رد : مـــــــــــــــــذكراتــــي اللــــــــــــــندنــــــــية
الحلقة الخامسة
من أفضل الأشياء التي كانت تتميز بها لندن قبل عصر الإنتر نت كانت الكتب المتوفرة بها والمكتبات العريقة باللغتين العربية والإنجليزية، وهي الكتب الحقيقية التي ألفها كتاب مهنيون بعضهم من المستشرقين، كما أن الثمانينات كانت سنوات هجرة الصحافة العربية والكتاب الكبار لأسباب سيساية وأمنية، فأصبحت لندن تعج بالصحف الرصينة والأخرى الصفراء التي كانت تعتمد على الابتزاز والفضائح والإثارة. ومنذ نعومة أظافري كنت شغوفا بالقراءة بشتى أنواعها، فكنت أقرأ بمعدل كتابين في الأسبوع. أكثر ما كنت أقرأ تلك الأيام قصص المغامرات البوليسية، مثل سلسلة المغامرون الخمسة تختخ و لوزة و نوسة و عاطف و محب، وهم عبارة عن مجموعة من الأطفال الذين يقومون بحل الألغاز البوليسية والجرائم التي تحصل بمحيطهم. كذلك قرأت معظم روايات أجاثا كرستي وطرزان، ومن بعدها صرت أقرأ لأنيس منصور وسيد قطب وطه حسين ومحمد أسد وغيرهم. ولعدم وجود مصادر متعددة للتسلية في تلك الازمان كانت القراءة تسحرني لأبعد حدود، فأتفاعل مع الشخصيات والأحداث كأني جزء من الحبكة. وعندما تقدم الزمن صرت أقرأ بنهم أكبر ليل نهار، حتى أنه أصبح يسبب لي بعض المشاكل الشخصية مع من حولي لأني أقرأ أكثر مما أتحدث. أذكر مرة كنت مسافر في رحلة من لندن إلى لوس أنجليس وكانت الرحلة 11 ساعة قضيتها كلها في قراءة كتاب محارب من الصحراء لخالد بن سلطان. وكان بجانبي رجل انجليزي ينام ويصحى، يأكل ويشرب، يذهب ويعود، وأنا أعيط، قصدي وأنا أقرأ حتى انتهيت من الكتاب قبل نهاية الرحلة بدقائق، ووالله لم أحس بالرحلة شئ. قالي لي الرجل الإنجليز، بعد ذلك كنت أعتقد أننا أكثر شعوب العالم قرأة، لكن عندما رأيتك علمت أننا أمة لا تقرأ. قلت هون عليك أيها الإنجليزي العجوز ولا تقس علي فأنا أقرأ أي نعم، ولكن للأسف المعلومات التي أقرأها لا أتذكرها جيدا، فذاكرتي أعتبرها أضعف ذاكرة في العالم، ولو كانت ذاكرتي قوية لكنت الفيلسوف اليوناني سقراط بسبب نهمي للقراءة. وعندما نزلت مطار لوس انجليس أخرجت كتاب ثاني أقرأه مما سبب خناقة لي من عائلتي أمام صاحب التكسي. لذلك بدأت باقتناء الكتب اللندنية من مكتبة الساقي العظيمة التي أسستها الراحلة مي غصوب، فاعدت قراءة الكتب التاريخية والدينية والسياسية ومذكرات المستشرقين، ومن أول كتاب تاريخي قرأته تلمست الفرق بين الكتب التي تكتب لدينا، فالكتاب يكون حجمه خمسمائة صفحة ولو دققت وتمحصت جيداً لوجدت أنه يمكن اختصاره في ورقه ونصف والباقي جله حشو وكذب ومضيعة للوقت. وأشد ما أعجبني قصة توحيد المملكة بأقلام المستشرقين والتي كانت تكتب بشكل مغاير عما قرأته، وخاصة 7 مجلدات قد قرأتها سابقا للزركلي باسم "شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز"، ولكن للأمانة كل الكتاب كانوا مسحورين بشخصية الملك عبد العزيز ودهائه وأنه تفوق حتى على القواد والملوك التاريخيين كمثل تشرشل والملكة فكتوريا. كنت أرى مي صاحبة ومؤسسة المكتبة باستمرار ولم أعرف قيمتها ككاتبة أو كمؤسسة لأهم المكاتب العربية في المهجر إلا بعد مدة طويلة، كانت نحيلة ومثقفة تتحدث الانجليزية والفرنسية، تأتي خلفي كلما بحثت في الجدار عن الكتب وتقوم باعدة تصفيفها لأني كنت لا أعيدها كما يجب، تحملتني بعض كثيرا، يمكن تشجيع، أواستظراف، فهي رحمها الله تجوزت سبعة أشخاص في حياتيها، بالرغم من أنها توفيت وعمرها 54 سنة فقط. ومن كثر عيادتي للمكتبة تعرفت على شخص سوري اسمه عبد الوهاب الفتال، رجل مرتبك ولجوج ومزعج ونكدي وأحمق وتطول قائمة سيئاته إلى مالا نهاية، ولكن جذبني إليه نقده اللاذع وتحويله كل حكاية إلى نكته، فالنكت عنده لا تتوقف، فذهبت معه مرة بعد أن ابتعت صحيفة صفراء ابتزازية (كانت سماوية اللون) وذهبنا إلى مقهى أخينا السوداني والتي كانوا يطلقون عليها فيما بينهم "مقهى الفكر العربي" لنتجاذب أطراف الحديث والحش في الأنظمة العربية، هم يحشون في الخليج وأنا أحش في دولهم من شرقها لغربها، كانوا شلة كذابين وكنت أتعبهم بمناكفاتي وطولة لساني وصحتي، لأنهم كانوا مرضى بالضغط والسكر فكانوا لا يستطيعون مجاراتي وإفحامي، بل أن بعضهم تأتي عليه أيام ووجه محمر ويشير علي بعدم فتح أي موضوع فالأمراض لا تساعده على النقاش. في ذلك اليوم المشهود استلمت الجريدة السماوية اللون واسمها "الشرق الجديد" وبدأت أقرأها وأنا اتبسم من اسلوبها الساخر في نقد الأنظمة العربية، بل أنني رميتها ولم أستطيع أن أكملها من كثرة الضحك خشية أن يسئ الظن بي الزبائن الذين حولي. سألني عبد الوهاب الفتال ما رأيك بها، قلت صحيفة قذره وصاحبها أقذر منها وشكله مبتز، ينقد دول الخليج بالذات ويتناول الأمور الشخصية ولو عطوه المال لقبل أيديهم وقفل المجلة أوجعلها تمجد بهم ليل نها. زعل مني عبد الوهاب وحاول التبرير والتماس الأعذار لنهج الصحيفة ولكن كنت أحاججه وافحمه في كل مرة. في المساء وأنا أتصفح ما بقي من جريدة الشرق الجديد وأنا ممدد على السرير نظرت في العمود الذي يكتب به معلومات عن الجريدة وصاحبها أو رئيس التحرير واكتشفت ويا للعجب أن اسمه "عبد الوهاب الفتال" هاهاهاهاهاها، يعني كنت طول النهار في قهوة الفكر العربي أسب في الرجال في وجهة المغسول بمرق ولم أكن أعلم،،،، ازددت ضحكا على ضحك وسقطت من السرير من كثرة الضحك وأتى أخي المريض يقول خير وش ضحك المجانين هذا، قلت تعال أعطيك السالفة، قلتها له من هنا، وفطس المسكين من هنا رغم المرض والآلام التي به.
في أحد الأيام اللاحقة صادفت عبد الوها الفتال عند "قهوة الفكر العربي" وحاول يتجاهلني وقلت له يا عم عبد الوهاب تعال أنا فهمت حكاية دفاعك المستميت عن الصحيفة، يا أخي قولي أنا صاحبها وريحني، قال خلاص عرفت اني صاحبها، اش رايك الحين، قلت رأيي زي ما قلت لك، ابتززززززززززاز. أخذني على القهوة وقال شوف يا عمي ولا ابتزاز ولا شي، أنا رجل سوري كنت عايش عندكم في الشرقية في وزارة التعليم، كرفت لين طلعت ريحتي ما كنت قادر اعيش لآخر الشهر، الآن اشتم جهة معينة أو المح اني بشتمهم يجون يعطوني فلوس من فلوسهم الي يسرقونها، يعني الي سارق من حرامي مثل الي وارث من أبوه. بس بصراحة قالي مرة على شيئ للآن ماني متأكد منه، قال إن بعض موظفي السفارات يزودونه بمعلومات يقول هدد في أحد الأعداد بانك ستكتب عن الموضوع الفلاني في العدد القادم، ويعطونه بعض الأدلة للتهويش، ولما يكتب التهديد، يجون موظفين السفارات وعندهم ميزانية معينة لشراء ذمم أمثاله، فيعطونه جزء من المال ويأخذون جزء، وكانهم أعطوه المبلغ كامل لكي يخرس ولا يفضحهم، فأصبح هذا العمل مصدر دخل اضافي لموظفي السفارات، بل أنه لو تلكأ عن الكتابة للكزوه حتى يستنهض الهمم وتبدأ عملية النهب والإحتيال.
بعيدا عن الفتال، وهو على فكرة رجع لسوريا الآن وأرى في كتابته في الانتر نت أنه بدأ يتوب لله بعد أن كسب ما كسب، غفر الله له ولنا، كنت دوما أحب أن أجلس على النافذة المنيفة في الدور الثاني من العمارة التي أقطن بها، وأفتح الشباك بعض الشيئ فينعشني الهواء البارد، حيث يحلو لي القراءة كتابا كتابا، وقد أختلس بعض نحو الأسفل أرقب المارة الذين لا ينقطعون في هذا الشارع الذي لا يهدأ ليلاً نهارا. في الجهة المقابلة من عمارتنا وفي شقة مواجهة لنا تماما، كانت هنالك إمرأة برونزية اللون تقوم كل يوم بالتريض مع كلبها الصغير من نوع بودل، كانت ترمقني بنظرات وابتسامات غاية في الروعة، فلونها البرونزي مع أسنانها البيضاء كأنها قطاف الثلج منظرا لم أكن متعودا عليه البتة، وأنا لازلت رغم مرور بضعة أشهر أعاني شيئا ما من الصدمة الثقافية خاصة من ناحية الجنس اللطيف.
في أحد الايام كنت عائدا لتوي من المدرسة، ورأتني فحيتي باللغة العربية وقالت شو ما بدك تبطل قراية عى الشباك، عامل حالك عبد الحليم حافظ. يا ساتر طلعت عربية، ابتسم لها وبصوت سعودي مصلوخ ومتهدج، قلت لها جنابك عربية، قالت يا عيب الشوم ولو عربية أبا عن جد، أنا اسمي جاكولين من لبنان، تشرفنا أنا نديم، من مدينة العمال في الدمام، شارع أبو مية،قصدي من السعودية.
سألتني شو بتعمل هون وشو العجئة في شئتكن، قلت لها على السالفة والعجئة، تعرفين سكان الجزائر كثير وبعضهم هاجر لشقتنا بحثا عن المأوى!!، ضحكت وقالت الله بيعين. مشيت معها قليلا وعندما لمحت لي لشرب فنجال قهوة، تذكرت حكايتي الأولى وقعدت أقز فيها قز لأتأكد إنها إمرأة حقيقية ونسيت نفسي بعض الشيء، فقالت لي شو بك نديم، بشو سرحان، قلت لا لا، بقلك على حكاية بتفطسك من الضحك بس بعدين. جاكلين أو جاكو كانت تشتغل في محلات ماكس مارا، يعني بنت كلاس عشان كذا بدل قهوة الفكر العربي الفاشلة أخذنتني إلى مقهى في فندق رتز والذي اشتراه في تلك الفترة النصاب الدولي محمد الفايد، صاحب محلات هارودز الشهيرة وصاحب شركة هاوس أوف فريزر. استقلينا تاكسي وشربنا شاي في بهو الفندق وأشارت لي إلى مقعد جميل محاط بحبال حمراء كسياج وسألتني تعرف لمن هيدا الكرسي، أجبت لا، قالت هيدا الكرسي محجوز منذ العام 1955 لمهراجا هندي، لأنه جنابه أتى يوما من الأيام لشرب الشاي فلم يجد مقعدا متوفراً فقام بحجز المقعد إلى الآن ليستخدمه متى ما شرف. يا ساتر، يعني حوالي ثلاثين سنة سجن، قصدي حجز، يا الله، والله لندن فيها غرايب وعجايب، وإلي عنده فلوس يقدر يسوي فيها أشياء كثيرة ما تخطر على البال هنا. والمهراجا يا ساده يا كرام هم ملوك الهندوس القدماء الذين بدأو بالانقراض حاليا ولم تعد لهم صلاحيات سوى صلاحيات شكلية، وهذا الكرسي قد يكون أهم صلاحياتهم في الوقت الحالي والله أعلم.
في اليوم التالي اتصل بي أخي من السعودية واخبرني بأن شخص كويتي عزيز عليه سوف يأتي إلى لندن ويرغب في لقائنا لأنه سوف يكون لوحده ويرغب في أن يجد أحد ليقضي وقته معه خاصة وأننا في وسط الخريف ولا يوجد الكثير من العرب هنا. هذا الشخص قد يعرفهو الكثير منكم، وسوف أسرد قصته معي أو معنا ومن أول لقاء معه في لندن، إلى أن... سأترك لكم القصة:
اسمه تعس كويتي الجنسية (لا يزعلون الأخوان الكويتين، كلنا أهل بس عشان اوضح القصة)، استقبلته في مطار هثرو وكان يبدو عليه الذكاء الشديد والفهلوة، يعني بلغة الكويتين كلكشجي. رغم أنه كويتي كان معاه كما أخبرني بطاقة هوية الخطوط السعودية استخدمها للحصول على خصم في فندق انتركونتننتال في البارك لين. كنا نجلس طوال اسبوعين في بهو الفندق فترة الظهيرة مع بعض الأصدقاء من المغرب وتعزف لنامرأة ا على البيانو اغنية أهواك وأتمنى لو أنساك وجلسات جميلة نتجاذب بها أطراف الحديث ونحدق في المارة في الهايدبارك أو في شارع الباركلين. كان الرجل كريما ، ورغم طريقة الخصم التي استخدمها في الفندق إلا أنه كان ينفق بكرم حاتمي، لكن في بعض الأحيان عندما أقول له هيا نتمشى في البارك لين، يخرج معي وبعد مدة بسيطة يقول لي يجب أن لا نمش كثيرا فأنا أخاف على حذائي تراه غالي، أخاف عليه من كثرة المشي كان حذائه من جلد النعام. تعجبت من بعض تصرفاته المتناقضة، ولكن لتتعجبون أكثر مني أتعلمون ماذا أصبح هذا الشخص بعد حوالي عشرة سنوات من تلك المقابلة، لقد حصل على الجنسية السعودية، بمساعدة منا، وهو يعلم ذلك لو قرأن هذه القصة، وأصبح من أغنى أغنياء العرب بسرعة صاروخية تدور حولها علامات استفهام كبيرة جدا. وتطورت العلاقة معه مع الأيام والسنون وأصبحنا بعد ذلك مثل الأخوان أو أكثر، وكان كل سنة يضحي بأحد من أعز اصدقائنا المشتركين، بل أنه عندم يبطش يبطش جبارا ويلاحق الناس حتى في لقمة عيشهم ليتأكد من انتقامه منهم وأنهم لن تقوم لهم قائمة. يعز أصدقائه في البداية كثيرا، وبعضهم كما رأيت وعاشرت لاحقاً أغتنى من وراءه وكان يلبس الساعات الالماس وسيارات الفيراري والبنتلي في لندن، وعندما غضب عليهم، هوى بهم إلى الأرض، أحدهم فلسطيني كان من أقرب الناس له يركب الطيارات الخاصة، ويعيش عيشة الملوك، لما غضب عليه أتى يوما يبحث عن سلفة ليشتري دفاتر وشناط المدرسة لأبنائه.
من حبه لنا أنا وأخي الكبير، أنه في أحد الايام كنا قادمين إلى لندن واستقبلتنا مندوبة عن أحد شركاته داخل الصالة الخاصة، وفي الخارج مرسدس ليموزين سترتش، وسكنا في عمارته الوثيرة في 74 بارك لين، وسعرها في اليوم الواحد 4 آلاف جنيه. وفر لنا بطاقات ائتمان لم نكن بحاجة لها، ولكن أتت لنا كهدية مقابل خدمات تعد بالملايين له، صرفنا منها حتى وصلت مئات الألوف، قد يسأل أحد وهل يعقل بطاقة تصل مئات الألوف، نعم لأنه هو من يأمر بفتح السقف الإئتماني لها. وعندما حانت ساعة الصفر وبدأت الحالة السادية تتوجه نحونا قام بشكوانا للحقوق المدنية للدفع أو السجن. تفجأت لما رأيت الإستدعاء من الشرطة وذهبت إليهم لعله خطأ من أحد الموظفية وأن تعسأ لا يمكنه عمل ذلك، لكن تأكدت أنه الشكوى منه شخصيا ورايت تعنت الضابط في شرطة الظهران، وكأنه يريد أن يدخلني السجن، وقال بالحرف الواحد تدفع الآن أو السجن، قلت له هل هذا حكم منك من أول لقاء أدفع أو السجن، قال نعم، قلت هل تعتقد أني قادم ومعي مبلغ بمئات الألوف رد هي مشكلتك. عندها أيقنت أن انفلونزا تعس قد ألمت بنا، وعرفت أنه بدأ بشراء الذمم كما رأيت من قبل ليتمتع بمنظرنا خلف الأسوار أو ليذلنا، فأنتفظت أمام الضابط وقلت بأعلى صوتي له إذا كان تعس قد إشتراك بامواله فهو لن يشتري نايف بن عبد العزيز، والله لأخرج من هنا وأتجه للرياض مباشرة لنايف بن عبد العزيز حفظه الله وأقول له ما سمعت منك وأنا أتهمك لحماسك ومحاولتك إدخالي السجن دون وجه حق، وأتحداك وأتحدا من خلفك أن تدخلني السجن الآن. تفاجأ الضابط من ردة فعلي الصاخبة خاصة أنني انفجرت غضبا أمام المراجعين الذين غصت حلوقهم من طريقتي في تأديب ذلك المتخاذل، فخرجت لمدير شرطة الظهران ولم يقل لي الضابط شيئا، وكان مدير الشرطة الذي اتجهت اليه على ما أعتقد المقدم سعيد الزهراني، إن شاء الله الاسم صحيح، وكنت في بادئ الأمر أعتقد أنه سيكون شريك له، لأني أعرف تعسا وألاعيبه، فأحببت أن أتأكد بنفسي. لكن عندما تناقشت معه لم يكن يعلم المسكين شئيئا وهدأ من روعي وقال أنت عليك قضية مالية إعتيادية ولك الحق في التعامل كما يفرضه القانون، واذهب واحضر المبلغ براحتك. خرجت من شرطة الظهران وكانت تلك الأيام لا توجد جوالات بل بياجر، ومن عنده بيجر فقد كان علية القوم الذين يشار لهم بذي بيجر، أو أبا بيجر. المهم مالكم بالطويلة أصبحت تأتيني عشرات المكالمات على البيجر كالسيل لا يتوقف، ارقام تبدأ من الدمام والظهران والخبر، وعند اتصالي بها عرفت أنه من قبل أذناب تعس (عليه من الله ما يستحق، قصدي الله يسامحه) فهو لم يتوقع ردة فعلي العنيفة، ويطلبون مني حل الموضوع بشكل ودي. أحيه ياودي خفت من نايف يا باب، غصب عنك تخاف من عمك، تحسبني مثل ربعك إلي خسفتك فيهم، أنا أخو نورة يا تعس. بعد كذا رحت لقصره عشان أقابله، وأقوله إنه مهو معاي الغبي يتصرف كذا، قبل ما أعرف اسرارك أو فضايحك، ماني ضعيف تخوفين بالشرطة يا بابا، لأن الحرامي إلي يخاف مهو الشريف. عند باب قصره جاو السيكورتي يفتشوني يحسبون عندي سلاح، قلت لهم أنا ما عندي سلاح أنا مان مجنون أنا بدخله بثوبي وهو يعرفني أنا بقابله إذا فيه ذرة رجولة. لم يقابلني إلى الآن من العام 1996. بل أنه لوضاعة وكل مدعي من قبيلتي علي في الشرطة لتشويه سمعتي، ولكن ابن قبيلتي ماذا تحسبونه قد فعل، عمل معي اتفاق بصفته الوكيل عن تعس، على أن أدفع سبعمائة ريال حتى ينقضي المبلغ يعني انتطر يا حبيبي حوالي 25 سنة،. أبي عندما علم بالمشكلة حول المبلغ كاملا إلي ولم يعلم أني وصلت لحل ولم يعلم أني استطيع الدفع اضعاف المبلغ ولكن المسألة لم تكن مسألة فلوس.
والمحظوظ من أتعض بغيره، فلو تعلمن أن تعسا الآن محجوز عليه وعلى أمواله لأنه لم يحمد النعمة أو قد تكون دعاوي خلق الله عليه، وغيه وضلمه لعباد الله. لكن لكي أكون منصفا، فالرجل له تبرعات كثيرة في المجالات الخيرية والعلاج ومساعدة المحتاجين وبناء المساجد، لكن مبتلى بمرض متأصل به وهو الساديه وقد وقع في شر أعماله. مرة أخرى وللعيش الذي بيننا ولأني بطبعي متسامح أتمنى من الله أن يفك كربتك ويعيد لك راحة البال، وأعلم بأن الحياة حق للجميع ولا يجب أن تصادر حرية أحد لأن عندك الأموال. تذكر عندما كنا نسير سويا في لندن في البارك لين وفي ريجنت ستريت. تتذكر عندما كنا نريد أن نشترتي سرج للخيل التي لديك، وعندما قال لك البائع جرب السرج وركبت بالمقلوب، فخرجنا نذحك مثل المساطيل على غبائنا، وكلمتك التي لن أنساها، مسوين روحنا عيال نعمة وحنا عيال فقر، الا تذكر رحلتنا إلى ألتون تاورز مع شركة نيفرتيتي وصاحبها المصري العجوز الطيب، لما عزمتك على الرحلة وكنت تقول (هذي الينة الينة "الجنة") مانت مصدق روحك من الطبيعة والجمال، تذكر والأوقات الجميلة لما كنا نروح نسهر في stringfellow لما شفت joan collins الممثلة المشهورة في مسلسل Dynasty وبغيت تجيب مصيبة لنا لو ما فكيناك من البدي قارد. ليتك ترجع لأيام البساطة ونرجع نسافر ونجلس في بهو فندق انتركونتنتال نشرب الشاي الإنجليزي بعد الظهر مع البسكويت ونسمع أغنية أهواك وأتمنى لو أنساك.
يتبع