.. ..
الدنيا لن تتغير ..
في وطن بعيد , على أرض غير عربية , شاب مثقف , ذو ضمير حي , امتهن
الصحافة , تحمس لعمله , أخلص لمبدأ شرف المهنة , اغتر بمدح زملائه له ,
حذره كبار السن من التهور, رد النصيحة بقوله : دعونا من سياسة الكهول , الدنيا
تغيرت , أحب أن يقلد الكبار, كتب مقالا ناريا , صفق له الكثير , في صباح
اليوم التالي , خرج لعمله ولم يعد , لم يتصل بعائلته , هاتفه الجوال مغلق ,
والده , أقاربه , بحثوا عنه في المستشفيات , شعب المرور , مراكز الشرطة
دون جدوى , كأنما خطفته الطير أو هوت به الريح في مكان سحيق , بعد معاناة
مع القلق جاءهم خبر عن مكان اعتقاله , لم يرى النور بعده بضعة أشهر, لم يسأل عنه
أحد ممن صفقوا له , نسيه الناس , لم يفتقده إلا أطفاله وزوجته , بعد شهرين من
الصمت المطبق , سألوه : لأي حزب تنتمي ؟
أجابهم باستغراب : أنا كاتب حر لا أتبع أحدا , قالوا : إذا لماذا تحارب وطنك ؟
دافع بغضب : أي حرب ! أنا مواطن مخلص لوطني فقط أنتقد الفساد , استمروا في كيل
الاتهامات له , لم تتغير إفادته , ولم يبرح سجنه الانفرادي , طلبوا منه توقيع التعهد
بألا يكتب في تلك المواضيع , رفض التنازل عن مبادئه , قال لهم : فلان كتب مثله ولم تحاسبوه ؟
صاح به المحقق بعد أن صفعه على وجهه : أنت لست فلان !
رجع لزنزانته , أعاد حساباته , تذكر في صغره , أنه شاهد شقيقه الأكبر يسرق
من محفظة أبيه , هرع إلى والده , أبلغه بما فعل , تغاضى عنه , كرر فعلته ,
علم والده ولم يحرك ساكنا , احتاج مالا, تذكر أخلاق أبيه , قلد شقيقه , مد يده
على محفظته , انكشف أمره , فنال العقاب مضاعفا , مكث مليا , فكر في مصيره ,
تأمل فيمن حوله , رثى لحاله , أحس أنه الخاسر الوحيد , تغيرت قناعاته , طلب مقابلة
المحقق بعد أن نحت على الجدار , نصيحة لمن خلفه , الدنيا لن تتغير فلا تكن الخاسر الوحيد .
..........................
__________________
...........
تم شطب رابط الموقع (ادارة الموقع)
............