تظل شريحة من الناس في جلّ أعمارها حائرة بين متطلبات الحياة ومتطلبات النفس وخصوصاً إذا كانت هذه النفس طموحة جموحة تتطلع إلى ما وراء المردود المادي من أي عمل ما تعمله ، فليست الحياة التي يريدها مجرد وظيفة يتقاضى عليها مبلغاً من المال ينفق منه على نفسه وذويه ويؤمن به مستقبله فقط ، بل الهاجس والتفكير يدور حول كيفية جعل هذا العمل انطلاقة خير ودعوة وتأثير على سلوك الآخرين ممن هم معه أو في نفس مهنته ، وهو يعلم أن من حسن نيته في عمله أنه في سبيل الله حتى يعود ، لكن " سابقوا " قد غيّرت من تفكيره ، وقصور النظر على الحياة الدنيا فقط ، فهو يعمل جاهداً بأخلاقه وتبنيه الشريعة قولاً وعملاً في التأثير على الآخرين أياً كانوا ليذوق بذلك طعم الوحدة المرجوة من المجتمع ومن الأمة جميعاً وبها يسود الأمن الفكري خصوصاً وسائر أنواع الأمن عموماً تحت ظل شريعة واحدة صحيحة وواضحة وتحت منطلق فكري معين ، لأنه لا اتحاد مع تعددية وأطراف وإن ظهروا خلاف ما يبطنون من الرغبة في التعايش تحت راية واحدة غير الدين ، مما يتناقض مع السعي الحثيث إلى توحيد الصف والكلمة ضد أعداء الإسلام الظاهرين والذين يتخفون إلى أن تحين الفرصة الجوهرية لظهورهم مع زعمهم ألا مشكلة ، وهم أساس كل المشاكل ، فمن يخرج عن الصراط المستقيم وعن هدي خير المرسلين الذين ارتضاه الله رحمة للعالمين ، ولا بد أن يكون هو العقبة أمام المشروع العظيم والحاجب لهذا النور ، أن يظهر للبشر المنقذ لهم من ضلال في الدنيا وعذاب يوم القيامة.
إن نفس هذا المسلم التي بين جنباته التي روّضها على حب الخير للناس تأبى عليه أن يستظل بظل شجرة الإسلام الصحيح ، وغيره يكتوي بلهب الخرافات والعقليات غير العاقلة لإثبات خطأ في جزء لا يتجزأ.. فعلى كل من يحب الخير للجميع أن يبذل لهؤلاء الناس ودعوتهم الشيء المستطاع والمأمول منه ، وألا يمنعه مجال عمله من ذلك ليجمع بذلك بين خيري الدنيا والآخرة ، وأن يكون مباركاً أينما كان وبهذا تأمن المجتمعات.