أمن يجيب المضطر
لا إله إلا الله وحده لا شريك له , والحمد لله رب كل شيء ومليكه , وصلى الله وسلم وبارك على محمد صفوة رسله وخيرته من خلقه .
لا إله إلا الله القائل : " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " .
حين أسمع أو أقرأ هذه الآية الكريمة تذهب المخاوف والأحزان وتغمرني السعادة والأمان , فمن كان الله جل في علاه قريباً منه فكيف يخاف ؟
ومن كان الله تبارك اسمه قريباً منه فيكف يحزن ؟
فسبحانه وبحمده فهو ملك الملوك لم يجعل بينه وبين أحد من خلقه واسطة ولا حاجبا .
في هذه الآية الكريمة لفتة عظيمة , فقد ذكر غير واحد من العلماء وهذا ظاهر لمن تأمل في
القرآن أنه عندما يرد سؤال للنبي صلى الله عليه ويتولى الله تعالى الإجابة يقول الله " قل " مثال
ذلك قال الله تعالى : " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا " وفي هذا سر عظيم وفائدة
كبيرة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم واسطة بين الله تعالى وخلقه في تبليغ الرسالة فجاء
لفظ " قل " عند كل إجابة سواء كانت في التشريع أو الإخبار , أما في مسألة الدعاء فجاءت
الإجابة مباشرة من غير لفظ " قل " " فإني قريبٌ أجيب دعوة الداع " فسبحان ذي الفضل العظيم وله الحمد على ما منَّ به وأسدى .
وانظر إلى الآيتين التاليتين :
قال الله تعالى : " وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ "
وقال تبارك وتقدّس : " وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " .
فمن غير الله تعالى يكشف عنا الضر ؟ و من غير الله تعالى نلتمس منه الخير .
ثم تأمل في هذه الآية :
قال الله عز وجل : " أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ " .
سبحانك يا الله سبحانك يا ذا الفضل والإحسان, سبحانك ما أكرمك , سبحانك ما أرحمك, سبحانك ما أعدلك , سبحانك يا سامع الدعوات , سبحانك يا قاضي الحاجات , سبحانك يا فارج الكربات سبحانك يا مقيل العثرات , سبحانك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
ثم زد تأملاً في هذه الآية المباركة :
قال الله تعالى : " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ "
فسبحانك يا ربنا يا من تفرح بالسؤال .
حين نسأل الله تعالى ونتذلل له ننال العزة , وحين نسأل سواه ونتذلل لغيره تـُصب علينا الذلة .
فيا مَن أغلقت في وجهه الأبواب , باب ربك مفتوح . ويا من ضاقت به الدنيا , إلجأ إلى ربك
ويا من انقطعت به الأسباب , أنسيتَ ربك . ويا من قلَّ رزقه , خزائن الله ملأى فاسأله من
فضله. ويا من أنهكه المرض , ربك الشافي فاطلبه . ويا من غلبه الدين , سل الله يقضه عنك.
ويا من يريد خيري الدنيا والأخرة ,كن مع الله يعطك ما تريد.
ورحم الله القائل :
أتهزأ بالدعاءِ وتزدريهِ ...وما تدري بما صنعَ الدعاءُ
سهامُ الليلِ لا تخطي ولكن ... لها أمدٌ وللأمدِ إنقضاءُ
فيمسكها إذا ما شاءَ ربي ... ويرسلها إذا نفذ القضاءُ
قلتُ :
نوائبُ الدهر تأتي في تتابعها ... كالسيلِ مـُنحدراً من قمّةِ الجبلِ
فاصبر لها صبرَ أيوبٍ إذا عرضت .. والجأ إلى الله لا تلوِ على رجلِ
صبرٌ وشكرٌ وكل الخير بينهما ... فالأجر لم ينقطع يوماً وينفصلِ
فاللهم ربنا عاملنا بما أنت أهله ولا تعاملنا بما نحن أهله .
رقم : سعيد بن صالح بن علي الحمدان
منقول