رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت
الجار وحقه على جاره
الخطبة الأولى
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران: 102] واعملوا أن حق الجار على جاره مؤكد بالآيات والأحاديث قال جل وعلا: وبالوالدين إحسانًا .. والجار الجنب ويقول : ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) متفق عليه.
معاشر المسلمين: كان العرب في الجاهلية والإسلام يحمون الذمار ويتفاخرون بحسن الجوار وعلى قدر الجار يكون ثمن الدار.
يلومونني أن بعت بالرخص منزلي::ولم يعلموا جارًا هناك ينغصُ
فقلت لهـم كفـوا المــلام فإنما::بجيرانها تغلو الديارُ وترخصُ
والإسلام يأمر بحسن المجاورة مع كل إنسان وشر الناس من تركه الناس اتقاء شره، وأسوأ الجيران من يتتبع العثرات ويتطلع إلى العورات في سره وجهره وليس بمأمون على دين ولا نفس ولا أهل ولا مال.
عباد الله:
والمسلم يعترف بما للجار على جاره من حقوق وآداب يجب على كل من المتجاورين بذلها لجاره وإعطاؤها له كاملة:
أولاً: عدم أذيته بقول أو فعل، من الجار أو من أولاده أو من أهله لقوله : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره)) [متفق عليه].
وقال عليه الصلاة والسلام: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن)) قيل: من يا رسول الله؟ قال: ((الذي لا يأمن جاره بوائقه)) [متفق عليه]. والبوائق هي الدواهي والغوائل والشرور.
ثانيًا: من الحقوق الإحسان إلى الجار وذلك بأن ينصره إذا استنصره، ويعينه إذا استعانه، ويعوده إذا مرض، ويهنئه إذا فرح، ويعزيه إذا أصيب، ويساعده إذا احتاج، يبدؤه بالسلام ويلين له الكلام، يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، ويرعى جانبه ويحمي حماه ويصفح عن زلاته، ولا يتطلع إلى عوراته، ولا يضايقه في بناء ولا ممر، ولا يؤذيه بقذر أو وسخ يلقيه أمام منزله، فكل هذا من الإحسان إلى الجار الذي أمرنا الله تعالى به.
ثالثًا: إكرامه بإسداء المعروف والخير إليه قال صلى الله عليه وسلم: ((يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة جارتها ولو فرسن شاة)) [متفق عليه والفرسن من الظلف. ولقوله عليه الصلاة والسلام لأبي ذر: ((يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك)).
رابعًا: تقديره فلا يمنعه أن يضع خشبة في جداره، ولا يبيع أو يؤجر ما يتصل به أو يقرب منه حتى يعرض ذلك عليه ويستشيره. قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبة في داره)).
أيها المسلمون: والمسلم يعرف نفسه إذا كان قد أحسن إلى جيرانه أو أساء إليهم ففي الحديث الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل لرسول الله كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعت جيرانك يقولون: قد أحسنت، فقد أحسنت وإذا سمعتهم يقولون: قد أسأت، فقد أسأت)).
عباد الله:
وإذا ابتلي المسلم بجار سوء فليصبر عليه، فإن صبره سيكون سبب خلاصه منه فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال له: ((اصبر)) ثم قال له في الثالثة أو الرابعة: ((اطرح متاعك في الطريق فطرحه فجعل الناس يمرون به ويقولون ما لك؟ فيقول: آذاني جاري فيلعنون جاره حتى جاءه وقال له: رد متاعك إلى منزلك، فإني والله لا أعود)) [رواه أبو داود].
وفي الحديث الآخر قال عليه الصلاة والسلام: ((تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام ـ يعني الحضر ـ فإن جار البادي ـ أي الذي في السفر ـ يتحول عنك)).
جعلني الله وإياكم من خيار خلقه وبارك لي ولكم في الطيبات من رزقه، وأجارني وإياكم من أذية الجار والتهاون بحقه قال سبحانه: إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِى ٱلأرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ %وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلاْمُورِ [الشورى: 42، 43].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله الحليم التواب، أحمد سبحانه يغفر الذنب لمن تاب إليه وأناب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل رسول أنزل الله عليه أفضل كتاب، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وسائر الأصحاب أما بعد:
عباد الله:
للمسلم فضل عظيم في أن يكف عن جاره الأذى، وله الفضل في أن يجيره ويدفع عنه يد السوء، وله الفضل في أن يواصله بالإحسان، وهناك فضل رابع هو أن يتجاوز عن أخطائه ويتغاضى عن هفواته ويتلقى كثيرًا من إساءته بالصفح والحلم لأنه لا ريب في أن الذي يحلم على من جهل عليه ويحسن إلى من أساء إليه ويعفو عمن ظلمه يكون في أعلى مراتب الكرامة وفي أرفع منازل السعادة.
ففي الحديث عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله : ((يا عقبة ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك)).
عباد الله:
وكثيرًا ما يكون الصفح عن المذنب والعفو عن المسيء دواء لسوء خلقه وتقويمًا لانحرافه واعوجاجه كما هو المشاهد فيعود الجفاء إلى ألفة والمناوأة إلى مسالمة، والبغضاء إلى محبة. قال الحق جل وعلا: وَلاَ تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ [فصلت: 34] وبعض الناس لا يبالي بغيره إذا تمت له راحته، ولا يهمه أن يكون المسلمون ساخطين عليه وأن تدنس ساحته مادام ينال قصده ويصل إلى مراده ويتمتع بشهوته، ولو كان في ذلك هلاك غيره، وإن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت، فاتقوا الله عباد الله واسلكوا في أخلاقكم خير نهج يوصلكم إلى الله وأحسنوا معاملة جيرانكم تفلحوا، وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال سبحانه: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب: 56]
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 16-04-2010 الساعة 01:49 AM