ملامح لسيرة وشخصية قحطانية (2) بداح بن مجدل

بدأ عمله «قيّاسا» لخزانات البترول في رأس تنورة وآثر العمل التطوعي إذا كان ذلك يصب في الصالح العام وخدمة المجتمع آخر منصب تقلده كمدير لفرع الجمعية الوطنية للمتقاعدين بمدينة الدمام سابقا وعضو مجلس إدارة الجمعية على مستوى المملكة حاليا.. شخصيتنا القحطانية رقم (2) هو الشيخ/ بداح بن مجدل (من آل قاعان آل مسن) السعدي الجحدري القحطاني ومن مواليد الخرج عام 1356هـ وامتدت خدمته في العمل الوظيفي 49 عاما متواصلة (أي ما يقارب النصف قرن) وقد بدأها في شركة ارامكو السعودية وتقاعد منها وهو في منصب المدير التنفيذي للأمن والسلامة بالشركة وعمل ثلاث سنوات كمدير عام لمشروع ينبع ومستشار لسمو رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع وعمل اربع سنوات كنائب لرئيس شركة بترو غاز السعودية.. اما أعماله التطوعية فقد تقلد منصب رئيس لجنة سعودة مقاولي ارامكو السعودية وعضو مجلس ادارة الجمعية السعودية الخيرية لرعاية مرضى السرطان بالشرقية وعضو مجلس ادارة جمعية مرضى السكر بالشرقية وعضو مجلس ادارة سباق الجري الخيري السنوي بالشرقية وكان مشاركا فيه ايضا، وكذلك عضو مؤسس في مجلس إدارة الجمعية الخيرية السعودية لتنشيط التبرع بالأعضاء بالمنطقة الشرقية.
أن شخصيتنا اليوم هو جامعة ومثال يجب علينا التمعن جيدا في مسيرة مراحل حياته، أنه حاصل على دبلوم في تكنولوجيا البترول من جامعة اكلاهوما في مدينة استل واتر بالولايات المتحدة الامريكية.. ولكن في حياته العملية مراحل تحولات عديدة بدأها من بيئة البادية مرورا بأكبر شركة عملاقة وهي ارامكو واعتبر ان حياته كانت فيها مشقة وكفاح وبالمثابرة تعلم وتوظف ثم اصبح رياضيا..
ودائما ما يشدد الأستاذ/ بداح القحطاني على العصامية ويقول: هي اهم سلاح للشباب السعودي ليكون النجاح حليفهم..

وسوف تكون سيرته العطرة مقتضبة في عدة مراحل رئيسية:

مرحلة الصبى والأبتدائية:
حيث عاش وترعرع في مدينة الخرج وتلقى تعليمه الابتدائي فيها بمدرسة الهياثم، وكان من زملاءه حزام بن خالد بن حشر ابن امير القرية، وبعدما انهى المرحلة الابتدائية التحق بشقيقه الذي كان يعمل في ارامكو وبالتحديد الى رأس تنورة وأكمل دراسته المتوسطة هناك.

مرحلة دخوله الحياة العملية:
عام7 195حينما دخل ارامكو وواصل دراسته الليلية فكان يعمل في ارامكو بالنهار ويدرس بالليل ويلعب رياضة لأحد فرق رأس تنورة. ويقول عن تلك الحقبة الزمنية بأن الحياة كانت بسيطة في مدينة رحيمة برأس تنورة تحولا جذريا في حياته من سكن في بيوت طين الى بيوت مسلحة وفيها ماء دون حفر للبئر.. ويتذكر انه عندما كان يذهب من الخبر الى الدمام كان يكون المشوار طويلا حتى ان السيارات لا تستطيع المشي من كثافة الرمال وكان يشاهد مصنع سافكو في الصحراء وارامكو كانت مهيئة خطا مسفلتا من رأس تنوره الى الظهران وكان عندما يذهب الى ام الساهك الطريق من 3 الى 4 كيلو فيه من الرمال الكثيفة ولا شك ان القرار الذي اتخذه بانتقاله الى المنطقة الشرقية وجده صائبا وموفقا ولكنه فقد البيئة التي عاش فيها مراحل طفولته.
ويعتبرالتحاقه بالعمل بأرامكو نقله نوعية، لأنه واصل دراسته وكان في ارامكو نظام الدراسة لغير الموظفين فدرس اللغة الانجليزيه لانها مهمة لأرامكو لمن يود العمل ودخل المدرسة ودرس فيها سنة ونصف او سنتين وسنحت له فرصة التوظيف وذهب عند شخص من عائلة الصويغ وكان معه عبدالرحمن العيدي وقدم للتوظيف وتم توظيفه فعلا وتعيينه «قيّاس» في ميناء راس تنورة وهي في مجال قياس خزانات البترول، وأول راتب كان متواضع جداا، ولكن كانت هناك مزايا مثل توفير العلاج وفرصة الدراسة التي واظب عليها في المساء مما اضفت لهذه الدراسة اللغة الانجليزية وايضا الرياضيات والعلوم ومواد اخرى حتى اصبح يعمل من الساعة السابعة صباحا الى الثالثة ظهرا ويخرج ثم يذهب للمدرسة حتى السادسة ومن السادسة مساء الى الثامنة كان يمارس رياضة كرة القدم.

وللمعلومية للجميع، فأن شخصيتنا القحطانية في هذه المرة لم يندم في حياته العملية على حصيلته العلمية.. وتمنى لو يرجع شابا من جديد ليحصل على التعليم العالي الذي هو نصب عينه، ولكن كما يقال بأن الندم لا ينفع، لأنه بقي مثابر وجاد في عمله حتى أصبح اول سعودي في ارامكو يتقاعد من منصب رفيع المستوى بدون شهادة جامعية. ولكن عدم حصوله على المستوى الجامعي..صنع منه عصاميا ويفتخر خاصة انني من بيئة بدوية ومن قبيلة أصيلة معروفة للجميع، ولكنه ينصح جميع شباب الوطن والقبيلة خاصة بمواصلة الدراسة والتسلح بالشهادات العلمية ليخوضوا كفاحهم في هذه الحياة وميدان العمل المتقدم في جميع مجالاته.

كما ينصح الشباب السعوديين بالعصامية وعليهم ألا يتوقعوا ان يتقدموا في اعمالهم كونهم سعوديين فقط بل عليهم مواجهة المصاعب بكل جد واخلاص ويتقنوا أعمالهم جيدا. اما الفشل فلم يذقه ولم يعترف به ويتذكر جيدا بأن حياته بدأها من الصفر حتى التقاعد واهدافه كانت هي انجاز العمل في الوقت المناسب.
اما رحلة ابتعاثه الى جامعة «اكلاهوما»، فيعبر عنها بأنها كانت رحلة مفيدة له بلاشك في عمله مما اتاح له فرصة التقدم.

مرحلة ما بعد التقاعد من آرامكو:
ما أن أعلن تقاعده الا وأنهالت عليه العروض والطلبات من كبرى الشركات والجهات الرسمية والحكومية للعمل معهم، حيث تم ترشيحه في الهيئة الملكية بالجبيل كمدير عام لمشروع ينبع وكان ذلك قبل (4) اشهر من تقاعده من ارامكو، وعمل بالهيئة الملكية للجبيل وينبع لمدة (3) سنوات كمدير عام لمشروع ينبع ومستشار لسمو رئيس الهيئة، ثم تقاعد منها وعمل كنائب لرئيس شركة بترو غاز السعودية، ثم تقاعد وعمل مدير لفرع الجمعية الوطنية المتقاعدين بالمنطقة الشرقية، بعدها تقاعد ليتفرغ لحياته الخاصة والأسرية والاجتماعية.

أجمل ذكريات حياته:
وتبقى ايام الطفولة والصبى من أجمل أيام العمر، حيث عبر الأستاذ بداح بن مجدل عن تلك الأيام التي عاشها في (محافظة الخرج) بكلمات عفوية يقول فيها:
أن الخرج مدينة زراعية زاخرة بالمياه وكان فيها واديان الأول اسمه فرزان وهو من ماء حلو ينبع من جبل والثاني عادي ينبع من عين كبيرة اسمها عين الخفس وكلاهما فواران يجريان 24 ساعة بالمدينة ويستفيد منهما المزارعون وتنزل على « السهبا» وهي منطقة زراعية كبيرة يوجد بها حاليا مصنع ابقار المراعي وتشتهر هذه المنطقة بانها ارض خصبة فيها جميع انواع الخضار وبعض الفواكه مثل العنب والرمان ومدينة الخرج مناخها عليل شبه صحراوي يغلب عليه الاعتدال.. كما انها مدينة توجد بها المصانع الحربية والعاصمة الصناعية (السيح) ولكن الاصل مدينة الدلم.. كانت الامطار غزيرة جدا وفيها وادي (السهبا) وفيها سلسلة جبال مثل القويد عندما تأتي الامطار تصب في وادي القويد ثم تذهب الى سهبا مرورا بقرى ومزارع كثيرة.
كما يثنىي على التكاتف الاجتماعي في تلك الأيام، حيث يقول بأن أهل الخرج لديهم مزارع وعندما يأتي موسم الحرث بالارض يجتمعون كمجموعة من الصباح ويهيئ لهم صاحب المزرعة الفطور مما تيسر من التمر والبر والقرصان ويستمرون معه حتى وقت الغداء ويأتي به ثم إذا جاء وقت الحصاد اجتمعوا كذلك.. وهذا النوع يجسد التكاتف الاجتماعي ويعبر عن صفاء القلوب دون مقابل فالخرج فيها مدن حاضرة وبادية وأهل البادية ينتقلون اذا جاء الربيع يذهبون الى البر واتذكر عندما يأتون الى المدينة بالصيف يقوم بعض اصحاب المزارع بتخصيص نخلة او اكثر لبعض العائلات يخرف منها مبدئيا ثم يصرمها بالنهاية. وتكاد هذه تكون عادة مستحقة سنويا واستمرت هذه العادة الى ان انقرضت تدريجيا.

الجدير بالذكر، أن شخصيتنا في هذه المرة الشيخ/ بداح بن مجدل القحطاني ما زال يقيم في حي الهدا بمدينة الخبر في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، ويمارس هوايته الرياضية المحببة أليه بشكل يومي، ويتمتع بحيويته وبشاشته وشبابه الذي دائما ما يشكر الله على هذه النعمة.
كما أنه متزوج ولديه أربعة أبناء ذكور وهم حسب تسلسل أعمارهم:
مسفر وعبدالله ومحمد وعبدالمجيد، وجميعهم يعملون بشركة آرامكو السعودية (ما عدا أصغرهم عبدالمجيد لايزال طالبا في المرحلة الثانوية ولديه طموح بالعمل مستقبلا بشركة آرامكو أيضا).

اما كلمة الشيخ بداح في ختام هذه السيرة عنه، فأنه يوجههاالى الأخوة القائمين على شبكة قحطان، فأنه يقول لهم جميعا بأنه أسعده جدا سرد سيرة حياته الخاصة والعملية في مجالس قبيلته (قحطان) ويتمنى لهم التوفيق وللشبكة المزيد من التطوير والنجاح، ويوصي جميع أبناء قبيلته قحطان ان يكونوا أعضاء نافعين في مجتمعاتهم وأوطانهم ولأهاليهم ولولاة أمورهم في كل دولة يقيمون فيها او يعملون بها، كما يهيب بكل فرد من أفراد قبيلته (قحطان) ان يمثل قبيلته خير تمثيل أمام أخوانه وزملاءه من أفراد القبائل والأسر الأخرى، لكي تبقى سيرة قبيلتنا عطرة كما هي دائما.

ونحن بدورنا فأنه لايسعنا الا ان نقول بقلوب صادقة ولسان واحد يدعوا الخالق:
اللهم أحفظ الشيخ/ بداح بن مجدل السعدي القحطاني، وأدم عليه نعمة الصحة والعافية والحياة الأسرية السعيدة وأرزقه بر اولاده به وغر بهم عيناه.

كما أتمنى أنكم أستمتعم بهذا الموضوع عن ملامح وسيرة أحدى شخصيات قبيلتنا قحطان، ونلتمس المعاذير من أخينا الشيخ بداح عن أية معلومات وملامح عن شخصه الكريم لم يتم سردها ضمن هذا الموضوع المخصص عنه فقط.