قبيلة بني رشيد أعداء الدولة (أحداث مؤرخة)
قبيلة بني رشيد النجدية أحداث مؤرخة (1280- 1295 هــ )
عند إلقاء نظرة على تاريخ المنطقة من خلال قراءة التاريخ قراءة متأنية من كافة جوانبه نجد أن قبيلة بني رشيد المتمركزة في المنطقة الوسطى (أطراف نجد) , كانوا أكثر القبائل العربية مقاومة للمد العثماني في بلاد العرب الذي أخذ في سنواته الأخيرة طابع التترك ومحاربة العنصر العربي والتنكيل في القبائل العربية بشتى الوسائل المتاحة والقوة المتوفرة لديهم من هنا تولد العداء وحالة التمرد التي أوجدتها سياسة التترك تلك لقد كانت بمثابة ثورة عربية بشكل محدود او أحادي إن جاز التعبير في بعض الأقاليم التي كان النفوذ فيها للقبائل القوية المتحررة في طليعة تلك القبائل قبيلة بني رشيد النجدية, إذ أنها كانت تعيش في حالة صراع دائم مع الدولة (الإمبراطورية العثمانية) صاحبة النفوذ في المنطقة وذلك في القرنين الثاني والثالث عشر الهِجْرِيَّيْن.
نستدل على مظاهر ذلك العداء المستديم قرنين أوتزيد المتمثل في حالة التمرد على الدولة (الإمبراطورية العثمانية) وعدم الرضوخ لسلطتهم, ببعض النصوص والشواهد التاريخية التي تدعم مثل هذا القول المستفيض الذي وصلنا عن طريق الرواية العامية من الأسلاف بعض هذه الشواهد ماورد في نصوص تشارلز م. داوتي الذي وصل حائل سنة 1876م , قال " التقينا واحداً من الرعاة وهو يسوق إبله في اتجاه الماء وحييناه - " سلام! ويا أنت من هم الأعراب الذين يسكنون في المنطقة التي جئتم منها؟ " - رد علينا الراعي رداً صريحا, " أنا رجل من قبيلة حرب, أسكن مع هذا الفريق (الجماعة), وهم من بني رشيد. " - بدأ عياد العنزي يتشكك! لأن هذا الرجل لوكان من جماعة قاسم بن براك ( أعداء الدولة في خيبر) لشكل خطرا بحق وحقيقة .ومن الشواهد التي تؤكد أن العداء كان على أشده بين قبيلة بني رشيد والإمبراطورية العثمانية في المنطقة ماذكره الشيخ قاسم بن براك الرشيدي, أثناء لقائه داوتي , حيث ذكر داوتي ماجرى بينهم من نقاش بقوله :"ثم عاد وجلس في الخيمة, ووجهه يظهر عليه البشر والسرور."قال جاسم ,من الذي سيقوم الآن ويحضر لنا البن كي نصلح فنجالاً لهذا الغريب؟-مااسمك؟" -"خليل."- "حسن,قل لي ياخليل ,ماالذي يمكن - أن أفعله في مثل هذا الحال,لأني أقسم بالله ,أني حائر لاأعرف ماذا أفعل؛ إن مابيننا وبين أهل خيبر والإمبراطورية العثمانية هو النزاع بعينه وقطع الأزوار.....؟"- دخل علينا الجيران لشرب القهوة ,وأجاب أحدهم على السؤال قائلا: " لوأعطاني خليل أربعة ريالات فسوف أقوم بتوصيله إلى حافة نخيل خيبر وأذهب بعد ذلك لحال سبيلي ." جاسم : " ولكن خليل يقول بحق أنه سيكون خارج خيبر." أراني شاربو القهوة وجها طيبا.
ومن الأحداث الهامة التي تظهر لنا جليا شكلا اخر من اشكال العداء السائد آنذاك , قصة الفارس غصيّب بن مريف المغيري الخياري الرشيدي , و الفارس صامل الخياري , كان غصيّيب فارساً شجاعاً وكان مطلوب للدولة العثمانية بعد قتله لأحد جنودها في خيبر, وتفاصيل الحادثة أن أحد جنود الدولة (من قبيلة حرب) كان يجمع الزكاة من البدو جاء ذلك الجندي ذات يوم إلى امرأة عجوز من الخيارات من بني رشيد, لاتملك إلاعدد قليل من الماشية وأصر أن تجمع منها الزكاة مع العلم أن حالتها لاتستوجب أن توخذ منها الزكاة ولكنه أصر على ذلك مع رفضها الشديد وهنا ارسلت إلى جماعتها الخيارات من بني رشيد تستفزعهم وتنخاهم , أستفزع لها الفارس غصيّب بن مريف الخياري الرشيدي , وقام بقتل ذلك الجندي الجابي لزكاة العثمانيين, بعد أن أطلق عليه رصاصة اصابته بالرأس لجأ على أثرها إلى العجاونة من بني رشيد وظل معهم سنين طوال في حِمْى الشيخ عيادة بن عجوين الرشيدي, الذي لم يكن هو الأخر على وفاق مع الإمبراطوية العثمانية في المنطقة ولم يكن يتقيد بدفع الزكاة للأتراك أو غيرهم وقد عُرِف عنه ذلك وكان خارج حدود تبعيتهم , ليس هذا فحسب بل كانوا جماعة الشيخ عيادة بن عجوين الرشيدي ومن ينزل في حِماه لا يَزَّكَّون ولاتجمع منهم الزكاة وهذه كانت إحدى مظاهر تمرد قبيلة بني رشيد على الإمبراطورية العثمانية في أجلِّ صوره فلم يكونوا راضخين للسلطة العثمانية بأي شكل من الأشكال وهذا نص تاريخي ذكر هذه الحادثة . ويظهر لنا جانبا ً مهماً من الأرث التاريخي لبني رشيد وطبيعة علاقتهم مع الأتراك الذين كان لهم الأولوية والسلطة المطلقة في المنطقة ويتضح لنا من خلال القراءة التاريخية المتأنية أن بني رشيد في نجد كانوا في حالة عصيان وشقاق دائم يرتقي الى درجة تمرد وخروج عن تبعية الدولة وعدم الرضوخ للقوى الاستعمارية في المنطقة . حيث ذكر تشارلز دوتي , مانصه :
" كان رفيقي يخشى الذهاب إلى خيبر, نظرا لوجود الدولة (الإمبراطورية العثمانية) هناك : لأن المسئولين هناك (وقد عرفت ذلك فيما بعد) ربما اعتبروه عدواً لهم واستولوا على ناقة ذلك البدوي, ثم يضعونه في السجن؛وقد عرفت , فيما بعد , أن غصيب ,كان قد ارتكب حادثة قتل , وأنه قد يلقى القبض عليه والإمساك به وفاء لذلك الثأر.
وهنا نص تاريخي أخر يذكر وجود الشيخ غصيب الخياري , مع العجاونة عند الشيخ عيادة بن عجوين ويفسر سر تواجده بينهم , نستطيع أيضًا فَهْم ذلك من خلال ماوافتنا به الرواية العامية التي تقول أن الفارس غصيّب بن مريف الخياري كان (جالي مع العجاونة) بعد الحادثة هذا فضلاً عن المصادر الرائدة التي تدعم هذا القول حيث ذكر دوتي في مذكراته : " كان هناك بعض الرجال يجلسون أمام خيمة عيادة - " ياهو! قال عيادة , من منكم سيقوم بتوصيل هذا الرجل إلى خيبر , ويحصل منه على ثلاثة ريالات ." ؟ أجاب واحد منهم قائلا : " سوف أنقله إلى هناك , إذا ما أعطاني هذه النقود." وافقت على ماقاله ذلك الرجل, وهنا ضمن الشيخ عيادة أن ذلك الرجل لن يتخلى عن رفيقه , مثلما فعل غيره من قبل . قائلا : " لاثق بي, هذا غصيب , واحدا من الشيوخ, وهو رجل شجاع ومقدام." قلت : " وأنت ياغصيب , أقسم بحياة هذا الساق من العشب , أنك لن تتخلى عني, أنا رفيقك ,إلا بعد أن توصلني إلى خيبر!" - قال غصيب : " أقسم على أني سأوصلك إلى خيبر , اللهم باستثناء إذا ماوافتني المنية." قال عيادة : " إن لديه ناقة أيضا , وهذه الناقة تستطيع الطيران كما لو كانت طائرا من الطيور ."
المصدر : كتاب ترحال في صحراء الجزيرة العربية
تأليف : تشارلز م . دوتي,1875 -1878م.
17-01-2014, 12:49 AM
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض المتطور