المراءه والحجا ب في منطقه عسير

بعث الي احد الاخوة من منطقة عسير بهذه الرسالة و طلب مني نشرها في الساحة السياسية ..
______________________________________

( بسم الله الرحمن الرحيم )

كون الشيخ عائض القرني غيـّر رأيه بخصوص حجاب الوجه أم لم يغيره فهذا لا يغير من الحقيقة شيئا. ربما أن كثيرا من شباب منطقة عسير لا يعرف عن تاريخهم شيئا اذ تمت مصادرة ذلك التاريخ تارة لأسباب سياسية وأخرى لأسباب دينية تتوشح بوشاح ( الحقيقة المطلقة). من الظلم أن يندثر تاريخ عسير الاجتماعي والحياتي القديم لمصلحة فكر قادم من الصحراء.

صحيح أن المنتصر يكتب التاريخ وله الحق في التحكم بالحاضر , لكن الدين ليس شيئا يمكن التحكم به لأن الاسلام مهما كان دين عالمي وليس لأحد حق احتكاره وحق تفسير نصوصه.

ولمعرفة تاريخ الحجاب (القضية) هنا, في منطقة عسير , يجب أن نعرف أننا هنا نتحدث عن حقبة زمنية ليست بالبعيدة, بل هي قريبة جدا ( تقريبا الى ما قبل 25 سنة مضت) ولهذا فالشيخ عائض القرني لا شك يذكرها وعاشها وان كان لا يستطيع الحديث عنها.

التصق المذهب الشافعي بعسير منذ أن مر صاحبه الامام الشافعي رضي الله عنه بسراة الأزد في رحلته الى نجران ابان حكم العباسيين ليعمل قاضيا فيها.. ولذا صار المذهب الشافعي هو العمدة في الفتيا والقضاء في عسير لأكثر من 1200 سنة مضت.. ويتذكر أهل عسير الحديث المشهور يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه”، رواه أبو داود .. ولذا كانت المرأة في عسير والحجاز تلبس الحجاب الاسلامي المعروف وهو تغطية سائر البدن عدا الوجه والكفين .. وعلى هذا عاشت المرأة في عسير قرونا طويلة , وكان من التقاليد في منطقة عسير أن تلبس الفتاة البكر منديلا أصفر تغطي بها شعر رأسها ونحرها أما التي تزوجت فتغطي المنديل بشال أسود يسمونه " مقلمة" شيلة ( للاستزادة انظر كتاب : أبها للأستاذ علي ال عمر عسيري ).

من ناحية أخرى كانت المرأة تشارك بايجابية في الحياة الاجتماعية فقد كانت تبيع وتشتري وتعمل في الحقل وتحصد وتقوم بأعمال البيت كافة ذلك البيت الذي يتكون من عدة طوابق , ومن ناحية أخرى فقد كان اسمها شيئا معروفا بل وينتخي به الأخ فيقول " وأنا أخو فلانة" .. وكان هناك شاعرات معروفات يبدعن في الشعر وخصوصا شعر الخطوة .. المرأة كان لها حق البيع والشراء , تقول وثيقة ( من العهد العثماني) وهي عبارة عن صك من المحكمة الشرعية حول حصان تم بيعه الى الضابط فائز بن غرم العسبلي :

قد حضر مجلس الشرع الشريف الأنوار, ومحفل الحكم المنيف الأزهر, المنعقد بمحكمة شرعية مركز لواء عسير, أجله الله تعالى, لدى مولانا الحاكم الشرعي السيد عبدالله بشاوري أفندي , عمدة العلماء الكرام, ونخبة الموالي العظام , الموقع خطه وختمه في أعلاه, دام فضله وسما علاه, الحرمتان العاقلتان البالغتان أم المتوفى عبدالله بن مفضل : زهرة بنت عمير , وزوجة المتوفى المرقوم صالحة بنت منصور .. وقررتا وهما بحالة يصح ويعتبر منهما جميع تقاريرهما الشرعية وتصرفاتهما المرعية بحسن رضائهما بلا جبر منهما ولا اكراه الخ ... وحرر في شهر ربيع الثاني عام 1330 هجرية ( انظر كتاب صفحات من تاريخ عسير ج1 ص 71 -72 )

هذه الحقائق يعرفها أهل عسير جيدا وهي بحد ذاتها لم تتعارض والدين الاسلامي ذي السماحة والاعتدال .. الذي حصل ان فكرا وبيئة أخرى جرى تعميمها وبالقوة على بقية المناطق, البيئة في نجد بسبب انغلاقها وقلة احتكاكها بالعالم الخارجي ولدت اختيارات فقهية متشددة من ضمنها وجوب ستر الوجه وهو بكل حال قول فقهي معتبر عند من يقول به, الا أن المشكل أن حق الاختلاف في المسألة لم يحترم أبدا , اذ فسر القول بأن الحجاب هو تغطية سائر البدن عدا الوجه والكفين على أنه " السفور والتبرج " كما ورد في كلام الشيخ عائض الأخير وهنا يحق لنا أن نتساءل ونقول : هل حجاب جداتك يا شيخ عائض تبرج وسفور ؟ وهل كن جداتك ونساء بلدك متبرجات سافرات ؟

طبعا لن يقول الشيخ ذلك لأنه ان قال ذلك فمعناه الطعن في شرف أولئك النسوة , بل هو أيضا طعن في الغالبية العظمى من نساء المسلمين اللاتي يقلدن المذاهب الأخرى ..

بسبب وجود تلك البيئة القاسية في نجد وانغلاقها لالاف السنين , ومن ثم نشوء دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله- والذي تلاها من انتصارات لا بأس بها في حقبة الدولة السعودية الأولى ثم الانتصار الباهر الذي حققه الملك عبدالعزيز – رحمه الله – على كل خصومه السياسيين في الجزيرة العربية , وقبل ذلك كله أدبيات الدعوة النجدية والتي كفر كثير من علمائها الدولة العثمانية وكفروا كثير من سكان الجزيرة العربية مما حدا بجنود الأخوان أن يرتكبوا مذابح عظيمة لعل أكثرها شناعة مذبحة تربة والطائف التي تحدث عنها عبدالله فيلبي في مذكراته ... كل تلك ولدت لدى النجديين شعورا بالتفوق الذاتي والنوعي على الآخر دينا وعرقا وأصلا .. هذا الاحساس الكامن في اللاوعي ولد احتقارا هائلا للآخر ووصما له بأنه أقل دينا وايمانا .. بل وحتى البلاد الأخرى فهي أقل دينا وايمانا من نجد.

في موضوع المرأة ارتبط الخيار الفقهي الحنبلي بالبعد الاجتماعي الخطير في الذهنية العربية وهو " الشرف". فأصبحت المرأة بلا غطاء وجه انسانة " سافرة ومتبرجة " وأهلها مشكوك في غيرتهم على أعراضهم.

ولذا تتنامى الاشاعات ( الاجتماعية ) عن الآخر المختلف, وقد كان لمنطقة عسير والحجاز حظ وافر من هذه الاشاعات .. واذ نحن الآن في عصر الحوار الوطني والذي ينبغي أن يكون حقيقيا لا مجرد ديكور استعراضي باهت.. ..

طبعا الحجاز وبحكم مكانتها الكبيرة ووجود كثير من علمائها وسادتها قاومت المناخ الجديد حتى أنه يعتبر خروج المرأة بحجابها القديم أمر ليس فيه حرج كبير في مدينة جدة .. لكن منطقة عسير لم تصمد كثيرا اذ تم منذ معركة حجلا عام 1939 هجرية اقصاء علماء الشافعية ومنهم قاضي الشافعية ( ضياء الدين علي عبدالمعين ) والذي جاء بدلا منه قاض يسمى ( الشيخ حمد النجدي) وأقصي علماء أسرة الحفظي والنعمي من القضاء والفتيا .. ولذا نضب معين المذهب الشافعي في عسير .. ثم كانت للاجراءات الالزامية التي لاتزال وثائقها موجودة من اجبار لمشايخ القبائل على أنماط معينة من التمذهب ونشرها دور كبير .. غير أن التغييرات الكبرى تزامنت وعصر النفط والاعلام ..

ما ذكرناه هو تاريخ اجتماعي يتذكره أغلب أهالي عسير وخصوصا من كان فوق الأربعين سنة .. بل والى الآن فلازال بعض النساء لا يلبسن غطاء الوجه أمام أخ الزوج عملا بالمذهب القديم ويلبسن " الغطوة" عند خروجهن..

مشكلة الشيخ عائض – وأنا لا ألومه- أنه لم يستطع أن يواجه التيار النجدي القوي , لأن هذا التيار وببساطة يرى أن الآخر المختلف فقيها في هذه المسألة " فاسق وفاجر " والمرأة التي تلبس ذلك الحجاب " متبرجة وسافرة "..

دوام الضياء _ جدة

salehafndi@hotmail.com

ممممممممممنقول

__________________
الصقر ما يصيد البغبغا ء


فحيح الحيايا يقابله نقيق الضفادع


الما ل يبني بيوت لاعما د لها ****** والفقر يهدم بيوت العز والشرف

أعرض عن الجاهل السفيه** فكل ما قال فهو فيه** ما ضر نهر الفرات يوما** أن بال بعض الحمير فيه


العلم يجمع ----- والفكر يفرق

لو كلما نبح كلب القمته حجر ... لا صبح الحجر اغلى من الذهب



للمراسله على هذا البريد

mohammed298@gmail.com