ثمن الجدي
روايه من الريف السعودى ( الزمن النصف الثاني من القرن الرابع عشر)
بقلم ك سعد أبو حيمد
عاد طبيب العيون الدكتور مرزوق ، بعد حضوره مؤ تمرا طبيا بالخارج ’ وبعد مباشرته للعمل فى مكتبه بمستشفى الملك عبد العزيز , بالر ياض ، بادر الى مرا جعة مها مه المنوطة به ، فطلب من سكر تارية العمليات بيانا بالعمليات المقرراجراؤها خلال الا سبوع ،عند ما راح يقرأ أسماء ء المرضى ونوع العمليات لفت نظره اسم توقف عنده طويلا , ابراهيم الصالح , وكاد فلبه يقفز من جوفه , عاد وقر أ الا سم مرة اخرى ,, إنه هو ,, شيخ ابراهيم انه ذلك الرجل الا نسان الكريم , الذى انتشلنى من الظلمة الى النور, انه لحظ سعيذ ان اقوم له بخدمة من خلال علمى ومعرفتى لارد له بعضا من دينه ونعمته التى غمرنى بها , وطلب الدكتور مرزوق الملف الخاص ليتا كد من حقيقة شخصيته , وبعد اطلاعه على الملف قام مسرعا يحثالخطى عبر ممرات المستشفى حتى وصل الى غرفته التى يرقد فيها , وما ان فتح الباب حتى هرع الى الراقد على السرير ابراهيم الصالح وراح يقبل خديه ورا سه ويديه ويقول : يا مرحبا يا عمى ابراهيم يا مرحبا يا ابا عبد العزيز اننى سعيد برؤيتك وسعيد لانى ساقوم بعمل هو اقل ما يمكن ان اقدمه لك , واننى ابدى اسفى لاننى لم اكن فى استقبالك حين جئت للمستشفى , ورد ابراهيم بقوله : اشكرك يا دكتور مرزوق وانى فخور بما وصلت اليه من نجاح ..عاد الدكتورالى مكتبه وذهب به الخيال الى ذلك المشوار الطويل وتذكر كيف كان واين كان .. كان والده فرج بن مسعود من العمال المتخصصين بالخدمة فى مزارع النخيل , وهاهو قد انهى الحرفة ( موسم صرام التمور ) فى احدى المزارع الصغيرة والتى قرر تركها لانها لا تستوعب قدراته ومعه اولاده الا ربعة وبناته الثلاث وزوجته , فكلهم عادة يعملون بالمزرعة , وقام بنقل مسكنه ( وهو من العشاش ) الى اطراف القرية , وكان كل ما حصل عليه فرج من هذا الموسم بعد سداد دينه , هوقليل من التمر مقدار خمسين صاع ( الصاع 3كيلو ) قام بكنزه فى مطحن وجالوقين ( مواعين منسوجه من خوص النخيل ) وايضا كمية من الليف الذىتصنع منه الحبال , وهذا كل ما سيعتمد عليه فرج واسرته خلال الشهرين او الثلاثة المقبلة , وقبل ان يعمل فى مزرعة اخرى , فقد كانت الوجبة الر ئيسية هى ( المريسه ) وهى خليط من التمر المذاب فى الماء مع الليمون , وقد يبيع فرج شيئا من الحبال وياتى بوجبة دسمة ..كان فرج من العمال المشهورين فى اوساط المزارعين , وقد طلبه الكثيرون ولكنه اختار مزرعة عايض بن ناصر لانها واسعة وكثيرة النخل وبها اراض تتسع لزراعة الخضار والبرسيم والقمح ايضا واعمار النخيل صغيرة ( جبابير ) تم التعاقد وكماهى العادة على المشاركة فى المحصول ربع الصفرى، وثلث السرى وثلث المخاريف ،وثلث الخضار والبرسيم , وبد أ فرج واولا ده فى اقامة مسكنهم فى المزرعة والمكون من العشاش , وهى ثلاث , ( القيضية و الجندبه والكنديس ) وكان اول عمل يقوم به فرج واولاده , هو صيانة وتجديد ( الزرايب ) سياج المزرعة , وبمساعدة اولاده , وبعد ذلك تجديد احواض النخيل , وهذه طريقة يقوم بها عمال المزار ع فى البداية حتى تجود وتكثر ثمار النخيل , وتلك من صعوبتها تحتاج الى مساعدة , لذا فقد استعان فرج بجيرانه من عمال المزارع المجاورة , لكن هؤ لاء لابد لهم من وجبات دسمه , لحم ورز , ولا يتقا ضى العمال اجرا غير هذه الوجبة , وفى هذه الحالة فا ن فرج يحتاج الى مبلغ عشرة ر يا لا ت لشراء تلك الوجبة او الوجبات ,, وذهب فرج الى ( ابى ناصر) صاحب المزرعم وطلب المبلغ , لكن ابا ناصر تحدث معه حول ( القطعان ) وهو مبلغ يقترضه العامل على حساب نصيبه من الثمرة وتحاورا حول مقدار القرض والسعر وقدر ابو ناصر القرض فى حدود سبعين ريال والسعر ثلاث وزنات للريال ( صاع واحد ) ولم يكن امام فرج الا الا نصياع ’ ومن تحرزأبي نا صر انه لايدفع القرض دفعة واحدة , بل على دفعات وفرج وعائلته سيكون اعتمادهم فى مصروفاتهم على هذا القرض وعلى القليل من التمر, وفى كل اسبوع او اسبوعين يبيع فرج شيئا من الحبال التى ينتجها ويشترى بثمنها قليلا من الرز واللحم , اما سويره ( ام حسن ) زوجة فرج فهى محور العائلة وحا ملة همها وشئونها , وعند ما شعرت بشح الموارد سعت لايجاد موارد اخرى , فتعا قدت مع ابى محمد وابى راشد لتنقل الى بيوتهم الماء كل صباح مقابل ريالين فى الشهر لكل منهما , كما ان سويرة هى ا المسئولة عن العمل والمهام التى تقوم بها الا سرة كل فيما يخصه , وها هى فى سا عات الصبح الاولى تنادى على زوجها وتقول : فرج قم قم استيقظ الله يعطيك العافيه ’ فهذا السحر قد حل وحلت النشرة ( موعد اعداد المعا ويد – السوانى – التى تخرج الماء من البئر ) قم توكل على الله ويصحو فرج وهو يردد شهادة التوحيد وبعدها اصبحنا واصبح الملك لله , وينا دى على سويره اعطينى ماء فى السحله اغسل وجهى , وتذكره سويره بقولها تو ضأ ايضا حتى اذا حلت صلاة الفجر تكون على وضوء وتصلى قال : صحيح جزاك الله خير, وتلفت فرج ولم يجد حوله احدا من ابنائه وسأل اين الاولاد ؟ قالت ( عانهم راقدين فى السلفه - ساحة بين اشجار النخيل - وتحتهم خصاف وتتحت روسهم وسايد والدنيا دفا و لا فيه برد ولا يختاجون لحاف ) وبعد صلاة الفجر وقبل ان تذهب سويره لا داء عملها توريد الماء لبيت ابى محمد وابى راشد وايضابيت ابى ناصر., حرصت قبل ذلك على ايقاظ الا ولاد وتوجيه كلا منهم الى العمل المناط به "" اذهب انت ياحسن الى ابيك وقم عنه بسوق المعاويد " اما انت يا ناصر عليك ان توجه الماء للوقعه التى سيذهب اليها الماء " وانت يا مرووق قم بحش ا لبر سيم وقط القطيط واحمله الى غنم وبقر ابى ناصر" وانت يا محمد خذ الحبال الجاهزة الى السوق لبيعها " اما انت يا منير ه وسعدى عليكما ان تذهبا وتلقطا البلح المتسافط ( البسر غير المستوى ) وتذهبا به الى السوق لبيعه " وانت يا هيله قومى با عداد الخوص الذى ساقوم با ستعماله فى نسج الحصر بعد عودتى .على هذه الوتيرة تسير احوال الا سرة لكن الاولاد يكبرون وتزداد مطالبهم بل يزداد شعورهم بواقعهم المتدنى , فهذا مرزوق يتحدث مع شقيقه حسن وهما يحملان علىاكتا فهما البرسيم الى اغنام ابى ناصر: انظر ياحسن ها نحن نقدم الغذاء لاغنام ابى ناصر ولا نذوق شربة من لبنها اولقمة من لحمها, نحن الذين نسقى النخل ونلقحه ونعدله ونصرمه وطول السنة لانكاد نحصل على قوتنا , ربما فىنهاية الموسم نحصل على قليل من التمر بعد سداد الدين , كم لنا من مدة لم نطعم اللحم يا حسن , الا ترى اولاد القريةوهم يلبسون ثيا با جديدة ونحن نلبس اسما لا ا؟ هم ينتعلون الا حذية ونحن نمشى حفاة , هم يشربون اللبن ويشربون الشاهى ونحن لا نذو قهما , الا تذكر حين جاءت امى وهى تبكى وتنتحب لان ابا ناصر قد صادفها وهى خا رجة بعد ان ادت الخدمة فى بيته وكان معها قليلا من اللبن قد اعطته لها ام ناصر فنهرها واتهمها بالسرقة ؟ قال حسن : وهو يعى كل ما قاله مرزوق هذاهو قدرنا وما كتب الله لنا , قال مرزوق : لالا ان الله لا يرضى بظلم جانب من عباده وينعم على الا خرين , بل ان الله قداعطى لكل انسان عقل ليستخدمه حتى يستفيد طك قدراته وجهوده , لذا فلا بد لنا من أن نحصل على حقوقنا ولا تستسلم ونخضع للظلم م , قال حسن : ماذا تقصد وما ذا تريد ؟هل ننهب هل نسرق ؟؟ انك تحلم يا مرزوق,, وبقى الشعور بالظلم يحتدم فى خاطر مرزوق , وحدى به ذلك لان يرتكب خطأ وجرما ,, فقد \ذهب قبل طلوع الفجر الى حوش اغنام ابى ناصر واختار جديا صغيرا وحمله على اكتافه وذهب به الى سياج المزرعة ثم ذبحه وجاء بلحمه الى اهله , وفوجىء اهله بذلك وسأ لوه من اين هذا ؟ قال هذا رزق من عند الله فكلو واحمدو ربكم , قال والده : لا لا لن نمد ايدينا اليه حتى تخبرنا من اين اتيت به , قال اننى استدنت من خالى سويلم ريالين واشتريت بهما هذا الجدى , ورغم فقرهم ولهفتهم على اللحم الا ان الا مانة وعزة النفس قد ردعتهم من الا قدام على امر مجهول , وكانت ام حسن والدة مرزوق تقف مع الاسرة وهى ساهمة ومغمومة , لانها كانت تعرف نصف الحقيقة , وبعد مشا هدتها للحم اكتملت لديها الحقيقة , فقد سأ لتها ام ناصرعن فقدان احد الجديان لذا فقد تاكد لها ان مرزوقا قد ارتكب خطأ , وانسلت ام حسن وذهبت مسرعة الى ام ناصر ودخلت عليها وهى تبكى وتلطم وجهها وتعتذر لام ناصر عن ما فعله مرزوق , وقالت يا ام ناصر اسمحى لى ان احضر اللحم او خذى منى ثمنه وهذا ريال وسوف ادفع الريال الا خر بعد استلامى اجرى من ابى محمد ,,وهنا جللة الرحمة والعطف مشاعر أم نا صر - فهي إمرأة وتقية - ة وقالت لام حسن لاعليك فهذا طفل جاهل اما اللحم فاننى اقدمه لك ولا سرتك هدية من عندى ولا داعى لثمنه , وراحت ام حسن تلثم وتقبل يدا ام ناصر وتدعولها كما طلبت منها عدم ابلاغ ابى ناصر لانه شديد ونخشى ان يبلغ الحكومة قالت اذهبى ولا تخافى ,, عادت ام حسن الى اسرتها ومن غضبهاعلى مرزوق اخبرت والده بما فعل فقام غاضبا وحمل عصا غليظة وضرب بها مرزوقا , وقفز مرزوق من مكانه قبل ان تاتيه الضربة الثانية ثم ولى هاربا ومع ذلك لم يهن على الام ان تدع ولدها يتوه ويهلك , فذهبت لا خيها سويلم وترجته ان يبحث عنه ويؤ يه لديه واعطته ريالا ليستعين به على مصروفه , كان سويلم يعمل اجيرا لدى تاجر نجدى ياتى الى القرية من حين لاخر يشترى ويبيع وكان مرزوق يرافق خاله ويساعده , وقد لفت مرزوق نظر التاجر حين شاهد حركته ونشاطه فطلب من سويلم ان يستأ ذن اهله ليأ خذه معه إلى نجد وسيدفع له خمسين ريالا فى السنة, ولم يكن سويلم بحاجة ليستأ ذن فا هله غاضبون عليه وسويلم أ يضا يريد الخلاص منه ليوفر مؤنته ,, سافر مرزوق مع التاجر ابراهيم صالح المقرن الى نجد , لم يكن مرزوق يريد الا الخلاص والغياب عن هذه القرية التي لايجد فبها حتى مأ يملأ بطنه , وقد لقى فى رفقة الشيخ ابراهيم شيئا مما كان يحلم به منحيث اللباس وطيب العيش و أبضا غيابه عن النصب والتعب , وقد جعله الشيخ خادما يقضى حوائج البيت وصباب للقهوة والعناية بالغنم , وكان للشيخ طفلان يدرسان عبد العزيز فى السنة الثالثة وماجد فىالسنة الثانية وقد اصبح مرزوق لصيقا لهما ويخد مهما ويلا عبهما وكان يجلس معهما اثناء مذا كرتهما وكان احيا نا يتناول بعض الكتب ويتطلع عليها دون ان يفهم منها شيئا عدى مشاهدته للصور, وقد لاحظه عبد العزيز و قال له ما زحا : اتريد ان تتعلم يا مرزوق ؟ تعال اعلمك ,, كانت مزحة الا انها انغمست فى اعماق مرزوق وقال فى سره نعم اريد ان اتعلم لاكون مثلهم لما ذا يتعلم هو وانا لا اتعلم ؟ وقد تعلق امله بتلك المزحة التى قالها عبد العزيز , ورد مرزوق على عبد العزيز وقال : اى والله ياعبد العزيز انا ودى اتعلم لكن انا ما دخلت مدرسه والتعليم صعب ,, قال عبد العزيز هو صحيح صعب لكن اذا اجتهد الواحد ترا ه بينجح وكتب له الحروف الهجا ئية اب الخ وعلمه نطقها واهتم مرزوق وفرح كثيرا وبعد اسبوع حفظ نصف الحروف وحفظ الباقى فى الا سبوع الثانى واعطاه الطالبان كلمات من ثلا ثة حروف كتبزرع وراح مرزوق يسهر فى غرفته مع فانوسه ويذاكر معظم اليل وامده الطا لبان بكتبهما القديمه ولم يضع الوقت واعجب الطالبان بمعرفته وذكائه الا مر الذى جعلهما يطلبان من والدهما ان يدخل مرزوق المدرسة وضحك والدهما من طيبتهما وسذاجتهما وقال يا بنى ان مرزوقا قد كبر وهو لم يدخل مدرسة من قبل ولا يعرف شيئا قال عبد العزيز لايا ابى انه يعرف قال والده كيف ؟ قال عبد العزيز لقد علمناه انا وماجد وهوالان يعرف يكتب ويقرأ قال والدهما ما شاء الله لقد اصبحتما معلمين فى وقت مبكر وقال قوما الا ن واحضراه لنتحقق عن ما ذكرتماه ونجح مرزوق فى الا ختبار امام الشيخ واقتنع بمعرفته ومعلوماته التى تقارب منهج السنة الثانية لكن المشكلة تكمن فى عمر مرزوق فقد تجاوز الثالثة عشرة ومن الصعوبة الحاقه بالمدرسة فى هذه السن لكن مكانة الشيخ قد ذللت المشكلة ويلتحق مرزوق بالمد رسة وتمضى الا يام ويلحق مرزوق بعبد العزيز على اثر وعكة اخرت عبد العزيز سنة دراسية ويتابع الشيخ ابراهيم عنايته بالطلاب الثلاثة مرحلة مرحلة وعند انهائهم للمرحلة الثانوية نقلهم الشيخ الى الرياض والحقهم بالجا معات عبد العزيز دخل كلية الهندسة وماجد كلية الشريعة اما مرزوق فقد اختار كلية الطب قاصدا التخصص فى طب العيون ذلك انه قد علم من اخبار قريته ان والدته قد ضعف بصرها ووالد ه قد اصبح عاجزا عن العمل لذا فهو يحلم با ن يستطيع يوما ان يعالج والدته تلك كانت امنيته وتمضى السنون ويتخرج عبد العزيز مهندس مدنى ويلتحق بوازرة الا شغال وليشارك فى قيادة النهظة العمرانية اما مرزوق فقد التخق بمستشفى الملك عبد العزيز كان مرزوق خلال غيبته الطويلة لم ينس اهله وخاصة ابويه الذين تاتيه عنهما اخبار غير مريحه فهما قد كبرا واصبحا عاجزين عن العمل ويقيما ن فى عشة متواضعة وعلى نفقات المحسنين وحتى حين كان فى المرحلة الدراسية كان يوفر ثمن المرطبات واجور الحا فلة ويرسله الى اهله والان وقد اصبح طبيبا و تحسن دخله كان اشد مايشغل باله ويقض مضجعه هو حالة ابويه الذين يقبعان فى بؤرة الفقر ويحيط بهما الحرمان لذا فقد قرر الذهاب اليهماليقتل فقرهما وينقذهما من الحرمان وصل الدكتور مرزوق الى القرية التى غاب عنها عشرين عاما والتى غادرها هاربا ومطرودا ينشد لقمة العيش وكساء البدن , عاد الى قريته وقد حل فى منزلة رفعته الى ما لايحلم به امثاله ,عاد طبيبا مشهورا يركب سيارة فارهة وجيبه يعج بالمال , توجه الى بيت خاله الذى لايعرفه فقد تغيرت القرية ودله اليه احد الصبية , لم يفا جأ به خاله لانه يعلم بمكانته ويتوقع وصوله , وكان مرزوق فى حالة من القلق والرغبة والشوق لرؤية ابويه لكن خاله استمهله لبعض الوقت وقال دعنى اذهب اليهما وامهدلهما عن خبر وصولك اذربما يصيبهما خلل عقلى لو اتيت اليهما فجأ ة , وتهدج صوت مرزوق بالعبرة وقال دعنى يا خالى اراهما بسرعة اود ان ابل اكبادهما اريد ان اقتل فقرهما ,, ذهب سويلم الى فرج وزوجته سويره حيث يقبعان فى عشتهما وينتظران من كل مطل عليهما ان يحمل لهما معه ما يعينهما على العيش ,, واخبرهما ان طا رشا ( مسافر )قد وصل اليو م من الرياض ومعه خط ( رساله ) من مرزوق ولم تكد سويره تسمع اسم مرزوق ( حتى شهقت وتنهدت ثم رفعت صوتها مرزوق ولدى يا ويلى عليه ولدى الذى ذهب ثمنا لجدى ابى ناصر ) وقالت ( ياسويلم وين الخط عطتياه عطنيه اشم ر يحه ) اما فرج فرد ببرود وعدم اهتمام وقال ( وين مرزوق وهل هو صحيح حى ( موجود ) ورد سويلم بقوله ( يا فرج مرزوق موجود فى الرياض وصار موظف كبير والرجال اللى جا يقول ان معه دراهم مرسلها لكم ) قالت ( سويره الحمد لله ما دام مرزوق حى وطيب )قال سويلم ( وش رايكم بقول الرجال إن مرزوق بيجى ويا خذكم معه للرياض ) يرد ( فرج الله المستعان تبينا نروح للرياض اللى بينا وبينه مسيرة شهر ابد ما نتعدى ديرتنا وان كانه يبينا يجينا ) قال سويلم ( مرزوق يقول انه بيجيب معه سياره ويشيلكم عليها للرياض ) ويضحك فرج مستغربا ومستبعدا ويقول ( سياره تشيلنا ؟ ومن هو الذى يقدر يجيب سياره ؟ قال سويلم ( يافرج مررزوق وسع الله عليه وعنده خير كثير ويقولون انه صار دختور ( دكتور ) قال فرج : دختور ؟!! مرزوق صار دختور !! يعنى اللى يداوى الناس المصاخين ؟ ما ظنيته يا سويلم مرزوق خابره حرف ( شقى ) وانت خابره ويش سوا قال سويلم " ,, يا فرج ضربة عصاك اللى ضربته بها صا رت سبب فتح له باب السما فال فرج والله ياسويلم ( انا ما ادرى لكن انت تقول علوم كنك عارفها ) وجاء دور سويره قالت ( (صحيح يا سويلم ولدى مرزوق صار دختور؟ ) قال سويلم : نعم دختور يداوى العيون قالت ( الحمدلله هجل عساه يداوى عيونى اللى ماعا د اشوف فيها ) وبعد ما شعر سويلم ان العجوزين قد استوعبا صورة ابنهما اراد ان ينقلهما الى المر حلة الثا نية : اللقاء , قال سويلم يافرج الرجال اللى جا يقول ان مرزوق بيجى على سيارته اليوم اوبكره وانا سمعت صوت سياره ويمكن انها سيارته تعالو معى الى بيتى نشوف لعله قد وصل ,, وهبت سويرة واقفة واستنهظت فرج وفالت له قم قم وذهبا الىبيت سويلم وكان لقاء مثيرا وعاطفيا خالطه بكاء الفرحة والسرور ..جمع مرزوق اسرته اخوته وخواته ووزع عليهم العطايا وقرر حمل ابويه معه للرياض ,, لكنه قبل السفر طلب طلبا فا جأ به خاله سويلم فقد رغب ان يزور بيت ابى ناصر,, قال سويلم كيف تزور رجلا انت تعرف موقفه وتعاليه علينا قال مرزوق ان تلك المكانة التى كان ينظر منها الينا قد ذهبت الى الا بد ونحن الا ن نطل عليه من فوق . دخلا الى بيت ابى ناصر وكانت هيئة مرزوق لافتة للنظر من حيث ملا بسه ومشلحه الراقى والنظارات التى يضعها على عينيه ,, وانبهر ابو ناصر من هذا الظيف الذى جاء للسلام عليه وهو لايعرفه ,, اما مرافقه سويلم فإ ن أبا ناصر يعرفه جيدا , وراح ابوناصر ينقل ناظريه بين سويلم ومن معه , ثم امر بصب القهوة وانتظر على مضض ان يخبره سويلم بمن معه ولكن سويلم تباطأ( بخبث) اخيراتكلم ابوناصر
وقال : من هو خويك ياسويلم
قال خويي الدكتور مرزوق
قال انا ما اعرفه , هل هويعرفنى ؟
نعم يعرفك جيدايا ابا ناصر
قال ابو ناصردكتور صحيح يعنى يداوى المصاخين ؟
قال نعم طبيب يداوى العيون
قال والله ياسويلم ما ادرى عنك انت دايم تحب تمزح لكن الدكاتره اللى يجونا دايم حمران وبيضان ( كان لون الدكتور داكن بعض الشىء ) وهذا ماهوب مثلهم
قال سويلم : يا ابا ناصر الدكتور تعلم فى مدارس كبيره يعنى جا معات واللون والشكل ما يعطى معنى
قال :اخاف انه مثل اللى يجونا من الجنوب ويشنطون العيون ويحطون فيها ذرور وهم اللى دمرو عيون ام ناصر,
لا يا ابا ناصر الدكتور مرزوق يختلف عن اللى ذكرتهم ,
فال ابوناصر طيب الدكتور ذا منين هو جاى ويش جايبه ؟
والقى سويلم المفا جأ ة التى اذهلت ابا ناصر وقال
: الدكتور هذا يا ابا ناصر جاى يزور امه وابوه عندنا ,
قال ومنهو ابوه ومنهى امه ؟
قال سويلم مرزوق ابوه فرج وامه سويره اللى انت تعرفهم
, قال ابو نا صر : ها ه وكانه لم يسمع انت ويش قلت يا سويلم ؟ تقول مرزوق ولد فرج صار دختور!! ( وضحك ضحكة بلهاء لا معنى لها , الا الا ستنكار والا حتقار ) وقال : كيف يكون ولد فرج دختور؟ انت ياسويلم ما تذكر ويش كان يسوى يوم كانويشتغلون عندنا ؟
قال سويلم : يا ابا ناصر مرزوق تعلم فى الجامعه وصار دكتور يعمل فى مستشفى الملك بالر ياض , واليوم العصر تغير واصبح العلم متاح للقوى والضعيف بفضل الله ثم بفضل حكام بلدنا الله يعزهم , والعلم يا اباناصر يرفع بيوتا لا عماد لها .. جرى كل الحوار هذا بين سويلم وابوناصر دون تدخل او مشاركة من مرزوق ماعدى عبارات السلام والتحية , ذلك لانه يعرف موقفه منه ومن اسرته , لذا فضل عدم التحدث معه , قبل ان يغادرا مجلس ابا ناصر قال سويلم لا بى نا صر الدكتور يريد السلام على ام ناصر كما انه مستعد لعلاج عيونها على حسابه فى الر ياض , قال : عانوها جا لسه فى ( المنفوه) روحولها
وذهب سوبلم ومعه مرزوق للسلام على ام ناصر , وعند دخولهما لم تتعرف عليهما لضغف بصرها , الا انها تعرفت على سويلم من صوته , قال سويلم يا عمه ام ناصر انا معى رجال بيسلم عليك , قالت من هو اللى معك ؟ قال :معى مرزوق مرزوق ولد سويره وفرج ,, وراحت ام ناصر تستعيد ذا كرتها وتردد فى سرها مرزوق مرزوق ايه ايه ذكرته ذاك الورع اللى طبعه ما هوب زين , ولاحظ سويلم ان ام ناصر ربما خطر فى بالها تلك الصوره الغير حسنه عن مرزوق فبادر وقال ياعمه مرزوق صار رجال كبير ومتعلم وهو ( ذلحين دختور) , وردت ام ناصر بدهشة ( دختور يعنى اللى يداوى المصاخين ؟ ) نعم دختور عيون يا ام ناصر ( انت وش تقول اغديه مثل الغامدى اللى لعب فى عيونى) , لا الدكتور مرزوق متعلم فى الجامعه وهو ذلحين يعالج العيون فى المستشفى بالر ياض , قالت سبحان الله العظيم الذى يعز ويذل , لقد كانت امه سويره طيبه الله يذكرها بالخير وابوه فرج ابن حلال , اما مرزوق يقولون انه راح للديار البعيده وانقطع عنه الخبر, وتحدث مرزوق وقال ياعمتى ام ناصرلقد اتيت للسلام عليك خاصة واشكرك لاننى مازلت اذكر حسناتك ومعاملتك لامى ولا سرتنا جميعا ولن انسى ذلك الموقف الذى وقفته مع امى حين اتت اليك تخبرك بحا دثة الجدى فقد تصرفت با خلا ق عالية وتسا محت معنا , فالت ام نا صر ياولدى دع ذلك الحدث فقد مضى عليه الزمن ونسيناه , وقد كنت حينها طفلا صغيرا ولاحرج عليك , قال مرزوق ياعمتى لقد كانت تلك الحادثة سببا لانجو من المحيط الذى لو بقيت به لما وصلت الى ما وصلت إليه الآ ن , اننى ياعمتى قد اصبحت طبيب عيو ن واننى اعرض عليك السفر معى للرياض للمعالجة , وسو ف ابذل جهدى ليعود اليك بصرك, قالت : كثر الله خيرك ياولدى لابد من مشاورة اباناصر فبل ذلك .. غادر مرزوق القرية حا ملا ابويه الى الرياض , وقدبذل جهدا كبيرا للعناية بهما واقام لهما جناحا خا صا فىطرف منزله وهيأ لهما كل وسائل الرا حة, ثم قام بما تمناه وحلم وتعلم من اجله , عالج بصر امه بنجاح كما ادخل والد ه المستشفى وعالجه حتى تعافا , وبقيا تحت عنايته الا ان العجوزين الذين لم يا لفا حياة المدينة بدءا يتململان وطلبا من ابنهما ان يعيدهما الى القرية حيث تعودا على حياتها , واعادهما بعد ان اقام لهما منزلا مكتمل بوسائل الا قامة المريحة , وقد علمت ام ناصربعد عودة سويرةان الدكتور قدعالج بصرها ونجحت عمليتها , لذلك اقتنعت وسا فرت للرياض وقام الدكتور باكرامها وعلاجها حتى عاد لها بصرها وعادت الى بلدها شاكرة وحا مدة ربها علىنعمة البصر

رهيب يابو خالد

قصه أجزم أنها حقيقه

لله درك على الصياغه وحبك الأدوار بين المعنيين فالقصه وكذلك ذكرك لبعض

الكلمات لبعض المواقع فالمزرعه أو البيت اللتي يجهلها بعض جيل هذا الوقت

صراحه استمعت للقصه وعشت معالمها مع فرج وسوير وابنهم مرزوق وجميع

من كان يسكن في حيهم أو يشاركهم العمل فالمزرعه

وقد أثبت مرزوق قوة همته وطموحه لاثبات الذات وتحمل المسئوليه

أبو خالد كتبت فأبدعت سجلني متابع لكل جديدك

أشكرك على الطرح المميز والذي ينم عن قدره فالكتابه حتى وأن تقدم بك

العمر ولكن تثبت للجميع القوه والتفكير والطموح وأن السن ليس عائقا أمام

الأبداع والتميز ..........


أبو خالد


تحياتي وتقديري لشخصك الكريم

__________________

رد على ثمن الجدي

أ شكرك أ خي أبا عساف على قدرتك وتحليلك لما قرأ ت ,, نعم لقد نقلت وصورت حقبة من الز من مرت ببعض الا سر الفقيرة وخاصة الشريحة التي تخصصت تفي أ عمال الزراعة وكما قلت أنت لكي أ عطي للجيل الجديد الفارق الشا سع بينهم وبين من سبقوهم , وابضا أعطيهم لمحة عن الحياة في ذلك العصر , , أ ما شخصية مرزوق فق إنتزعتها من وسط تلك الشريحة التي كانت تعيش القهقرى والفقر وحتى الحرمان من التعليم ,, وقد استسلمت تلك الشريحة للحكم الذي اصدره مجتمع القرية ومظمونه : أن أولا د هذه الشريحة لا يصلحو ن أو لا يجوز أن يدرسو وأن مكانتهم هي الخدمة في المزاع ,و حين أفلت مرزوق من ذلك المجتمع وتهيأ له طريق العلم إستطاع أن ينجح
أخيرا لك تحياتي [
سعد أبو حيمد