رحلة الى رنية وأسفل وادي بيشة والمهمل ( في اقتفاء أثر توبة بن الحمير)


مجلس الديار و قصص وسوالف من الماضي خاص بديار قحطان والقصص والسوالف والأشعار القديمه لقبيلة قحطان

 
قديم 05-05-2012, 02:28 PM
  #1
مسعود فهد المسردي
عضو
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 72
مسعود فهد المسردي is a jewel in the roughمسعود فهد المسردي is a jewel in the roughمسعود فهد المسردي is a jewel in the rough
افتراضي رحلة الى رنية وأسفل وادي بيشة والمهمل ( في اقتفاء أثر توبة بن الحمير)

كانت هناك رغبة تراودني منذ فترة طويلة لزيارة المناطق الوارد ذكرها في العنوان لكن لم تسنح لي الفرصة لتحقيق مااصبوا اليه وبعد زيارتي لمكتبة الثلوثية بالرياض وشرائي منها كتاب رنية بحوث جغرافية وتاريخية واجتماعية للمؤرخ الأستاذ / فهيد بن عبدالله السبيعي زاد اصراري على تلك الزيارة ولو على حساب الظروف والأعمال التي لاتنتهي الا بمغادرتنا هذه الدنيا وقد يسأل سائل ماالذي استوقفت وشد انتباهك في الكتاب لتقرر هذه الرحلة الطويلة وربما الشاقة
أقول الكتاب من أفضل ماقرأت حتى من كتب البلدان الحديثة ومؤلفه كاتب قدير ومؤرخ أديب من أهل تلك الناحية وهو أعرف من كتب عن تلك المرابع كما يقال ( أهل شعبى أدرى بشعابها) لذا قررت الرحلة لأظرب عصفورين بحجر
أولا / لزيارة هذا العلم البارز في التاريخ وتحقيق المواضع للتعرف عليه والاستفادة من علمه وأدبه
ثانيا / لزيارة المواقع التاريخية المشهورة هناك وبالأخص المواضع التي مر بها الشاعر الأموي الشهير توبة بن الحمير في قصته الاتي ذكرها
وقبل الشروع في حيثيات الرحلة وتفصيلاتها سوف أورد ما قاله صاحب الأغاني في خبر مقتل توبة بن الحمير وأورده صاحب كتاب رنية محققا في كتابه
القصة
( توبة بن الحميربتشديد الياء من بني خفاجة من عقيل بن عامر بن صعصعه شاعر بدوي ينتجع مع قومه القفار والصحاري المتاخمة لما يسمى الآن بهضب الدواسر في مكان يسمى (قنة بني الحمير) وفي الفرشة التي تسمى قديما( رياض بني عقيل) وفي المناطق المجاورة لها وربما رحلوا حتى يصلون أسافل وادي تثليث وماحوله أي أنهم بدو رحل أما هو فقد ورد عنه أنه شرير كثير الغارات على بني الحارث بن كعب وخثعم وهمدان وبلاد مهرة وكان بين بلاد مهرة وهمدان مفازة منكرة لايقطعها الطير وكان يحمل مزاد الماء فيدفن منه على مسيرة كل يوم مزادة ثم يغير عليهم فيطلبونه فيركب بهم المفازة وانما يتعمد حمارة القيظ وشدة الحر ليرجع عنه القوم مخافة أن يهلكوا ظمأ في الصحراء وكان هذا ديدنه واشتهر عفا الله عنه بعشقه للشاعرة ليلى الأخيلية في قصص توردها كتب الأدب والتراث القديمة
وشاء الله أن تحصل قصة تكون نهاية هذا الشاعر المثير للجدل في أحد فصولها وهو أن قوم توبة من بني خفاجة كان بينهم وبين بني عامر بن عوف بن عقيل لحاء ( مشاكل) ثم أن توبة حضر مجلسا لهمام بن مطرف عامل صدقات بني عامر في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وحدث خصومة بين قومه وبين بني عوف فوثب ثور بن أبي سمعان فضرب توبة بعمود من حديد شج وجهه فأمر همام (ثور بن أبي سمعان) أن يجلس بين يدي توبة ليقتص منه
فأبى توبة وقال مامعناه لولاك مااجترأ وضربني في مجلسك وماكان ليجترأ عند غيرك ( وقد اتهمه لأن ثور من أخوال همام بن مطرف)
ثم قام وتركه
وبعد مدة سرا خبر لتوبة أن ثور ( غريمه) خرج في رهط من قومه الى ماء يقال له قوبا أسفل وادي تثليث ( ربما تكون القيرة الآن ) يريدون مالا لهم بموضع يقال له جرير فخرج توبةيبحث عنه ليأخذ بحقه ومعه رجال من قومه فأخبروا أنهم عند رجل يقال له سارية بن عمير وكان صديقا لتوبة فقال والله لانطرقهم حتى يخرجوامنه وبعد مضي الليل قال لهم سارية ادرعوافوالله لا آمن عليكم توبة فانه لاينام عن طلبكم وكان توبة قد وكل رجلين يخبرانه عن القوم وتحركاتهم فغفلوا وأخذهم النوم فمر القوم ولم يأتوا بخبرهم
ففزع توبة وركب ومن معه في أثر القوم من ليله ثم النهار الذي بعده حتى انتصف النهار فلما أتوا جبلا يقال له أفيخ ( يسمى الآن يفيخ ) وتجاوزوه قليلا قال هل ترون سمرات الى جنب قرون بقر ( جبل صغير يسمى الآن الباقر) ان القوم لن يتجاوزوا هذا المكان لأن ليس بعده الا فلاة لاظل فيها فنظروا فقال قائل
أرى رجلا يقود بعيرا كأنما يقوده الى صيد قال توبة ان ذلك بن الحبترية وذل أرمى من رمى ( يحذرهم منه)
فقال عبدالله أخو توبة أنا له فلما دنوا منه اطلق عليهم سهما فعقر فرس عبدالله واختلج ساقه ثم انحاز لقومه ينذرهم فجمعوا ركابهم وكانت متفرقة وأخذوا سلاحهم وزحف توبة ومن معه اليهم وجعلوا السمرات في نحورهم فارتمى القوم لابغني أحد عن أحد شيئا وتوبة وقومه من خلفهم حتى لحقوا بهم وصوب توبة سهمه في ثدي ثور ( غريمه) فصرعه وجال القوم وغشيهم توبة وأصحابه فوضعوا فيهم السلاح حتى تركوهم صرعى بجانب جبل قرون بقر
ولم يزل توبة خائفا بعد هذه القصة الدامية وكان السليل بن ثور راميا كثير البغي والشر فأخبر بغرة من توبة وهو في قنة بني الحمير فركب هو وثلاثين فارسا من قومه حتى أتوا منزل توبة وكان متحصنا هو ورجل من اخوته في الجبل فأحاطوا بالبيوت فقال لهم توبة هاأنذا فمن تبغون
فاجتنبوا البيوت وأخذوا أفراسا لتوبة واخوانه انصرفوا
ثم أن توبة غزاهم مرة أخرى ( يتبين هنا مدى الشر المتمكن فيه)
فلما كان ببطن بيشة قال له رجل لاتفعل ان القوم قاتلوك قال توبة لا اقلع عنهم ماعشت ثم ضرب بطن فرسه وارتجز يقول
تنجوا اذا قيل لها يعاط
تنجو بهم من خلل الأمشاط
حتى اذا انتهى الى مكان يقال له حجر الراشدة ( غار في اسفل وادي بشة يقال له الآن جليبة الراشدة)
استظل فيه ومن معه وكانوا وقت الهاجرة ( الظهر) فمرت ابل هبيرة بن السمين أخي بني عوف غرمائه وكانت تريد بئر طلوب ( تسمى الآن الطويله) فأخذها وخلى سبيل راعيها وقال له
اذا أتيت مولاك صدغ البقرة فقل له أن توبة أخذ الابل ثم مضى يطردها فلما ورد العبد على مولاه أخبر بما حصل فنادى في قومه فتعاقدوا بينهم من ثلاثين فارسا ثم تبعوه ونهضت امرأة خثعمية متزوجة من أحد أفراد بني عوف وكانت ساحرة فقالت أروني أثره فلما رأته أخذت من ترابه فسافته وقالت اطلبوه فانه سيحبس عليكم ( معناها أن السحر سيعمل عمله فيه)
فطلبوه فسبقهم فتلاوموا بينهم فخرجوا في أثره مجتازين كل الجبال والقفار حتى اتوا هضبة بكبد المضجع يقال لها هند ( تسمى الآن هيده وهي على طريق رنية/ الخرمة عن يمين المسافر بعيده عن خط الاسفلت ولاترى منه)
وكان توبة ومن معه يريدون قصد عبدالعزيز بن زرارة من سادات بني عامر ونزلوا بجانب تلك الهضبة للمقيل بجانب ثمد الشجرة أو حوله فلم يشعروا الا والابل قد نفرت وكانت بروكا بالهاجرة من وئير الخيل فوثب توبة وكان لايضع السيف فضب الدرع على السيف فتقلده وراجت القوم فطلب قائم السيف فلم يقدر عليه لأنه تحت الدرع ولم يستطع سله فغشيه الاعداء وقتلوه وتشتت أصحابه
ثم فر قابض الخفاجي صاحب توبة من فوره الى ابن زرارة فأخبره بمقتل توبة بن الحميرفنادى في قومه فقال له والده ماشأنك وأين تريد
قال قتل توبة
قال أبوه / طوط طوط ( كلمة تهكم وسخرية) سحقا لك اتطلب بدم توبة أن قتلته بنو عقيل ظالما لها باغيا عاديا عليها
قال / ولكني أجنه ( أي سوف أقبره وأواريه التراب) قال أما هذه فنعم الى آخر القصة
التي بها طويت صفحة شاعر علم خلد التاريخ ذكره ولو أن الاسلام دعا الى نبذ كل هذه الاعمال الا أننا نعذر الأعراب الذين يقطنون الصحاري والقفار من أمثال شاعرنا لبعدهم عن مراكز العلم فبقوا على جاهليتهم التي توارثوها من آبائهم ، رحم الله شاعرنا وأسكنه فسيح جناته
الرحلة
بعد توفيق الله تحركت من الرياض مع أخوين فاضلين من هواة الرحلات البرية ومشاهدة المواقع التاريخية وهما الأخ زابن بن محمد بن شثين والأخ فهد بن مسعود بن حزام
وذلك عصر يوم الأربعاء الموافق 22/ 4 /1433هـ
وبعد خروجنا من الرياض مع طريق عقبة القدية أخذنا مع طريق الرين / بيشة الجديد الذي يفلج عروق قنيفذه وسرنا معه بعد أن أدينا صلاة العصر مجتازين كل القرى والمناهل والهجر التابعة لمركز الرين وأذكر من تلك الهجر التي مررنا بها أوشاهدة اسمها في اللوحة قرية شلاح ثم حويمضة فمفرق بعد مسافة جهة اليسار لسر آل كعدة ثم هجرة برودان وهي بينجبال سود في أرض طينية وبيوتها متفرقة أغلبها من الطراز الشعبي القديم تجاوزناها ودخلنا في أرض واسعة تحيط بها الجبال من جهة الجنوب والجنوب الغربي وأجبل متفرقة يمينا وشمالا ، لايزال الطريق فيه اصلاحات ، وعندها دخلنا حدودمركز الحصاة (عماية قديما) وهذا المركز لحاضرة قحطان في تلك الجهة ويتبعه عدد لا يحصى من القرى والهجر القديمة والحديثة بعد مفرق الحصاة بما يقرب من 10 كيلو تقريبا أتانا مفرق يسار يتجه لمركز صيحة ( صيحتان قديما) وهنا يرى مسيل وادي الركا العملاق ، انتهى الاسفلت وبدأنا في طريق ترابي ( ردميه) قبيل غروب الشمس وكان اتجاهنا الى الجنوب الغربي مابين بني موزر و بعد مايقارب من (5) كيلو مترات تراءت لنا أنوار احدى آخر قرى الحصاة المحيطة بها سرنا حتى اجتزنا وادي الارمض وهو واد متوسط وعر ملئ بشجيرات الحرمل وعلى ضفافه أطعس صغيره ثم خلصنا الى واد رغيب كثير الرمث تحف به أجبل متقاودة وذلك عند الساعة السادسة والثلث تقريبا من بعد المغرب
سرنا مع بطن ذلك الوادي وكان يتسع حينا ويضيق حينا آخر بسبب الجبال التي تتخلله وقد كنا قلقين بسبب قلة وقود السيارة وخائفين من أن تعلق السيارة في رباضات الوادي ( التغريز)
مما حد ا بأحد الرفقاء أن يقول مازحا ( وادي ومطبات وتغريز) المهم أننا مررنا بمجموعة من المنازل والغرف الشعبية المتهالكة في طرف شعيب تحف به جبال صغيرة وعلى جانبه آبار نثائلها كالكول منها القديم ومنه الجديد اجتزناها ومنا من يردد
أشهد ان الليل ظلم وديرتهم بعيد
غيبت الامثال من دونهم والفكر تاه
وماهي الا لحظات واذا بأنوار هجرة قمران تظهر لنا وكأننا قد ولدنا من جديد ، انعطفنا يسارا باتجاه الهجرة التي أخذت اسمها من وادي القمرا القريب منه وهو واد شهير بين وادي الركا وحزم الدواسر وسيله يبدأ بفرعين رئيسيين ، أحدهما يأتي من ناحية جبل الضيرين وهضبة خديرة ، والثاني يفترق رأسه مع رأس وادي سلامة ثم يلتقيان ويسيران باتجاه شرقي جنوبي مكونان مجرى واحدا ينتهي جانب نفود الدحي وهو معروف منذ الجاهلية بهذا الاسم ، دخلنا الهجرة وتزودنا بالوقود منها وشرينا بعض الحاجيات ثم تحركنا باتجاه الجنوب قاصدين الهضب على طريق بيشة الجديد المزمع سفلتته ومشينا مسافة خمسين كيلا ثم انعطفنا يمينا لأجل أداء الصلاة جمعا ولأجل المبيت واعداد وجبة العشاء وبعد قضاء الفرض اوقدنا النار وأنزلناعدة الطبخ ( العزبة) من السيارة ومع ايقاد النار وبرد الصحراء القارس تذكرت أبيات حاتم الطائي التي يقول فيها
أوقد فان الليل ليل قر
والريح ياموقد ريح صر
وبعد نضوج وجبة العشاء وأكلها بدأنا نتجاذب اطراف الحديث كل يدلي بدلوه فيما يروقه الحديث فيه

التعديل الأخير تم بواسطة مسعود فهد المسردي ; 05-05-2012 الساعة 02:41 PM سبب آخر: خطأ في العنوان
مسعود فهد المسردي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
جميع المذاهب الهدامة باختصار هيثم الرفيدي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 19 01-01-2008 01:19 PM


الساعة الآن 11:52 PM

سناب المشاهير