رسالة الى أخي التائب
أخي التائب ؛إنها لفرصه من اعز الفرص إلى قلبي ،أن اسطر لك فيها، ما دار في خلدي ، وجرى في دمي ، ونبض به فؤادي. ففي هذه اللحظة من هذا الزمان ، قد حان الأوان ، للتحرك الأشجان ، وتهتف الألحان ، برسائل الحب والإيمان. فالحب في الله وإلا فكل غرام مضيع ؛ وقد أحسن الشاعر العربي عندما قال:
إليك وإلا لاتشد الـركائب ومنك وإلا فالمؤمل خائب
وفيك وإلا فالغرام مضيع وعنك وإلا فالمحدث كاذب
ــ والله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة التائيين ، وقد ذكر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه كان يتتبع التائبين ، ويطلب منهم أن يدعون له ويقول هم اقرب الناس إلى الله.
ــ ويقول الله عز وجل في الحديث القدسي( مازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فلان سألني لأعطينه ولان شكرني لازيدنه ولان استعاذ ني لاعيذنه.....). فالموضوع أخي في الله تزود ،ليس فيه وقوف ولا نكوص . وابن المبارك رحمه الله كان يقول من ترك الآداب ابتلاه الله بترك السنن ومن ترك السنن ابتلاه الله بترك الفرائض ومن ترك الفرائض ابتلاه الله بالكفر أعاذنا الله وإياكم منه.
ــ والطاعة تحتاج إلى صبر ، والنفس تحتاج إلى مجاهده ، والشيطان يحتاج إلى زجر وردع وسفه ، فلابد له من محاولات ، فعليك بالأذكار والآيات ، فهي تخزيه وتذله ، فهو لا يأتي إلا إذا رأى الإخلاص والإقبال ؛فلا تأبه به .
ــ والهداية نعمة يتمناها الكثير ولا يدركها ، ويطمح إليها ولا ينالها ؛فالشكر واجب على هذه النعمة ؛التي بها خرجنا من ظلمات المعاصي ، إلى نور الهداية والتواصي ؛ فهي لاتقدر بثمن ، فمن اختصه الله بها فليحافظ عليها ولا يكفرها.
ــ والدين كله خير (دين ؛هين لين)،هين ليس فيه مشقة ولا تعب، بل فيه الراحة والطمأنينة ، ولين ؛تلين به القلوب وتتحول به الأحوال ؛فحال المسلم يتبدل ويتغير ، وتسري فيه الحياة وكأنه أول مرة يعيش ويحيى ، يعمل الطاعة فيتلذذ ،ويزداد إيمانه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وان يحب المرء لا يحبه إلا فالله وان يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار).
ـــ فيا أخي جربت الماضي وما فيه من شطحات ، فأحذر من الزلات والنكسات.
ــ وإني في هذا الحال أقول : لقد وجدنا المفقود ، فلنجدد العهود ، مع الرب المعبود ، فالعمر محدود ، والزاد موجود . وان الشجاعة لصبر ساعة ،وحياة بلا طاعة ، حسرة وندامة ، والمؤمن عند ربه موعود بالأجر والنعيم ، فلا يضيع أوقاته ،فيما لاينفعه بعد مماته.
(اسأل الله العظيم أن يهدينا إلى سواء الصراط ، وان يزيدنا رشدا وهدا ، وان يرزقنا علما نافعا وعملا صالحا ؛انه ولي ذلك والقادر عليه).