ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 13-09-2009, 11:14 AM
  #111
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

زكاة الفطر ووداع رمضان والعيد
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : ألا وإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد : أيها الناس: اتقوا ربكم وحاسبوا أنفسكم ماذا عملتم في شهركم الكريم، فإنه ضيف قارب الزوال وأوشك على الرحيل عنكم والانتقال، وسيكون شاهدا لكم أو عليكم بما أودعتموه من الأعمال، فابتدروا رحمكم الله ما بقي منه بالتوبة والاستغفار والاستكثار من صالح الأقوال والأفعال والابتهال إلى ذي العظمة والجلال لعل ذلك يجبر ما حصل من التفريط والإهمال.
عباد الله: إن ربكم الكريم شرع لكم في ختام هذا الشهر عبادات جليلة يزداد بها إيمانكم وتكمل بها عباداتكم وتتم بها نعمة ربكم. شرع الله لنا زكاة الفطر ، فقد فرضها رسول الله صاعا من طعام، وهي واجبة بإجماع المسلمين
والدليل على وجوبها قوله تعالىقَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) (الأعلى:14) ورد عن أبي سعيد الخدري وعطاء وقتادة أن التزكي – هنا – المراد به : زكاة الفطر (الملخص الفقهي:1/350،وزاد المسير لابن الجوزي:9/91) في صحيح البخاري وغيره أن أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ )، وفي الصحيحين عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ) ، (والحكمة من مشروعيتها: أنها طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث، وطعمةٌ للمساكين، وشكرٌ لله تعالى على إتمام فريضة الصيام)(الملخص الفقهي:1/350) فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ(رواه أبو داود وغيره)[حسن . انظر صحيح الترغيب: 1085 ] . فأخرجوا أيها المسلمون زكاةَ الفطر مخلصين لله ممتثلين لأمر رسول الله ، فقد فرضها رسول الله على جميع المسلمين صغيرِهم وكبيرِهم حتى من في المهد، أما الحمل في البطن فلا يجب الإخراج عنه إلا تطوعاً إلا أن يولد قبل ليلة العيد فيجب الإخراج عنه. فأخرجوها طَيّبة بها نفوسكم، واختاروا الأطيب والأنفع، فإنها صاع واحد في الحول مرة، فلا تبخلوا على أنفسكم بما تستطيعون
أما الأصناف التي تُخرج منها فهي: صاعٌ عن كل شخص مما تَطْعمُون من غالبِ قوتِ البلد من البُر أو الشعير أو الأرز أو التمر أو الزبيب أو غير هذه الأصناف مما اعتاد الناسُ أكلَه فإن كانَ قوتُ أهل البلد غيرَ هذه الأصناف أخرجوا من قُوتهم حتى لو كان من غير هذه الأصناف، لأن المقصود – أيها المؤمنون – سدُّ حاجة الفقراء والمساكين يومَ العيد ومواساتُهم وإغناؤهم عن طلب الطعام ذلك اليوم
أما مقدارُ الصاع النبوي الواردِ في الحديث: فقد قدَّره العلماء بما يساوي ثلاثة كيلوا جرامات إلا ربعاً تقريباً .
أما حكم إخراجها نقوداً بدل الطعام : فإنه لا يجوز و لا تجزئه، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضَها وأخرجها صاعاً من الطعام ولم يفرضْها من الأموال مع أن الأموالَ كانت معروفةً عندهم ، ولأن الصحابة رضوان الله عليهم أخرجوها من الطعام ولم يخرجوها من النقود ، ولو كان إخراجُ زكاة الفطر مالاً فيه خيرٌ لسبقونا إليه، ولأن الفقيرَ في ذلك اليومِ أحوجَ إلى الطعام منه إلى المال فإن الناس ذلك اليوم مشغولون بالعيد فقد يبحث الفقير والمسكين عن الطعام فلا يجده ولو أعطينا الفقير طعاماً من قوت البلد فإنه سيأكل منه ويستفيد منه عاجلاً أو آجلاً . ولو قال قائل : إن المال أنفع للفقير فنقول له : إن الأنفع للفقير ما فرضه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فهل أنت أعلم بما يصلح لعباده منه سبحانه؟! وكذلك لا يجوز إخراجها من الكسوة ، فمن أخرجها من ذلك لم تُقبل منه، ولو أخرج عن الصاع ألف ريال أو ألف ثوب لم يقبل ، لأنه خلاف ما فرضه رسول الله ، وقد قال : ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)). أي : هو مردود عليه غير مقبول وقد سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن إخراج زكاة الفطر من النقود ؟ فقال : الأصل في العبادات التوقيف ، ولا نعلم أن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم وأحرص الناس على العمل بها ولو وقع منهم شيء من ذلك لنقل كما نقل غيره ثم قال: (إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزيء عمن أخرجه لكونه مخالفاً لما ذكر من الأدلة الشرعية ). أما الذين تجب عليهم زكاة الفطر : فإن الرجلَ يخرجُها عن نفسه وعمن يمونه يعني : عن الذي يُنفق عليهم من الزوجات والأقارب؛ أما الحملُ في البطن فلا يجب الإخراج عنه ولكن يستحب لفعل عثمان رضي الله عنه (الملخص الفقهي:1/352).
أيها المسلمون: أما وقت إخراجها : فيبدأُ وقت الإخراج الأفضل بغروب شمس ليلة العيد وإن تيسر لكم يومَ العيد قبلَ الصلاة فإنه أفضل ، ولا بأس أن تخرجوها قبل العيد بيوم أو بيومين، ولا يجوز قبل ذلك، وكذلك يحرُم تأخيرها بعد صلاة العيد إلا من عُذر مثل أن يأتيَ خبرُ ثبوتِ العيد فجأةً ولا يتمكن من إخراجها قبل الصلاة . لحديث ْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ( رواه مسلم ) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ )[صحيح الترغيب: 1085]. أيها المؤمنون ادفعوا زكاةَ الفطر إلى الفقراء خاصة، والأقاربُ المحتاجون أولى من غيرهم، ولا بأس أن تُعطوا الفقيرَ الواحدَ فطرتين أو أكثر، ولا بأس أن توزعوا الفطرةَ الواحدةَ على فقيرين أو أكثر، ولا بأس أن يَجمع أهلُ البيت فطرتَهم في إناء واحدة بعد كيلِها ويوزعوا منها بعد ذلك بدون كيل .
وإذا أخذ الفقيرُ فطرةً من غيره وأراد أن يدفعَها عن نفسه أو عن أحدٍ من عائلتِه فلا بأس لكن لابد أن يكيلَها خوفاً من أن تكون ناقصةً إلا أن يخبرَهُ دافعُها بأنها كاملة فلا بأس أن يدفعها بدون كيل إذا كان يثق بقوله. وإذا أرادَ الفقيرُ أن يبيعَ الفطرةَ بعد أخذها فله ذلك لأنها أصبحت مُلكاً له يتصرفُ فيها كيف شاء.
أيها المؤمنون صلوا صلاة العيد مع المسلمين واخرجوا إلى المصلى أنتم ونساؤكم وأطفالكم وأخرجوا الحُيَّض من النساء وليعتزلن المصلى وليشهدن الخير ودعوة المسلمين كلوا تمرات وتراً قبل الخروج لصلاة العيد كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل أكثروا من التكبير والتهليل والتحميد في هذا اليوم تجنبوا المعاصي والمنكرات واشكروا الله تعالى على ما أتم عليكم من إتمام صيام شهر رمضان وعلى ما وفقكم فيه من الصيام والقيام واسألوا الله أن يتقبل منا ومنكم هذه الأعمال برحمته وجوده وكرمه إنه جواد كريم أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنعم على عباده بالنعم التي لا تعد ولا تحصى (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (ابراهيم:34) (إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:18) وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله من أتم الله به على عباده النعمة وأكمل به الدين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد : فاعلموا – أيها المؤمنون – أن الأيام تمر مر السحاب عشية تمضي وتأتي بكرة وحساب يأتي على مثقال الذرة وإن في كر الأيام والليالي لعبرة وقد قال بعض الحكماء إن السنة شجرة والشهور فروعها والأيام أغصانها والساعات أوراقها والأنفاس ثمرها فمن كانت أنفاسه في طاعة الله فثمرة شجرته طيبة ومن كانت في معصية فثمرته حنظل وإنما يكون الجذاذ يوم الحصاد فعند الجذاذ يتبين حلو الثمار من مرها، وإن الناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين وليس لهم حط عن رحالهم إلا بالجنة أو النار
أيها المؤمنون - إن شهر رمضان قد أوشك على تمامه فما أسرع ما انقضت أيام شهر رمضان ! فهل التفتنا إلى أنفسنا وتفكرنا في خطايانا لو عوقبنا ببعضها لهلكنا ولو كُشِف للناس بعضَها لاستحيينا من قبحها وشناعتها فيا خسارة تلك النفس التي انسلخ عنها شهر رمضان وما انسلخت عن قبيح عاداتها، ألا وإن من قلةِ التوفيق: قلةَ الاعتراف بالذنب فيا مؤخراً توبتَة بمطَل التسويف لأي يوم أجلتَ توبتَك كنت تقول إذا شِبتُ تُبتُ وإذا دخل رمضانُ أنبتُ فهذه أيامُ رمضانَ عنا قد انقضتْ فهل وفيت بما وعدت؟! فتدارك أيها المقصِّر عُمُرَك واغتنم ما بقيَ من هذا الشهر وابْكِ على خطيئتك فربما غسلتْ دموعُك ذنوبَك وربما نظر الله إلى قلبك وإخلاصك وتقواك فتجاوز عنك وغفر لك وستر عيوبَك اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن أعتقت رقابهم من النار في هذا الشهر الكريم وممن أنجيتهم من جهنم دار البوار وممن غفرت ذنوبهم وسترت عيوبهم وأصلحت أحوالهم . اللهم وأكتب لنا وللمسلمين العفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم ما أنزلت في هذا الشهر الكريم من مغفرة ورحمة وعفو وعافية فاجعل لنا وللمسلمين منه أوفر الحظ والنصيب اللهم وأحسن عاقبتنا في الأمور كلِّها وأجرنا من خزي الدنيا وعذابِ الآخرة اللهم وثبتنا على طاعتك بعد رمضان إنك سميع مجيب اللهم ووفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته لبر والتقوى اللهم وأصلح به العباد والبلاد يا سميع الدعاء اللهم وانصر إخواننا المسلمين في كل مكان اللهم وأذل الكفر وأهله ودمرهم تدميراً واجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين يا قوي يا عزيز سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 13-09-2009 الساعة 11:19 AM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 13-09-2009, 12:24 PM
  #112
عايض الفهري ابوبندر
عضو ذهبي
 الصورة الرمزية عايض الفهري ابوبندر
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: الرياض
المشاركات: 3,724
عايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond reputeعايض الفهري ابوبندر has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الله يجزاك خير

و يجعل عملك هذى في موازين حساناتك

مع أطيب التحيات
__________________

عايض الفهري ابوبندر غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 17-09-2009, 10:18 PM
  #113
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

جزاك الله خيرا اخي عائض وتقبل الله دعواتك
------------------


محاضرة بعنوان ماذا بعد رمضان

الحمد لله السميع البصير، اللطيف الخبير، أحاط بكل شيء علمًا، ووسع كل شيء رحمة وحلمًا، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العلي القدير، القويّ المتين، الوليِّ الحميد، الفعَّالِ لما يريد، الحليم الشكور، العزيز الغفور، قائم على كل نفس بما كسبت، يحصي على العباد أعمالهم، ثم يجزيهم بما كسبت أيديهم، ولا يظلم ربك أحدًا، أحمدُه سبحانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحقّ المبين، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، الصادق الوعد الأمين، صاحبُ النهج الراشِد والقول السديد اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد
لقد فارقنا رمضان بعد أن حل ضيفا عزيزا غاليا . نسأل الله أن يتقبل منا رمضان كما بلغنا رمضان ووفقنا لصيامه وقيامه وتلاوة القرآن.
وأول ما ننصح به ألا يغتر العبد منا بعبادته
ولا يقل: لقد صمت رمضان كاملا. بل عليه أن يحمد الله أن وفقه وبلغه شهر رمضان ووفقه لصيامه وقيامه؛ فكم من محروم وممنوع.
وثانيا: ينبغي أن يستغفر الله
فتلك عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد كل طاعة
فقه هذا المعنى الخليفة الفقيه الراشد عمر بن عبد العزيز-رضى الله عنه-
فكتب إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة
بقوله:-
قولوا كما قال أبوكم آدم:-
(ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )
وقولوا كما قال نوح عليه السلام:-
) وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين (
وقولوا كما قال إبراهيم عليه السلام:-
(والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين)
وقولوا كما قال موسى عليه السلام:-
)رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم (
وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام:-
(لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)
يقول الحسن البصري، رحمه الله:-"أكثروا من الاستغفار فإنكم لا تدرون متى تنزل الرحمة".
ويوصى لقمان ابنه فيقول:- " يا بنى عود لسانك الاستغفار فإن لله ساعات لا يرد فيهن سائلا".
فلنكثر من الخصلتين اللتين نرضى بهما ربنا بأن نشهد أن لا إله هو إلا هو الغفور الرحيم
وأن نستغفره ونتوب إليه.
ثالثا: أن نحرص على دوام حمد الله وشكره
فإن اكتمال النعمة على العبد وتمامَها، سواءٌ بانتصاره على نفسه، أو على عدوه في معركة ،أو نجاحٍ في دعوة ،أو فراغٍ من موسم طاعةٍ وُفِّق فيه العبد لما تيسر من العمل الصالح، كُلُّ ذلك يحتم شكر الله والاعتراف بنعمه وفضله.
وهذا دأب الصالحين من سلفنا رحمهم الله ورضوانه عليهم؛ فقد كانوا دائما شاكرين لأنعم الله، لهَجَتْ به ألسنتهم، وتحركت به شفاههم، وظهر ذلك على أعمالهم. فالله _تعالى_ صرّح بالثناء على صفوة خلقه من أولي العزم من الرسل _عليهم الصلاة والسلام_ بأنهم كانوا من الشاكرين، فوصف نوحاً بأنه " كَانَ عَبْداً شَكُوراً"، ووصف إبراهيم بأنه كان "شَاكِراً لأَنْعُمِهِ " ،وقال لكلٍ من موسى ومحمد ـ عليهما الصلاة والسلام ـ : "وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ" ،وقد كانا ـ والله ـ كذلك.
فتأمل في كلمة (شكور ) فهي صيغة مبالغة، وتأمل في كلمة (شاكر) كيف جاءت على صيغة اسم الفاعل الدال على الاستمرار. وهذا نبي الله يوسف، عليه صلوات الله وسلامه، بعد ما جمع الله شمله بأبويه وإخوته، وتمت له النعمة، يقول: "رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" يوسف:101
لقد انتزع نفسه من فرحة اللقاء، وأنس الاجتماع؛ ليلهج بهذه الدعوات المباركة، المليئة بالافتقار والتذلل، والرغبة في تمام النعمة عليه بأن يتوفاه ربه مسلماً، وأن يلحقه بالصالحين من عباده.
وهذا سليمان بن داود، عليهما الصلاة والسلام، الذي له عند ربه زلفى وحسن مآب، يكثر من شكره لنعم ربه. فحينما خرج في موكبه، وسمع النملة تنذر قومها بقولها : " ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ"(النمل: من الآية18) ! لم يشغله الاستمتاع بمعرفة لغة هذه الحشرة الصغيرة التي حجبت لغتها عن غيره من البشر ! عن التوجه إلى من أنعم عليه بهذه النعمة، بل قال: { رب أوزعني لأن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه}. ولمّا رأى عرش ملكة سبأ مستقراً عنده، بسرعةٍ هي أقل من طرفة العين، قال : "هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ" النمل:40
وهكذا تستمر القافلة المباركة ؛ لتقف عند أكمل الخلق شكراً واستغفاراً ،ألا وهو نبينا، فبعد حياةٍ حافلة بالبلاغ ،والجهاد ،والصبر ،والبذل ،والعطاء ،تتنزل على قلبه سورة النصر ، تلك السورة العجيبة التي جمعت ـ رغم قصرها ـ بين البشرى بالفتح، وبين نعي أكرم نفس بشرية ،فيمتثل _صلوات الله وسلامه عليه_ هذا الأمر في أمرين : أحدهما قولي، والآخر فعلي :
أما القولي فكان يكثر أن يقول ـ في ركوعه وسجوده ـ سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، يتأول القرآن ،أي : يمتثل أمر الله له بالتسبيح والاستغفار، والحديث متفق عليه.
وأما الامتثال الفعلي، فيتجلى في الإكثار من قيام الليل حتى تتفطر قدماه. وحين يدخل ـ بأبي هو وأمي ونفسي ـ مكة عام الفتح منكساً رأسه، متخشعاً، معلناً بذلك خضوعه، وتواضعه، وتذللـه لربه _جل وعلا_ ، ثم شفع هذه الهيئة المعبرة عن التواضع العظيم بثمان ركعات من الضحى، شكراً لله _تعالى_ على هذه النعمة الكبرى.
فإذا كان هذا حال سادة الرسل، فغيرهم أحوج ما يكون إلى شكر الله، والدوام على ذلك، مع دوام استغفار الله؛ فإن الحاجة تشتد إلى الإكثار من هاتين العبادتين، فبالشكر تدوم النعمة، وبالاستغفار تُغفر الزلة وتقال العثرة.
لذا فنحن مضطرون أشد الاضطرار إلى أن تتواطأ ألسنتنا مع قلوبنا على شكرٍ يحفظ النعمة، واستغفارٍ يرقع الخلل، عسى ربنا أن يتقبل ما منَّ به علينا، ويتجاوز عما قصّرنا فيه، وما أكثره !
فبعد أن ذكر الله _تعالى_ فرضية الصيام، وشيئاً من أحكامه، جاء التعليل الرباني لهذه الأحكام بقوله : " يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون"(البقرة: من الآية185) ،والمعنى : ولتشكروا الله على ما أنعم به عليكم من الهداية والتوفيق.
يقول التابعي الجليل بكر بن عبد الله المزني ـ رحمه الله ـ : قلت لأخٍ لي : أوصني! فقال : ما أدرى ما أقول ! غير أنه ينبغي لهذا العبد ألا يفتر من الحمد والاستغفار، فإن ابن آدم بين نعمةٍ وذنبٍ ،ولا تصلح النعمة إلا بالحمد والشكر، ولا يصلح الذنب إلا بالتوبة والاستغفار.
ويقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : "وما أتي من أُتي إلا من قِبَلِ إضاعة الشكر، وإهمال الافتقار والدعاء، ولا ظفر من ظفر ـ بمشيئة الله وعونه ـ إلا بقيامة بالشكر، وصدق الافتقار والدعاء، ومِلاكُ ذلك : الصبر، فإنه من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس فلا بقاء للجسد".
وحري بمن وفق للشكر أن يلاقي من ربه أعظم مما قدّم ،فإن الرب أعظم شكراً.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : "والله _تعالى_ يشكر عبده إذا أحسن طاعته، ويغفر له إذا تاب إليه، فيجمع للعبد بين شكره لإحسانه، ومغفرته لإساءته، إنه غفور شكور. والله _تعالى_ أولى بصفة الشكر من كل شكور، بل هو الشكور على الحقيقة، فإنه يعطي العبد ، ويوفقه لما يشكره عليه، ويشكر القليل من العمل والعطاء، فلا يستقله أن يشكره، ويشكر الحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف مضاعفة، ويشكر عبده بقوله، بأن يثنى عليه بين ملائكته، وفي ملئه الأعلى، ويلقي له الشكر بين عباده، ويشكره بفعله، فإذا ترك له شيئاً أعطاه أفضل منه، وإذا بذل له شيئاً رده عليه أضعافاً مضاعفة، وهو الذي وفقه للترك والبذل، وشَكَره على هذا وذاك ...".
رابعا: الاهتمام بالقبول، ويقول علي، رضي الله عنه: كان أصحاب النبي يعملون العمل بهمة ثم إذا فرغوا أصابهم الهم أقبل العمل أم لا؛ فالهدف من الصوم هو التقوى فإذا تحققت فيك التقوى مع نهاية الشهر فقد قبل منك رمضان بفضل الله وبين لنا الحبيب أن من علامات قبول الطاعة أن تتبعها طاعة لا أن تتبعها معصية.
وها هو علي، رضي الله عنه، يخرج في آخر ليلة من شهر رمضان، ينادى بأعلى صوته:-
ليت شعري ! من هذا المقبول فنهنيه ؟؟ ومن هذا المحروم فنعزيه ؟؟
ومثله كان ابن مسعود، رضي الله عنه، يقول:
من هذا المقبول منا فنهنيه ؟؟
ومن ها المحروم منا فنعزيه ؟؟
أيها المقبول هنيئا لك
أيها المردود جبر الله مصيبتك !
فلنجتهد لنكون من المقبولين
ولنلحق بركب الصالحين
خامسا: الثبات على الطاعة
صحيح أن أيام رمضان لها ميزة خاصة وطاقة خاصة. ولكن نأخذ من هذه الطاقة ما يعيننا على الثبات بعد رمضان؛ فأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. وهنا تتضح الحكمة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر ) والحكمة أن تثبت على الطاعة وتأكيد على الاستمرار في فعل الخيرات ورب رمضان هو رب كل الشهور.
ماذا تقول لامرأة جلست طوال شهر كامل تصنع ملبسا من الصوف بالمغزل حتى ما ان قرب الغزل من الانتهاء نقضت ما صنعته .
هذا المثل يمثل حال بعضنا فبمجرد انتهاء شهر رمضان سرعان ما يعود إلى المعاصي والذنوب فهو طوال الشهر في صلاة وصيام وقيام وخشوع وبكاء ودعاء وتضرع وهو بهذا قد أحسن غزل عباداته، لدرجة أن أحدنا يتمنى أن يقبضه الله على تلك الحالة التي هو فيها من كثرة ما يجد من لذة العبادة والطاعة ولكنه ينقض كل هذا الغزل بعد مغرب أخر يوم في رمضان.
ولا يكون الثبات إلا بالحذر الشديد من العدو الأكبر:الشيطان الذي حُبس عنا كثير من عظيم كيده شهرا كاملا وهو الآن خرج هائجا مغتاظا فكل ما فعله معك طوال العام وما أوقعك فيه من معاصي، ربما يكون قد غُفر لك في شهر، أو في الليالي العشر، أو في ليلة القدر. وهو يصر على دخولك النار، ويريد أن يضيع عليك ما كسبته من أجر في هذا الشهر في يوم واحد؛ ليثبت لك أن لا فائدة منك وانك مهما كنت طائعا فمن السهل أن تقع في المعصية .
ولذا لابد من الثبات على الطاعة بعد رمضان.
من الأشياء التي كانت تسر النظر وتفرح القلب وتشرح الصدر في رمضان منظر المسجد وهو مملوء بالمصلين في الخمس صلوات فعينك تقع إما على راكع أو ساجد أو مبتهل بالدعاء وإما قارئ للقرآن. والكل مملوء بالطاقة والحيوية والعزيمة والنشاط، ولكن مع أول أيام العيد يحدث الفتور والكسل والخمول فمنا من يؤخر الصلاة، ومنا من يترك قراءة القرآن، ويترك الدعاء، وقيام الليل.
فلنحافظ بعد رمضان على الصلوات في المسجد، وأنت استطعت أن تقرأ كل يوم جزءا أو جزئيين أو ثلاث، واجتهدت في ذلك، فحاول أن تجعل لنفسك وردا يوميا ثابتا من القرآن ولو صفحة واحدة يوميا. واحرص بعد رمضان على الدعاء ، أم ليس لك عند الله حاجة بعد رمضان فكلنا فقراء إلى الله وهو الغني الحميد فخصص وقتا للدعاء يوميا. المهم أن لا يمر يوم دون أن تدعو واسأل الله أن يثبتك على الطاعة .
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
فمن كان منكم أحسن فيه فعليه بالتمام
ومن كان فرط فليختمه بالحسنى
أسأل الله ان يجعلنا من المقبولين ... وأسأله ان يعيننا على تدارك ما بدر منا من تقصير في شهره.. وتفريط في جنبه .. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 17-09-2009 الساعة 10:20 PM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 22-09-2009, 02:12 PM
  #114
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

[/COLOR]اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لك الحمد عدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك، وأشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن محمدًا عبدك ورسولك وصفيك من خلقك، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين جبال مكة ،في واد غير ذي زرع ،من عند بيت الله المحرم ثم ترعرع ذلك الغلام ،ومضت الأيام تلو الأيام ،والشهور تلو الشهور ،والسنين تلو السنين ،حتى بلغ ذلك الغلام 40 سنة ،فإذا بأمر غريب يحصل له ،يقلب عليه حياته كلها ،يأتيه الوحي من السماء ،ليكون رسول هذه الأمة ،فيفزع من الأمر أول مرة ،ثم يعلم بعد ذلك بتطمين خديجة له من جانب ،وقول ورقة بن نوفل له من جانب آخر ،فيأخذ أمر ربه ،ويصبح بعدها نبي ورسول هذه الأمة.
ذلك الغلام الذي منذ نعومة أظفاره ،وهو يترعرع في فجاج مكة ،ويمشي في أزقتها ،كان يعرف عند قومه منذ صغره بالصدق والأمانة ،فكانت له شخصية ،وكسب شعبية ،بأخلاقه الكريمة وإنك لعلى خلق عظيم ،فلما كلفه ربه بتبليغ رسالته ،وأن يصدع بالحق فاصدع بما تؤمر أعرض عن المشركين دعاهم إلى الإسلام ،واستنكر القوم هذه الدعوة ،واستغربوا هذا الأسلوب الجديد الذي لا عهد لهم به ،

والرسول ينادي فيهم: ((قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا)) فأدرك القوم معنى هذه الكلمة ،وأنها تعني القضاء على آلهتهم والقضاء عليها يقضي على نفوذهم الواسع وسلطانهم الجاهلي.
فلما كان لصاحب الدعوة من المكانة في أنفسهم سابقاً ،لم يتجرأوا في أول الأمر على قتله ،وقتل دعوته في مهدها ،بل اتبعوا أساليب شتى قبل قرار القتل ،فعرضوا عليه المال والجاه والرياسة ،ولم ينجح العرض إذ رأوا أنه ليس لديه أدنى ميل إلى هذه الأمور التي يرونها عظيمة ،فعمدوا إلى أسلوب خسيس يريدون به تدمير أعصاب الرسل – لو استطاعوا – والقضاء على الروح المعنوية العالية فأخذوا يقترحون اقتراحات ساخرة ،يحدثنا القرآن عن شيء من ذلك ،فيقول: وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه ولما لم ينجح هذا الأسلوب أيضا ،أخذوا يفترون على من سموه من قبل الصادق الأمين ،ويلقبونه بألقاب مفتريات ،ويشيعون ضد الدعوة إشاعات ،هم يعلمون عدم صحتها قبل غيرهم ،ولم يتركوا باباً من المكر والمكيدة إلا طرقوه ،وها هو القرآن يحدثنا عن مكرهم: وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال . ولما لم تنجح جميع الوسائل التي أشرنا إليها من عرض المال ،والرياسة ،والسخرية ،والشائعات ،والافتراءات وهي ما يسمونه بالحرب النفسية لجأ القوم إلى الحرب الحسية ينالون بها من صاحب الرسالة وأصحابه ،فجروا أحقادهم ،فعقدت جلسة خاصة ومهمة ،لسادات قريش في الحِجر ،واستعرضوا الموقف ودرسوه ،وعددوا ما فعل النبي عليه الصلاة والسلام ،وما قال في حقهم وفي حق آلهتم ،قالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط ،سفه أحلامنا وفرق جماعتنا ،وسب آلهتنا وشتم آباءنا ،وعاب ديننا إلى آخر ما عددوه.
ومن باب الموافقة أن يمر بهم النبي عليه الصلاة والسلام ،وهم يتحدثون في أمره.فوثبوا عليه وثبة رجل واحد وأحاطوا به من كل جانب وصاحوا به قائلين: أنت الذي تقول كذا وكذا؟ فيجيبهم الرسول عليه الصلاة والسلام ،بكل ثقة وثبات:نعم ‍ أنا أقول كذا وكذا. وأرادوا قتله فأدركهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وانبرى للدفاع عنه ،فأخذ يدفع هذا ،ويجع هذا في بطنه ،وهو يقول: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ؟ ولما أعجزتهم جميع الحيل ،عقدوا مؤتمراً خطيراً في زعمهم في الأيام التي أخذ المسلمون يهاجرون فيها إلى المدينة ،وظنوا أن الفرصة سانحة فلا تفوت ،ومن الاقتراحات المهمة التي طرحت على بساط البحث والمناقشة للتخلص من النبي ودعوته هي الآتية:

1 – أن يسجن سجناً مؤبداً ولا يفك.
2 – أن يقتل على أيدي عدد من شباب قريش ينتخبون من عدة قبائل ليتفرق دمه بين القبائل.
3 – أن ينفى من البلد.

ولما وضعوا خطتهم وحزبوا أمرهم ،كشف الله السميع القريب أسرار مؤتمرهم وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين هذا ،وكانت المحنة على ضراوتها وقسوتها لا تزيد محمداً عليه الصلاة والسلام وصحبه إلا صلابة وتصميماً ،تصميماً في المضي مهما كانت التضحيات. وفي الوقت الذي كانوا يؤذونه عليه الصلاة والسلام، هذا الإيذاء كانوا يؤذون المؤمنين به ويعذبونهم بألوان العذاب ،وقد سجل التاريخ ما فعل أمية بن خلف ببلال الحبشي في بطحاء مكة ليكفر بمحمد ،ويعبد اللات والعزى، ولا يزيد بلال على قوله: أحد أحد. وهو تحت الصخرة ،ولكن إيمانه كان أعظم وأثبت ،وكانت هذه الكلمة من بلال تعني الهتاف بلا إله إلا الله ،و قل هو الله أحد .

وفي مكان آخر من مكة أيضاً نرى آل ياسر يعذبون ويفتنون ليكفروا بالإسلام ،ويعبدوا اللات والعزى ،ويموت الأب وهو شيخ كبير تحت التعذيب من توه.

أما الأم الشجاعة فقد أغلظت القول على أبي جهل ،فطعنها لشدة جهله برمحه ،فقتلها فهي أول شهيدة في الإسلام ،وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بآل ياسر ،وهم يعذبون فيقول لهم: صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة .

وقد شهدت أيام النبوة أبطالاً خلد التاريخ بطولتهم وشجاعتهم وثباتهم على عقيدتهم مهما كلفهم ذلك من الثمن ،ولو كان الثمن إزهاق أرواحهم الطاهرة فلنتخذ منهم خبيب بن عدي كمثال فقط لندرك أثر العقيدة في نفوسهم.
خبيب أحد الذين بعثهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى بعض القبائل التي تسكن بين مكة والمدينة ،وهي قبيلة عضل وما جاورها من القبائل فبينما هو في طريقه اعتقل ثم حمل إلى مكة، وباعه المجرمون لبني الحارث بن عامر بن نوفل ،ليقتلوه بحارث بن عامر الذي قتله خبيب يوم بدر ،وفي اليوم المحدد لقتله خرجوا به من الحرم إلى التنعيم ليقتلوه في الحل بعد أن يصلبوه ،
فاستأذن منهم ليصلي ركعتين ،يناجي فيهما ربه ،وهو ساجد فأذنوا له ،فصلى ركعتين حسنتين ،فلما فرغ أقبل عليهم فقال: أما والله لولا أن تظنوا أنني لجزع من الموت لاستكثرت ،أو أطلت فرفع خبيب على الخشبة فقيل ارجع عن الإسلام نخلِ سبيلك ،فقال: لا والله ،ما أحب أن أرجع عن الإسلام ،وأن لي ما في الدنيا جميعاً ،وله دعوة مستجابة على الكفار في هذه المناسبة في كتب السير وكتب الحديث ولا نطيل بذكرها.
ومما قاله خبيب وهو معلق مصلوب (اللهم إني لا أرى إلا وجه العدو، اللهم أنه ليس هاهنا أحد يبلغ رسولك عني السلام، بلغه عني أنت) فبلغ جبريل سلامه إلى النبي فأخبره النبي أصحابه.
فأخذوا يمزقون جلده أشلاء برماحهم وهو يترنم بأبياته المشهورة التي منها:
ولسـت أبـالي حيـن أقـتل مسلمـاً *** على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك فـي ذات الإلـه وإن يشـأ *** يبـارك علـى أوصـال شـلو ممزع
ولسـت بمبـدٍ للعـدو تخـشعاً *** ولا جزعـاً إنـي إلى الله مرجعـي

وفي وسط هذه المحن والمشاكل المحزنة أظهر الله دينه ،وقويت شوكته وأعز الله أتباعه حتى قامت له دولة في طيبة فطابت لأتباعه ،وطاب مقامهم بها ،فجعل الرسول عليه الصلاة والسلام يستقبل الوفود تلو الوفود ،وهم يدخلون في الإسلام ويسألون عن تعاليمه ،وفي الوقت نفسه يرسل جيشه إلى الأطراف ،ليدعو إلى الله بالتي هي أحسن أولاً ،وللمعاند السيف ،هكذا أظهر الله الإسلام وأعز أهله ،ولو كره الكافرون.
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون

اقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه


الخطبة الثانية

الحمد لله المحمودِ في عليائِه، والحمد للهِ حمدًا يليق بعظمته وكبريائِه، والحمدُ لله على آلائِه ونَعمائه، أحمده تعالى وأشكره، وأثني عليه وأستغفِره، وأسأله المزيدَ من فضله وعطائِه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله وخيرتُه من خلقه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم لقائِه.

أما بعد:
وقافلة الدعوة تسير، ثم سلم الرسول الزمام لرجال أمناء تسلموا الدعوة وساروا بها سيرتها الأولى لم يغيروا ولم يبدلوا ،فأخذوا يفتحون القلوب قبل أن يفتحوا البلاد، فأقبل الناس على الإسلام محبة وتقديراً لحملته لما رأوا فيه الرحمة والإنصاف والعدل وعدم التناقض ،وهي الصفات التي جعلت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً.
هكذا مثل الإسلام أصحابُ رسول الله وأتباعهم وحببوه إلى الناس ثم انتهت تلك القرون التي هي بحق خير هذه الأمة ((خير الناس قرني ،ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)).
فآل الأمر بعد 14 قرناً إلينا ،وأصبحنا شئنا أم أبينا نحن المسئولون أمام الله عز وجل عن هذه الدعوة ،وتبليغها للناس. فمنا المقصر ومنا المفرط ومنا الباذل ،وفي ذلك فلتنافس المتنافسون.

لكنها كلمة نقولها للدعاة إلى الله عز وجل ،في هذا المقام لمن نذر نفسه لله ،وكل ينبغي أن يكون كذلك حسب طاقته ،ولن تُعدم وسيلة قدم من وقتك يومياً ،ولو بضع ساعات ،تثقل بها موازينك يوم القيامة.
إذا بزغ لك نجم الهمة في ظلام ليل البطالة فأردمه بقمر العزيمة ،لتشرق الأرض بنور ربها .
أخي المسلم: إنما أنت همة علية ،ونفس تضيء ،وهمة تتوقد ،أنت لا تعيش لنفسك ،ويجب أن تقنع نفسك أنك لا تعيش لها.
جد تجد ،ليس من سهر كمن رقد ،هذا دبيب الليالي يسارقك أنفاسك ،وسلع المعالي غاليات الثمن ،انظر لنفسك واغتنم وقتك ،فالدواء قليل ،والرحل قريب ،والطريق طويل مخوف ،والخطر عظيم ،والعقبة كؤود ،والناقد بصير.
أخي المسلم: خض ميدان التنافس وأت بجديد ،فإن قال لك البطالون والمثبطون: لو تفرغت لنا. فاقرع أسماعهم بصوت عمر بن عبد العزيز: وأين الفراغ ،والله لا مستراح للمؤمن إلا تحت شجرة طويى.

أيها المسلمون: إن النفس الإنسانية ،لابد لها أن تتحرك فإذا هي كفت عن الشر ولم تتحرك للخير ،بقى فيها فراغ وخواء ،قد يردها إلى الفساد والعياذ بالله.إن كل واحد منا أيها الأحبة سائر لا واقف إما يميناً أو شمالاً ،أو أماماً أو خلفاً ،ليس هناك وقوف البتة ،إنما هي مراحل تطوى إلى الجنة. مسرع ومبطئ ،متقدم ومتأخر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر .
أيها المسلمون: إنه لا تمام لحقيقة الإيمان في القلب ،حتى يتعرض القلب للمجاهدة في هذا الدين ،بدءاً من كراهية الباطل إلى السعي في الإصلاح، إلى نقل الناس من الغواية إلى الهدى،إنها باختصار الدعوة إلى الله ،التي تغير ماهية الشيء فتجعل من الرجل غير الرجل ومن القلب غير القلب ،تجعل صاحبها كالنحلة ،لا تأكل إلا طيبا ،ولا تخرج إلا طيبا ،وإذا وقفت على عود لم تكسره. بل مثل النحلة ،ما أخذت شيئاً منها إلا نفعك.

أيها المسلمون: إننا على ثقة بالله عز وجل ،وإنه ما يزال في الأمة رجال.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
أيها المسلمون: إنه يراد من كل واحد منكم الآن وفي هذه الفترة من حياة الأمة أن يقدم الكثير والكثير ،يراد من كل أسرة أن تقدم شيئاً لدينها ،أن تدخر من قوت شهرها ثمناً لكتاب قيم تقرأه الأسرة ،ثم يُهدى لمن ينتفع به ،ومبلغاً لمسلم محتاج ،وشريطاً نافعاً بالدعوة بالقول والعمل ،لأننا نفترض بالأُسر أنها صلُحت ونريدها الآن مصلحة بناءة.
نريد من طالب المدرسة ،أن يدخر من مصروفه ويسهم به في الدعوة إلى الله ،وأن يربى منذ صغره على العمل للإسلام.
نريد من الوجوه أن تتمعر لانتهاك حدود الله ،يعقبه تغيير أو إنكار.
نريد من التاجر أن يدعو بماله ،يقتطع مبلغاً شهرياً ولو بسيطاً يجعله في مصالح المسلمين ،وأحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل لطبع كتاباً ،أو بنظر معسراً ،ينفس كرباً يقضي ديناً ،يطرد جوعاً.
نريد من المدرسين والمدرسات ،أن يغرسوا الإيمان في قلوب أبناء الأمة ،إنهم والله مسؤولون أمام الله عن أولاد المسلمين.
الأمة بحاجة إلى قلوب تعرف الخشوع ،وعيوناً تعرف الدموع.
نطالب المربين تربية ،كتربية أبي بكر وعمر وصحبهم رضي الله عنهم ،لا نريد فراخ الصقور أن تربى تربية الدجاج فهذا جور ،ولا الأُسْدُ أن تربى تربية الخراف. إن الواقع الآن محتاج إلى كل جهد أيها الأحبة ،محتاج إلى كل جهد مهما ضئل حجمه وصغرت مساحته وقل عدده ،فعند الله لا يضيع مثقال ذرة. فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره .
الأمة بحاجة إلى مضاعفة الجهد ،وتكثيف العطاء ،وترجمة الكلام إلى عمل.
آفة الأمة: كثرة الشاكين المتوجعين ،وقلة المداويين.كثرة من يسبون الظلام وقلة من يوقدون ولو شمعة ،نعم أيها المسلمون ،لم يعد أحد هناك إلا ويشكو فمن المشكو منه إذن.
إن علينا أن ننتقل من دائرة الشكوى إلى دائرة العمل المتواصل الدؤوب.
لا ترضى أخي المسلم أن تكون من المتفرجين ،تنتظر العمل من الآخرين ،تنتظر حتى يأتي شخص من الخارج ،فيصلح لك أوضاع بيتك. بل يعمل الجميع وكل على قدر جهده وطاقته.
من استطاع منكم أن يميط شوكة من طريق فليمطها، ومن استطاع منكم أن يبذر حبة فليبذرها، من كان عنده علم دعا به ،ومن كان عنده مال دعا به فالمسئولية على الجميع ،كل بحسبه.
والأمة كلها مسئولة عن فرائض الله وحدود الله وشرائع الله وتحكيم كتاب الله.
إن المستمع عليه من المسئولية كما على المتكلم مسئولية تحويل الكلام إلى عمل ،والأفكار إلى وقائع ،وإن اختلفت درجة المسؤولية المسلم مطالب بالعمل إلى آخر رمق ،لو قامت الساعة وبيده فسيلة فاستطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها.
والله لا عمل أنفع للمسلم من عمل يقضيه في الدعوة إلى الله ،بياناً باللسان ،وجهاداً باليد ،ونفقة من العلم ،والمال والوقت فكل مسلم على ثغر من ثغور الإسلام ،أياً كان تخصصه ومستواه ،فالله الله أن يأتي الإسلام من قبله ،إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة ،همه أداء الواجب والمشاركة حسب طاقته
ولا ننسى ابنائنا المغرر بهم من اولئك الضلال المفسدون في الارض الذين يحولون ابنائنا الى قنابل موقوته علينا وعلى أمننا أن نحتويهم وان ندعوهم وأن نبين لهم فهم والله طاقة يجب ان توجه للحق وأن نذكرهم بما افتى به شياطينهم والمحركين لهم وذلك في آخر حادثة حينما اقنعوا ذلك الشاب ان يكشف عورته وان يضعوا المتفجرات في دبره أي دين واي جهاد يجعل الشخص يقتل نفسه ويقتل غيره ويكشف عورته المغلظة لمثل هذا العمل المشين
اللهم اهد شبابنا واجعلهم عزا للإسلام والمسلمين
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 22-09-2009 الساعة 02:23 PM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 23-09-2009, 04:38 PM
  #115
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

بيان سعة رحمة الله , وأنه يغفر للعبد مارتكب من الذنوب إذا تاب توبة نصوحا
الخطبة الأولى
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب وأشهد أن لا إلا الله القائل ((وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ))آل عمران135
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمد عبده ورسوله القائل : (أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة(
عباد الله اوصيكم ونفسي المذنبة المقصرة بتقوى الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ آل عمران(102)
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (النساء1)

، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا. الأحزاب(70 – 71)
أما بعد:
فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون: أوصيكم بتقوى الله؛ فإن بالتقوى كل حبل يقوى، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويكفر عنه سيئاته، ويعظم له أجراً، وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار. حديثي اليكم في هذه الجمعة عن بيان سعة رحمة الله , وأنه يغفر للعبد مارتكب من الذنوب إذا تاب توبة نصوحا

ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه سمع رسول صلى الله عليه وسلم يقول (( إن عبداً أصاب ذنباً فقال : يارب إني أذنبت ذنباً فاغفره لي . فقال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له , ثم مكث ماشاء الله , ثم أصاب ذنباً آخر , وربما قال ثم أذنب ذنباً آخر فقال: يارب إني أذنبت ذنباً آخر فاغفره لي : قال ربه : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له , ثم مكث ماشاء الله , ثم أصاب ذنباً آخر , وربما قال ثم أذنب ذنباً آخر , فقال: يارب إني أذنبت ذنباً آخر فاغفره لي : قال ربه : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به فقال غفرت لعبدي فليعمل مايشاء)) رواه البخاري ومسلم.
تباركت وتعاليت ياغفار الذنوب , وستار العيوب , فأنت الذي تقبل التوبة عن عبادك , وتعفو عن السيئات , ولاتنفعك طاعة المتعبدين , ولاتضرك معصية من أسر القول ومن جهر به , ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار , ولكنها الأعمال تحصيها لعبادك , ثم توفيها إياهم , فمن وجد خيراً فليحمد الله , ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .
سبحانك جل شأنك تبسط يدك بالليل ليتوب مسيء النهار وتبسط يدك بالنهار ليتوب مسيء الليل وتقول ولك الحمد ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )النور31 .
وفي الحديث القدسي : (( يابن آدم إنك مادعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي . يابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك . يابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة )) . وترغب العصاة في التوبة والإقبال عليك , وبأنك تبدل سيئاتهم حسنات إذا تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات وكان الله غفوراً رحيما.
فبشرى لكم أيها المؤمنون , تحسنون فتثابون , وتسيئون فتستغفرون ويغفر الله لكم , قال تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * اُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }آل عمران136-135.
وقد جعل الله التوبة مقبولة من عباده وإن عظمت سيئاتهم , وارتكبوا كبائر الآثام والفواحش , ولامعصية بعد الكفر مالم تطلع الشمس من مغربها , أو تبلغ الروح الحلقوم , قال تعالى {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ }الأنفال 38 .
وفي الحديث القدسي (( أنا عند ظن عبدي بي , وأنا معه حيث يذكرني , والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة .
ومن تقرب إلي شبراً , تقربت إليه ذراعاً . ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً . وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت إليه هروله )) رواه مسلم .
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن الله يقبل توبة العبد مالم يغرغر )) , لكن التوبة لها شروطاً لابد منها , والتائب ليس من استغفر الله بلسانه , واستمر في ذنوبه وعصيانه , غير نادم ولا مقلع , ولاعازم على الترك .
وأهم تلك الشروط : رد المظالم إلى أهلها , والندم على ما فات من المعاصي والذنوب , والعزيمة على عدم العودة إلى المعاصي .
فيا تاركأ ما أوجبه الله , ويا فاعلاً ما حرمه الله , تب إلى الله قبل أن يأتيك الموت فتندم ولات ساعة مندم , قال تعالى {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }النساء.
والله جل ذكره يدعوا عباده إلى رحمته , ويفتح لهم أبواب مغفرته, ويعدهم بما يرضيهم فيقول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }التحريم8

من قصص التائبين:
1-توبة امرأة بارعة الجمال أرادت أن تفتن الربيع بن خثيم .
أمر قوم امرأة ذات جمال بارع أن تتعرض للربيع بن خثيم لعلها تفتنه ، وجعلوا لها ، إن فعلت ذلك ، ألف درهم ، فلبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب وتطيبت بأطيب ما قدرت عليه ثم تعرضت له حين خرج من مسجده فنظر إليها فراعه أمرها ، فأقبلت عليه وهي سافرة ، فقال لها الربيع كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك ؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت فقطع منك حبل الوتين ؟ أم كيف بك لو سألك منكر ونكير ؟ فصرخت صرخة فسقطت مغشياً عليها ، فو الله لقد أفاقت وبلغت من عبادة ربها ما أنها كانت يوم تاتت كأنها جذع محترق . أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتوب علينا توبة نصوحاً , وأن يغفر لنا ذنوبنا, إنه جواد كريم , اقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه

الخطبة الثانية
الحمد لله المحمودِ في عليائِه، والحمد للهِ حمدًا يليق بعظمته وكبريائِه، والحمدُ لله على آلائِه ونَعمائه، أحمده تعالى وأشكره، وأثني عليه وأستغفِره، وأسأله المزيدَ من فضله وعطائِه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله وخيرتُه من خلقه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم لقائِه..
روي أن رجلاً جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال له : يا أبا إسحاق إني مسرف على نفس ، فأعرض على ما يكون لها زاجراً ومستنقذاً لقلبي قال : إن قبلت خمس خصال وقدرت عليها لم تضرك معصية ولم توبقك لذة قال : هات يا أبا إسحاق !
قال : أما الأولى : فإذا أردت أن تعصي الله عز وجل فلا تأكل رزقه ، قال : فمن أين آكل وكل ما في الأرض من رزقه ؟ قال : يا هذا ! أفيحسن أن تأكل رزقه وتعصيه ؟
قال : لا هات الثانية .
قال : إذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئاً من بلاده قال الرجل : هذه أعظم من الأولى ! يا هذا إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين اسكن ؟ قال : يا هذا! أفيحسن أن تأكل من رزقه وتسكن بلاده وتعصيه ؟ قال لا ، هات الثالثة .
قال : إذا أردت أن تعصيه وأنت تحت رزقه وفي بلاده فانظر موضعاً لا يراك فيه مبارزاً له فاعصه فيه قال : يا إبراهيم ! كيف هذا وهو مطلع على ما في السرائر ؟ قال يا هذا أفيحسن أن تأكل من رزقه وتسكن بلاده وتصعيه وهو يراك ويرى ما تجاهر به ؟ قال : لا هات الرابعة .
قال : إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فق له : أخرني حتى أتوب توبة نصوحاً واعمل لله عملاً صالحاً قال : لا يقبل مني ! قال يا هذا فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب ، وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير ، فكيف ترجو وجه الخلاص ؟ قالت : هات الخامسة :قال : إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى النار فلا تذهب معهم قال : لا يدعونني ولا يقبلون مني قال : فكيف ترجو النجاة إذا ؟ قال له : يا إبراهيم حسبي حسبي أنا استغفر الله واتوب إليه ولزمه في العبادة حتى فرق الموت بينهما . فلا اله الا الله كم عصينا الله وبنعم الله وفي ارض الله وفي ملك الله وتحت نظر الله ولكن ابشركم بأن الله رحيم وكريم ويقبل التوبة عن عباده بل ويبدلها لمن تاب حسنات فاقبلوا على الله في كل حين وداموا على الاستغفار فمن لازم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرحا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب
وأسأل الله ان يجعل لكم من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا وان يرزكم من حيث لا تحتسبون وجميع المسلمين والمسلمات
عباد الله صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه
( لا تنسون الدعاء بأن يغيث الله البلاد والعباد)
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 30-09-2009, 01:05 PM
  #116
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت


هذه الخطبة عن الدنيا وقدرها

الخطبة الأولى

الحمد لله السميع البصير، اللطيف الخبير، أحاط بكل شيء علمًا، ووسع كل شيء رحمة وحلمًا، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العلي القدير، القويّ المتين، الوليِّ الحميد، الفعَّالِ لما يريد، الحليم الشكور، العزيز الغفور، قائم على كل نفس بما كسبت، يحصي على العباد أعمالهم، ثم يجزيهم بما كسبت أيديهم، ولا يظلم ربك أحدًا، أحمدُه سبحانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحقّ المبين، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، الصادق الوعد الأمين، صاحبُ النهج الراشِد والقول السديد اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عباد الله اوصيكم ونفسي المذنبة المقصرة بتقوى الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ آل عمران(102)
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (النساء1)

، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا. الأحزاب(70 – 71)
واعلموا أنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون: أوصيكم بتقوى الله؛ فإن بالتقوى كل حبل يقوى، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويكفر عنه سيئاته، ويعظم له أجراً، وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار. حديثي اليكم في هذه الجمعة عن بيان قدر الدنيا

أما بعد:

فإن الله تبارك وتعالى ضرب للدنيا مثلاً كرره في أربعة مواضع من كتابه العزيز: في الآية الرابعة والعشرين من سورة يونس، وفي الآية الخامسة والأربعين من سورة الكهف، والآية الحادية والعشرين من سورة الزمر، والآية العشرين من سورة الحديد، كلها تحكي معنىً واحداً تدور حوله وتشتمل عليه، تمثل الدنيا بمثال لا يكاد يتغير في الآيات.

وأختار من هذه المواضع الموضع الذي في سورة الكهف لأتكلم عليه في خطبة اليوم مُتبعاً إياه بمثال من الأمثلة التي ضربها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ثم أختم ذلك بالمثال الثامن عشر من الأمثلة التي ذكرها ابن القيم – رحمه الله – كذلك للدنيا في كتابه: "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين".

يقول الله تبارك وتعالى في سورة الكهف: واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً.

يقول الله تعالى لنبيه أصلاً ولمن قام بوراثته من بعده تبعاً، أي لمن تعلم العلم الذي جاء به يقول تعالى: واضرب للناس مثل الحياة الدنيا ليتصوروها حق التصور ويعرفوا ظاهرها وباطنها، فيقيسوا بينهما وبين الدار الباقية ويؤثروا أيهما أولى بالإيثار، وإن مثل هذه الحياة الدنيا كمثل المطر الذي ينزل على الأرض فيختلط بنباتها وتنبت من كل زوج بهيج، فبينما زخرفها وزهرتها تسر الناظرين وتفرح المتفرجين وتأخذ بعيون المتفرجين إذ أصبحت هشيماً تذروه الرياح فذهب ذلك النبات الناضر والزهر الزاهر والمنظر البهي فأصبحت الأرض غبراء تراباً قد انحرف عنها النظر وصدف عنها البصر وأوحش القلب.

كذلك هذه الدنيا بينما صاحبها قد أعجب بشبابه وفاق فيها على أترابه وأقرانه وحصّل درهمها ودينارها واقتطف من لذته أزهارها وخاض في الشهوات جميع أوقاته، وظن أنه لا يزال فيها سائر أيامه، إذ أصابه الموت أو التلف لماله، فذهب عنه سروره وذهبت لذته وحبوره واستوحش قلبه من الآلام وفارقه شبابه وقوته وماله، وانفرد بصالح أو سيء أعماله، هنالك يعض الظالم على يديه حين يعلم حقيقة ما هو عليه، ويتمنى العودة إلى الدنيا لا ليستكمل الشهوات بل ليستدرك ما وقع منه من الغفلات بالتوبة والأعمال الصالحات.

وهيهات هيهات، فالعاقل الحازم الموفق يعرض على نفسه هذه الحالة ويقول لنفسه: قدّري أنك قد مُتِّ ولابد أن تموتي، فأي الحالتين تختارين، الاغترار بالزخرف في هذه الدار والتمتع بها كتمتع الأنعام السارحة، أم العمل لدار أكلها دائم وظلها ظليل، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، فبهذا يعرف توفيق العبد من خذلانه وخسرانه.

وأما المثال النبوي الكريم الذي اخترته من بين الأمثلة الكثيرة التي جاءت بها السنة المطهرة للدنيا فهو المقال الذي جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم – رحمه الله تعالى – في صحيحه. عن المستورد بن شداد عن النبي قال: ((والله ما الدنيا في الأخرى إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليمّ – أي البحر – فلينظر بم يرجع)).

فتأمل وانظر إلى المقال العظيم كيف شبّه الآخرة بماء البحر الكثير الهائل العظيم. وشبه الدنيا بقطرة من مائه، والعاقل لا يعدل عن الماء الكثير الهائل العظيم إلى قطرة حسبها أن تعلق بالإصبع.

فهذا قدر الدنيا في الآخرة، هي بالنسبة للآخرة كقطرة من بحر عظيم هائل.

وأما المقال الذي ذكره ابن القيم – رحمه الله تعلى – في كتابه: "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين".

فإنه المقال الثامن عشر من بين الأمثلة الاثنين والعشرين التي ذكرها في هذا الكتاب الجليل، وقال عن هذا المقال: إنه من أحسن هذه الأمثلة – أي الأمثلة التي ذكرت – سواءً المعدودة منها أو التي لم تعد.

قال رحمه الله تعالى ممثلاً للدنيا والآخرة: ملكٌ بنى داراً لم ير الراؤون مثلها، ولم يسمع السامعون أوسع ولا أجمع لكل ملاذّ النفوس منها. ونصب لها طريقاً – أي نصب لهذه الدار العظيمة الجميلة البهية طريقاً – وبعث داعياً يدعو الناس إليها، هذا طبعاً مثل الآخرة، والداعي هو كل رسول يرسله الله تبارك وتعالى إلى أمته ليدعوهم إلى هذه الدار العظيمة، وبعث داعياً يدعو الناس إليها، وأقعد على الطريق امرأة جميلة (هذا مثال الدنيا) وأقعد على الطريق امرأة جميلة قد زُينت بكل أنواع الزينة وألبست أنواع الحلي والحلل، وممر الناس كلهم عليها. وجعل لها أعواناً وخدماً تحت يديها، وبيدي أعوانها زاداً للمارين السائرين إلى الملك في تلك الطريق.

فقال لها ولأعوانها: من غض طرفه عنك ولم يشتغل بك عنّي وابتغى منكِ زاداً يوصله إليّ فاخدميه وزوّديه ولا تعيقيه عن سفره إليّ، بل أعينيه بكل ما يبلّغه في سفره، ومن مدّ إليك عينيه ورضي بك وآثرك عليّ وطلب وصالك فسوميه سوء العذاب. وأذليه غاية الهوان واستخدميه، واجعليه يركض خلفك ركض الوحش، وما يأكل منكِ فاخدعيه بك قليلاً ثم استرديه منه واسلبيه منه كله، وسلّطي عليه أعوانك وعبيدك، وكلما بالغ في محبتك وتعظيمك وإكرامك فقابليه بأمثاله إهانةً وهجراً حتى تتقطع نفسه عليك حسرات.

ثم قال رحمه الله بعد سوق هذا المثال: فتأمل هذا المقال وحال خُطّاب الدنيا وخُطّاب الآخرة الله المستعان.

فأقول بعد هذه الأمثلة المضروبة في الدنيا: الناس على أقسام:

- فمنهم من يعيش فيها يكسب ويمشي في مناكب الأرض ويبتغي من رزق الله ليقوم بحق بدنه دونما التفات إلى حق روحه.

- ومنهم من يسعى ويكسب لمجرد الكسب وإن كان يقوم بطاعة الله من غير تركيز ومن غير إمعان ومن غير تأمل ونظر، لكنه يعتني بالكسب والتزود منه لا لأنه لا يكفيه، لا بل يكون عنده ما يكفيه وزيادة ولكنه لا يقنع بما عنده. فهو في سعي وكسب دائمين حتى وإن حصّل ما يكفيه إلى يوم القيامة.إنه لا يقنع بما عنده.

- ومنهم من يكسب لينافس غيره في الدنيا، يريد العلو فيها والمفاخرة لأهلها ومباهاتهم فقط غير ناظر إلى ما أوجب الله عليه في هذه المال، وغير قائم بما أوجب الله عليه من طاعته سبحانه.

وخير هذه الأقسام: من يسعى ويكسب ويمشي في هذه الأرض ويأكل من رزق الله مستعيناً بذلك على طاعة الله عز وجل، نائياً بنفسه عن الأسباب التي توبقه في العذاب والشقاء والنكال، جاعلاً ذلك كله بلاغاً إلى الآخرة وإلى دار النعيم، دار البقاء والخلود والفوز.

وهذا هو خير الأقسام لأنه يعرف أن الناس في الآخرة على حالين: فريق في الجنة وفريق في السعير. كما قال تعالى في سورة الشورى، وكما قال السحرة لفرعون في سورة طه: إنه من يأت ربه مجرماً فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ومن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..




الخطبة الثانية


الحمد لله المحمودِ في عليائِه، والحمد للهِ حمدًا يليق بعظمته وكبريائِه، والحمدُ لله على آلائِه ونَعمائه، أحمده تعالى وأشكره، وأثني عليه وأستغفِره، وأسأله المزيدَ من فضله وعطائِه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله وخيرتُه من خلقه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم لقائِه.

أما بعد:

فالأمر كما استمعتم في الخطبة الأولى وكما قال السحرة لفرعون: إنه من يأت ربه مجرماً فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى هذا قسم من قسمي الناس في الآخرة: ومن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى. وذلك هو القسم الثاني قسم الخير قسم المنعمين، فإنه من كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً وعمل صالحاً ولم يشرك بعبادة ربه أحداً فإن الله تعالى يشكر سعيه ويثيبه عليه.

ولما كان الله تبارك وتعالى شكوراً حليماً فإنه يشكر عبده إذا أحسن طاعته ويغفر له إذا تاب عليه ويجمع له سبحانه بين شكره لإحسانه ومغفرته لإساءته إنه غفور شكور.

وهو سبحانه يؤتي العبد ويوفقه لما يشكره عليه، وهو سبحانه يشكر القليل من العمل والعطاء فلا يستقله أن يشكره، ويشكر الحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف مضاعفة ويشكر عبده بقوله بأن يثني عليه بين ملائكته وفي ملئه الأعلى، ويلقي له القبول والشكر بين عباده ويشكر بفعله أيضاً. فإذا ترك العبد شيئاً لله تبارك وتعالى أعطاه أفضل منه وإذا بذل له شيئاً ردّه عليه أضعافاً مضاعفة مع أنه سبحانه هو الذي يوفقه للترك والبذل ويشكره على هذا وذاك.

وهاكم بعض الأمثلة التي تدل على أن من ترك لله شيئاً عوّضه الله خيراً منه وأعطاه أفضل منه.

- لما عقر سليمان النبي عليه السلام الخيل غضباً لله إذ شغلته عن ذكره فأراد أن لا تشغله مرةً أخرى أعاضه عنها متن الريح، لما عقر هو عليه السلام الخيل لربه إذ شغلته عن ذكر الله عوضه الله عنها متن الريح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب.

ولما احتمل يوسف الصديق عليه السلام ضيق السجن شكر الله له ذلك بأن مكن له في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء.

ولما بذل الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أعراضهم في الله تعالى فنالوا منهم وسبوهم أعاضهم سبحانه من ذلك بأن صلى عليهم هو وملائكته وجعل لهم أطيب الثناء في سماواته وبين خلقه، فأخلصهم بخالصةٍ ذكرى الدار.ومعنى أخلصهم بخالصةٍ ذكرى الدار: أي جعل ذكر الدار في قلوبهم والعمل لها صفوة وقتهم. والإخلاص والمراقبة لله وصفهم الدائم، وجعلهم ذكرى الدار، يتذكر بأحوالهم المتذكر، ويعتبر بأحوالهم المعتبر، ويذكرون أحسن الذكر فأخلصهم بخالصةٍ ذكرى الدار.

ولما ترك الصحابة رضوان الله عليهم ديارهم وخرجوا منها في مرضاة الله سبحانه أعاضهم عن ذلك بأن ملكهم الدنيا وفتحها عليهم.

ولما بذل الشهداء أبدانهم لله حتى مزّقها أعداؤه شكر لهم ذلك بأن أعاضهم عنها طيراً خضراً، أقر أرواحهم فيها ترِد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها إلى يوم البعث، فإذا كان يوم البعث رد عليهم أبدانهم خير ما تكون وأجمله وأبهاه فسبحانه، سبحانه.

هو المحسن بإعطاء الإحسان، وهو المحسن بإعطاء الشكر، يشكر عبده على إحسانه إلى نفسه، العبد يحسن إلى نفسه فيشكر له إحسانه ذلك، بينما المخلوق يشكر من أحسن إليه.

فمن أولى وأجدر وأحق بالعمل: زخرف الدنيا وزهرتها وزينتها أم الله العظيم الحليم الرؤوف الشكور؟

من أولى بالعمل؟ ما أظننا إلا حتماً قائلين: الله أولى وأجدر وأحق وأعلى وأجل.


صلوا عباد الله على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 30-09-2009, 03:13 PM
  #117
بن قعصوم
عضو مشارك
 الصورة الرمزية بن قعصوم
تاريخ التسجيل: Sep 2009
المشاركات: 156
بن قعصوم is on a distinguished road
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الله يعطيك الف عافية معك بن قعصوم الرفيدي
بن قعصوم غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-10-2009, 08:13 PM
  #118
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

مشكور اخي ابن قعصوم وجزاك الله خيرا
---------------------------------------------------------------------

هذه الخطبة عن التعليم والمعلمين

الخطبة الأولى

الحمد لله السميع البصير، اللطيف الخبير، أحاط بكل شيء علمًا، ووسع كل شيء رحمة وحلمًا، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العلي القدير، القويّ المتين، الوليِّ الحميد، الفعَّالِ لما يريد، الحليم الشكور، العزيز الغفور، قائم على كل نفس بما كسبت، يحصي على العباد أعمالهم، ثم يجزيهم بما كسبت أيديهم، ولا يظلم ربك أحدًا، أحمدُه سبحانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحقّ المبين، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، الصادق الوعد الأمين، صاحبُ النهج الراشِد والقول السديد اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عباد الله اوصيكم ونفسي المذنبة المقصرة بتقوى الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ آل عمران(102)
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (النساء1)

، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا. الأحزاب(70 – 71)
واعلموا أنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون: أوصيكم بتقوى الله؛ فإن بالتقوى كل حبل يقوى، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويكفر عنه سيئاته، ويعظم له أجراً، وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.


إن أهل الإسلام ـ أيها الإخوة ـ هم معقل الحق ومأزر الإيمان، رسالتهم عالمية، أكرمهم الله بها، وحملهم أمانة المحافظة عليها وتبليغها في كل عصر وفي كل مصر، وبنظرة فاحصة في واقع الأمة في ناشئتها وأبنائها تبين أن الأمة أي أمة إنما تبقى محافظة على كيانها مدركة لمستوياتها ثابتة في موقعها حين يربي صغارها ليكونوا ورثة صالحين للإسلام أمناء على الميراث، يصاغون في قوالب عقائد الأمة ومناهج حياتها، عليها تتربى ومن أجلها تكافح، ومن ثم تنقلها صافية إلى الأجيال المتعاقبة، وإن القائمين على التربية والتعليم والتوجيه في الأمة ليضطلعون بدور ريادي ويؤدون واجبًا عظيمًا في هذا المجال.

وللأسف هناك فئة من العاملين في قطاع التعليم قد امتهن هذه الوظيفة الشريفة وأهانها حين اتخذها وسيلة للثراء والكسب المادي، فهو لا ينظر لهذا العمل إلا من خلال هذه الزاوية المادية. إن وظيفة التعليم أسمى وأعلى من أن تكون وظيفة رسمية أو صيدًا لكسب الرزق، إنها إعداد للأجيال وبناء للأمة، ومن حق كل فرد أن يتطلع لعيشة هنية ويتحصل على مصدر شريف لكسب الرزق، لكن هذه صورة غير تلك التي يمتهن صاحبها التدريس، فلا يختاره إلا لما يدره من مال، فهل يؤتمن من هذه نظرته وغاية تطلعه؟! هل يؤتمن مثله على رعاية الجيل وإعداد النشء؟!

وهناك فئة تشكو دهرها وتندب حظها؛ فإجازاته ليست بيده، والطلاب أحالوا شعره إلى بياض، والآباء يتمون ما عجز عنه أبناؤهم، فالمدرس عند هؤلاء أسوأ الناس حظًا، فأقرانه حاز بعضهم على مراتب عالية، وأسوؤهم حالاً من يستأذن متى أراد ويأتي متى أراد، والشك أن هذا لم يدرك شرف التعليم ولم يرتق لأهلية التوجيه.

وفئة من المدرسين الواحد منهم متبلد الإحساس فاقد الغيرة، يرى أبناء المسلمين يتهافتون على الفساد ويقعون في شباك الرذيلة ولا يحرك الأمر لديه ساكنًا أو يثير عنده حمية، فهذا ليس من شأنه، فشأنه تدريس الفاعل والمفعول أو توضيح المركبات وقوانينها أو حل المعادلات الرياضية، بل قد يتبوأ تدريس العلم الشرعي والتربية الإسلامية ومع ذلك فواقع الشباب لا يعنيه بقليل ولا كثير! ولست أدري أي عقلية تحكم هذا النوع من الناس؟! ولا أعلم من أيهما أعجب: من واقع الشباب أم من سلبية هذا الصنف من المدرسين.

فما هو المدرس الذي نريده؟ لسنا نريد ذاك الذي رمى الدنيا وراء ظهره وطلقها ثلاثًا فلم يعبأ بها، أو ذاك الذي لا يفارق محرابه، أو الذي لا تند منه شاردة ولا واردة، إنها صور ساحقة ولا شك، لكنها ليست لكل الناس.

فنحن نريد المدرس البشر الذي يتطلع كغيره لتحصيل مورد لرزقه، ويرى أن من حقه كغيره أن يتمتع بمزايا إدارية ووظيفية، لكن كل تطلعاته تلك لم ترق إلى أن تكون الهدف الأول والأساس والمقياس الأوحد والحامل الأهم في اتخاذ قراره بسلوك طريق التعليم، فقد اختار هذا الطريق ليخدم الأمة من خلاله ويعد الجيل ويربي النشء، إنه يحترق على واقع الشباب، ويعدهم أبناءه، ويعتبر إصلاحهم من أولويات وظيفته، وتربيتهم من مسؤوليته، وهو مع ذلك سيحصل ما يحصله غيره من مزايا مادية ويعيش عيشة مستقرة هنيئة.

أيها الإخوة في الله، حين يموت الإنسان ويفضي إلى ما قدم ينقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له، والمدرس يجمع بين الثلاث كلها كما بين ذلك الحافظ بدر الدين بن جماعة.

والمدرس هو اللبنة الأولى في كل شيء، فهل رأيت العالم الداعية الذي يجعل الهم دينه وتلف حوله الجماهير ويثني الناس ركبهم لديه، أم أبصرت القاضي الذي يحكم في دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، أم قابلت الجندي الذي يقف في الميدان حاميًا لعرين الأمة وحارسًا لنفوذها، ولا بد أنك قابلت الطبيب الذي يفزع إليه الصغير والكبير والذكر والأنثى والوزير والمسؤول والموظف، كل أولئك إنما جازوا من قنطرة التعليم وعبروا بوابة الدراسة، وقد كان ولا شك معلمون وأساتذة، ولم يعدموا مدرسًا ناصحًا وأستاذا صادقًا. فهو أنت أيها المدرس، تدرس الصغير والكبير، وتعدّ الجميع وتهيئهم ليصل بعضهم إلى ما لم تصل إليه، لكنك صاحب اللبنة الأولى وحجر الأساس.

أرأيت ـ أخي ـ حجم مسؤوليتك، وأدركت موقفك من المجتمع، وعلمت مكانك بين الناس؟ فذاك الرجل الطاعن في السن وتلك المرأة الضعيفة قد علقوا آمالهم بعد الله عليك في استنقاذ ابنهم وحمايته، والصالحون والغيورون يعدونك من أكبر آمالهم في استنقاذ المجتمع.

وما أغناك ـ أخي المدرس ـ عن أن أحدثك عن الواقع المرير لأمتنا أو عن التآمر على شباب المسلمين، أنسيت ما فعل وثلوب وأذنابه؟! أنسيت ما بذل جيل المسخ ليحول بينك وبين كلمة الحق الصادقة إلى القلوب المتعطشة؟! ألست داعيًا؟! ألم يقل الرسول : ((كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته))؟! ألست ترى المنكر؟! ألم تسمع قوله : ((من رأى منكم منكرا فليغيره...))؟! وهل وصل بك الأمر إلى أن لا تطيق أن تحمل همّ الإصلاح والتربية مع أن الإدارة التي تتبعها اسمها: "إدارة التربية والتعليم"؟! فالتربية والتوجيه والإرشاد أولاً والتعليم ثانيًا.

وعند الترمذي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها ليصلون على معلم الناس الخير))، أي منزلة يبلغها المدرس أن يصلي عليه الله سبحانه وملائكته الكرام الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. وفي صحيح مسلم يقول : ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا))، والمدرس ولا شك له نصيب من هذه الفضائل، فهو ممن يدعو إلى الهدى ويسن السنة الحسنة.

معاشر المدرسين، ما أحوجنا جميعًا إلى معرفة هديه في التعليم، وقد وصفه معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قائلاً: فبأبي وأمي رسول الله، ما رأيت معلمًا أحن تعليمًا وتأديبًا منه. بل وهل يظن مسلم أن يوجد أسمى وأعلى وأشرف منه معلمًا ومربيًا؟! بل وهل يظن ظان أنه سيرد مشرب التعليم والتربية من غير حوض أو يدخل إلى ساحة البناء من غير باب؟! فما أحوجنا معاشر المعلمين والمربين إلى التماس هديه في التعليم والتأسي به، فإليك بعض معالم هديه في ذلك:

أولاً: ترغيبه أصحابه في العلم: ولا شك أن لذلك أثرا كبيرًا في إيجاد الحماس لدى طلاب العلم للتعلم والاستزادة من ينابيعه، فحين جاء ثلاثة نفر وهو جالس مع أصحابه فجلس أحدهم خلف الحلقة والآخر رأى فرجة فجلس فيها وأما الثالث فأعرض، فقال : ((أما أحدهما فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا من الله فاستحيا منه الله، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه)).

ثانيًا: جمعه بين التربية والتعليم: فقد وصفه الله بذلك فقال: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ [الجمعة: 2]؛ ولذا لم يكن يخرج أقوامًا يحفظون المسائل فقط، بل ربى أصحابه تربية علمية وتربية جهادية وقيادية وإدارية، وقبل ذلك تربية إيمانية، فهذا حنظلة رضي الله عنه يحكي عن رسول الله أنه كان يشهد معه مجالس التذكير والعلم فكأنه يرى الجنه والنار.

ثالثًا: عنايته بتعليم المنهج العلمي: فربى علماء ومجتهدين وحملة العلم للبشرية، ولقد ظهر في آثار هذه التربية على صحابته في مواقفهم بعد وفاته من حادثة الردة وجمع القرآن والخراج وغير ذلك. ومن معالم تعليم المنهج العلمي أنه كان يعودهم على معرفة العلة ومناط الحكم وعلى منهج السؤال وآدابه: ((إن الله كره لكم القيل والقال وكثرة السؤال وإضاعة المال)). ولا يقتصر في إجابته على مواضع السؤال، بل يجيب بقاعدة عامة، فلما سئل عن الوضوء بماء البحر قال: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)). كما كان يربي أصحابه على منهج التلقي: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي))، ويربيهم على منهج التعامل مع النصوص وتعويدهم على الاستنباط.

رابعا: من معالم هديه في التعليم ((بلغوا عني ولو آية)).

خامسًا: يشجع الطالب ويثني عليه: فلما سأله أبو هريرة يومًا: من أسعد الناس بشفاعتك؟ فقال: ((لقد ظننت أن لا يسأل أحد عن هذا الحديث أول منك لما علمت من حرصك على الحديث)). فنتصور كيف يكون أثر هذا الشعور دافعًا لمزيد من الحرص والاجتهاد.

سادسًا: كما كان يعتني بالسائل ويدرك قدرات تلاميذه وإدراكهم العقلي، ويراعي الفروق الفردية.

سابعًا: التوجيه للتخصيص المناسب، فقد استقرأ عليه السلام زيد بن ثابت فقال له: ((إني أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدوا علي أو ينقصوا، فتعلم السريانية))، فتعلمها في سبعة عشر يومًا. والأمة أحوج ما تكون إلى طاقات أبنائها وقدراتهم، فبدلاً من تشتيتها وبعثرتها أليس من حق الطالب على أستاذه أن ينصح له ويوجهه لما يناسبه حين يبدع في فن دون غيره؟!

ثامنًا: الجمع بين التعليم الفردي والجماعي، وشواهد ذلك كثيرة من سيرته.

عاشرًا: التشويق والتنويع في عرض المادة، فأحيانًا يطرح المسألة على أصحابه متسائلاً: ((أتدرون ما الغيبة؟))، ((أتدرون من المفلس؟))، وأحيانا يغير نبرات صوته، وأحيانًا يغير جلسته كما في حديث: ((أكبر الكبائر)) وكان متكئًا فجلس فقال: ((ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور)).

حادي عشر: استغلال المواقف في التعليم.

ثاني عشر: استعمال الوسائل التعليمية، فتارة يشير بيده، وتارة يضرب المثل، وتارة يستعمل الرسم التوضيحي، فقد خط خطًا مستقيمًا وإلى جانبه خطوط وقال: ((هذا الصراط، وهذه السبل))، ورسم مربعا وقال: ((هذا الإنسان))، وأحيانا يحكي قصة واقعية من الأمم السابقة.

ثالث عشر: تأكيد ما يحتاج إلى تأكيد، فقد حلف على مسائل كثيرة تزيد على الثمانية: ((والله لا يؤمن))، ((والذي نفسي بيده)).

رابع عشر: مراجعة العلم والحفظ، فقد أوصى حفاظ القرآن بتعاهده والعناية به فقال: ((تعاهدوا القرآن؛ فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتًا من الإبل في عقلها))، وكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان.

أيها المدرس الفاضل، وهذه وصايا مهمة ينبغي العناية بها:

أولا: الإخلاص لله وحده بأن يستشعر الإخلاص لله وحده ويستحضر النية الصالحة ويتفقد ذلك كل فترة، فالأعمال بالنيات، قال الحافظ ابن جماعة في أدب العالم مع طلبته: "الأول: أن يقصد بتعليمه وتهذيبه وجه الله تعالى ونشر العلم ودوام ظهور الحق وخمول الباطل ودوام خير الأمة بكثرة علمائها واغتنام ثوابهم وتحصيل ثواب من ينتهي إليه علمه". وحين يصلح المدرس نيته ويحسن طويته يتحول عمله إلى عبادة لله وحده، ويكتب له نصبه وجهده وكل ما يلاقيه حسنات عند الله.

ثانيًا: كسب طالب ولو واحد: قال ابن جماعة: "واعلم أن الطالب الصالح الذي يتلقى عنك توجيهاتك أعود على العالم بخير الدنيا والآخرة من أعز الناس عليه وأقرب أهله إليه؛ ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله ودينه يلقون شبك الاجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم ومن بعدهم، ولو لم يكن للعالم إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى، فإنه لا يصل شيء من علمه إلى أحد فينتفع به إلا كان له نصيب من الأجر".

ثالثًا: الاعتناء بالمظهر بما لا يخرجه عن حد الاعتدال، وكثيرًا ما يذكر السلف في مؤلفاتهم: "باب: إصلاح المحدث هيئته وأخذه لرواية الحديث زينته"، وغني عن التأكيد القول بأن من تمام حسن المظهر وأولوياته الالتزام بالضوابط الشرعية، فإسبال الثياب أو لبس المخالف منها أو حلق اللحية مما يخل بالمظهر.

رابعًا: حفظ اللسان: فالمنطق واللسان يعد معيارًا من معايير تقويم الشخصية؛ فلذا على المدرس أن يحفظ منطقه ولسانه، فلا يسمع منه الطلاب إلا خيرًا، وحين يعاتب أو يحاسب فلا يليق به أن يتجاوز ويرمي بالكلمات التي لا يبالي بها، وكم تصفع الكلمات الطيبة في نفس الطالب وتؤثر فيه.

خامسًا: أن تكون قدوة صالحة للآخرين: فكم هم الأستاذة الذين يدعون بأعمالهم وسلوكهم ويرى فيهم الطالب القدوة الحسنه؟ فيجدر بك ـ أخي المدرس ـ أن تكون قدوة صالحة لأبنائك في عبادتك وتعاملك وسلوكك، وإن التناقض بين القول والعمل والظاهر والباطن وازدواجية التوجيه وتناقضه كل هذا من أكبر مشاكل الجيل المعاصر، وذلك نبات بذرة خبيثة واحدة، ألا وهي عدم العمل بالعلم.






الخطبة الثانية
الحمد لله المحمودِ في عليائِه، والحمد للهِ حمدًا يليق بعظمته وكبريائِه، والحمدُ لله على آلائِه ونَعمائه، أحمده تعالى وأشكره، وأثني عليه وأستغفِره، وأسأله المزيدَ من فضله وعطائِه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله وخيرتُه من خلقه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم لقائِه.
ثم اما بعد

إن مناهج التربية وطرائق العلوم يجب أن تكون عائدة إلى الإيمان قاصدة إصلاح الأنفس وتهذيب الأخلاق. إن مظاهر القوة المادية وحدها لا تعني شيئًا إذا تداخلت في العقول الثقافات المتناقضة والعلوم المتنافرة، فتفرقت بطلابها السبل وتنازعتها التيارات والأهواء. ليس مقياس النجاح مجرد معرفة القراءة والكتابة، وليس دليل التفوق كثرة دور العلم وأفواج الخريجين.

أيها المسلمون، لا فائدة في علم لم يكس بخلق، ولا جدوى من تربية لا تثمر عملاً صالحًا، ولا خير في معارف تورث بلبلات فكرية، ولا نفع في ثقافات تشكك في الصحيح من المعتقدات وتستخف بالدين ومستوثقات التاريخ. ومن هنا كان لازمًا على القائمين على التربية والتعليم ـ وهم يشرفون على أجيال الأمة ويقومون بالعملية التعليمية التربوية ـ أن يوجهوا الجيل وجهة حسنه وينشئوه النشأة الصالحة، مستلمين العقائد والمرتكزات والثوابت من ديننا الحنيف، ومستهدين بأخلاق وسيرة سيد المرسلين. ولا شك أن الكلمة مهما كانت لها وقعها وأهميتها في توجيه أفكار الطلبة وتصوراتهم واهتمامهم كما أن التلقي فرع عن المحبة.

فاحرص ـ أيها المدرس ـ على تربية النشء واستصلاحه؛ ولهذا يقول المربي محمد قطب: "والضمان لذلك هو الحب، فما لم يشعر المتلقي أن مربيه يحبه ويحب له الخير فلن يقبل على التلقي منه ولو أيقن أن عنده الخير كله، بل لو أيقن أنه لن يجد الخير إلا عنده، وأي خير يمكن أن يتم بغير حب؟!".

ولا ننسى أن الاقتصاد في الموعظة وعدم الإكثار من بيان الأخطاء أمر له أهميته في قبول الوعظ والتوجيه، والواقعية وخطاب الناس بما يطيقونه بالتنزل للطلبة كثيرًا والذين يحتاجون للحديث عن أضرار المعاصي وعن الخوف من الله تعالى ومراقبته والمحافظة على الصلاة مع الجماعة ولتنويع أساليب الخطاب والموعظة الأثر البالغ في استجابة الطلبة.

وهكذا التضحية الخاصة والخلق الحسن وتوقير الطالب وتقديره والثناء عليه حين يحسن والعدل بين الطلاب وعدم الجفاء حين يقع الطالب في خطأ وعدم المبالغة في العتاب والمؤاخذة والاعتدال في ذلك والاهتمام بالطالب وعدم الوقوع في مواضع التهم وضبط النفس وعدم سرعة الانفعال ولغة التهديد والحذر من السخرية من الطالب واحتقاره وعدم التركيز على النقد، كل ذلك آداب ووصايا يجب على المعلم الأخذ بها لينجح في عمليته التربوية والتعليمية.

أيها الإخوة في الله، إن المدارس ودور التعليم في كافة مستوياتها هي محاضن الجيل، وهي الحصن الحصين، تكمن فيها حماية الأمة والحفاظ على أصالتها وبقائها ونقائها. إن هذه الدور تحتوي أثمن ما تملكه الأمة، تحتضن الثروة البشرية ورجال الغد وجيل المستقبل، ثروة تتضاءل أمامها كنوز الأرض جميعها.

وشر ما يقع على هذه المعاقل والحصون أن تؤتى من قبل من وكل إليهم رعايتها وصيانتها، وتكون الخيانة العظمى حين يفتحون الأبواب الخلفية وغير الخلفية ليتسلل المتلصصون ليلاً ونهارًا في غفلة من الحماة الصادقين، فتقع الواقعة وتحل الكارثة.

فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله يا رجال التربية، واعلموا أنه إذا حفظت العقول والأخلاق وأحيطت بسياج الدين المتين وربطت برباط العقيدة الوثيق فلسوف تصح المناهج وينقح التعليم وتثبت الأصالة وينقح السبيل وترتفع الراية ويحصل التمكين.

فاتقوا الله وعوا مسؤولياتكم، فإن صلاح الأمة في صلاح أعمالها، وصلاح أعمالها في صحة علومها، والتربية الصحيحة الجارية على السنن المستقيمة تنتج رجالاً أنقياء أوفياء ذوي نصح وإخاء، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف: 21].


__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-10-2009, 08:28 PM
  #119
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت


اعظم مربي وأعظم معلم


الخطبة الأولى


الحمد لله السميع البصير، اللطيف الخبير، أحاط بكل شيء علمًا، ووسع كل شيء رحمة وحلمًا، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العلي القدير، القويّ المتين، الوليِّ الحميد، الفعَّالِ لما يريد، الحليم الشكور، العزيز الغفور، قائم على كل نفس بما كسبت، يحصي على العباد أعمالهم، ثم يجزيهم بما كسبت أيديهم، ولا يظلم ربك أحدًا، أحمدُه سبحانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحقّ المبين، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، الصادق الوعد الأمين، صاحبُ النهج الراشِد والقول السديد اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عباد الله اوصيكم ونفسي المذنبة المقصرة بتقوى الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ آل عمران(102)
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (النساء1)

، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا. الأحزاب(70 – 71)
واعلموا أنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون: أوصيكم بتقوى الله؛ فإن بالتقوى كل حبل يقوى، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويكفر عنه سيئاته، ويعظم له أجراً، وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

أيها الناس، إن هذه الأمة أمةَ محمد خير أمة أخرجت للناس، الصدارةُ منزلتها، والقيادة مرتبتها، وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143]. إن مصدر أصالة الأمة ومنبر توجيهها ومنار تأثيرها هو التمسك بتعاليم دينها، كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]. هكذا أراد الله لها إن هي استقامت على النهج وقامت بالحق.

إن أمةً رفع الله من شأنها ليس لها أن تنحدر إلى مستوى التقليد والتبعية، وإن أمة قد وضحت لها المعالم من السفاهة أن تطلب الحقَّ في معالم غيرها.

عباد الله، إن أعظم مِنّة منّ الله بها على هذه الأمة هو أن بعث فيهم محمدا مبشرًا ومنذرًا، وقبل ذلك وذاك معلما ومرشدا، لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164]. حين دعا إبراهيم عليه السلام لذريته من بعده دعا لهم بكل خير، ولكنه لم ينس أن يسأل الله لهم بالمعلّم الناصح والمرشد الموجه: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [البقرة:129]، فلما أوجد الله هذا الرسول جعل وجوده قاطعًا للعذر مقيمًا للحجة، كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [البقرة:151، 152].

وما مات حتى علم الناس كل شيء، روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي ذر رضي الله عنه قال: لقد تركنا محمد وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا عنه علمًا.

عباد الله، لقد أفنى رسول الله عمره كله في سبيل تعليم أمته ونشر الدين بينهم.

كان صلوات ربي وسلامه عليه يعلم الناس على جميع أحواله، في مسجده، في خطبة الجمعة، في مواعظه لأصحابه، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إني لأتخوّلكم بالموعظة كما كان رسول الله يتخوّلنا بالموعظة مخافة السآمة علينا.

بيته مدرسة، ولهذا كان الصحابة إذا اختلفوا في أمر ذهبوا إلى بيوت النبي يسألون زوجاته عن عمله في بيته.

كان يعلم الناس وهو واقف على ناقته، يقول عبد الله بن عمرو بن العاص: لقد رأيت النبي وهو واقف على ناقته في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فما سئل عن شيء قدِّم ولا أخِّر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) رواه البخاري.

عباد الله، لقد كان لا يدع فرصةً للتعليم إلا اغتنمها، يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: كنت يومًا خلف النبي على الدابة، فقال: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك..)) الحديث رواه الترمذي. ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه: كان النبيّ على حمار، وكان معاذ رديفه، فقال: ((يا معاذ بن جبل))، فقال معاذ: لبيك يا رسول الله وسعديك ـ ثلاثًا ـ، ثم قال: ((ما من أحدٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صِدقًا من قلبه إلا حرمه الله على النار)) متفق عليه.

أيها الناس، يقول منظرو التعليم: إن التعليم التطبيقي أرسخ من التعليم النظري، ولقد سبقهم إلى ذلك محمد ، يقول عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه كنت غلامًا في حجر رسول الله ، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله : ((يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك)) متفق عليه. وكان يمشي ومعه الحسن بن علي، فوجد تمرةً، فأخذها الحسن، فقال : ((كخ كخ، أما علمت أنّا لا تحلّ لنا الصدقة؟)).

عباد الله، إن أمر تعليم الناس أمر عظيم، حتى إنه ليوقف غيره من العبادات لأجل العلم، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي رفاعة العدوي رضي الله عنه قال: انتهيت إلى النبي وهو يخطب، فقلت: يا رسول الله، رجل غريب يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، قال: فأقبل عليّ رسول الله وجعل يعلّمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها.

أيها الناس، لئن كان يعلّم الناس بأقواله وأفعاله فلقد كان يعلمهم بأخلاقه، يقول معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه: بينا أنا أصلي مع رسول الله إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم فقلت: واثكلَ أمياه! ما شأنكم تنظرون إليّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكتّ، فلما صلى رسول الله فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن)) رواه الإمام مسلم.

عباد الله، بمثل هذه الأعمال من المصطفى علّم أمته كلَّ شيء، حتى بلغ من ذلك أن بعض المشركين قال لسلمان الفارسي: إنا نرى صاحبكم يعلمكم كل شيء حتى الخراءة! قال سلمان: نعم، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع دابةٍ أو عظم.

إن مستوى التعليم في زماننا لم يضعف ولم يهتزّ بنيانه إلا حينما قصرناه على جوانب محدودة فقط. إن التعليم ليس مقصورًا على مدرسة تفتح ثم تغلق ثم تفتح، إنّ الحياة كلها مجال للتعليم، البيت مدرسة، الأب مدرسة، الأم مدرسة، المسجد مدرسة، السوق مدرسة، كل واحدٍ من الناس مدرسة في أخلاقه وتصرفاته. لما بنيت المدارس ـ وأول ما بينت ببغداد ـ قال علماء ذلك العصر: "اليوم ينعَى العلم ويودِّعه أهله".

ألا فاتقوا الله عباد الله، وتفقهوا في دينكم، وليقِم كلّ واحدٍ منكم نفسه معلمًا لغيره.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.






الخطبة الثانية


الحمد لله حقَّ حمده، أفضل ما ينبغي لجلال وجهه، أحمده سبحانه لا أحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .

أما بعد: روى الإمام الدارمي في سننه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: لما توفي رسول الله قلت لرجل من الأنصار: يا فلان، هلمَّ فلنسأل أصحاب رسول الله فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبًا لك يا ابن عباس! أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله من ترى؟! فترك ذلك وأقبلتُ أنا على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائل، فأتوسّد ردائي على بابه، فتسفي الريح على وجهي التراب، فيخرج فيراني، فيقول: يا ابن عمّ رسول الله، ما جاء بك؟ ألا أرسلتَ إلي فآتيك؟! فأقول: أنا أحقّ أن آتيك، فأسأله عن الحديث، قال: فبقي صاحبي الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس علي، فقال: كان هذا الفتى أعقل مني.

عباد الله، إن السابقين ما نالوا من العلم ما نالوه إلا بالمشقّة والمكابدة، وإننا لن نصل إلى مثل ما وصلوا إليه في وقتهم إلا بمثل ذلك العناء والمكابدة.

أيها الناس، إنه وإن تعددت وسائل التعليم وطرائقه إلا أنه بقدر ذلك تتعدّد المغريات والملهيات، وإن خطرها وتأثيرها لمِن أشدِّ ما يواجِه المعلّم في هذا العصر، فاتقوا الله عباد الله، وتواصوا فيما بينكم بالحق، وتواصوا بالصبر.

اللهم إنا نسألك علمًا نافعًا وقلبًا خاشعًا ولسانًا ذاكرًا.

اللهم صلّ على عبدك ورسولك محمد...



__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 20-10-2009, 01:08 AM
  #120
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : ألا وإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار

أيها المسلمون!

اتقوا الله تعالى، وارقبوه، وامتثلوا أمره ؛ فإنه للظالمين بالمرصاد.

عباد الله!

إن من المهمات التى بعث بها نبي هذه الأمة محمد تزكية النفس؛ كما قال عز وجل ممتناً ببعثه : هو الذى بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين [الجمعة:2].

وقد علق الله تعالى فلاح العبد بتزكية نفسه، وذلك بعد أحد عشر قسماً متوالياً؛ فقال عز وجل: والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها [الشمس:1-10]. والتزكية معناها التطهير.

عباد الله!

ومن وسائل تزكية النفس : الخوف من الله تعالى.

وإذا كان المسلم محتاجاً إلى تزكية نفسه بالخوف من الله تعالى في كل وقت؛ فإن الحاجة إليه في هذا الزمن شديدة؛ لكثرة المغريات والفتن.

والله تعالى أمر عباده بالخوف منه، وكل أحد إذا خفته؛ هربت منه؛ إلا الله؛ فإنك إذا خفته؛ هربت إليه:

قال تعالى: إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين [آل عمران:175]. فأمر الله تعالى بالخوف، وجعله شرطاً في الإيمان.

وقالى تعالى: فإياي فارهبون [البقرة:40].

قال ابن القيم رحمه الله: "ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الخوف، وهى من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، وهي فرض على كل أحد".

وقال أيضاً: "القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر؛ فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه؛ فمتى سلم الرأس والجناحان؛ فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس؛ مات الطائر، ومتى فقد الجناحان؛ فهو عرضة لكل صائد وكاسر".

عباد الله!

والخائف من الله تعالى أجره عظيم ومنزلته رفيعة:

قال تعالى: ولمن خاف مقام ربه جنتان [الرحمن:46].

وقال عز وجل: وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى [النازعات:40].

وقال : ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله؛ اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه))متفق عليه.

وقال : (( ثلاث منجيات: خشية الله تعالى في السر والعلن، والعدل في الرضى والغضب، والقصد في الغنى والفقر. وثلاث مهلكات: هوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه))رواه البزار والبيهقي وهو حسن بطرقه
عباد الله!

وكل إنسان يدعي الخوف من الله، ولكن هذا الخوف: إما أن يكون صورة، أو حقيقة ؛ فمن منعه الخوف من الله من فعل المحرمات؛ فخوفه حقيقة، ومن لم يمنعه الخوف من الله من فعل المحرمات؛ وتمادى بها؛ فإن خوفه صورة لا حقيقة، وادعاؤه كاذب.

وكنتيجة لهذا الخوف الصوري رأينا انتشار المعاصي والمنكرات في أوساط المسلمين؛ فما خاف الله حقيقة من تجرأ على محارم الله، ما خاف الله حقيقة من ترك الصلاة أو تهاون فيها، وما خاف الله حقيقة من تعامل بالربا، وما خاف الله حقيقة من استمع إلى آلات اللهو المحرمة أو اشتراها بماله أو مكن من تحت يده من استماعها أو النظر إليها أو باعها أو أعان على نشرها، وما خاف الله من شرب الدخان أو باعه، وما خاف الله من ازدرى نعم الله.

وكذلك من النساء من كان خوفها من الله صورة لا حقيقية؛ فما خافت الله من تبرجت أمام.

الرجال الأجانب أو حلت بهم أو لانت بقولها للرجال، أو كانت فتنة لكل مفتون.

وبالجملة؛ فكل من ضيع أوامر الله وارتكب نواهيه؛ فما خاف الله تعالى، وعقابه عند الله أليم.

عباد الله!

النبى - وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر - كان أشد الناس خشية لله؛ فعن أبي ذر رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله : ((إني أرى ما لا ترون، واسمع ما لا تسمعون؛ أطت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع؛ إلا فيه ملك راكع أو ساجد، لو علمتم ما أعلم؛ لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيراً، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم على (أو: إلى) الصعدات تجأرون إلى الله)). قال أبو ذر: والله؛ لوددت أني شجرة تعضد.رواه أحمد والترمذى وأبن ماجه والحاكم

عباد الله!

وكذلك كان الخوف من سمات صحابة الرسول الذين هم خير القرون؛ فعن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف؛ أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام، وكان صائماً، فقال: "قتل مصعب بن عمير، وهو خير منى، وكفن في بردة: إن غطي بها رأسه؛ بدت رجلاه، وإن غطيت رجلاه؛ بدا رأسه، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط (أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا)، وقد خشينا أن تكون حسناتنا قدمت لنا. ثم جعل يبكى حتى ترك الطعام"رواه البخاري.

فتفكروا عباد الله في سيرة هؤلاء واقتدوا بهم، وقارنوا بين حالنا وحال أولئك القوم ؛ فستجدون أنهم في يقظة ونحن في نوم.

عباد الله!

والخوف ينقسم إلى أقسام:

قال ابن رجب : "القدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم؛ فإن زاد على ذلك؛ بحيث صار باعثاً للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات، والانكفاف عن دقائق المكروهات والتبسط في فضول المباحات؛ كان ذلك فضلاً محموداً، فإن تزايد على ذلك؛ بأن أورث مرضاً أو موتاً أو وهماً لازماً؛ بحيث يقطع عن السعى في اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة لله عز وجل؛ لم يكن محموداً".

وقال بعض العلماء: الخوف له قصور، وله إفراط، وله اعتدال، والمحمود منه هو الاعتدال والوسط:

فأما القاصر منه؛ فهو الذى يجرى مجرى رقة النساء؛ يخطر بالبال عند سماع آية من القرآن، فيورث البكاء، وتفيض الدموع، وكذلك عند مشاهدة سبب هائل، فإذا غاب ذلك السبب عن الحس؛ رجع القلب إلى الفضلة؛ فهذا خوف قاصر، قليل الجدوى، ضعيف النفع.

وأما المفرط؛ فإنه الذي يقوى ويجاوز حد الاعتدال، حتى يخرج إلى اليأس والقنوط، وهو مذموم أيضاً؛ لأنه يمنع من العمل.

وأما خوف الاعتدال؛ فهو الذى يكف الجوارح عن المعاصي، ويقيدها بالطاعات.

وما لم يؤثر في الجوارح؛ فهو حديث نفس وحركة خاطر لا يستحق أن يسمى خوفاً.

قال بعض الحكماء: ليس الخائف الذى يبكي ويمسح عينيه، بل من يترك ما يخاف أن يعاقب عليه.

فالخوف يحرق الشهوات المحرمة، فتصير المعاصي المحبوبة عنده مكروهة كما يصير العسل عند من يشتهيه إذا عرف أن فيه سما؛ فتحترق الشهوات بالخوف، وتتأدب الجوارح، ويحصل في القلب الخشوع والذل والاستكانة ومفارقة الكبر والحقد والحسد.

اللهم! اجعلنا ممن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين!

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.








الخطبة الثانية

الحمد لله حقَّ حمده، أفضل ما ينبغي لجلال وجهه، أحمده سبحانه لا أحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله

أما بعد: أيها المسلمون!

اتقوا الله تعالى، واعلموا أن أخوف الناس لربه أعرفهم بنفسه وبربه، ولذلك قال النبي : ((الله؛ إني لأعلمكم بالله، واشدكم له خشية))رواه البخاري ومسلم.

عباد الله!

وهناك أمور يستجلب بها الخوف، وهي كثيرة:

أولها – وهو الجامع لكل ما يليه -: تدبر كلام الله تعالى وكلام نبيه والنظر في سيرته فهو سيد المتقين:

فإن تدبر هذا مما يعين على الخوف:

قال الله تعالى: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سـوء تـود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد [آل عمران:30].

وقال سبحانه: ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيراً ويوم يعض الظالم على يديـه يقـول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلاً [الفرقان:28].

وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: سمعت رسول الله يقول: ((يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً". قلت: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعاً؛ ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال: "يا عائشة! الأمر أشد من ذلك)).

الأمر الثاني مما يستجلب به الخوف: التفكر في الموت وشدته:

قال تعالي: وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد [ق:19].

وقال : ((أفضل المؤمنين أحسنهم خلقاً، وأكيسهم أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم له استعداداً، أولئك الأكياس))رواه ابن ماجه وهو حسن بطرقة

فيا أيها العاصي الذي قل خوفه من الله! أما تذكر ساعة يعرق لها الجبين، وتخرس من فجأتها الألسن، وتقطر قطرات الأسف من الأعين؟

فتذكر ذلك؛ فالأمر شديد، وبادر بقية عمرك؛ فالندم بعد الموت لا يفيد، وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد [ق:13].

الأمر الثالث : التفكر في القبر وعذابه وهوله وفظاعته:

فعن البراء بن عازب رضي الله عنه؛ قال: كنا مع رسول الله في جنازة، فجلس على شفير القبر، فبكى حتى بل الثرى، ثم قال: ((يا إخواني ! لمثل هذا فأعدوا)).رواه أحمد وابن ماجه بإسناد حسن

وقال بعض الحكماء:

أنسيت يا مغرور أنك ميت

أيقن بأنك في المقابر نازل

الأمر الرابع: التفكر في القيامة وأهوالها:

قال تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد [الحج:1-2].

وقال تعالى: فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيباً السماء منفطر به كان وعده مفعولاً [المزمل:17].

الأمر الخامس: التفكر في النار وشدة عذابها وما أعد الله عز وجل فيها لأعدائه:

قال تعالى: ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين [الأنبياء:46].

الأمر السادس: تفكر العبد في ذنوبه:

فإنه وإن كان قد نسيها؛ فإن الله تعالى قد أحصاها، وإنها إن تحط به؛ تهلكه؛ إن وكله الله إليها، فليتفكر في عقوبات الله تعالى عليها في الدنيا والآخرة، ولا يغرن المذنب النعم؛ فقد قال : ((إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب، وهو مقيم على معاصيه؛ فإنما ذلك منه استدراج))، ثم تلا: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون 4[الأنعام:44].

وقال تعالى: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد [آل عمران:30].

وقال : ((إني لأعلم أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة البيضاء، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً)). قال ثوبان: يا رسول الله! صفهم لنا، جلهم لنا أن نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: ((أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله؛ انتهكوها)رواه ابن ماجه بسند صحيح
الأمر السابع: أن يعلم العبد أنه قد يحال بينه وبين التوبة:

وذلك بموت مفاجئ، أو فتنة مضلة، أو غفلة مستمرة، أو تسويف وإمداد إلى الموت أو غير ذلك، وعندها يندم حيث لا ينفع الندم.

الأمر الثامن: من الأمور التي يستجلب بها الخوف من الله تعالى: التفكر في سوء الخاتمة:

فإن العبد ما يدري ما يحدث له في بقية عمره؟!

وقـد كـان رسول الله يقول: ((يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك)).رواه أحمد والحاكم وصححه

وقال تعالى: واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه [الأنفعال:24].

وقال : ((لقلب ابن آدم أشد تقلباً من القدر، إذا اجتمع غلياناً)).رواه أحمد والحاكم وصححه

عباد الله!

هذه بعض الأمور التي يستجلب بها الخوف من الله تعالى، وكل إنسان أعلم بنفسه من غيره من الناس؛ فإن كانت هذه الأمور موجودة فيه؛ فليحمد الله، وليسأل الله الثبات، وإن كانت مفقودة؛ فعليه أن يعمل على تحصيلها؛ فإن الأعمال بالخواتيم.

عباد الله!

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون [النحل:90].

فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.




__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 07:23 PM

سناب المشاهير