الجريمة والعقاب
الجريمة و العقاب
روايه قلم " سعد محمد ابو حيمد
الجزء الا ول
عند العاشرة من صباح يوم الخميس / / / كان الضابط المناوب العميد : إ برا هيم حا مد يمارس عمله بإحدى مديريات الشرطة بمدينة الرياض , وذلك حين دخل إلى مكتبه شاب يبدو عليه الاضطراب والوجل وعيناه مغرؤر قتان بالدموع , وصاح بأعلى صوته المتهدج : ياحضرة الضابط : لقد وقع جريمة راح فيها شقيقي : فهد سعيد , ياحضرة الضابط : أنا أ حمد سعيد : أ رجوك أرجوك ( إ فزع إ فزع ) ابحث عن الجاني , ونهض الضابط بسرعة وأمسك بيد الشاب وربت على كتفه وأجلسه على أ حد المقاعد ومسح دموعه وقال له : أبشر إ طمئن سننصفك و سنقبض على المعتدي إ ن شاء الله , ولكن أ خبرني كيف وأين حدثت الجريمة , ؟ قال أحمد : أ شكرك يا....,, قال الضابط إبراهيم إ سمي إ برا هيم , قال أ حمد : وبصوت مبحوح ومرتبك , حدثت الجريمة في الاستراحة التي نملكها في ضواحي المدينة , أ ما كيف فلا أ دري ,
وفي الحال قام الضابط ومعه مجموعة من المختصين بما فيهم الطبيب الشرعي , ذهبوا جميعا إلى مسرح الجريمة , وهناك وجدوا الجثمان مسجا على أ رض إحدى غرف الاستراحة والدماء منتشرة حوله , وبدأ الطبيب الشرعي بالكشف والتحقق عن سبب الوفاة , كما باشر المختصون الآخرون أعمالهم, و منها رفع البصمات وجمع الأدلة الجنائية , وقد وجدوا أريع فوارغ طلقات نارية من مسدس كما جمعوا كاسات الشاي والماء وقد لفت نظر أحد المفتشين شعرة طويلة على المغسلة والتي يبدو أنها نسائية , كما وجدوا ورقة صغيرة على إحدى الطاولات , وقد كتب عليها النص التالي ( ذكرى يوم الخميس ) , كما وجدوا هاتف جوال يعود للمجني عليه , أنهى العميد إبراهيم ومجموعته مهمتهم ,
وعاد إبراهيم بما لديه من أدلة جنائية , وحول إلى المعمل الجنائي ما يخصه , وراح يدقق فيما لديه , طلقات نارية , وهذه ادات القتل الرئيسية شعرة نسائية وتلك توحي بوجود عنصر نسائي , ورقة مكتوب بها ما يدل على التشفي , لا سيما وقد حدد بها يوما معينا , هاتف وهومن الأدلة الضعيفة , وبقي العميد إبراهيم يعمل فكره وخبرته حول تلك الأدلة . منتظرا ماذا يضيفه المعمل الجنائي وبعد ساعة أ مده المعمل بما لديه , البصمات فقط بصمتان , بصمة المتوفى وأخرى مجهولة , الشعرة الطويلة نسائية فعلا , الطلقات لمسدس رقم (9)يوجد أثر مادة مخدرة بأحد كاسات الشاي , لا يوجد أ ثر للمواد المخدرة بدم المتوفى , لا يوجد أ ثر للعنف , تلك هي مجمل نتائج المعمل الجنائي ,
وقام العميد بكتابة التقرير عن الحادثة ورفعه للجهات المختصة وقد رأت الجهة أن يتولى العميد إبراهيم مواصلة ومتابعة البحث والتحقيق في هذه الجريمة حتى يتم اكتشافها ,
وراح العميد إ إبراهيم يخطط ويرسم الطرق والإجراءات التي سينطلق منها , مستعينا بما لديه من أدلة , وإن كانت غير واضحة وعاد إبراهيم إلى الاستراحة ليلقي نظرة أخرى عليها , دخل وخرج ودار حولها , ولا حظ أنها حصينة وأسوارها عالية , كما دقق في الأبواب ولم يجد أثر عنف وأنها جيدة المغالق , وهنا استنتج أن الجاني قد دخل دخولا مرضيا عنه ,
وكانت بدايته الثانية هي بيت المغدور, واستدعا شقيق المغدور إلى مكتبه , جلس معه وحياه بلطف وقال : يأ أ خ أحمد إن أول شيء أ بدأ به معك هو عزائي لك ولأسرتك في وفات شقيقك راجيا له الرحمة والغفران وبعد ذلك أرجو أن تصغي إلي لنتحدث بشكل عام وخاصة حول بيت العائلة , قال أحمد: أشكرك ياأخ إبراهيم وأنا على استعداد للإصغاء إليك ,
- من يعيش في المنزل غيرك ؟
- توجد والدتي وشقيقي فهد رحمة الله عليه وشقيقتي الصغرى وزوجة فهد
- ووالدك ؟
متوفى إلى رحمة الله
- فهد هو الأكبر أليس كذلك ؟ أحمد : نعم
- ما هو تعليم فهد ؟ وهل يعمل ؟
جامعة الملك سعود ويعمل مدرس
- كم عمرفهد الآن ؟ وهل يملك سيارة ؟
عمره 28 سنه ويملك سيارة كابرس جديده
- هل اشترى السيارة بالنقد أو التقسيط ؟
لا, إ شتراها بالنقد فقد ترك لنا والدنا رحمه الله شيئا من المال
- والبيت الذي تسكنونه هل هو ملك وما مساحته ؟
نعم نملكه وهو مكون من دورين وحديقة صغيره
- أخ أ حمد هل لفهد أصدقاء ؟ ومنهم ؟ وأين ومتى يجتمع بهم ؟
- نعم له أصدقاء وغالبا يجتمع بهم ليلتي الخميس والجمعة , ومكان الإحتماع في الاستراحة التي نملكها في ضاحية الرياض , و أصدقاء فهد كثيرين , ولكن أ قربهم له ثلاثة
- منهم ؟ وما هي أسماؤهم ؟
- منهم صالح عبد لله وسليمان أحمد ومحمد ناصر
- هل كنت تحضر تلك الاجتماعات ؟ وما هي وسائل التسلية المو جودة ؟
- نعم أ حضر بعض الأحيان , أما التسلية فهناك الكثير منها الورقه (البلوت ) والشطرنج والدامه والإنتر نت وبرا مج التلفزيون وخاصة الرياضية
- هل كان فهد يدخن وهل من أصدقائه من يدخن ؟
- لا فهد ما كان يدخن, أما أصدقاؤه ففيهم من يدخن
- ما هي أنواع الأطعمة و المشروبات التي يتناولونها ؟
- مشويات من اللحوم وأحيانا من الدجاج , أ ما المشروبات :فهناك العصاير والقهوة والشاي والنسكافيه
- أ لا يجري ا استعمال شيء من المنشطات أو جالبات السرور أ و أي نوع من أ أنواع الشراب ؟
- لا لا أبدا لا يستعملون شيئا من ذلك
- هل فهد محافظ على الصلوات في المسجد ؟
- نعم محافظ على الصلوات, ولكن لظروف عمله فإنه لا يستطيع الصلاة في المسجد دائما
- هل لفهد مشاكل مع أ حد ؟ وهل له أ عداء ؟
- أبدا أبدا ليس له أ عداء ولا مشاكل مع أحد فهو طيب ومسالم
- أخ أحمد: عفوا حول هذا السؤال, هل لفهد علا قات نسائية قبل وبعد الزواج ؟
- لا اعتقد ذلك وإن كانت له حياته الخاصة, فقد كان له قبل الزواج غرفة خاصة وبها كل ا لأجهزة التي يستعملها
- أخ أحمد : الجريمة التي حدثت غريبة في شكلها على مجتمعنا وتقاليده الإسلامية والإنسانية , ويبدو أن ذلك حدث بتأثير من الثقافات التي انهالت على مجتمعنا من العالم الخا رجي , فهل لديك تصور عن دوافع الجريمة ؟ ومن في ظنك قد إ أرتكبها ؟
- يا أ خ إ إبراهيم والله انني حزين على بعض الجوانب من مجتمعنا مثل ما أنا حزين على شقيقي., نعم لقد داهمتنا العادات الشريرة وللأسف كان تأثيرها على الشباب الأكثر , أ ما دوافع الجريمة ففي تصوري لا يوجد دوافع , لا ن فهد حسن السلوك ولا له مشا كل مع أ حد , كما أنه من الصعب أن أ ظن لأ نني أ ستبعد ما حصل
- أخ أ حمد قبل أن أ ختم حديثي معك , أ شكرك أولا وثانيا أرجو أن تهيئ لي زيارة لأم فهد لأعزيها ولأتحدث معها في بعض الأمور
- نرحب بك في أ ي وقت وسو ف أبلغ والدتي بذلك
توجه العميد إبراهيم إلى بيت عائلة القتيل والتقى بأم فهد وكان الحديث التالي:
- الخالة أم فهد : لقد حضرت اليوم , لا قوم أ ولا بتقديم العزاء والموا ساة في الفقيد المرحوم فهد , كما إ نني وزملائي نشعر كما تشعرون بالحزن , وبلا شك أنك ممن يؤمنون بالقضاء والقدر , قالت أ م فهد : بارك الله فيك وفي زملائك , وجزاكم الله خيرا على ما فعلتم وتفعلون في البحث والتحري حول الجريمة , وإنا لله وإنا إليه راجعون ,
- أم فهد صفي لي أخلاق فهد وسلوكه وهل كان بارا بك ؟
- ما ذا أقول يا ولدي ؟ إن لساني ليعجز عن أن يحصي صفاته وسماته الطيبة , لقد كان صالحا وبارابي وكان يقبل يدي ورأسي كلما دخل أ وخرج
- خالتي أم فهد: هل تعلمين أن له أ عداء أو أن هناك من يكرهه ؟
- أبدا أبدا يا ولدي ليس له أ عداء وكل الناس يحبونه
- خالتي عندي سؤال سري بيني وبينك هل تعلمين أن لفهد علا قات نسائية قبل أو بعد الزواج ؟
- والله يا ولدي هذا الموضوع ما عندي عنه خبر , فهد قبل يتزوج كان شاب مثل كل الشباب , وأنا أ سمع أن هناك اللي يسمونه ( الترنوت ) ويقولون إن الشباب والشابات ( يحكون فيه )أ ما إن هناك علا قات محرمه فأبدا أ بدا فهد يخاف الله
- يعني عمره ما تكلم معك عن أ حد أو سمعت إنه يتكلم مع أ حد حتى لو كان بنية الزواج ؟
- أبدا ما تكلم معي , ولكن تذكرت : بنتي نوره كان أخوها فهد يحبها ويدللها ويمازحها , و في أحد الأيام فتحت نوره باب غرفة فهد ودخلت عليه دون أن يحس بها , وسمعته يتحد في التلفون مع أ حد النساء , وحين شعر بوجودها نهرها ولامها , وقد أخبرتني نوره وأنا ما سألته حتى ما أ حرجه
- أ شكرك يا أ م فهد وأرجو أن تأذني لي بأن أعزي زوجة فهد ولو من وراء الباب
- قالت أم فهد الله يكون في عونها مالها غير عشرة شهور من يوم تزوجت , ثم نادت على سارة زوجة فهد
سلم إبراهيم على سارة من وراء الباب وعزاها بقوله : أننا نشار كك الحزن على المرحوم ونرجوك الصبر والسلوان , ,
- وقال إبراهيم : أخت سارة هل من الممكن إجابتي على سؤال حول المرحوم ؟
- قالت سارة لا مانع
- قال إبراهيم منذ زواجك بفهد هل لاحظت خللا في سلوكه وهل لديك علم بأي علا قات نسائية , أخت سارة لك حرية الإجابة وعدمها قالت سارة : لقد كان فهد رحمه الله حسن السلوك وكان زوجا ممتازا ومخلصا , ولا علم لي أن له علا قات نسائية
أنهى العميد إ إبراهيم جولته في بيت العائلة وعاد إلى مكتبه ومعه حصيلة من المعلومات التي تعرف من خلا لها على الكثير من شخصية فهد وبعض خلفياتها , ولا سيما المعلومة البسيطة التي ذكرتها والدة فهد وهي الاتصال التلفوني النسائي ,
واستكمالا لمعرفة شخصية فهد وظروفه وما حوله, قام إبراهيم باستدعاء أحد أصدقاء فهد, صالح عبد الله
- استقبل العميد إبراهيم في مكتبه صديق فهد, صالح عبد الله وحياه وسأله:
- أخ صالح أنت أحد أصدقاء فهد المقربين, ما رأيك في سلوك فهد واستقامته وهل له أ عداء ؟
- لقد كان فهد، أ حسن الشباب خلقا وأدبا , كما أعتقد أن ليس له أ عداء ,
- أنت يا صالح تعمل في دائرة وهو في دائرة أخرى , إذربما يكون له خلا ف مع أ حد زملائه أو أ حد طلابه ؟
- لقد كنا نجتمع دائما وكان كل منا يتحدث عن ما يمر به في عمله
- أين كنتم تجتمعون يا صالح ؟ من أنتم ؟ ومتى ؟
- كنا نجتمع في استراحة الأخ فهد وكنا مجموعة من الأصدقاء وغالبا تكون إ حتماعاتنا ليلة الخميس والجمعة
- ما هي وسائل تسليتكم وكيف تقضون وقتكم ؟
- لدينا وسائل كثيرة منها :البلوت والشطرنج والدامه ومتابعة المبا ريات الرياضية والقرائة
- ما هي المشروبات التي تتنا ولونها ؟
- هناك القهوة والشاي والنسكافيه والعصيرات
- ألا يوجد مشروبات أ خرى ؟ أبدا أبدا صالح
- كم ساعة كنتم تقضونها في الإ ستراحة ؟
- ليس هناك ساعات محددة كل و ظروفه ورغبته
- أخ صالح : أنت قلت إن فهد طيب وليس له مشاكل مع أ حد , فكيف تفسر هذا الإ عتداء عليه ؟
- والله هذا هو المدهش والمحزن حيث لا نعلم أن له أعداء
- ليلة الخميس التي حدثت بها الجريمة لما ذا لم تجتمعوا تلك الليلة ؟
- الحقيقة في هذه الليلة كان عندي مناسبة , أما بقية الأصدقاء فيقولوا إن فهد كلمهم وأعتذر منهم لعدم فراغه في هذه الليلة
- هل تتوقع أن لديه مناسبة عائلية في الاستراحة ؟
- ربما وليس لدي علم بذلك , إلا بعد ما قرأ ت خبر الجريمة في الجرائد
أخ صالح نعود إلى ليلة الخميس وإلى الاستراحة , فهد وجد مقتولا والمعلومات التي لدينا تفيد بأن الاستراحة لا يوجد بها تلك الليلة سوى شخصين , ومن الواضح والمؤكد أن الشخص الآخر هو من أ رتكب الجريمة , فكيف – كما ترى – أن يتمكن الشخص الثاني من التغلب على فهد وهو شاب قوي البنية ؟
- الحقيقة أمر محير , ربما كان نائما , واحتمال آ خر أن يكون تحت مادة مخدرة وبفعل فاعل
- أخ صالح :أنتم كشباب من المعلوم أنكم تمارسون المحادثات الأ لكترونية ( الشات ) ألا يحدث أحدكم الآخرين بما يمارسه من محادثات ؟ وهل حدثكم فهد بشيء من ذلك ؟ - وهل تعلمون عن أي علاقة نسائية لفهد؟
- يا أخ إبراهيم لأن هذه المماراسات ليست غريبة ولا نادرة والكل يما رسها لذا فلا أحد يتحدث عن ممارساته , وحتى فهد لم يتحدث عن شيء كما لا نعلم عن أي علاقة نسائية لفهد
- أخ صالح أشكرك ومع السلامة
---------------------------------------------------
وبقي العميد إبراهيم في حيرة من أمره ( بداية الجزء الثاني )