أئمة الضلالة
[frame="8 80"]د. عائض القرني
زرتُ أنا والدكتور يحيى الهنيدي من جامعة الإمام دولة عربية وسمعنا برجل عندهم يسمونه الولي الكبير، له أتباع ومريدون يعتقدون فيه الولاية وبعضهم يعتقد العصمة، وجلسنا عنده وطلابه حوله جلوس كأن على رؤوسهم الطير يقبِّلون يده وقدمه وعنده من البدع والخرافات ما يشيب لها الرأس فسألناه عن طريقته، فأخبرنا أنه ورثها عن علماء وأولياء كبار، قلنا: ما الدليل على صحتها؟ قال: لا تسأل عن الدليل، هذه أمور نحن أعرف بها، قلنا: نحن وأنت إذا اختلفنا فمرجعنا الكتاب والسنة، تعالَ ببرهان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على صحة هذه الأعمال التي تزاولونها، فأخذ يتهرب، قلنا: أما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، وأعمالك هذه ليست على أمر الرسول عليه الصلاة والسلام، بل هي من البدع التي نهى عنها صلى الله عليه وسلم، فاستشاط غضباً وخرج عن الحوار وتبرّم من مجلسنا وغضب منّا وعلمنا أنه لا يملك حجة، إنما هو الهوى والتقليد الأعمى، وخرجنا وهو في ضلالته وبدعه وخرافاته يضل الناس ويغويهم عن الصراط المستقيم وعنده طلاّبه أسكنهم بجواره في عماراته اشتراها من أموال المساكين ومن جيوب الفقراء الذين صدقوه واتبعوه في انحرافه وغيّه كما قال تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ»، والعجيب أنه على هذا الاعوجاج والضلال معظَّم عندهم مقدّس عند العامة وما ذاك إلا لانطماس معالم التوحيد وانطفاء أنوار السنة في قلوبهم، وإلا فهل يُعقل أن يقوم هؤلاء الضُّلاّل الدجاجلة الكذابون الأفّاكون بصرف الجيل عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإغراقهم في بحار الشرك والبدع والخرافات في بلد عربي مسلم ثم يُكّرم هؤلاء الضلاّل ويُبجّلون وتُهدى لهم الهدايا وتُصب عليهم الأموال؟ إن هذا يدلك على مستوى ما وصلت إليه الأمة من جهل بدينها وإعراض عن سنة نبيها صلى الله عليه وسلم، ووجدنا بعض أهل هذه الدولة ينقلون الكرامات المزعومة والمنامات الكاذبة عن هؤلاء الأئمة الضلاّل ويذهبون إليهم بالقرابين ويطلبون منهم كشف الضر وشفاء المريض وإزالة الكرب وطلب الذرية وتسهيل أسباب الرزق، والله تعالى يقول: «وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ»، ويقول تعالى في الحديث القدسي الصحيح: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»، فأين علماء الإسلام من هذا الزور والبهتان الذي يُمارس جهاراً نهاراً مع تشجيع من بعض الحكومات التي تحبس العلماء الصادقين والدعاة المخلصين وتفتح المجال للمخرِّفين والمنحرفين وتسهل لهم كل الصعاب لإغواء الأمة وصرفها عن منهج الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كنا في العالم الإسلامي نشكو من كثير من المعضلات الدينية والدنيوية فإن أعظمها على الإطلاق جهل الناس بتوحيد ربهم ـ عز وجل ـ ووقوعهم في الشرك وانحرافهم عن السنة إلى البدعة؛ فإن أعظم القضايا وأكبر المسائل هي توحيده سبحانه وتعالى وإفراده بالعبودية لا إله إلا هو وإخلاص العمل له واتباع رسوله عليه الصلاة والسلام كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ بن جبل لما سأله صلى الله عليه وسلم فقال له: «يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق العباد على الله أن يعبدوه لا يشركوا به شيئاً، ثم قال: أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حقهم إذا فعلوا ذلك ألا يعذبهم»، فهل آن الأوان يا مسلمون لتدارك الحال وإصلاح الوضع وتصحيح عقيدة المسلمين وهدايتهم إلى دين ربهم وردهم إلى الطريق القويم والصراط المستقيم بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق واللين؟[/frame]
__________________
إذا أصابك هم فلا تقل
يا رب ... إن همي كبير
ولكن ..
قل يا هم ... إن ربي كبير
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم