا طالبين مترجما مسلما، كنا نعرف أن المشكلة كانت تتعلق بالقرآن.
ولكن لأن تلك السياسة لم تكن مكتوبة، كانت غامضة ومبهمة، وكان عناصر الاستخبارات يتجادلون حولها، وكذلك عناصر الشرطة العسكرية، الذين كانوا يشعرون أن ذلك يقلل من سلطتهم، لذلك كان بعض عناصر الشرطة العسكرية يفتشون القرآن بأنفسهم، وذلك كان يدفع المعتقلين إلى ما يشبه أعمال الشغب، بما في ذلك البصاق على الحارس وصيحات عالية: "الله أكبر"، كانت هذه الاضطرابات طريقتهم في قتال مضطهديهم - وأحيانا مصدرا للتسلية الصرفة، قدرتهم على خلق التوتر في المعسكر كانت فائقة -، وكانوا يعرفون ذلك.
الكراهية الكبيرة للأمريكيين داخل مجمعات الزنزانات كانت رابطا آخر يجمع المعتقلين، لم يكن الجميع يحسون بتلك الكراهية ضدنا، لكننا كنا على حذر، ومع أن بعض المعتقلين كانوا ينفجرون على اللغويين، إلا أنهم كانوا بمعظم سخريتهم للشرطة العسكرية الذين كانوا يتجولون في مجمعات الزنزانات، ومن المفترض أنهم ينظرون إلى معتقل كل ثلاثين ثانية، كان المعتقلون يبصقون عليهم، ويرشون عليهم المياه، والبول، أو حتى البراز، وكانوا يشتمونهم بعبارات مثل "ابن العاهرة"، وغيرها، كان معظم عناصر الشرطة العسكرية من الاحتياطيين، وكنت أتساءل إلى أي حد كانوا مهيئين لمثل هذه المهمة.
وفي نفس الوقت، كانت العقوبة الوحيدة التي يفترض أن يطبقها الحراس هي مصادرة إحدى أدوات الرفاهية مثل بطانية إضافية، أو وضع المعتقل المسيء في الحبس الانفرادي، وكانت الزنزانات الانفرادية ذات جدران معدنية صماء، حتى لا يتمكن المعتقل من الرؤية خارجها، لكنها كانت مكيفة، وبعض المعتقلين كان يعتبر الذهاب إلى الانفرادي على أنه وقت هادئ لقراءة القرآن والتأمل، سمعت مرة معتقلا يقول: "ربما سأرمي شيئا على الحارس اليوم، حتى أتمكن من قضاء بعض الوقت في الزنزانات الأخرى".
كان عناصر الشرطة العسكرية متضايقين من السيطرة القليلة التي كانوا يتمتعون بها على المعتقلين، كان ذلك في يد المحققين مع أنه مع مرور الوقت، وجد عناصر الشرطة العسكرية طريقتهم الخاصة في تأكيد سلطتهم إذا لم يكن المحقق يريد أن تتم معاقبة سجين ما، فلا يمكن حدوث ذلك، كانت الاستخبارات تنظر إلى المعتقلين على أنهم مصادر معلومات محتملة. والذين يمكن لمعلومة صغيرة يتم الحصول عليها من أحدهم أن تساعد في حل لغز ما، كان عناصر الشرطة العسكرية يعتقدون أن المعتقلين لا يتلقون المعاملة التي يستحقونها، كانوا إرهابيين مسؤولين عن هجمات 11 سبتمبر، ويجب أن تكون حياتهم بائسة، عندما قلت لحارس في أحد الأيام خلال الأسبوعين الأولين لوجودي إن أحد المعتقلين ادعى أن المحقق كان قد وعده ببطانية إضافية، رد علي عنصر الشرطة العسكرية باحتقار: "لا يهمني مطلقا ما يقوله بعض المحققين، إنهم هم الذين يسببون فشل هذه المهمة".
كان الحراس يملكون سلاحا في جعبتهم، إذا كان أحد المعتقلين يرفض أمرا فإنهم يستطيعون أن يستدعوا مجموعة من خمسة عناصر من الشرطة العسكرية - كانوا يطلقون عليهم مجموعة قوة الرد الأولي - وكانوا يجبرون المعتقل على إطاعة الأمر باستخدام القوة المطلقة.
كان عناصر الشرطة العسكرية يتصرفون بأحسن صورة إذا كانت لجنة من الصليب الأحمر الدولي تقوم بإحدى زياراتها للمعسكر، لم يكن مسموحا لهم ولا للغويين بالتحدث مع ممثلي الصليب الأحمر، إلا في حالة الضرورة القصوى، كانت قيادة المعسكر حذرة جدا منهم، وكانوا يقولون لنا أن نكون حذرين فيما نقوله عندما نمر بقرب القاطرة التي يجلس فيها ممثلو المنظمة، والتي كانت موجودة خارج سور المعسكر عندما كان أحد موظفي الصليب الأحمر يلتقي مع معتقل في أحد مجمعات الزنزانات كانوا يغادرون عندما يرون أحدنا قادماً، كانوا يعتبرون حديثهم مع المعتقلين حديثا سريا، ومقابل السماح لهم بزيارة المعسكر لم يكن يسمح للمنظمة بالتحدث علنا عما رأوه في المعسكر، إذا كان لديهم أي شكاوى حول وضع أو معاملة المعتقلين، كانوا ينقلونها مباشرة إلى الحكومة. وإذا كان عناصر الشرطة العسكرية يتصرفون بلباقة أمام لجنة الصليب الأحمر، فإنهم بالتأكيد لم يشعروا مطلقا أن يفعلوا ذلك أمامنا، كانت علاقة الحراس بالمحققين متوترة كثيرا، وكانوا يحتفظون باحتقار خاص لنا نحن اللغويين، لم يكونوا يثقون بنا لأننا كنا الوحيدين الذين نفهم ما يقوله المعتقلون، وكانوا يعتقدون أننا نتعاطف معهم، وكان حتى إظهار أي نوع من المشاعر أو العطف على المعتقلين أو الحديث معهم لفترة طويلة، نسبيا يعتبر تعاطفا، وإذا صنفك أحد الحراس على أنك متعاطف، فلا تمضي أيام قليلة حتى تجدهم جميعا يراقبونك عندما تذهب إلى الزنزانات. كان بعض الحراس يعتقد أنه يجب مراقبتنا في حال حاولنا تمرير أي شيء إلى، أو أخذ أي شيء من المعتقلين، كانوا يعتقدون أن علينا أن ندخل ونخرج من مجمعات الزنزانات بسرعة، وألا نتحدث كثيرا، عندما رآني أحد الحراس أضحك على نكتة قالها أحد المعتقلين حدق بي غاضبا وقال: "ماذا بك يا (شتيمة)، هل أنت أحد محبي المعتقلين؟".
قالت فانسيا إنها كانت أحيانا تشتكي إلى أحد الضباط المسؤولين عن رعاية الأعمال اليومية في وحدات الشرطة العسكرية حول عدم اهتمام الحراس بمشاكل المعتقلين الصحية، لكنهم لم يكونوا يريدون الاستماع إليها، في إحدى المرات روت حكاية معتقل في مجمع زنزانات سبيرا اشتكى عدة مرات من ألم في ظهره في كل مرة كان يراها فيها، وطلب أن يرى طبيبا، وفي كل مرة كانت تنقل ذلك إلى الشرطة العسكرية المسؤولة عن المجمع، كان من المفترض أن يقوموا بكتابة طلب الطبيب في تقريرهم اليومي.
بعد ثلاثة أسابيع سألت الضابط المسؤول لماذا لم يتم عرض المعتقل على طبيب بعد، فأجابها: إن سلامة المعتقلين ليست من شأنها، فأجابت أن ذلك قد يكون من شأن بعض رؤسائه، وأضافت: "أريد أن أعرف إذا كانت هذه الشكاوى قد سجلت في التقرير أصلا"، أجاب غاضبا: "اسمعي أيتها العاهرة، إنني أدير مجمع الزنزانات هذا بالصورة التي أراها مناسبة، إذا كنت أعتقد أن المعتقل يشتكي من ألم في ظهره فقط ليحصل على فرصة ليمشي فيها عبر المعسكر إلى العيادة الطبية في ظهيرة مشمسة فلن أكتب ذلك في تقريري، والآن غادري مجمعي وفي المرة القادمة لا تتخطي حدودك".
بالطبع، كما كانت فانسيا قد قالت، فإن قيادة الحراس كانت تذكرهم دائما أن ينظروا إلى المعتقلين باحتقار كامل. كنت أسمع أحيانا وأنا عائد إلى المعسكر التعليمات التي يعطيها لهم قائدهم، وهو كولونيل شديد جدا، وكان يقول لهم: "تذكروا دائما، أنتم أيها الشباب يجب أن تشعروا بالفخر لتكونوا هنا تحرسون هذه الحثالة، هؤلاء الرجال هم أسوأ الأسوأ، هذا المكان مخصص للإرهابيين الذين إما ساعدوا في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر، أو أنهم كانوا يخططون لهجمات مستقبلية ضدنا عندما تم إلقاء القبض عليهم".
ومع أن معظم عناصر الشرطة العسكرية كانوا يعتقدون أننا متعاطفون مع المعتقلين، فإن علاقتنا معهم كانت أكثر تشابكا، كان المعتقلون يعتبرون اللغويين مصدر أملهم الأساسي، كنا همزة الوصل بينهم وبين العالم الخارجي، والوسيلة التي يفهمون من خلالها ما يجري حولهم، والوسيلة لإيصال أصواتهم. كانت علاقة مميزة لم يفهمها الحراس والمحققون جيدا، وكان المعتقلون يفعلون ما بوسعهم للاعتماد علينا واستعطافنا والتواصل معنا، كان علينا أن نكون حذرين، وكان بإمكانهم أن يخبرونا بأشياء مجنونة.
كانت محاولات المعتقلين للتواصل غالبا بريئة كانوا يحبون التحدث إلى الجنود الأمريكيين، ولكنهم أحيانا كانوا يحاولون استغلال الموقف، كانوا يريدون من اللغويين أن يكونوا متعاطفين وأن يعرفوا وضعهم العائلي، وأن يصدقوا أنهم فعلا كانوا يحبون الولايات المتحدة، كانوا يأملون في إيجاد حليف من الداخل، إذا لم نعرف الفرق أحيانا، كانوا نادرا ما يشعرون بمدى ضعفنا، كان بإمكاننا أحيانا أن نحل سوء التفاهم، لكن لم يكن بإمكاننا لعب دور حلال المشاكل، كان شعار المعسكر: "دعهم يقولوا كل شيء للمحققين، هناك يجب أن يضعوا كل آمالهم، لا تتصرفوا وكأن بإمكان أي شخص آخر مساعدتهم".
ففي اليوم الذي يسبق عيد الميلاد في الساعة 9:30 صباحا، وجدت نفسي أمام باب زنزانة لمعتقل سعودي يجلس على حافة سريره الفولاذي في مجمع زنزانات سبيرا، كان يبدو عليه الحزن العميق، قال لي وائل: "لقد أردت فقط شخصا أتحدث إليه، أحتاج إلى مساعدتك"، قلت له: "لست متأكدا أنني أستطيع مساعدتك، لكنني سأستمع إليك، ما الأمر؟"، قال وائل: "مكاني ليس هنا، أنا..."، قاطعته مباشرة قائلا: "اسمع، ليس هناك ما أستطيع عمله بهذا الشأن، مهما كانت المعلومات التي لديك حول ما حدث لك قبل أن تأتي إلى هنا يجب أن تناقشها مع المحقق"، كانت تلك هي العبارة التي تتماشى مع التعليمات والتي كنت أستخدمها مع كل المعتقلين الذين كانوا يعتقدون أن بإمكاني أن أقدم لهم مساعدة تفوق دواء للصداع.
امتلأت عينا وائل بالدموع، ولم أعرف إذا كان علي أن أغضب منه أو أشفق عليه، كان الجو حارا مثل جهنم، كان هناك شيء حول هذا الشاب منعني من الانصراف، كان وائل يحدق بي، كنت أعرف أن علي أن أعود إلى المكتب، لكنني وقفت ونظرت إلى هذا الرجل لثوان أحسستها طويلة جدا، قال لي أخيرا: "إذا قبلت أنك لا تستطيع أن تساعدني، هل تبقى وتستمع إلى قصتي؟"، بعد لحظة من الصراع الداخلي، خلعت نظارتي الشمسية ونظرت إلى وائل وقلت: "سأستمع إذا كنت تفهم تماما أنني لا أستطيع أن أفعل شيئا"، قال وائل: "أفهم ذلك، ألف شكر"، قلت: "عفوا، إنني أصغي إليك"، قال بنعومة ولكن بحرارة: "إنني أريد فقط أن يفهم أحد ما، مضى على وجودي هنا سنة كاملة والمحقق يعرف قصتي ولم يتحدث إلي منذ 4 أشهر، في الواقع ربما تحدثت إليه 5 مرات فقط، لقد تم تسليمي إلى الأمريكيين في أفغانستان لكنني سعودي"، سألته: "ماذا كنت تفعل في أفغانستان؟"، أجاب: "سؤال جيد، أعرف أن السلطات الأمريكية تعتقد أن كل عربي في أفغانستان كان يتدرب ليصبح إرهابيا، لكن هذا غير صحيح، كان هناك العديد من العرب هناك الذين لا علاقة لهم بالإرهاب، وهل تعرف كيف انتهى بهم الأمر هنا؟"، قلت له: "لا، لا أعرف يا وائل، أفترض أنك إما قبض عليك في ساحة المعركة أو كان لك علاقة بأحد معسكرات تدريب القاعدة"، أجاب وائل: "لا، لا، لا، هذا غير صحيح، إذا كانوا يقولون لكم ذلك فهذه كذبة، هل يصدق كل الجنود هنا ذلك؟"، قلت: "لماذا لا تقول لي فقط كيف وصلت إلى هنا يا وائل، لماذا غادرت السعودية؟"، بدأ وائل يروي قصته، قال إن والده أستاذ جامعي في الرياض، هو أيضا كان يحمل شهادة جامعية، لكنه لم يستطع الحصول على عمل بعد تخرجه، ذهب في نهاية التسعينيات إلى أفغانستان ليعمل في دار أيتام، التقى هناك مع امرأة، وتزوجها وأنجب ثلاثة أطفال - صبيين وبنتاً - بعد ذلك ترك دار الأيتام وعمل في مزرعة، "كانت حياتي سعيدة، لم أكن أحب طالبان، لكنهم لم يزعجوني، ولم أكن أزعج أحدا، لم أكن قد سمعت عن القاعدة قبل حضوري إلى هنا".
كنت أشك في أقواله، لكنني سألته كيف وصل إلى جيتمو، قال: "كنت أعيش في قرية خارج قندهار عندما رأينا طائرات أمريكية كبيرة تطير في المنطقة، لم نكن نعرف ما يحدث ولا لماذا كان الأمريكيون قادمين، بعد أيام دخلت قوات تحالف الشمال وقبضوا على كل عربي في المنطقة بالإضافة إلى بعض الأفغان الشباب، أخذونا إلى سجنهم لبضعة أيام، وسجنهم يجعل جوانتانامو يبدو وكأنه قصر، وتابع وائل: "عذبونا لمدة ثلاثة أيام، رأيتهم يعتدون على أحد الرجال جنسيا، رجل آخر تعرض للضرب حتى كاد يموت، لم يعطونا إلا قليلا جدا من الماء والطعام، أخيرا سلمونا إلى الأمريكيين وأرسلونا إلى قاعدة باجرام، حقق معي بعض الأمريكيين الذين كانوا لا يتحدثون العربية بشكل جيد أبدا، قلت لهم جميعا إنني لم أكن إرهابيا لكنهم استمروا في سؤالي عن أشياء مثل أين البيوت الآمنة؟ الآن، أسمع إشاعات أن السلطات الأمريكية كانت تدفع لقوات تحالف الشمال مكافأة مالية عن كل عربي يسلمونه لهم، هل هذا صحيح؟".
فيما كنت أستمع إلى وائل لم أتمالك نفسي من التساؤل عما إذا كان هذا الشاب يكذب أم يقول الحقيقة، قلت له: "وائل، أعرف أنك أردت أن تخبرني قصتك، لكنني فعلا لا أستطيع أن أفعل شيئا"، قال لي: "إنني أفتقد أولادي، ليس لديهم أي فكرة عن مكان وجود والدهم، كيف أشرح لهم هذا؟"، قلت: "ماذا تريدني أن أقول يا وائل؟"، قال: "أردتك فقط أن تعرف، أريد أي شخص مستعد للاستماع أن يعرف، أعرف أنك لا تستطيع مساعدتي، أريدك فقط أن تعرف، لا تصدق كل الأكاذيب التي يقولونها لكم، ليس كل المعتقلين هنا إرهابيين، فقط اسأل بعض الرجال الذين لم يروا المحققين منذ أشهر".
كنت قد لاحظت أن بعض المعتقلين لم يكونوا يذهبون إلى التحقيق أبدا، وكنت أتساءل عن السبب، كنا قد سمعنا نحن المترجمين قصصا مشابهة لمعتقلين قبضت عليهم قوات تحالف الشمال المناوئة لطالبان. وقالت تقارير صحفية إن الولايات المتحدة كانت تدفع جوائز لكل من يسلم مشبوها بالإرهاب، وقد ألمح مسؤولون أمريكيون إلى أن ذلك كان يحدث بالفعل، كان ذلك مثيرا للقلق، جميعنا نعرف أشخاصا مستعدين لتسليم جداتهم، إذا دفع لهم مبلغ ما من المال، وكانت خمسة آلاف دولار تعني الكثير في مكان مثل أفغانستان.
شعرت بأن الوقت قد حان لإنهاء محادثتي مع وائل، قلت له: "وائل، علي أن أذهب، اعتن بنفسك"، وضعت نظارتي الشمسية على عيني واستدرت مبتعدا عن الزنزانة عندما صاح وائل: "يا بسام (الاسم الذي كنت معروفا به عند السجناء)". نظرت إلى وائل مرة أخرى وكانت عيناه مليئتين بالدموع، قال لي: "بارك الله فيك"، قلت: "وبارك الله فيك يا وائل
__________________



أدعم المظلوم حميدان التركي

http://www.homaidanalturki.com/
عاشق الجنوب غير متواجد حالياً  
قديم 02-10-2006, 09:32 PM
  #2
عاشق الجنوب
عضو
 الصورة الرمزية عاشق الجنوب
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 56
عاشق الجنوب is on a distinguished road
افتراضي الجزء الرابع

-

لم يكن أحد في المعسكر يتمتع بمزاج جيد خلال الفترة الفاصلة بين عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية. كان هناك يومياً ما يذكرنا بما يفترض أن يكون فترة إجازات واحتفالات وبأصدقائنا وعائلاتنا في الوطن. ولم يلعب الطقس الحار جداً دوراً إيجابياً لروحنا المعنوية. وكان الأمر أسوأ بالنسبة للحراس الذين كان عليهم أن يتعاملوا مع شكاوى المعتقلين وسلوكهم الغريب. فقد كان المعتقلون يحاولون مضايقة، عناصر الشرطة العسكرية إلى أقصى حد يستطيعون ربما كانوا يحاولون إفساد فترة أعياد الميلاد ورأس السنة على الجميع، ولكن بدا لي أن بعضهم وصل بالفعل إلى حد لم يعد يستطيع أن يتحمل أكثر.
سيكمل الكثير من المعتقلين عاماً في الأسر في جيتمو قريباً، ولم يكن هناك أي أمل لنهاية معاناتهم. كان الرئيس بوش قد وقع في نوفمبر 2001 قراراً مثيراً للجدل أسس لنظام جديد للعدالة لاتهام ومحاكمة ومعاقبة غير الأمريكيين الذين كان يسميهم محاربين أعداء. ومع ذلك لم يكن قد تم توجيه أي اتهام لأي معتقل بعد، ولم يسمح لأي منهم بمقابلة محام، وكانت النهاية المفتوحة لاعتقالهم بلا شك أصعب شيء عليهم لتحمله.
كان هناك بالتأكيد إرهابيون سيئون في المعسكر، ولكنني كنت أستغرب سبب عدم توجيه التهمة إليهم بشكل رسمي. البعض الآخر كانت الأدلة على كونه إرهابياً غير مقنعة، قال لي أحد المعتقلين: "لم أكن مجنداً في جيش طالبان، كان علي أن أقاتل عندما جاؤوا وقالوا إن الأمريكيين قادمون. كانوا سيقتلونني لو لم أفعل ذلك، ولكن الآن أريد فقط أن أعرف ما هو الحكم علي - خمس سنوات؟ عشر سنوات؟ هل سأموت هنا؟ أريد فقط أن يقول لي أحد ما إلى متى؟. من المفترض أن يمثل بلدك الحرية والعدالة، ولكننا لا نحصل على أي منها.
بالطبع، كان هذا الإحساس باليأس قد تم إيجاده عن عمد بين المعتقلين كان من المفترض أن يفهم المعتقلون أن الطريقة الوحيدة لإنهاء اعتقالهم كانت من خلال تعاونهم التام مع المحققين.
في صباح أحد الأيام في نهاية العام طلب مو مني ومن مارك أن نذهب إلى مجمع زنزانات فوكستروت. وجدنا عناصر طبية وعناصر من الصحة النفسية بانتظارنا قرب السلم المعدني الذي يقود إلى المجمع. جمعنا الضابط المسؤول في الشرطة العسكرية وأخبرنا أن المعتقلين في فوكستروت يجب أن يتم إعطاؤهم الآن حقنة الأنفلونزا، سواء رضوا بذلك أم لم يرضوا.
أحسست أن هناك مشاكل مقبلة. ردة فعل المعتقلين على إمكانية إعطائهم حقناً لم يكن من المتوقع أن تكون إيجابية. كانت نظرية المؤامرة منتشرة بقوة بين المعتقلين. كان هناك معتقل لم يكن يثق بنا مطلقاً لدرجة أنه لم يصدق أن السهم في زنزانته يشير باتجاه مكة. كان يصلي في الاتجاه المعاكس.
كان علينا أنا ومارك أن نقف وسط مجمع الزنزانات ونشرح للمعتقلين باللغة العربية ما سيحدث. وأكدنا لهم أن ذلك كان لحمايتهم وصحتهم وأنها لن تكون مؤلمة. كان يبدو عليهم الارتباك. بعد ذلك شرح رئيس الفريق الطبي ما سوف يجري خطوة خطوة. ثم تقدم أحد العناصر الطبية وطلب من كل معتقل أن يقترب من الفتحة في باب الزنزانة المخصصة لتمرير الطعام ويكشف عن ساعده ويضع كتفه على الفتحة. بعد ذلك سيشعر بوخزة خفيفة عندما يتم حقن الإبرة وينتهي الأمر. وأضاف العنصر الطبي: "إذا تعاونتم، سيكون هذا أمراً سريعاً وسهلاً جداً" توقعت عكس ذلك.
وفيما كان عناصر الفريق الطبي يهيئون معداتهم، تحدث المعتقلون مع بعضهم البعض. كان الخوف يبدو على بعضهم. قال رجل طويل ونحيل يبدو أنه كان يتمتع ببعض سلطات القيادة "استعدوا لتكونوا شهداء". تماماً كما كنت قد توقعت. سألني أحد الأخصائيين النفسيين عما قاله ذلك الرجل. قلت له "هل تريد فعلاً أن تعرف؟" هز رأسه بالإيجاب. قلت "إنهم يعتقدون أننا سوف نقتلهم".
قررنا أنا ومارك أن أفضل استراتيجية هي أن نذهب معاً لنتحدث إلى زعماء مجمع الزنزانات للتعاون مع البرنامج. كان أحدهم مصراً على أننا كنا نحاول أن نسمعهم. قال "مضى على وجودنا هنا سنة تقريباً، وكنا جميعاً نعرف أن هذا سيحدث كنا نعرف أنكم ستجعلوننا شهداء في يوم من الأيام".
بدا أحد زعماء المعتقلين الآخرين أكثر انفتاحاً، لكنه لم يكن يفهم إذا كان ذلك جيداً بالنسبة إليهم، لماذا يتم إجبارهم على أخذ الحقنة بدلاً من جعلها اختيارية. استمر ذلك حوالي ربع ساعة. بعد ذلك قاطعنا حرس الشرطة العسكرية قائلاً "هيا لنبدأ الآن. أريدكم خارج مجمعي قبل الغداء. اشرحوا لهؤلاء الرجال أنهم سجناء لدى الجيش الأمريكي، وليسوا ضيوفاً في فندق".
رافقت أنا ومارك عناصر من الفريق الطبي، وبدأ كل منا في اتجاه معاكس للآخر. تطلب إقناع المعتقلين الاثنين الأولين مني محادثة طويلة لإقناعهما قبل أن يهيآ ساعديهما للحقنة. وبدأت العملية تسير ببطء. فجأة، توجه مارك إلى وسط المجمع وقال بصوت عال باللغة العربية: "اسمعوا، من المهم أن يفهم كل منكم أننا لا نحاول قتلكم. هذه الحقنة هي لحمايتكم من الأنفلونزا. وبما أنه يبدو أن معظمكم لا يصدقوننا، فسوف أثبت لكم أن الحقنة لن تؤذيكم" وكشف مارك عن ساعده وأعطاه العنصر الطبي الحقنة. ونجحت حركة مارك في تهدئة المعتقلين، وبدأت العملية تسير بسرعة أكبر. في النهاية كنا قد أعطينا الحقنة للجميع ما عدا بريطانيا مسلماً أسود كان يقرأ القرآن. أعطيته التعليمات مرتين لكنه لم ينظر إليّ. جاء مارك ليرى إذا كان يستطيع المساعدة. قلت له وقد بدأ صبري ينفد مثل الآخرين: "اسمع، إما أن تأخذها وحدك أو تأتي إلى الداخل ونجبرك على أخذها. رفع بصره عن القرآن وقال "ادخلوا".
جاء رئيس الحرس وتحدث إلى المعتقل بنفسه، وحاول معه بشتى الوسائل، لكن ذلك لم يجد نفعاً. اتصل رئيس الحرس بفريق الشرطة العسكرية الخاص (فريق التدخل الأولي) وطلب منهم الحضور. وقبل أن يحدث أي شيء، سمعت معتقلاً في الزنزانة الأخيرة يصيح: "الله أكبر". بعد ذلك دخل خمسة جنود يرتدون القبعات المعدنية وواقيات فوق الركبة وواقيات للصدر وقفازات جلدية سميكة. كان الجندي الأول يحمل درعاً شفافاً من الزجاج المقوى. كانوا يمشون بخطوات عسكرية نظامية، وكان كل واحد منهم يمسك بخصر الجندي الذي أمامه. كان يبدو وكأنه مشهد سينمائي. لم يكونوا على عجلة من أمرهم. التأثير النفسي لصوت أحذيتهم العسكرية على الأرضية المعدنية العالي والمخيف كان قوياً. كان أحد ضباط الصف يتبع المجموعة ومعه كاميرا فيديو. قال لي إن الأشرطة تستخدم للتدريب.
قام المعتقل بتقبيل القرآن ببطء وأغلقه ووضعه في غلافه الأبيض ووضعه على رف زنزانته. بعد ذلك وقف وخلع قميصه البرتقالي. كان نحيلاً ولكن عضلات جسمه كانت بارزة. عرفنا فيما بعد أنه كان يلعب رياضة الـ"كيك بوكسينج" في بريطانيا. أعطاه قائد الحرس فرصة أخيرة لم يجب بشيء واكتفى بأن أبدى استعداده لدخول فريق "قوة التدخل الأولية" بإشارة من يده.
كان الهواء في مجمع الزنزانات يبدو وكأنه يتذبذب فيما توقع الجميع بدء عنف منظم. كان بعض المعتقلين خائفين بحق، وتحركوا إلى مؤخرة زنزاناتهم. الآخرون بدؤوا يصيحون "كلاب أمريكية" "كفار" "الله أكبر" لم أشاهد في حياتي مثل ذلك الأذى.
وقف أعضاء فريق "قوة التدخل الأولية" في صف خارج باب الزنزانة وبدءاً من الخلف، بدأ كل واحد منهم يقول "مستعد" وبدأ كل واحد منهم بالتسلسل يضرب كتف الجندي الذي بجانبه. فتح الجندي الأول الباب ووجه جرعة كبيرة من رذاذ الفلفل على المعتقل، وبعد ذلك بدأ يدفعه بدرعه إلى زاوية الزنزانة. لكن المعتقل تمكن من إبعاد الدرع وحاول أن يركل الجندي الثاني في الصف. تمكن من ضربه بقوة على كتفه ولكن قبل أن يستطيع أن يضع رجله على الأرض، أمسكها الجندي الثالث وشدها، فارتفع جسد المعتقل في الهواء وسقط مرتطماً بالأرضية المعدنية. احتشد الجنود الخمسة فوقه. واحد كان مسؤولاً عن الإمساك برأسه، وكان من المفترض أن يمسك كل واحد من الآخرين بأحد أطرافه. كان المعتقل يركل ويتلوى مدفوعاً بعدوانية. كان مو يصيح به بالعربية ويطلب منه أن يتوقف عن المقاومة، أحد الجنود الأكثر قوة كان يمسك بثبات بذراع المعتقل بإحدى يديه ويكيل له اللكمات على أضلاعه بالثانية. وخلال ذلك كله، كان أحد زعماء المعتقلين يصيح "سوف تقتلونه! الله أكبر" وبعد ذلك، فجأة ركضت إحدى أعضاء الفريق، جندية كان يفترض أن تمسك بإحدى أرجل المعتقل، إلى خارج زنزانته وخلعت قناعها الواقي وهي تلهث. كان من الواضح أنها لم تكن باللياقة الكافية. وفيما كانت تلتقط أنفاسها، كان زملاؤها يكافحون لوضع القيود على أطراف المعتقل. بعد حوالي نصف دقيقة، وضعت خوذتها مرة أخرى وعادت للدخول. أخيراً تمكنت الشرطة العسكرية من تثبيت الرجل، ودخل أحد عناصر الفريق الطبي مع حقنته وأعطاه إياها.
كان الكثيرون من عناصر الشرطة العسكرية يفتقرون إلى الخبرة الكافية، إما لأنهم كانوا شباناً صغاراً في السن أو لأنهم كانوا احتياطيين لم يتعرضوا لكثير من المواقف الصعبة. وكنت أحياناً أشعر بالشفقة عليهم لأنهم كانوا يكتسبون خبرتهم في جحيم مثل جيتمو. كنا جالسين أنا وآدم وفانيسا عصر أحد الأيام الهادئة عندما اتصل بنا أحد عناصر الشرطة العسكرية والارتباك باد في صوته. قال: إن هناك حاجة إلى مترجم بسرعة في مجمع زنزانات تشارلي. كان الأمر يبدو خطيراً لذلك ذهبت أنا وآدم معاً.
مشينا على الحصى خلال متاهة الحواجز، وكان علينا أن نمر عبر ثلاث بوابات من بوابات المعسكر المزدوجة الكثيرة. وعندما وصلنا أخيراً إلى مجمع زنزانات تشارلي، رأينا فريقاً طبياً يسرع إلى هناك أيضاً، ولم تكن تلك إشارة طيبة اصطحبنا الحارس المسؤول بسرعة إلى منطقة الرياضة والاستحمام. كانت الحمامات تبدو مثل أقفاص أكثر منها أماكن لأخذ دش، وكانت كلها مفتوحة ما عدا ألواحا موضوعة لأجل الحشمة. في الساحة رأيت معتقلاً وكان الدم يغطي ذراعه اليمنى وقدميه، وكان مرفوعاً على نقالة طبية ونصف طرفه الأيسر يتدلى منها. وكانت الساحة الصغيرة مكتظة بالحراس والممرضين وطبيب وبنا نحن المترجمين.
كان الطبيب راكعاً قرب المعتقل، وذهب آدم وانحنى بقربه. سمعتهما يقولان للأسير، وهو بحريني اسمه حليم، إنه سيكون على ما يرام.
نظرت حولي لأرى إذا كان بإمكاني المساعدة في أي شيء آخر، على الأرض خارج مكان الاستحمام لاحظت بركة من الدم الأحمر الداكن، يبدو أن المعتقل كان قد قطع معصميه بشفرة. وكان على درج مجمع الزنزانات حارس شاب لا يتجاوز عمره التاسعة عشرة، وكان يرتجف ويحاول أن يهدئ أعصابه بتدخين سيجارة.
استدعاني أحد أفراد الشرطة العسكرية إلى مكان الاستحمام. كانت هناك بركة أخرى من الدماء، وكانت هناك دماء أيضاً على الحائط - كان يبدو وكأن نهراً تدفق من شرايين الرجل. لاحظت أن الدم على الحائط كان عبارة عن كتابة لجملة "انتحرت من شدة الظلم" طلب مني الضابط المسؤول ترجمتها له ففعلت.
نجا حليم بأعجوبة، وسمعت أكثر عن قصته المؤلمة بعد الحادثة. كان قد وصل بعد أسابيع قليلة من افتتاح معسكر إكس راي، لذلك فقد كان قد مضى على وجوده حوالي سنة. كان قد درس في أنديانا، وكان يتحدث الإنجليزية، لكن نادراً ما كان يتحدث عندما وصل إلى جيتمو، وذلك حسب قول فانيسا التي كانت قد التقت معه في معسكر إكس راي. كان دائماً يبدو مذهولاً وكأنه لم يكن يعرف أين هو. وتساءلت فانيسا فيما إذا كان قد تعرض لتجربة سيئة في سجن قاعدة باجرام. وفي النهاية وضع الأخصائي النفسي في جيتمو نظاماً دوائياً قوياً للمعتقل البحريني، وذلك أعطاه الفرصة الأولى ليحاول قتل نفسه. كان حليم يتظاهر بتناول دوائه كل يوم وخبأ أقراص الدواء في زنزانته، وكان يخطط لجمع أكبر كمية منها ليأخذها دفعة واحدة وينهي حياته. لكن أحد المساجين الآخرين وشى به واستدعى الأمر استدعاء عناصر فريق "قوة التدخل الأولية"، وكانوا في ذلك الوقت أكثر قسوة ووحشية في استخدام العنف مع المعتقلين، وكانوا بعد أن ينتهوا من ضربه يجبرونه على الركوع ويقيدون يديه خلف ظهره مع قدميه ويتركونه كذلك لمدة أربع ساعات، وكان الصليب الأحمر قد اشتكى من هذه الطريقة إلى أعلى المستويات في قيادة الجيش.
ولم يتحدث حليم في الأسابيع التالية. كان فقط يحدق في الفراغ أمامه. ولكن في اليوم الذي كانت الشرطة العسكرية تنقل المعتقلين من معسكر إكس راي إلى معسكر دلتا الذي كان قد بني حديثاً، تلقى حليم ضرباً مبرحاً مرة أخرى. رأته فانيسا بعد يومين من ذلك ولاحظت أن وجهه كان أسود وأزرق. وقال لها أخصائي نفسي إنه في حال أفضل بكثير مما كان عليه منذ يومين. وحاولت فانيسا أن تستفسر عن سبب ضرب حليم يوم الانتقال من معسكر إلى معسكر، ولكن أسئلتها لم تجد إجابة عرفت فقط أنه لم يكن هناك مترجم موجود وأن الشرطة العسكرية أضاعوا بصورة ما شريط الفيديو الخاص بتلك المرة التي ضربه فيها أفراد قوة التدخل الأولي.
بعد وصول حليم بفترة قليلة إلى معسكر دلتا، جرب طريقة أخرى للانتحار فكر أنه يستطيع أن يقتلع بعض الدهان من على حائط الزنزانات ويجمع كمية كافية ويأكلها دفعة واحدة لتقضي عليه، لكن ذلك لم يؤد إلا إلى ارتباك في معدته. وبعد ذلك بدا لفترة أنه كان في طريقه إلى التحسن - إلى أن جاء اليوم الذي طلب فيه شفرة وهو في الحمام بحجة أنه كان يريد حلاقة الشعر على جسده. بدا لي أن من الجنون السماح لمعتقل كان قد حاول الانتحار مرتين من قبل بأخذ شفرة إلى الحمام معه. ولكن في تلك الفترة، كانت الأمور غير المنطقية في المعسكر قد بدأت تصبح هي الشائعة.
عندما استلقيت على فراشي مساء، وجدت نفسي أفكر فيما إذا كانت عائلة حليم تعرف مكان وجوده. تساءلت فيما إذا كان قد ساعد القاعدة أو طالبان، أو أن ظروفاً أخرى جلبته إلى جيتمو. وتساءلت فيما إذا كنا فعلاً نملك شيئاً ضده.
كان أخصائيو الصحة النفسية والحراس دائماً مستيقظين خوفاً من أن يقوم معتقل ما بإيذاء نفسه. أحياناً كنا نسمع في القيادة أن هناك مخططاً للانتحار الجماعي، وأنهم عرفوا ذلك من خلال اعتراف أحد المعتقلين للمحققين حول هذا الأمر. سمعنا مرة أنهم سوف يحاولون طعن أنفسهم في آذانهم بأدوات حادة صنعوها من ملاعق بلاستيكية كانت تأتي مع أطعمتهم الجاهزة. ومع أن الأمر كان يبدو خرافياً، إلا أن قيادة المعسكر كانت مضطرة لأخذ الموضوع بجدية.
ورغم كل الاحتياطات، كانت محاولات الانتحار كثيرة. كنت في يوم راحتي عندما ذهب أحد أعضاء فريقنا واسمه بول ليتحدث إلى سعودي معتقل كان يمضي وقتاً طويلاً في التحقيق مؤخراً. كان يدعي أنه مدرس ولا علاقة له مطلقاً مع القاعدة. كان المعتقلون الآخرون الذين معه في مجمع الزنزانات يعتقدون أنه انهار وأنه كان يعترف ويدلي بالكثير من المعلومات للمحققين. كانوا يتهمونه على مدى أيام طويلة بأنه خائن وأنه سوف يذهب إلى جهنم، كانوا يقولون له "لقد خنت دينك سوف تحترق في الجحيم! لماذا تعمل معهم؟ يجب أن تقتل نفسك". كانوا يجبرونه على البقاء مستيقظاً في الليل وهم يوجهون إليه اتهاماتهم ويسخرون منه ويفرضون عليه الحرمان من النوم بطريقتهم الخاصة. طلب أن يتم نقله إلى الحبس الانفرادي، ولكن زملاءه الأسرى استمروا بالصراخ عليه وضرب الجدران بقوة كبيرة حتى لا يتركوه ينام.
في ذلك اليوم قال لصديقي المترجم بول: "إذا لم تنقلوني إلى أخرى ليس فيها أحد، فإنني سأقتل نفسي". نقل بول كلام المعتقل السعودي إلى الحراس، لكنهم لم يظهروا أي اهتمام بذلك، وقالوا إنهم لا يملكون أي سلطة لعزله عن الآخرين. قال السعودي ملحاً "لا، إنكم لا تفهمون، إذا لم أخرج من هنا خلال نصف ساعة من الآن، فسوف أقتل نفسي". توجه بول ليتحدث إلى الضابط المناوب المسؤول عن نوبة حراسة الشرطة العسكرية في ذلك اليوم، لكن الضابط قال له أيضاً إن قضية نقل المعتقل من مكان إلى آخر مستحيلة، لأن قسم الاستخبارات والتحقيق في المعسكر لم يوافق على ذلك. وفي الوقت الذي عاد فيه بول إلى مجمع الزنزانات لينقل الخبر السيئ، كان المعتقل السعودي يتدلى من سقف زنزانته بعد أن علق نفسه بأنشوطة كان قد صنعها من أغطية السرير ووضعها في عنقه وشنق نفسه. وأسرع بول بحثاً عن بعض الحراس، وأحضر معه مساعده وقاموا بقطع الأنشوطة وأنزلوا المعتقل ومددوه أرضاً. ووصل الطبيب بسرعة وقام بإجراء التنفس الاصطناعي للمعتقل الذي كان يبدو بلا حراك. لم يعرف أحد كم مضى على المعتقل السعودي وهو معلق في الزنزانة قبل إنقاذه، وكان من الواضح أنه تعرض لأذى خطير.
ودخل المعتقل السعودي في حالة غيبوبة تامة على مدى عدة أشهر. ولم يصل الأمر إلى الصحافة في البداية، لكن بعض تفاصيل الحادثة بدأت تتسرب إلى الإعلام بعد فترة. في الواقع كنا نتحدث في مكتب للقوميين حول هذه القضية، وكنا نلاحظ أن عدد المرات التي يحاول فيها معتقلون الانتحار في جيتمو لم تكن تصل إلى الإعلام إلا نادراً، ولذلك فإن الرقم الذي كان الإعلام يتحدث عنه لمحاولات الانتحار في جيتمو كان منخفضاً جداً. لم نكن نستطيع أن نقارن بين الأرقام الحقيقية لمحاولات الانتحار والرقم الذي يتحدث عنه الإعلام.
__________________



أدعم المظلوم حميدان التركي

http://www.homaidanalturki.com/
عاشق الجنوب غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»موسوعه الصقور«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®» اللبيب مجلس الباديه والرحلات 25 03-11-2008 02:03 PM
كل ما تريد من الأذكـــــــــــــــــــار فارس الشواطي مجلس الإسلام والحياة 24 06-10-2008 05:30 PM
هدا مجموع ما يخص يوم عشوراء احببت ان انقله لكم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 04-10-2007 06:33 AM
الانترنت والتعليم ... معلومات وحقائق ... ملف اعجبني ... نسناس المجلس الـــــعــــــــام 7 18-09-2006 06:53 PM
الله وأكبر لاول مره لقاء صحفي شامل مع00000 يحيى بن عبدالرحمن آل شاهر مجلس الإسلام والحياة 5 31-08-2006 04:06 AM


الساعة الآن 04:59 AM

سناب المشاهير