مـديـــرتي الأمــريــكيــة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت دائماً (أشد على يد عبدالله ليواصل دراسته الجامعية) ، وكان هم العمل يؤرقه فيما كان هم الزواج له أشد وطأة عليه من العمل . التقيته بعد سنوات عجاف، كان يصطنع أمامي البشاشة من باب تبسمك في وجه أخيك صدقة ، وأنه بخير وهي من طبائعنا أن نخفي الآلام في سرائرنا فيما تغلي المراجل في دواخلنا ، مراجل غلي أحرقت المراجل المعروفة ، وهي جمع "مرجل" . ألحيت بأن يزورني لنجتر الأحاديث فوافق وحلف بألا أتكلف شيئاً فقلت :"ياهذا ! فصلت بيننا سنوات ولابد من تعويض هذه المدة" قاطعني قائلاً:"والله ما أذوق شيء أنا سببه"،"هل من فنجان قهوة وحسب".قلت :"أنت..وافق أولاً ويصير خير". وهو أحد أبطال ضحايا مؤامرة الأسهم التي ألقت بعباءتها السوداء على السواد الأعظم ..
-كيف حالك ياعبد الله؟
-الحمد لله بخير.
-هل أكملت دراستك؟
-إيييه! خلها على الله ما حصلت إلا بشق الأنفس!
-أفا ! وش العلم!
-يرجال حين كنت ادرس في المستوى النهائي بالجامعة خطرت ببالي فكرة البحث عن عمل ، وهو هم يؤرقني منذ زمن علاوة على هم الزواج الذي لايعلمه إلا سبحانه وتعالى، وتعرف أن الشيبان كبار في السن ويبحثون عن حياة كريمة كغيرهم.ذات يوم صورت جميع مستنداتي ووضعتها في ملف أخضر الأصفر من كثر ما أضعه على طبلون الموتر وقدمت أوراقي إلى مستشفى فرزقني الله عندهم وصرت أدرس صباحاً وأعمل في المساء، ثم سكت!
-ههاه! أسلم! كمل..ثم واصل معاناته يجرها من أعماقه كما يجر سفوداً من قطن مندوف مبلل:
استمريت على هذا الحال وكلما حصل اجتماع في ذلك المستشفى صار مديري المباشر يشنف سمعي بعبارة أضحت ملازمة لي في كل اجتماع قائلاً:لا أسمح بأن لا(تنقص ساعة من دوامه)ولا(يختار فترة الدوام المناسبة لظروفه، وشكراً للجميع).كما يواصل حربه النفسية بقولة أنه سمح لي بالعمل رغم أنه ممنوع نظاماً وهذا مخالف لسياسة المستشفى..حتى في ممرات المستشفى حين يلقاني يسمعني تلك العبارة:"أحمد ربك أن حنا سمحنا لك بالعمل وأنت طالب "..لقد أصبت بحالة نفسية لايعلمها إلا الله..يا أخي أنا مؤمن بقدر الله لكن أن تسمع شيئاً يتكرر عليك يومياً!! هذا الذي قتلني وأنا حياً ..صرت جثة بين الأحياء تمشي في أروقة المستشفى.
–قاطعته:"أفاااااااااااا ! هاه ،تكفى يا عبدالله! كل هذا الكلام أثر فيك!وش عليك منه"فواصل آلامه:
هل تعرف السعودة ، الكذبة الجحاوية التي طالما شنفوا آذاننا بها ما هي إلا بيض صعو ،طوير يسمع به ولا يرى يضرب ببيضه للاستحالة.أنت لاترى الصعو فأنى ترى بيضه!وتابع قائلاً:توالت الاجتماعات وكلما عقد اجتماع خفق قلبي خفقاً يكاد يخرج من بين أضلعي خوفاً من طردي. مكافأة الجامعة لاتكفي لشراء مقررات الدراسة فيكف برويتب أعول به شايبي وعجوزي وسيارتي القرنبع !!
-اسلم ! هاه أكيد أن ما لها إلا أنت! مواقف كهذه!
عقد اجتماع في أحد الأيام ونودي بأنه خاص بذلك القسم فاضطرب قلبي اضطراباً واصطكت ساقاي اصطكاكاً كدت اسقط بممر المستشفى واقتربت من قاعة الاجتماع ودلفت شاعراً بدوخة وألقيت بجثتي على أقرب كرسي من باب المدخل .رفعت نظري إلى متحدثي ذلك الاجتماع فإذا هما مديري المباشر ومساعده وبجانبهما أمريكية حمراء ، عطراء ، زرقاء العينين ، شقراء الشعر ، ممشوقة القوام .وقف مديري وأعلن أن هذه مديرتنا الجديدة وأنها خير خلف لخير سلف فيما كانت هي تهز رأسها توزع الابتسامات على الجميع.أما أنا فقد فقدت الأمر وشعرت بأسى وحزن شديد .الخطب جلل ، مدير متسلط وحل محله أجنبية كافرة ممن يحبون النظام حباً جماً وفقدت الأمر ، وقلت سأقدم استقالتي قبل طردي كي أحفظ كرامتي .وعبارة استقالة يتخلف معناها عن كلمة فصل . لقد تفوهت هذه الأمريكية بكلمات كان لها وقع على قلبي وكاد يغمى علي..حدث ما يصدقه العقل!!
-هاه! وش قالت ذا الحمراء العطراء؟
عزيزي القاريء، هل تريد الإجابة ؟
حسناً ، عد إلى بداية المقال ثم اقرأ فقط ما بين الأقواس نزولاً
وسلامة الجميع
التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالله ; 12-02-2009 الساعة 03:26 PM
12-02-2009, 03:24 PM
تعليمات المشاركة
العرض الشجري