شعور غريب انتابني ، أحسست بدمعة تبلل جفني المجدب دون سابق عهد! قد تتساءل عن سبب هذا الشعور ، ولم تكن دمعة حزن بل دمعة أعادت فيّ الإحساس بقيمة الإنسان وما يمكن أن يحصّله ويخرج به من هذه الدنيا الفانية ، تذكرت حديث المصطفى – صلى الله عليه وسلم – الذي جاء في سياقه ".. وعمره فيما أفناه.." كل منا في سباق مع الوقت وفي ركض مستمر في هذه الحياة .
لكن هل علمنا أو تفكرنا في الهدف والغاية من هذا السعي الحثيث؟!
كعادتي في كل موقف يمر بي ويترك انطباعاً معيناً في نفسي اتجه إلى صديقي ورفيق دربي الذي قد حوى أسراري منذ أن عرفته وجمعتني به الدنيا ، فأبوح له بكل ما يجول بخاطري لأنعم بعد ذلك بالراحة والهدوء فهو صديق ليس له مثيل في كتم السر والوفاء لصديقه إنه ( قلمي )! مشهد عجيب قد شاهدته لم أختره لنفسي بل إن الله اختاره لي ؛ فبينما أنقل بين القنوات بحثاً عما هو جديد ومفيد فإذا بي أشاهد شيخاً وقوراً أكنّ له كل الاحترام والفخر قد ضعف جسده واستند إلى من يعينه على المشي بين الوحول التي تحتاج لجهد أكبر للمرور فيها ، وأثناء عبوره لهذه الأماكن كان يتحدث عن أهل قرية سيذهب إليها ( من قرى هذا البلد الإفريقي الذي يقيم فيه ) هو ومن يرافقه من الفريق التابع لإحدى القنوات التلفزيونية الرائدة كما أنه يتحدث عن حال المسلمين والإسلام فيها .
تعجّبت من همة بل من عزيمة ذلك قدرها ، فهذا الشيخ كما قرأت في أحدى المجلات قد أمضى ما يقارب العشرين عاماّ في هذا القرن الإفريقي مساعداً للفقراء ومعيناً لهم ، ناشراً للإسلام وسفيراً له تاركاً وراءه عيشاً رغيداً في بلده المعروفة بغناها ورخاء العيش فيها .
تخيلّت صورة هذا الشيخ حينما دخل هذه البلاد لأول مرّة وهو بكامل قوّته وعافيته ثم حاله الآن بعد هذا العمر أمضى كل هذه السنوات مضحيّاً من أجل دينه وخادماً له .
قارنت بين حالي وحاله وهل فعلت ولو شيئاً يسيراً ، هل سهرت يوماً ، أو خاطرت بحياتي من أجل ديني ؟
حقاً كان مشهداً أعادني إلى نفسي أثار فيّ تساؤلات عديدة ، تخيلت أنني في نهاية السباق قد بلغت عمر هذا الشيخ .. استدرت للخلف ونظرت لأجد شيئاً ذو فائدة وأثراً عشت من أجله بيد أني لم أجد ما يساويه!