يقول الخبر: وافقت هيئة إطلاق السراح على الإفراج عن ( توماس هاغان ) الوحيد الذي اعترف من بين ثلاثة متهمين باغتيال الناشط الأمريكي المسلم ( مالكوم إكس ) وذلك بعد أربع وأربعين سنة قضاها خلف القضبان.

بالطبع لن أتحدث عن عدالة الحكم لأن العدل أن يقتل القاتل، ولكني سأتناول الأمر من زاوية معاكسة.

فلو افترضنا أن ( هاغان ) بريء وأنه سُجِن طوال هذه السنين ظلماً، فيا ترى كم خسر في هذه الفترة الطويلة من الحرية ؟ إن خسارة الحرية لا تعدلها خسارة – إلا خسارة الدين- .

أربعة وأربعون عاماً والناس يذهبون ويروحون، يشترون ويبيعون، يسافرون ويعودون، يتزوجون وينجبون، يحيون ويموتون، وهو خلف قضبان الحديد.

قامت دول وسقطت أخرى، هُدّمت صوامع وبِيع ومساجد وبُنِي غيرها، شّيدت ناطحات السحاب، قامت حروب وانتهت، وهو لا يزال خلف القضبان.

سيخرج بعد هذه السنين الطوال وهو متأخر عن الناس أربعاً وأربعين سنة !! فلا أعتقد أنه سيعرف مدينته ولا شوارعها ولا مبانيها ولا مداخلها ولا مخارجها، ولن يعرف كيف يتعامل مع مستجدات الحياة في التقنية والمواصلات ووسائل الترفيه والانترنت وغيرها، حتى سيارات اليوم ليست مثل سيارات ما قبل أربع وأربعين سنة.

أبناؤه سيكون غريباً عنهم، فهو لم يكلمهم طوال أربعة وأربعين عاماً إلا من وراء القضبان والآن سيجلس إليهم مباشرة، وهو لم يربيهم وينشئهم على ما يريد فلا يدري ما هي أخلاقهم وسلوكهم ، ما الذي يحبون وما الذي يكرهون .

هناك الكثير من الأمور التي فقدها، والتي ستكون غريبة عليه أشد الغرابة بعد هذه المدة الطويلة، وبالطبع فإن ما يهون الأمر في النفس هو أنّه يستحق هذا وأكثر.

ولكن ما يحز في النفس صدقاً أن هذه المأساة ستنطبق بالتمام ظلماً وبهتاناً على بريء، ستنطبق على المبتعث السعودي ( حميدان التركي ) – فك الله أسره - ، وهو الذي حُكِم عليه بالسجن ثمانية وعشرين عاماً، انظروا ما الذي سيخسره ( حميدان ) وعلى رأس خسائره ( الحرية ) ، ثم ادعوا له بأن يفرّج الله كربته وأن يحفظ عليه دينه.


أبو زيد
السبت 17/5/1431 هـ