مشرف مجلس التربية والتعليم
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: نجد
المشاركات: 8,288
رد : الاخبار الاقتصادية ليوم الاثنين 22/1/2007م
خبراء قانونيون :للمستثمرين الحق في رفع دعاوى قضائية ضد مجالس الإدارة ووزارة التجارة والصناعة
اتهامات بالاحتيال تلاحق مدراء الشركات المتعثرة ومخاوف من قضايا فساد شبيهة بشركتي "أنرون" و " ورلدكوم" الأمريكية
الرياض - بادي البدراني
حذر خبراء ماليون وقانونيون أمس من تداعيات لا يمكن تصورها في حال استمرت هيئة السوق المالية فرض قرارات تعليق تداول أسهم الشركات المتعثرة بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار ، الأمر الذي من شأنه التهديد بمخاطر جمة على شريحة واسعة من المستثمرين ، مؤكدين أن العقوبة كان من المفترض ألا تقتصر فقط على المساهمين بل تطول أولاً أعضاء مجالس إدارة الشركات المتورطين في مخالفات محاسبية تسببت بانهيار هذه الشركات.
وشددوا على أن هذه القرارات يشوبها قصور كبير في أسلوب تنفيذها بالرغم من إيجابيتها ، وذلك بسبب غياب العدالة فيها وتحميل المستثمرين فقط المسؤولية كاملة عن انهيار هذه الشركات ، مضيفين :" إذا استمر هذا الأمر فإن الهزات والمشاكل لن تتوقف آثارها على النواحي الاقتصادية والمالية فحسب بل ستمتد إلى توترات اجتماعية ومشاكل أكثر خطورة.
وقالوا :" هذا الأمر ينطوي على آثار اقتصادية خطيرة .. هناك ما يزيد على الأربعة ملايين شخص ينخرطون في سوق الأسهم، ولا أحد على استعداد لتحمل انهيار هذه الشركات ...على الجهات العليا أن تتخيل في ظل الاستمرار بهذا الأسلوب ما يمكن أن يحدث للمستثمرين وإلا فستكون التبعات خطيرة ولا يمكن تصورها."
يأتي هذا في وسط غضب متنام وسط المساهمين، كون مجالس إدارة هذه الشركات ربما آثروا أنفسهم بطريقة غير سليمة، على حسابهم ، في حين تعززت هذه الشكوك بعد موجة المخاوف التي ضربت كثيراً من الشركات السعودية المدرجة في سوق المال ، من ان تتسع الفضيحة لتضم عشرات الشركات الأخرى خلال الفترة المقبلة ..
وينتظر أن يسيطر القلق على المستثمرين وتهوي ثقتهم في سلامة وصحة المواقف المالية لبعض الشركات إلى مستوى متدنّ للغاية، وذلك في حال تم الكشف عن عمليات تلاعب واسعة بحسابات هذه الشركات بشكل أدى إلى المبالغة في تقدير أرباحها مما ألحق أضرارا بالغة بمستثمريها.
وقال خبراء قانونيين :" إذا ثبت ان مجلس إدارة أي شركة كان على علم بهذه المخالفات المحاسبية فان الأمر سيكون بمثابة احتيال بل وسرقة،مضيفين أنه لا جدال في انه ستكون هناك عواقب جنائية، إذا تضمن الفعل التعمد بنشر ميزانيات وقوائم مالية تم التلاعب بها بقصد إيهام المستثمرين .. هذا الفعل تزوير في وثائق الشركات ،والأمر قد يتطور الى توجيه تهم بالاحتيال الجنائي، وخرق قوانين الأوراق المالية وأنظمة الشركات ".
وأكد ل"الرياض" الخبير القانوني سعد الغنيم ، أن هذه الشركات التي طالها قرار تعليق تداول الأسهم ربما يكون شابها كثير من صور الفساد المالي والإداري، وأن هذا الفساد ازداد وضوحا عندما حدث انهيار تلك الشركات ووصول خسائرها لأكثر من 75في المائة من رأس المال ،مشدداً على أن إجراءات هيئة السوق المالية في هذا الخصوص تعتبر قانونية وخطوة نحو تطبيق النظام".
وتابع الغنيم :" ما حصل من مجالس إدارة هذه الشركات يعتبر جريمة جنائية يعاقب عليها القانون ..خسائر هذه الشركات واستمرارها يشير بشكل واضح إلى أن إدارتها كانت تتلاعب بحساباتها الداخلية والإعلان عن أرباح وهمية أو خسائر أقل بقصد جلب المستثمرين إلى أسهمها وبالتالي ارتفاعها دون وجه حق ، مشدداً على أن المشكلة الأكبر أن وزارة التجارة والصناعة قد تكون شريكاً في هذه الجريمة في حال كانت على اطلاع خلال السنوات الماضية على ميزانيات هذه الشركات وغض الطرف عن فرض العقوبات القانونية عليها .
وحول وجود مخرج قانوني أمام المساهمين في هذه الشركات لاسترداد أموالهم ومعاقبة مجالس إدارات الشركات المتورطة ، قال الغنيم أن فتح ملف التحقيق مع المتلاعبين يعتبر من المهام الرئيسية والأساسية لوزارة التجارة والصناعة التي يجب عليها أن تتحرك نحو ملاحقة مجلس الإدارة قانونياً وكشف الأشخاص والمؤسسات المتواطئة مع هذه الشركات المتلاعبة بحساباتها الداخلية ، أما في حال كانت الوزارة متورطة هي الأخرى في هذه القضايا ، فإن الخيار الوحيد أمام المساهمين هو رفع دعاوى قضائية أمام الدائرة التجارية في ديوان المظالم ضد مجلس إدارة الشركة المتورطة ، والمطالبة بفرض أقصى العقوبات على المتلاعبين الذين تسببوا في التفريط بأموال المستثمرين ".
وزاد الغنيم :" ان جرائم بهذا الحجم تستحق عقوبة قاسية. من حق المساهمين أن يطالبوا بتعويضات حسب استثماراتهم التي ضخوها في هذه الشركات ..الإجراءات القانونية في هذا الإطار واضحة،والتحايل في المحاسبة تصرف غير قانوني ويعاقب عليه القانون ".
وحث الغنيم الجهات العليا في البلاد على التحرك بسرعة لتطبيق القوانين التي تصحح انتهاكات الشركات المساهمة في سوق الأسهم السعودي بشكل يعزز نزاهة هذا السوق ويعيد ثقة المستثمرين فيه ، لافتاً إلى ضرورة العمل على كشف الممارسات غير الأخلاقية التي جرت وتجري في هذه الشركات ، بجانب ضرورة فرض عقوبات صارمة على هذه الشركات وتعزيز الرقابة على أنشطة شركات المحاسبة ".
في المقابل، أكد المحلل المالي عبدا لرحمن السماري أن الحملة الشرسة التي تقودها هيئة السوق المالية ضد الشركات المتعثرة من شأنه أن يفتح الباب واسعاً أمام الخروقات غير القانونية التي قام بها أعضاء مجالس إدارة هذه الشركات الذين يبدو أنهم استغلوا ثغرات في النظام للتحايل على المستثمرين وإعطاء انطباعات وهمية وغير حقيقية عن الأوضاع المالية لشركاتهم .
وطالب السماري الذي كان يتحدث في اتصال هاتفي مع "الرياض" ، بضرورة فتح تحقيق موسع مع مجالس إدارة هذه الشركات على غرار ما حدث في شركة "أنرون" الأمريكية وشركة الاتصالات المشهورة " ورلدكوم" ، مشدداً على أهمية أن تولي الجهات الرقابية في البلاد هذا الموضوع أهمية كبيرة وعدم إغفاله أو التهاون فيه ، بهدف ردع المتلاعبين ومنع تكرار مثل هذه القضايا مستقبلاً حفاظاً على أموال المستثمرين ومقومات الاقتصاد السعودي .
وتعتبر قضية انرون من اكبر فضائح الافلاسات في أسواق المال الأمريكية وفي العالم ، إذ كانت الشركة قد انتقلت من كونها أكبر سابع شركة في الولايات المتحدة إلى شركة مفلسة بسبب ان إدارتها كانت تتلاعب بحساباتها الداخلية وكانت تغري المدققين الخارجيين وعلى رأسهم شركة المحاسبة المشهورة أرثر أندرسون بأن يعلنوا ان الشركة تحقق ارباحا عالية من خلال تقليل بنود التكاليف بما في ذلك الديون والمبالغة في الايرادات، وذلك لأن الإعلان عن ارباح الشركة الوهمية كان يجلب المستثمرين ويؤدي الى ارتفاع اسعار اسهم الشركة وكلما ارتفعت اسعار اسهم الشركة كانت المكافآت التي يحصل عليها مدراء الشركة اكبر حتى ولو كان ذلك يعني تزايد احتمال افلاس الشركة وضياع اموال المستثمرين وهذا ما حصل فعلا.
ونتيجة لهذا التلاعب قدمت قضايا قانونية على اكثر من ثلاثين مديرا لمؤسسة انرون المنهارة ، في وقت أدى فيه انهيار "انرون" واكتشاف تواطؤ مؤسسة التدقيق الخارجي "أرثر أندرسون" معها الى هبوط هذه المؤسسة الأخيرة التي ادانتها محكمة قانونية بإعاقة القانون والتخلص من كثير من الوثائق.
وبعد سنوات ليست بالكثيرة من التحقيق مع مجلس إدارة الشركة ، حكمت السلطات القضائية الأميركية على الرئيس التنفيذي الشركة بالسجن لمدة تزيد على 24عاما هي العقوبة الأقسى ضد متهم تورط في مخالفات وقضايا اقتصادية تسببت بانهيار الشركة ، في حين قضت المحكمة بسجن المسؤول التنفيذي المالي السابق لانرون الأميركية، الذي سبق له أن اعترف بدوره في عملية التزوير الكبرى التي تعرضت لها الشركة، لمدة ست سنوات.
اما شركة الاتصالات المشهورة " ورلدكوم" فقد كانت من اكثر الشركات نموا في التسعينيات وكان رئيسها ايبرز حريص على ان تبقى اسعار اسهم شركته في ارتفاع لاستقطاب الأموال ولزيادة الامتيازات التي يحصل عليها هو وفريقه الإداري ولذلك كان دائما يقوم بشراء مؤسسات اتصالات اسعار اسهمها اقل من اسعار اسهم الشركة الأم ولقد كانت آخر عملية شراء هي لشركة امسياي (mci ) وكانت تعتبر من اهم الشركات ابتكارا في صناعة الأتصالات وقد ادى الدمج الى تغيير الإسم الى مسيأيوردكوم.
ولم تدم هذه الشركة طويلا فأعلنت عن افلاسها الذي يعتبر هو الآخر اكبر افلاس في تاريخ الولايات المتحدة ، وكان من اهم اسباب هذا الإفلاس ان المسؤول المالي قد ادرج مبالغا تتفاوت بين 4و 10مليارات الدولارات في خانة الاستثمارات، في الوقت الذي كانت فيه هذه المبالغ هي نفقات يومية مما ادى الى المبالغة في حجم الإيرادات المعلنة للشركة ،وذلك بهدف ابقاء اسعار الأسهم في تصاعد ، في حين قام رئيس الشركة باقتراض مئات الملايين من حسابات الشركة بصورة غير قانونية واستخدم جزء من هذه الأموال لشراء اسهم الشركة نفسها لتحقيق زيادة في اسعار اسهمها .
ولم يستبعد مراقبون ، أن تشهد سوق المال السعودية اكتشاف فضائح مالية وتجاوزات خطيرة شبيهة بشركتي "أنرون" و " ورلدكوم" ،معتبرين أن قضايا شركة بيشة الزراعية وأنعام ربما تمهد الطريق لسلسلة أخرى من الفضائح المالية وأن تسجل منعطفا خطيراً في ملفات الفساد الإداري والمالي داخل الشركات المدرجة في السوق المحلي.
وقال مستثمرون كبار تورطوا في أسهم الشركات السعودية المتعثرة :" قضية بيشة وأنعام ستبقى مرادفا لفضائح الشركات،ومجالس إدارة هذه الشركات جسدوا جشع المسؤولين الذين يسعون الى اخفاء خسائر شركاتهم عبر التبجح امام المستثمرين بخططهم المستقبلية في حين كانوا يتخلون عن اسهمهم بكثافة.
وأكد وليد الشدوخي أحد المستثمرين ، ان المشاكل التي سببها انهيار هذه الشركات سيظل قائماً لفترة طويلة ، مبيناً ان غياب الرقابة والجشع من ابرز اسباب إفلاس هذه الشركات، وأن عدم التحرك لمعاقبة المتورطين سيهدد في وقوع فضائح جديدة تطال عالم الشركات في السعودية ".
وقال ل"الرياض" المستثمر عبدالله العجمي ، أن هذه الفضائح دليل على أن مديري هذه الشركات كان همهم ملء جيوبهم بدلا من إدارة شركاتهم، مضيفاً :" قضية شركتي "بيشة " و" أنعام " تعتبر أمثلة بسيطة بدأت تتكشف حول المفاسد التي تحصل في سوق المال وإدارات الشركات المدرجة فيه والنظام الرقابي الذي يفترض فيه مراقبتها وفرض العقوبات عليها ".
وأكد أن فضيحة هذه الشركات جاءت لتبين هشاشة نظام السوق التي تريد هيئة السوق المالية تطويره ،مؤكداً على أهمية التحقيق في هذه القضايا وعدم تجاهل تقصي وعرض اسباب هذا الإفلاس والفساد المؤدي إليه. في سياق ذي صلة، أظهر تقرير اقتصادي حديث أشرف على إعداده مركز دبي المالي العالمي، واعتمد على استطلاع ميداني، تم إعداده في إحدى عشرة دولة عربية وشمل دول مجلس التعاون الخليجي ، أن ما بين 73إلى 75في المائة من الشركات العربية تقدم بيانات حسابات سنوية، مدقق بها وفقاً للقانون،وذلك خلال تعاملها مع المساهمين ، لناحية ضمان الشفافية المحاسبة، وطرح الحسابات المالية للشركة بوضوح أمام حملة الأسهم.
إلا أن التقرير الذي تعتبر نتائجه أولية وينتظر تدقيقها رسمياً و إعلانها في يناير من العام الجاري ، أكد أن هذه الأرقام، غالباً ما تكشف عمليات مالية سابقة ومنقضية ويعيبها قلة التحديث الدوري لها لضمان الشفافية، مما يجعلها في معظم الأوقات قديمة وغير كافية.. وجاء في التقرير، أن 33في المائة فقط من الشركات، تقوم بمناقشة بياناتها السنوية بشكل شفاف مع المساهمين في جمعيات عامة، بينما تتجاوز النسبة الباقية منها هذا الواجب.