الاخ شامان 0مساك الله بالخير اغلب لهجات الجنوب متقاربه الا القليل 0 كذلك اهل الشمال متقاربه والحجاز كذلك00
وقد كتب عن الهواجر الدكتور فالح العجمي رئيس جمعية اللهجات والتراث الشعبي00 هذه:
دراسة في لهجة ( بني هاجر ) القاطنين في المنطقة الشرقية
تقديم :
لم تكن دراسة اللهجة أمراً ذا بال عند العرب في القديم .. و إنما استصفاء لهجة و جعلها اللهجة الرفيعة المشتركة حول اهتمام العلماء إليها فأضحت البحوث و الدراسات منحصرة فيها لا تجاوزها إلى غيرها إلا بما يخدم بعض قضاياها ..
و لكن لم يكن الأمر مماثلاً عند علماء الغرب .. فقد كانت اللهجات من أولويات دراساتهم اللغوية , حتى نتج عن ذلك الاهتمام علم كامل هو ( علم اللهجات ) ..
و نحن إذ ندرس لهجة من لهجات العربية لنسعى جاهدين إلى إضافة شيء يستحق النظر , و ينبئ عن حب و ولاء عميقين لهذه اللغة الأم اللغة العربية . فدراسة أية لهجة مندرجة ضمن لغة , هو خدمة للغة الأم و تقليب لجوانبها المتعددة , و تحقيق لكثير من قضاياها و موضوعاتها ..
و اللهجة التي بين أيدينا , ترسم ثقافة عريضة , أصحابها رجال أدب , و فروسية , و كرم ..
إن المنهج الذي توخيناه في هذا المبحث اللهجي يعتمد على أسس عدة :
أولاها : النظر في القبيلة ( بني هاجر ) و أصلها النسبي , و الموطني , و من ثم محاولة تتبع مراحل تنقلها – حسب ما توفره لنا المراجع - .
ثانيها : دراسة اللهجة المحكية و رصد ظواهرها و تفسيرها و البحث في أصلها و ما شابهها في لهجات العرب قديما و حديثا .
ثالثها : النواحي الصرفية و الصوتية و النحوية و الدلالية التي تعتمد عليها الدراسات اللهجية كلٌ منها بحسب ما استوعبته فهومنا و أدركته تجربتنا , فقد يزيد بعضها طوراً و ينقص أحدها شيئاً , شريطة أن لا يخل ذلك بالمنهج العلمي في البحث .
رابعها : إنشاء معجم دلالي المنظِّر الأول فيه هو ما تستعمله القبيلة من ألفاظ , خاصة فيما يتصل ببيئتها و حياتها اليومية.. كالإبل , و الغنم , و الرياح , بغض النظر عن استعمال القبائل الأخرى لمثل هذا المعجم , حيث إنه من المستحيل استخلاص لهجة الدراسة من بين اللهجات الأخرى إلا بعد الإتيان على اللهجات المختلفة جميعها دراسة و تمحيصا , و لكننا نشير إشارة صريحة إلى ما تنفرد به حسب علمنا .
خامسها : المقارنة التي نقيمها بين اللهجة المدروسة و اللهجات المجاورة لها ( آل مرة ) و ( العجمان ) بصورة خاصة و أولية , و من ثم اللهجات الأخرى المتناثرة في جزيرة العرب .. و ذلك لرصد مدى التغير الذي أحدثه الاختلاف اللهجي , و مدى اتصاله باللغة السائدة المحلية ثم باللغة العربية الفصحى .
و نحن إذ نقدم هذا البحث لنرجو من الله العون و السداد , و أن نقدم ما ينفع و يفيد , و يحقق الهدف المنشود من إجراء بحث لغوي , إذ هو خدمة بالدرجة الأولى للغة العربية .,, و حسبنا بذا دافعا و محفزا . ..
و الله ولي التوفيق
أصل القبيلة :
اختلف في تحديد أصل قبيلة ( بني هاجر ) تحديداً دقيقاً , و مثل هذا الاختلاف لا يؤثر في مسار دراستنا إلا حين يقع في الجانب الجغرافي الذي تواترت فيه أقوال النسابة حيث ابتدأت هذه القبيلة سكناها من المنطقة الجنوبية للجزيرة العربية و كانت بين ( تثليث ) و ( سراة عبيدة ) و ( بيشة ) .. و كلها يجمعها نسق لغوي واحد لا يهمنا هنا كثيراً حين ندرج هذه اللهجة ضمن لهجات المنطقة الشرقية , و لكن اعتبارها ينطلق من أن علاقة ما لابد أن تكون بين اللهجة الهاجرية و اللهجات الجنوبية اعتدادا بهذا الأصل الجغرافي و النسبي ..
يرى الشيخ حمد الجاسر – رحمه الله- أن بني هاجر يتفرعون عن قبائل شريف التي لا تزال في أودية تثليثوطريب والعرين في شرقي بلاد عسير،
كانت ديار بني هاجر في عالية نجد بينالثُّعل والذّنائب في أوائل القرن الثالث عشر الهجري ، ثم في القنصلية في أعلى نجد، ثم في سلوى بقرب قطر ،ومنهم اليوم في الظهران في السعودية.
ومن ديار بني هاجر(الجوف ) ، ويدعى جوف الحسا ، الواقع غرب بقيق وشماله الغربي،
و محل دراستنا بالتحديد تلك المنطقة التي عدها الشيخ من ديار بني هاجر و هي ( جوف الحسا ) , الواقعة غربي بقيق و شماله الغربي .
و يقول المهندس سعود بن محمد الهاجري في كتاب له عن قبيلته ( بني هاجر ) , أنهم سكنوا بلاد شريف , كما سكنوا رهوة بني هاجر في عالية تثليث و طريب .. [1]
إذن فيثبت لنا أن بني هاجر قبيلة تفرعت عن قبيلة قحطان في جنوب الجزيرة العربية و من ثم انتقلت شمالاً حتى وصلت نجد و بعدها انحرفت شرقاً حتى استوطنت قريباً من الأحساء و مساكنها تابعة لمحافظة ابقيق .. و قد حمل لنا هذا التقصي السريع عن أصل القبيلة أموراً بالغة الخطر فائقة الأهمية تتمثل في تفسير عدد من الظواهر اللغوية التي لمسناها في لهجتنا المدروسة , حيث انفردت أو كادت تتميز عن لهجات المنطقة الشرقية بكثير من الخصائص و عدد من الظواهر , و هذا الاكتشاف مهد لنا الطريق في بحث اللهجة , و تصنيفها تصنيفا لغوياً حيث تكاد تكون مستقلة بذاتها عن لهجات منطقتها , و في هذا البحث تبيين أوجه الاختلاف و عزو إلى تعليلاته و أصوله.
نظرة شاملة في اللهجة :
تميل اللهجة الهاجرية إلى التفخيم في نطق الأصوات , كما هو الحال عند اللهجات الشرقية عموماً , فلا تميل إلى ( الترقيق ) إلا في أحوال ضئيلة و أصوات محددة كالراء مثلاً , و ربما كان هذا أبرز اتفاق بين اللهجة الهاجرية و لهجات المنطقة الشرقية , و لكن لا بد من ملاحظة أن لهجات المنطقة تقوم على الإمالة بصورة محققة و لاحنة كثيراً في منطقة الأحساء , و ربما سعوا إلى التنويع في أصوات الكلمة الواحدة حيث تتشكل صور متعددة في نطق كل حرف , فينتقل من الفتحة إلى الكسرة حتى الضمة بعفوية و انسيابية , أما حال اللهجة الهاجرية فهي بعيدة تماماً عن هذا النمط الصوتي و إنما تجنح إلى توازن أصوات الكلمة الواحدة , فتعتمد حركة أو حركتين في نطقها متخذة سبيل السهولة و الاستقامة ففي نطق كلمة : ( يَفْتَح ) Yaftah افتتح الفعل المضارع بفتحة كما هو في اللغة الفصيحة , بينما تعددت اللهجات الأخرى في نطقه فغالبا ما تكسر ياء المضارعة ,
و لا يلزمنا كثير تدقيق و فحص أن ندرك ظاهرة تفردت بها اللهجة الهاجرية عن بقية منطقتها و هي نطق ( كاف المخاطبة ) سينا خالصة . بينما المشهور أن لهجات الشرق كلها تكاد تتفق على نطقها شينا خالصة أو مشوبة بتاء تسبقها .. و قد علمنا علة ذلك بالرجوع إلى أصل القبيلة و مسكنها حيث كانت هذه الظاهرة اللغوية القديمة منتشرة في هذا الحي من العرب ..
لم تكن اللهجة الهاجرية قريبة من الشرقية كثيراً كما أنها لم تكن بعيدة عن منطقة نجد حيث نجد كثيراً من التراكيب و أساليب النطق القريبة من النجدية في لهجتنا المدروسة ..
و التقسيم المنهجي يفرض علينا أن نعرض للجوانب اللهجية الرئيسة التي تعتمد عليها الدراسات جميعها حيث نورد ما لمسناه نحويا و صرفيا و خلافهما ..
النواحي الصوتية و الصرفية :
إن صيغ الأسماء و الأفعال لدى الهاجريين لا تعبر عن نمط واحد يمكن الكشف عنه و تحديده تحديداً دقيقاً , و إنما العوامل التاريخية و الاجتماعية و الثقافية جعلت من اللهجة عائمة , ربما تشكلت عدداً من الأشكال و القوالب .
اسم الفاعل : ليس بعيداًَ في صياغته عن الصيغة الفصحى , ففي ثلاثي هذا الاسم يطابق الفصحى في صيغته و صوته كما في قولهم ( الله هو الرازق الناصر ) . أما حين تتصل به ضمير الغيبة ( الهاء ) حينها يختلف النطق فتسكن عينه و تفتح لامه كما يقال
الله رازْقَه و ناصْرَه ). بينما يقابل هذا التركيب في اللغة الفصحى كسر العين و ضم اللام , و قد ترى العين تعود إلى صورتها الأصلية إذا أضيف إلى هاء الضمير ميم الجمع فتكسر حينها كما في ( الله رازِقْهم و ناصِرْهم ) Razighum Nasirhum . و الفصحى لا تقبل سكون اللام و إنما ضمها هو الأصل .
أما إذا كان الفعل غير ثلاثي لذلك الاسم فتجد ميم المضارعة دائماً مكسورة , و كذلك فاء الاسم و عينه , و مثاله : ( إهنا مرضٍ مِنْتِشِر ) و ( هذا مِحْتِكِرٍ السوق ) ,
اسم المفعول :
له في الهاجرية صورتان , الأولى توافق الفصحى في نطقها تماما , فتكون على صيغة (مَفْعول ) كما يقال ( الورع مَخْطوف ) , فالميم مفتوحة و الفاء ساكنة , و كذا الوزن الفصيح .
وقد تأتي على صورة أخرى ،حيث تسكن الأول و تحرك الثاني كما في المثال : ( الورع مْخَطوف ) فالميم ساكنة و الفاء مفتوحة .. و هذا النمط قليل عند الهاجريين ..
و الواقع أن هذه الصياغة هي الأصل في اللهجة الشرقية عموماً ..
الفعل المضارع :
للفعل المضارع المتكلم حرفان اثنان يبتدئ بهما غالباً هما ( النون ) و ( الياء ) .. و كلا هذين مستعملان في اللهجة الهاجرية حيث النون للجمع و الياء للمفرد .
و تتميز الهاجرية باعتماد الفتحة فوق هذين الحرفين باطراد كما في قولهم : ( يَدخل ) , ( يَِجْمَع ) . و قد اختلفت الصياغة في بعض الأفعال تبعاً لدلالتها المعنوية حيث تنطق (يضرب ) بكسر الياء حين يقصد بها ( ضِراب الإبل ) و تنطق بالفتح إذا قصد ( فعل الضرب و التعدي ) .
و هنا نلحظ أثر الثقافة في صياغة اللغة و التأثير عليها .
و ما ينطبق على ياء المضارعة يمكن أن ينطبق على نونها ,
و بعد نظر مليٍّ في حركة هذه الياء و متى تكسر تبين أنه متى كان عين الفعل مكسوراً و آخره معلول بالياء جعل حظها عند الهاجريين الكسر .. فمثاله ( يرمي ) .. تنطق ( يِرْمِي) .. أما حين اختلت هذه الشروط فتحت الياء كما في قولهم ( يَخطب , يَجمع ) ..
حركة فاء الفعل المضارع الأصلية :
كما لاحظنا في الفرع الأول أن حركة الفاء السكون , و لكن الملاحظة الجديدة هي أن الفاء يعتريها فتح أحياناً في بعض الأفعال , فعلى سبيل المثال نرى الفعل ( يخطف ) فاؤه تكون ساكنة مرة و مرة متحركة , فتصبح إما ( يخْطف ) , أو ربما أتت ( يِخَطف ) و هذا قليل , و تأتي أيضاً في الأفعال التالية ( يحطب , يحمل ) . و لكن السائد الأكثر هو سكون الفاء كما سبق في الأمثلة .
صيغ المبالغة :
توافق صيغ المبالغة في اللهجة الهاجرية الصيغ المستعملة في الفصحى كثيراً , و هي تلك التي تدل على ( فعّال ) و ( فعول ) و ( فِعِّيل ) .. فيقال : ( كذّاب ) و ( كُذُوب ) و (كْذَيِّب ) ,, أما في السارق فتأتي صيغة المبالغة فيه على وزن ( فعّال ) , ( سرّاق ) .و نجد سكّير على وزن فعّيل , و فعّال حطّاب , كما لدى اللهجة الهاجرية صيغة (مفعال) فيقال : ( مقواد , منقاد ) , و أيضاً ( فَعِل ) حيث ( محمد حَذِر ) ..
اسم التفضيل :
كما هو في الفصحى , حيث تستعمل ( أفعل ) .. ( محمد أكبر رجل ) , إلا أن اللهجة بطبيعتها لا تخضع خضوعاً جبرياً للقواعد الصرفية التي أقرت في اللغة العربية فالأصل فيها الخروج عن القاعدة لسبب من الأسباب , و نحن نرى أن اسم ( خير ) و هو اسم تفضيل يستخدم بصيغته هذه , إلا أن اللهجة قد أدخلت عليه ألفاً كي يوازي أخواته من أسماء التفضيل فيقال : ( عيد أخِيْر منهم aher , أو أَخْيَرْهم ) ..
اسم الآلة :
اشتق الهاجريون كثيراً من آلاتهم حسب النظام الصرفي فسبق الميم لمفردة الآلة , حيث يروون ( المدق ) , و ( المشخال ) , ( المحش ) , و كذلك ( المرش ) و هو كل ما يُرَشُّ به .
الآلات غير العربية :
أحدثت اللهجة الهاجرية و غيرها من لهجات المنطقة مسميات لما استجد لديها من أدوات , أو تأثروا في تسميته بلهجات أخرى , خاصة أن منطقة ( جوف الحسا – أبقيق) كانت من مناطق النفط , فتوافدت عليها الشركات الأجنبية بصورة كبيرة و باتت منطقة مأهولة متعددة الألوان و الأعراق و هذا مما أثر في لهجة أهلها و أضاف إليها شيئاً فريداً ,حيث مسميات أجنبية مثلما يسمون ( خرطوم الماء ) بـ ( هوز ) .. و الأنابيب بـ ( بيبات ) , مع ملاحظة أن الأسماء الأخرى لهذه الأدوات كانت مستنكرة إلى وقت قريب و لا يكادون يفهمون ( اللّي ) و هو المنتشر في كثير من اللهجات العربية .
المبني للمجهول في الفعل الماضي :
كما هي اللهجات في غالبها لم تحافظ على الصيغ المختصة بالبناء للمجهول على ما كانت عليه في اللغة الفصحى و إنما طرأ عليها تغيير و استجد في سبيلها نمط آخر .. ففي الفصحى نجد الفعل ( فَعَل --- يتحول إلى --- فُعِل ) .
بينما الصورة تختلف في اللهجة الهاجرية إذ تحولت ( فَعَل إلى – فِعْل - ) و ذلك بكسر الفاء و إسكان العين , أو بصيغة أخرى هي ( انْفَعل ) ..
و الأمثلة على ذلك كثيرة .. ( سعيد ضِرْب )
أو ( الدراهم سِرْقَت ) , و على الصيغة الأخرى ( انْضَرب ) , ( انْسَرقت ) .
المبني للمجهول في الفعل المضارع :
هو لا يختلف كثيراً عن الفعل الماضي , إذ إن صيغة البناء في الفصحى ( يُفْعَل ) .. بينما هو في اللهجة الهاجرية يتردد بين ( يِفْعَل ) و ( يِنْفِعل ) . مثالهم : ( لو انه يِِضْرَب لما ... ) , ( لو انه يِِسَوَّى زين ما انكسر ) .
تسهيل الهمزة :
لا تخلو لهجتنا هذه من تسهيل الهمزة أبداً بل هو الأصل فيها , و لا تنطق الهمزة إلا في حدود ضيقة
التصغير :
لا شك أن للتصغير حيز كبير في لهجات الجزيرة العربية خاصة , حيث شظف العيش و الكد و القلة , فيعمدون إلى تصغير الموجودات عندهم تعبيراً عن قلتها أو تفاهتها أو شدة تعلقهم بها .. [2]
الملاحظ في اللهجة الهاجرية أنها حين تصغر الأشياء تستخدم صيغة التصغير الرباعية أو الخماسية و لا تعمل بالثلاثية و هي ( فُعَيْل ) و إنما الأكثر ( فُعَيْعل ) و ( فُعَيْعِيل ) , و قد تأتي بصيغ شاذة للتصغير كما في (ساعة ) = ( سيعوعة ) ,فتكون على الوزن الصرفي ( فيعوعة ) .. [3]كذلك ( صندقة ) تصغر بصيغة (صنيدقة ) و ( مزرعة ) إلى ( مزيرعة ) , أما في الفصيح فتصغير الأولى ( سُوَيْعة ) و الثانية ( صُنَيْدقة ) و الأخيرة ( مُزَيْرعة ) .. و هذا ما أسمعنيه مصدرنا اللغوي ..
و للأصوات شأن في اللهجة , حيث تتمتع كثير من اللهجات العربية بأصوات متباينة في نطق الحرف الواحد , فقد يصل الأمر إلى إلغاء صوت كامل من اللهجة أو إبداله بآخر كما في اللهجة القاهرية التي لا تنطق ( ق ) قافاً و إنما تنطقها ( ء ) و هذا إبدال صوتي كبير ..
أما لهجتنا الهاجرية فلنلمح إلى بعض الأصوات و ننظر أحدث فيها تغير ظاهر , أم أن اللهجة حافظت على أصواتها كما هو نمطها المحافظ :
نطق ( القاف ) :
و هو الحرف الذي نطقته اللهجات بطرائق عدة لا مجال هنا لذكرها , و لهجتنا هذه من اللهجات التي تميزت في نطقها .. فهي عندهم قريبة من ( الكاف ) .. و كما هو معلوم فالقاف صوت ( لهوي ) لكنه في اللهجة الهاجرية وقع بين اللهوي و الطبقي .. بين الكاف و القاف ..
و قد ورد بصوت آخر و لكنه قليل و هو ( dz ) حيث تنطق القاف كما ينطقها النجديون ( قالوا – دزالوا ) .. أما قبيلة ( آل مرة ) و هي مجاورة لقبيلة الهواجر فتنطق هذا الحرف ( القاف ) نطقاً مرققاً كثيراً على العكس من الهاجرية التي تنحو التفخيم ..
نطق ( الراء ) :تنطق الراء مرققة في غالب حالها ..
نطق ( الكاف ) :
لا تغير في نطق حرف الكاف خاصة حين كونها في أثناء الكلمة , و هذه ظاهرة مهمة خاصة إذا علمنا أن معظم لهجات الجزيرة قد نطقت الكاف نطقاً آخر حيث في المنطقة الشرقية تكاد تنطق ( تش CH) مثل ( كلب – تشلب ) , و في اللهجة النجدية ( تس TS ) ( كلب – تسلب ) ..
أما كاف المخاطبة فلها شأن آخر هو الفريد بين لهجات المنطقة الشرقية حيث تنطق سيناً خالصة , باينت في صورتها هذه جميع لهجات الشرقية التي تنطقها ( تش أو ش CH – SH ) ( وينتش – وينش ) ,, أو بين اللهجات النجدية التي تنطقها ( تس TS ) (و ينتس ) .. و هي أقرب إلى النجدية في نطقها سينا و مثالها : ( وينس ) .. و هذه الظاهرة قديمة , كانت في لهجات العربية القديمة , و تسمى بالكسكسة ..
الكسكسة :
هل كانت قبيلة بكر هي من ينطق كاف المخاطبة سيناً أم هي قبيلة مضر و ربيعة .. ؟ و العجيب أن تميم أيضاً نسبت إليها الكسكسة و هي من اشتهرت بالكشكشة [4].. كما أن قبيلة ربيعة و مضر هما الأخريان وصفتا بالكشكشة [5]
و أمر هذا الاختلاف عجيب , ! إذ إن الجمع بين ظاهرتين لا بد أن تحل إحداهما محل الأخرى و لا سبيل إلى الجمع بينهما و نسبتهما جميعاً إلى قبيلة واحدة لأمر يدعو إلى الشك , فإما أن تكون كسكسة , و إما أن تكون كشكشة و لا سبيل إلى حالة تجمعهما ... و ربما كان هذا الاختلاف أحد نتائج إهمال العلماء للهجات , و تركهم دراستها أو النظر إليها حتى طغى عليها الزمان فبليت و شاهت و عاد التوثق منها أمراً صعبا ,
و الكسكسة التي كانت عند العرب قديماً تتنوع في صورها فإما أن تكون : ..كما في قولهم ( رأيتكِ ) .. ( رأيتكِس ) ,, فتأتي بعد كاف المخاطبة سين ..[6]
و الحالة الأخرى أن تفرد السين وحدها من دون اقتران بالكاف ( رأيتسِ) .[7]
و يرى ابن جني أن كسكسة هوازن هي إضافة السين بعد كاف المخاطبة و لا تأثير للسين على الكاف .. و لكنه يردف بأن ذلك في حالة الوقف دون الوصل .. [8] و هوازن هذه , قبيلة عربية من قيس عيلان , و منهم العُقارين و الشقران , و بني جشم و منازلهم في العِبَر بالسروات , و هي تلال تفصل بين تهامة و نجد متصلة من اليمن إلى الشام .. , و قد انتقل معظمهم إلى المغرب .. [9] و من هوازن بنو سلول و كانت منازلها نجدية تخالط بني عامر , بني عمومتهم , و ربما انعزلت في أراض خاصة بها ناحية بيشة و لا تزال هذه القبيلة إلى اليوم هناك ..[10]
إذن فالملاحظة الأولى التي يجرنا إليها هذا البحث في الأنساب و معرفة منازل القبائل التي تنطق ( الكسكسة ) , تبين لنا أن علاقة ما و تأثراً بارزا أخذت به قبيلة بني هاجر منذ كانت تسكن بيشة , فجاورتها ( بنو سلول ) , و هي من أفخاذ هوازن الذين عرفت عنهم الكسكسة ..
أما بنو تميم فكانت مساكنهم بأرض نجد و امتدت إلى العُذيب من أرض الكوفة ... و من ثم تفرقوا بعد ذلك في الحواضر , و بعد الإسلام انتشروا بفعل الفتوحات الإسلامية بين المشرق و المغرب .. [11]و هذا يثبت لنا أن تميما لم يكن لها تأثير في لهجتنا المدروسة إذ لم تكن مساكنها قريبة منها و لا علاقة نسب بينهما , فهذه مضرية و الهاجريون قحطانيون ..
و قد ورد في ( الياقوتة في العلم و الأدب ) أن كسكسة بكر هي تلك التي تبدل السين مكان الكاف في المخاطبة .. [12]
النواحي النحوية و التركيبية :
يتمحور اختلاف اللهجات العربية عن اللهجة الفصيحة في طريقة نطق الحروف وصياغة الكلمات و ترتيب الجمل و تركيبها و الأخير هو ما نعنيه في الجانب النحوي و هو يحوي عددا من النقاط نود الإحاطة بها و التفرس فيها ..
فاللهجة الهاجرية كما هو الحال عند اللهجات الأخرى في مجال مطابقة عناصر الجملة خاصة في الفعل و الفاعل تجنح إلى المطابقة المطلقة خلافا لما عليه الفصحى التي تعتمد على قاعدة محددة الأطر فإن كانت الجملة المكونة من فعل و فاعل و مفعول على هذا النحو التسلسلي فلا حاجة إلى المطابقة , بل إن تطابق الفعل مع الفاعل إذا تقدم الفعل يعد خروجا على القاعدة و يكرهه النحويون .. و قد وردت لغة عربية قديمة تأخذ بالمطابقة و أسماها العلماء بـ ( أكلوني البراغيث ) و يكاد يكون امتدادا لها اللهجات الحديثة و لهجتنا المدروسة إحداها فيقال عندهم : ( جَاو الطلاب )
- ثم إن من السمات الظاهرة في اللهجة الهاجرية هو تقدم الفاعل دائماً ,
- و أن الجملة الاسمية هي الجملة الأساس التي تستخدم بصورة بديهية .
- كما أن اللهجة كغيرها من اللهجات تكاد تخلو من علامات الإعراب , و تستخدم اللهجة التنوين للدلالة على التنكير , كما هو الحال في اللهجات البدوية في الجزيرة العربية إذ إن هذه إحدى سماتها [13]
جمع التكسير يستخدم بكثرة في اللهجة , و يتميز في بعض كلماته بنطق خاص مثل: (الأيتام ) فيقال ( اليتمان ) ..
أسماء الإشارة :
للإشارة أهمية كبيرة في اللغات بعمومٍ .. و اللغة العربية تزخر بكم من أسماء الإشارة الذي دخله من التغيير الشيء الكثير , و في لهجتنا هذه نلمس هذا التغير بعد أن نسرد أسماء الإشارة الفصيحة و الهاجرية اللهجية :
هذا : فهو لدى الهاجريين ( ذا – ذي ) و قد تنطق بنفس النطق الفصيح مع ذكر هاء التنبيه ( هذا ) .
هنا : تضيف اللهجة همزة قبل الإشارة إلى المكان فتقول ( إهنا ) .. و هذا كصورة شاملة أولى .. و هناك صيغة أخرى للإشارة و هي ( هنيّا ) و يشار بها إلى المكان القريب .. و الأخرى هي ( إهناك ) و يشار بها إلى البعيد ..
هؤلاء : تنطق بصورة بعيدة حيث تستبدل الهاء بـ ( ظ ) مع حذف الهمزة المتطرفة , فيقال ( ظولا ) ..
نحن : حنَّا ,
أنت : أنْتْ , و في الجمع المؤنث : أنْتَن .. هِنْ .
أما الأسماء الموصولة : فقد جعلت ( الْلّي ) تعمل عمل جميع الأسماء الموصولة . من دلالة على مفرد و جمع و مؤنث و مثنى ..
المعجم الدلالي المختصر :
إن تكوين معجم لغوي خاص بلهجة معينة أمر بالغ الصعوبة إذا لم تتلقى اللغة من متكلميها العامة الذين لم يختلطوا بغير قرنائهم , أو كان لهم نصيب جيد من العلم و الاطلاع , فهذه الأمور تثبط حياد المتكلم و تشكك فيه , و نحن في تشكيل معجم دلالي لنسعى في معرفة طبيعة اللهجة و الجد في استكشاف ما تنفرد به من مصطلحات و مفردات فهذا وحده كفيل بأن يبين لنا ماهية لهجتنا المدروسة ..
إلا أن بحثنا في تكوين معجم لم يحظ كثيراً بمصطلحات خاصة , و ذاك عائد إلى أن القبيلة لم تكن متأصلة في موطن واحد , و إنما مترحلة من أرض إلى أرض جعل منها متلقيا و متعرضاً لكثير من القبائل التي لا بد من الاحتكاك بها و محاكاتها .. لذلك فغالب لفظها متردد في أقطار الجزيرة مشتهر فيها ..
و لكننا نورد هذا المعجم لخلق تواصل مباشر في هذا البحث بين التحليل و التطبيق , و في ما قد سلف من بيان تعليل و كفاء .
أخيرًا.. نتمنى من الله العلي القدير أن نكون قد وفقنا في تقديم بحث اشتمل على شيء من الأسس التي تقوم عليها اللهجة العربية الهاجرية ,
و قد بذلنا جهداً كبيراً في تحصيل اللهجة و استدرارها من متكلمها حتى تمكنّا من جمع مفردات و ملاحظة ظواهر و النظر في تراكيب و المقارنة بينها و بين قبائل مجاورة أو مباعدة ..
و نرجو أن نكون قد أصبنا في طرحنا هذا ,,
و الحمدلله من قبل و من بعد ..
الدكتور / فالح العجمي