بسم الله الرحمن الرحيم
فصل في أخلاقه صلى الله عليه وسلم:
يقول الله سبحانه وتعالى في حق نبيه صلى الله عليه وسلم :{ وإنك لعلى خلقٍ عظيم }
يقول العز بن عبد السلام : { واستعظام العظماء للشيء يدل على إيغاله في العظمة ، فما الظن
باستعظام أعظم العظماء؟!}.
وعن سعد بن هشام بن عامر قال : أتيت عائشة رضي الله عنها ، فقلت: يا أم المؤمنين ، أخبريني
بخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : كان خلقه القرآن ، أما تقرا القرآن ، قول الله عزوجل
:{ وإنك لعلى خلقٍ عظيم }، وقلت: فإني أريد أن أتبتل ، قالت : لا تفعل ، أما تقرأ :{ لقد كان
لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ}، فقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ولد له.
وقد أكمل الله له خلقه من صغره وقبل البعثة ، فما عبد صنماً ، ولا شرب خمراً، ولا مضى في أمر
سوء , وكان يعرف عند قومه بالصادق الأمين .
وقد نوه الله بأنواع من كريم أخلاقه وسجاياه صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه : { فبما رحمة من الله
لنت لهم} ، وقال عزوجل :{ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } ، وقال سبحانه
:{ لقد جاءكم رسول الله من أنفسكم عزيز عليكم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم } ، وقال عزوجل
{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} .
وفي (صحيح البخاري) من حديث عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما،
قلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ، قال : أجل ، والله إنه لموصوف في
التوراة ببعض صفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً، وحرز للاميين ، أنت عبدي
ورسولي ، سمتيك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ، و لاسخاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو
ويغفر ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ، ويفتح بها أعيناً عمياً ، وآذاناً صماً،
وقلوباً غلفا.
ومن أخلاقه صلى الله عليه وسلم : ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : { ما خير رسول الله صلى
الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ، مالم يكن إثماً كان أبعد الناس منه ، وما أنتقم رسول الله صلى الله
عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله بها }.
وفي ( الصحيحين) عن انس رضي الله عنه أنه قال : فخدمته-أي : النبي صلى الله عليه وسلم –في السفر والحضر
، ما قال لي لشيء صنعته : لم صنعت هذا هكذا، ولا لشيء لم أصنعه لِمَ لم تصنع هذا هكذا.
ومن أخلاقه صلى الله عليه وسلم: تواضعه ، ومداعبته لصغار: فعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاًُ ، وكان لي أخ يقال له : أبو عمير ، قال : أحسبه قال : كان فطيماً ، قال فكان إذا جاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه قال : { أبا عمير ، ما فعل النغير؟} قال : فكان يلعب به .متفق عليه.
(من كتيب: حقيقة شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ) لسماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ المفتي العام للملكةالعربية السعودية وفقه الله .