ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 24-10-2009, 07:24 PM
  #121
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

خطبة الجمعة : مراقبة الله ..
الخطبة الأولى :
الحمد لله الذي له ملك السماوات والأرض و ما بينهما و إليه المصير.. عالم الغيب و الشهادة و هو الحكيم الخبير..
أشهد أن لا إله إلا الله.. وحده لا شريك له.. بيده الأمر و التدبير..وله الحكم و التقرير.. وهو على كل شيء قدير..
وأشهد أن حبيبنا البشير..وقدوتنا الأثير..وإمامنا الكبير..وبدرنا المنير .. محمدا عبدالله و رسوله.. المبعوث رحمة للعالمين..و الهادي إلى الله بالحجة و الحكمة و البرهان المبين..
اللهم صل عليه و على آله الأكرمين الأطهرين ..وعلى أصحابه الغر الميامين..و على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد ........ إخوة الإيمان و العقيدة :
خرج عبدالله بن عمر رضي الله عنهما مع أصحابه في سفر.. فلما حان وقت الغداء.. جلسوا عند ظل شجرة يأكلون..فمر بهم راعي غنم.. شاب, من شباب الإسلام ..قال له ابن عمر..هلمّ إلى الطعام ..فقال الراعي..إني صائم..قال ابن عمر..أفي مثل هذا اليوم الشديد الحر..و أنت بين هذه الشعاب..وخلف هذه الغنم..قال الراعي..أعد ذلك ليوم أشد حر منه.. قال له فبعنا شاةمن غنمك.. ونطعمك من لحمها ما تفطر عليه، ونعطيك ثمنها .. قال الراعي ..أنا لست صاحبها..إنما هي لسيدي و مولاي.. قال ابن عمر ..قل لسيدك أن الشاة أكلها الذئب.. فقال الراعي.. إن قلت له أكلها الذئب وثق بي وصدقني..ولكن أين الله..!.. فبكى ابن عمر.. وعند عودته من سفره..سأل عن سيد الراعي فاشترى منه الراعي و الغنم..فأعتق الراعي و أعطاه الغنم..
نعم أيها المؤمنون.. تعالوا نسأل قلوبنا أين الله.. ونحن نعلم علم اليقين ..أن الله هو الذي خلقنا..و أنعم علينا بالحياة..أين الله..و نحن نعلم أن ما بنا من نعمة فمن الله..أين الله و نحن نعلم أن الله أمرنا بعبادته وبخشيته و تقواه .. أين الله و نحن نعلم أن الله يعلم سرنا و جهرنا و ما تخفي صدورنا ..إن كانت القلوب تعلم أن الله هو الخالق ..وأن الله هو الرازق..و أن الله هو المنعم..و أن الله هو العليم..فكم من حيز يشغله الله في قلوبنا.. ما دور الإيمان في القلوب..و نحن نقرأ القرآن.. نقرأ قوله تبارك و تعالى.. إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا وقوله تعالى وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ..فهل جعلنا من الرقيب رقيبا..هل جعلناه حاضرا.. وهو الحاضر معنا.. وهو المطلع على نوايانا قبل أعمالنا و أقوالنا.. إن معنى المراقبة ..أن يتيقن المؤمن أن الله مطلع عليه..يراه ويسمعه..ويعرف نيته..ولذلك لما سأل جبريل عليه السلام..رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم عن الإحسان..قال له الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه..فإن لم تكن تراه فإنه يراك.. و ما أجمل الإحسان.. إن لم تصل إلى القرب من الله فتراه في كل أمر..وتراه في كل تعامل..و تراه في كل حين..فلا بد أن تستحضر شعورك و إحساسك أن الله يراك..وأنه يراقب حركاتك و سكناتك..و هو الذي أمرك بالطاعة ..و هو الذي أمرك بكل خير..و نهاك عن كل شر..فاجعله أمامك في كل حين.. أراد أحد المعلمين الصالحين.. أن يربي تلاميذه على مراقبة الله.. أن يزرع في قلوبهم رقابة الخالق..فأعطى كل واحد منهم طائرا..وقال لهم ليذبح كل واحد منكم طائره في مكان لا يراه فيه أحد..وانطلق التلاميذ..ثم عادوا وفي يد كل واحد منهم.. طائره مذبوحا .. إلا واحدا منهم..وقف بين التلاميذ وطائره حي..فقال له المعلم ..لقد ذبح كل تلميذ طائره ..وأتيت بطائرك حيا..قال له يا سيدي.. أمرتنا أن نفتش عن مكان لا يرانا فيه أحد، وما من مكان ذهبت إليه, إلا وكان الله فيه يراني .. حين ينشأ الشباب المؤمن على معية الله..حين تربى الأجيال على الشعور بمرافقة الله.. يختفي الحرام..و تتنزل البركة..و تغيب اللهفة ..و تحضر القناعة.. حين يكون الله حاضرا في قلبي الأبوين..تسعد الأسرة..و يلتمّ شملها.. ويصلح الله أمرها..دنيا و أخرى..حتى في الجنة..الوالد الصالح و الأم التقية..حين يرفعهما الله الدرجة العلية من الجنة ..ويستقر الأبناء في درجة دون درجة الآباء.. يرفع الله الأبناء ليجمعهم مع آبائهم في جنات النعيم..لتأنس الأم.. ويفرح الأب.. و هما في الجنة ..يقولالله عز وجلوَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتبَعَتهُمْ ذريَّتهُمْ بِإِيمَانٍ.. أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذريَّتهُمْ وَمَا أَلَتناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ..أورد الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة قول حبيبنا صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِنِ مَعَهُ فِى دَرَجَتِهِ فِى الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ فِى الْعَمَلِ.. حين يكون الله حاضرا في قلب المؤمن ..تستقيم الجوارح..فلا يسمع إلا حلالا..و لا ينظر إلا حلالا..و لا يمس إلا حلالا..سمح في بيعه.. سمح في شرائه..طيب في تعامله..صادق في كلامه..يغمر مَن حوله بخيره..فإذا اتسم المجتمع نساء و رجالا..كبارا و صغارا بهذه العقيدة..أن الله مع الجميع .. وأن الله يرى الجميع.. وأنه يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ.. مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ .. وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ.. إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا .. ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.. إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ..يعلم السر و أخفى.. يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور..وهو الذي بيّـن للجميع كل شيء.. فصّـله تفصيلا.. حتى لا يبقى الغافل في غفلته.. و لا يعيش الجاهل في جهله.. فقال تبارك و تعالى.. وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ..
إياك يا ابن آدم..أن تنسى تحذير الله..إياك يا مؤمن أن تغفل عن معية الله..
إذا أيقن الجميع بمعية الله.. اطمأنت القلوب ..و سعدت الأنفس ..و تفتحت الحياة..و تنزلت الرحمات..و فرحت الأرض و السماوات..
ومع هذه المعية الربانية.. و من رحمته بنا .. فقد أرسل الله معنا شهودا.. من ملائكته الكرام..هم لنا وعلينا.. يكتبون حسناتنا.. يجمعون أعمالنا الصالحة..و كذلك يكتبون سيئاتنا.. وهم لا يفارقونا.. لا بليل و لا في نهار..وأعلمنا الله بذلك.. فقال عز وجل.. وَإِنَّعَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَاتَفْعَلُونَ* وقد أعطاهم الله الحضور الدائم ..و منحهم من علمه بنوايا الإنسان علما.. جاء في الحديث المتفق عليه.. و المتن من صحيح الإمام البخاري ..أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال..يقول الله عز وجل..- يقول للملائكة - إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة ..ً فلا تكتبوها عليه حتى يعملها.. فإن عملها فاكتبوها بمثلها.. وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة ً.. وإذا أراد أن يعمل حسنة.. فلم يعملها.. فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائةضعف
وأنما يكتبه الكرام الكاتبون.. سيجده الإنسان أمامه يوم القيامة.. يقول ربنا و خالقنا جل جلاله وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُطَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباًيَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَعَلَيْكَ حَسِيباً..يوم القيامة .. يوم الحسرة و الندامة..على من غفل في دنياه عن أمر الله..يوم يقول أهل المعصية يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا.. فاحذر أيها المؤمن..احذر الله.. و عش في رحابه ..و بمعيته..اجعل الله تجاهك ..اجعله معك في كل حين..ينالك رضوانه دنيا و آخرة..
إذا ما خلوتَ الدهر يومًا فلا تقل
خلوتُ ولكن قل عليّ رقيبُ
ولا تحسبـن الله يغفـل ساعــة
ولا أنّ ما تخفيه عنه يغيبُ
فيا ليت أنّ الله يغفر ما مضى
ويأذنْ لنـا في توبةٍ فنتــوب
اللهم تب علينا واجعلنا من عبادك التوابين..اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم..و جد علينا إنك أنت الجواد الكريم..اللهم تب علينا توبة نصوحا.. وافتح علينا من فتوحاتك فتوحا..ونسألك اللهم حسن الفعال ..و صدق المقال.. و سلامة المآل
أقول قولي هذا..و أستغفر الله العظيم الكريم لي و لكم \
الخطبة الثانية :
إن الحمد لله..نحمده حمد الأتقياء الطائعين..و نثني عليه ثناء الشاكرين.. و نسبحه ما لهجت بذكره ألسنة الذاكرين..و نشهد أن لا إله إلا الله..ولي الصالحين..و نشهد أن سيدنا و حبيبنا محمدا رسول الله..المبعوث رحمة للعالمين..صلى الله عليه و على آله و أصحابه و التابعين..وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد.... أيها المؤمنون و المؤمناتُ عبادَ الله ...
إن المؤمن إذا استقر في قلبه أن الله يراه..و أن الله لا تخفى عنه خافية.. و أن الله يعلم ما تخفي الأنفس و تكنّ الصدور.. هذا المؤمن ..لا يغفل عن طاعة الله .. هذا المؤمن يأنس بمعية الله.. هذا المؤمن يخاف الله و يخشاه.. ولذلك ..من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل مؤمن و مؤمنة ..قوله .. اتق الله حيثما كنت... و هذا منهج الصالحين .. و طريق عباد الله المخلصين..
الربيع بن خيثم رحمه الله..و هو تابعي ورع.. و التابعي هو من عاش مع الصحابة ولم ير النبيء صلى الله عليه و سلم..الربيع بن خثيم قال له الصحابي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : يا ربيع والله لو رآك الرسول صلى الله عليه وسلم لأحبك..كان رحمه الله ..حفر تحت سريره حفرة.. ؛ فإذا وجد في قلبه قسوةً..وفي نفسه لهوة.. و في حضوره مع الله غفلة.. نزل في تلك الحفرة ؛ وكان يمثل نفسه أنه قد مات... وندم على ما فات.. وسأل الله الرجعة ..فكان يقول وهو ممدد في الحفرة : رب ارجعون لعلي اعملُ صالحاً فيما تركت.. فيبقى يردد الآية وهو يبكي.. و يرددها وهو يبكي .. ثم يقوم.. فيقول لنفسه..ها قد رجعت يا ربيع..ها أنت في الدنيا يا ربيع.. فاغتنم أيام عمرك يا ربيع.. وإياك أن تنس الله.. وكن دائم الصلة بالله..
اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك، وأسعدنا بتقواك، ومتعنا برؤياك، واجمعنا مع نبيك ومصطفاك ..اللهم اغننا بحلالك عن حرامك.. وبطاعتك عن معصيتك..و بفضلك عمن سواك.. اللهم اغفر لنا ما كان في السر والعلن..و عافنا من المعاصي ما ظهر منها و بطن .. و احفظنا و أهلنا و بلدنا من الفتن..واسترنا بحفظك من الأمراض والمحن.. اللهم و أحيينا في الدنيا مؤمنين طائعين..و توفنا على حسن ختام تائبين..واجعلنا ممن يأخذ كتابه باليمين..واكتبنا يوم الفزع الأكبر من الآمنين.. اللهم اغفر لآبائنا و أمهاتنا..و أحيائنا و أمواتنا..واجعلنا من الصالحين.. برحمتك يا أرحم الراحمين..يا أكرم الأكرمين.. يا خالق الخلق أجمعين..يا غياث المستغيثين..يا أنيس الصالحين.. يا جليس الذاكرين..يا مجيب السائلين..نسألك اللهم عزة و رفعة للإسلام و المسلمين..وذلا و خذلا نا لمن يحارب هذا الدين..و نصرا مؤزرا لإخواننا في العراق و في فلسطين..
اللهم أمنا في دورنا ..ووفق إلى الخير و الصلاح ولاة أمورنا..واجعل اللهم بلدنا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين..و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 24-10-2009, 07:49 PM
  #122
عايض الفهري ابوبندر
عضو ذهبي
 الصورة الرمزية عايض الفهري ابوبندر
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: الرياض
المشاركات: 3,724
عايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الله يجزاك خير

و يجعل عملك هذى في موازين حساناتك

مع أطيب التحيات
__________________

عايض الفهري ابوبندر غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-11-2009, 09:40 AM
  #123
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

حتى لا نفقد النعم التي ننعم بها
الخطبة الأولى
الحمد لله المتوحد في الجلال بكمال الجمال تعظيماً وتكبيراً، والمتفرد بتصريف الأحوال على التفصيل والإجمال تقديراً وتدبيراً، المتعالي بعظمته ومجده، {تَبَارَكَ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَـٰلَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان:1]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اخواني ننعم في هذه الأيام بنعم لا تحصى ولا تعد من امن وايمان وصحة في الأبدان ورغد في العيش وإن تعدوا نعت الله لا تحصوها نعم تأتينا من كل مكان ونحن آمنين مطمئنين ونرى مع ذلك منكرات في صفوف الشباب والشابات من ترك وتأخير للصلوات ومن تبرج ومعاكسات ومن قنوات تبث سموم الغرب وفجورهم على ابنائنا وبناتنا
هذه الجمعة بعنوان حتى لا يغير الله علينا هذه النعم
أيها المسلمون: يقولُ اللهُ تعالى في كتابهِ الكريم: وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون في هاتين الآيتين الكريمتين، يعرضُ القرآنُ الكريم، مثلاً مضروباً، مُسَاقاً للعظةِ والعبرة، لقريةٍ من القرى كانت تنعمُ بأمنٍ واستقرار، وطمأنينةٍ ورغدٍ من العيش، يأتيها رزقُها من كل مكان، لا يعرفُ أهلُها الجوعَ والخوف، ولا الفاقةَ والحرمان، فهم في أوجِ لذاتِهم، وغايةِ سعادتهِم لكنَّ أهلَ القريةِ المغفلين، ظنوا أنَّ ذلك بسببِ حسبهِم ونسبهِم، ومكانتهِم عند الله تعالى، وأنهم يستحقون ذلك لفضلهِم وتميزهِم عند الناس، فتجرأَ المغفلون، تجرءوا على انتهاكِ محارمِ الله، وتجاوزِ حدودهِ سبحانه، مغترينَ بإمهالِ اللهِ لهم، وصبرِه على انحرافهِم وظلمهِم وبغيهِم، فبدلاً من أنْ يشكروا ربهم، ويعترفوا بإحسانِه إليهِم وتفضلِه عليهِم، ويلتزموا حدودَه، ويعرفوا حقوقَه، إذا بهم يتنكرون للمنعِم العظيم، ويتجرءون في سفهٍ وغرور، على العزيزِ الحكيم، الذي يقول: يا عبادي فاتقون ويقول: وإياي فارهبون فماذا كانتْ النتيجة، وما هي النهايةُ والعاقبة، بعد ذلك الإمهالِ، والصبرِ الجميل؟! إنَّ القرآنَ الكريم، يختصرُ العقوبةَ المدمرة، والنهايةَ الموجعة، في كلمتين اثنتين، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون .
إذاً فرغدُ العيش، وسعةُ الرزق، يتحولُ في طرفةِ عين، ولمحةِ بصر، جوعاً يَذهبُ بالعقول، وتتصدعُ له القلوبُ والأكباد، وإذا البطونُ الملأ، والأمعاءُ المتخمة، يتضورُ أصحابُها جوعا، ويصطلون حسرةً وحرمانا، وإذا الأمنُ الذي، كانوا يفاخرون به الدنيا، وينسونَ في عجبٍ وغرور، المتفضلَ به سبحانه، والمنعمَ به جل جلاله، إذا به ينقلبُ رعباً وهلعا، لا يأمن المرءُ على نفسِه وعرضِه فضلاً عن مالهِ وملكه، فانتشر المجرمون والقتلة، يسفكونَ دماءَ الناس، وينتهكونَ أعراضَهم، ويحوزونَ أموالهَم، وأصبح باطنُ الأرض، خيراً من ظاهِرها، في تلك القريةِ البائسةِ المشؤومة.
والقرآنُ الكريم، حين يعرضُ بوضوحٍ وجلاء، مآلَ تلكَ القريةِ، الظالمِ أهلُها، ويقررُ أنَّ ما أصابهَم، هو بسببِ ما اقترفتُه أيديهِم، من التمردِ والجحود، ونكران الجميل، حين يعرضُ القرآنُ ذلكَ كلَّه، فهو إنما يخاطبُنا نحن الحاضرين، ويخاطبُ غيَرنا، حتى يرثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها، يحذرُنا أن نقعَ في ذاتِ الخطأ، الذي وقعوا فيه، فنؤولُ لذاتِ المآلِ الذى آلوا إليه، ولقد ذاقت هذه الأمة، ألوناً من العقوباتِ المدمرةِ، التي يشيبُ من هولهِا الوالدان، ولولا أنَّ الذي سطَّرها في كتبهِم ونَقلَ لنا أخبارَها في مصنفاتِهم، هم أئمةُ الإسلامِ المحققون، كابن كثير والذهبي، وغيرهِما، لظننا ذلك ضرباً من الخيالِ والتهويل.
فإليكم طرفاً، مما حدثَ لهذه الأمة، حينَ كفرتْ بأنعمِ الله، واستجابتْ لداعي الهوى والشيطان، لعلنا نتعظ ونعتبر، ونلجأ إلى ربنا، إذ لا ملجأ من الله إلا إليه.
ذكر ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ خبرَ الطاعون، الذي أصاب، مدينةَ البصرةَ العراقية، قال: فمات في اليومِ الأول سبعون ألفا، وفي اليوم الثاني، إحدى وسبعون ألفا، وفي الثالث ثلاثةٌ وسبعون ألفا، وأصبح الناسُ في اليوم الرابع موتى إلا قليل من آحاد الناس، قال أبو النُفيد، وكان قد أدركَ هذا الطاعون، قال: كنَّا نطوفُ بالقبائلِ وندفنُ الموتى، فلما كثروا لم نقو على الدفن، فكنَّا ندخلُ الدار، وقد مات أهلُها، فنسدُ بابهَا عليهم، وفي أحداثِ سنةِ تسعٍ وأربعين وأربعمائة، من الهجرة، ذكر ابنُ كثيرٍ ـ رحمه الله ـ خبرَ الغلاءِ والجوعِ الذي أصابَ بغداد، بحيث خلتْ أكثرُ الدور، وسُدَّت على أهلِها الأبواب، لموتِهم وفناءِهم، وأكلَ الناسُ الجِيفَ والميتة ،من قلةِ الطعام، ووجُد مع امرأةٍ فخذُ كلبٍ قد أخضَّر، وشَوَى رجلٌ صبيةً فأكلَها، وسقطَ طائرٌ ميت، فاحتوشته خمسةُ أنفس، فاقتسموه وأكلوه، ووردَ كتابٌ من بخارى، أنَّه ماتَ في يومٍ واحد، ثمانيةَ عشرَ ألفَ إنسان، والناسُ يمرون في هذه البلاد، فلا يرون إلا أسواقاً فارغة، وطرقاتٍ خالية، وأبواباً مغلقة، وجاء الخبرُ من أذربيجان، أنَّه لم يسلمْ من تلك البلاد، إلا العددُ اليسير جدا، ووقع وباءٌ بالأهوازِ وما حولها، حتى أطبق على البلاد، وكان أكثرُ سببِ ذلك الجوع، فكان الناسُ يشوونَ الكلاب، ويَنبشونَ القبور، ويشوونَ الموتى ويأكلونهم، وليس للناسِ شغلٌ في الليل والنهار، إلا غسلُ الأمواتِ ودفنُهم، وكان يدفنُ في القبرِ الواحد، العشرونَ والثلاثون، وذكرَ ابنُ كثيرٍ ـ رحمه الله ـ في أحداثِ سنةِ اثنتين وستين وأربعمائةٍ من الهجرة، ما أصابَ بلادَ مصر، من الغلاءِ الشديد، والجوعِ العظيم، حتى أكلوا الجيفَ والميتةَ والكلاب، فكان الكلبُ يباع بخمسةِ دنانير، وماتت الفيلة، فأكلتْ ميتاتُها، وظُهِرَ على رجلٍ يقتلُ الصبيانَ والنساء، ويدفنُ رؤوسَهم وأطرافَهم، ويبيعُ لحومَهم، فقُتلَ وأُكلَ لحمُه، وكانت الأعراب، يقَدَمون بالطعام، يبيعونَه في ظاهرِ البلد، لا يتجاسرون على الدخول، لئلا يُخطفَ ويُنهبَ منهم، وكان لا يجسُر أحدٌ أن يدفنَ ميتَه نهاراً، وإنما يدفنُه ليلاً خُفيةً، لئلا يُنبشَ قبُره فيؤكل، وفي سنةِ ثلاثٍ وتسعين وخمسمائةٍ من الهجرة، ورد كتابٌ من القاضي الفاضل، إلى ابن الزكي يخبُره فيه، أنه في ليلةِ الجمعة، التاسعِ من جمادى الآخرة، أتى عارضٌ ـ يعني سحاب ـ فيه ظلماتٌ متكاثفة، وبروقٌ خاطفة، ورياحٌ عاصفة، فقويَ الجو بها، واشتدَّ هبوبُها، فرجفتْ لها الجدرانُ واصطفقتْ، وتلاقتْ على بعدِها واعتنقتْ، وثار السماء والأرض عجاجا، حتى قيل: إن هذه على هذه قد انطبقت، ولا يحسب إلا أن جهنم، قد سال منها واد ،وعاد منها عادٍ، وزادَ عصفُ الريح، إلى أن أطفأَ سُرجَ النجوم، ومَزَّقت أديَم السماء، فكنا كما قال الله تعالى: يجعلون أصابعهم في آذنهم من الصواعق ويردونَ أيديهَم على أعينهِم من البوارق، لا عاصمَ لخطفِ الأبصار، ولا ملجأ من الَخطْبِ، إلا معاقلُ الاستغفار، وفرَّ الناس، نساءً ورجالاً وأطفالا، ونفروا من دورِهم، خفافاً وثقالا، لا يستطيعونَ حيلةً ولا يهتدون سبيلا، فاعتصموا بالمساجدِ الجامعة، وأذعنوا للنازلة بأعناقٍ خاضعة، وبوجوهٍ عانية، ونفوس عن الأهل والمال سالية، ينظرون من طرفٍ خفي ويتوقعون أيَّ خطبٍ جلي، قد انقطعتْ عن الحياةِ عُلَقُهم، وعميتْ عن النجاةِ طُرُقهم، ووردتْ الأخبار، بأنها قد كُسِرت المراكبُ في البحار، والأشجارُ في القفار، وأتلفتْ خلقاً كثيرا ًمن السُفَّار، (إلى أن قال)، ولا يحسبُ أحدٌ أني أرسلتُ القلمَ محرفاً، والعلم مجوفا، فالأمرُ أعظم، ولكنَّ الله سلم، انتهى كلامه رحمه الله.
أيها المسلمون: إن هذه العقوباتِ المهلكة والكوارثَ المفجعة، ليست ضرباً من الخيال، وليس فيها شيء من التهويلِ والمبالغة، فالله يقول: وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد لكن الذي نشأ، منذُ نعومةِ أظفاره، في بحبوحةٍ من العيش، لم يذقْ مرارةَ الجوع، طرفةَ عين، حريٌ به أن يعجبَ مما سمعَ كلَّ العجب، لكنْ سلوا الآباء والأجداد، الذين اصطلوا بنارِ الجوع، ولهيبِ الظمأ، دهراً طويلا، وارتعدتْ فرائصهُم وقلوبُهم من قطاعِ الطريق، وعصاباتِ السطو، في وضحِ النهار، يتضحُ أنَّه ليسَ في الأمرِ غرابةٌ من قريبٍ أو بعيد، فاعتبروا يا أولي الأبصار.

الخطبة الثانية
أيها المسلمون: فإن للعقوباتِ أسباباً كثيرة، ورد ذكرُ بعضهِا في الكتاب والسنَّة، وجامعُها المعاصي والذنوب، والتكذيب والإعراض، فمن أسبابِ العقوباتِ المدمرة، والفواجعِ المهلكة، إقصاءُ الشريعة، عن الحكمِ والتشريع، أو تطبيقُها على أضيقِ نطاق، مع المنةِ والأذى، والله يتوعدُ الأمة، إن هي فعلتْ ذلك بالخزيِ والنكالِ في الحياةِ الدنيا، ولعذابُ الآخرةِ أشدُ وأبقى أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون .
ومن أسبابِ العقوبات في الدنيا قبلَ الآخرة، إشاعةُ الفاحشةِ في الذين آمنوا، وفي ذلك يقولُ ربنا جل جلالهإ: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ومن إشاعةِ الفاحشة، الدعوةُ للاختلاط ونزعِ الحجاب، وعرضُ الفساد والفنِ الرخيص، وبثُ السمومِ والأفكارِ المستوردة، مما لا يتسعُ المقام لسرده، وفي الأثر: "وما أعلن قومٌ الفاحشة، إلا عمتهم الأوجاعُ والأسقامُ التي لم تكن في أسلافهم".
ومن أسبابِ العقوبات، منعُ الزكاة، تلك التي لو قامَ أثرياءُ المسلمين بأدائها، لما وجدتَ بين المسلمين فقيرا ولا محتاجا، واسمع إلى عقوبةِ الأمة، حين تبخل بزكاةِ أموالِها، قال عليه الصلاة والسلام: ((وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطرَ من السماء، ولولا البهائمْ لم يمطروا))، وقد يستخفُ أقوامٌ، بهذه العقوبة ويستطرفونها لأنهم اعتادوا تدفقَ المياهِ ووفرتَها في بيوتِهم، لكنهم لو قلبوا النظر يمنةً ويسرة، في البلادِ التي أصابَها القحطُ والجفاف، لعلموا أنهم كانوا واهمين، وعن الصراط لناكبين.
ومن أسبابِ العقوبات كذلك: موالاةُ الكفارِ والتقربُ إليهم بالمودةِ والمحبة، وقد وضح القرآنُ الكريم أنه لا يتولى الكفار، ويتقرب إليهم إلا منافق ظاهر النفاق قال تعالى: بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليماً الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً وقد حدثنا التاريخ عن عقوباتٍ حصلتْ لبعض الأمم التي والتِ الكافرين، كما حصل في بلادِ الأندلس عندما وإلى أمراءُ الطوائفِ النصارى، فنفض الصليبيون البساطَ من تحتِ أقدامهِم، وألقوا بهم في مزبلةِ التاريخ، وأصبحتْ هذه البلاد.. حسرةً في نفسِ كلِ مسلم، حين يذكرُ ما فيها من حضارةٍ وآثارٍ للمسلمين، ثم يذكرُ أولئكَ الأوباش، الذين أضاعوا ذلك الفردوس المفقود، بسبب ولائهم لأعداء الله وأعداء الإسلام والمسلمين.
ومن أسبابِ العقوبات كذلك، تركُ الأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر، والذي بتركهِ تستفحلُ الفاحشة، وتعمُ الرذيلة، ويستطيلُ الشر، وتخربُ البلادُ والعباد، واسمع لعقوبةِ الأمة، حين تتخلى عن فريضةِ الأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر، ففي المسندِ وغيرهِ من حديثِ حذيفةَ رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: ((والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليبعثن الله عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم)) ألا فضّ الله أفواهاً، وأخرس ألسناً، تريدُ لهذهِ الفريضةِ أن تموت.
ومن أسبابِ العقوباتِ كذلك، انتشارُ الظالمِ في المجتمع، وغيابُ العدلِ فيه، فيأكلُ القويُ الضعيف، وينهبُ الغنيُ الفقير، ويتسلطُ صاحبُ الجاهِ والمكانة على المسالِم المسكين، وحين تسودُ هذه الأخلاقُ الذميمة، والخصالُ المنكرة، ولا تجدُ من يقولُ للظالِم: أنتَ ظالم، فقد آن أوانُ العقوبة، واقتربَ أجلُها لو كانوا يفقهون. فعند الترمذي وأبي داود قال عليه الصلاة والسلام: ((إن الناسَ إذا رأوا الظالم، فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقابٍ منه)).
ومن أسبابِ العقوبات، فشو الربا وانتشارُه، حيث تعاطاه الكثيرون، وأَلِفه الأكثرون، وقل له الناكرون، واللهُ يقول: يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ويقول سبحانه: يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم وذهابُ بركةِ المال، ومحقُ عائدهِ ونتاجهِ ملموسٌ مشاهد، يعترفُ به المرابون، ضمناً وتصريحا، والعالمُ الإسلامي اليوم، يعاني الأزماتِ الاقتصاديةَ الخانقة لتورطهِ بتعاطي الربا، وإعراضِه عن الشرعِ المطهر، واستخفافِه بالوعيدِ الإلهي لأكلةِ الربا، ومدمنيه.
ومن أسبابِ العقوباتِ كذلك، ظهور المعازف وشرب الخمور، وقد انتشر الغناء بين الناس حتى عد أمرا معروفا، واستمع يا رعاك الله إلى العقوبة المتعودة لأهله، قال عليه الصلاة والسلام: ((في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف)) فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله! ومتى ذلك؟ قال: ((إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور)).
أيها المسلمون: أسبابُ العقوباتِ كثيرة، والموضوعُ متشعبٌ وطويل، لكنْ في الإشارةِ ما يُغني عن العبارة، وما لا يُدرك كلُه، لا يتُرك جُله
صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-11-2009, 01:15 PM
  #124
مبارك الحيان السنحاني
عضو
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 31
مبارك الحيان السنحاني is on a distinguished road
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

بارك الله فيك

وجزاك الله خير الجزا

أحب الصالحين ولست منهم
لعلي أ ن أنال بصحبتهم شفاع
مبارك الحيان السنحاني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 05-11-2009, 02:33 PM
  #125
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت



خطبة هذه الجمعة عن الصبر
الخطبة الأولى

الحمد لله المتوحد في الجلال بكمال الجمال تعظيماً وتكبيراً، والمتفرد بتصريف الأحوال على التفصيل والإجمال تقديراً وتدبيراً، المتعالي بعظمته ومجده، {تَبَارَكَ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَـٰلَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان:1]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله بإتباع أوامره وإجتناب مساخطه ونواهيه، واقتدوا في ذلك بنبيه .
عباد الله: إن العبد في هذه الحياة الدنيا معرض للوقوع الخير والشر لامحالة، فالحياة الدنيا بين الخوف والرجاء والسرور والحزن والضحك والبكاء الإجتماع والفرقة اليسر والعسر وموت وحياة، لايملك المرء التحكم في شيء منها، بل عليه إن كان مؤمناً أن يفوض الأمر إلى المتصرف فيه ويسلم لأقدار الله الجارية عليه.

وإن الله تعالى بين ذلك في كتابه وعلى لسان رسوله ليوطن عباده على الصبر والتحمل والاعتصام بمفرج الكربات المعطي للصابرين أعلى المثوبات حيث وعدهم الخلود في روضات الجنان قال الله تعالى: ولنبولنكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون .

إلا فتعزى وأبشر أيها المؤمن المصاب، وإن المؤمن مصاب ومرزأ دائماً، ولكن هذه تسلية من الله لعباده بمصابهم الذي لاحول لهم ولاقوة في رده، والذي لم يخص به فئة دون أخرى من عباده.

فعند المصيبة يا عبد الله: ماعليك إلا الصبر والإسترجاع بقولك: إنا الله وإنا إليه راجعون، فإذا فعلت ذلك فأبشر بالصلاة من الله تعالى والرحمة والهداية والعوض عن مصابك روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((مايصيب المؤمن من وصب ولانصب ولاسقم ولاحزن حتى الهم يهمه إلا كفر من سيئاته)) وإن أعظم المصائب المصيبة في الدين كما جاء في الأثر عن عطاء بن ابي رباح قال: قال رسول الله : ((إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي، فإنها من أعظم المصائب))ذكره القرطبي عن مسند السمرقندي قال أبو عمر بن عبدالبر: وصدق رسول الله لأن المصيبة به أعظم من كل مصيبة يصاب بها المسلم بعده إلى يوم القيامة، انقطع الوحي وماتت النبوة، وكان أول ظهور الشر بإرتداد العرب وغير ذلك، وكان أول انقطاع الخير وأول نقصانه.

قال ابو سعيد: ما نفضنا أيدينا من التراب من قبر رسول الله حتى أنكرنا قلوبنا.

عباد الله إن العاقل لايجمع على نفسه مصيبتان في آن واحد، فيجزع ويرتكب المنهيات عند حلول المصيبات، فيضيع على نفسه ثواب الصابرين وأجر المتصبرين، وإنها خسارة عظيمة ومصيبة أخرى، روى ابن ماجة من حديث الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((من أصيب بمصيبة فذكر مصيبته فأحدث استرجاعاً وإن تقادم عهدها كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب)).

اصبـر لكـل مصيبـة وتجلد واعلم بأن المرء غير مخلد

أو مـا تـرى أن المصائب جمة وترى المنية للعباد بمرصد

من لم يصب ممن ترى بمصيبة هذا سبيل لست فيـه بآخـذ

فإذا ذكـرت محمـداً ومصابـه فأذكر مصابك بالنبي محمد

صدق أبو العتاهية: رحمه الله.

والله أصدق القائلين فقال جل من قائل عليماً: كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون .

اقو ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
.




الخطبة الثانية



الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة.

أما بعد:

فعليكم بتقوى الله عباد الله، فإنها حصن حصين وحرز منيع، فاتقوا الله في الرخاء والشدة في السراء والضراء، واعلموا أنكم خلق من خلق الله يتصرف فيكم كيف يشاء خلقاً وأماتة سعة وتفقيراً فقراً وغنىً حزناً وسروراً جمعاً وفرقة، هو الفعال لما يريد لامرد لأمره ولامعقب لقوله وفعله، ولكنه بمنه وكرمه يبين لعباده سبل النجاة مما ابتلاهم به من الخير والشر في كتابه وعلى لسان خاتم أنبيائه محمد ، فما على المسلم إلا أن يتعلم من الوحي ويتبع الهدي المحمدي، فيفوز في الدارين قال تعالى: واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون ، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب .

عباد الله: وإن من أنواع الصبر الصوم لما فيه من التصبر على طاعة الله والصبر على أقدار الله وترك محبوبات النفس وشهواتها، كصيام الايام البيض والاثنين والخميس فكل يوم تصومه يباعد الله به النار عن وجهك سبعين خريفا
عباد الله صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه

__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 05-11-2009 الساعة 02:38 PM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-11-2009, 09:51 AM
  #126
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت


عنوان هذه الخطبةإ ِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لّلْعَـٰلَمِينَ
الخطبة الأولى

ن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله وصفيه وخليله وأمينه على وحيه وسفيره إلى عباده، أرسله الله عز وجل بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وهدى به من الضلالة وعلم به بعد الجهالة، فصلى الله عليه وآله الطيبين وذرياته وأزواجه الطاهرين، وارض اللهم عن أصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله اوصيكم ونفسي بتقوى الله

قال الله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لّلْعَـٰلَمِينَ فِيهِ ءايَـٰتٌ بَيّـنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ [آل عمران:96-97]. إخواني في الله: يخبر الله عز وجل في هذه الآية الكريمة أن أول بيت وضع في الأرض للعبادة هو بيت الله الحرام، ففي الصحيحين من حديث أبي ذر أنه قال: قلت: يا رسول الله أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: ((الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ)) قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ((الْمَسْجِدُ الأَقْصَى)) قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: ((أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ)).
يحسن بنا قبل ان نتكلم عن الحج ، أن نذكر بمن بناه، وبتلك القصة التي أخذت حيزاً كبيراً في كتب الحديث، ألا وهي قصة إبراهيم وإسماعيل وأمه هاجر عليهم الصلاة والسلام، لنقف من خلالها على بعض الحقائق التي ربما غابت عن البعض ونسيها البعض، فأقول وبالله التوفيق:
أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا -والمنطق ما يشد به الوسط- لَتُعَفِّيَ -لتخفي وتمحو- أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ، عِنْدَ دَوْحَةٍ -شجرة كبيرة- فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ-مكان المسجد- وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا -ولى راجعاً إلى الشام- فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ؟!! فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ-أي عند مكان مرتفع- حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ حَتَّى بَلَغَ يَشْكُرُونَ [إبراهيم 37]، وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ -يتقلب على ظهره وبطنه ويتمرغ في الأرض كالذي ينازع من شدة العطش- فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ -وهو عميق يومها- تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ، رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ، حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ : ((فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا)) فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ: صَهٍ تُرِيدُ نَفْسَهَا- كأنها خاطبت نفسها فقالت لها: اسكتي- ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ -أغثني إن كان عندك خير- فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ -جبريل عليه السلام- عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ -أي بمؤخر قدمه- أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ، حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ -أي تجعله مثل الحوض- وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ : ((يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ)) -أَوْ قَالَ: ((لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ- لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا)) -أي لكانت زمزم ماء ظاهراً جارياً على وجه الأرض-.
قَال:َ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ: لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ-أي لا تخافوا الهلاك- ثم قال لها جبريل: فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ، وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ. - فَكَانَتْ هاجر كَذَلِكَ -يعني تتغذى بماء زمزم فيكفيها عن الطعام والشراب- حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ -أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ- مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا -يعني يحوم على الماء- فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ -يعني رسولاً لأنه يجري مسرعاً- فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا، قَالَ: وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ : فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ، فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلَامُ -إسماعيل- وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ - يعني رغبوا في مصاهرته لنفاسته عندهم- وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ -بلغ- زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ. - فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ -أي ما تركه بمكة- فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا-أي يصطاد لنا- ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ: يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ، كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، -كالمستخفة بشأنه- فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ، قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَال:َ ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا.
وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى. - فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ: اللَّحْمُ، قَالَ: فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ: الْمَاءُ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ، قَالَ النَّبِيُّ : وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ، قَالَ: فَهُمَا -أي اللحم والماء- لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ، وتفسره رواية أبي جهم (ليس أحد يخلو على اللحم والماء بغير مكة إلا اشتكى بطنه) [وفي حديث عطاء بن السائب]: فقالت: انزل رحمك الله فأطعم واشرب، قال: إني لا أستطيع النزول، قالت: فإني أراك أشعث أفلا أغسل رأسك وأدهنه؟ قال: بلى إن شئت، فجاءته بالمقام وهو يومئذ أبيض مثل المهاة، وكان في بيت إسماعيل ملقى، فوضع قدمه اليمنى، وقدم شق رأسه، وهو على دابته، فغسلت شق رأسه الأيمن، فلما فرغ حولت له المقام حتى وضع قدمه اليسرى، وقدم إليها رأسه، فغسلت شق رأسه الأيسر). - وروى الفاكهي عن ابن عباس سبب عدم نزول إبراهيم عليه السلام عن دابته فقال: إن سارة داخلتها غيرة، فقال لها إبراهيم: (لا أنزل حتى أرجع إليك) لذلك لم ينزل.
نرجع إلى حديث ابن عباس قَالَ: (فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ -وجد ريح أبيه- فقَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي: كَيْفَ عَيْشُنَا؟ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ، قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ. - ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ -شجرة- قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ، وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ، قَالَ: وَتُعِينُنِي؟!! قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ -أي هضبة- مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا [وكان عمر إبراهيم يومئذ مائة سنة، وعمر إسماعيل ثلاثين سنة].
قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ، جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَهُمَا يَقُولَانِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ [البقرة:127]. قَالَ: فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولاَنِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ [البقرة:127].
وأقام إبراهيم البناء ورفعه هو وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، إلا موضع الحجر، فقال إبراهيم: يا بني، اذهب وائتني بحجر لنتم البناء، فانطلق إسماعيل بعدما جاء بحجر أول فقام إبراهيم عليه، فغاصت قدماه فيه ليثبته الله، وهذا هو المقام كما حقق ذلك الإمام البخاري.
المقام: هو الحجر الذي قام إبراهيم عليه ليعلي البناء وليتمه، فلما أتم إبراهيم البناء ظل هذا المقام هكذا لصيقاً بالكعبة حتى عهد الرسول بل وفي عهد الصديق أيضاً، فلما جاء عمر بن الخطاب الملهم، ليطوف بالبيت، رأى أن المقام يعوق حركة الطواف، فأخره إلى الموضع الذي ترونه فيه الآن.
إذاً فلما أنهى إبراهيم البناء قال لإسماعيل: ائتني بحجر لنتم البناء، فانطلق إسماعيل ليأتي أباه بحجر، ثم عاد فوجد حجراً ليس من جنس حجارة الكعبة، فقال إسماعيل لأبيه: من الذي جاءك بهذا الحجر؟ قال إبراهيم: جاءني به من لم يعتمد على بنائي وبنائك، جاءني به جبريل من السماء) والحديث رواه ابن أبي شيبة والحاكم في المستدرك وابن أبي حاتم وابن جرير الطبري، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في كتاب الحج: إسناده قوي من حديث علي رضي الله عنه.
فلما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء الكعبة جاء جبريل فأراه المناسك كلها، ثم قال الله عز وجل له: أذن في الناس بالحج، قال: يا رب وما يبلغ صوتي؟ قال: أذّن وعلي البلاغ، قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض، أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون.
وروى الفاكهي بإسناد صحيح من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: (قام إبراهيم على الحَجر فقال: يا أيها الناس كتب عليكم الحج، فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فأجابه من آمن ومن كان سبق في علم الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك).
وهكذا أسمع الله كل أحد صوت إبراهيم، ونداء خليله إبراهيم، واستمع لقوله تعالى حكاية عن خليله إبراهيم عليه السلام: رَّبَّنَا إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلوٰةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مّنَ ٱلثَّمَرٰتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [سورة إبراهيم 37].
وهكذا أخي في الله أنت تلبي: لبيك اللهم لبيك، أي ها أنذا ألبي نداء خليلك إبراهيم، والسعيد من لبي، والشقي من أبى، أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل السعادة، وأن ييسر لنا ولكم حج بيته الحرام، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
إخواني في الله: وفي هذه الأيام المباركة يستعد الملايين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، يستعدون ويشدون الرحال إلى البيت العتيق إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، مستجيبين لأمر الله تعالى، وملبين نداء خليل الرحمن عليه السلام، فهيا عباد الله أجيبوا الداعي ولبوا الدعوة، وقولوا: (لبيك اللهم لبيك..) ولا يستهوينكم الشيطان وتقولوا: غداً وبعد غد، فإن أحدنا لا يدري إذا جن ليل هل يعيش إلى الفجر، قال الله تعالى: وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت سورة لقمان.
فليبادر إلى حج بيت الله الحرام من لم يحج بعد، قبل أن يموت فيندم في ساعة لا ينفعه فيها الندم.
أخي في الله: استمع معي لهذا الحديث الذي يسكب الطمأنينة في القلوب القلقة، التي تظن أن النفقة التي تنفق في الحج تقلل المال وتفقر صاحبها، ففي سنن الترمذي بسند حسن صحيح أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : ((تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ)).
الله أكبر ما أعظمه من بشارة، فلا تظن أخي أن آلاف الدولارات التي تنفقها اليوم على الحج -لا تظن- أن الله لا يعوضها عليك بل يعوضها وأضعافها، فقد أخبرنا عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث بأن متابعة الحج والعمرة لا تنفي الذنوب فحسب بل تنفي الفقر أيضاً، لذلك كان الفقير حقاً من حبس نفسه عن حج بيت الله الحرام بخلاً بماله عن طاعة ربه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا وللبيت الحرام والمسجد الحرام مزايا ليست لغيره من بقاع الأرض منها:
1 - أن الشرع أجاز لنا شد الرحال وقصد السفر إليه، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي قال: ((لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى)).
2 - أن الصلاة الواحدة فيه بمائة ألف صلاة، فأي فضل وأي نعمة أعظم من هذا، فاحمدوا الله على ذلك، ففي صحيح سنن ابن ماجه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله قال: ((صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ)) فلا تحرم نفسك أخي من هذا الأجر العظيم والثواب الكبير.
3 - أن من دخله كان آمناً، قال الله تعالى: وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ [آل عمران:97].
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، أن يوفقنا وإياكم لحج بيته الحرام، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين. لك الحمد ربنا على جزيل عطائك، ولك الحمد على قدسية ذاتك، وعظمة جلالك. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، فهو الذي خلق وفرق،وهو الذي لطف ورزق، وهو الذي بيده النفع والضر، وهو الذي يحيى ويميت، منه المبتدى وإليه المنتهى. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله.أرسله رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً: {وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً} [الأحزاب:46]. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه على ملته وحملة لواء دعوته إلى يوم الدين
ثم اما بعد

قال تعالى : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لّلْعَـٰلَمِينَ فِيهِ ءايَـٰتٌ بَيّـنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً [آل عمران:96-97].
فوصفه بأنه أول بيت وضع في الأرض للعبادة، ولا شك أن النفوس عادة تشتاق وتتمنى زيارة مثل هذه الأماكن، كما هو حال الناس اليوم في زيارة الأماكن الأثرية القديمة.
ووصفه أيضاً بأنه مبارك، والبركة كثرة الخير ودوامه، وليس في بيوت العالم أبرك، ولا أكثر خيراً، ولا أدوم، ولا أنفع للخلائق منه.
ووصفه بأنه هدى، وأتى بالمصدر نفسه مبالغة، حتى كأنه هو نفس الهدى. –
ثم عمم هذا الهدى فقال: وَهُدًى لّلْعَـٰلَمِينَ - ثم وصفه بما تضمن من الآيات البينات التي تزيد على أربعين آية فقال: فِيهِ ءايَـٰتٌ بَيّـنَـٰتٌ . ثم وصفه بالأمن لداخله، وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً . وفي وصفه بهذه الصفات دون إيجاب قصده ما يبعث النفوس على حجه، وإن بعدت بالزائرين الديار، وتناءت بهم الأقطار.
ثم أتبع ذلك بصريح الوجوب المؤكد بتلك التأكيدات السابقة، وهذا يدلك أخي على الاعتناء منه سبحانه وتعالى بهذا البيت العظيم، والتنويه بذكره، والتعظيم لشأنه، والرفعة من قدره. ولو لم يكن للبيت شرف إلا أن الله أضافه لنفسه جل وعلا بقوله: وَطَهّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْقَائِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ [الحج:26]. لكفى بهذه الإضافة فضلاً وشرفاً، وهذه الإضافة هي التي أقبلت بقلوب العاملين إليه، وسلبت نفوسهم حباً له وشوقاً إلى رؤيته، فهو المثابة للمحبين وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لّلنَّاسِ [البقرة:125]. يثوبون إليه ولا يقضون منه وطراً أبداً، كلما ازدادوا له زيارة ازدادوا له حباً وإليه اشتياقاً.وليس الحج مكانا للشعارات والهتافات والشغب والمظاهرات
أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا وإياكم لحج بيته الحرام إنه ولي ذلك والقادر عليه وفي نهاية الخطبة احب ان انوه إلى من أرد ان يضحي ان لايأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئا أما المضحى عنه فله ان يحلق ويقصر وتمتشط المرأة
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 13-11-2009 الساعة 06:41 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 13-11-2009, 06:04 AM
  #127
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

خطبة في عشر ذي الحجة والترغيب في الحج هذه الخطبة تكون في الجمعة المقبلةال2/12

الحمد لله، الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادّون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، أحمده سبحانه استتماماً لنعمته، واستسلاما لعزته، واستعصاما من معصيته، وأستعينه فاقةً إلى كفايته، إنه لا يضل من هداه، ولا يئل من عاداه، ولا يفتقر من كفاه، له الحمد فرض علينا حج بيته الحرام، الذي جعله قبلة للأنام، يردونه رجالاً وركباناً كل عام، ويألهون إليه ولوه الحمام، جعله سبحانه علامةً لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزته، فاختار من خلقه سُمَّاعاً أجابوا إليه دعوته، وصدقوا كلمته، ووقفوا موقف أنبيائه، يُحرزون الأرباح في متجر عبادته، ويتبادرون عند موعد مغفرته، جعله سبحانه وتعالى للإسلام علما، وللقاصدين حرما، فرض حجه، وأوجب حقه، وكتب علينا وفادته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نتمسك بها أبدا ما أبقانا، وندخرنا لأهاويل ما يلقانا، فإنها عزيمة الإيمان، وفاتحة الإحسان، ومرضاة الرحمن، ومدحرة الشيطان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالدين المشهور، والعلم المأثور، والكتاب المسطور، والنور الساطع، والضياء اللامع، والأمر الصادع. إزاحةً للشبهات، واحتجاجاً بالبينات، وتحذيراً بالآيات، وتخويفاً بالمثلات، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً. الله أكبر عدد ما ذكره الحاجون وبكوا، والله أكبر عدد ما طافوا بالبيت الحرام وسعوا، الله أكبر عدد ما زهرت النجوم، وتلاحمت الغيوم، والله أكبر عدد ما أمطرت السماء، وعدد ما غسق واقب أو لاح ضياء، الله أكبر عدد خلقه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر كبيراً
اوصيكم ونفسي بتقوى الله واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

ثم أما بعد:

عباد الله: إخوانكم في هذه الأيام يستعدون لعقد الإحرام، ويقصدون البيت الحرام، ويملأوا الفضاء بالتلبية والتكبير والتهليل والتحميد والإعظام.

تلبية لنداء إبراهيم عليه السلام: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم لقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق [الحج:27].

ولقوله عز وجل: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا [آل عمران:97].

ولقوله عز وجل: وأتموا الحج والعمرة لله [البقرة:19].

وقال : ((بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا)) رواه البخاري ومسلم

وقد ورد في فضيلة هذه العبادة أحاديث كثيرة منها ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة قال: ((سئل رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: ((إيمان بالله ورسوله)) قيل: ثم ماذا؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حج مبرور)) وعنه قال: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)رواه البخاري وابن ماجه. وعنه قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))رواه البخاري ومسلم. وعن عائشة قالت: ((قلت يا رسول الله: نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال لكن أفضل الجهاد، حج مبرور))رواه البخاري واحمد.

والحج المبرور عباد الله يشتمل على أمور:

منها: الإحسان إلى الناس بجميع وجوه الإحسان، ففي صحيح مسلم أن النبي سئل عن البر فقال: ((حسن الخلق))رواه مسلم.

وكان ابن عمر ينشد:

بُنَيّ إن أبر شيء هين وجه طليق ولسان لين

والإحسان إلى الناس في الحج بالقول والفعل يحتاج إليه كثيرا في السفر، وفي المسند عن جابر عن النبي قال: ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة قالوا: وما بر الحج يا رسول الله؟ قال: إطعام الطعام وإفشاء السلام))رواه الطبراني.

وقالوا: البر هو فعل الطاعات كلها وضده الإثم.

قال الله تعالى: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب [البقرة :177].

وكلها يحتاج إليها الحاج، فلا يصح الحج بدون الإيمان، ولا يكون مبرورا بدون إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فأركان الإسلام مرتبط بعضها ببعض.

ومن أعظم أنواع البر عباد الله كثرة ذكر الله تعالى فيه، قال : ((أفضل الحج العج والثج))رواه الدارمي وقال الآلباني حديث حسن.

والعج هو رفع الصوت بالتلبية والذكر، والثج إراقة دماء الهدايا والنسك ومن أنواع البر في الحج كذلك عباد الله استحسان الهدي واستسمانها واستعظامها. قال الله عز وجل: والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير [الحج:36]. وقال: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [الحج:32]. وقد أهدى النبي في حجة الوداع مائة بدنة.

ومن بر الحج كذلك عباد الله اجتناب أفعال الإثم كلها، من الرفث والفسوق والمعاصي، قال الله عز وجل: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج [البقرة:197].

وقال : ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه))رواه البخاري وأحمد والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة .

ومن بر الحج كذلك عباد الله أن يطيب العبد نفقته، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.

إذا حججت بمال أصله سحت فما حججت ولكن حجت العير

لا يقبل الله إلا كل طيبة ما كل من حج بيت الله مبرور

ومن بر الحج كذلك عباد الله أن لا يقصد العبد بحجه رياء ولا سمعة، ولا مباهاة ولا فخرا، ولا خيلاء، ولا يقصد به إلا وجه ربه ورضوانه، ويتواضع في حجه، ويستكين ويخشع لربه.

قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما: ما أكثر الحاج! قال: ما أقلهم. وقيل: الركب كثير والحاج قليل.

والحج فريضة العمر - عباد الله – روى مسلم عن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله فقال: ((أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا، فقال رجل أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا. فقال رسول الله : لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم، ثم قال ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منها ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه))رواه مسلم.

والحج واجب عباد الله مع الاستطاعة لقول الله عز وجل: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا [آل عمران:97]. وحد الاستطاعة أن يملك المسلم ما يوصله إلى البيت الحرام، مع نفقته ونفقة أهله حتى يرجع.

واختلف العلماء هل هذا الوجوب على سبيل الفور أو التراخي؟ فقال الشافعي وأصحابه: إنه على التراخي، وقال الإمام أحمد وأصحاب أبي حنيفة: إنه على الفور، وللإمام مالك قولان مشهوران.

والراجح من حيث الدليل أنه على الفور، أي إن العبد إذا ملك حد الاستطاعة، ينبغي عليه أن يحج بيت الله الحرام.

والأدلة على ذلك من كتاب الله عز وجل قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين [آل عمران:133]. وقوله عز وجل: سابقوا إلى مغفرة من ربكم [الحديد:21].

ولا شك أن المسارعة والمسابقة كلتاهما على الفور.

كذلك حذرنا الله عز وجل من اقتراب الأجل ونحن لا نشعر، فقال عز وجل: أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم [الأعراف:185].

ففي هذه الآية أنه يجب على الإنسان أن يبادر إلى امتثال الأمر خشية أن يعاجل العبد الموت وهو لا يدري.

وقد دلت السنة كذلك، بمجموعة أحاديث تصل بمجموعها إلى درجة الاحتجاج، فمن ذلك ما رواه ابن عباس عن الفضل أو أحدهما عن الآخر قال: قال رسول الله : ((من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة))رواه أحمد والبيهقي وصححه عبد الحق في الأحكام.

وعن عمر بن الخطاب قال: ((لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار، فتنظر كل من كانت له جدة، ولم يحج فيضربوا عليه الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين)).

وكما دلت أدلة الشرع على وجوب الحج على الفور، فكم من إنسان يظن أنه يبقى سنين طويلة، ويخترمه الموت فجأة.

كما قال الله عز وجل: وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم [الأعراف:185].

سبحان من جعل بيته الحرام مثابة للناس وأمنا، يترددون إليه ولا يرون أنهم قضوا منه وطرا، لما أضاف الله تعالى ذلك البيت إلى نفسه، ونسبه إليه بقوله عز وجل لخليله إبراهيم: وطهر بيتي للطائفين [الحج:26]، تعلقت قلوب المحبين ببيت محبوبهم، فكلما ذكر لهم ذلك البيت حنوا، وكلما تذكروا بعدهم عنه أنوا.
اقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين. لك الحمد ربنا على جزيل عطائك، ولك الحمد على قدسية ذاتك، وعظمة جلالك. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، فهو الذي خلق وفرق،وهو الذي لطف ورزق، وهو الذي بيده النفع والضر، وهو الذي يحيى ويميت، منه المبتدى وإليه المنتهى. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله.أرسله رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً: {وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً} [الأحزاب:46]. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه على ملته وحملة لواء دعوته إلى يوم الدين
ثم اما بعد

يحق لمن رأى الواصلين وهو منقطع أن يقلق، ولمن شاهد السائرين إلى دار الأحبة وهو قاعد أن يحزن.

ألا قل لزوار دار الحبيب هنيئا لكم في الجنان الخلود

أفيضوا علينا من الماء فيضا فنحن عطاش وأنتم ورود

لئن ساروا وقعدنا، وقربوا وبعدنا، فما يؤمننا أن نكون ممن كره الله انبعاثهم فثبطهم، و قيل اقعدوا مع القاعدين.

لله در ركائب سارت بهم تطوي القفار الشاسعات على الدجى

رحلوا إلى البيت الحرام وقد شجا قلب المتيم منهم ما قد شجا

نزلوا بباب لا يخيب نزيله وقلوبهم بين المخافة والرجا

على أن المتخلف لعذر، شريك للسائر في الأجر، كما قال النبي للصحابة وهو راجع من غزوة تبوك: ((إن بالمدينة

أقواما، ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم خلفهم العذر)).

يا سائرين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا

إنا أقمنا على عذر وقد راحوا ومن أقام على عذر كمن راحا

لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادر على مشاهدته في كل عام، فرض الله عز وجل على المستطيع الحج مرة واحدة في العمر، وجعل موسم العشر مشتركا بين السائرين والقاعدين، فمن عجز عن الحج في عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج، روى البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام)) يعني أيام العشر. ((فقالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء))رواه البخاري وأحمد وأبو داود وابن ماجة عن أنس ورواه مسلم وابن ماجة عن جابر .

وهذا الحديث يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالفاضل في غيره ويزيد عليه.

فيستحب الإكثار من العبادات كلها في أيام العشر، كذكر الله عز وجل، والصلاة، والصيام، والصدقة، والجمهور على أن عشر ذي الحجة هي المقصودة بقول الله عز وجل: والفجر وليال عشر [الفجر:1].

وكان السلف يعظمون ثلاثة أعشار، عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان، والعشر الأول من شهر الله المحرم.

ودل على استحباب كثرة الذكر في أيام العشر قوله عز وجل: ويذكروا اسم الله في أيام معلومات [الحج:28].

فإن الأيام المعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء، ومن أيام العشر يوم عرفة، وهو عيد أهل الموقف، وفيه أكمل الله عز وجل للمسلمين دينهم، فنزلت: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا [المائدة:3].

وهو يوم مغفرة الذنوب، والتجاوز عنها، والعتق من النار، والمباهاة بأهل الموقف، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي قال: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول ما أراد هؤلاء))رواه مسلم.

ويستحب صيام يوم عرفة لأهل الأمصار، ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة عن النبي قال: ((صيام يوم عرفة أحتسب على الله، أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده)) رواه مسلم.

ويستحب لأهل الموقف الإفطار لأنهم ضيوف الرحمن والكريم لا يجوّع أضيافه.

اللهم وفق إخواننا زوار بيتك الحرام لحج مبرور.

اللهم اجعله حجا مبرورا.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا.
صلوا وسلموات على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 13-11-2009 الساعة 06:19 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 19-11-2009, 07:49 PM
  #128
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت


خطبة عن الحج

الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادّون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، أحمده سبحانه استتماماً لنعمته، واستسلاما لعزته، واستعصاما من معصيته، وأستعينه فاقةً إلى كفايته، إنه لا يضل من هداه، ولا يئل من عاداه، ولا يفتقر من كفاه، له الحمد فرض علينا حج بيته الحرام، الذي جعله قبلة للأنام، يردونه رجالاً وركباناً كل عام، ويألهون إليه ولوه الحمام، جعله سبحانه علامةً لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزته، فاختار من خلقه سُمَّاعاً أجابوا إليه دعوته، وصدقوا كلمته، ووقفوا موقف أنبيائه، يُحرزون الأرباح في متجر عبادته، ويتبادرون عند موعد مغفرته، جعله سبحانه وتعالى للإسلام علما، وللقاصدين حرما، فرض حجه، وأوجب حقه، وكتب علينا وفادته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نتمسك بها أبدا ما أبقانا، وندخرنا لأهاويل ما يلقانا، فإنها عزيمة الإيمان، وفاتحة الإحسان، ومرضاة الرحمن، ومدحرة الشيطان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالدين المشهور، والعلم المأثور، والكتاب المسطور، والنور الساطع، والضياء اللامع، والأمر الصادع. إزاحةً للشبهات، واحتجاجاً بالبينات، وتحذيراً بالآيات، وتخويفاً بالمثلات، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً. الله أكبر عدد ما ذكره الحاجون وبكوا، والله أكبر عدد ما طافوا بالبيت الحرام وسعوا، الله أكبر عدد ما زهرت النجوم، وتلاحمت الغيوم، والله أكبر عدد ما أمطرت السماء، وعدد ما غسق واقب أو لاح ضياء، الله أكبر عدد خلقه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر كبيراً.




أما بعد:

أحبتي في الله: الدين الإسلامي أعم الأديان سعادة وهناء، وأكثرها ملاءمة للطبائع البشرية، وأعظمها صلاحية للإنسان في كل زمان ومكان، فهو دين العقيدة والإيمان، دين الفضائل والأخلاق، يُحق الحق، ويبطل الباطل، ولو كره الكافرون. هُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ [الصف:9].

وإن هذا الدين قد أسس على أركان قوية يشد بعضها بعضاً، وإن من أركانه العظيمة الحج، الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام وَأَذّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلّ فَجّ عَميِقٍ لّيَشْهَدُواْ مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ٱلاْنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَائِسَ ٱلْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ ذٰلِكَ وَمَن يُعَظّمْ حُرُمَـٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبّهِ [الحج:27-30].

والحج رحلة قدسية مباركة يقضي فيها المؤمن أوقاته في عبادة وذكر ودعاء، وتسمو فيها روحه في عالم من الطهر والصفاء والنقاء، فيعود الحاج من هذا الركن، وقد تطهرت روحه، وهُذبت أخلاقه، وحسنت معاملته، وغُفرت ذنوبه يقول : ((من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق غُفر له ما تقدم من ذنبه)) [الترمذي: 811].

وعندما تتحرك قوافل الحجاج ميممة وجهها شطر البيت الحرام لأداء مناسك الحج، فإنها تستجيب للنداء الخالد، الذي أعلنه أبو الأنبياء – عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام – وَأَذّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً [الحج:27].

وتحقق ما أمرها به نبيها بقوله: ((تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة)) [الترمذي: 810].

وتلهج في حجها بالدعاء الذي علمها نبيها : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

والحج فريضة في العمر مرة، أخرج الترمذي: (814) بسنده عن علي ابن أبي طالب قال: لما نزلت: وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97]. قالوا: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فسكت، فقالوا: يا رسول الله، في كل عام؟ قال: ((لا، ولو قلت نعم لوجبت)).

والحج من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى مولاه، أخرج البخاري: (26) بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله سئل أي العمل أفضل؟ فقال: ((إيمان بالله ورسوله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حج مبرور)).

والحاج يعود بعد حجه وقد تطهر من الآثام، واغتسل من الذنوب والمعاصي إذا أدى حجه بشروطه وأركانه وآدابه، فيبدأ حياة جديدة، ويفتح صفحة ناصعة، ويشرع في أعمال البر والتقوى، ويزاول الأعمال التي ترضي الله سبحانه وتعالى، أخرج مسلم: (121) بسنده عن عمرو بن العاص رضي الله عنه وفيه: فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي ، فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي قال: ما لك يا عمرو؟ قال: قلت: أردت أن أشترط، قال: ((تشترط بماذا))؟ قلت: أن يُغفر لي، قال: ((أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله)).

إخوة الإسلام: وإذا كان ثواب الحج كبيراً وأجره عظيماً، فلا ينبغي لمسلم أن يتقاعس عن أداء هذه الفريضة، ويسوف بها بذريعة أدائها فيما بعد من الأيام والأعوام، فهو لا يدري ما يحدث له، والمستقبل مجهول، والغد غيب، ولا يعلم الغيب إلا الله، بل الواجب عليه أن يتعجل الحج، وأن يبادر لأدائه، فهذا رسول الله يقول: ((تعجلوا الحج – يعني الفريضة – فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له)) [أحمد]. وفي رواية لأحمد والبيهقي: ((من أراد الحج فليحج، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الراحلة، وتكون الحاجة)).

فإذا هُيئت لك الأسباب فلا تتقاعس، فلربما أتتك ظروف ومشاغل حالت بينك وبين أداء هذه الفريضة، إذا كنت اليوم صحيح الجسم، خالياً من الارتباطات والمشاكل، تملك المال الذي تنفق، فاغنم هذه الفرصة، فقد لا تعوض، يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا إلى كل من كان عنده جدة – سعة – فلم يحج فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين.

وعلى الحاج أن يلتزم في حجه بالأخلاق الإسلامية الفاضلة من الحلم والأناة وكظم الغيظ، وضبط الأعصاب، وتحمل هفوات الآخرين، وعدم التسبب في إيذاء الآخرين، وقضاء الأوقات في الذكر والعبادة، والابتعاد عن أحاديث اللغو الباطل، والكلام الفارغ، وذلك حتى يسلم له ثواب العبادة، ويكون حجه مبروراً.

سئل الحسن البصري رحمه الله: ما الحج المبرور؟ فقال: أن تعود زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة.

وعلى الإنسان أن يختار في حجه من ماله الطيب الذي لا شبهة فيه من الحرام، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، والمال الحرام يحول دون قبول العمل، ويجر الوبال على صاحبه، فالنفقة الحرام في الحج تضع صاحبها إلى أحط الدركات، وتحول بينه وبين إجابة الدعاء، أما النفقة الحلال فإنها ترفع صاحبها إلى أعلى الدرجات، وتكون سبباً في قبول عمله.

والنفقة في الحج تعدل النفقة في سبيل الله، أخرج أحمد بإسناد حسن عن بريدة رضي الله عنه قال رسول الله : ((النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف)) [5/355].

فاحرصوا – رحمكم الله – على المال الحلال الذي تحجون فيه، واعلموا أن الحجاج وفد الله، إذا دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم، فكونوا منهم، واسعدوا بلقائهم، واحرصوا على أن يدعوا لكم بالخير تفلحوا.

ذكر المنذري: 1660 بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله : ((الحجاج والعمار وفد الله، إن دعوة أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم))، وفي رواية لأبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله : ((يُغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج)).

فبادروا – رحمكم الله – إلى أداء هذا الركن العظيم، واحرصوا على ذلك، وتعجلوا، فإن السبل موفرة – ولله الحمد – والطرق آمنة، والخدمات التي تقوم بها هذه الدولة المباركة قد يسرت على الحجاج الكثير من المتاعب، ويسرت لهم أداء هذه الفريضة، فتعجلوها يكتب لكم الخير في الدنيا والآخرة، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ [آل عمران:97].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، اللهم اجعل حجنا مبروراً وسعينا مشكوراً، وذنبنا مغفوراً، اللهم اغفر للحجاج، اللهم اغفر لأمة محمد أجمعين، واجمعهم على الحق يا رب العالمين، واجعلهم إخوة متحابين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.







الخطبة الثانية



الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. . أما بعد:

إخوة الإسلام:

الأيام ليست كلها سواء، والأوقات وساعات الليل والنهار ليست بمرتبة واحدة، فهناك أيام فاضلة وساعات كريمة تتنزل فيها الرحمة، ويعم فيها الفضل ويفيض الخير الإلهي، ومن هذه الأيام أيام العشر من ذي الحجة التي نحن نعيشها في هذه الأيام، يقول : ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر – عشر ذي الحج -))، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال: ((ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)).

وهذه الأيام المباركات الواجب على المسلم أن يشغلها بالأعمال الصالحة التي يتقرب بها إلى مولاه من الصلاة والصيام والدعاء وقراءة القرآن وإطعام الطعام وإغاثة الملهوف وإكرام الحاج والإحسان إليه وبذل المساعدة له، وكذلك التكبير، فقد كان ابن عمر وأبو هريرة – رضي الله عنهما – يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما.

ولقد كان سلفنا الصالح – رضوان الله عليهم – شديدي الحرص على هذه العشر، فهذا سعيد بن جبير – رحمه الله – كان إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه.

فاتقوا الله عباد الله، وأروا الله من أنفسكم خيراً، فالسعيد من وفق لطاعة الله، اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، ثم صلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير، فقد أمركم بذلك مولانا الكريم: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 23-11-2009, 11:21 AM
  #129
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت


خطبة عن عيد الأضحى المبارك
الخطبة الأولى
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر كلَّما أحرَموا من الميقات، وكلَّما لبَّى الملبّون وزيدَ في الحسنات، الله أكبر كلمَا دخلوا فجاجَ مكة آمنين، وكلَّما طافوا بالبيت الحرام وسعوا بين الصفا والمروة ذاكرين الله مكبّرين.
عندما يقبِل العيدُ تشرِق الأرضُ في أبهى صورَة، ويبدو الكونُ في أزهى حللِه، كلّ هذه المظاهر الرائعةِ تعبيرٌ عن فرحةِ المسلمين بالعيد، وهل أفرحُ للقلب من فرحةٍ نال بها رضا ربّ العالمين لِما قدّمه من طاعةٍ وعمل وإحسان.
سرورُ المسلم بسعيه وكدحه وفرحتُه بثمرة عمله ونتاج جهدِه من الأمورِ المسلّم بها، بل إنَّ أهلَ الآخرة وطلابَ الفضيلة لأشدّ فرحاً بثمرة أعمالهم مع فضل الله الواسع ورحمته الغامرة، قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58].
وحُقّ للمؤمن أن يفرحَ ويتهللّ عقِب عشرٍ مباركة عظيمةٍ من شهر ذي الحجَّة صام فيها وقامَ وأذاب الجسمَ في مواطِن الخير ومسالك الجدّ ووجوه العملِ الصالح.
يقعُ هذا العيدُ شكراً لله تعالى على العبادات الواقعة في شهر ذي الحجة، وأعظمُها إقامة وظيفةِ الحجّ، فكانت مشروعيةُ العيد تكملةً لما اتّصل وشكراً لله تعالى على نعمِه التي أنعمَ الله بها على عباده، وتكريمٌ من الله لجميع المسلمين بأن جعلَ لهم عقبَ الأعمال الصالحة وعقبَ يومِ عرفَة عيدَ الأضحى. إظهارُ الفرح والسرور في العيدين مندوبٌ ومن شعائر هذا الدين الحنيف.
يومُ العيد يمثّل وسطيّةَ الدين، بهجة النفس مع صفاء العقيدة، إيمان القلب مع متعة الجوارح. العيدُ في حساب العمر وجريِ الأيام والليالي أيامٌ معدودة معلومَة، ومناسبةٌ لها خصوصيّتها، لا تقتصر الفرحةُ فيه على المظاهر الخارجيّة، لكنّها تنفذ إلى الأعماق وتنطلق إلى القلوب، فودِّع الهمومَ والأحزان، ولا تحقد على أحد من بني الإنسان، شاركِ الناسَ فرحتَهم، أقبِل على الناس، واحذَر ظلمَهم والمعصيةَ، فليس العيدُ لمن لبس الجديدَ، إنما العيد لمن خاف يومَ الوعيد.
إنَّها فرحةٌ تشمَل الغنيَّ والفقير، ومساواةٌ بين أفرادِ المجتمع كبيرِهم وصغيرِهم، فالموسرون يبسطون أيديَهم بالجود والسخاء، وتتحرَّك نفوسهم بالشفقة والرحمة، وتسري في قلوبهم روحُ المحبّة والتآخي، فتذهب عنهم الضغائن وتسودُهم المحبّة والمودة.
في العيد ـ عباد الله ـ تتصافى القلوب، وتتصافَح الأيدي، ويتبادَل الجميعُ التهانيَ. وإذا كان في القلوب رواسبُ خصامٍ أو أحقاد فإنها في العيد تُسلُّ فتزول، وإن كان في الوجوه العبوسُ فإنَّ العيدَ يدخل البهجةَ إلى الأرواح والبسمةَ إلى الوجوه والشِّفاه، كأنَّما العيد فرصةٌ لكلّ مسلمٍ ليتطهَّر من درن الأخطاء، فلا يبقى في قلبِه إلا بياضُ الألفة ونور الإيمان، لتشرق الدنيا من حوله في اقترابٍ من إخوانه ومحبِّيه ومعارفِه وأقاربِه وجيرانه.
إذَا التقى المسلمان في يوم العيد وقد باعدت بينهما الخلافاتُ أو قعدت بهما الحزازات فأعظمُهما أجراً البادئ أخاه بالسلام.
في هذا اليوم ينبغي أن ينسلخَ كلّ إنسان عن كبريائه، وينسلخَ عن تفاخرِه وتباهيه، بحيث لا يفكّر بأنّه أغنى أو أثرى أو أفضل من الآخرين، وبحيث لا يتخيّل الغنيّ مهما كثُر مالُه أنّه أفضلُ من الفقير.
بناءُ الأمة الداخلي ـ عباد الله ـ قاعدةُ كلّ بناءٍ واستقرار وانطلاقٍ حضاريّ، والعيدُ مناسبة لتغذيةِ هذا البناء، بتحقيق مقتضياتِ الأخوّة، صفاء للنفس، الترابط بين الإخوة، زرع الثقة بين أفراد الأمة صغيرِها وكبيرِها. بناءُ الأمة داخلياً مطلبٌ مُلِحٌّ وعنصر رئيس في مفردات معاني القوّة التي تنشدها الأمّة اليوم لتقيَ أبناءها موجاتِ فتنٍ هائجة وتياراتِ محنٍ سائرة تكاد تعصف بل كادت تعصف بالعالم المعاصر.
أعظمُ البلاء أن تؤتَى الأمةُ من داخلها، ويُنخَر جسدها، فلا تقوى على مقاومةِ الرياح العاتية، قال تعالى: وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [الأنفال:46]، والقرآن يوضِّح لنا بجلاءٍ ما الذي أصابَ ويصيبُ الأمة قال تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَاذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165]، قل: هو من عند أنفسكم، ضعفٌ في الإيمان، هجرٌ للقرآن، تضييعٌ لآكد أركانِ الإيمان الصلاة، منعُ الزكاة، تراشقٌ بالتهَم بين المسلمين، حبُّ الدنيا، فشوّ المعاصي، ضعفُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تعالمُ الغلمان، تصدّر الأقزام، تقاطعٌ وتدابر، تشاحن وسوءُ ظن، إلى غير ذلك من الأجواء التي يحيط بها من نوّر الله بصيرتَه وطَهّر سريرته، قال تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِى الأرْضِ أَقَامُواْ الصلاةَ وَاتَوُاْ الزكاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ [الحج:41].
العيد ـ عباد الله ـ مناسبةٌ للمراجعة الصادقة مع النفس، نتأمَّل فيها حكمةَ الله في قضائه، نتأمَّل قدرتَه وحكمَ آجاله، نتذكَّر إخوةً لنا أو أصدقاءَ أو أقرباءَ كانوا معنا في أعيادٍ مضت، كانوا ملءَ السمع والبصر اخترمتهم المنون، فندعو لهم بالرحمة والمغفرة والرضوان.
لم يكن فرحُ المسلمين في أعيادهم فرحَ لهوٍ ولعب، تُقتحَم فيه المحرَّمات، وتنتَهَك الأعراض، وتشرَّد فيه العقول أو تُسلَب، إنما هو فرحٌ تبقى معه المعاني الفاضلةُ التي اكتسبَها المسلمُ من العبادة، وليسَ كما يظنّ بعضُهم أنَّ غيرةَ اللهِ على حدودِه ومحارمِه في مواسمَ محدّدةٍ ثم تُستبَاح المحرَّمات.
إنَّ يومَ العيد ليسَ تمرّداً من معنى العبوديّة وانهماكاً في الشهوات، كلاَّ، إنَّ من يفعل هذا لا يتمثّل معنى العيدِ بصفائه ونقائه، بل هو في غمٍّ وحزن وخسارة، ذلك أن يومَ العيد هو يومُ طاعة ونعمةٍ وشكر، قال تعالى: لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7].
عباد الله، في العيد نسترجع إلى ذاكرتنا معانيَ كثيرةً، وتُرسم أمام أعينِنا صورةُ ذلك النبي الكريم إبراهيم عليه السلام وهو يقود ابنه وفلذة كبده إسماعيل لينحرَه قرباناً لله تعالى، أيُّ امتثال عظيم، وأيُّ طاعة عميقة، وأيُّ يقينٍ ثابت، ذلك الذي تغلّب على مشاعرِ الأبوّة الفطرية، وانطلق وهو ثابت الجنان غيرَ متردِّد ولا كارِه لينفّذَ أمرَ الله: إِنّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى. ثمّ أيُّ استسلامٍ للقدر، وأيُّ رضا به، ذلك الذي جعل إسماعيلَ يقول لوالده: افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات:102].
إنها ـ عباد الله ـ الطاعة، وإنه الإيمان في أبهى نماذجِه وأوفرِ عطائه.
إنَّ يومَ النحرِ يعيد إلى خواطرنا هذه المواقفَ العظيمة، فهو يومُ الاختبار والابتلاء الذي نجح فيه إبراهيمُ وإسماعيل أيّما نجاح.
يؤكِّد يومُ النحر معنى التضحيةِ إثباتاً للإيمان ودليلاً على العبودية، فالطاعةُ دليلُها التضحية، والإيمان لا يُعرَفُ مداه حتّى يوضَع على المحكّ، سنّة الله في خلقه، ولن تجد لسنّة الله تبديلاً.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله مدبّرِ الأحوال، أحمده سبحانه وأشكره في الحال والمآل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تفرّد بالعظمة والجلال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أكرمه الله بأفضل الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما دامت الأيام والليال.
أما بعد: فالأضحية ـ عباد الله ـ مشروعة بكتاب الله وسنة رسوله وإجماع علماء المسلمين، وبها يشارك أهلُ البلدان حجاجَ البيت في بعض شعائر الحجّ، فالحجاج يتقرّبون إلى الله بذبح الهدايا، وأهلُ البلدان يتقرّبون إليه بذبح الضحايا، وهذا من رحمة الله بعباده، فضحُّوا ـ أيها المسلمون ـ عن أنفسكم وعن أهليكم تعبّداً لله تعالى وتقرّبا إليه واتباعاً لسنة رسوله .
والواحدةُ من الغنم تجزئ عن الرجل وأهلِ بيتِه الأحياءِ والأموات، والسُّبع من البعير أو البقرة يجزئ عما تجزِئ عنه الواحدة من الغنم، فيجزئ عن الرجل وأهلِ بيتِه الأحياءِ والأموات. ومن الخطأ أن يضحِّيَ الإنسان عن أمواتِه من عند نفسه ويترك نفسَه وأهلَه الأحياء.
ولا تجزئ الأضحيةُ إلا من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم ضأنُها ومعزها لقوله تعالى: وَلِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ [الحج:34].
ولا تجزئ الأضحيةُ إلا بما بلغ السنَّ المعتبرَ شرعاً، وهي ستةُ أشهر في الضأن، وسنة في المعز، وسنتان في البقر، وخمسُ سنوات في الإبل، فلا يضحَّى بما دون ذلك لقول النبي : ((لا تذبحوا إلا مسنّة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن)) أخرجه مسلم.
ولا تجزئ الأضحيةُ إلا بما كان سليماً من العيوب التي تمنَع من الإجزاء، فلا يُضحَّى بالعوراء البيّنِ عورها، وهي التي نتأت عينُها العوراء أو انخسفت، ولا بالعرجاء البيِّنِ ظلعها، وهي التي لا تستطيع المشيَ مع السليمة، ولا بالمريضة البيّنِ مرضُها، وهي التي ظهرت آثارُ المرض عليها، بحيث يَعرف من رآها أنها مريضة من جرب أو حمّى أو جروح أو غيرها، ولا بالهزيلة التي لا مخّ فيها لأنّ النبي سئل: ماذا يُجتنب من الأضاحي؟ فأشار بيده وقال: ((العوراءُ البيّن عورُها، والمريضةُ البيّن مرضُها، والعرجاءُ البيّن ظلعها، والكسيرة التي لا تنقي)) أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد
ولا تذبَحوا ضحاياكم إلا بعد انتهاءِ صلاة العيد وخطبتِها، واذبحوا ضحاياكم بأنفسكم إن أحسنتم الذبح، وقولوا: "بسم الله، والله أكبر"، وسمّوا من هي له عند ذلك اقتداءً بالنبي ، فإن لم تحسِنوا الذبحَ فاحضروه فإنه أفضلُ لكم وأبلغ في تعظيم الله والعناية بشعائره، قال الله تعالى: وَلِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَالهكُمْ اله واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشّرِ الْمُخْبِتِينَ [الحج:34].
ألا وصلوا ـ عباد الله ـ على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين...
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-12-2009, 09:07 AM
  #130
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الخطبة الأولى
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ...................... اوصيكم ونفسي بتقوى الله
أيها المسلمون،: إن للذنوب والآثام عواقب جسيمة لا يعلمها إلا الملك العلام، فكم أهلكت من أمم ماضية وشعوب كانت قائمة فهل ترى لهم من باقية، وليس بيننا وبين الله نسب فقد قالت زينب رضي الله عنها انهلك وفينا الصالحون يارسول الله ؟ قال : نعم اذا كثر الخبث .
وقال سبحانه: وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا . فترى الأمم السالفة من عهد نوح إلى هذا الزمان كلما عصت أمة الله عز وجل، أجّلها مدة من الزمان لعلهم يتوبون ويرجعون، بل إن مع عصيانهم لله عز وجل قد يفتح عليهم بالنعم ولكنها استدراج، قال تعالى: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبسلون فبيّن تعالى أن الناس إذا تركوا ما أمرتهم به رسله عليهم السلام فلم يأتمروا بأوامره ولم ينتهوا عن نواهيه فإنه تعالى قد يفتح عليهم الخيرات من سعة في الرزق ووفرة في الأموال وصحة في الأجسام وغيرها حتى إذا فرحوا بها واطمأنوا أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ولنا في الأمم السالفة العبر والعظات في بيان عقوبة المعاصي.
ما السبب في إخراج الأبوين من الجنة دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب؟ أليست المعاصي؟.
ما الذي أخرج إبليس عليه لعنة الله من ملكوت السماء وطرده من رحمة الله؟ أليست معصية الكبر والحسد؟، فبدل بالقرب بعدا وبالرحمة لعنة وبالجنة نارا تلظى.
ما الذي جعل الماء يعلو الجبال الراسية في عهد نوح ويغرق قومه إلا من نجاه الله عز وجل؟ أليس المعاصي والشرك؟.
إهلاك قوم عاد بالريح العقيم فما الذي أرسلها عليهم حتى أصبحوا وكأنهم أعجاز نخل خاوية وعبرة للمعتبرين؟ أليست المعاصي؟.
ما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم ناراً تلظى؟ وما الذي خسف بقارون وداره وماله وما الذي بعث على بني إسرائيل قوما أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وقتلوا الرجال وسبوا الذرية والنساء ونهبوا الأموال إنها المعاصي والذنوب قال عز وجل: فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون

وقالت عائشة: وإذا تخبلت السماء( يعني كثرت الغيوم والسحب) تغيّر لونه صلوات ربي وسلامه عليه وخرج ودخل وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت سرى عنه، فعرفت ذلك عائشة فسألته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا )).
وفي صحيح البخاري قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه قالت: يا رسول الله الناس إذا رأواه الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر. وأراك إذا رأيته عُرف في وجهك الكراهية فقال: ((يا عائشة ما يأمنني أن يكون فيه عذاب، عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا))،

اعلموا رحمني الله وإياكم، بأن نزول الأمطار من نعم الله العظيمة، على القرى والمدن والمجتمعات، يستفيد منه الناس، وتستفيد البهائم، وكذلك الزروع وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً وَجَنَّـٰتٍ أَلْفَافاً [النبأ: 14-16]، وقال عز وجل: أَفَرَءيْتُمُ ٱلْمَاء ٱلَّذِى تَشْرَبُونَ أَءنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ لَوْ نَشَاء جَعَلْنَـٰهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ [الواقعة: 68-70].
ولقد شهدت بلادنا ولله الحمد والمنة، في الأيام القريبة الماضية، أمطاراً متفرقة. وإن استمرار نزول رحمات الرب، يحتاج من أهل القرى والمدن والشعوب والأمم، يحتاج الإيمان والطاعة والاستقامة. قال الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ [الأعراف:96]، وإن استمرار نزول بركات المولى جل وعلا يحتاج منا إلى ترك الذنوب والمعاصي، والتوبة والاستغفار، قال الله تعالى: فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً [نوح:10-12]، وقال عز وجل: وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ [هود:52].
وإن استمرار نزول الغيث يحتاج منا إلى أداء زكاة أموالنا، وفي الحديث: ((ولـم يمنعوا زكـاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا)).
لكن هناك وجه آخر لنـزول الأمطار من السماء، أحياناً، لا يكون نزوله رحمة، بل هو عذاب وعقوبة إلهية لتلك القرية، أو لتلك الأمة وقد أهلك الله عز وجل أمماً وأقواماً بهذا الماء، في القديم وفي الحديث. وقد ذكر الله عز وجل في كتابه، عقوبة الغرق بالماء، لأقوام عتوا عن أمر ربهم. وهم قوم نوح عليه السلام وذلك بعدما أعرضوا عن الدعوة، ولم يؤمنوا بما قال لهم نوح عليه السلام. أغرقهم الله عز وجل بالماء، بإرسال السماء عليهم مدراراً، وبتفجير ينابيع الأرض حتى تشكل طوفان هائل، وجعل سبحانه لنوح عليه السلامة علامة لبداية عملية إغراق أولئك القوم بالماء، هو فوران التنور، قال الله تعالى: ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ [المؤمنون:27]، وقال سبحانه: حَتَّىٰ إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ ءامَنَ وَمَا ءامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ [هود:40]، وجاء تفصيل عملية الغرق بالماء في موضع آخر فقـال عز من قائـل: فَفَتَحْنَا أَبْوٰبَ ٱلسَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَاء عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوٰحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لّمَن كَانَ كُفِرَ [القمر:11-14].
وعقوبة الغرق بالماء، حصلت أيضاً لقوم فرعون، وذلك عندما آذوا موسى عليه السلام، ولم يقبلوا ما جاء به، أغرقهم الله بالماء، الماء الذي كان فرعون يفتخر ويتكبر ويقول: أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، فهذا الماء الذي كان يجري من تحته جعله الله فوقه، وهذه عقوبة التمرد على دين الله عز وجل، قال الله تعالى: وَجَاوَزْنَا بِبَنِى إِسْرٰءيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ ءامَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِى ءامَنَتْ بِهِ بَنواْ إِسْرٰءيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ءالئَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ فَٱلْيَوْمَ نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ ءايَـٰتِنَا لَغَـٰفِلُونَ [يونس:90-92].
أيها المسلمون، هذا نوع من أنواع العقوبات الإلهية لأولئك الذين حاربوا دين الله عز وجل، أرسل الله لهم أحد جنوده، وهو الماء، فأغرق ودمّر بأمر الله عز وجل: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِىَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ [المدثر:31]، إن جنود الله عز وجل في إهلاك المخالفين وتأديب المعاندين، وتذكير المتآخرين بما حصل للمتقدمين لا عد له ولا حصر، والله جل وتعالى يهلك ويعاقب كل قرية بما يناسبها. وإليكم بعض صور عقوبات الله.
فمن عقوبات الله عز وجل، بدل إمطار الماء، إمطار الحجارة قال عز وجل: فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَـٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ مَّنْضُودٍ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبّكَ وَمَا هِى مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٍ [هود:82، 83]، هذه هي العقوبة التي حصلت لأهل تلك القرية، التي انتشرت فيها الفاحشة، عاقبهم الله عز وجل بعقوبتين: الأولى: جعلنا عاليها سافلها: وضع جبريل عليه السلام جناحه ثم رفع القرية إلى السماء، حتى سمع أهل السماء بنباح كلابهم، ثم قلبها. العقوبة الثانية: وأمطرنا عليهم حجارة. إن الماء لو كثر نزوله من السماء، لأفسد وخرّب ولا أحد يستطيع أن يقف في وجهه، مهما أوتي من قوة، فما بالكم إذا كانت الأمطار من حجارة، نعوذ بالله من الخذلان، لكن هذه هي عقوبة القرية التي ينتشر فيها الفاحشة التي ذكرها الله عز وجل.
ومن عقوبات الله جل وتعالى لأهل القرى التفرق، نعم، فقد يوقع الله التفرق في مجتمع أو في أمة بسبب المخالفات التي يرتكبونها، فلا تجدهم يتفقون على رأي، قال الله تعالى: وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَـٰرَىٰ أَخَذْنَا مِيثَـٰقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَاء إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَسَوْفَ يُنَبّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [المائدة:14]. أي عقوبة أشد من أن أبناء الدين الواحد يحصل بينهم العداوة والبغضاء، والسبب: أنهم نسوا حظاً مما ذكروا به.
ومن عقوبات الله أيضاً، إرسال الريح، هذا الهواء الجميل، لو زاد بأمـر الله عز وجل لتحول من نعمة إلى نقمة، ولقد عوقب أقوام بالريح، فأفسد عليهم منازلهم وخرّب بيوتهم قال الله تعالى: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِى أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْىِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ [فصلت:16]. وقال عز وجل: وَفِى عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرّيحَ ٱلْعَقِيمَ مَا تَذَرُ مِن شَىْء أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ [الذاريات:41، 42]، وقال سبحانه: وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَـٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ [الحاقة:6، 7]. ما أهون الخلق على الله، إذا هم خالفوا أمره، وحاربوا دينه، وآذوا أولياءه.
فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى، هذه بعض عقوبات الله للأمم، والمجتمعات، وإلا فما ذكر في كتاب الله، أكثر من هذا، وليس المقام هنا، مقام استعراض هذه العقوبات، وإنما هذه بعضها، لندرك أن كل ما في الكون جنود لله عز وجل، وبأمره يعملون، وإذا أراد سبحانه شيئاً فإنما يقول له كن فيكون. فاتقوا الله عباد الله، واحذروا المخالفة، واحذروا الإعراض عما أمر الله، فإن الله جل وتعالى يغار على دينه، ويغار على أوليائه، والمخالفات والمعصيات، والتمرد، له زمن محدود، والله يمهل ولا يهمل.
وما من قرية حصل فيها شيء يخالف ما أمر الله به، إلا ونزل بهم ما يستحقون.
فنسأل الله جل وتعالى أن يعاملنا بلطفه ورحمته، وعفوه، وألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم...


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه...
عباد الله
من أسباب إهلاك الله للأمم، والمجتمعات الذنوب. قال الله تعالى: أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلأرْضِ مَا لَمْ نُمَكّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَاء عَلَيْهِم مَّدْرَاراً وَجَعَلْنَا ٱلأنْهَـٰرَ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَـٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءاخَرِينَ [الأنعام:6]. وقال عز وجل: فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت:40].
هكذا الذنوب تفعل بأصحابها، ونحن والله المستعان نستهين بها، بل أصبحت أشياءً عادية في حياتنا اليومية، وهي سبب رئيس في إهلاك الأمم والشعوب.
يقول أحدهم: كيف تريدون أن يلطف الله بنا؟ وينزل علينا نعمه ويرحمنا برحمته، وفي السابق كانت الأيدي ترتفع إلى السماء وتدعو ربها، والمولى يجيب سبحانه، والآن هذه الدشوش مرتفعة إلى السماء.وامتهن الحجاب وضيعت الصلوات
وكثر الخبث بأنواعه وتشبه بعض الشباب بالنساء وتشبهوا بأعداء الله من اليهود والنصارى في اللباس وقصات الشعر والحركات والرقص والله المستعان.
ومن أسباب إهلاك الأمم والشعوب الظلم وكم من العمال يقعون تحت ظلم من اتى بهم من بلادهم وظلم الزوجات وظلم الأبناء وظلم الولد لوالديه من عقوق ووصل الحد بهم إلى ان رموهم في دور العجزة، قال الله تعالى: أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ [هود:18]، وقال سبحانه: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:117]، وقال: وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ [يونس:13]، وقال: وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَـٰهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا [الكهف:59]. وقال: وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102]. كل هذا بسبب الظلم إذا انتشر في الأمة، فما بالك لو أضيف إليه دعوة المظلوم على من ظلمه:
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً فالظلم آخـره يأتيـك بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنـم
ومن أسباب الهلاك أيضاً: تبديل أمر الله، أياً كان هذا التبديل، فالله جل وتعالى يأمر بأوامر ثم تأتي هذه القرية، وتبدل ما أمر الله به، بأشياء من عندها، ومن زبالة أفكارها، سواءً كانت قضايا معاملات من بيع أو شراء، أو غيره.
قال تعالى: وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَـٰيَـٰكُمْ وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزًا مّنَ ٱلسَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ [البقرة:58، 59].
ومن أسباب هلاك القرى، ان يتخلق الناس بالمكر والكيد والتدبير، الذي يتعارض مع الحق. قال الله تعالى: قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [النحل:26]، ـ كان هناك من قبلكم قد مكروا وخططوا ودبروا وفعلوا، فماذا كانت النتيجة ـ قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَـٰنَهُمْ مّنَ ٱلْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَـٰهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ [النحل:26]. وقال سبحانه: وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيّىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ [فاطر:43]، وقال عز وجل: أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيّئَاتِ أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ [النحل:45]، يقول علماء التفسير عن هذا المكر السيئ، أنه: سعيهم إلى إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على وجه الخفية، واحتيالهم في إبطال الإسلام والكيد بأهله.
ومن أسباب الهلاك: عدم التناهي عن المنكر قال الله تعالى: لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِى إِسْرٰءيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَـٰهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ [المائدة:78، 79].
ومن أسباب الهلاك: موالاة الكفار، قال الله تعالى: تَرَىٰ كَثِيراً مّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِى ٱلْعَذَابِ هُمْ خَـٰلِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالْلهِ والنَّبِىّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ [المائدة:80، 81].
ومن أسباب الهلاك: ترك الجهاد في سبيل الله قال الله تعالى: إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ [التوبة:39].
أيها المسلمون، وكما قلنا في العقوبات نقول في الأسباب: إنها كثيرة، وهذه بعضها، فالحذر الحذر، فإنه ليس بين أحد وبين الله نسب، إنما أكرمكم عند الله أتقاكم. وعندما تأخذ أية قرية بسبب أو بعدة أسباب من أسباب الهلاك، فإنه من الطبيعي أن لا تأخذه فجأة، ودفعة واحدة، وإنما بالتدريج في البداية يكون بسيطاً ثم مستوراً، ثم أكثر ثم يظهر، حتى تصبح هي السمة البارزة، لتلك القرية، وبعدها ينزل عقاب الله والله المستعان اللهم كن معينا لإخواننا في جده اللهم ارحم موتاهم واشف مرضاهم وعاف مبتلاهم يا رب العالمين
صلوا على البشير النذير كما امركم الله بذلك.
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 04-12-2009 الساعة 09:50 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 11:01 PM

سناب المشاهير