عرض مشاركة واحدة
قديم 22-03-2008, 12:50 AM
  #1
جبران أبن هتلان المهداني
عضو نشيط
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 297
جبران أبن هتلان المهداني is a splendid one to beholdجبران أبن هتلان المهداني is a splendid one to beholdجبران أبن هتلان المهداني is a splendid one to beholdجبران أبن هتلان المهداني is a splendid one to beholdجبران أبن هتلان المهداني is a splendid one to beholdجبران أبن هتلان المهداني is a splendid one to beholdجبران أبن هتلان المهداني is a splendid one to behold
افتراضي سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

.. احببت ان انقل لكم هذا الموضوع لما به من فائدة .. واتمنى لكم الأستفادة ..
جعلت الموضوع على اكثر من رد .. لطول الموضوع .. !



ولدت هذه الأمة مع ميلاد الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم).سأحكي لكم قصة حياة حبيبنا مجمد، سأحكي عن النبي حياً وميتاً وستكون وفاته مؤثرة، وفي حياته ستشعر بمدى المصاعب التي واجهها، لكنني لن أحكي من أجل الحكاية ولكن من أجل الخروج بهدفين:
1_حبه صلى الله عليه وسلم حباً شديداً وشعور به جداً لدرجة ذرف الدموع عند ذكره .
2_ نقلده بشدة ,فسنة النبي غالية جداً .
هناك شخص واحد فقط في الكون كل جزئية في حياته تمس كل الناس بل وكل البشرية... لماذا؟ لأن ربنا جمع له في 23 سنة -وهي فترة بعثته- كل ما يحتاجه بنو آدم ليوم القيامة.... أي موقف وأي تصرف تصادفه في حياتك تجد له أصلاً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ,شاباً... عجوزاً... كبيراً... صغيراً... مسئولاً... ضعيفاً... قوياً.... فقيراً... غنياً... أي شيء تريد معرفته في حياتك ستجد له أصلاً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الله جمع في مدة بعثته كل ما تحتاجه إلى يوم القيامة... كي لا يدع لشخص حجة أنه لم يتمكن من الإقتداء بحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم...

فلا يوجد في حياة أي شخص كافة التفاصيل التي يحتاجها ابن آدم، وحتى الأنبياء، فلا يوجد نبي من الأنبياء يمكن الإقتداء بكل جزئية من حياته... فعلى سبيل المثال يمكننا الإقتداء بسيدنا سليمان كغني شاكر... ملك عادل.. لكن، هل تستطيع أن تقتدي به كفقير محروم؟... لماذا؟ لأن هذه الجزئية غير موجودة في حياته! هل يمكن الإقتداء به كضعيف مقهور؟!هل تستطيع الأمة عندما تكون في حالة ضعف أو انكسار أن تقتدي بسيدنا سليمان؟ لا، لأن هذه الجزئية غير موجودة... وسيدنا عيسى.. يمكنك أن تقتدي به كشاب زاهد صابر بعيد عن المعصية، ولكن، هل من الممكن أن تقتدي به كأب أو جد؟ لا، لأنه لم يتزوج أصلاً!... لكن، من الوحيد الذي تجد لديه كل ما تريد في الدنيا؟ النبي (صلى الله عليه وسلم)...يمكنك أن تقتدي به غنياً وفقيراً... قوياً وضعيفاً... حاكماً ومحكوماً... زوجاً وجداً... زوجاً لأكثر من زوجة... زوجاً لامرأة لديها أطفال من رجل تزوجته قبله وترى كيف يعتني بهم... يمكنك أن تقتدي به والدنيا كلها مقبلة عليه... تقتدي به والدنيا كلها تفر منه... تقتدي به عندما تموت زوجته... تقتدي به عندما يتوفى سبعة من أولاده... يمكنك أن تقتدي به و هو مسالم و هو محارب... تستطيع أن تقتدي به في كل جزئية في حياته.لذلك فإن النبي هو الوحيد في الكون الذي لا توجد في حياته خصوصية أو سر.. لكي يكون قدوة... كيف يعامل زوجته و هي حائض... كيف يعاملها و هو صائم... كيف يغتسل مع زوجته... يقبل زوجته أم لا... وكيف ومتى يقبلها... وصف وضعه المالي... وضعه المالي عند الوفاة... فلا توجد خصوصية... فلم لا تقتدي به إذن؟ تحبه حباً شديداً؟ في يوم من الأيام، كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يمشي مع مجموعة من الصحابة ومنهم سيدنا عمر، أمسك يده بحنان وعطف فقال عمر من فرط الحلاوة التي شعر بها من يد الرسول (صلى الله عليه وسلم): والله يا رسول الله إني أحبك!فسأله النبي: "أكثر من أهلك يا عمر؟" فقال نعم يا رسول الله... فقال: "أكثر من ولدك يا عمر؟" قال: نعم... ثم قال: "أكثر من مالك يا عمر؟" فقال: نعم... قال: "أكثر من نفسك يا عمر؟" قال: لا يا رسول الله!..فقال الرسول: "لا يكتمل إيمانك يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك وأهلك ومالك وولدك ويحكي ابن عمر بن الخطاب –رضي الله عنهما- أن عمر بعد هذا الحديث جلس وحده يفكر، ثم رجع إلى الرسول وقال له أمام الصحابة: والله يا رسول الله لأنت الآن أحب إلي من نفسي... فقال له النبي: "الآن يا عمر الآن يا عمر"... فهو يقصد الآن اكتمل إيمانك. تعجب ابن عمر من أن أباه استطاع أن يغير قلبه بهذه السرعة، فسأله عن ذلك، فقال عمر: جلست يا بنى وسألت نفسي.. لمن تحتاج أكثر يا عمر؟ لنفسك أم لرسول الله؟ فوجدت أني كنت في الضلال فأخذ رسول الله بيدي إلى النور، فوجدته أفادني أكثر من نفسي...ووجدت أني آتي يوم القيامة فيدخلني الله الجنة إن شاء الله، ولكن أين لي بالفردوس الأعلى؟ فوجدت أني لا أدخل الفردوس الأعلى إلا بحبي لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فوجدت أني أحتاجه أكثر من نفسي فأحببته أكثر من نفسي.
وندخل في الموضوع



بدأت البعثة و هو في الأربعين من العمر، ولكنه قضى سنواته العشر بين الثلاثين والأربعين في التأمل في غار حراء، وهو في مكان وعر حتى أنه يصعب على الشاب الصعود له... ولكن عندما تصعد إلى غار حراء تجد المشهد الذي أمامك... فترى الكعبة جيداً وترى الكون فسيحاً أمامك... ولكن ماذا كان يفعل النبي في غار حراء؟ كان يتعبد... ولكن لم يكن هناك في ذلك الوقت صلاة أو صوم... فقد كان يمارس عبادة اندثرت الآن للأسف وهي عبادة التفكر في خلق الله... فكان ينظر في السماء... ويستشعر ويتأمل ويتفكر في خلق الله... لقد تعبد أياماً وشهوراً وسنين عبادةً أهلته لأن يكون نبياً... وفي ليلة من الليالي جاءه الملك، -فقد قال تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر"
يقول الرسول: "فبينما أنا في الغار فإذا بالملك يسد الأفق... كلما نظرت إلى ناحية في السماء وجدته يملؤها... يقول لي يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل... ثم قال لي: اقرأ... فقلت ما أنا بقارئ، فأخذني و ضمني حتى بلغ منى الجهد"... حتى ارتجف النبي و تسارعت دقات قلبه... "ثم أرسلني.. فقال: اقرأ... فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني وضمني وضغطني حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني... وقال: اقرأ... فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني الثالثة وضمني وضغطني حتى ظننت أنه الموت... فقال لي: اقرأ... فمن شدة الخوف قلت: ماذا أقرأ؟ فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *... و اختفى الملك"يقول النبي: "فرجعت يرجف فؤادي"...
ومن يومها أخذ النبي الموضوع بجدية لمدة 23 سنة... فبالنهار دعوة إلى الله، وبالليل واقف بين يدي الله يصلي،وظل النبي هكذا، فلم يكن ينام إلا قليلاً... حتى قالت له السيدة خديجة: أفلا تنام يا رسول الله؟ فيرد علبها بالكلمة الجميلة التي نهديها للكسالى: "مضى زمن النوم يا خديجة"... الدنيا للعمل كي تحصل على المركز الأعلى في الجنة... وإذا رجعنا إلى القرآن، نجد الله يخاطب النبي قائلاً: "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ"... وأيضاً نفس الكلمة في: "يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر قُمِ"...ويظل النبي هكذا 23 سنة يقوم بمجهود غير عادي، وينزل القرآن فيقول: "فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ" لكي يؤمنوا و كأن الله يقول له هون عليك... ها نحن نطلب من الناس أن تتحرك بينما يقول الله للنبي هون عليك... ويظل النبي 3 سنوات يكلم الناس سراً... وبعد 3 سنوات يصير عدد المسلمين 40 ... و كان أول 4 اتبعوه (سيدة السيدة خديجة )وطفلاً(على بن أبي طالب ) وصديقه (سيدنا أبو بكر)
تنزل الآية: " فاصدع بما تؤمر".. انتهت السرية..فيخرج النبي (صلى الله عليه وسلم) -وكل الأرض غير مسلمة- يعلن الإسلام... وليس لعدد ضئيل؛ بل للجميع وعلى أكثر الجبال شهرة.. جبل الصفا... فيقف النبي على الجبل، ويبدأ ينادي.. يا بني كذا.. يا بني كذا.. وينادي على القبائل، ثم قال: "أرأيتم إن أخبرتكم أن خلف هذا الجبل الصغير جيشاً يريد أن يغير عليكم.. أكنتم مصدقي؟"قالوا ما جربنا عليك كذباً قط... وهذا أهم شئ من أجل الدعوة.. الأخلاق... قالوا ما جربنا عليك كذباً قط... نصدقك حتى لو قلت أنه يوجد جيش خلف هذا الجبل الصغير... فقال لهم بمنتهى القوة و العزة: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد"... ومن يومها يبدأ الإيذاء و يتعرض الرسول لما لا تتخيله... إحدى المرات كان النبي يقف يصلي عند الكعبة، فأتى عقبة بن أبي معيص، وهو أكثر الناس افتراءً على النبي (صلى الله عليه وسلم).. وخلع عباءته وبرمها ولفها على رقبة النبي ليخنقه... ويقول النبي: "فسقطت على ركبتي"... أي أنه منع عنه الأكسجين... وفي إحدى المرات وهو يصلى أيضاً في الكعبة وهو ساجد أتاه عقبة بن أبي معيص وأتى بأمعاء جمل ميت ورماها على ظهر النبي (صلى الله عليه وسلم)... يقول النبي: "فما استطعت أن أقوم" حتى لا يمتلئ جسمه بالوسخ، فظل ساجداً ينتظر أحداً من المسلمين القلائل ليزيل الوسخ من عليه... فظل ساجداً مدة طويلة إلى أن أتت ابنته زينب فوجدت أباها ساجداً هكذا وقريش تضحك... فتأتي السيدة زينب تزيح الوسخ من على ظهر النبي وهي تبكى، فيقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "لا تبكي يا بنية إن الله ناصر أبيك"... وفي مرة كان يعبر إحدى الطرقات بمكة وينتظره أحدهم خلف حائط بجوال من الرمال، وعندما اقترب النبي سكب عليه الجوال فامتلأ جسده بالرمال... وينتظره أحدهم بتراب ليلقيه في وجه النبي عندما يعبر... فيعود إلى بيته ووجهه ممتلئ بالتراب فتبكي بناته وهن يزحن التراب عن وجه أبيهن فيقول: "لا تبكوا يا بنياتي فإن الله مع أبيكم"...بل وحدث أكثر من ذلك، حتى أنهم غيروا اسمه فلقبوه "مذمم" وكانوا يضحكون ويتهكمون عليه... وكان الصحابة يبكون... فيقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "دعوهم إنما يشتمون مذمماً وأنا محمد"...


ويظل هكذا عشر سنوات يعاني من إيذاءٍ ليس موجهاً له فقط وإنما له ولأصحابه... ويعمى من يعمى، وأول من يعمى سيدة وهي مهدية... فتفقد بصرها تحت وطأة الإيذاء...ويقتل من يقتل، وأول من قتل سيدة وهى سمية.ويظل أصحاب النبي يعانون من أشكال العذاب و هم صابرون صامدون... وتكتشف قريش بعد ذلك أنه لا فائدة فقد أبادوا قدر ما أبادوا و هم لا يزالون مصرين. ويستمر الإيذاء 10 سنوات... وتجد قريش أنها كلما زادت الإيذاء كلما ازدادوا قوة!... ما هذا الإصرار؟!...فقرروا تجربة أسلوب جديد... فعرضوا على النبي المفاوضات...وكانت المفاوضات على هيئة مساومة... فقالوا له: يا محمد.. إذا كنت تريد أن تكون غنياً نجمع لك أموالاً فتكون أغنى رجل بيننا ودعك من هذا الموضوع.. وإذا كنت تريد أن تكون ملكاً ننصبك علينا.. وإذا كنت تريد أن تكون رئيساً نجعلك رئيساً و يرجع لك الجميع قبل فعل أي شئ.. وإذا كنت تريد الزواج من أجمل فتاة لدينا نزوجك إياها.. ونلاحظ أدب الحوار في رد النبي عليهم..فقد قال: "قل يا أبا الوليد، أنا أسمع"، و لم يقاطعه النبي، وعندما انتهى الرجل، قال له النبي بهدوء: "أفرغت يا أبا الوليد؟" فقال: نعم.. قال: "فهل تسمع مني؟"ا؟وبدأ الرسول يرد عليه بالقرآن، فقرأ من سورة فصلت، وبدأ وجه الرجل يتغير من قراءة النبي وتأثر، فهو يقرأ من قلبه حتى تشعر, كأن الله يكلمك أنت... حتى وصل إلى "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ" فوضع الرجل يده على فم النبي و قال له: ناشدتك أن تسكت!... خاف... تأثر... خاف من كلام النبي...إذن لم تنفع هذه الطريقة، فجربوا طريقة أخرى، فذهبوا لأبى طالب، وطلبوا منه أن يجعل ابن أخيه يسكت، فيهدئهم بكلمات طيبة ويقول لهم أنه سيخبره ذلك، ثم يدع النبي يفعل ما يريد، ولكنهم ذهبوا إليه مرة ومرتين وثلاثة، حتى يصير الأمر صعباً على أبي طالب، فذهب للنبي وقال له: لقد دافعت عنك كثيراً يا ابن أخي فدعك من هذا الموضوع، فلم أعد أقدر على الوقوف إلى جوارك أكثر من ذلك..ويقول النبي:"والله يا عمي.. لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أموت في سبيله"... إذن لم تنفع هذا الطريقة، فجربوا طريقة رابعة، حبسوا النبي والصحابة في منطقة تسمى شعب بني طالب، و هو مكان صحراوي يخلو من الزرع والمياه... حدث لهم كل ذلك على مدار عشر سنوات... فكيف لا تحب النبي؟!عندما وضعوهم في شعب بني طالب، لم يكن هناك ما يأكلونه، فأكلوا الزرع وورق الشجر وهم صحابة النبي وأهل الجنة والنبي معهم و لم تستثن قريش منهم إلا واحداً فقط وهي السيدة خديجة فلم ترض لها قريش هذا العذاب... ولكنها لم تقبل فقالت: أنا معهم... ولكنها لم تتحمل وماتت بعد ذلك بمدة قليلة... لقد أكلوا ورق الشجر حتى كانت مخرجاتهم كمخرجات البعير لأنهم كانوا يأكلون نفس طعامهم لمدة 3 سنوات بما في ذلك الرسول...



فلنبدأ بصفات الرسول صلى الله عليه وسلم :

كان صلى الله عليه وسلم متوسط القامة ، لا بالطويل ولا بالقصير، بل بين بين، كما أخبر بذلك البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً-متوسط القامة-، بعيد ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنه، رأيته في حلةٍ حمراء، لم أر شيئاً قط أحسن منه ) متفق عليه.

وكان صلى الله عليه وسلم أبيض اللون، ليِّن الكف، طيب الرائحة، دلَّ على ذلك ما رواه أنس رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون- أبيض مستدير- ، كأنَّ عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفأ، ولا مَسَسْتُ ديباجة - نوع نفيس من الحرير- ولا حريرة ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممتُ مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم .

وكانت أم سُليم رضي الله عنها تجمع عَرَقه صلى الله عليه وسلم، فقد روى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:َ ( دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال -أي نام نومة القيلولة- عندنا، فعرق وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت -تجمع- العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب ) رواه مسلم .

وكان بصاقه طيباً طاهراً، فعن عبد الجبار بن وائل قال حدثني أهلي عن أبي قال: ( أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء، فشرب منه، ثم مجّ في الدلو، ثم صُبّ، في البئر، أو شرب من الدلو، ثم مج في البئر، ففاح منها مثل ريح المسك ) رواه أحمد وحسنه الأرنؤوط.

وكان وجهه صلى الله عليه وسلم جميلاً مستنيراً، وخاصة إذا سُرَّ، فعن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن غزوة تبوك قال: ( فلما سلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه ) رواه البخاري .

وكان وجهه صلى الله عليه وسلم مستديراً كالقمر والشمس ، فقد سُئل البراء أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: (لا بل مثل القمر ) رواه البخاري ، وفي مسلم ( كان مثل الشمس والقمر، وكان مستديراً ) .

وكان صلى الله عليه وسلم كث اللحية، كما وصفه أحد أصحابه جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: ( وكان كثير شعر اللحية ) رواه مسلم .

وكان صلى الله عليه وسلم ضخم اليدين، ذو شَعرٍ جميل، ففي الخبر عن أَنَسٍ رضي الله عنه قال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم ضَخْمَ الْيَدَيْنِ، لم أرَ بعده مثله، وكان شَعْرُ النبي صلى الله عليه وسلم رَجِلاً لا جَعْدَ - أي لا التواء فيه ولا تقبض- وَلا سَبِطَ - أي ولامسترسل- ) رواه البخاري .

ووصفه الصحابي الجليل جابر بن سمرة رضي الله عنه فقال: ( كان رسول صلى الله عليه وسلم ضَلِيعَ - واسع - الْفَمِ، أَشْكَلَ الْعَيْنِ - حمرة في بياض العينين - مَنْهُوسَ الْعَقِبَيْن- قليل لحم العقب- ) رواه مسلم .

وكان له خاتم النبوة بين كتفيه، وهو شئ بارز في جسده صلى الله عليه وسلم كالشامة ، فعن جابر بن سمرة قال: ( ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة، يشبه جسده ) رواه مسلم .

ومن صفاته صلى الله عليه وسلم أنه أُعطي قوةً أكثر من الآخرين، من ذلك قوته في الحرب فعن علي رضي الله عنه قال: ( كنا إذا حمي البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يكون أحد منا أدنى إلى القوم منه ) رواه أحمد و الحاكم .

تلك هي بعض صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم الخَلْقية التي نُقلت إلينا ممن رآه وصاحبه، نقلاً صحيحاً ثابتاً، إنها صفات طيبة، وصدق الصديق أبو بكر رضي الله عنه عندما قال عنه وهو يُقبِّله بعد موته صلى الله عليه وسلم: (طبت حياً وميتاً يارسول الله)، فعليك أخي الكريم أختي الكريمة أن تكون قوي الصلة بصاحب تلك الصفات من خلال اهتباعه، والسير على هديه، وتعميق حبه، والإكثار من الصلاة والسلام عليه،


عبادة الأصنام لدى العرب


مع أن الله سبحانه قد ميز الإنسان وكرمه على غيره من المخلوقات، وسخر له من النعم ما ظهر منها وما بطن، وفطره على فطرة نقية سليمة، إلا أن كثيراً من الناس انحرفوا عن طريق الفطرة، وأبوا إلا الضلال، واتبعوا الشيطان، العدو القديم، وعبدوا الأصنام بشتى أنواعها، وجميع أصنافها.

لقد عبدت طوائف من العرب الأصنام التي انتقلت إليهم من الأمم السابقة مثل : ودّ، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، والتي كانت في قوم نوح، وانتشرت عبادة تلك الأصنام بين القبائل العربية، كما دل على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ودّ كانت لكلب بدومة الجندل، وأما سُواع كانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمْدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكَلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً، وسمُّوها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، وتَنَسَّخَ العلم عُبدَت) رواه البخاري .

وكانت العرب تعبد إضافة إلى تلك الأصنام أصنام قريش كاللاَّت، والعزَّى، ومناة، وهبل:
فصنم مناة - وهو أقدم أصنامهم - كان منصوباً على ساحل البحر من ناحية المشلل، بقديد بين مكة والمدينة . وكانت العرب تعظمه، ولم يكن أحد أشد تعظيماً له من الأوس والخزرج، وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه فهدمه عام الفتح .

أما صنم اللات فقد كان في الطائف، وهو عبارة عن صخرة مربعة، وكان سدنتها ثقيف، وكانوا قد بنوا عليها بيتاً، فكان جميع العرب يعظمونها، ويسمون الأسماء بها، فكانوا يقولون: زيد اللات، وتيم اللات، وهي في موضع منارة مسجد الطائف . فلما أسلمت ثقيف، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة فهدمها، وحرقها بالنار.

أما صنم العزى فإنه أحدث من اللات، وكان بوادي نخلة ، فوق ذات عرق، وبنوا عليها بيتاً، وكانوا يسمعون منها الصوت، وكانت قريش تعظمها . فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، بعث خالد بن الوليد فأتاها فعضدها، وكانت ثلاث سمرات، فلما عضد الثالثة : فإذا هو بحبشية نافشة شعرها، واضعة يدها على عاتقها، تضرب بأنيابها، وخلفها سادنها، فقال خالد : يا عز كفرانك لا سبحانك، إني رأيت الله قد أهانك، ثم ضربها ففلق رأسها، فإذا هي حممة - أي رماد-، ثم قتل السادن.

أما صنم هبل فقد كان من أعظم أصنام قريش في جوف الكعبة وحولها، وكان من عقيق أحمر على صورة الإنسان، وكانوا إذا اختصموا، أو أرادوا سفراً : أتوه، فاستقسموا بالقداح عنده . وهو الذي قال فيه أبو سفيان يوم أحد : اعل هبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا : ( الله أعلى وأجل ) رواه البخاري .

ومن الأصنام التي كانت تُعبد :إساف ونائلة، قيل أصلهما : أن إسافاً رجل من جرهم، ونائلة امرأة منهم، دخلا البيت، ففجر بها فيه . فمسخهما الله فيه حجرين، فأخرجوهما فوضعوهما ليتعظ بهما الناس، فلما طال الأمد عبدا من دون الله.

ومع انتشار عبادة الأصنام بقي أناس حفظهم الله من عبادة غيره سبحانه استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام: { رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} (ابراهيم:35)، واستمرت عبادة تلك الأصنام في بلاد العرب حتى ختم الله رسالاته بمحمد صلى الله عليه وسلم، الذي طهر الله به البلاد، ووجه العباد إلى المعبود بحق، الذي لا يجوز أن يُعبد أحد غيره، أو يشرك في عبادته أحد، { والله متم نوره ولو كره الكافرون } (الصف


عبادة الأصنام لدى العرب




الكعبة هي بيت الله الحرام ، وقبلة المسلمين ، جعلها الله سبحانه وتعالى مناراً للتوحيد ، ورمزا للعبادة ، يقول الله تعالى : { جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس} ( المائدة97) ، وهي أول بيت وضع للناس من أجل عبادة الله جل وعلا ، قال تعالى : { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين} ( آل عمران96) .

وللكعبة المشرفة تاريخ طويل ، مرت فيه بمراحل عديدة ، ويبتدأ تاريخها في عهد نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل - عليهما السلام - حين أمره الله سبحانه وتعالى بأن يسكن مكة هو وأهله ، وكانت مكة في ذلك الوقت جدباء قاحلة .

وبعد الاستقرار في مكة وبلوغ إسماعيل - عليه السلام - أذن الله تعالى لهما ببناء الكعبة ، ورفع قواعدها ، يقول الله تعالى : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا } ( البقرة127) ، فجعل إسماعيل - عليه السلام - يأتي بالحجارة و إبراهيم يبني ، وارتفع البيت شيئا فشيئا ، حتى أصبح عاليا لا تصل إليه الأيدي ، عندها جاء إسماعيل - عليه السلام - بحجر ليصعد عليه أبوه ويكمل عمله ، واستمرا على ذلك وهما يقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم} ( البقرة127) حتى تم البناء واستوى.

ثم استقرت بعض القبائل العربية في مكة من "العماليق" و"جرهم" ، وتصدع بناء الكعبة أكثر من مرة نتيجة لكثرة السيول والعوامل المؤثرة في البناء ، وكان أفراد تلك القبيلتين يتولون إصلاحها ، ورعايتها.

ومرت السنون ، حتى قامت قريش ببناء الكعبة ، وذلك قبل البعثة بخمس سنين ، وكان بناء الكعبة آنذاك على هيئة حجارة منضودة موضوعة بعضها فوق بعض من غير طين ، مما جعل السيول التي تجتاح مكة بين الحين والآخر تؤثر على متانة الكعبة فأوهت بنيانها ، وصدعت جدرانها ، حتى كادت أن تنهار ، فقررت قريش إعادة بناء الكعبة بناء متينا يصمد أمام السيول ، ولما أجمعوا أمرهم على ذلك وقف فيهم أبو وهب بن عمرو فقال : " يا معشر قريش ، لاتدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا ، لايدخل فيها مهر بغي ، ولا بيع ربا ، ولا مظلمة أحد من الناس" لكن قريشا تهيبت من هدم الكعبة ، وخشيت أن يحل عليهم بذلك سخط الله ، فقال لهم الوليد بن المغيرة : - أنا أبدؤكم في هدمها، فأخذ المعول وبدأ بالهدم وهو يقول : اللهم لم نزغ ، ولا نريد إلا الخير ، فهدم من ناحية الركنين ، فترقب الناس ليلتهم ليروا هل أصاب المغيرة شر بسبب ما فعل ؟ فلما رأوه يغدو عليهم لا بأس به ، قامو إلى الكعبة فأكملوا هدمها ، حتى لم يبق منها إلا أساس إبراهيم - عليه السلام - .

ثم تلى ذلك مرحلة البناء ، فتم تقسيم العمل بين القبائل ، وتولت كل واحدة منها ناحية من نواحي الكعبة ، فجعلوا يبنونها بحجارة الوادي، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود دبَ الشقاق بين قبائل قريش ، فكل يريد أن ينال شرف رفع الحجر إلى موضعه ، وكادوا أن يقتتلوا فيما بينهم ، حتى جاء أبو أمية بن المغيرة المخزومي فاقترح عليهم أن يحكّموا فيما اختلفوا فيه أول من يدخل عليهم من باب المسجد الحرام ، فوافقوا على اقتراحه وانتظروا أول قادم ، فإذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما إن رأوه حتى هتفوا : هذا الأمين ، رضينا ، هذا محمد ، وما إن انتهى إليهم حتى أخبروه الخبر فقال : ( هلمّ إلي ثوبا ) فأتوه به فوضع الحجر في وسطه ثم قال : ( لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ) ففعلوا ، فلما بلغوا به موضعه ، أخذه بيده الشريفة ووضعه في مكانه.

ولما كانت قريش قد عزمت على بناء الكعبة من حلال أموالها ، فقد جمعت لهذا الأمر ما استطاعت ، إلا أن النفقة قد قصرت بهم عن إتمام بناء الكعبة بالمال الحلال الخالص ، ولهذا أخرجوا الحِْجر ( الحطيم ) من البناء ، ووضعوا علامة تدل على أنه من الكعبة ، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة - رضي الله عنها : ( ألم تري أن قومك قصرت بهم النفقة ؟ ولولا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة ، وجعلت لها بابا شرقيا وبابا غربيا ، وأدخلت فيها الحجر ) .

ولما جاء عهد ابن الزبير - رضي الله عنه - قرر أن يعيد بناء الكعبة على نحو ما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته ، فقام بهدمها ، وأعاد بناءها ، وزاد فيها ما قصرت عنه نفقة قريش - وكان حوالي ستة أذرع - ، وزاد في ارتفاع الكعبة عشرة أذرع ، وجعل لها بابين أحدهما من المشرق والآخر من المغرب ، يدخل الناس من باب ويخرجون من الآخر ، وجعلها في غاية الحسن والبهاء ، فكانت على الوصف النبوي كما أخبرته بذلك خالته عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - .

وفي عهد عبدالملك بن مروان كتب الحجاج بن يوسف الثقفي إليه فيما صنعه ابن الزبير في الكعبة ، وما أحدثه في البناء من زيادة ، وظن أنه فعل ذلك بالرأي والاجتهاد ، فرد عليه عبدالملك بأن يعيدها كما كانت عليه من قبل ، فقام الحجاج بهدم الحائط الشمالى وأخرج الحِجْر كما بنته قريش ، وجعل للكعبة بابا واحد فقط ورفعه عاليا ، وسد الباب الآخر ، ثم لما بلغ عبدالملك بن مروان حديث عائشة - رضي الله عنها ندم على ما فعل ، وقال : " وددنا أنا تركناه وما تولى من ذلك" ، وأراد عبدالملك أن يعيدها على ما بناه ابن الزبير ، فاستشار الإمام مالك في ذلك ، فنهاه خشية أن تذهب هيبة البيت ، ويأتي كل ملك وينقض فعل من سبقه ، ويستبيح حرمة البيت .

وأما آخر بناء للكعبة فكان في العصر العثماني سنة1040 للهجرة ، عندما اجتاحت مكة سيول عارمة أغرقت المسجد الحرام ، حتى وصل ارتفاعها إلى القناديل المعلقة ، مما سبب ضعف بناء الكعبة ، عندها أمر محمد علي باشا - والي مصر - مهندسين مهرة ، وعمالاً يهدمون الكعبة ، ويعيدون بناءها ، واستمر البناء نصف سنة كاملة ، وكلفهم ذلك أموالا باهظة ، حتى تم العمل ، ولازالت الكعبة شامخة ، تهفو إليها قلوب المؤمنين ، وستظل كذلك حتى يقضي الله أمره في آخر الزمان بهدم الكعبة على أيدي الأحباش واستخراج كنز الكعبة ، وفي الجملة فإن الكعبة لها تاريخ طويل مليء بالأحداث والعبر التي لابد لنا أن نعيها ونستفيد منها.










الكعبة هي بيت الله الحرام ، وقبلة المسلمين ، جعلها الله سبحانه وتعالى مناراً للتوحيد ، ورمزا للعبادة ، يقول الله تعالى : { جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس} ( المائدة97) ، وهي أول بيت وضع للناس من أجل عبادة الله جل وعلا ، قال تعالى : { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين} ( آل عمران96) .

وللكعبة المشرفة تاريخ طويل ، مرت فيه بمراحل عديدة ، ويبتدأ تاريخها في عهد نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل - عليهما السلام - حين أمره الله سبحانه وتعالى بأن يسكن مكة هو وأهله ، وكانت مكة في ذلك الوقت جدباء قاحلة .

وبعد الاستقرار في مكة وبلوغ إسماعيل - عليه السلام - أذن الله تعالى لهما ببناء الكعبة ، ورفع قواعدها ، يقول الله تعالى : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا } ( البقرة127) ، فجعل إسماعيل - عليه السلام - يأتي بالحجارة و إبراهيم يبني ، وارتفع البيت شيئا فشيئا ، حتى أصبح عاليا لا تصل إليه الأيدي ، عندها جاء إسماعيل - عليه السلام - بحجر ليصعد عليه أبوه ويكمل عمله ، واستمرا على ذلك وهما يقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم} ( البقرة127) حتى تم البناء واستوى.

ثم استقرت بعض القبائل العربية في مكة من "العماليق" و"جرهم" ، وتصدع بناء الكعبة أكثر من مرة نتيجة لكثرة السيول والعوامل المؤثرة في البناء ، وكان أفراد تلك القبيلتين يتولون إصلاحها ، ورعايتها.

ومرت السنون ، حتى قامت قريش ببناء الكعبة ، وذلك قبل البعثة بخمس سنين ، وكان بناء الكعبة آنذاك على هيئة حجارة منضودة موضوعة بعضها فوق بعض من غير طين ، مما جعل السيول التي تجتاح مكة بين الحين والآخر تؤثر على متانة الكعبة فأوهت بنيانها ، وصدعت جدرانها ، حتى كادت أن تنهار ، فقررت قريش إعادة بناء الكعبة بناء متينا يصمد أمام السيول ، ولما أجمعوا أمرهم على ذلك وقف فيهم أبو وهب بن عمرو فقال : " يا معشر قريش ، لاتدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا ، لايدخل فيها مهر بغي ، ولا بيع ربا ، ولا مظلمة أحد من الناس" لكن قريشا تهيبت من هدم الكعبة ، وخشيت أن يحل عليهم بذلك سخط الله ، فقال لهم الوليد بن المغيرة : - أنا أبدؤكم في هدمها، فأخذ المعول وبدأ بالهدم وهو يقول : اللهم لم نزغ ، ولا نريد إلا الخير ، فهدم من ناحية الركنين ، فترقب الناس ليلتهم ليروا هل أصاب المغيرة شر بسبب ما فعل ؟ فلما رأوه يغدو عليهم لا بأس به ، قامو إلى الكعبة فأكملوا هدمها ، حتى لم يبق منها إلا أساس إبراهيم - عليه السلام - .

ثم تلى ذلك مرحلة البناء ، فتم تقسيم العمل بين القبائل ، وتولت كل واحدة منها ناحية من نواحي الكعبة ، فجعلوا يبنونها بحجارة الوادي، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود دبَ الشقاق بين قبائل قريش ، فكل يريد أن ينال شرف رفع الحجر إلى موضعه ، وكادوا أن يقتتلوا فيما بينهم ، حتى جاء أبو أمية بن المغيرة المخزومي فاقترح عليهم أن يحكّموا فيما اختلفوا فيه أول من يدخل عليهم من باب المسجد الحرام ، فوافقوا على اقتراحه وانتظروا أول قادم ، فإذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما إن رأوه حتى هتفوا : هذا الأمين ، رضينا ، هذا محمد ، وما إن انتهى إليهم حتى أخبروه الخبر فقال : ( هلمّ إلي ثوبا ) فأتوه به فوضع الحجر في وسطه ثم قال : ( لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ) ففعلوا ، فلما بلغوا به موضعه ، أخذه بيده الشريفة ووضعه في مكانه.

ولما كانت قريش قد عزمت على بناء الكعبة من حلال أموالها ، فقد جمعت لهذا الأمر ما استطاعت ، إلا أن النفقة قد قصرت بهم عن إتمام بناء الكعبة بالمال الحلال الخالص ، ولهذا أخرجوا الحِْجر ( الحطيم ) من البناء ، ووضعوا علامة تدل على أنه من الكعبة ، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة - رضي الله عنها : ( ألم تري أن قومك قصرت بهم النفقة ؟ ولولا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة ، وجعلت لها بابا شرقيا وبابا غربيا ، وأدخلت فيها الحجر ) .

ولما جاء عهد ابن الزبير - رضي الله عنه - قرر أن يعيد بناء الكعبة على نحو ما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته ، فقام بهدمها ، وأعاد بناءها ، وزاد فيها ما قصرت عنه نفقة قريش - وكان حوالي ستة أذرع - ، وزاد في ارتفاع الكعبة عشرة أذرع ، وجعل لها بابين أحدهما من المشرق والآخر من المغرب ، يدخل الناس من باب ويخرجون من الآخر ، وجعلها في غاية الحسن والبهاء ، فكانت على الوصف النبوي كما أخبرته بذلك خالته عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - .

وفي عهد عبدالملك بن مروان كتب الحجاج بن يوسف الثقفي إليه فيما صنعه ابن الزبير في الكعبة ، وما أحدثه في البناء من زيادة ، وظن أنه فعل ذلك بالرأي والاجتهاد ، فرد عليه عبدالملك بأن يعيدها كما كانت عليه من قبل ، فقام الحجاج بهدم الحائط الشمالى وأخرج الحِجْر كما بنته قريش ، وجعل للكعبة بابا واحد فقط ورفعه عاليا ، وسد الباب الآخر ، ثم لما بلغ عبدالملك بن مروان حديث عائشة - رضي الله عنها ندم على ما فعل ، وقال : " وددنا أنا تركناه وما تولى من ذلك" ، وأراد عبدالملك أن يعيدها على ما بناه ابن الزبير ، فاستشار الإمام مالك في ذلك ، فنهاه خشية أن تذهب هيبة البيت ، ويأتي كل ملك وينقض فعل من سبقه ، ويستبيح حرمة البيت .

وأما آخر بناء للكعبة فكان في العصر العثماني سنة1040 للهجرة ، عندما اجتاحت مكة سيول عارمة أغرقت المسجد الحرام ، حتى وصل ارتفاعها إلى القناديل المعلقة ، مما سبب ضعف بناء الكعبة ، عندها أمر محمد علي باشا - والي مصر - مهندسين مهرة ، وعمالاً يهدمون الكعبة ، ويعيدون بناءها ، واستمر البناء نصف سنة كاملة ، وكلفهم ذلك أموالا باهظة ، حتى تم العمل ، ولازالت الكعبة شامخة ، تهفو إليها قلوب المؤمنين ، وستظل كذلك حتى يقضي الله أمره في آخر الزمان بهدم الكعبة على أيدي الأحباش واستخراج كنز الكعبة ، وفي الجملة فإن الكعبة لها تاريخ طويل مليء بالأحداث والعبر التي لابد لنا أن نعيها ونستفيد منها.



من المولد إلى البعثة
1_ حادثة الفيل:
لقد توالت الأحداث العظيمة والآيات الربانية قبل البعثة النبوية، وكان من أهم الأحداث التي سبقت ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم وبعثته، حادثة تعرضت لها الكعبة المشرفة قص الله نبأها وسجل وقائعها في القرآن الكريم، فما خبر هذه الحادثة ؟ :

ذكرت كُتب السيرة أن أبرهة الحبشي كان نائباً للنجاشي على اليمن، فرأى العرب يحجون إلى الكعبة ويعظمونها، فلم يرق له ذلك، وأراد أن يصرف الناس عنها،فبني كنيسة كبيرة بصنعاء ليحج الناس إليها بدلاً من الكعبة، فلما سمع بذلك رجل من بني كنانة دخل الكنيسة ليلاً، فبال وتغوط فيها، فلما علم أبرهة بذلك سأل عن الفاعل، فقيل له: صنع هذا رجل من العرب من أهل البيت الذي تحج العرب إليه بمكة، فغضب أبرهة وحلف أن يذهب إلى مكة ليهدمها، فجهَّز جيشاً كبيرا، وأنطلق قاصداً البيت العتيق يريد هدمه، وكان من جملة دوابهم التي يركبون عليها الفيل- الذي لا تعرفه العرب بأرضها- فأصاب العرب خوفٌ شديد،ٌ ولم يجد أبرهة في طريقه إلا مقاومة يسيرة من بعض القبائل العربية التي تعظم البيت، أما أهل مكة فقد تحصنوا في الجبال ولم يقاوموه.

وجاء عبد المطلب يطلب إبلاً له أخذها جيش أبرهة، فقال له أبرهة : كنتَ قد أعجبتني حين رأيتُك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أخذتها منك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك، قد جئتُ لهدمه، لا تكلمني فيه ! قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت رباً يحميه، فقال أبرهة: ما كان ليمتنع مني ، قال عبد المطلب : أنت وذاك.وأنشد يقول:

لاهُمَّ إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك
لا يغلبنَّ صليبهم ومحالهم غدواً محالك
إن كنتَ تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك



يتبع ..
__________________
احدية الأمير: عشق بن شفلوت رحمه الله في فرسه

صفرا جنايبها كما الغربان
= قد عقبت عقب الخليف ثنين

لا من رفعت الصوت لقحطان
= يا ويل منهم يطلبونه دين
جبران أبن هتلان المهداني غير متواجد حالياً