أحداث عظيمة ... لنا فيها عبرة ...!!


المجلس الـــــعــــــــام للمواضيع التي ليس لها تصنيف معين

موضوع مغلق
قديم 13-06-2008, 08:01 PM
  #1
فواز أبوخالد
عضو متميز
تاريخ التسجيل: May 2007
الدولة: الرياض
المشاركات: 956
فواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond repute
افتراضي أحداث عظيمة ... لنا فيها عبرة ...!!

هنا أختار لكم بعضا من الأحداث العظيمة والوقائع الجسيمة التي تنقلها لنا
كتب التاريخ والسير .. من تاريخنا الإسلامي العظيم .. ولنا فيها عضة وعبرة
وسيكون ذلك بصفة مستمرة إنشاء الله تعالى .. و الكتاب الإلكتروني .. نعمة عظيمة ..
نشكر الله العظيم الذي هيأها لنا ..

وموقع نداء الإيمانhttp://www.al-eman.com/

يحتوي الآلاف من أمهات الكتب .. التي أفادتني جدا في ذلك المجال ..


..................... الحدث الأول :


مقتل الخليفة الأموي سنة مائة وست وعشرين :

الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، أبو العباس، الأموي الدمشقي‏.‏

بويع له بالخلافة بعد عمه هشام في السنة الخالية بعهد من أبيه كما قدمنا‏.‏

وأمه أم الحجاج بنت محمد بن يوسف الثقفي‏.‏

وكان مولده سنة تسعين‏.‏

وقيل‏:‏ ثنتين وتسعين‏.‏

وقيل‏:‏ سبع وثمانين‏.‏

وقتل يوم الخميس لليلتين بقيتا في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة، ووقعت بسبب ذلك فتنة عظيمة بين الناس بسبب قتله، ومع ذلك إنما قتل لفسقه، وقيل‏:‏ وزندقته‏.


قتل يزيد بن الوليد الناقص للوليد بن يزيد :

قد ذكرنا بعض أمر الوليد بن يزيد وخلاعته ومجانته وفسقه، وما ذكر عن تهاونه بالصلوات واستخفافه بأمر دينه قبل خلافته وبعدها، فإنه لم يزدد في الخلافة إلا شراً ولهواً ولذةً وركوباً للصيد وشرب المسكر ومنادمة الفساق، فما زادته الخلافة على ما كان قبلها إلا تمادياً وغروراً، فثقل ذلك على الأمراء والرعية والجند، وكرهوه كراهة شديدة، وكان من أعظم ما جنى على نفسه حتى أورثه ذلك هلاكه، إفساده على نفسه بني عميه هشام والوليد بن عبد الملك مع إفساده اليمانية، وهي أعظم جند خراسان، وذلك أنه لما قتل خالد بن عبد الله القسري وسلمه إلى غريمه يوسف بن عمر الذي هو نائب العراق إذ ذاك، فلم يزل يعاقبه حتى هلك، انقلبوا عليه وتنكروا له وساءهم قتله، كما سنذكره في ترجمته‏.‏

ثم روى ابن جرير بسنده أن الوليد بن يزيد ضرب ابن عمه سليمان بن هشام مائة سوط وحلق رأسه ولحيته وغرَّبه إلى عمان فحبسه بها، فلم يزل هناك حتى قتل الوليد وأخذ جارية كانت لآل عمه الوليد بن عبد الملك، فكلمه فيها عمر بن الوليد، فقال‏:‏ لا أردها‏.‏

فقال‏:‏ إذاً تكثر الصواهل حول عسكرك‏.‏

وحبس الأفقم يزيد بن هشام، وبايع لولديه الحكم وعثمان، وكانا دون البلوغ، فشق ذلك على الناس أيضاً، ونصحوه فلم ينتصح، ونهوه فلم يرتدع ولم يقبل‏.‏

قال المدائني في روايته‏:‏ ثقل ذلك على الناس ورماه بنو هاشم وبنو الوليد بالكفر والزندقة وغشيان أمهات أولاد أبيه وباللواط وغيره، وقالوا‏:‏ اتخذ مائة جامعة على كل جامعة اسم رجل من بني هاشم ليقتله بها، ورموه بالزندقة وكان أشدهم فيه قولاً يزيد بن الوليد بن عبد الملك، وكان الناس إلى قوله أميل، لأنه أظهر النسك والتواضع، ويقول‏:‏ ما يسعنا الرضا بالوليد حتى حمل الناس على الفتك به‏.‏

قالوا‏:‏ وانتدب للقيام عليه جماعة من قضاعة واليمانية وخلق من أعيان الأمراء وآل الوليد بن عبد الملك، وكان القائم بأعباء ذلك كله والداعي إليه يزيد بن الوليد بن عبد الملك، وهو من سادات بني أمية، وكان ينسب إلى الصلاح والدين والورع، فبايعه الناس على ذلك، وقد نهاه أخوة العباس بن الوليد، فلم يقبل‏.‏

فقال‏:‏ والله لولا إني أخاف عليك لقيدتك وأرسلتك إليه‏.‏

واتفق خروج الناس من دمشق من وباء وقع بها، فكان ممن خرج الوليد بن يزيد أمير المؤمنين في طائفة من أصحابه نحو المائتين، إلى ناحية مشارف دمشق، فانتظم إلى يزيد بن الوليد أمره وجعل أخوه العباس ينهاه عن ذلك أشد النهي، فلا يقبل، فقال العباس ذلك‏:‏

إني أعيذكم بالله من فتن * مثل الجبال تسامى ثم تندفع

إن البرية قد ملت سياستكم * فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا

لا تلحمن ذئاب الناس أنفسكم * إن الذباب إذا ما ألحمت رتعوا

لا تبقرنَّ بأيديكم بطونكم * فثم لا حسرة تغني ولا جزع

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/11‏)‏

فلما استوثق ليزيد بن الوليد أمره، وبايعه من الناس، قصد دمشق فدخلها في غيبة الوليد فبايعه أكثر أهلها في الليل، وبلغه أن أهل المزة قد بايعوا كبيرهم معاوية بن مَصَاد، فمضى إليه يزيد ماشياً في نفر من أصحابه، فأصابهم في الطريق خطر شديد، فأتوه فطرقوا بابه ليلاً ثم دخلوا فكلمه يزيد في ذلك فبايعه معاوية بن مصاد‏.‏

ثم رجع يزيد من ليلته إلى دمشق على طريق القناة وهو على حمار أسود، فحلف أصحابه أنه لا يدخل دمشق إلا في السلاح، فلبس سلاحاً من تحت ثيابه فدخلها‏.‏

وكان الوليد قد استناب على دمشق في غيبته عبد الملك بن محمد بن الحجاج بن يوسف الثقفي، وعلى شرطتها أبو العاج كثير بن عبد الله السلمي‏.‏

فلما كان ليلة الجمعة اجتمع أصحاب يزيد بين العشائين عند باب الفراديس، فلما أذن العشاء الآخرة دخلوا المسجد، فلما لم يبق في المسجد غيرهم بعثوا إلى يزيد بن الوليد، فجاءهم فقصدوا باب المقصورة، ففتح لهم خادم، فدخلوا فوجدوا أبا العاج وهو سكران، فأخذوا خزائن بيت المال وتسلموا الحواصل، وتقووا بالأسلحة‏.‏

وأمر يزيد بإغلاق أبواب البلد، وأن لا يفتح إلا لمن يعرف، فلما أصبح الناس قدم أهل الحواضر من كل جانب فدخلوا من سائر أبواب البلد كل أهل محلة من الباب الذي يليهم، فكثرت الجيوش حول يزيد بن الوليد بن عبد الملك في نصرته، وكلهم قد بايعه بالخلافة‏.‏

وقد قال فيه بعض الشعراء في ذلك‏:‏

فجاءتهم أنصارهم حين أصبحوا * سكاسكها أهل البيوت الصنادد

وكلب فجاؤهم بخيل وعدة * من البيض والأبدان ثم السواعد

فأكرم بها أحياء أنصار سنة * هم منعوا حرماتها كل جاحد

وجاءتهم شيبان والأزد شرعاً * وعبس ولخم بين حام وذائد

وغسان والحيَّان قيس وثعلب * وأحجم عنها كل وان وزاهد

فما أصبحوا إلا وهم أهل ملكها * قد استوثقوا من كل عات ومارد

وبعث يزيد بن الوليد عبد الرحمن بن مصاد في مائتي فارس إلى قطنا، ليأتوه بعبد الملك بن محمد بن الحجاج نائب دمشق وله الأمان، وكان قد تحصن هناك، فدخلوا عليه فوجدوا عنده خرجين في كل واحد منهما ثلاثون ألف دينار، فلما مروا بالمزة قال أصحاب ابن مصاد‏:‏ خذ هذا المال فهو خير من يزيد بن الوليد‏.‏

فقال‏:‏ لا والله، لا تحدث العرب أني أول من خان‏.‏

ثم أتوا به يزيد بن الوليد فاستخدم من ذلك المال جنداً للقتال قريباً من ألفي فارس، وبعث به مع أخيه عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك خلف الوليد بن يزيد ليأتوا به، وركب بعض موالي الوليد فرساً سابقاً فساق به حتى انتهى إلى مولاه من الليل، وقد نفق الفرس من السوق، فأخبره الخبر فلم يصدقه وأمر بضربه، ثم تواترت عليه الأخبار فأشار عليه بعض أصحابه أن يتحول من منزله إلى حمص فإنها حصينة‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/12‏)‏

وقال الأبرش سعيد بن الوليد الكلبي‏:‏ أنزل على قومي بتدمر، فأبى أن يقبل شيئاً من ذلك، بل ركب بمن معه وهو في مائتي فارس، وقصد أصحاب يزيد فالتقوا بثقلة في أثناء الطريق، فأخذوه وجاء الوليد فنزل حصن البخراء الذي كان للنعمان بن بشير، وجاءه رسول العباس بن الوليد إني آتيك - وكان من أنصاره - فأمر الوليد بإبراز سريره فجلس عليه وقال‏:‏ أعليَّ يتوثب الرجال وأنا أثب على الأسد وأتخصر الأفاعي ‏؟‏

وقدم عبد العزيز بن الوليد بمن معه، وإنما كان قد خلص معه من الألفي فارس ثمان مائة فارس، فتصافوا فاقتتلوا قتالاً شديداً فقتل من أصحاب العباس جماعة حملت رؤسهم إلى الوالي، وقد كان جاء العباس بن الوليد لنصرة الوليد بن يزيد، فبعث إليه أخوه عبد العزيز فجيء به قهراً حتى بايع لأخيه يزيد بن الوليد واجتمعوا على حرب الوليد بن يزيد، فلما رأى الناس اجتماعهم فروا من الوليد إليهم، وبقي الوليد في ذل وقل من الناس، فلجأ إلى الحصن، فجاؤا إليه وأحاطوا به من كل جانب يحاصرونه، فدنا الوليد من باب الحصن فنادى ليكلمني رجل شريف، فكلمه يزيد بن عنبسة السكسكي‏.‏

فقال الوليد‏:‏ ألم أدفع الموت عنكم‏؟‏ ألم أعط فقرائكم‏؟‏ ألم أخدم نساءكم ‏؟‏

فقال يزيد‏:‏ إنما ننقم عليك انتهاك المحارم وشرب الخمور ونكاح أمهات أولاد أبيك، واستخفافك بأمر الله عز وجل‏.‏

فقال‏:‏ حسبك يا أخا السكاسك، لقد أكثرت وأغرقت، وإن فيما أحل الله لي لسعة عما ذكرته‏.‏

ثم قال‏:‏ أما والله لئن قتلتموني لا ترتقن فتنتكم، ولا يلم شعثكم، ولا تجتمع كلمتكم‏.‏

ورجع إلى القصر فجلس ووضع بين يديه مصحفاً فنشره، وأقبل يقرأ فيه وقال‏:‏ يوم كيوم عثمان، واستسلم، وتسور عليه أولئك الحائط، فكان أول من نزل إليه يزيد بن عنبسة، فتقدم إليه وإلى جانبه سيف، فقال‏:‏ نحه عنك‏.‏

فقال الوليد‏:‏ لو أردت القتال به لكان غير هذا، فأخذ بيده وهو يريد أن يحبسه حتى يبعث به إلى يزيد بن الوليد‏.‏

فبادره عليه عشرة من الأمراء، فأقبلوا على الوليد يضربونه على رأسه ووجهه بالسيوف، حتى قتلوه، ثم جروه برجله ليخرجوه، فصاحت النسوة، فتركوه واحتز أبو علاقة القضاعي رأسه‏.‏

واحتاطوا على ما كان معه مما كان خرج به في وجهه ذلك، وبعثوا به إلى يزيد مع عشرة نفر منهم‏:‏ منصور بن جمهور، وروح بن مقبل، وبشر مولى كنانة من بني كلب، وعبد الرحمن الملقب‏:‏ بوجه الفلس، فلما انتهوا إليه بشروه بقتل الوليد، وسلموا عليه بالخلافة، فأطلق لكل رجل من العشرة عشرة آلاف‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/13‏)‏

فقال له روح بن بشر بن مقبل‏:‏ أبشر يا أمير المؤمنين بقتل الوليد الفاسق، فسجد شكراً لله‏.‏

ورجعت الجيوش إلى يزيد، فكان أول من أخذ يده للمبايعة يزيد بن عنبسة السكسكي فانتزع يده من يده، وقال‏:‏ اللهم إن كان هذا رضى لك فأعني عليه‏.‏

وكان قد جعل لمن جاءه برأس الوليد مائة ألف درهم، فلما جيء به وكان ذلك ليلة الجمعة - قيل‏:‏ يوم الأربعاء - لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة، فأمر يزيد بنصب رأسه على رمح وأن يطاف به في البلد‏.‏

فقيل له‏:‏ إنما ينصب رأس الخارجي‏.‏

فقال‏:‏ والله لأنصبنه‏.‏

فشهره في البلد على رمح ثم أودعه عند رجل شهراً ثم بعث به إلى أخيه سليمان بن يزيد فقال أخوه‏:‏ بعداً له، أشهد أنك كنت شروباً للخمر، ماجناً فاسقاً، ولقد أرادني على نفسي هذا الفاسق وأنا أخوه لم يأنف من ذلك‏.‏

وقد قيل‏:‏ إن رأسه لم يزل معلقاً بحائط جامع دمشق الشرقي مما يلي الصحن حتى انقضت دولة بني أمية‏.‏

وقيل‏:‏ إنما كان ذلك أثر دمه، وكان عمره يوم قتل ستاً وثلاثين سنة‏.‏

وقيل‏:‏ ثمانياً وثلاثين‏.‏

وقيل‏:‏ إحدى وثلاثين‏.‏

وقيل‏:‏ ثنتان، وقيل‏:‏ خمس، وقيل‏:‏ ست وأربعون سنة‏.‏

ومدة ولايته سنة وست أشهر على الأشهر‏.‏

وقيل‏:‏ ثلاثة أشهر‏.‏

قال ابن جرير‏:‏ كان شديد البطش، طويل أصابع الرجلين، كانت تضرب له سكة الحديد في الأرض ويربط فيها خيط إلى رجله ثم يثب على الفرس فيركبها ولا يمس الفرس، فتنقلع تلك السكة من الأرض مع وثبته‏.‏

.. من كتاب البداية والنهاية .

................
__________________
__________________
...........

تم شطب رابط الموقع (ادارة الموقع)

............
فواز أبوخالد غير متواجد حالياً  
قديم 13-06-2008, 10:05 PM
  #2
عبدالله بن غفره
إدارة المجالس
 الصورة الرمزية عبدالله بن غفره
تاريخ التسجيل: Nov 2005
الدولة: مامن بعد
المشاركات: 8,733
عبدالله بن غفره has a reputation beyond reputeعبدالله بن غفره has a reputation beyond reputeعبدالله بن غفره has a reputation beyond reputeعبدالله بن غفره has a reputation beyond reputeعبدالله بن غفره has a reputation beyond reputeعبدالله بن غفره has a reputation beyond reputeعبدالله بن غفره has a reputation beyond reputeعبدالله بن غفره has a reputation beyond reputeعبدالله بن غفره has a reputation beyond reputeعبدالله بن غفره has a reputation beyond reputeعبدالله بن غفره has a reputation beyond repute
افتراضي رد : أحداث عظيمة ... لنا فيها عبرة ...!!

لاهنت يافواز على الموقع


وبيض الله وجهك


تم إضافته للمفضلة وعسى عمرك طويل
عبدالله بن غفره غير متواجد حالياً  
قديم 14-06-2008, 12:34 AM
  #3
فواز أبوخالد
عضو متميز
تاريخ التسجيل: May 2007
الدولة: الرياض
المشاركات: 956
فواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond repute
افتراضي رد : أحداث عظيمة ... لنا فيها عبرة ...!!

سنة ثلاثين ومائة من الهجرة

......

ذكر دخول أبي حمزة الخارجي المدينة النبوية واستلائه عليها :

قال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة‏:‏ كانت وقعة بقديد بين أبي حمزة الخارجي الذي كان عام أول في أيام الموسم، فقتل من أهل المدينة من قريش خلقاً كثيراً، ثم دخل المدينة وهرب نائبها عبد الواحد بن سليمان، فقتل الخارجي من أهلها خلقاً، وذلك لتسع عشرة ليلة خلت من صفر من هذه السنة، ثم خطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوبخ أهل المدينة، فقال‏:‏ يا أهل المدينة إني مررت بكم أيام الأحول - يعني‏:‏ هشام بن عبد الملك - وقد أصابتكم عاهة في ثماركم فكتبتم إليه تسألونه أن يضع الخرص عنكم فوضعه، فزاد غنيكم غناً وزاد فقيركم فقراً، فكتبتم إليه جزاك الله خيراً، فلا جزاه الله خيراً‏.‏ في كلام طويل‏.‏

فأقام عندهم ثلاثة أشهر بقية صفر وشهري ربيع وبعض جمادى الأول فيما قال الواقدي وغيره‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/39‏)‏

وقد روى المدائني أن أبا حمزة رقى يوماً منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال‏:‏ تعلمون يا أهل المدينة ‏!‏ أنا لم نخرج من بلادنا بطراً ولا أشراً، ولا لدولة نريد أن نخوض فيها النار، وإنما أخرجنا من ديارنا أنا رأينا مصابيح الحق طمست، وضعف القائل بالحق، وقتل القائم بالقسط، فلما رأينا ذلك ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وسمعنا داعياً يدعو إلى طاعة الرحمن، وحكم القرآن، فأجبنا داعي الله ‏{‏وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 32‏]‏، أقبلنا من قبائل شتى، النفر منا على بعير واحد عليه زادهم وأنفسهم، يتعاورون لحافاً واحداً، قليلون مستضعفون في الأرض، فآوانا الله وأيدنا بنصره، فأصبحنا والله بنعمة الله إخواناً، ثم لقينا رجالكم بقديد فدعوناهم إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن، ودعونا إلى طاعة الشيطان وحكم بني مروان، فشتان لعمر الله بين الغي والرشد، ثم أقبلوا نحونا يهرعون قد ضرب الشيطان فيهم بجرانه، وغلت بدمائهم مراجله، وصدق عليهم ظنه فاتبعوه، وأقبل أنصار الله عصائب وكتائب، بكل مهند ذي رونق، فدارت رحانا واستدارت رحاهم، بضرب يرتاب منه المبطلون‏.‏

وأنتم يا أهل المدينة ‏!‏ إن تنصروا مروان يسحتكم الله بعذاب من عنده أو بأيدنا، ويشف صدور قوم مؤمنين‏.‏

يا أهل المدينة ‏!‏ أولكم خير أول، وآخركم شر آخر‏.‏

يا أهل المدينة ‏!‏ الناس منا ونحن منهم، إلا مشركاً عابد وثن أو كافراً أهل كتاب، أو إماماً جائراً‏.‏

يا أهل المدينة ‏!‏ من زعم أن الله يكلف نفساً فوق طاقتها، أو يسألها ما لم يؤتها، فهو لله عدو، وأنا له حرب‏.‏

يا أهل المدينة ‏!‏ أخبروني عن ثمانية أسهم فرضها الله في كتابه على القوي والضعيف، فجاء تاسع ليس له منها ولا سهم واحد، فأخذها لنفسه، مكابراً محارباً لربه‏.‏

يا أهل المدينة ‏!‏ بلغني أنكم تنتقصون أصحابي قلتم شباب أحداث، وأعراب جفاة أجلاف، ويحكم ‏!‏ فهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شباباً أحداثاً شباباً، شباباً والله مكتهلون في شبابهم، غضة عن الشر أعينهم، ثقيلة عن السعي في الباطل أقدامهم، قد باعوا لله أنفساً تموت بأنفس لا تموت، قد خالطوا كلالهم بكلالهم، وقيام ليلهم بصيام نهارهم، منحية أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مروا بآية خوف شهقوا خوفاً من النار، وإذا مروا بآية شوق شهقوا شوقاً إلى الجنة‏.‏

فلما نظروا إلى السيوف قد انتضيت، وإلى الرماح قد شرعت، وإلى السهام قد فوقت، وأرعدت الكتيبة بصواعق الموت، استخفوا والله وعيد الكتيبة لوعيد الله في القرآن، ولم يستخفوا وعيد الله لوعيد الكتيبة، فطوبى لهم وحسن مآب، فكم من عين في مناقير الطير طال ما فاضت في جوف الليل من خشية الله، وطال ما بكت خالية من خوف الله، وكم من يد زالت عن مفصلها طال ما ضربت في سبيل الله وجاهدت أعداء الله، وطال ما اعتمد بها صاحبها في طاعة الله، أقول قولي هذا وأستغفر الله من تقصيري، وما توفيقي إلا بالله‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/40‏)‏

ثم روى المدائني، عن العباس، عن هارون، عن جده، قال‏:‏ كان أبو حمزة الخارجي قد أحسن السيرة في أهل المدينة، فمالوا إليه حتى سمعوه يقول‏:‏ برح الخفا أين عن بابك نذهب ‏؟‏

ثم قال‏:‏ من زنا فهو كافر، ومن سرق فهو كافر‏.‏

فعند ذلك أبغضوه ورجعوا عن محبته‏.‏

وأقام بالمدينة حتى بعث مروان الحمار عبد الملك بن محمد بن عطية أحد بني سعد في خيل أهل الشام أربعة آلاف، قد أنتخبها مروان من جيشه، وأعطى كل رجل منهم مائة دينار وفرساً عربيةً، وبغلاً لثقله، وأمره أن يقاتله ولا يرجع عنه، ولو لم يلحقه إلا باليمن فليتبعه إليها، وليقاتل نائب صنعاء عبد الله بن يحيى‏.‏

فسار ابن عطية حتى بلغ وادي القرى فتلقاه أبو حمزة الخارجي قاصداً قتال مروان بالشام فاقتتلوا هنالك إلى الليل، فقال له‏:‏ ويحك يا ابن عطية ‏!‏ إن الله قد جعل الليل سكناً فأخِّر إلى غد‏.‏

فأبى عليه أن يقلع عن قتاله، فما زال يقاتلهم حتى كسرهم فولوا ورجع فلهم إلى المدينة، فنهض إليهم أهل المدينة فقتلوا منهم خلقاً كثيراً، ودخل ابن عطية المدينة، وقد انهزم جيش أبي حمزة عنها، فيقال‏:‏ إنه أقام بها شهراً ثم استخلف عليها، ثم استخلف على مكة وسار إلى اليمن فخرج إليه عبد الله بن يحيى نائب صنعاء، فاقتتلا فقتله ابن عطية وبعث برأسه إلى مروان‏.‏

وجاء كتاب مروان إليه يأمره بإقامة الحج للناس في هذه السنة، ويستعجله في المسير إلى مكة‏.‏

فخرج من صنعاء في اثني عشر راكباً، وترك جيشه بصنعاء، ومعه خرجٌ فيه أربعون ألف دينار، فلما كان ببعض الطريق نزل منزلاً إذ أقبل إليه أميران يقال لهما‏:‏ ابنا جمانة من سادات تلك الناحية، فقالوا‏:‏ ويحكم ‏!‏ أنتم لصوص‏.‏

فقال‏:‏ أنا ابن عطية وهذا كتاب أمير المؤمنين إلي بأمرة الحج، فنحن نعجل السير لندرك الموسم‏.‏

فقالوا‏:‏ هذا باطل‏.‏

ثم حملوا عليهم فقتلوا ابن عطية وأصحابه ولم يفلت منهم إلا رجلٌ واحدٌ، وأخذوا ما معهم من المال‏.‏

قال أبو معشر‏:‏ وحج بالناس في هذه السنة‏:‏ محمد بن عبد الملك بن مروان، وقد جعلت إليه إمرة المدينة ومكة والطائف، ونائب العراق ابن هبيرة، وإمرة خراسان إلى نصر بن سيار، غير أن أبا مسلم قد استحوذ على مدن وقرى كثيرة من خراسان، وقد أرسل نصر إلى ابن هبيرة يستمده بعشرة آلاف قبل أن لا يكفيه مائة ألف، وكتب أيضاً إلى مروان يستمده، فكتب مروان إلى ابن هبيرة يمده بما أراد‏.‏

.........
__________________
__________________
...........

تم شطب رابط الموقع (ادارة الموقع)

............
فواز أبوخالد غير متواجد حالياً  
قديم 14-06-2008, 01:44 AM
  #4
فواز أبوخالد
عضو متميز
تاريخ التسجيل: May 2007
الدولة: الرياض
المشاركات: 956
فواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond repute
افتراضي رد : أحداث عظيمة ... لنا فيها عبرة ...!!

سنة ثنتين وثلاثين ومائة

مقتل مروان بن محمد بن مروان

آخر خلفاء بني أمية، وتحول الخلافة إلى بني العباس مأخوذة من قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 247‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 26‏]‏ الآية‏.‏

وقد ذكرنا أن مروان لما بلغه خبر أبي مسلم وأتباعه وما جرى بأرض خراسان، تحول من حران فنزل على نهر قريب من الموصل، يقال له‏:‏ الزاب من أرض الجزيرة ثم لما بلغه أن السفاح قد بويع له بالكوفة والتفت عليه الجنود، واجتمع له أمره، شق عليه جداً، وجمع جنوده فتقدم إليه أبو عون بن أبي يزيد في جيش كثيف وهو أحد أمراء السفاح، فنازله على الزاب وجاءته الأمداد من جهة السفاح، ثم ندب السفاح الناس ممن يلي القتال من أهل بيته، فأنتدب له عبد الله بن علي فقال‏:‏ سر على بركة الله‏.‏

فسار في جنود كثيرة فقدم على أبي عون فتحول له أبو عون عن سرادقه وخلاه له وما فيه، وجعل عبد الله بن علي على شرطته حياش بن حبيب الطائي، ونصير بن المحتفز، ووجه أبو العباس موسى بن كعب في ثلاثين رجلاً على البريد إلى عبد الله بن علي يحثه على مناجزة مروان، والمبادرة إلى قتاله ونزاله قبل أن تحدث أمور، وتبرد نيران الحرب‏.‏

فتقدم عبد الله بن علي بجنوده حتى واجه جيش مروان، ونهض مروان في جنوده وتصافَّ الفريقان في أول النهار، ويقال‏:‏ إنه كان مع مروان يومئذ مائة ألف وخمسون ألفاً‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/47‏)‏

ويقال‏:‏ مائة وعشرون ألفاً، وكان عبد الله بن علي في عشرين ألفاً‏.‏

فقال مروان لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز‏:‏ إن زالت الشمس يومئذ ولم يقاتلونا كنا نحن الذين ندفعها إلى عيسى بن مريم، وإن قاتلونا قبل الزوال فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏

ثم أرسل مروان إلى عبد الله بن علي يسأله الموادعة، فقال عبد الله‏:‏ كذب ابن زريق، لا تزول الشمس حتى أوطئه الخيل، إن شاء الله‏.‏

وكان ذلك يوم السبت لإحدى عشر ليلة خلت من جمادى الآخرة من هذه السنة، فقال مروان‏:‏ قفوا لا تبتدئون بقتال‏.‏

وجعل ينظر إلى الشمس فخالفه الوليد بن معاوية بن مروان - وهو‏:‏ ختن مروان على ابنته - فحمل، فغضب مروان فشتمه فقاتل أهل الميمنة فأنحاز أبو عون إلى عبد الله بن علي، فقاتل موسى بن كعب لعبد الله بن علي، فأمر الناس فنزلوا ونودي‏:‏ الأرض الأرض‏.‏

فنزلوا وأشرعوا الرماح وجثوا على الركب وقاتلوهم، وجعل أهل الشام يتأخرون كأنما يدفعون، وجعل عبد الله يمشي قدماً، وجعل يقول‏:‏ يا رب حتى متى نقتل فيك ‏؟‏

ونادى يا أهل خراسان ‏!‏ يا شارات إبراهيم الإمام، يا محمد يا منصور، واشتد القتال جداً بين الناس، فلا تسمع إلا وقعاً كالمرازب على النحاس، فأرسل مروان إلى قضاعة يأمرهم بالنزول فقالوا‏:‏ قل لبني سليم فلينزلوا‏.‏

وأرسل إلى السكاسك أن احملوا فقالوا‏:‏ قل لبني عامر أن يحملوا‏.‏

فأرسل إلى السكون أن احملوا فقالوا‏:‏ قل إلى غطفان فليحملوا‏.‏

فقال لصاحب شرطته‏:‏ انزل‏.‏

فقال‏:‏ لا ‏!‏ والله لا أجعل نفسي غرضاً‏.‏

قال‏:‏ أما والله لأسوءنك‏.‏

قال‏:‏ وددت لو قدرت على ذلك‏.‏

ويقال‏:‏ أنه قال ذلك لابن هبيرة‏.‏

قالوا‏:‏ ثم انهزم أهل الشام واتبعتهم أهل خراسان في أدبارهم يقتلون ويأسرون، وكان من غرق من أهل الشام أكثر ممن قتل وكان في جملة من غرق إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك المخلوع، وقد أمر عبد الله بن علي بعقد الجسر، واستخراج من غرق في الماء، وجعل يتلو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 50‏]‏‏.‏

وأقام عبد الله بن علي في موضع المعركة سبعة أيام، وقد قال رجل من ولد سعيد بن العاص في مروان وفراره يومئذ‏:‏

لج الفرار بمروان فقلت له * عاد الظلوم ظليماً همه الهرب

أين الفرار وترك الملك إذ ذهبت * عنك الهوينا فلا دين ولا حسب

فراشة الحلم فرعون العقاب وإن * تطلب نداه فكلب دونه كلب

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/48‏)‏

واحتاز عبد الله ما في معسكر مروان من الأموال والأمتعة والحواصل، ولم يجد فيه امرأة سوى جارية كانت لعبد الله بن مروان، وكتب إلى أبي العباس السفاح بما فتح الله عليه من النصر، وما حصل لهم من الأموال‏.‏

فصلى السفاح ركعتين شكراً لله عز وجل، وأطلق لكل من حضر الوقعة خمسمائة خمسمائة، ورفع في أرزاقهم إلى ثمانين، وجعل يتلو قوله‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 249‏]‏ الآية‏.‏

صفة مقتل مروان

لما انهزم مروان سار لا يلوي على أحد، فأقام عبد الله بن علي في مقام المعركة سبعة أيام، ثم سار خلفه بمن معه من الجنود، وذلك عن أمر السفاح له بذلك‏.‏

فلما مر مروان بحران اجتازها وأخرج أبا محمد السفياني من سجنه، واستخلف عليها أبان بن يزيد - وهو ابن أخته، وزوج ابنته أم عثمان - فلما قدم عبد الله على حران خرج إليه أبان بن يزيد مسوِّداً فأمنه عبد الله بن علي وأقره على عمله، وهدم الدار التي سجن فيها إبراهيم الإمام، واجتاز مروان قنسرين قاصداً حمص، فلما جاءها خرج إليه أهلها بالأسواق والمعايش، فأقام بها يومين أو ثلاثة ثم شخص منها، فلما رأى أهل حمص قلة من معه اتبعوه ليقتلوه ونهبوا ما معه، وقالوا‏:‏ مرعوب مهزوم‏.‏

فأدركوه بواد عند حمص فأكمن لهم أميرين، فلما تلاحقوا بمروان عطف عليهم فنانشدهم أن يرجعوا فأبوا إلا مقاتلته، فثار القتال بينهم وثار الكمينان من ورائهم، فانهزم الحمصيون، وجاء مروان إلى دمشق وعلى نيابتها من جهته زوج ابنته الوليد بن معاوية بن مروان فتركه بها واجتاز عنها قاصداً إلى الديار المصرية، وجعل عبد الله بن علي لا يمر ببلد وقد سوِّدوا فيبايعونه ويعطهيم الأمان‏.‏

ولما وصل إلى قنسرين وصل إليه أخوه عبد الصمد بن علي في أربعة آلاف، وقد بعثهم السفاح مدداً له، ثم سار عبد الله حتى أتى حمص، ثم سار منها إلى بعلبك، ثم منها حتى أتى دمشق من ناحية المزة فنزل بها يومين أو ثلاثة، ثم وصل إليه أخوه صالح بن علي في ثمانية آلاف مدداً من السفاح، فنزل صالح بمرج عذراء‏.‏

ولما جاء عبد الله بن علي دمشق نزل على الباب الشرقي، ونزل صالح أخوه على باب الجابية، ونزل أبو عون على باب كيسان، ونزل بسام على الباب الصغير، وحميد بن قحطبة على باب توما، وعبد الصمد ويحيى بن صفوان والعباس بن يزيد على باب الفراديس، فحاصرها أياماً ثم افتتحها يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان هذه السنة، فقتل من أهلها خلقاً كثيراً وأباحها ثلاث ساعات، وهدم سورها‏.‏

ويقال‏:‏ إن أهل دمشق لما حاصرهم عبد الله اختلفوا فيما بينهم، ما بين عباسي وأموي، فاقتتلوا فقتل بعضهم بعضاً، وقتلوا نائبهم ثم سلموا البلد، وكان أول من صعد السور من ناحية الباب الشرقي رجل يقال له‏:‏ عبد الله الطائي، ومن ناحية الباب الصغير بسام بن إبراهيم، ثم أبيحت دمشق ثلاث ساعات حتى قيل‏:‏ إنه قتل بها في هذه المدة نحواً من خمسين ألفاً‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/49‏)‏

وذكر ابن عساكر في ترجمة عبيد بن الحسن الأعرج من ولد جعفر بن أبي طالب، وكان أميراً على خمسة آلاف مع عبد الله بن علي في حصار دمشق، أنهم أقاموا محاصريها خمسة أشهر‏.‏

وقيل‏:‏ مائة يوم‏.‏

وقيل‏:‏ شهراً ونصفاً‏.‏

وأن البلد كان قد حصنه نائب مروان تحصيناً عظيماً، ولكن اختلف أهلها فيما بينهم بسبب اليمانية والمضرية، وكان ذلك بسبب الفتح، حتى إنهم جعلوا في كل مسجد محرابين للقبلتين حتى في المسجد الجامع منبرين، وإمامين يخطبان يوم الجمعة على المنبرين، وهذا من عجيب ما وقع، وغريب ما اتفق، وفظيع ما أحدث بسبب الفتنة والهوى والعصبية، نسأل الله السلامة والعافية‏.‏

وقد بسط ذلك ابن عساكر في هذه الترجمة المذكورة، وذكر في ترجمة محمد بن سليمان بن عبد الله النوفلي قال‏:‏ كنت مع عبد الله بن علي أول ما دخل دمشق، دخلها بالسيف، وأباح القتل فيها ثلاث ساعات، وجعل جامعها سبعين يوماً إسطبلاً لدوابه وجماله، ثم نبش قبور بني أمية فلم يجد في قبر معاوية إلا خيطاً أسود مثل الهباء، ونبش قبر عبد الملك بن مروان فوجد جمجمته، وكان يجد في القبر العضو بعد العضو، إلا هشام بن عبد الملك فإنه وجده صحيحاً لم يبل منه غير أرنبة أنفه، فضربه بالسياط وهو ميت وصلبه أياماً ثم أحرقه ودقَّ رماده ثم ذره في الريح، وذلك أن هشاماً كان قد ضرب أخاه محمد بن علي، حين كان قد اتهم بقتل ولد له صغير، سبعمائة سوط، ثم نفاه إلى الحميمة بالبلقاء‏.‏

قال‏:‏ ثم تتبع عبد الله بن علي بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم، فقتل منهم في يوم واحد اثنين وتسعين ألفاً عند نهر بالرملة، وبسط عليهم الأنطاع ومد عليهم سماطاً فأكل وهم يختلجون تحته، وهذا من الجبروت والظلم الذي يجازيه الله عليه، وقد مضى ولم يدم له ما أراده ورجاه، كما سيأتي في ترجمته‏.‏

وأرسل امرأة هشام بن عبد الملك وهي‏:‏ عبدة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية صاحبة الخال، مع نفر من الخراسانية إلى البرية ماشية حافية حاسرة على وجهها وجسدها وثيابها ثم قتلوها‏.‏

ثم أحرق ما وجد من عظم ميت منهم‏.‏

وأقام بها عبد الله خمسة عشر يوماً‏.‏

وقد استدعى بالأوزاعي فأوقف بين يديه فقال له‏:‏ يا أبا عمرو ‏!‏ ما تقول في هذا الذي صنعناه ‏؟‏

قال‏:‏ فقلت له‏:‏ لا أدري غير أنه قد حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة، عن عمر بن الخطاب، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏إنما الأعمال بالنيات‏)‏‏)‏، فذكر الحديث‏.‏

قال الأوزاعي‏:‏ وانتظرت رأسي أن يسقط بين رجلي ثم أخرجت، وبعث لي بمائة دينار، ثم سار وراء مروان فنزل على نهر الكسوة، ووجه يحيى بن جعفر الهاشمي نائباً على دمشق ثم سار فنزل مرج الروم، ثم أتى نهر أبي فطرس فوجد مروان قد هرب فدخل مصر، وجاءه كتاب السفاح‏:‏ ابعث صالح بن علي في طلب مروان وأقم أنت في الشام نائباً عليها‏.‏

فسار صالح يطلب مروان في ذي القعدة من هذه السنة، ومعه أبو عمرو عامر بن إسماعيل، فنزل على ساحل البحر وجمع ما هناك من السفن وبلغه أن مروان قد نزل الفرما، وقيل‏:‏ الفيوم‏.‏

فجعل يسير على الساحل والسفن تقاد معه في البحر حتى أتى العريش، ثم سار حتى نزل على النيل ثم سار إلى الصعيد فعبر مروان النيل وقطع الجسر وحرق ما حوله من العلف والطعام، ومضى صالح في طلبه‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/50‏)‏

فالتقى بخيل لمروان فهزمهم، ثم جعل كلما التقوا مع خيل لمروان يهزمزنهم حتى سألوا بعض من أسروا عن مروان فدلهم عليه، وإذا به في كنيسة أبو صير فوافوه من آخر الليل، فانهزم من معه من الجند وخرج إليهم مروان في نفر يسير معه فأحاطوا به حتى قتلوه، طعنه رجل من أهل البصرة يقال له‏:‏ معود، ولا يعرفه حتى قال رجل‏:‏ صرع أمير المؤمنين‏.‏

فابتدره رجل من أهل الكوفة كان يبيع الرمان فاحتز رأسه، فبعث به عامر بن إسماعيل أمير هذه السرية إلى أبي عون، فبعث به أبو عون إلى صالح بن علي فبعث به صالح مع رجل يقال له‏:‏ خزيمة بن يزيد بن هانئ كان على شرطته، لأمير المؤمنين السفاح‏.‏

وكان مقتل مروان يوم الأحد لثلاث بقين من ذي الحجة، وقيل‏:‏ يوم الخميس لست مضين منها سنة ثنتين وثلاثين ومائة، وكانت خلافته خمس سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام على المشهور‏.‏

واختلفوا في سنه، فقيل‏:‏ أربعون سنة‏.‏

وقيل‏:‏ ست، وقيل‏:‏ ثمان وخمسون سنة‏.‏

وقيل‏:‏ ستون‏.‏

وقيل‏:‏ اثنتان، وقيل‏:‏ ثلاث، وقيل‏:‏ تسع وستون سنة‏.‏

وقيل‏:‏ ثمانون، والله أعلم‏.‏

ثم إن صالح بن علي سار إلى الشام واستخلف على مصر أبا عون بن أبي يزيد، والله سبحانه أعلم‏.‏

وهذا شيء من ترجمة مروان الحمار

وهو‏:‏ مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، القرشي الأموي، أبو عبد الملك، أمير المؤمنين، آخر خلفاء بني أمية، وأمه أمة كردية يقال لها‏:‏ لبابة، وكانت لإبراهيم بن الأشتر النخعي، أخذها محمد بن مروان يوم قتله فاستولدها مروان هذا، ويقال‏:‏ أنها كانت أولاً لمصعب بن الزبير‏.‏

وقد كانت دار مروان هذا في سوق الأكافين، قاله ابن عساكر‏.‏

بويع له بالخلافة بعد قتل الوليد بن يزيد، وبعد موت يزيد بن الوليد، ثم قدم دمشق وخلع إبراهيم بن الوليد، واستمر له الأمر في نصف صفر سنة سبع وعشرين ومائة‏.‏

وقال أبو معشر‏:‏ بويع له بالخلافة في ربيع الأول سنة تسع وعشرين ومائة، وكان يقال له‏:‏ مروان الجعدي، نسبة إلى رأي الجعد بن درهم، وتلقب بالحمار، وهو آخر من ملك من بني أمية، وكانت خلافته خمس سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام، وقيل‏:‏ خمس سنين وشهراً‏.‏

وبقي بعد أن بويع للسفاح تسعة أشهر، وكان أبيض مشرباً حمرة، أزرق العينين، كبير اللحية، ضخم الهامة، ربعة، ولم يكن يخضب‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/51‏)‏

ولاه هشام نيابة أذربيجان وأرمينية والجزيرة، في سنة أربع عشرة ومائة، ففتح بلاد كثيرة وحصوناً متعددة في سنين كثيرة، وكان لا يفارق الغزو في سبيل الله، وقاتل طوائف من الناس الكفار ومن الترك والخزر واللان وغيرهم، فكسرهم وقهرهم، وقد كان شجاعاً بطلاً مقداماً حازم الرأي لولا أن جنده خذلوه بتقدير الله عز وجل لما له من ذلك من حكمة سلب الخلافة لشجاعته وصرامته‏.‏

ولكن من يخذل الله يخذل، ومن يهن الله فما له من مكرم‏.‏

قال الزبير بن بكار، عن عمه مصعب بن عبد الله‏:‏ كان بنو أمية يرون أنه تذهب منهم الخلافة إذا وليها من أمه أمة، فلما وليها مروان هذا أخذت منهم في سنة ثنتين وثلاثين ومائة‏.‏

وقد قيل‏:‏ إن مروان قتل يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة، سنة ثنتين وثلاثين ومائة، وقد جاوز الستين وبلغ الثمانين، وقيل‏:‏ إنما عاش أربعين سنة، والصحيح الأول‏.‏

وهو آخر خلفاء بني أمية به انقضت دولتهم‏.‏
__________________
__________________
...........

تم شطب رابط الموقع (ادارة الموقع)

............
فواز أبوخالد غير متواجد حالياً  
قديم 14-06-2008, 01:48 AM
  #5
فواز أبوخالد
عضو متميز
تاريخ التسجيل: May 2007
الدولة: الرياض
المشاركات: 956
فواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond repute
افتراضي رد : أحداث عظيمة ... لنا فيها عبرة ...!!

من الكامل في التاريخ :

ذكر مقتل مروان بن محمد بن الحكم

دخل سديف على السفاح وعنده سليمان بن هشام بن عبد الملك وقد أكرمه، فقال سديف:
لا يغرنك ما ترى من رجال إن تحت الضلوع داء دوياً
فضع السيف وارفع السوط حتى لا ترى فوق ظهرها أموياً
فقال سليمان: قتلتني يا شيخ! ودخل السفاح، وأخذ سليمان فقتل.
ودخل شبل بن عبد الله مولى بني هاشم على عبد الله بن علي وعنده من بني أمية نحو تسعين رجلاً على الطعام، فأقبل عليه شبل فقال:


أصبح الملك ثابت الآسـاس ... بالبهاليل من بني العباسي
طلبوا وتر هاشم فشفـوهـا ... بعد ميلٍ من الزمان وياس
لا تقيلن عبد شمسٍ عثـاراً ... واقطعن كل رقلةٍ وغراس
ذلها أظهر التودد مـنـهـا ... وبها منكم كحر المواسـي
ولقد غاظني وغاظ سـوائي ... قربهم من نمارقٍ وكراسي
أنزلوها بحيث أنزلهـا الـله ... بدار الهوان والإتـعـاسي
والقتيل الذي بحران أضحى ... ثاوياً بين غـربةٍ وتـنـاسي


فأمر بها عبد الله فضربوا بالعمد حتى قتلوا، وبسط عليهم الأنطاع فأكل الطعام عليها وهو يسمع أنين بعضهم حتى ماتوا جيمعاً، وأمر عبد الله ابن علي بنبش قبور بني أمية بدمشق، فنبش قبر معاوية بن أبي سفيان، فلم يجدوا فيه إلا خيطاً مثل الهباء، ونبش قبر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فوجدوا فيه حطاماً كأنه الرماد، ونبش قبر هشام بن عبد الملك فإنه وجد صحيحاً لم يبل منه إلا أرنبة أنفه، فضربه بالسياط وصلبه وحرقه وذراه في الريح.
و في نفس الباب يذكر ابن الأثير
وقتل سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس بالبصرة أيضاً جماعةً من بني أمية عليهم الثياب الموشية المرتفعة وأمر بهم فجروا بأرجلهم فألقوا على الطريق فأكلتهم الكلاب .....!!!!!!!!

..........
__________________
__________________
...........

تم شطب رابط الموقع (ادارة الموقع)

............
فواز أبوخالد غير متواجد حالياً  
قديم 15-06-2008, 12:10 AM
  #6
فواز أبوخالد
عضو متميز
تاريخ التسجيل: May 2007
الدولة: الرياض
المشاركات: 956
فواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond repute
افتراضي رد : أحداث عظيمة ... لنا فيها عبرة ...!!

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله بن غفره مشاهدة المشاركة
لاهنت يافواز على الموقع


وبيض الله وجهك


تم إضافته للمفضلة وعسى عمرك طويل

جزاك الله خير على المشاركة
__________________
...........

تم شطب رابط الموقع (ادارة الموقع)

............
فواز أبوخالد غير متواجد حالياً  
قديم 19-06-2008, 02:51 AM
  #7
فواز أبوخالد
عضو متميز
تاريخ التسجيل: May 2007
الدولة: الرياض
المشاركات: 956
فواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond repute
افتراضي رد : أحداث عظيمة ... لنا فيها عبرة ...!!

استقرار أبي العباس السفاح واستقلاله بالخلافة وما اعتمده في أيامه من السيرة الحسنة

قد تقدم أنه أول ما بويع له بالخلافة بالكوفة يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الآخر‏.‏

وقيل‏:‏ الأول من هذه السنة، سنة ثنتين وثلاثين ومائة‏.‏

ثم جرد الجيوش إلى مروان فطردوه عن المملكة وأجلوه عنها، وما زالوا خلفه حتى قتلوه ببوصير من بلاد الصعيد، بأرض مصر، في العشر الأخير من ذي الحجة من هذه السنة على ما تقدم بيانه، وحينئذ استقل السفاح بالخلافة واستقرت يده على بلاد العراق وخراسان والحجاز والشام والديار المصرية، خلا بلاد الأندلس، فإنه لم يحكم عليها ولا وصل سلطانه إليها، وذلك أن بعض من دخلها من بني أمية استحوذ عليها وملكها، كما سيأتي بيانه‏.‏

وقد خرج على السفاح في هذه السنة طوائف، فمنهم‏:‏ أهل قنسرين بعد ما بايعوه على يدي عمه عبد الله بن علي وأقر عليهم أميرهم مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابي، وكان من أصحاب مروان وأمرائه، فخلع السفاح ولبس البياض، وحمل أهل البلد على ذلك فوافقوه‏.‏

وكان السفاح يومئذ بالحيرة، وعبد الله بن علي مشغول بالبلقاء يقاتل بها حبيب بن مرة المزي ومن وافقه من أهل البلقاء والبثنية وحوران على خلع السفاح، فلما بلغه عن أهل قنسرين ما فعلوا صالح حبيب بن مرة وسار نحو قنسرين، فلما اجتاز بدمشق - وكان بها أهله وثقله - استخلف عليها أبا غانم، عبد الحميد بن ربعي الكناني في أربعة آلاف‏.‏

فلما جاوز البلد وانتهى إلى حمص نهض أهل دمشق مع رجل يقال له‏:‏ عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة فخلعوا السفاح وبيضوا وقتلوا الأمير أبا غانم وقتلوا جماعة من أصحابه وانتهبوا ثقل عبد الله بن علي بن وحواصله، ولم يتعرضوا لأهله‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/57‏)‏

وتفاقم الأمر على عبد الله وذلك أن أهل قنسرين تراسلوا مع أهل حمص وتزمروا واجتمعوا على أبي محمد السفياني، وهو‏:‏ أبو محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فبايعوه بالخلافة وقام معه نحو من أربعين ألفاً، فقصدهم عبد الله بن علي فالتقوا بمرج الأخرم فاقتتلوا مع مقدمة السفياني وعليها أبو الورد فاقتتلوا قتالاً شديداً، وهزموا عبد الله عبد الصمد، وقتل من الفريقين ألوف، فتقدم إليهم عبد الله بن علي ومعه حميد بن قحطبة فاقتتلوا قتالاً شديداً جداً، وجعل أصحاب عبد الله يفرون وهو ثابت هو وحميد‏.‏

وما زال حتى هزم أصحاب أبي الورد، وثبت أبو الورد في خمسمائة فارس من أهل بيته وقومه، فقتلوا جميعاً وهرب أبو محمد السفياني ومن معه حتى لحقوا بتدمر، وأمن عبد الله أهل قنسرين وسودوا وبايعوه ورجعوا إلى الطاعة، ثم كر عبد الله راجعاً إلى دمشق وقد بلغه ما صنعوا، فلما دنا منها تفرقوا عنها ولم يكن منهم قتال، فأمنهم ودخلوا في الطاعة‏.‏

وأما أبو محمد السفياني فإنه مازال مضيعاً ومشتتاً حتى لحق بأرض الحجاز فقاتله نائب أبي جعفر المنصور في أيام المنصور، فقتله وبعث برأسه وبابنين له أخذهما أسيرين فأطلقما المنصور في أيامه‏.‏

وقد قيل‏:‏ إن وقعة السفياني يوم الثلاثاء آخر يوم من ذي الحجة سنة ثنتين وثلاثين ومائة، فالله أعلم‏.‏

وممن خلع السفاح أيضاً‏:‏ أهل الجزيرة حين بلغهم أن أهل قنسرين خلعوا، فوافقهم وبيضوا وركبوا إلى نائب حران من جهة السفاح - وهو‏:‏ موسى بن كعب - وكان في ثلاثة آلاف قد اعتصم بالبلد، فحاصروه قريباً من شهرين‏.‏

ثم بعث السفاح أخاه أبا جعفر المنصور فيمن كان بواسطة محاصري ابن هبيرة، فمر في مسيره إلى حران بقرقيسيا وقد بيضوا فغلقوا أبوابها دونه، ثم مر بالرقة وعليها بكار بن مسلم وهم كذلك، ثم بحاجر وعليها إسحاق بن مسلم فيمن معه من أهل الجزيرة يحاصرونها فرحل إسحاق عنها إلى الرها‏.‏

وخرج موسى بن كعب فيمن معه من جند حران فتلقاه المنصور ودخلوا في جيشه، وقدم بكار بن مسلم على أخيه إسحاق بن مسلم بالرها فوجهه إلى جماعة ربيعه بدارا وماردين، ورئيسهم حروري يقال له‏:‏ بريكة، فصارا حزباً واحداً، فقصد إليهم أبو جعفر فقاتلهم قتالاً شديداً، فقتل بريكة في المعركة، وهرب بكار إلى أخيه بالرها، فاستخلفه بها ومضى بمعظم العسكر حتى نزل سميساط وخندق على عسكره، وأقبل أبو جعفر فحاصر بكاراً بالرها، وجرت له معه وقعات‏.‏

وكتب السفاح إلى عمه عبد الله بن علي أن يسير إلى سميساط، وقد اجتمع على إسحاق بن مسلم ستون ألفاً من أهل الجزيرة، فسار إليهم عبد الله واجتمع إليه أبو جعفر المنصور، فكاتبهم إسحاق وطلب منهم الأمان فأجابوه إلى ذلك، على إذن أمير المؤمنين‏.‏

وولى السفاح أخاه أبا جعفر المنصور الجزيرة وأذربيجان وأرمينية، فلم يزل عليها حتى أفضت إليه الخلافة بعد أخيه، ويقال‏:‏ إن إسحاق بن مسلم العقيلي إنما طلب الأمان لما تحقق أن مروان قد قتل، وذلك بعد مضي سبعة أشهر وهو محاصر، وقد كان صاحباً لأبي جعفر المنصور فآمنه‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/58‏)‏

وفي هذه السنة‏:‏ ذهب أبو جعفر المنصور عن أمر أخيه السفاح إلى أبي مسلم الخراساني وهو أميرها، ليستطلع رأيه في قتل أبي سلمة، لأنه كان يريد أن يصرف الخلافة عنهم، فيسأله هل ذلك كان عن ممالأة أبي مسلم لأبي سلمة في ذلك أم لا ‏؟‏

فسكت القوم، فقال السفاح‏:‏ لئن كان هذا عن رأيه إنا لَبعَرَ بلاء عظيم، إلا أن يدفعه الله عنا‏.‏

قال أبو جعفر‏:‏ فقال لي أخي‏:‏ ما ترى ‏؟‏

فقلت‏:‏ الرأي رأيك‏.‏

فقال‏:‏ إنه ليس أحد أخص بأبي مسلم منك، فاذهب إليه فاعلم لي علمه، فإن كان عن رأيه احتلنا له، وإن لم يكن عن رأيه طابت أنفسنا‏.‏

قال أبو جعفر‏:‏ فخرجت إليه قاصداً على وجل‏.‏

قال المنصور‏:‏ فلما وصلت إلى الري إذا كتاب أبي مسلم إلى نائبها يستحثني إليه في المسير، فازددت وجلاً فلما انتهيت إلى نيسابور إذا كتابه يستحثني أيضاً‏.‏

وقال لنائبها‏:‏ لا تدعه يقر ساعة واحدة‏.‏

فإن أرضك بها خوارج، فانشرحت لذلك، فلما صرت من مرو على فرسخين، خرج يتلقاني ومعه الناس، فلما واجهني ترجل فقبل يدي، فأمرته فركب‏.‏

فلما دخلت مرو نزلت في داره، فمكث ثلاثاً لا يسألني في أي شيء جئت، فلما كان اليوم الرابع سألني‏:‏ ما أقدمك ‏؟‏

فأخبرته بالأمر‏.‏

فقال‏:‏ أفعلها أبو سلمة ‏؟‏

أنا أكفيكموه‏.‏

فدعا مرَّار بن أنس الضبي فقال‏:‏ اذهب إلى الكوفة فحيث لقيت أبا سلمة فاقتله، وانته في ذلك إلى رأي الإمام‏.‏

فقدم مرَّار الكوفة الهاشمية، وكان أبو سلمة يسمر عند السفاح، فلما خرج قتله مرِّار، وشاع أن الخوارج قتلوه، وغلقت البلد‏.‏

ثم صلى عليه يحيى بن محمد بن علي أخو أمير المؤمنين، ودفن بالهاشمية، وكان يقال له‏:‏ وزير آل محمد‏.‏

ويقال لأبي مسلم‏:‏ أمير آل محمد‏.‏

قال الشاعر‏:‏

إن الوزير وزير آل محمد * أودى فمن يشناك كان وزيرا

ويقال‏:‏ إن أبا جعفر إنما سار إلى أبي مسلم بعد قتل أبي سلمة وكان معه ثلاثون رجلاً على البريد، منهم‏:‏ الحجاج بن أرطأة، وإسحاق بن الفضل الهاشمي، وجماعة من السادات‏.‏

ولما رجع أبو جعفر من خراسان قال لأخيه‏:‏ لست بخليفة ما دام أبو مسلم حياً حتى تقتله‏.‏

لما رأى من طاعة العساكر له، فقال له السفاح‏:‏ اكتمها‏.‏ فسكت‏.‏

ثم إن السفاح بعث أخاه أبا جعفر إلى قتال بن هبيرة بواسط، فلما اجتاز بالحسن بن قحطبة أخذه معه، فلما أحيط بابن هبيرة كتب إلى محمد بن عبد الله بن الحسن ليبايع له بالخلافة فأبطأ عليه جوابه، فمال إلى مصالحة أبي جعفر، فاستأذن أبو جعفر أخاه السفاح في ذلك فأذن له في المصالحة، فكتب له أبو جعفر كتاباً بالصلح، فمكث ابن هبيرة يشاور فيه العلماء أربعين يوماً‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/59‏)‏

ثم خرج يزيد بن عمر بن هبيرة إلى أبي جعفر في ألف وثلاثمائة من البخارية، فلما دنا من سرادق أبي جعفر همَّ أن يدخل بفرسه فقال الحاجب سلام‏:‏ انزل أبا خالد‏.‏ فنزل‏.‏

وكان حول السرادق عشرة آلاف من أهل خراسان، ثم أذن له في الدخول فقال‏:‏ أنا ومن معي ‏؟‏

قال‏:‏ لا ‏!‏ بل أنت وحدك‏.‏

فدخل ووضعت له وسادة فجلس عليها، فحادثه أبو جعفر ساعة ثم خرج من عنده فأتبعه أبو جعفر بصره، ثم جعل يأتيه يوماً بعد يوم في خمسمائة فارس وثلاثمائة راجل، فشكوا ذلك إلى أبي جعفر فقال أبو جعفر للحاجب‏:‏ مره فليأت في حاشيته‏.‏

فكان يأتي في ثلاثين نفساً، فقال الحاجب‏:‏ كأنك تأتي متأهباً ‏؟‏

فقال‏:‏ لو أمرتموني بالمشي لمشيت إليكم‏.‏

ثم كان يأتي في ثلاثة أنفس، وقد خاطب ابن هبيرة يوماً لأبي جعفر فقال في غبون كلامه‏:‏ يا هناه - أو قال‏:‏ يا أيها المرء -‏.‏

ثم اعتذر إليه بأنه قد سبق لسانه إلى ذلك، فأعذره‏.‏

وقد كان السفاح كتب إلى أبي مسلم يستشيره في مصالحة ابن هبيرة فنهاه عن ذلك‏.‏

وكان السفاح لا يقطع أمراً دونه، فلما وقع الصلح على يدي أبي جعفر لم يحب السفاح ذلك ولم يعجبه، وكتب إلى أبي جعفر يأمر بقتله، فراجعه أبو جعفر مراراً لا يفيده ذلك شيئاً، حتى جاء كتاب السفاح‏:‏ أن أقتله لا محالة، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، كيف يعطي الأمان وينكث‏؟‏ هذا فعل الجبابرة‏.‏

وأقسم عليه في ذلك‏.‏

فأرسل إليه أبو جعفر طائفة من الخراسانية فدخلوا عليه وعنده ابنه داود وفي حجره صبي صغير، وحوله مواليه وحاجبه، فدافع عنه ابنه حتى قتل، وقتل خلق من مواليه، وخلصوا إليه، فألقى الصبي من حجره وخرَّ ساجداً، فقتل وهو ساجد، واضطرب الناس، فنادى أبو جعفر في الناس بالأمان إلا عبد الملك بن بشر وخالد بن سلمة المخزومي، وعمر بن ذر‏.‏

فسكن الناس ثم استؤمن لبعض هؤلاء وقتل بعضاً‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ بعث أبو مسلم الخراساني محمد بن الأشعث إلى فارس، وأمره أن يأخذ عمال أبي سلمة الخلال فيضرب أعناقهم، ففعل ذلك‏.‏

وفيها‏:‏ ولى السفاح أخاه يحيى بن محمد الموصل وأعمالها، وولى عمه داود مكة والمدينة واليمن واليمامة، وعزله عن الكوفة وولى مكانه عليها عيسى بن موسى، وولى قضاءها ابن أبي ليلى، وكان على نيابة البصرة سفيان بن معاوية المهلبي، وعلى قضائها الحجاج بن أرطأة، وعلى السند منصور بن جمهور، وعلى فارس محمد بن الأشعث‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/60‏)‏

وعلى أرمينية وأذربيجان والجزيرة أبو جعفر المنصور، وعلى الشام وأعمالها عبد الله بن علي عم السفاح، وعلى مصر أبو عون عبد الملك بن يزيد‏.‏

وعلى خراسان وأعمالها أبو مسلم الخراساني، وعلى ديوان الخراج خالد بن برمك‏.‏

وحج بالناس فيها داود بن علي‏.‏

..... البداية والنهاية .
__________________
...........

تم شطب رابط الموقع (ادارة الموقع)

............
فواز أبوخالد غير متواجد حالياً  
قديم 26-06-2008, 02:26 AM
  #8
فواز أبوخالد
عضو متميز
تاريخ التسجيل: May 2007
الدولة: الرياض
المشاركات: 956
فواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond reputeفواز أبوخالد has a reputation beyond repute
افتراضي رد : أحداث عظيمة ... لنا فيها عبرة ...!!

الردود والمشاركات .... أقل من القليل ......!!

هل أتوقف عن الكتابة لتلك الأحداث .......؟؟

.......
__________________
...........

تم شطب رابط الموقع (ادارة الموقع)

............
فواز أبوخالد غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الاخطبوط الشيعي في العالم؟؟ ادخل ولن تندم ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 20 26-10-2008 08:14 PM
....................... أنا والآخر ...........................(3) ابن عياف ملتقى الكتاب والمؤلفين 10 19-02-2008 09:36 AM
سالفة البنت ألي نشبت في أمها علشان تزوجها (مشكله كبيره) عبدالله آل عباد إستراحة المجالس 19 18-01-2007 09:52 PM
ختمة 29...شارك بنشرها وأحتسب الآجر.. مبارك مجلس الإسلام والحياة 4 12-11-2004 02:21 AM


الساعة الآن 06:03 AM

سناب المشاهير