مـسـائـل وفـوائـد ... فـي أحـاديـث الـدجـال ( 4 )
ومن المسائل والفوائد:
عدم الانخداع بالمظاهر خصوصا وقت الفتن ، بل وتحذير الناس من ذلك
ولعلك تلحظ ذلك في المظاهر الخادعة التي تصاحب الدجال , ومن ذلك:
أن معه جنة ونارا
وأنه يأمر السماء أن تمطر فتمطر
والأرض أن تنبت فتنبت
لكن كل هذا ـ بأذن الله ـ
والمؤمن لا ينخدع ، وأهل العلم يعلمون أن الدجال سيخدع الناس بما ثبت عندهم من نصوص
شرعية ثابتة ، وكذلك يعلمون أن قبل الدجال الكبر دجاجلة كثر
{ يخادعون الله والذين آمنوا }
يقول ابن العربي ـ رحمه الله ـ
( في اختلاف صفات الدجال بما ذكر من النقص بيان أنه لا يدفع النقص عن نفسه
وأنه محكوم عليه في نفسه )
بمعنى أن أهل الإيمان يعلمون أنه سيقتل
إذن لا يستطيع أن يدفع الضـرر عن نفسه , فكيف يدفعه عن غيره؟!
أخي المسلم: إن من أخطر ما يهددنا نحن المسلمين في عقيدتنا وأخلاقنا أن نعيش في جو من
اللبس والتضليل والخداع ، فلا ترى الحق بصورته المضيئة ولا الباطل بصورته القاتمة المظلمة
بل قد يصل بنا المكر والخداع إلى أن يرى بعضنا الحق باطلاً والباطل حقاً
ويلتبس سبيل المجرمين بسبيل المؤمنين
ومن أعظم الالتباس بين السبيلين أن يقوم المجرمون من أعداء المسلمين لا أقول من الكفار
فهؤلاء صرحاء { إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا }
ولكن المنافقين الدخلاء الذين تراهم
{ يخادعون الله والذين آمنوا }
هم الذين يرفعون لافتات ظاهرها الإسلام ومحبة الدين والدعوة إليه وحب البلاد وممتلكاتها
وباطن ذلك كله الكيد والمكر والخداع ، وقد حصل من جراء ذلك قديما وحديثا انخدع كثير
من المسلمين بهذه اللافتات فانشغلوا بها
بل وأثنوا على أهـلها بدلاً من فضحها وكشف عوارها وتعرية باطلها
وعن خطورة التباس سبيل المجرمين بسبيل المؤمنين ، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ
( فإن اللبس إنما يقع إذا ضعف العلم بالسبيلين أو أحدهما
كما قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ
إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية
وهذا من كمال علم عمر ـ رضي الله عنه ـ فإنه إذا لم يعرف الجاهلية وحكمها
وهو كل ما خالف ما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه من الجاهلية
فإنها منسوبة إلى الجهل وكل ما خالف الرسول فهو من الجهل
فمن لم يعرف سبيل المجرمين ، ولم تستبن له أو شك أن يظن في بعض سبيلهم أنها من سبيل
المؤمنين ، كما واقع اليوم من أمور كثيرة في باب الاعتقاد والعلم والعمل
هي من سبيل المجرمين والمنافقين والعلمانيين أعداء الدعوة والدعاة
أدخلوا ما تهواه أنفسهم في سبيلهم وقالوا هذا من سبيل المؤمنين ، ودعوا إلى ذلك بكل
وسيلة يملكونها ، فشعارهم كما قال الله عنهم { يبغونها عوجا } )
انتهى كلام ابن القيم بتصرف قليل
أخي الحبيب:
لقد قص الله ـ سبحانه ـ علينا في كتابه الكريم قصة قوم من المنافقين أرادوا خداع
الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن معه من المؤمنين برفع لافتة إسلامية على صرح
من صروح النفاق ، لكن الله ـ عز وجل ـ فضحهم وفضح لافتتهم وعرّى باطلهم
ليكونوا عبرة للمسلمين في وقتهم ، وعبرة في التاريخ الطويل لمن يأتي بعدهم ممن يرفع
لافتة إسلامية يخفي وراءها
خبثه
ومكره
وفكره
وتصوره
وإيمانه
ومعتقده
الفاسد
ويكيد بها المسلمين في أي زمان أو مكان
وهذه القصة ذكرها الله في سورة التوبة بما يعرف بمسجد الضرار
حيث أنزل فيها قرآناً يتلى إلى قيام الساعة ، قال الله
{ والذين اتخذوا مسجداْ ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل
وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى ، والله يشهد إنهم لكاذبون لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى
من أول يوم أحق أن تقوم فيه ، فيه رجال يحبون أن يتطهروا ، والله يحب المطهرين }
واللافتات المرفوعة اليوم كثيرة تراها:
بأشكال وألوان مختلفة
وبطرح وأسلوب متنوع
وسأذكر لك مثالين
الأول: أنهم يقولون بيسـر الشـريعة ، وسماحة الدين ، وهذا حق لا شك فيه ، ولكن الاحتجاج بهذا
التيسير للتفلت من أحكام الشريعة والتحايل عليها ، واتباع الهوى في الأخذ بالرخص وإثارة
الحديث حول الشذوذات الفقهية ، لا يريدون من وراء ذلك كله إلا التلبيس والتضليل
يريدون بذلك تحلل المجتمع المسلم من أحكام الشريعة باسم التيسير وترك التشديد
وصدق الله العظيم إذ يقول عنهم
{ ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاْ عظيماً }
فهم يتشدقون بالتيسير ويغالطون به بغير علم ولا هدى من الله ، ولو كان الأمر بأهوائهم
وأيديهم لعطلوا كثيراً من أحكام الشريعة التي قد يُظَن فيها المشقة والضيق مع أن مآلها اليسـر
والسعادة في الدارين ، فالله رحيم بعباده ، وهو الذي يعلم ما يصلح شؤونهم ، وييسر أمورهم
ويعلم ما يشق عليهم وما لا يشق { إنه حكيم عليم }
أما المثال الثاني: فكثيراً ما يتحدثون عن قضية المرأة
وهذه القضية هي التي يراهن عليها أعداء الإسلام عموماً ، لعلمهم أن القضاء على الدين يبدأ من
إفساد المرأة ، وإخراجها من حصنها الحصين ، وفي هذا .....
يقول أحدهم ( علينا أن نكسب المرأة ففي أي يوم مدت إلينا أيديها فُزْنا بالحرام
وتبدد جيش المنتصرين للدين ) وكلامهم يدور على محورين في هذه القضية
الأول: نزع حياء المرأة والقضاء على الحجاب الإسلامي ، وتراهم يكتبون عنه كثيرا
ولذا كان تأثيره الآن واضحا فحبب إلى كثير من النساء والبنات كشف الكثير من الجسم
ويقول أحدهم ( عيشـي كما تشائين ... كوني كما تريدين ..... انزعي الألم!
ازرعي الأمل ..... حطمي القيود ..... اخلعي القيود ....... سافري بلا حدود )
عبارات تحقق منها اليوم الكثير ، وآمن بها الكثير ، وحببت إلى الكثير ...
فحسبنا الله عليهم
{ قاتلهم الله أنى يؤفكون }
نسأل الله أن يصيبهم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا.
15-10-2010, 06:48 AM
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض الشجري