أيها المسلمون: إننا في زمن اشتدت غربة الدين فيه ، غربة يلحظها الغرباء ، غربة تزداد شيئا فشيئا

بسبب دخول فتنة الشبهات والشهوات , وقد بين ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتنة الشبهات بقوله " تتفرق هذه الأمة على

ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، قيل: ومن هي يا رسول الله؟ قال من كان مثل ما أنا عليه وأصحابي "

رواه الترمذي وحسنه .

وأما فتنة الشهوات فقد بينها ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله " والله ما الفقراء أخش عليكم , ولكن أخشى عليكم أن تبسط

عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلهكم كما أهلكتهم " رواه البخاري

أخي المسلم: لقد ظهر من يلبس الحق بالباطل , وتعاون شياطين الأنس مع شياطين الجن في تضليل كثير من الناس

واستخفافهم وصدهم عن سبيل الله ، فوقع في الشبهات والشهوات من وقع , والعاقل منهم ، وقف حائرا لا يدري أين

وجه الحق مما يسمع ويرى من التناقضات وتبرير المواقف المخالفة للشريعة , ولما كان من غير المستطاع المجاهرة برد

الشريعة ورفضها ، فكان لا بد لهم من لي أعناق النصوص من الآيات والأحاديث ، لتبرير تلك المواقف المنحرفة , ولو أن

الذي يقع في الانحراف يعترف بذنبه وخطئه ، لكان الأمر أهون , لكن المصيبة أن يصر هذا على باطله ومعصيته ويستمر

ليغالط نفسه ومجتمعه بصنيعه , وكل انحراف أو ضلال أو خطأ – صغيرا كان أو كبيرا – سببه ودوافعه فتنة الشبهات

وفتنة الشهوات ، ولذا يقول ابن القيم رحمه الله " الفتنه نوعان: النوع الأول فتنة الشبهات: وهي أعظم الفتنتين

والثاني: فتنة الشهوات ، وقد يجتمعان للعبد وقد ينفرد بإحداهما " عباد الله: ها أنتم ترون وتسمعون وتقرؤون أفكار

معارضة لعقيدة أهل السنة والجماعة ، وتلبيس بالأغاليط ، وألفاظ خادعه ، وتسمية للأشياء بغير مسمياتها ، شبهات

تشكك في العقيدة ، وتزعزع الثوابت الشرعية ، والأخلاق الإسلامية ، فظهر الشرك والدعوة إليه ، والبدعة والدعاية لها

شبهات في علم الغيب ، وأخرى حول نبينا - صلى الله عليه وسلم – وحول سنته ، شبهات تثار حول الصحابة ، تشكيكاً

أو طعناً أو سباً أولعناً ، وأخرى حول أحكام الحدود الشرعية كالقصاص وغيره ، شبهات حول الحجاب وحرية المرأة

في سفرها وسكنها ، شبهات تمييع الدين وترويج المعاصي ، وتعريف آخر غير شرعي للوسطية التي جاء بها دين

الإسلام ، كلها تبث عبر قنوات تنصيرية وأخرى علمانية ، وصحف ومواقع في الإنترنت ، تنشر روايات فيها طعن في

الدين ، وتشويه للمتمسكين به ، والقائمين عليه والحاكمين به ، شبهات تطعن في الآمرين بالمعروف والناهون عن

المنكر ، وحدث ولا حرج عن منتديات للحوار ، فيها دعايات لأهل البدع وأهل الزندقة والإلحاد ، وقل مثلها عن أقلام

مسمومة تكتب لتدس السم في العسل ، وتثير الشبهة والفتنة { فويل لهم مما كتبت أيديهم } كل هذه وتلك تحاط بالصور

والدعايات والإعلانات لتزرع الشبهة وتثير الشهوة بشكل جذاب ، يقول بعض أهل الحرية" إن النقد والأفكار والرؤى

والتقاليد الشرعية هو محرك الحضارة وصانع التقدم " هكذا يساوون بين التقليد والرؤى و الأفكار والتقاليد ، وبين

المسلمات والثوابت الشرعية ، وكل شيء عندهم معرض للنقد يقولون: " ليس هنالك شيئاً مقدساً وإنما يمكن أن تناقش

في كل قضية " يريدونك أن تناقش في الله وفي صفاته ، وفي عذاب القبر والجنة والنار ، وفي كل ما وعد الله به

المؤمنين وما وعد به الكافرين ، ما فائدة الإيمان بالغيب واليوم الآخر إذاً ؟ الذين يقولون ناقش في كل قضية ، لا

يؤمنون بالغيب ، والمؤمنون يؤمنون بالغيب ويوقنون ، شبهات تطرح حول خصائص الربوبية والإلوهية ، فالزلازل

والبراكين يقولون: ظواهر طبيعية ، شبهات حول الولاء والبراء فيقولون: ونحن والآخر ، شبهات حول الربا ، فيسمونه:

فوائد بنكية ، والغناء: غناء شريف ، والخمر: مشروبات روحية ، والكذب: تبرير موقف ، والخيانة: يا رجل مش ، والقيام

بالمسؤولية: لا تعب نفسك ، شبهات حول السحر والشعوذة والدجل والكهانة ، فيقولون: لو ذهبت لهؤلاء لتحقق لك ما

تريد ، شبهات حول طريقتنا ونهجنا ووحدتنا ، فتراهم يقولون وهابية ، عباد الله: هذا هو ديننا وبلادنا ، تشن عليه

وعليها حرب من حثالة من بني جلدتنا ، أو ممن لا يريدون أمننا وسياستنا ، إننا أمام واقع منفتح ، لقد صار الانفتاح

انفتاحاً على كل شيء ، والقراءة قراءة لكل شيء ، والدخول على كل شيء ، والسماع لكل شيء ، والجلوس مع كل

أحد ، وهذه وتلك سببت عند الكثير تغيير في فكره ومسلماته وثوابته ، فهو ليس كما عهده أبواه وإخوانه ، ولا كما

عهده زملائه وأصدقائه ، والمرأة تغيرت في حجابها ولباسها وكلامها ومشيتها ، كل ذلك من أثر الشبهات والانفتاحية

العمياء ، فواجهت قلوب ضعيفة ، بل خاوية ، فزاغت ومرضت وقست ، والشبهة خطافة ـ ولا شك ـ يعني تخطف ، فقد

رأينا آثار خطفها في بعض من تعاملنا معه ، أو سمعنا كلامه ، أو قرأنا له ، ولذلك فإن للشبهات نوعاً آخر من النفوذ

إلى القلوب ، وشر الناس من يتشرف للفتنة ، بمعنى: يتعرض لها ، فالذين يتعرضون كثيرا لمشاهدة قنوات الفساد ، أو

يدخولون إلى مواقع أهل الأهواء ، والذين يلقون السمع لكل أحد ، هؤلاء قد أجرموا في حق أنفسهم ، وقد أخبر الله

عنهم { وفيكم سماعون لهم }أي: وفيكم أناس من ضعاف الإيمان والعزم والعقل كثيرو السمع لهم ، فكأنهم مستعدون

لقبول شبههم وأفكارهم ، وليس هذا على عامة بعض الناس ، بل قد وقع في هذا من لا نتوقعه أن يقع ، بل وقد وقع من

سلك طريق الهداية والاستقامة ، فحصل له انحراف في فكره وتصوراته واستقامته والتزامه بسب السماع للشبهات ، أو

قرءاتها أو الدخول لمواقع أصحابها أو الجلوس معهم ، أما علمتم أنهم{ يبغونكم الفتنة } أما علمتم أنهم يريدون أن

يميلوا بكم ميلا عظيما ، وذلك بتقليب الأمور ، وبالحيل والآراء والأفكار المنحرفة التي عنوانها { إنما نحن مصلحون} هذا

هو عنوان القلوب الحائرة ، وهذا هو عمل النفوس الخبيثة والخائنة ، تبث الخور والضعف والضلال والانحراف ، بالشبهات

والشهوات ، إن مثل هؤلاء ، خطر عظيم على العباد والبلاد ، والدليل قول الله عنهم { لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا

خبالا } أي: اضطرابا وفوضى وزعزعة وتخريبا ، والله ثم والله ، أنه لا يستبين سبيل المؤمنين من سبيل المجرمين ، إلا

بالحديث عنهم وكشف شبهاتهم ، قال الله{ وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين } قال القرطبي " فإذا بان

سبيل المجرمين فقد بان سبيل المؤمنين " وبعد هذا البيان ، إليك ـ أخي الحبيب ـ بعض المواقف التي أثبتها التاريخ ،

لترى كيف كان تأثير الشبهات ووقعها ، لقي الجهم بن صفوان أناساً من المشركين ، فجعلوا يلقون عليه الشبهات في

ربه ، قالوا: أين هو؟ هل يراه؟ هل يسمعه؟ هل يذوقه؟ هل يشمه؟ فخرج إليهم بعد أربعين يوماً ، فقال لهم "هو هذا

الهوى " فصار الهوى هو ربه فانظر متى كان أثر الشبة؟ بعد أربعين يوما أخرجته الشبهة من الإيمان بالله إلي اتباع

الهوى ، ولذا تجد كثيراً { يتبعون الظن وما تهوى الأنفس } وهذا أبو العلا المعري أرتحل ثم نزل منزلا به راهب متفلسف

لا يملك قناة ولا موقعا ولا جريدة ولا منبرا إعلاميا ، شخص واحد تكلم مع أبي العلا فدخل كلامه في مسامعه ، فوصلت

له الشكوك ووقعت الشبهة ، وبسببها حصل انحراف وتغير ، فتفوه بالكفر والزندقة حتى قال في شعره " إن الناس من

عنصر الزنا " وهذا ابن الرواندي الذي لازم أهل الإلحاد ، فلما نصحه أهل الحق ، قال أريد أن أعرف مذاهبهم ، ثم بعد

ذلك ظهرت منه الزندقة ، تدري ماذا كان عنده؟ كان عنده حب اطلاع ، كما هو عند الكثير منا اليوم ذكورا وإناثا ، لذا

وقع الكثير في براثن أهل الأهواء والانحراف ، إخوة الإسلام: إذا صارت الشبهات بهذه القوة ، وبهذا الانتشار ، فما هو

السبيل للنجاة من هذا الطوفان؟

الفرار من الفتن وعدم التعرض لها:

وهذا باب بوبه البخاري رحمه الله في صحيحه ، هذا هو الحل أمام هذه الشبهات

التي تثار صباح مساء؟ هذا هو المخرج؟ وهذه هي النجاة؟

ثم هناك سبيل آخر وهو في غاية الأهمية:

ألا وهو تعلم دين الله ، ودراسة عقيدة أهل السنة والجماعة من خلال نصوص الكتاب والسنة ، وبمعرفة هذه العقيدة

تبطل كل العقائد والمذاهب والأفكار والجماعات والأحزاب ، ومن السبل للنجاة من هذه الشبهات: الابتعاد عن قنوات

ومواقع ومنتديات أهل الشبهات ، قال الله { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم } قد يقول قائل:

عقيدتي قوية وأنا واثق من نفسي ، ولا يهمني السماع والمجالسة ، أو القراءة والدخول لبعض المواقع والمحادثة معهم

والرد عليهم ، ما أتأثر أبدا ، جميل ، عرفنا أن عقلك أنت في رأسك ، طيب..

ماذا عن توجيه القرآن يا من تقول أن عقيدتك قوية؟ وهو ينطق عليك بالحق

{ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم } روى عن ابن عباس –رضي الله عنهما – " أنها في

أهل الأهواء من المسلمين " وأصل الخوض وحقيقة: الدخول في الباطل مع أهله ، ولذا ذكر الله من إجابات المجرمين

قولهم { وكنا نخوض مع الخائضين } نتحدث بالباطل مع أهل الغواية والضلالة ، والمعنى: إذا رأيت أيها المؤمن { الذين

يخوضون في آياتنا } من الكفار ومن أهل الأهواء ، فأعرض عنهم أي: انصرف عنهم بدلاً من القعود معهم أو الإقبال

عليهم ، ومن التوجيهات القرآنية قوله سبحانه { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ

بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم }

وسمعك صنعا سماع قبيح كصون اللسان عن النطق به

فإنك عند استماع القبيح شريـك لقائـله فـأنتبـه

فمن السماع قد تكون المزلقة مع الخائضين ، وقد يكون الوقوع في البدع والأهواء ، وهذه أشد وأقوى من غيرها

فإن أكثر الذين يخوضون في الجدل والمراء من أهل البدع ومن سايرهم من أهل الأهواء تغُشٌهُم أنفسهم بأنهم ينصرون

الحق ، ويخدمون الدين ، ويؤيدون الأئمة المهتدين ، ويخذلون المبتدعين المضلين

ومن سبل النجاة: عدم مجالسة أهل الأهواء

ولذا حذر السلف الصالحون من مجالسة أهل الأهواء أشد مما حذروا من مجالسة الكفار ، لأن المبتدع وصاحب الهوى

يأتيه باسم الدين ، ولذا قال السلف " لا تجالسوا أهل الأهواء ، فإنهم الذين يخوضون في آيات الله وسنة رسوله

– صلى الله عليه وسلم - على حسب آرائهم وفهمهم وتأويلهم ، فهم الذين يتبعون ما تشابه من القرآن ويتركون المحكم

لأجل أن ينـزلها بعضهم في دليله على الحادثة ، أو يستدل بها على تكفير أو تفسيق مسلماً ، أو يُضل بها مهتديا

كما فعل بعض أدعياء العلم الضعيف قديما أو حديثاً ، ولو تأمل أصحاب هذه الأهواء وتلك الأفكار قصة بني آدم وما

هي الأسباب التي دفعت قابيل لقتل أخيه لوجدوها شبهة فاسدة ، سوغت له التفكير في القتل

ألا وهي الحسد , فالذي أباح دم هابيل عند قابيل تأويلات فاسدة ومفاهيم خاطئة ، ليس له فيها برهان ولا دليل واضح

فارتكب المحرم بمجرد الشبهة والهوى ، وهذا هو المنزلق الخطير الذي يسلكه الذين يتبعون المتشابهة ويتركون المحكم

ومن سبل النجاة: تربية النفس وترويضها على عدم تعدي حدود الله

ولذا سد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا الباب من أوله فقال:

" لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل" فكم حيلة يرتكبها أصحاب الأهواء؟ وكم من

طريقة يسلكونها في التوصل لاستباحة الدم المسلم؟ لقد فهم السلف الصالح مقولة الحبيب ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ

وأدركوها جيدا ، فهذا عمر ـ رضي الله عنه ـ يكتب إلى عامل له فيقول: أما بعد: فلتجف يداك من دماء المسلمين ،

وبطنك من أموالهم ، ولسانك من أعراضهم ، فإذا فعلت ذلك فليس عليك سبيل ، ثم تلا عليه قول الحق { إنما السبيل

على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم } أين الذين يدعون حب النبي ـ عليه الصلاة

والسلام ـ وحب صحابته من الإتباع؟ إن الواقع يخالف ذلك ، وشهد بأنهم إنما يتبعون أهوائهم ، فما وافق أخذوه وما لم

يوافق تركوه ، والمتأمل في واقع المسلمين اليوم ليرى ما يشوبه من فكر منحرف ، جعل من القتل والاغتيالات والتفجير

منهجاً له ، بل إن العاقل ليقف حيرانا ويقول: كيف سرى هذا الفكر في التخبط؟ مبتدئاً باستهداف من لم يكن مسلماً من

الأمريكان والبريطانيين والفرنسيين وغيرهم من المعاهدين ، ثم تطور بهم إلى استهداف أهل الإسلام وأبناء الملة ، ثم

زاد وبدأ يترقب ليستهدف بعض رموز الأمن ، الذين أوكل إليهم ولي الأمر حفظه والسهر على استتبابه ، ليتحقق أمننا

وأمن نحب ، ولكن صدق رسول الله عن مثل هؤلاء يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ، إنها الشبهات والتعرض

لها ، إنه الإعراض عن مجالس العلماء ، التي أوقعت في هذا الفكر وتلك التصورات المنحرفة ، لذا تجد أحدهم يستدل بأن

النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر باغتيال بعض المشركين ، والسؤال: أين المشرك من المسلم؟ وأين المنظم لهذه

الشبهات من الفهم الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم؟ هذه الشبهات ضيعت حقيقة النصوص عن مفهومها الواضح ،

كيف يبيح المسلم لنفسه أن يقتل نفسه؟ ومن أي شريعة أخذ منها هذا المبدأ؟ والله يقول{ ولا تقتلوا أنفسكم } لا أحد

من البشر أغير على دين الله من رسول الله ، ولا أحد أغير بعد رسول الله إلا صحبه الكرام ، ثم السلف الصالح ومن اتبعهم

بإحسان ، فهل سمعت أو قرأت أن أحد منهم قتل نفسه؟ أو حرض عليه؟ أو أفتى به؟ أو خطط ، أو غدر ، أو كذب ،

أو اغتال؟ لا بد أن نبين لأنفسنا وأبنائنا حقيقة قول النبي عليه الصلاة والسلام: " من تردى من جبل فقتل نفسه فهو

في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم

خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن قتل نفسه بحديده فحديدته في يده يتوجا بها في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً "

رواه البخاري ومسلم.

ومن سبل النجاة :فهم نصوص الكتاب والسنة فهما شرعيا:

لا بد أن تفهم النصوص الشرعية فهما شرعيا وعلى فهم السلف الصالح ،ولا بد أن يفهموا أبنائنا هذه النصوص كما

يفهموا الصلاة ، قولوا لهم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أتي برجل قتل نفسه بمشاخص ، فلم يصلي عليه

فكيف إذا اجتمع قتل النفس مع الغدر والخيانة والكذب والتخطيط في أوقات فاضلة ، أو أشهر حرم ؟

ولمن يخطط ويمكر ؟ للمسلمين ... لمن يحافظون على الأمن ... لمن ...

قولوا لهم إن الذي يؤمن بحديث خصال الفطرة من تقليم الأظافر وحف الشارب وحلق العانة لا بد له أن يؤمن بكل

ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى

{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت وسلموا تسليما }

أسردوا عليهم قصة النبي - صلى الله عليه وسلم – لما رأى عمر بن الخطاب يقرأ في صحيفة من التوراة

فغضب وقال: أومتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ أمتحيرون؟ أتشكون؟

" أو متهوكون ، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم

بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني " رواه أحمد

فهؤلاء لا يخلوا كلامهم من أمرين: إما أن يكون حقا ، وإما أن يكون باطلا ، والمستمع لهم لا يخلو موقفه من حالين:

إما أن يصدقهم ، وإما أن يكذبهم ، فقد يكون ما يقولونه حق فيكذبهم ، وقد يكون ما يقولونه باطل فيصدقهم ، فتقع

المصيبة ، ولذا أنكر – صلى الله عليه وسلم – على عمر ، فما بالكم بمن دون عمر؟ وإذا كان موسى موجودا وحيا في

عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - لوجب على موسى إلا يخرج عن أمره {فليحذر الذين يخالفون أن تصيبهم فتنة أو

يصيبهم عذاب أليم } لقد حذر - صلى الله عليه وسلم - من الجلوس مع القدرية فقال: " لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم "

رواه أبو داوود ، قال العلماء: لا يجوز مجالسة من يثير الشبهات حول القدر وغيره من الموضوعات العقدية والمسلمات

والثوابت الشرعية ، جاء رجل من المعتزلة لابن طاووس فتحدث عنده وتكلم ، فأدخل ابن طاووس أصبعيه في أذنيه وقال

لابنه الذي كان جالساً عنده أي بني ، ادخل أصبعيك في أذنيك واشدد ، لا تسمع من كلامه شيئاً ، هذا هو حال السلف

مع أبنائهم ، وقال سفيان " من سمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه فيلقيها في قلوبهم " واليوم بعض الناس إذا سمع

بشبهة في قناة أو قراءها في صحيفة أو اطلع عليها ، نشرها على زملائه ومن حوله ، بل من استحسانه لها قد

يصورها بجواله ، ثم يبدأ يرسل ويشكك الناس ويشغلهم ، وبعض الناس كالسفنجة يستقبل كل شيء ، ويستحسن كل

شيء ، ويسمع كل شيء وبعض الناس نقله ، يحب أن ينقل ، ما يسمع بشيء إلا نقله ، بل ويزيد عليه ، قال – صلى الله

عليه وسلم - " كفى بالمرء إثما إن يحدث بكل ما سمع " ومن أمثال هؤلاء تنتشر الشبهات وتثار ، وتصبح حديث

المجالس ، { كبرت كلمة تخرج من أفواههم } خرجت لتتناقل عبر الإيميل والبلوتوث.

ومن سبل الجناة من هذه الشبهات:

إذا سمعت بشبهة فأبحث عن حلها عند أهل العلم سواء في كتبهم أو في الذهاب إليهم أو في مهاتفتهم ، أو عن

طريق مواقعهم ، لما وقعت الفتنة في عهد عثمان – رضي الله عنه - وتكلم بعض الناس قال عبدالرحمن بن أبزى ، أتيت

أبي بن كعب فقلت له أبا المنذر ما المخرج؟

سؤال واحد فقط ، قال: كتاب الله ، جواب واحد فقط ، سؤال قصير وإجابة قصيرة ، هذا هو الفقه.

ومن سبل النجاة: أن نتناصح إذا وردت علينا الشبهات والإيرادات

جاء ابن القيم لشيخه ابن تيمية يسأله عن بعض الشبهات والإيرادات فقال له

" لا تجعل قلبك للشبهات والإيرادات مثل السفنجة فيتشربها ، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بجانبها ولا

تستقر فيها ، فتراها بصفاء وتدفعها بصلابة " قال ابن القيم "

ما انتفعت بوصية في دفع الشبهات والإيرادات كانتفاعي بهذه الوصية "

ومن سبل النجاة: لا بد أن يكون عندنا يقين وعلم وعقل:

وهذه لا تأتي بالجلوس عند أهل العلم الموثقين ، لان الشبهة إذا جاءت على قلب خاو ، وعقل ضعيف ، وعلم

مهزوز ، لا يتماسك الإنسان.

ومن سبل النجاة: لزوم الجماعة وإمامهم ، وهذه وصية النبي – صلى الله عليه وسلم –

لحذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – لما سأله عن الفتن وسبيل النجاة منها قال:

" ... إلزم جماعة المسلمين وإمامهم " وقال – عليه الصلاة والسلام – " عليكم بالجماعة " رواه أحمد والنسائي

ومن سبل النجاة: أن نكون عباد الله إخوانا ، نطلب الحلال وندفع الحرام ، نغض الأبصار ونحفظ الفروج

نعظم كتاب ربنا ،نكن على صلة به دائمة .

وأعلموا أنه ليس لكم طريق إلى الجنة إلا خلف محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ

{ وإن تطيعوه تهتدوا } قال صلى الله عليه وسلم " من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى "

{ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى }

" فمن حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا

ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعرن وهامان وأبي بن خلف" هكذا قال نبيكم

" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فمن لم يستطع فبلسانه ، فمن لم يستطع فبقلبه "

واعلموا أن الإستقامة على الدين واتباع السنة ، وحفظ حقوق الدعاة والعلماء وولاة الأمر

ووحدة الصف وجمع الكلمة ، ونبذ الفرقة والخلاف ، مما جاء به الدين.

ومن سبل النجاة:

لا تحاسدوا ولا يباغضوا ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ، أحسنوا الظن ، واذكروا محاسن إخوانكم ، وغضوا

الطرف عن سيئاتهم صلوا الأرحام بكل وسيلة تستطيعونا.

ألا أخبركم بالمؤمن؟إنه من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم

ألا أخبركم بالمسلم؟ إنه من سلم الناس من لسانه ويده.

ألا أخبركم بالمجاهد؟ إنه من جاهد نفسه في طاعة الله.

ألا أخبركم بالمهاجر؟ إنه من هجر الذنوب والمعاصي.

وأخيرا إنني أنادي فأقول:

أيتها الفتاة : اتقي الله في الشباب الزمي حجابك وحيائك وعفتك

أيها الشباب: اتقوا الله في أنفسكم و أعرفوا دوركم و أطيعوا والديكم , ولا تهلكوا أنفسكم وغيركم بالتفحيط والسرعة

والتدخين والمخدرات

أيتها الأم: أنت مسئولة بيتك فأطيعي زوجك و أخرجي لنا جيلا يقف عند حدود الله

أيها القائد: قرب منك الصادقين الناصحين والأمناء

أيها الأب: تذكر أنه لا يشم رائحة الجنة من كان غاش لرعايته

أيها الأمام: أعرف دورك ، ولا تضيع دور المسجد ، ولا تمييع المسلمين بإتباع أهواء الكسالى والمعوقين

أيها المعلم ويا أيتها المعلمة: أنتما في مهنة عظيمة وباب واسع من أبواب الدعوة والتربية ، وهذه أمانة في أعناقكما

فالله الله في الصدق والصبر والإخلاص ، وتذكرا ما لمعلم الناس من خير

أيها المسلمون: اسمعوا ماذا قال أنس بن مالك –رضي الله عنه – قال: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال:

" لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له" رواه أحمد .