أولى والـوقـفـات مـع الإبـتـلاءات
أخي المسلم أختي المسلمة
أهلا وسهلا بكم على صفحة من صفحات هذا المجلس المبارك
وقد سبق الحديث بعنوان
[ الحياة موطن للإبتلاء ]
ووعدتكم أن يكون للحديث تتمة على شكل وقفات
فها هي بين يديك وأمام عينك أولى الوقفات لتسلي بها نفسك وتعلمها وتتعلمها , بل وتطلع وتتربى
عليها ، وتعرف حكم وفوائد الابتلاءات والمصائب فكم نحن بحاجة لأن نعرف أسباب الشيء
وحكمه وفوائده وغاياته قبل وقوعه أو حلوله أو بعد وقوعه بعد الإيمان الحقيقي به والرضى
والتسليم له , فالعاقل يوطن نفسه على الصبر , ويروضها على التصبر و المصابرة ، بل ويتصبر
" ومن يتصبر يصبره الله "
حتى يكون الصبر له سجية , والرضا له خلقا , فهو لا يملك دفع ضر ولا جلب نفع إلا بما كتبه الله له
أو عليه , فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط , وما منا من أحد إلا ويريد الرضا بقضاء الله
وقدره , وبوابة ذلك وقفات خمس مع الابتلاءات ثم حكم ذلك وفوائده , ثم وقفة سادسة ، فإلى
الوقفة الأولى:
[ بقضاء وقدر ]
فمن آمن بالقضاء والقدر ، وعلم أنّ الدنيا دار ابتلاء وخطر ، وأنّ القدر لا يُردّ ولا يؤجَّل اطمأنت نفسه
وهان أمره ، ومن المشاهَد المعلوم أنّ المؤمنين هم أقلّ الناس تأثُّراً بمصائب الدنيا ، وأقلُّهم جزعاً
وارتباكاً ، فالإيمان بالقضاء والقدر صار كصِمَام الأمان الواقي لهم ـ بإذن الله ـ من الصدمات والنكسات
يقول الله ـ عز وجل ـ { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها
إن ذلك على الله يسير , لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم }
قال الربيع بن صالح , لما أخذ سعيد بن جبير ـ رضي الله عنه ـ بكيت , فقال : ما يبكيك؟
قلت: أبكي لما أرى بك , ولما تذهب إليه , قال: فلا تبك فإنه في علم الله أن يكون , ألم تسمع
{ ما أصاب ...} وذكر له الآية السابقة
لقد كان في علم الله الكامل الشامل ، فكل ما قدره الله سيظهره للخلائق في وقته المقدور
{ وكل شيء عنده بمقدار }
والعبد المؤمن بالقضاء والقدر يستقبل الابتلاءات بخيرها وشرها , فلا يجزع عند الضراء , ولا يفرح
عند السراء , بل يكن كما قال عكرمة ـ رحمه الله ـ
" ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن , ولكن أجعلوا الفرح شكرا , والحزن صبرا "
وبهذا ـ أخي المسلم ـ ستواجه البلاء بثبات ورزانة حين ينكشف أمامك , أو يقف في طريقك فتعلم أن
هذا بتقدير العزيز العليم , فلا تأس لغائب , ولا تفرح لحاصل , ولكنك تمضي مع قدر الله المقدور في
طواعية ورضي , رضى العارف المدرك ، أنما هو كائن هو الذي ينبغي أن يكون , ورب محبوب في
مكروه , ومكروه في محبوب ، قال المولى ـ عز وجل ـ
{ وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم , وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون }
فكم من محنة تحمل في طياتها أبوابا عظيمة من الخير والمنح الإلهية التي لا يقدر قدرها إلا أهل الإيمان
والمعرفة بالله تعالى. ، إن المؤمن يؤمن بما أخبرهم به الصادق المصدوق ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا
على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رُفعت الأقلام ، وجفت الصحف "
هذا وإلى وقفة أخرى ـ بإذن الله تعالى.