ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 03-05-2009, 07:48 AM
  #1
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

اخي المبارك تلاحظ انني في بداية الخطب استرجع بسرعة واختصار شديد نفخ البعث والحشر والنفخ في الصور وهذا لتستمر معنا قوة الموضوع واستمرارية المشهد المهول لدى الحضور وليستمر الربط بين الخطب نسأل الله التوفيق والسداد والاخلاص

================================================== ========================

الخطبة الأولى
الحمد لله ........................
حديثنا في هذه الجمعة عن الحساب اللهم حاسبنا حسابا يسيرا
يقول المولى سبحانه ((يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب [غافر:16].

يوم القيامة يوم جليل خطبه، عظيم خطره، بل هو اليوم الذي ليس قبله مثله ولا بعده مثله، والكل ظاهر ومكشوف فلا زيف ولا خداع ولا كذب ولا رتوش، وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ((أنه تعالى يطوي السماوات والأرض بيده، ثم يقول: أنا المالك، أنا الجبار، أنا المتكبر، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، ثم يجيب نفسه لله الواحد القهار ( رواه البخاري)، وذلك هو يوم الحساب ويوم الجزاء.

سنعرف ابتداءا ما الحساب وما المقصود بالحساب وسنتعرف على صفته
وعلى ماذا يحاسب الله تعالى العباد وما موقف المسلم ان شاء الله تعالى

الحساب اصطلاحا: هو محكمة العدل الإلهية التي يقضي فيها رب العزة سبحانه بين خلقه وعباده وينبغي أن تعلم أن يوم القيامة

يوم يجمع الله فيه الأولين، والآخرين للحساب: قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم [الواقعة:50]. ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه [آل عمران:9].

يوم تتكشف فيه الحقائق والأستار، فالكل مكشوف النفس والعمل والمصير: يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية [الحاقة:18].

يوم يشيب من هوله الوليد، وتذهل الأم الحنون عن طفلها، وتسقط فيه الحامل حملها يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد [الحج:2]. وللحديث: ((ذلك يوم يقول الله لآدم: أخرج بعث النار، قال: يا رب وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة)) فأنشأ المسلمون يبكون(رواه الترمذي واحمد)

وأما صفة الحساب: فلا بد لكل محكمة من حاكم يحكم ويقضي، وشهود يشهدون، ومتهم وأرض يقام عليها الحكم.

1- أما الحاكم: فهو الله جل جلاله، جبار الأرض والسماء، تباركت أسماؤه وعظمت صفاته الذي يعلم السر وأخفى، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، الخالق لكل شيء سبحانه وتعالى ويبدأ الأمر:

أ- بنفخ إسرافيل في الصور بأمر الله سبحانه فتصعق الخلائق كلها وتموت: ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض [سورة الزمر:68].

ب- إحداث تغير عام في الكون فتنشق السماء وتتناثر النجوم وتتصادم الكواكب وتتفتت الأرض: إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت [التكوير:1-3]. كورت أي ظلمت، انكدرت: أي تناثرت، وسيرت: أي حركت وصارت كالهباء.

ج- ينفخ إسرافيل في الصور بأمر الله سبحانه فتقوم الخلائق للحشر: ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون [الزمر:68].

د- نزول عرش الرحمن جل جلاله: وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية [الحاقة:16-17]، أي يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة، وللحديث: ((أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام (رواه ابو داوود).

هـ- ثم يشرق على الأرض نور الحق جل جلاله: وأشرقت الأرض بنور ربها [الزمر:69]. أي أضاءت يوم القيامة إذا تجلى الحق جل وعلا للخلائق لفصل القضاء([ذكره ابن كثير في تفسيره).

و- ثم مجي الحق سبحانه مجيئا يليق بجلاله وكماله وعظمته سبحانه الكبير المتعال: كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا [الفجر:21-22].

وأما صفة حكمه جل جلاله سبحانه:

1- العدل المطلق: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [الزلزلة: 807].

أ- فلا ظلم: ولا يظلم ربك أحدا [الكهف:49].

ب- ولا أنساب: فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون [المؤمنون:101]. أي لا تنفع الإنسان يومئذ قرابة ولا يرثي والد لولده يقول ابن مسعود : ((إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد: ألا من كان له مظلمة فليجئ ليأخذ حقه، قال: فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغير(ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره).

ج- ولا رشوة لتغير صورة الحكم، فالحاكم هو الغني المتعال والكل مفتقر إليه سبحانه: يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد [فاطر:15].

ح- ولا تهديد ولا ضغوط: فالحاكم هو القوي سبحانه: إن القوة لله جميعا [البقرة:165]، إن كل من في السماوات والأرض إلا ءاتي الرحمن عبدا [مريم :93]. فالكل ضعيف وعبد.

2- الشهود: وأما الشهود فهم كثير فلا مكان للإنكار والكذب والمراوغة

أ- وأعظمهم شهادة هو الله سبحانه الله جل جلاله ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا [المجادلة:7].

ب- الرسل عليهم الصلاة والسلام ويشهد للرسل سيدنا وحبيبنا رسول الله للحديث: ((يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من أحد. فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، ثم أشهد لكم رواه البخاري.

ج- الملائكة: إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ق:17]. يقول الحسن البصري رحمه الله: (يا ابن آدم بسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم القيامة كتابا تلقاه منشورا وقد عدل والله من جعلك حسيب نفسك(ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره)

د- الجوارح: وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء [فصلت:21]. وعن أنس قال: ((كنا عند النبي فضحك فقال: هل تدرون مم أضحك؟ قلنا: الله ورسوله أعلم قال: من مخاطبة العبد ربه فيقول: يا رب ألم تجرني (تحفظني) من الظلم؟ يقول: بلى، فيقول: إني لا أجيز اليوم على نفسي شاهدا إلا مني، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا، والكرام الكاتبين شهودا، قال: فيختم على فيه ويقول لأركانه انطقي فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول: بعداً لكنّ وسحقا فعنكنّ كنت أناضل رواه مسلم

هـ- الأرض: يومئذ تحدث أخبارها [الزلزلة:4]. قرأ رسول الله هذه الآية: يومئذ تحدث أخبارها قال: ((أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمةٍ بما عمل على ظهرها أن تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا فهذه أخبارها .رواه الامام احمد والترمذي والنسائي

ز- التسجيل الكامل كما ذكر بعض العلماء: لقوله تعالى: يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [الزلزلة:7-8]. وتعرض الأعمال عرضا حيا ناطقا، فسيرى المرء عمله وهو يباشره ويا للفضيحة. ذكره الشيخ ابو بكر الجزائري في كتابه عقيدة المؤمن
اللهم إنا نسألك ستر الدارين، اللهم إنا نعوذ بك من خزي الدنيا والآخرة، يا رب العالمين.

3- المتهم: هو الإنسان الذي خلقه الله بيده، وأسجد له الملائكة، وكرّمه على كثير ممن خلق، سخر الكون له، وأرسل له الرسل، وأنزل له الكتب، وجعل له واعظا من عند نفسه بالفطرة التي فطر الله الناس عليها على معرفته سبحانه وحذره من الشيطان وطاعته ثم يستقبل الإنسان ذلك كله بالسخرية: يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون [يس:30]. ويجعل من الشيطان ربا يعبده من دون الله: ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا (أي خلفا) كثيرا أفلم تكونوا تعقلون [يس :60-62]. ويمر بآيات الله الدالة عليه سبحانه معرضا: وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون [يوسف:105]. يمن الله عليه بالنعم فيزداد طغيانا: كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى [الأعلى:6-7]. الإنسان الذي إذا أحاطت به الخطوب تذكر ربه وإذا كان في نعمة غفل وكفر وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون [النحل:53–54].

4- وأما أرض المحكمة: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار [إبراهيم:48]. وللحديث: ((يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد رواه البخاري ومسلم وللحديث: ((أرض بيضاء لم يسفك عليها دم، ولم يعمل عليها خطيئة رواه البزار

فهي أرض أخرى غير أرضنا لم تطأها قدم من قبل، ولم تعمل عليها خطيئة، ولم يسفك عليها دم، أرض طاهرة من ذنوب بني آدم وظلمهم، طهر يتناسب وطهر القضاء. وأما على ماذا يحاسب الله تعالى العباد: فاعلم أن الحساب سوف يكون:

مشافهة: فكل عبد يعرض على ربه، ويتولى سبحانه حسابه بنفسه للحديث: ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه، فلا يرى إلا ما قدم، ثم ينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمره(رواه البخاري).

والحساب إما أن يكون يسيرا: وذلك بأن يعرض على العبد عمله بحيث لا يطلع عليها أحد ثم يعفو عنه ويأمر به إلى الجنة للحديث: ((يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه (أي يستره ولا يفضحه) فيقول: أعملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم، ويقول: أعملت كذا وكذا فيقول: نعم، فيقرره ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم، ثم يعطى صحيفة حسناته.متفق عليه

وأما أن يكون الحساب عسيرا وذلك لمن كثرت معاصيه فذلك الذي يناقش الحساب ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة للحديث: ((ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله أليس قد قال الله : فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا؟ فقال رسول الله : إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب (رواه البخاري) والمراد بالمناقشة الاستقصاء في المحاسبة والمطالبة بالجليل والحقير وترك المسامحة.

والحساب يتناول كل شيء:

العمر والمال والجسم والعلم للحديث: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح

عن النعم وشكرها: ثم لتسألن يومئذ عن النعيم [التكاثر:8]. قال مجاهد: عن كل لذة من لذات الدنياذكره ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره. وللحديث: ((إن أول ما يسأل عنه العبد من النعيم أن يقال: له ألم نصح لك بدنك، ونروك من الماء البارد رواه ابو يعلى
3- عن الحواس واستعمالها: إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا [الإسراء:36].

قال ابن عباس: يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم ذكره ابن كثير رحمه الله.

4- عن الفرائض من صلاة وزكاة: للحديث: ((إن أول ما افترض الله على الناس من دينهم الصلاة وآخر ما يبقى الصلاة، وأول ما يحاسب به الصلاة ويقول الله: انظروا في صلاة عبدي، قال: فإن كانت تامة كتب تامة، وإن كانت ناقصة يقول: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن وجد له تطوع تمت الفريضة من التطوع، ثم قال: انظروا: هل زكاته تامة؟ فإن كانت تامة كتبت تامة، وإن كانت ناقصة قال: انظروا هل له صدقة فإن كانت له صدقة تمت له زكاته رواه ابو يعلى

5- عن الدماء والقتل: للحديث: ((أول ما يقضى بين بالناس يوم القيامة في الدماء رواه البخاري و مسلم وللحديث: ((كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركا أو يقتل مؤمنا متعمدا روه ابو داوود وابن حبان

6- السؤال عن المسؤولية والأمانة: وقفوهم إنهم مسؤولون [الصافات:24]. للحديث: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده متفق عليه.

7- عن الكلمة: للحديث: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب متفق عليه . وللحديث: ((وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم متفق عليه

و ما من كاتب إلا ستبقى كتابتـه وإن فنيـت يداه

فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه

8- عن الحقوق والمظالم للحديث: ((يقول الله تعالى: أنا الديان، أنا الملك لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده حق حتى أقصه منه حتى اللطمة رواه الامام أحمد باسناد حسن.

الهم هون علينا تلك المواقف يا ارحم الراحمين اقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم

الخطية الثانية
الحمدللــــــــــــــــــــــه وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

وأما موقف المسلم من الحساب:

1/ حاسب نفسك قبل أن تحاسب: يقول عمر : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن ذكره ابن كثير في تفسيره.

2/ تحلل من الحقوق: للحديث: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحللن منها اليوم قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه دينار ولا درهم روه البخاري والترمذي.

يقول أحد السف: رحم الله من إذا مات ماتت معه ذنوبه.

3/ لا تفسد عملك الصالح بالمظالم: للحديث: ((المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار رواه مسلم.

4/ أمح السيئة بالحسنة: إن الحسنات يذهبن السيئات [هود:114]، وللحديث: ((اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن رواه الترمذي وقال حديث حسن. وللحديث: ((إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها رواه الامام احمد.

5/ استشعار رقابة الله عليك: ألم يعلم بأن الله يرى [العلق:14]. ((أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك رواه البخاري ومسلم

6/ استحضار أهوال الآخرة والتفكر فيها: يقول الإمام الغزالي رحمه الله: ثم تفكر يا مسكين بعد هذه الأحوال فيما يتوجه عليك من السؤال شفاها من غير ترجمان فتسأل عن القليل والكثير والنقير والقطمير فبينما أنت في كرب القيامة وعرقها وشدة عظائمها إذ نزلت ملائكة من أرجاء السماء بأجسام عظام وأشخاص ضخام غلاظ شداد أمروا أن يأخذوا بنواصي المجرمين إلى موقف العرض على الجبار.

ثم تقبل الملائكة فينادون واحدا يا فلان بن فلان هلم إلى الموقف، وعند ذلك ترتعد الفرائص وتضطرب الجوارح وتبهت العقول ويتمنى أقوام أن يذهب بهم إلى النار ولا تعرض قبائح أعمالهم على الجبار، فتوهم نفسك يا مسكين وقد أخذت الملائكة بعضديك وأنت واقف بين يدي الله تعالى يسألك شفاها فكيف ترى حياءك وخجلتك وهو يعد عليك إنعامه ومعاصيك وأياديه ومساويك، فليت شعري بأي قدم تقف بين يديه وبأي لسان تجيب وبأي قلب تعقل وما تقول؟
عباد الله صلوا وسلموا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه الدعـــــــــــــــــــاء
[/color].
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-05-2009, 08:19 AM
  #2
ابن عياف
إدارة المجالس
 الصورة الرمزية ابن عياف
تاريخ التسجيل: Jun 2005
الدولة: الريــــــــــــــــــــاض
المشاركات: 4,148
ابن عياف has a reputation beyond reputeابن عياف has a reputation beyond reputeابن عياف has a reputation beyond reputeابن عياف has a reputation beyond reputeابن عياف has a reputation beyond reputeابن عياف has a reputation beyond reputeابن عياف has a reputation beyond reputeابن عياف has a reputation beyond reputeابن عياف has a reputation beyond reputeابن عياف has a reputation beyond reputeابن عياف has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الله ينور قلبك ويشفي ابنك ويزيدك علماً الى علمك وينفع بك الاسلام والمسلمين ويرفع قدرك وشأنك

انه على كل شي قدير
__________________
خيلا الشدقاء ابن عياف

كم هي جميلة شبكتنا .. وكم هي كبيره بكم
فشبكة قحطان بكم ولكم
فلننهض بها
بصدق وأمانه
وبلا تذمر


قحطان في شبكة قحطان

((يداً بيد ))

(( قلباً بقلب ))

(( لترتقي شبكتنا وتتطور ))
ابن عياف غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-05-2009, 12:48 PM
  #3
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

ابن عياف اشكرك على مرورك الكريم ودعواتك وكريم خلقك
فأسأل الله ان يتقبل دعواتك وأن يحقق لك ما تتمناه في الدارين وأن يجمعك بمن تحب في اعالي الجنان برفقة الحبيب عليه صلوات ربي وسلامه
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 13-05-2009, 10:57 PM
  #4
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.........
....
حديثنا في هذه الجمعة المباركة باذن الله تعالى عن مجيء الرب جل جلاله ومن هوأول من يكلمهم اللـه يوم القيامة .
و العرض على اللـه جل وعلا وأخذ الكتب .

أولاً : مجئ الرب جل جلاله

أحبتى فى اللـه :
يقول الحق جل وعلا :
{ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا(108)يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا(109)يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا(110)وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا}
[ طه : 108 - 111 ] .
تنشق السماء وينزل أهل السماء الأولى من الملائكة بضعف من فى الأرض من الإنس والجن .
قال اللـه تعالى :
{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلا} [الفرقان:25].
يقول ابن عباس : ينزل أهل السماء الأولى من الملائكة بضعف من فى الأرض من الجن والإنس فتحيط الملائكة بالخلائق فى أرض المحشر ، فإذا ما نظـرت الخـلائق إلـى الملائكـة قالـوا أفيكـم ربنـا ؟! فتقـول الملائكة : لا وهو آت .
قال اللـه تعالى :
{ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ } [ البقرة : 210 ].
ويقول الحق سبحانه { وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا(22)وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى(23)يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي(24)فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ(25)وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ }
[ الفجر : 22 - 26 ] .
اللـهم سلم سلم .. اللـهم سلم سلم ياأرحم الراحمين .
يأتى الحق جل وعلا إتياناً يليق بكماله وجلاله .
لا تعطل صفة المجىء ولا تكيف صفة المجئ ، ولا تشبه صفة المجئ ، ولا تشبه اللـه بأحد من خلقه ، فكل ما دار ببالك ، فاللـه بخلاف ذلك .
جل ربنا عن الشبيه والنظير وعن المثيل ، لا ند له ، ولا كفء له ، ولا شبيه له ، ولا صاحبة له ، ولا ولد له { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1)اللَّهُ الصَّمَدُ(2)لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3)وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } [ سورة الاخلاص ] .
قال جل جلاله { الرَّحمَنُ عَلَى العَرشِ اسْتَوىَ } [ طه : 5 ] .
استوى كما أخبر وعلى الوجه الذى أراد وبالمعنى الذى قال . استواءً منزهاً عن الحلول والانتقال
.. سبحانه وتعالى . فالاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة .
قال جل جلاله : { لَيسَ كَمثْلِهِ شَئٌ وَهُو السَّمِيعٌ البَصِيرٌ }
[ الشورى : 11 ] .
قال جل جلاله : { وِلا يُحيطُونَ بِهِ عِلمًا } [ طه : - 110 ] .
قال جل جلاله : { فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ } [ النحل : 74 ] .
{ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ } :
ثم يتنزل أهل السماء الثانية من الملائكة بضعف من فى الأرض من ملائكة السماء الأولى والجن والإنس فيحيط أهل السماء الثانية بأهل الأرض من الملائكة والإنس والجن .
وهكذا أهل السماء الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة على قدر ذلك من التضعيف .
ثم يتنزل حملة عرش الملك جل وعلا وهم يحملون العرش يسبحون اللـه سبحانه ويقولون : سبحان ذى الملك والملكوت .. سبحان ذى العزة والجبروت .. سبحان من كتب الموت على الخلائق ولا يموت . سبوح قدوس .. قدوس .. قدوس .. رب الملائكة والروح .
اسمع لربك جل وعلا وهو يقول :
{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ(13)وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً(14)فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ(15)وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ(16)وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ(17)يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ } [ الحاقة : 13،18 ]
ويضع الحق جل جلاله كرسيه حيث شاء من أرضه ويقول : يا معشر الجن والإنس إنى قد أنصت إليكم منذ خلقتكم ، أسمع قولكم ، وأرى أعمالكم ، فأنصتوا اليوم إلىّ ، فإنما هى أعمالكم وصحفكم تُقرأ عليكم فمن وجد خيراً فليحمد اللـه ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .
ثم يقول الحق جل جلاله : {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي ءَادَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(60)وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ(61)وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ(62)هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ(63)اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ(64)الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
[ يس : 60 - 65 ] .
أتدرون من هم أول من يكلمهم اللـه فى هذا الموقف العصيب ؟ !!

ثانياً : أول من يكلمهم اللـه جل وعلا

أول من يكلمه اللـه جل وعلا يوم القيامة فى هذا الموقف العصيب هو آدم عليه السلام ينادى عليه الحق سبحانه كما ثبت فى الصحيحين من حديث أبى سعيد الخدرى رضى اللـه عنه أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال : (( يقول اللـه تعالى : ياآدم فيقول : لبيك ! وسعديك ! والخير كله فى يديك ! فيقول اللـه جل وعلا ! أخرج بعث النار فيقول آدم : وما بعث النار ؟ فيقول اللـه جل وعلا : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين قال : فذاك حين يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بِسُكارى ولكن عذاب اللـه شديد )) فاشتد ذلك على أصحاب الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقالوا : يارسول اللـه ! أينا ذلك الرجل فقال المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (( أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم رجلُُ)) ثم قال : (( والذى نفسى بيده إنى لأطمع أن تكونوا ربع أهل الجنة )) فحمدنا اللـه وكبرنا ثم قال : (( والذى نفسى بيده إنى لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة )) فحمـدنـا اللـه وكبرنـا ثـم قـال : (( والذى نفسـى بيـده إنـى لأطمـع أن تكونـوا شطر أهل الجنة ، إن مثلكم فى الأمم كمثل الشعرة البيضاء فى جلد الثور الأسود أو كالرقمة فى ذراع الحمار )) رواه البخاري ومسلم .
قال اللـه سبحانه وتعالى مخاطباً أمة المصطفى : { كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ } .
اللـهم لك الحمد يامن خلقتنا موحدين وجعلتنا من أمة سيد النبيين .
ثم بعد ذلك ينادى رب العزة تبارك وتعالى : يا نوح .. يقول لبيك وسعديك ، فيقول اللـه سبحانه هل بلغت قومك ؟ ! فيقول نوح : نعم يارب واللـه أعلم فيقول الحق جل جلاله : ياقوم نوح هل بلغكم نوح ؟! فيقولون لا ما أتانا من نذير وما آتانا من أحد ، فيقول من يشهد لك يانوح؟!! فيقول نوح : محمد وأمته !
(( فتدعون فتشهدون أنه قد بلغ أمته ثم أدعى فأشهد عليكم ))رواه البخاري والترمذي وفى لفظ ابن ماجة بسند صححه الشيخ الألبانى يقول المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: فيقول اللـه لأمتى ما الذى أخبركم أن نوح قد بلغ قومه ؟!
فتقول الأمة الميمونة لربها جل وعلا : جاءنا نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فأخبرنا أن الرسل جميعاً قد بلَّغوا قومهم فصدقناه .
يقول المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فذلك قــول اللـه تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا }
[ البقرة - 143 ] .
ثم يدعى عيسى عليه السلام ويقال له ياعيسى : { ءَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } [ المائدة : 116 ] .
لماذا خص اللـه عيسى من بين سائر الرسل بهذا السؤال ؟!!
لأنه ما من رسول بعث فى قومه إلا وقد آمن به من آمن من قومه ، وكفر من كفر ، إلا قوم عيسى فمنهم من قال : إن عيسى هو اللـه !! ومنهم من قال أن عيسى هو ابن اللـه !! ومنهم من جعل عيسى وأمه إلهين من دون اللـه !!
فهل هناك إله يأكل ؟! إله يشرب ؟! إله يتزوج ؟! إله يقضى حاجته؟!!
قال تعالى : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ(116)مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [ المائدة : 116-117 ] .
ثم يقول عيسى عليه السلام لربه الرحمن { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [ المائدة : 118 ] .
فيرد اللـه جل وعلا على عبده المصطفى ونبيه عيسى عليه السلام يقول :
{قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [ المائدة : 119 ] .
ثم يدعى جميع الرسل قال تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ } [ المائدة : 109 ].
واسمع لله جل وعلا وهو يقول :
{ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ}[ الأعراف: 6] .
يجمع اللـه سبحانه وتعالى الرسل بجلال العبودية بل وجلال العبودية فى جواب الرسل على اللـه جل جلاله وهم يقولون : { لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ } .
أيها الأخيار : يسأل الرسل والملائكة بل والأنبياء بل والشهداء ؟ فهل نُترك بعد هؤلاء ؟!!
قال اللـه تعالى : { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ(68)وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ(69)وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } [ الزمر : 68 - 70 ] .
ويبدأ العرض على اللـه جل وعلا وكيف يبدأ الحساب ؟
هذا ما سوف نتعرف عليه بإيجاز بعد جلسة الاستراحة
وأقول قولى هذا واستغفر اللـه لى ولكم


الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا اللـه وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللـهم صلى وسلم وزد وبارك عليه وعلى أصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين ، أما بعد .

ثالثاً : العرض على اللـه جل وعلا وأخذ الكتب

أيها الأحبة الكرام :
بعد ذلك يبدأ الحساب وسنقف مع الحساب وقفات ، فالحساب يبدأ بالعرض على اللـه جل جلاله بالوقوف بين يدى الحق الملك العدل سبحانه فأنت فى أرض المحشر ستستمع إلى نداء الملائكة : أين فلان بن فلان ؟
هــذا هو اسمى .. ماذا تريدون يا ملائكة اللـه ؟!
أقبل للعرض على اللـه جل وعــلا !!
وقد وكلت الملائكة بأخذك ، وسوقك فى أرض المحشرعلى رؤوس الأشهاد ، والخلائق كلها تنظر إليك ، فيقرع النداء قلبك ويصفر وجهك وترتعد فرائصك وتضطرب جوارحك وترى نفسك بين يدى الحق جل جلاله ليكلمك ليس بينك وبينه ترجمان كما فى الصحيحين من حديث عدى بن حاتم أنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال :
(( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ، ليس بينه وبينه تُرجمان ، فينظر أيمن منه (أى عن يمينه ) فلا يرى إلا ما قدم ( أى فى هذه الحياة الدنيا ) وينظر أشأم منه ( أى عن شماله ) فلا يرى إلا مــا قــدم ، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشـــق تمـــرة)) رواه البخاري والترمذي أى ولو بنصف تمره تتصدقون بها إلى اللـه جل وعـــلا .
يقرع النداء القلب ويأمر اللـه تبارك وتعالى بالصحف وبالكتب فيأخذ كل إنسان صحيفته .
تلك الصحيفة التى لا تغادر بلية كتمتها ولا مخبأة أسررتها . فكم من معصية قد كنت نسيتها .. ذكرك اللـه إياها . وكم من مصيبة قد كنت أخفيتها .. أظهرها اللـه لك وأبداها .. فيا حسرة القلب ساعتها على ما فرطنا فى دنيانا من طاعة موالنا .
اسمع لربك جل وعلا ، وهو يقول :
{ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا(47)وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا(48)وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْــفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُـــولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَـــالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيـــرَةً وَلا كَبِــــيرَةً إِلا أَحْصَــــاهَا وَوَجَـــدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا }
[ الكهف : 47 - 49 ] .

أسأل اللـه العظيم رب العرش الكريم أن يحسن خاتمتنا . إنه ولى ذلك والقادر عليه .
.......... الدعــــــــــاء
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 11:58 AM
  #5
مقبل السحيمي
..:: كاتب مبدع ::..
مشرف
مجالس الإسلام والحياة
 الصورة الرمزية مقبل السحيمي
تاريخ التسجيل: Aug 2007
الدولة: ؟؟؟
المشاركات: 6,432
مقبل السحيمي has a reputation beyond reputeمقبل السحيمي has a reputation beyond reputeمقبل السحيمي has a reputation beyond reputeمقبل السحيمي has a reputation beyond reputeمقبل السحيمي has a reputation beyond reputeمقبل السحيمي has a reputation beyond reputeمقبل السحيمي has a reputation beyond reputeمقبل السحيمي has a reputation beyond reputeمقبل السحيمي has a reputation beyond reputeمقبل السحيمي has a reputation beyond reputeمقبل السحيمي has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

بارك الله فيك أيها المناضل السليماني المتميز
الله لايحرمك الأجر ويغفر لنا ولك
مقبل السحيمي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 22-05-2009, 06:24 AM
  #6
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

جزاك الله خيرا اخي مقبل وبارك فيك__________________________________________________
معذرة احبتي عن انقطاع السلسلة بهذه الخطبة ولكن لكل مقام مقال واقترح ان يخطب بهذه الخطبة ليوم الجمعة الموافق 27/5/1430هـ حيث حدث في هذا الأسبوع زلزال في العيص قرب المدينة النبوية
__________________________________________________ _____


الحمد للــــــــــــــــــــــــــــــــه ...................



أما بعد: فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بما أوصانا به الله، حيث قال جل شأنه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].

أيها الأخوة :
إن الذنوب على اختلافها هي في نفسها أمراض تحدث خللاً في الدين وفساداً في الأخلاق. وفي ذلك فساد وأي فساد للمجتمع. فقد حذر الله تعالى من المعاصي ونهى عن كل أنواع الفواحش والآثام على الإطلاق فقال سبحانه : وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأنعام: 151] وقال قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْىَ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ [الأعراف: 33] الفواحش هي الذنوب، والإثم : الخطايا، والمعاصي والبغي : التعدي على الناس. وقال ((لا أحد أغير من الله)) ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن. رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود في باب غيرة الله وتحريم الفواحش.
والذنوب كلها مشؤومة وعواقبها وخيمة وما ينزل بالناس من نقم وعذاب،إنما هو من جراء ما كسبته أيدديهم، وإلا فإن الله غني عن عقاب الناس وتعذيبهم مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَءامَنْتُمْ [النساء: 147].
وقد جرت سنته تعالى في خلقه أن يعامل عباده حسب ما عملوا، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ . [الروم: 41].
إذن فكل ما حصل أو سيحصل من بلاء وحوادث وكوارث وفساد في الأرض فمصدره ابن آدم،لأنه السبب فيه بإسرافه في الإجرام ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الأنفال: 53].
فالله عز وجل لا يزيل ما بقوم من العافية والنعمة والرخاء،فيبدلها بالآلام والزلازل حتى يغيروا ما بأنفسهم من الطاعة إلى المعصية وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [النحل 112].
وشؤم هذه الذنوب والمعاصي والتي يعاقب الناس بسببها لا يصيب المباشرين لها فقط،بل يصل حتى للصالحين والمؤمنين، فقد سألت أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها،سألت الرسول فقالت: أنهلك وفينا الصالحون، قال: ((نعم، إذا كثر الخبث))، والخبث:كل معصية عصي الله تعالى بها في البلاد أو البحر أو في الليل أو النهار.لذلك كان من الواجب علينا جميعاً أن نحذر من ذلك وألا نأمن مكر الله خاصة مع ارتكاب المعاصي قال تعالى : أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَـٰتاً وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ [الأعراف: 97 ـ 99].


أيها المؤمنون، الله سبحانه وتعالى عليم بما يصلح حال عباده، فكما أنه بهم رؤوف رحيم، فإنه سبحانه بحكمته يخلق من الآيات ما فيه عبرة وعظة لهم لعلهم يتفكرون، يرسل الله هذه الآيات تخويفا لهم من عذابه وعقابه إذا هم عصوه وتنكبوا طريقه، وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا [الإسراء: 59]، ويقول جل وعلا: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت: 53].
وقد أرسل الله آيات على الأمم السابقة، فأبيدوا جميعا بعد أن أمنوا مكر الله وعذابه، أغرق قوم نوح بطوفان عظيم غطى الأرض حتى أخفى الجبال الشاهقات، وأرسل على قوم ثمود صيحة عظيمة فيها الممات، وأرسل الريح العاتية على قوم عاد سبعَ ليال وثمانية أيام حسمت أمرهم وبقيت آثارهم لمن بعدهم من البريات، وخسف بقارون حين فرح بالمال وطغى وظلم، وأغرق فرعون حين استكبر وتجبر ليكون عبرة في الأمم، ورفع قرى قوم لوط إلى السماء ثم جعل عاليها سافلها وأمطرهم بحجارة كالحمم، فَكُلاَّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت: 40]. ويقول تعالى : وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا [الحج: 48]. الإملاء : الإمهال والتأخير .. كما قال تعالى إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً [آل عمران: 187].
إنها المعصية التي يصل شؤمها إلى الماء والهواء والحيوان، قال أبو هريرة رضي الله عنه: (إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم بني آدم)، وقال مجاهد رحمه الله: "إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة وأُمسك المطر تقول: هذا بشؤم معصية بني آدم".
أيها الأحباب الكرام، لا زالت آيات الله تترى، ففي أماكن تنتشر الأوبئة التي تحصد البشر، وفي أمكنة أخرى فيضانات تجرف كل ما تصل إليه، بينما تعيش مناطق أخرى في قحط شديد، وزلازل تهتز الأرض لها فتبيد البلاد والعباد، ضمن الآيات التي يخوف الله بها عباده.
وها نحن اليوم نرى ونسمع عن زلزال العيص الذي بدأ يزمجر تحت الأقدام، ويقضّ مضاجع النيام، ولا يعلم إلا الله ما سيخرج من رحم المقبل من الأيام، وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ [الشورى: 30، 31].
للزلازل رسالة تقول: اتقوا الله يا عباد الله، فقد انتشر الظلم بين العباد، وبَعُد البعض عن دين الله، واستبيحت الحرمات، وشربت الخمور، وتاجر البعض بالمخدرات، والغناء والمعازف أصبحت عند البعض من المباحات بلا خلاف، وتبرّجت النساء في الأسواق والملاهي، واختلط الرجال بالنساء في أماكن العمل، واستحلّ أناس السحر والشعوذة، وبَعُدَ الشبابُ عن طريق القدوات من الصحابة والتابعين، وقلّدوا الكفار في اللباس والأخلاق، وأعظم من ذلك كله ترك البعض للصلوات أو التساهل بأدائها، والجبار في علاه يقول: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ [الأنعام: 65].
للزلازل رسالة مفادها أنها آية من آيات الله يخوف الله بها عباده ولو عرفوا أسبابها ومكانها واستعدوا لها، فلا أحد مهما بلغ علمه يعرف متى ستحدث تحديدًا، ولا يستطيع التنبّؤَ بآثارها ونتائجها، إنه الحق تبارك وتعالى يفعل ما يشاء وقت ما يشاء كيفما يشاء.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "وقد يأذن الله سبحانه للأرض في بعض الأحيان بالتنفس، فتحدث فيها الزلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه والندم، كما قال بعض السلف وقد زلزلت الأرض: إن ربكم يستعتبكم، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد زلزلت المدينة فخطبهم ووعظهم وقال: لئن عادت لا أساكنكم فيها" انتهى كلام ابن القيم رحمه الله. ورضي الله عن عمر؛ يقول هذا لأناس يعيش هو بينهم، فماذا كان سيقول لو رأى ما نحن فيه من تبدل الحال وتحول الأمور؟!
للزلازل دعوة للبشر أن يعودا إلى الله، ويتوبوا إليه سبحانه وتعالى، فالمعصية قد تصدر حتى من مؤمن، لكن العبرة بالتوبة، فشكرا لك اللهم على باب التوبة المفتوح، وحمدا لك اللهم على تبديل السيئات بالحسنات، بين ذلك ربنا في كتابه فقال: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ [الأعراف: 201، 202].
واستمع للأمل الرباني في السياق القرآني، حين ذكر الله منكرات يرتكبها العبد الضعيف، لكن جذوة الإيمان المتقدة في قلبه تكسره أمام الله، فيبشره الباري جل في علاه بقوله: إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا [الفرقان: 70، 71] اقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
الخطبة الثانية
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، أحمده سبحانه وأشكره وأسأله المزيد من فضله وكرمه، عليه توكلت وإليه متاب. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المختار من أشرف الأنساب، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى الآل والأصحاب، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله ـ أيها المؤمنون ـ واعلموا أن من الناس من يخدعه طول الأمل، أو نضرة الشباب، وزهرة النعيم، وتوافر النعم، فيقدم على الخطيئة، ويسوف في التوبة، وما خدع إلا نفسه، لا يفكر في عاقبة، ولا يخشى سوء الخاتمة. ولقد يجيئه أمر الله بغتة: وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيّئَـٰتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنّى تُبْتُ ٱلاْنَ [النساء:18].
ومن الناس من إذا أحدث ذنبا سارع بالتوبة، قد جعل من نفسه رقيبا يبادر بغسل الخطايا إنابة واستغفارا وعملا صالحا، فهذا حري أن ينضم في سلك المتقين الموعودين بجنة عرضها السماوات والأرض ممن عناهم الله بقوله: وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَـئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ وَجَنَّـٰتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِين [آل عمران:135، 136].
فهذه حال الفريقين أيها المؤمنون، فاتقوا الله وأنيبوا إليه...
وأخيرا الزموا الاستغفار فقد قال رسول الهدى صلوات ربي وسلامه عليه ( من لزم الاستغار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب) رواه ابو داوود

صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.......... الدعاء
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 22-05-2009, 06:50 PM
  #7
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت






الخطبة الأولى

الحمد لله الذي خلق الموت والحياة وجعل الظلمات والنور وجعل لكل شيء نهاية، أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
عباد الله اوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون

عباد تكلمنا في نهاية الخطبة الماضية عن وقوفك ايها العبدبين يدي الله للحساب فمنهم من يحاسب حسابا يسيرا ومنهم من يناقش الحساب ومنهم من ينكر الأعمال ولا يرضى بشهادة الملائكة الكاتبين ولا يقبل شهادتهم ويتكلم بين يدي الله ويقول لا اقبل شهادتهم في هذه الخطبة سنتكلم بإذن الله تعالى عن الشهود
أخي الحبيب لو أنك عملت عملاً ما، ثم سُئلت عنه، فأنكرت، وقلت: إني لم أعمل هذا العمل، ثم جيء بشهود عدول شهدوا عليك بما فعلت، وأحضرت الأوراق التي تثبت ما عملت، ماذا يكون موقفك، من نفسك أمام هؤلاء الشهود؟ لاشك أنه موقف صعب، لا تُحسد عليه، إذا كان الموقف كذلك، فليفكر أصحاب المعاصي، وأصحاب المخالفات، والذين لا يأتمرون بأوامر الله عز وجل، بمن يشهد عليهم أمام الله عز وجل يوم القيامة، في ذلك اليوم الذي يظهر كل شيء، ويكشف كل شيء، والشهود في ذلك اليوم، من أصدق الناس، ومن أعدل الناس في إعطاء شهاداتهم.
أيها المسلمون، إن شهود الدنيا، في قضية ما، قد يكذبون وقد يكونون شهود زور، وقد يبالغون في الحقيقة، وقد يمتنعون عن الإدلاء بالشهادة خوفاً من مهدد أو طمعاً في مرغب، وقد تكون شهادتهم غامضة تحتاج إلى توضيح وتفصيل، وقد يحضرون للشهادة وقد يمتنعون عن الحضور لشغل شاغل، أو عائق معوق، لكن شهود يوم القيامة صنف آخر من المخلوقات، يختلفون تماماً عن شهود الدنيا، لا تنفع معهم الرشاوي، ولا يعرفون المجاملات، يؤمرون من خالقهم فينطقون، لا يزيدون ولا ينقصون، لا يكذبون ولا يمتنعون، شهادتهم واضحة، لا تحتاج إلى إيضاح، عباراتهم مفهومة، لا تحتاج إلى تفصيل، كلهم يرفع راية: أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْء [فصلت:21].
عباد الله، فلننتقل معكم في رحلة سريعة، نمر بها معكم على شهداء يوم القيامة.لعل هذه الرحلة، ترقق قلوبنا، وتذكرنا بمواقف سوف نمر عليها جميعاً وسوف تكون مواقف صعبة، للعصاة منا، والمخالفين منا لأوامر الله، والتاركين منا لبعض ما أوجبه الله علينا، فكل منا أدرى بنفسه وتقصيره من غيره.
فلنحاسب أنفسنا يا عباد الله، ونحن هنا في الدنيا، وفي الوقت متسع، وباب التوبة مفتوح، قبل أن يؤتى بالشهود، في يوم عسير، على الكافرين والفاسقين والمنافقين غير يسير.
فلنبادر أيها الإخوة، بترك المنكرات، وترك ما نهى الله عنه، قبل أن يؤتى بشهود يوم القيامة، الذين لا تنفع معهم واسطة ولا محاباة لأحد.
أسأل الله عز وجل، أن يرحمني وإياكم في ذلك اليوم، وأن يعاملنا بلطفه ومنّه وكرمه، وأن يتجاوز عنا، وأن يسترنا، ولا يفضحنا بين الناس.
الشاهد الأول من شهود يوم القيامة الأرض، نعم، الأرض، يقول الله تعالى: إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلاْرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ ٱلارْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ ٱلإِنسَـٰنُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا [الزلزلة:1-5]، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا قال: ((أتدرون ما أخبارها؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة، بما عمل على ظهرها، أن تقول: عملت كذا وكذا، يوم كذا وكذا، قال :فهو أخبارها)) رواه الإمام أحمد في مسنده.
ياله من موقف صعب، وياله من منظر مهول، الأرض، هذا المخلوق، الذي كان الإنسان يطؤه بقدمه في الدنيا، ويعمل عليه المعصية، دون أن يعلم بأن هذا الجماد الصامت سوف ينطقه الله يوم القيامة، ليكون شاهداً له أو عليه، يشهد بكل ما رأى من زنا وتبرج وربا وقتل، وظلم وابتعاد عن الحكم بكتاب الله، والكذب والسرقة والغيبة والنميمة والقذف، وغيره مما يغضب الله، وكذلك تشهد بما حدث عليها من خير في جميع صوره، إنه منظر مرعب بعد أن يقوم الإنسان من قبره، فيرى تساقط النجوم، وتشقق الأرض وهي تخرج أثقالها، فيتناول مرعوباً مالها، مالها؟وإذا بالأصوات تنبعث من كل مكان من أرجائها، تتحدث بما فعل عليها من الخير أو الجريمة، فهل يتعظ الإنسان وهو يمشي على هذه الأرض، فهل يتقي الله المسلم وهو يطأ الأرض، فلا يفعل عليها إلا ما يرضي الله لكي تكون شاهدة على ذلك. إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلاْرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ ٱلارْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ ٱلإِنسَـٰنُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لّيُرَوْاْ أَعْمَـٰلَهُمْ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [سورة الزلزلة].
الشاهد الثاني، من شهود يوم القيامة الرسول صلى الله عليه وسلم. في ذلك اليوم الذي تتبدل فيه الأرض غير الأرض والسموات، وتتحطم كل موازين الدنيا، ويبقى ميزان الآخرة، هو وحده الذي يحكم ذلك الموقف، يشرف الرسول صلى الله عليه وسلم بالشهادة على المكذبين والعصاة من أمته، يقول تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـؤُلاء شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلاْرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً [النساء:41، 42].
يحشر الناس في ساحة العرض الواسعة، وكل أمة تكون حاضرة، وعلى كل أمة شهيد بأعمالها، وعندما يكون هؤلاء العصاة واقفون في الساحة ينتدب الرسول صلى الله عليه وسلم للشهادة، عندها تتمنى طوابير العصاة والمخالفين من كل أمة، يتمنى المرابون، والديوثون، والظالمون، والمتكبرون، والقائمون على إشاعة الفواحش بين الناس، والنمامون، والمغتابون، والمتهاونون في الصلوات، وغيرهم من أصحاب المعاصي، يتمنون أن تبتلعهم الأرض، ويهال عليهم التراب، حتى تسوى بهم الأرض، يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض، بل يتمنون أن يكونوا تراباً لا قيمة لهم تطؤهم الأقدام، كما كانوا هم يطؤون رقاب عباد الله، ويلقون أوامر الله بالمخالفة، يتمنون كل ذلك، ولا يقفون ذلك الموقف المهين أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يشهد على معاصيهم.
الشاهد الثالث: من شهود يوم القيامة، الأنبياء، فكما أن الرسول صلى الله عليه وسلم يشهد على أمته، كذلك كل رسول يشهد على أمته، بما فعلوا وأساؤوا يقول الله عز وجل: وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ [النحل:84]، فلا مجال للاستعتاب ولا مجال للاعتذار، فاليوم يوم حساب وما هو بيوم استعتاب.
الشاهد الرابع من شهود يوم القيامة، الأشهاد. وهم الملائكة والرسل والعلماء، إذ يقول تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبّهِمْ وَيَقُولُ ٱلاْشْهَادُ هَـؤُلاء ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ [هود:18]، هذه الشهادة الجماعية، من الملائكة الذين كانوا يعبدون من دون الله، والرسل الذين كانوا يكذبون بما جاءوا به من الحق، والدعاة إلى الله الذين كانوا يكذبون، ويستهزئ بهم، يكونون هم يوم القيامة، أصحاب الموقف، وهم الأشهاد الذين يشهدون ويفضحون الكفرة، والمنافقين والعلمانيين، والمجاهرين من العصاة على رؤوس الخلائق، كما جاء في رواية البخاري: ((وأما الآخرون ـ أو الكفار ـ فينادى على رؤوس الأشهاد، هؤلاء الذين كذبوا على ربهم)).
الشاهد الخامس من شهود يوم القيامة، الملكان قال الله تعالى: وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَةٍ مّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ [ق:21-23]. يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره: "أي ملك يسوقه إلى المحشر، وملك تشهد عليه بأعماله" لم يكن يتوقع أن يحدث له هذا بل كان غافلاً عن هذا الموقف، وعندها يبدأ الشاهد، وهو القرين الذي لازمه طيلة حياته، يكتب عليه ما يلفظ وما يعمل وهو غافل عنه، وعن دقة كتابته، يبدأ بالشهادة أمام الله تعالى: هَـٰذَا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ [ق:23]، قال مجاهد رحمه الله: "هذا كلام الملك السائق يقول: هذا ابن آدم الذي وكلتني به، قد أحضرته".
إنها مواقف تستحق أن يفكر الإنسان فيها كثيراً، وإنها لشهادات، لابد للعاقل، أن يحسب لها ألف حساب، قبل أن يأتي، وإذا بالأوراق قد كشفت وبالأعمال قد أرصدت، وبالأشهاد وقد نطقت، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه. وجعلنا من الذين يستمعون القول، فيتعظون، ثم يتوبون، ثم يعملون صالحاً، ثم يقبضون على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
أقول قولي هذا..




الخطبة الثانية
أما بعد: أيها المسلمون، ومع كثرة الشهود يوم القيامة، إلا أن هناك صنفاً من الناس، الضالين، المتنكبين عن الصراط، لا يعترفون بشهادة أحد، ولا يقبلون شهادة الآخرين عليهم.
وإننا لنشاهد نماذج من هذا الصنف بيننا، لا يعترفون بأحد، وكل الناس في نظرهم أقل منهم، فهذا الصنف من البشر، لهم ما يصلح بحالهم وسلوكهم، هؤلاء يأتيهم الشاهد السادس من شهود يوم القيامة. وهي جوارحهم، سمعهم وأبصارهم وجلودهم، لتكون شاهداً عليهم، وهناك تكون المفاجأة لهم. يقول الله تعالى: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَـٰرُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُواْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْء وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَـٰرُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مّمَّا تَعْمَلُونَ [فصلت:19-22]، فكل من خالف ما أمر الله به، في أي أمر من الأمور، فهو داخل تحت مسمى أعداء الله، وهكذا يجتمع الملايين من الإنس والجن تحت هذا المسمى وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ [فصلت:19]. يسوقهم الله تعالى بسلطانه، الذي لا سلطان لأحد في ذلك اليوم إلا هو، يسوقهم إلى أرض المحشر، لكي يقدموا بعد ذلك على النار التي طالما اشتاقت لأجسادهم التي لم تطمئن بذكر الله، ولكنها أُترعت بذكر الشيطان، اشتاقت لإذابة قلوبهم التي لم تلين بآيات القرآن، فلا تذيبها إلا النار. يساقون ويدفعون يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا [الطور:13]، بإهانة وذلة واحتقار، لأنهم استهانوا بأوامر الله عز وجل في الدنيا، حتى إذا ما جاؤوها ووصلوا إلى النار، واستعدوا للحساب قبل الاقتحام يسألهم الجليل عن نعمه عليهم، في الدنيا وماذا فعلوا بها، كما جاء في صحيح مسلم مساءلة الرب جل وعلا لأحد هؤلاء العصاة، قبل أن يقذف في النار، يقول له الرب تبارك وتعالى: ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع، فيقول: أي رب، آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت، وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول:ها هنا إذن، ثم يقول الآن نبعث شاهداً عليك، فيستنكر في نفسه، من ذا الذي يشهد عليه.
إنه يحسب أنه استطاع خداع الله بمثل هذا الجواب، وظن أنه مازال ذلك الإنسان الذي كان يشتري شهادة الآخرين، ويرغبهم بالمال، ليكتموا جرائمه وفساده إنه يتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد عليه، وإذا به يفاجأ بختم فمه، واستنطاق جوارحه، فيقال لفخذه: انطقي، كما في صحيح مسلم، فتنطق، فخذه ولحمه وعظامه بعمله، ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوٰهِهِمْ وَتُكَلّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [يس:65]. يقول الله تعالى: حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَـٰرُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [فصل:20]. فعندما تنبعث الأصوات من كل مكان في جسد ذلك العاصي، وهو يرى بعينه، ويسمع بأذنه ما لم يكن يتوقعه، وما لا عهد له به ولا يستطيع الكلام، فقد ختم على فمه، فيداه تشهد، وسمعه يشهد، وبصره يشهد، وفخذه تشهد، وعظامه تشهد، وجلده يشهد، وهو مضطرب لا يستطيع الكلام لهول المنظر، الذي يراه ولا يكاد يصدقه، حتى إذا خُلّي بينه وبين الكلام قال مخاطباً جلده لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا [فصلت:21]، وإذا بالجلود ترد عليهم أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْء [فصلت:21]، ثم يزيد الموقف سوءاً عندما يسمعون التوبيخ من جلودهم وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَـٰرُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مّمَّا تَعْمَلُونَ [فصلت:22]، وعندها لا يستطيع إجابة جوارحه إلا بالعتاب الذي لا ينفع في ذلك اليوم العصيب.
أيها المسلمون، إن هذه الجوارح التي هي بإمرتنا، وتحت تصرفنا في هذه الدنيا، سنفقد السيطرة عليها في الآخرة، فإما أن تكون شاهدة علينا بخير، وإما أن تكون شاهدة علينا بشر.
فاتقوا الله أيها المسلمون في جوارحكم وأعضائكم إنها ستنطق غداً أمام الله عز وجل، وتكون الفضيحة هناك، كم من نظرة محرمة أطلقتها في شاشة ملونة، ستنطق عينك بها، كم من خطوة مشيتها في معصية الله ستنطق رجلك بها، كم أشياء أخذتها وقبضتها بيدك، وأنت تعلم أنها ليست لك، سينطق بها يدك. كم من اتفاقيات ومعاهدات، وقعتها أيدي وهي تعلم أنها تخالف مراد الله عز وجل، ستشهد على أصحابها هناك.
كم من ريالات دخلت بطون أناس، ظلماً وعدواناً، جوراً واحتيالاً، سينطق أعضائهم بها. وكم وكم وكم، أمور وأمور، وأشياء وأشياء نُعمل هذه الجوارح بها، وننسى أنها ستشهد علينا.
أيها المسلمون، وبعد هذه السلسلة من الشهود، التي لا مفر للعبد منها، لا يملك العصاة أمام هذه الشهادات المتوالية، إلا أن يشهدوا هم على أنفسهم.
وهذا هو الشاهد السابع من شهود يوم القيامة وهو شهادة الإنسان على نفسه.
قال الله تعالى: يَـٰمَعْشَرَ ٱلْجِنّ وَٱلإنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَـٰتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَـٰفِرِينَ [الأنعام:130]، ويقول عز وجل في آية أخرى: حَتَّىٰ إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَـٰفِرِينَ [الأعراف:37].
هل هناك ذلة وخزي بعد هذا، شهادة الإنسان على نفسه، لماذا يوصل الإنسان نفسه إلى هذا الحد، وهو بإمكانه، إلا يحرج نفسه، لكنها شهوة المعاصي، والتساهل بالمعاصي نتيجتها هي هذه.
إذاً فليتحمل الإنسان شهادة كل هؤلاء الشهود عليه.إذا لم يفكر في نفسه الآن.
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَـٰهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ لاَ يَسْتَوِى أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ [الحشر:18-20].
اللهم إنا نسألك رحمة...



__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 30-05-2009, 06:41 AM
  #8
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت



الحديث عن تطاير الصحف والميزان

الخطبة الأولى
الحمد لله...........
بعد انتهاء الحساب والعرض على الخالق يبدا تطاير الصحف يأخذها الصالحون باليمين وغير الصالحين بالشمال ليضعوها فى الميزان
يضع العبد كتاب الحسنات فى كفة الحسنات وكتاب السيئات فى كفة السيئات. اذا ثقلت كفت الحسنات ينادى الملك سعد فلان بن فلان سعادة لن يشقى بعدها ابدا واذا ثقلت كفت سيئاته ينادى تعس فلان بن فلان تعاسة لن يسعد بعدها ابدا. فيقول له العبد هل لى ان ابحث عند الناس على حسنة فينزل ويمد يده التى كانت لابد ان تمد لله فى الدنيا ويقولون له نفسى نفسى ويرجع وهو حزين وندمان ويبدأ حديثنا عن الميزان

جاء في سنن الترمذي عن أنس بن مالك أنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة فقال: ((أنا فاعل، فقلت: يا رسول الله فأين أطلبك؟ قال: اطلبني أول ما تطلبني عند الصراط، قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال: فاطلبني عند الميزان، قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: فاطلبني عند الحوض، فإني لا أُخطئ هذه الثلاث المواطن)).
عباد الله: إن من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بالصراط والميزان والحوض، يقول القرطبي: وإذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال، لأن الوزن للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإن المحاسبة لتقدير الأعمال، والوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها، يقول الله تعالى: وَنَضَعُ ٱلْمَوٰزِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَـٰسِبِينَ [الأنبياء:47].
ولقد دلت النصوص على أن الميزان ميزان حقيقي دقيق لا يزيد ولا يُنقص، له كِفتان ولسان، لا يقدُر قدره إلا الله، روى الحاكم في مستدركه عن سلمان الفارسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يُوضع الميزان يوم القيامة، فلو وُزن فيه السموات والأرض لوسعت، فتقول الملائكة: يا رب لمن يزن هذا؟ فيقول تعالى:لمن شئت من خلقي، فتقول الملائكة:سبحانك ما عبدناك حق عبادتك)).
وقد اختلف أهل العلم في الموزون الذي يوضع في الميزان، فمنهم من قال هي الأعمال، حيث أن الأعمال يوم القيامة تجسم ويكون لها عَرَض، واستدلوا بجملة من الأحاديث كحديث أبي الدرداء عند ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يوضع في الميزان يوم القيامة شيء أثقل من حسن خلق)).
ومن أهل العلم من قال: إن الذي يُوزن هو العامل نفسه، فقد دلت النصوص على أن العباد يوزنون يوم القيامة، فيثقلون أو يخفون بمقدار إيمانهم، لا بضخامة أجسامهم وكثرة ما عليهم من لحم وشحم، جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه لَيأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة)) وقال اقرؤوا: فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَزْناً [الكهف:105]. وجاء في مسند أحمد أن عبد الله بن مسعود كان رجلاً رقيق الساقين، فجعلت الريح تُلقيه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مم تضحكون؟ فقالوا: يا نبي الله من رقة ساقيه، فقال: والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحد)).
وأما القول الثالث فهو أن الموزون هو صحائف الأعمال، روى الترمذي في سننه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن اللّه عزَّ وجلَّ يستخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ قال: لا يا رب، قال: أفلك عذر أو حسنة؟ قال: فبهت الرجل، فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة واحدة لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمداً رسول اللّه، فيقول: أحضروه، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول: إنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، قال: فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، قال: ولا يثقل مع اسم الله شيء)).
والذي رجحه أهل العلم كالحافظ الحكمي رحمه الله أن الموزون هو الأعمال والصحائف والعامل نفسُه، كلهم يُوضعون على الميزان ويوزنون، أقول قولي واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.


الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، عباد الله، إن العاقل الفطن هو الذي يأتي يوم القيامة وقد استكثر من الحسنات وأثقل موازينه بالأعمال الصالحة، وقلل ما استطاع من السيئات والأعمال الفاسدة، ومن الأعمال التي تُثقل الميزان يوم القيامة: حسن الخلق، فعن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أثقل شيء يوضع في ميزان العبد يوم القيامة:خلق حسن، وإن الله يُبغض الفاحش البذيء))، كذلك فإن ذكر الله تعالى من الأمور التي تُثَقِّل كِفة الحسنات، ففي الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم))، ولا شك أن ما كان في سبيل الله والجهاد، فإن للعبد النصيب الأوفر من الأجر والحسنات التي قد يعرف مصدر بعضها ويغفل عن المصدر الآخر ألا وهو فضل أكرم الأكرمين، ففي الصحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من احتبس فرسا في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً بوعده، كان شبعه وريُّه وروثه وبوله حسنات في ميزانه يوم القيامة)).
ولهذا السبب عباد الله ينبغي علينا أن نستكثر من الأعمال الصالحة قدر الإمكان، لأننا خطاؤون مذنبون، فلعل هذه الأعمال الصالحة أن تستغرق أعمالنا الطالحة.
ولقد كانت عائشة رضي الله عنها تتصدق بالصغير والكبير وبالقليل والكثير، وتصدقت ذات يوم بعنبة، فاستنكر عليها من عندها، وقالوا: وماذا يفعل المسكين بعنبة واحدة؟ فقالت لهم: كم فيها من مثقال ذرة؟ ولقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم مبشراً ومشجعاً فاعلي الخير: ((لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق))، وقال عليه الصلاة والسلام محذراً المذنبين العصاة الذين قد لا يرتكبون الكبائر ولكنهم منغمسون في الصغائر: ((إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه، كرجل كان في أرض فلاة فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل يجيء بالعود والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا من ذلك سواداً وأججوا ناراً فأنضجوا ما فيها)).
فاتقوا الله عباد الله وثَقِّلوا بالصالحات كفة الحسنات، عسى إن نحن فعلنا ذلك أن ترجح حسناتنا على سيئاتنا، اللهم ثقِّل موازيننا بالأعمال الصالحة والحسنات الراجحة.
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 30-05-2009, 06:48 AM
  #9
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الخطبة الأولى
الحمد لله............................
أما بعد:
من عقيدتنا في يوم القيامة أن فيه حوضاً يُنصب لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أجمع السلف على هذا، وآمن به المؤمنون (كل من عند ربنا).
قال عليه الصلاة والسلام: ((إن لكل نبي حوضاً، ,وإنهم يتباهون أيهم أكثر وارداً، وإني أرجوا أن أكون أكثرهم وارداً)) وفي حديث آخر: ((إن الأنبياء يتباهون أيهم أكثر أصحاباً من أمته، فأرجوا أن أكون يومئذٍ أكثرهم كلهم وارداً، وإن كل رجل منهم يومئذ قائم على حوض ملآن معه عصاً يدعو من عرف من أمته، ولكل أمة سيما يعرفهم بها نبيهم))
أخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث النضر بن أنس عن أنس قال: سألت رسول الله أن يشفع لي؟ فقال: ((أنا فاعل. فقلت: أين أطلبك؟ قال: اطلبني أول ما تطلبني على الصراط. قلت: فإن لم ألقك؟ قال: أنا عند الميزان. قلت: فإن لم ألقك؟ قال: أنا عند الحوض)). الفتح 11/466.
إذا خرج الناس من قبورهم، واذا أذن الله للأجساد الميتة أن تبعث مرة أخرى يوم القيامة، خرج الناس من القبور، مغبرّة رؤوسهم، حافية أقدامهم، عارية أجسادهم فيحشرون في الموقف، والشمس تكون قريبة من رؤوسهم بقدر ميل، فيصيبهم من العطش ما يصيبهم، أحوج ما يكونون الى شربة ماء يروون بها ظمأهم، فيكون هناك الحوض في أرض المحشر.
الحوض مكرمة ومنّة عظيمة للرسول صلى الله عليه وسلم، ليواصل المؤمنون به الشرب الحسي كما شربوا في الدنيا الشرب المعنوي من الاهتداء والاقتداء به صلى الله عليه وسلم، ولا يشرب ذلك الشرب الحسي في عرصات القيامة إلا من شرب الشرب المعنوي في الدنيا، وإلا فإنه يذاد عنه ويطرد جزاءً وفاقاً.
الحوض أيها الأحبة: منّة الله على رسوله في الآخرة. هو الذي قال الله فيه: إنا أعطيناك الكوثر والكوثر نهر في الجنة، يصب منه ميزابان يشخبان في حوض النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن حجر: وظاهر الحديث أن الحوض بجانب الجنة ليصب فيه الماء من النهر الذي داخلها. الفتح 11/466.
أيها المسلمون: وعندما يقل نور النبوة ويخبو في الناس ينسى الناس أمثال هذه الأحاديث، ومثل هذه العقائد. فقد حصل السؤال عن الحوض في عهد الصحابة، وأنكره بعضهم لأنهم لم يسمعوا به عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد دخل أبو برزة الأسلمي على عبيد الله بن زياد، فقال له: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فيه شيئاً؟ فقال أبو برزة: نعم، لا مرة، ولا مرتين، ولا ثلاثاً، ولا أربعاً، ولا خمساً، فمن كذّب به فلا سقاه الله منه. الفتح 11/467.
وعن أنس قال: دخلت على ابن زياد وهم يذكرون الحوض، فقلت: لقد كانت عجائز بالمدينة كثيراً ما يسألن ربهنّ أن يسقيهنّ من حوض نبيهنّ. الفتح 11/468.
وكان أنس يقول: ما حسبت أن أعيش حتى أرى مثلكم ينكر الحوض.
هذا في عهد من بقي من الصحابة، فما تظن الناس اليوم تعرف عنه؟ ولو عرفت فماذا أعدّت لتلك الساعة ولتلك اللحظة؟!.
يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث عن صفة هذا الحوض فهل لك أن ترعني سمعك بقلب حاضر وأنت تسمع هذه الأحاديث؟ يقول عليه الصلاة والسلام: ((إن حوضي أبعد من أيلة (بلدة بالشام) من عدن، لهو أشد بياضاً من الثلج، وأحلى من العسل باللبن، ولآنيته أكثر من عدد النجوم، وإني لأصُد الناس عنه كما يصُد الرجل إبل الناس عن حوضه)).
((أولُ الناس وروداً عليه فقراء المهاجرين، الشعث رؤوساً، الدُنُس ثياباً، الذين لاينكحون المنعّمات، ولا تفتح لهم السُدد، الذين يعطُون الحق الذي عليهم، ولا يعطَون الذي لهم)).
((إن في حوضي من الأباريق بعدد نجوم السماء)).
((حوضي كما بين صنعاء والمدينة، فيه الآنية مثل الكواكب)).
((حوضي مسيرة شهر، وزواياه سواء، وماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من يشرب منه فلا يظمأ أبداً)).
((الكوثر نهر أعطانيه الله في الجنة، ترابه مسك، أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، ترده طائر أعناقها مثل أعناق الجُزُر، آكلُها أنعمُ منها)).
((الكوثر حافاتاه من ذهب، ومجراه على الدرّ والياقوت)).
وقال عليه الصلاة والسلام: ((بينما أنا أسير في الجنة اذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك. قال: فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك أُذفر)).
قالت عائشة: نهر في الجنة ليس أحد يُدخل أصبعه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر قال ابن القيم: وهذا معناه والله أعلم أن خرير ذلك النهر يشبه الخرير الذي يسمعه حين يدخل أصبعيه في أذنيه. شرح السفاريني 2/204.
أيها المسلمون المؤمنون: إنها صفات تسلب العقل، وتثير الايمان، وتجدد العهد مع الله، والمؤمن الصادق إذا سمع بمثل هذه الأحاديث عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم، اشتاقت نفسه إليه، وعملت كل ما تستطيع حتى تشرب منه، شربة هنيئة تنالها من يد المصطفى صلى الله عليه وسلم.
الحوض موعدنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم. الحوض مأوى أهل الإيمان قبل دخول الجنة. الحوض يُروى عنده الظمأى. الحوض يَأمن عنده الخائفون، ويَسعد عنده المحزونون. الحوض يقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه أبوبكر وعمر وعثمان وعليّ، وبقية الصحب الكرام. الحوض يقف عليه سادات الأمة وعلماؤها. الحوض يرتوي منه مصلحو الأمة ودعاتها. الحوض بداية فرح المؤمن في الآخرة، لأنه لا يرده إلاّ وقد نجى من هولٍ عظيم وكربٍ جسيم.
أخي الحبيب: ماذا أعددّت للحوض؟ وماذا أعددّت للقيا الحبيب صلى الله عليه وسلم على الحوض؟ أتعلم أنه يُطردُ أناس عن ذلك الحوض؟ أتعلم أن الحوض حرام الشرب منه لأهل الحدث والفجور؟ أتعلم أن الحوض لا يرده إلا المؤمنون الصادقون؟ يقول عليه الصلاة والسلام: ((إني لكم فَرَط على الحوض، فإيّاي، لا يأتين أحدكم فيذب عني كما يذب البعير الضال، فأقول: فيم هذا؟ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول سحقاً)) رواه مسلم في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: ((إني فرطكم على الحوض، من مرّ بي شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً، وليردنّ عليّ أقوام، أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول: إنهم مني فيقال: إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً، لمن بدّل بعدي)).
قال العلماء: كل من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه بما لا يرضاه الله ولم يأذن به، فهو من المطرودين عن الحوض، وأشدهم طرداً المبتدعة الذين يطعنون في الصحابة ويسبونهم، فهؤلاء مبدّلون لدين الله، محدثون في دين الله بما لا يرضاه الله، ولم يأذن به، وكذلك الظلمة المسرفون في الظلم والجور، وطمس الحق وإذلال أهله، وكذلك المعلنون بكبائر الذنوب، المجاهرون بها، الذين لايستحون من الناس، ولا يستحون من الله.
قال ابن عبدالبر رحمه الله: (كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض كالخوارج والروافض وسائر أصحاب الأهواء) وقال: (وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق المعلنون بالكبائر).
وقال القرطبي رحمه الله: (إن أشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين، وفارق سبيلهم، كالخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها، فهؤلاء كلهم مبدّلون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق وقتل أهله وإذلالهم، والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي، وجماعة أهل الزيغ والأهواء والبدع) انتهى.
فيا أخي الحبيب، إن الأمر جد إنه لقول فصل وما هو بالهزل من كان على بدعة فلينتبه، ومن كان مجاهراً بكبيرة فلينتبه، ومن كان مصراً على معصية فلينتبه. عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إني على الحوض حتى أنظر من يرد عليّ منكم، وسيؤخذ ناس دوني فأقول: يارب مني ومن أمتي، فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم)) فكان ابن أبي مليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا. رواه البخاري.
رحماك ثم رحماك يارب: فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم.
كيف بك يا عبدالله وفي ذلك الموقف لو علم بك النبي صلى الله عليه وسلم أنك قد عملت بعده أشياء وأشياء.
كيف لو علم أن أشخاصاً بأعيانهم من أمته صار يأكل الربا كما يأكل الطعام. هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم.
كيف لو علم أن من أمته وفي بيوت المصلين منهم يعرض الزنا والخنا والفجور، بل والكفر بالله عز وجل عبر هذه القنوات الفضائية، وهل بعد إدخال الدشوش في البيوت والتساهل في أمره من إحداث، هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم. ألا تخشى يا عبدالله أن تطرد عن الحوض يوم العطش الأكبر بسبب ما عملت يداك.
ثم إن أهل البدع عامتهم مطرودون عن الحوض، لأنه يقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك. وقد قال هو صلوات ربي وسلامه عليه: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).
فاحذر أخي المسلم من البدع، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ومن شؤم البدع أن الله حجب التوبة عن صاحبها كما ورد بذلك الحديث. وذلك لأن البدعة تحلو في عين صاحبها، ويرى أنه يقوم بعمل جليل، فاحذر أيها المسلم من البدع وأهلها، واهجرهم هجراً جميلا.
ومن بلايا هذا الزمان، أن البعض قد يبتلى بالعمل مع المبتدعة، إما رئيساً أو مرؤوساً أو قريناً في العمل، وهم أنجاس أرجاس، مطرودون عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم، فاحذرهم أخي المسلم، وقل: لكم دينكم ولي دين.
بارك الله لي ولكم. . .


الخطبة الثانية
أما بعد:
أيها المؤمنون: ويوم القيامة يوضع منبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يخطب عليه في الدنيا على حوضه. قال عليه الصلاة والسلام: ((ومنبري على حوضي)) رواه البخاري فتأمل ذلك الجلال وانظر إلى هذه المعاني التي تزيد المؤمن إيمانا.
وقد زار النبي صلى الله عليه وسلم البقيع فقال: ((السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنّا قد رأينا إخواننا؟ فقالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين لم يأتوا بعد. قالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك؟ قال: أرأيت لو أن رجلاً له خيل غرّ محجلة بين ظهري خيل دهم بهم، ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى. قال: فإنهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادنّ رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم ألا هلمّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً)).
أهل الوضوء والصلاة يردون على النبي صلى الله عليه وسلم في حوضه، وتاركوا الصلاة لايردون، لأن تاركي الصلاة لايكونون غراً محجلين، كيف تكون لهم علامة التحجيل وهم لايصلون؟.
إن المحافظة على الوضوء والصلاة من مبشرات المرء للورود على الحوض، وهذا يدل على النجاة من جهنم وشرها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحافظ على الوضوء الا مؤمن)). فالمحافظة على الوضوء من صفات أهل الايمان. وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر الايمان)).
إنها أعمال ربما استقلها العبد، لكنها الفلاح والنجاح، اذا أردت الفوز بالجنة والورود على الحوض وعدم الطرد عنه، فحافظ على الوضوء، وصلِ الصلاة المفروضة مع الجماعة، وابتعد عن البدع، فلا سلامة إلا بذلك.
أيها الأحبة في الله:
لقد كان الحوض موعداً لكل متظلم لايجد من ينصفه من خصمه، وكان الحوض موعداً لكل من لا يؤدى إليه حقه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول للصحابة في آخر حياته كما في صحيح البخاري: ((إني فرطٌ لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني لأنظر الى حوضي الآن، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها)).
قد ترى أنك لم تُنصف في الدنيا، ولم تأخذ حقوقك كاملة، وهذا طبع في الناس، يرون الذي لهم وينسون الذي عليهم، يريدون من الدنيا أن تطبع على غير هذا. وهي كما قال الشاعر:
طبعت على كدرٍ وأنت تريدها صفواً من الأقذار والأكدار
ومتكلف الأيام ضـد طباعها متطلبٌ في الماء جذوة نار
إصبر يا عبدالله، فإن موعدك الحوض، يا من تشعر بأنك مظلوم، فاصبر فإن موعدك الحوض، يا من تحس بحرارة التمسك بالسنة في هذا الزمان اصبر فإن موعدك الحوض، ومع أول شربة من حوض النبي صلى الله عليه وسلم تنسى كل ما مرّ بك من المظالم والنقائص.
اللهم نسألك شربة هنيئة من حوض نبينا لا نظمأ بعدها أبداً، اللهم رحمة اهد بها قلوبنا.
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 07-06-2009, 03:22 PM
  #10
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

الخطبتين السابقتين عن النار نفس الخطبتين مع وجود بعض التعديل في الخطبة الثانية من حيث الفصل بين الأبيات

الشعرية والخطبة الآتية ستكون عن النار ولكن حديثا مختلف إن شاء الله
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 11:26 PM

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود