لقاء مع معتقل سابق لدى الحوثيين يروي حقائق وفضائع
اعتقلوه 6 أشهر.. عبدالغني ابو حورية يكشف عبر "الجمهور" أساليب الحوثيين في تعذيب المعتقلين
أساليب الحوثة في التعذيب تفوق الإسرائيليين وغونتانامو
منعونا من الصلاة وأجبرونا على قراءة القرآن داخل الحمام
لدى الحوثة مختصون في التعذيب وكاد طفل معتقل أن يِجْنَنْ
قبيل الحرب الرابعة وتحديداً يوم 10/2/2007م كان الأستاذ عبدالغني ابو حورية يقف جوارمنزله عندما داهمه ستة من قيادات التمرد الحوثي يرأسهم عبدالله الحاكم "ابو علي" قائد التمرد في ضحيان.
وبعد ان صوبوا بنادقهم على رأسه ربطوا على عينيه واقتادوه فوق سيارة "شاص" إلى مطرة حيث قيادة التمرد، وهناك تنقل ابو حورية بين ثلاثة معتقلات يشرف عليها ابو ياسر وزبانيته الثلاثة..
تنوع اساليبهم في تعذيب المعتقلين وشدتها وحقارة ودناءة القائمين عليها، جعلته – كما يقول أبو حورية- يتمنى الموت على الحياة، وسألهم بالله أكثر من مرة ان يقتلوه، إلا انهم كانوا يكتفون وتحت رغبته للموت، بوضعه راس جبل مربوط العينين ومكبل بالسلاسل ليكون هدفاً للقصف، وعندما يجدونه في الصباح حياً يرزق يعيدونه إلى المعتقل لتبدأ الحصص اليومية للتعذيب..
* بداية من هو عبدالغني ابو حورية؟
- عبدالغني يحيى محمد أبو حورية من أبناء منطقة العشة مديرية سحار، محافظة صعدة والتي عشنا فيها إلى أن توفى الوالد«رحمه الله» عام 83م ثم بنينا منزلاً كبيراً وسط مدينة ضحيان وانتقلنا للعيش هناك.. حاصل على شهادة ليسانس شريعة وقانون.
* لا شك أن انتقالك للعيش في ضحيان كان له دور في معرفتك أو علاقتك بحسين الحوثي؟
- لا .. حقيقة لم اندمج كثيراً مع أبناء ضحيان بشكل عام، والسبب شدة تزمتهم وانغلاقهم على أنفسهم ونظرتهم الدونية لمن حولهم.
المداعة.. بداية معرفة
* بداية معرفتك بحسين بدر الدين الحوثي.. متى بدأت.. وكيف؟
- كمعرفة شخصية بدأت مطلع التسعينات عندما كنت أؤدي الخدمة.. حيث كنت انتقل يومياً بواسطة دراجة نارية.. من ضحيان إلى العشة للتدريس ثم أعود في العصر.. طبعاً منزل يحيى الحوثي في آل الصيفي يقع على الطريق وكان حسين يروح عنده، وفي أحد الأيام وأثناء عودتي من المدرسة إلى ضحيان، وافقت يحيى الحوثي على الطريق قرب منزله ومعه الدكتور عبدالرحيم قاسم حمران.. سلمت عليهم وأصر يحيى إلا أن أدخل عندهم البيت، قلت له أنت داري أنني مولعي "مداعة" قال ولا لك إلا مداعة.. دخلنا منزل يحيى الحوثي وكان حسين أخوه داخل "مُخزِّن" والمداعة أمامه.
* حسين كان مولعي "مداعة"؟
- نعم.. ولأننا الاثنين موالعة جلسنا جنب بعض وبدأت المعرفة.
* وتكررت الزيارات والجلسات؟
- أعجبني المكان، والذي جرني إليه أو جذبني إليه هي المداعة.. وكنت كلما مريت من هناك بعد العصر أدخل أخزن "شوية" واهب لي نخس مداعة.
* من أبرز الشخصيات الذين كانوا يحضرون معكم المقيل؟
- عبدالرحيم قاسم الحمران "صهره" ومحمد احمد الحاكم، وآخرون كثيرون.
* ما الذي كان يدور في المجلس أثناء وجودك معهم؟
- لم يكونوا يتحدثون أمامي بأشياء ملفتة، وفي تلك الفترة كان تشكيل حزب الحق هو محور الحديث، وكان معقلهم الرئيسي ضحيان، حيث كانوا يتجمعون في منزل عبدالله الصعدي "رحمة الله عليه".. كان يأتي إليه الشخصيات السياسية والدينية المهتمة بتشكيل حزب الحق من مختلف المحافظات.
* ألم تلتحق معهم في حزب الحق؟
- لا.. حاولوا معي قلت لهم أنا مشغول بالدراسة الجامعية.. خصوصا وأنني كنت حينها أحاول على منحة دراسية خارجية بالاضافة إلى أنني كنت عضواً بالمؤتمر.
زيارة إيران
* حركة التمرد الحوثية -إن جاز لنا التعبير بتسميتها حركة - هي بدأت وبشكل جدي منذ 94م.. ألم تكن تلحظ ذلك؟
- أنا سمعت حينها أن حسين الحوثي وعلي أحمد الرازحي ومحمد سالم عزان وعبدالكريم جدبان وآخرين زاروا إيران، وفي أحد الأيام لفت انتباهي ونحن في منزل عبدالله الصعدي، خمسة ملفات تتعلق بالانشقاق عن حزب الحق، لكنهم أثناء المناقشات كانوا ينفردون بأنفسهم.
* أين؟
- في ذات المنزل ولكن في مجلس آخر يسمونه المجلس "المنقوش".. المهم دارت الأيام والسنين وبدأنا نسمع عن خلافات جوهرية بينهم وبين علماء المذهب الزيدي المعروفين.
يحيى الحوثي والزيدية
* المهم هل تعمقت علاقاتك بحسين الحوثي؟
- لا.. كنت التقي بيحيى الحوثي أكثر.. وأذكر أنني ركبت معه في سيارته ذات يوم في ضحيان وسيارته "جيب قديم" ورأينا أحد مراجع المذهب الزيدي، رجلاً كبيراً في السن من بيت شرويد إذا لم تخنى الذاكرة، فقال لي يحيى الحوثي شوف يا عبدالغني هؤلاء هم سبب المصائب، قلت يا أخي هؤلاء علماؤنا الزيدية، قال لا والله إنها عمائم على بهائم، ولا يمكن أن ينكر يحيى الحوثي هذا الكلام، قلت له يا يحيى أيش الكلام؟!.. هذا تاريخنا وتراثنا، هؤلاء مرجع مذهبنا الزيدي، وكنت أظن أنه يريد معرفة رأيي، لكني وجدته جاداً في كلامه ورأيه عنهم.
* ماذا كان رده عليك؟
- قال يا اخي يقعد الواحد منهم في الجامع يقرأ لك سبعين سنة، وكما قدوا معطوف "عجوز" قالوا عنه "كرسي الزيدية".
وعندما بدأوا بالشعار والصرخة "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل" وملازمهم التي يدرسونها تنتقص من المذهب الزيدي وعلمائه، ويعتبرون كتب الزيدية كتب الضلال حينها استرجعت هذا الموقف وكلام يحيى بدر الدين الحوثي واحتقاره لذلك العالم الزيدي، وعرفت مقاصده.
* ماذا يقصد؟
- يقصد أنه لا داعي للدراسة، وكذا الوقت وقت جهاد وحركات مسلحة.
* لكن يحيى الحوثي -المسؤول السياسي للتمرد- قال في غير مرة أنه لم يكن على اطلاع بمنهج شقيقه حسين، وبمعنى أدق هو ينفي معرفته بهذه الحركة؟
- هو يقول ذلك من باب المغالطة وأنا أتحداه أن ينكر كلامي هذا.. وقبيل الحرب الأولى 2004م زادت حدة الصراع بينهم وبين علماء الزيدية، وكانوا يقولون لعناصرهم هذه الكتب التي تدرسونها بما فيها شرح الأزهار، أصبحت في دسك "قرص مدمج" يغنيكم عنها وعما سوف تتعلمونه منها طيلة عشرين عاماً.
الشرارة الأولى
* عندما قرحت الحرب الأولى.. أين كنت؟
- في ضحيان.
* باختصار شديد، ممكن تصف شيئاً مما حدث؟
- ضحيان لم تكن ضمن مسرح الحرب الأولى.. الحرب انحصرت في مران وبعض مناطق آل الصيفي.
* لكن ضحيان كانت تتصدر الأخبار في الأيام الأولى من الحرب تحديداً؟
- تستطيع تقول إن الشرارة الأولى انطلقت من ضحيان، هذا صحيح.. حيث أطلقت من جنوب ضحيان بازوكتان (آر. بي. جي) في نفس الليلة التي قرحت فيها الحرب في مران.
المعتقل الأول
* ما الذي جعل الحوثيين يقدمون على اعتقالك ومن ثم تعذيبك؟
- أولاً موقعي الحساس، إذ أن منزلنا الكبير يقع وسط ضحيان.. وهم لا يريدون بقاء أي شخص في ضحيان يشكون في إخلاصه وولائه لهم.
الأمر الثاني، أنني ذهبت مع يحيى شويع "رحمه الله" إلى مدينة صعدة وبالصدفة قابلت الشيخ صالح هندي وكان عنده الشيخ عارف شويط، ولأن لدى الحوثيين لوبياً وعملاء فقد بلغهم الخبر في حينه، ومن يومها طرحوني تحت المجهر.. وتعرضت لمحاولة اغتيال مرتين واطلقوا أكثر من 50 طلقة إلى غرفة نومي وأثناء تحضيرهم للحرب الرابعة بلغني من أصدقاء أنهم ناوون قتلي، ولهذا كنت آخذ احتياطاتي.
* متى اعتقلوك؟
- يوم 10/2/2007م أي قبل الحرب الرابعة بعشرين يوماً تقريباً.
* كيف.. وأين؟
- من ضحيان، من أمام منزلي.. كنت عائداً من عند والدتي من بيتنا الكبير فوق سيارة صالح السفياني "سيارة فيتارى" وكان معي فوق السيارة كيس دقيق ودبتا غاز، وقَّفنا السيارة أمام المنزل ننزل الأغراض، ابني زكريا خرج من المنزل عندما سمع السيارة، وفجأة صاح: (يا أبه يا أبه المتمردين.. المتمردين) لفت وإذا "بأبي علي" وستة آخرين برفقته، صوبوا بنادقهم على رأسي قالوا سلم نفسك يا علي محسن.. سلم نفسك يا منافق.
* ما دخل علي محسن؟
- هم يطلقون على كل من يختلفون معه من أبناء صعدة علي محسن الأحمر.. المهم قلت لهم لماذا؟!.. على أيش أسلم نفسي؟!.. قالوا السيد أمر أن نوصلك حياً أو ميتاً ومن حسن حظك أننا وجدناك بدون سلاح، لأن التوجيهات عندنا أننا إذا وصلنا ومعك سلاح نقتلك على طول.
* من هو أبو علي؟
- عبدالله الحاكم، قائد التمرد في ضحيان.
* ومن الستة الآخرون؟
- عادل عبدالرحيم الهادي، علي محمد المؤيدي، مسعود العجري، محمد علي العجري.. والاثنان الآخران أخذا صالح السفياني وضرباه وعلمت بعد ذلك أنهم أفرجوا عنه بعد يومين، وكانوا مخططين للعملية بإحكام.. متابعين تحركاتي من الصباح، وقد شفتهم أصلاً الصباح عند مدير مستشفى ضحيان عبدالحكيم الضحياني.
* إلى أين أخذوك؟
- ركبوني فوق سيارة تويوتا "شاص" وأول ما طلعت لكمني عبدالله الحاكم لكمة عنيفة في أنفي، قلت الله المستعان، أنت قلت لي وبعهد الله وميثاقه أنه لن يمسني أي أحد بمكروه، أين عهد الله يا عبدالله قال سد أنفك يا علي محسن لا تنجسني بدمك.
* إلى أين أخذوك؟
- اتجهوا بي شرق ضحيان وكنت أتلفت شمال يمين لعلي أحصل "ناس" معاريف، إلى أن وصلنا مقابل آل حميدان حيث مزرعة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، هناك أخذ عبدالله الحاكم "الشال" وقال قرب وجهك يا منافق، قلت له يعني قد أنا منافق يا عبدالله الحاكم قال قدم وجهك نغطيه يا منافق.. قلت لماذا؟!.. ما بش داعي، قال أنت داري لماذا؟!.. وبعد أن ربطوا على عيوني قال "أبو علي" باليسار يا عادل.
* عادل من؟
- السواق عادل عبدالرحيم الهادي، وعلى طول عرفت من حينها أن الرحلة طويلة.
* ماذا يقصد بـ"اليسار"؟
- يعني طريق "مطرة" مشت بنا السيارة وبعد نصف ساعة وقفوا بي في مكان، وسمعت عبدالله الحاكم يقول أين قائد حرس البوابة؟!.. قالوا داخل.. نزلوا إلى عنده وبعد دقائق رجعوا وسمعت واحد يقول: مش معقول علي محسن تجيبوه وبدون خسائر.. وعرفته من صوته أنه أبو كوثر.
* ما اسمه الحقيقي؟
- قاسم بن قاسم الحمران.. قال الله الله يا عبدالغني إن تنصروا الله ينصركم، قلت أيش الكلام يا قاسم؟!.. قال لا تنادي باسمي الحقيقي مرة ثانية وإلا با أقلع عينك.. قال عبدالله الحاكم مد يديك.. مدها يا منافق.. وقيدوني بسلسلة لكن سلسلة تقل با يسحبون بها قاطرة، وأغلقوها بقفل ولم يكتفوا بيدي بل وقدماي كبلوهما أيضاً، بعد ذلك قادوني وأنا مربوط على عيوني ومقيد حوالي نصف ساعة، وتوقفنا وقلت في نفسي نحن الآن في "النجد" يعني في البوابة الثانية، وقائدها ألعن وأحقد شخص أول ما شافني قال نفس الكلام الذي قاله أبو كوثر قائد البوابة الأولى قال: مش معقول علي محسن.. عبدالغني بن حورية.
* من هو قائد البوابة الثانية؟
- العقيد أبو ياسر.. ضابط خريج الدفعة 23 شرطة عرفته من صوته على طول.
* ما اسمه الحقيقي؟
- "احتفظ باسمه".. المهم تفاجأ وقال عبدالغني بن حورية.. علي محسن بكله وبدون خسائر قلت يا فندم عبدالله، وما دريت إلا ويدقني دقة في وجهي بعنف، قال لا تذكر اسمي يا منافق.. لا تقل لي يا فندم عبدالله.. قل لي يا أبو ياسر فقط.
وتركوني على جنب وسط الشمس مقيد ومربط على عيوني وبدون غداء وحالتي حالة إلى بعد أذان العصر جاءني أبو ياسر، وقال افتح خشمك "فمك" يا منافق، نأكلك، قلت شكراً ما بش نفس.. قال با تأكل بالصميل.. أكلوني ثلاث لقم بطاطا.. بعدها وضع رأسي بين صخرتين وقال لو تتحرك أو ترفع رأسك با نخلي رأسك (صلصة).. قلنا أوامرك يا بو ياسر.. وفك الرباط عن عيني وغطى رأسي بغطاء من حق الإرهابيين وأرجع بعد ذلك الرباط على عيوني مرة ثانية.. وأقسم بالله أن الدم نزف من أذني وأنفي بعد دقائق من شدة الضغط.
ثم تركوني على جنب إلى المغرب، وسمعت بعدها أبو ياسر ينادي يا أبو منصور يا أبو احمد يا أبو أمجد، الرجال المنافق جاكم إياه.. وبدأوا التعذيب.
كنت أقول لهم اتقوا الله أيش حصل مني يا جماعة.. اتقوا الله قالوا يا منافق هذا الكلام ما هو علينا.. علينا فقط نؤدبك، ننفذ أوامر.
* بماذا كانوا يضربونك؟
- صُمل (أعصي) واستمروا في ضربي إلى بعد العشاء ثم أتى أبو ياسر وأمرهم يدخلوني.. قلت يا أبو ياسر اشتي أريق الماء "أبول" واشتي أصلي قال: منذ متى بيصلي علي محسن يا منافق.. وسحبوني سحب حوالي ثلاثين متراً، وقالوا اجلس على ركبك، ووطي رأسك.. قلت في نفسي خلاص با يقطعوا راسي الآن.. وطيت راسي.. قالوا ازحف في هذا النفق أمامك حود "جرف طوله 13 متراً وعندما تحصل طربال امتد عليه.
واستمرت الأيام.. في الصباح يخرجونني للتعذيب على يد أبو منصور وأبو أمجد، جلد بالعصى، وواحد يقرأ علي ملازم حسين الحوثي ويقول لي أصرخ، قل "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل" ومن مغرب إلى عشاء يسحبونني سحب في الجبل.
وبعد عشرين يوماً تقريباً قرحت الحرب، وبالصدفة وصلت إلى نفس الموقع قذائف كثيرة من الجيش، هذا الأمر جعلهم يشكون أن معي جهازاً، وفي تلك الليلة التي شهد فيها الموقع قصفاً كثيفاً جاءني أبو ياسر وأبو منصور: قلت لهم يا جماعة "هبوا" لي طلقة وخلصوني من الحياة، قالوا خسارة فيك الطلقة الواحدة يا علي محسن.. وفتشوني قلت لهم أيش به؟!.. قالوا معك جهاز، لكنهم لم يحصلوا أية حاجة إلا الخاتم، قالوا أكيد هذا الخاتم جهاز، أخذوه وعلمت فيما بعد أنهم شرحوه واستمريت على هذا الحال شهراً ثم نقلوني إلى مكان آخر أشد وأقسى، وفيه من أساليب التعذيب ما يفوق الإسرائيليين ومعتقل غوانتاناموا.
وقبل أن ينقلوني من المعتقل الأول أذكر أن شخصاً اسمه أبو حسن يشتغل معهم لديه "كمبريشن" يحفرون ليل نهار خنادق وكهوفاً.. المهم أعطاني نصف حبة دخان شربتها وأقسم بالله أن رأسي غزل غزل، كما لو أنني شربت كوكايين "مخدرات" وقال لي يا عبدالغني شوف الجماعة ما عادهم حتى على نهج سيدي حسين، أنت الآن بين أيادي لا ترحم.. وقال لأبو ياسر اتقوا الله خففوا على الرجال شوية.. قال له أبو ياسر.. أنت تحفر وبس.. وصدقني أنني ما زد سمعت له صوتاً، يمكن نقلوه أو كيف عملوا به.
* هل أخبرك أبو حسن أن هناك خبراء أجانب مشرفين على حفر الخنادق وبطرق هندسية؟
- لا يجرؤ لا هو ولا غيره أن يفصح عن مثل هذه الأمور، سألته ايش بتعملوا؟!.. قال بنحفر خنادق ليل نهار.
المعتقل الثاني
* إلى أين نقلوك؟
- نقلوني إلى جرف ثاني أساليب التعذيب فيه أشد.. ضرب وسحب وكانوا يخرجوننا من المعتقل ويرجمونا رأس جبل مربطين، كأهداف للقصف، والذي يسلم من القصف يرجعونه في الصباح إلى المعتقل. وهكذا.
وفي أحد الأيام جاءني عبدالله الحاكم "أبو علي" الساعة خمس بعد العصر، سمعت صوته لكن لم أعرفه هذه المرة مع أنني كنت أميّز صوته من مسافة لكن بعد كل هذا التعذيب حقيقة لم استطع أن أعرفه من صوته وعندما قال لي أنا عبدالله الحاكم قلت الله المستعان يا أبو علي كل هذا التعذيب وأنت الذي قلت لي واديت عهد الله أنه لن يمسني مكروه، قال لا يا ذاك أو "بيعذبوك".. قلت والله انك داري بكل صغيرة وكبيرة، قال على العموم يا عبدالغني، أنا معي لك اليوم تخزينة ودخان، لكن من حق المجاهدين، قلت كيف أخزن وأنا ميت جوع، قال ما يهمك.. دعا أبا ياسر قال أعطوه "أكلْ".. وفكوا القيود.. كان هذا بعد مرور شهرين من اعتقالي أخذوني إلى بين صخرتين حتى لا أعرف أين نحن بالضبط قالوا نشتي لقاءاً صحفياً معك.. أبعدوا الرباط من على عيني وأول ما شفت.. شفت أبو كوثر ومعه ثلاثة وكان أبو كوثر متشيك، لابس جنتل، ورائحة العطر تفوح منه، وأمامه ملان علاقي دعاية قات.. ومعه كاميرا تصوير صفراء صغيرة عرفت فيما بعد أن قيمتها أكثر من 400 ألف ريال.
وجهوا لي سؤالين: الأول: من بدأ الحرب؟!.. طبعا وأبو ياسر واقف بسلاحه على جنب.. قلت انتوا عارفين، ورسالة التهديد والوعيد الموقعة باسم قائد أنصار الحوثي يحيى سعد الخضر إلى يهود آل سالم قدي منشورة في الصحف.. ولا دريت إلا وأبو ياسر يدقني بالآلي في كتفي.. قال عيد الإجابة يا منافق أنت مش ناوي تسلم، قلت أيش أقول يا أبو علي قال: قل الذي بدأ الحرب علي محسن، قلت علي محسن.
السؤال الثاني: كيف وجدت المعاملة، قلت ولا في إسرائيل.. ونفس الكلام لكمني ابو علي لكن هذه المرة في خصيتي حتى طلعت أنفاسي، قلت أيش أقول يا أبو علي، قال: معاملة إسلامية، قلنا معاملة إسلامية.
* لأية وسيلة إعلامية عملوا هذا الحوار؟
- مش عارف لمن، بعد ذلك عرفت أنهم نشروه في موقعهم الالكتروني.
المعتقل الثالث
* وبعد أن أجروا معك الحوار؟
- ساقوني إلى مكان لا يبعد كثيراً، ووضعوني جنب صخرة مربط على عيوني ومكبل بالسلاسل والأقفال، وكان هذا جزء يسير من التعذيب.. يضربونني في الصباح ويعطوني من الأكل ما يكفي لبقائي حياً، وبالنسبة للماء كان يقول لي أبو ياسر معك ياعبدالغني ماء أصفر، لكن هل تريد رقم (1) أم رقم (2) ويقصد «بوله» أم «بول ابنه» ثم يتركونني في نفس المكان كهدف للقصف..
ثم نقلوني أنا وواحد من ذمار اسمه محمد محسن وهاد إلى معتقل آخر، أكثر وحشية من سابقيه، رجمونا فوق سيارة "شاص" مكبلين بالسلاسل، وكانت تسير بنا السيارة بدون إنارة، وما وصلنا إلى مرضوضين منهكين، يعني عذاب حتى ونحن فوق السيارة.
ودخلونا في غرفة صغيرة داخل خندق، ودخلوا جنبنا طفلاً صغيراً من ضحيان اسمه محمد حسن العياني كان يبكي بكاءً شديداً، وعرفت منه أنهم قد عذبوه بذات الوحشية التي مارسوها معنا، وذكرت كلام أبو حسن الذي قال لي أنت الآن بين أيادي لا ترحم.. وللعلم أنه في الفترات الأخيرة جمعونا داخل غرفة صغيرة داخل الخندق 40 معتقلاً وقد لا تصدقني لو قلت لك أن "القمل" كانت تتساقط مننا.
وفي أحد الأيام وبعد دخولنا الشهر الخامس أخرجونا إلى "كهف" قريب من الذي نحن معتقلون فيه، أسموه سجن الترحيل وشغلوا لنا سيديهات "أقراص مدمجة" عن حزب الله وكيف انهم يقاتلون الاسرائيليين، وكانت جدران الكهف مليئة بملصقات عبارة عن صور لأمين عام الحزب حسن نصر الله، ولمحت في أحد السيديهات مكتوب يصل إلى محمد حسين، عرفت ان المقصود محمد حسين بدرالدين الحوثي.
* طبعاً بعد خمسة أشهر كانت الحرب قد وضعت أوزارها؟
- لم نكن نعرف ان الحرب قد وقفت لكن كنت ألاحظ ان هناك مواقف توحي بشيء ما، علي سبيل المثال اخبرني شخص يدعى أبو أحمد وهو من مختصي الحفريات ان عبدالملك الحوثي بلغه تعذيبي وانه قال انه مستعد بعد ان تضع الحرب أوزارها بأن يحاكم أبو ياسر، وقال لي إذا معك رسالة للسيد أعطني إياها وانا أوصلها له قلت أنا أشتي اقابله، قالوا مستحيل تقابل السيد، السيد مشغول عنده قادة الاركان، قادة الغزوات، قادة المواقع، أم انك راكن انه علي عبدالله صالح، قلنا أمركم إلى الله، قالوا لكن بامكانك ان تبعث برسالة قلت أيش اكتب فيها ان قلت أنني تلقيت معاملة ولا في اسرائيل لن توصلوها.. ولو يعلم ابو ياسر بما في الرسالة سيقتلني.
وبعد أيام جاءني شخص يدعى أبو فهد سحبني بجنبي قلت إلى اين يا ابو فهد قل لهم يقتلوني وخلصوني.. قال اسكت ولا كلمة وأمرني: مد رجليك، مديتها وكنت افتكر انهم بايقطعونها فك القفل من رجلي اليمني ثم قال مد الثانية مديتها وفك القفل وكانوا قد استبدلوا القيود باقفال بدلا من السلاسل.
* لماذا فك القيود؟
- أصلاً قد الحرب توقفت ولجنة الوساطة قد وصلت معهم إلى اتفاقيات وقد افرجوا عن بعض المعتقلين، لكن لم أكن اعرف أنا بشيء، المهم ادخلونا في "خانة" سيارة جيب في الساعة الخامسة بعد العصر قلت إلى اين يا جماعة اسألكم بالله اقتلوني، لأنهم يا أخي إلى جانب العذاب الجسدي بمختلف أنواعه، كانوا يسلطون علينا أشخاصاً متخصصين في التعذيب النفسي يخلوك تتمنى الموت على الحياة، تكره نفسك وتكره العيشة وتكره اليوم الذي ولدت فيه.
* المهم إلى أين اخذوك؟
- قلت لهم إلى اين قالوا إلى سجن ابو رضوان قلنا وعليها من سجن ابو ياسر إلى سجن ابو مصطفى إلى سجن ابو رضوان، ولأنهم قد ابعدوا عن عيني الرباط وأبقوا الغطاء الارهابي فقط كنت أحاول أن أرفعه لأتنفس ولعلي أعرف أين أنا.
* وهل عرفت؟
- نعم.. عرفت المكان بالتحديد عرفت أنني في مطرة.
* أي مكان في مطرة؟
- في شعب حيد الحريوة وكان ابو رضوان هو سائق السيارة توقف فجأة وقال شوف يابن حورية والله لو تزيد ترفع رأسك مرة ثانية -لأنه انتبه لتلفتاتي- والله لا نردك الجرف "الخندق" الأول حق قبل خمسة شهور لو با يعيد علي عبدالله صالح الحرب الصباح وعندما قال هذا الكلام شعرت ببصيص أمل وفهمت من كلامه أمرين: الأول ان المسألة افراج، خصوصا وانهم قد اعطونا قبل أيام ثياباً نظيفة واعطونا ادوات حلاقة وأتوا بمن يضمد الجراح حتى لا يبقى أي أثر للتعذيب.
الأمر الثاني أن الحوثيين باتوا في الرمق الأخير.
* والى أين أوصلوكم؟
- إلى ضحيان إلى مزرعة محمد يحيى الصعدي وأتوا بالأسرى الباقين وركبونا إلى صعدة وهناك استقبلتنا اللجنة.
* أنت سيد «هاشمي».. ألم يشفع لك ذلك عندهم؟
- هذا الأمر لا يهمهم.. المغرر بهم من أهالي صعدة يقدسون بيت الحوثي فقط، حتى الذين مع التمرد من بيت الهادي لا يقيمون له وزناً، هؤلاء يرون ان المحافظين على الدين هم بيت الحوثي فقط.
* وماذا عن العلامة حمود عباس المؤيد والآخرين؟
- لا يقيمون أي وزن للعلامة حمود عباس المؤيد ولا العلامة محمد بن محمد المنصور، الجاهل الصغير من بيت الحوثي حتى لو لم يبلغ من العمر عشر سنوات هو عند المغرر بهم أكثر قيمة ومكانة من أكبر مفتي ومرجع زيدي أو شافعي في اليمن.
* بعيداً عن التعذيب.. هل هناك معلومات عرفتها عنهم أثناء اعتقالك؟.
- أنا اعرف عنهم بعض المعلومات المهمة قبل اعتقالي.. اعرف أنهم مستعدون ومخططون للحرب...
* هل عرفت شيئاً عن التسلح؟
- أنا اعرف من قبل اعتقالي.. اعرف ان لديهم ورشتين لتصنيع الاسلحة، احداها في مطرة والأخرى في نقعة.
* ومسألة التصنيع تحتاج إلى خبراء؟
- لا شك.
* ما جنسياتهم؟
- والله طالما وان إيران قد امدتهم بالمال فلا اعتقد انها ستبخل عليهم بالخبراء.