أيـــهـــمـــا نــلــتـــمــس (3)؟؟!!
أخي الحبيب
إن كنت تلتمس رضا الله ، فسجد من:
يلمزك ويسخر منك
ويستهزئ بك
وستغتاب .. وتعوق .. وتكسل .. وتطعن .. وتثبط عن العمل
ولكنك تستطيع أن تدفن هذا كله بالإعراض عنهم
انظر ماذا قال الله لنبيه صلوات ربي وسلامه عليه
{ ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا }
تأمل في قوله { ودع أذاهم } ي
قول الشيخ السعدي ( فإن ذلك جالب لهم وداع إلى القبول وإلى كف كثير من أذيتهم )
ومن التعامل مع مثل هؤلاء: ما قاله الله
{ فاعف عنهم واصفح }
قال البغوي ـ رحمه الله ـ ( أعرض عنهم ولا تتعرض لهم )
ومن التعامل معهم: ما أخبر الله به
{ فأعرض عنهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا }
أي: حذرهم من سيء ما هم عليه ، وذلك بتخوفهم بالله ، فإنه قولا مؤثرا فيهم زاجرا لهم
اطراح ما لا يكون صواباً من أقوالهم وآرائهم وأفكارهم ، مع الاستفادة من النقد الهادف والتوجيه
النافع إن كان هناك توجيه ، فالحكمة ضالة المؤمن ، ومن عرف نفسه والتمس رضا ربه
لم يضره ما يقوله الناس عنه مدحاً أو ذماً ، بل سيستوي عنده المدح والذم
وأعلم أن البحث عن رضا الناس على الدوام من المستحيلات ، ومن أراد أن يكون مقبولاً عند الجميع
مرضياً لدى الكل ، سالماً من العيوب ، بعيداً عن النقد والتوجيه ، فقد طلب المستحيل
لأن طبيعة الناس عدم الرضا عن كل تصرف يصدر من الآخرين ، فآراؤهم ورغباتهم متباينة
وعقولهم وأفهامهم محدودة ، وعلمهم وإدراكهم قاصر متفاوت ، فكيف يرضون؟!
فالناس تجاه أعمال الآخرين الخيرة مابين:
ساخر
أو معوق
أو منتقد
أو ناقم
أو شاكر
لذا وصف الله العاملين في رضاه بقوله
{ أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون }
ومدح الباري أدل دليل على اتباع رضوانه ، نحن بحاجة إلى أن نتعاون على الحق
فإن لم يكن ذلك فعلى الأقل نسكت ، فإن لم يستطع أحدنا فل يكن لك
من هذا الاستفسار ، العظة والعبرة
جاء أبو ذر ـ رضي الله عنه ـ لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال:
أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل
قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ
" تكف شرك عن الناس ، وإنها صدقة منك على نفسك "رواه مسلم
كلنا ضعفنا عن العمل وتكاسلنا ، فما أدينا المطلوب ، وما قمنا بالواجب حق قيام
لكن إذا ضعفت أنت زيادة على ضعفك ووجدت الآخرين يعملون
فكف شرك عنهم ، فإنها صدقة منك على نفسك
ولذا يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ( لقد أحسن إليك من تركك وطريقك ، ولم يطرح شره عليك )
أنظر وتأمل فيما قال
( لقد أحسن إليك من تركك وطريقك ، ولم يطرح شره عليك )
ثم ما هو شعورك إذا كنت تتدخل فيما لا يعنيك ( إرضاء للناس )؟؟
ومن طريف ما ذكره أهل الأدب:
أن رجلاً بنى له بيتاً ، فأجمله وأحسنه على ذوقه ورغبته
فجاءه رجل فقال له: لو جعلت الباب في الجهة اليمنى لكان أفضل!
فنقل بابه إلى الجهة اليمنى!
فأتاه آخر فقال له: لو كان الباب في الجهة اليسرى لكان أفضل !
فحوله إلى الجهة اليسرى!
فجاءه ثالث فقال: لو كان الباب في الجهة الشرقية لكان أفضل !
فلم يزل هذا الرجل يحول باب داره من جهة إلى أخرى ، بحثاً عن رضا الناس ، حتى أيس
من إدراكه ، وصار منزله بيتاً خرباً لكثرة ما هدم فيه وبنى ، فتركه وبنى بجواره منزلاً
آخر على رغبته وهواه ، فأتاه رجل فقال له:
لو جعلت الباب في الجهة الغربية لكان أجمل !
فألتفت إليه ، ثم قال: عذراً يا أخي !
[ هذا منزلي الخاص ]
أما منزل إرضاء الناس فهو الذي تراه في الجوار !
يقصد البيت الخرب ، ولقد أحسن من قال:
ولست بناج من مقالـة طـاعـن ........ ولو كنت في غار على جبل وعر
ومن ذا الذي ينـجو من الناس سالماً ....... ولو غاب عنهم بين خافيتي نسر
وأصدق من ذلك وأعلى قول الحق سبحانه
{ وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون}
أستودعك الله ... وإلى لقاء رابع ...
بإذن الله تعالى.
__________________
عــــش مـــع الـــقــرآن .... تــعــش الــــحــيــاة