انتبه يا ابي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبما أن العقوق محرم ، ومن أكبر الكبائر ، فلذا كان كل ما يؤدي إلى العقوق حرام ، ومن أعظم ذلك ، عدم العدل بين الأولاد في الهدية والعطية والهبة والصدقة ، فالتمييز بين الأولاد والتفريق بينهم في أمور الحياة سبب للعقوق ، وسبب لكراهية بعضهم لبعض ، ودافع للعداوة بين الأخوة ، وعامل مهم من عوامل الشعور بالنقص ، وظاهرة التفريق بين الأولاد من أخطر الظواهر النفسية في تعقيد الولد وانحرافه ، وتحوله إلى حياة الرذيلة والشقاء والإجرام .
المفاضلة بين الأولاد خطيرة ، ومن أعظم العوامل التي تسبب الانحراف عن منهج الشريعة الصحيحة ، والصراط المستقيم ، بل سبب مباشر للعقوق ، وقد يسبب القتل والعياذ بالله ، والواقع خير شاهد على ذلك .
والمفاضلة تختلف ، فمنها المفاضلة في العطاء ، والمفاضلة في المعاملة ، والمفاضلة في المحبة ، أو غير ذلك من المفاضلة والتمييز الذي ذمه الشرع وحرمه ومنعه ، لما يسببه من أسباب وخيمة ، وعواقب جسيمة ، وهناك من الآباء والأمهات من لا يعدل بين أبنائه ظلماً وجوراً ، وإجحافاً وتعسفاً . فيقع في الحرام وقد لا يدري .
وكم هي المآسي والأحزان التي تعج بها بعض البيوت نتيجة للظلم والتمييز العنصري ، والتفريق بين الأبناء ، وعدم العدل بينهم ، مما تسبب في وجود الكراهية والبغضاء بين الأخوة في البيت الواحد ، والسبب هم الآباء ، وعدم اتباع الكتاب والسنة في مثل تلك الأمور والمنحدرات الخطيرة التي تؤدي بالأسرة إلى الهاوية والعياذ بالله .
فظاهرة عدم العدل بين الأولاد لها أسوأ النتائج في الانحرافات السلوكية والنفسية ، لأنها تولد الحسد والكراهية ، وتسبب الخوف والحياء ، والانطواء والبكاء ، وتورث حب الاعتداء على الآخرين لتعويض النقص الحاصل بسبب التفريق بين الأولاد ، وقد يؤدي التفريق بين الأولاد إلى المخاوف الليلية ، والإصابات العصبية ، وغير ذلك من الأمراض الغير عضوية ، مما يضطر الكثير من الأولاد إلى مراجعة مستشفيات الصحة النفسية ، وهناك تشتد الآلام أكثر مما كانت عليه من ذي قبل ، فمثل هذه المصحات لا فائدة ترجى منها ، بقدر ما هي زيادة في المرض كما هو معلوم لدى الكثير ممن يراجعها .
وهنا أمر مهم يدخل ضمن المفاضلة في المحبة ، وهو تفضيل محبة بعض الأحفاد على بعض ، فقد يكون للأب أو الأم ، أبناء وبنات ، فيتزوجون وينجبون ذرية ، فلا يكون هناك عدل من قبل الأجداد في العدل في محبة أبناء الأبناء ، وقد يكون ذلك واضحاً جلياً ، فيكون هناك انحياز لبعض الأحفاد على حساب بعض ، وهنا تقع الكارثة والمصيبة الكبرى ، من البغض والكره والغيظ للأجداد من الأبناء والأحفاد ، نظراً لعدم التسوية في الملاطفة والمحبة ، ونظراً لعدم العدل بين الأبناء ، وأبناء الأبناء ، فاتقوا الله أيها الآباء والأجداد في العدل بين أبنائكم وأحفادكم ، فلا أعز من الولد إلا ولد الولد ، وعاملوهم كما تحبون أن يعاملوكم به .
__________________