عرض مشاركة واحدة
قديم 15-01-2011, 10:29 AM
  #1
صالح بن ناعمه
عضو فضي
 الصورة الرمزية صالح بن ناعمه
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الريــــــــــــــــاض
المشاركات: 1,704
صالح بن ناعمه has a reputation beyond reputeصالح بن ناعمه has a reputation beyond reputeصالح بن ناعمه has a reputation beyond reputeصالح بن ناعمه has a reputation beyond reputeصالح بن ناعمه has a reputation beyond reputeصالح بن ناعمه has a reputation beyond reputeصالح بن ناعمه has a reputation beyond reputeصالح بن ناعمه has a reputation beyond reputeصالح بن ناعمه has a reputation beyond reputeصالح بن ناعمه has a reputation beyond reputeصالح بن ناعمه has a reputation beyond repute
افتراضي عبد العزيز السماري يرد على مقال د/ عايض القرني...

نحن العرب قساة جفاه


د. عائض القرني





أكتب هذه المقالة من باريس في رحلة علاج الركبتين وأخشى أن أتهم بميلي إلى الغرب وأنا أكتبُ عنهم شهادة حق وإنصاف، ووالله إن غبار حذاء محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) أحبُ إليّ من أميركا وأوروبا مجتمِعَتين. ولكن الاعتراف بحسنات الآخرين منهج قرآني، يقول تعالى: «ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة»، وقد أقمت في باريس أراجع الأطباء وأدخل المكتبات وأشاهد الناس وأنظر إلى تعاملهم فأجد رقة الحضارة، وتهذيب الطباع، ولطف المشاعر، وحفاوة اللقاء، حسن التأدب مع الآخر، أصوات هادئة، حياة منظمة، التزام بالمواعيد، ترتيب في شؤون الحياة، أما نحن العرب فقد سبقني ابن خلدون لوصفنا بالتوحش والغلظة، وأنا أفخر بأني عربي؛ لأن القرآن عربي والنبي عربي، ولولا أن الوحي هذّب أتباعه لبقينا في مراتع هبل واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. ولكننا لم نزل نحن العرب من الجفاء والقسوة بقدر ابتعادنا عن الشرع المطهر، نحن مجتمع غلظة وفظاظة إلا من رحم الله، فبعض المشايخ وطلبة العلم وأنا منهم جفاة في الخُلُق، وتصحّر في النفوس، حتى إن بعض العلماء إذا سألته أكفهرَّ وعبس وبسر، الجندي يمارس عمله بقسوة ويختال ببدلته على الناس، من الأزواج زوج شجاع مهيب وأسدٌ هصور على زوجته وخارج البيت نعامة فتخاء، من الزوجات زوجة عقرب تلدغ وحيّة تسعى، من المسؤولين من يحمل بين جنبيه نفس النمرود بن كنعان كِبراً وخيلاء حتى إنه إذا سلّم على الناس يرى أن الجميل له، وإذا جلس معهم أدى ذلك تفضلاً وتكرماً منه، الشرطي صاحب عبارات مؤذية، الأستاذ جافٍ مع طلابه، فنحن بحاجة لمعهد لتدريب الناس على حسن الخُلُق وبحاجة لمؤسسة لتخريج مسؤولين يحملون الرقة والرحمة والتواضع، وبحاجة لمركز لتدريس العسكر اللياقة مع الناس، وبحاجة لكلية لتعليم الأزواج والزوجات فن الحياة الزوجية.




المجتمع عندنا يحتاج إلى تطبيق صارم وصادق للشريعة لنخرج من القسوة والجفاء الذي ظهر على وجوهنا وتعاملنا. في البلاد العربية يلقاك غالب العرب بوجوه عليها غبرة ترهقها قترة، من حزن وكِبر وطفشٍ وزهق ونزق وقلق، ضقنا بأنفسنا وبالناس وبالحياة، لذلك تجد في غالب سياراتنا عُصي وهراوات لوقت الحاجة وساعة المنازلة والاختلاف مع الآخرين، وهذا الحكم وافقني عليه من رافقني من الدعاة، وكلما قلت: ما السبب؟ قالوا: الحضارة ترقق الطباع، نسأل الرجل الفرنسي عن الطريق ونحن في سيارتنا فيوقف سيارته ويخرج الخارطة وينزل من سيارته ويصف لك الطريق وأنت جالس في سيارتك، نمشي في الشارع والأمطار تهطل علينا فيرفع أحد المارة مظلته على رؤوسنا، نزدحم عند دخول الفندق أو المستشفى فيؤثرونك مع كلمة التأسف، أجد كثيراً من الأحاديث النبوية تُطبَّق هنا، احترام متبادل، عبارات راقية، أساليب حضارية في التعامل، بينما تجد أبناء يعرب إذا غضبوا لعنوا وشتموا وأقذعوا وأفحشوا، أين منهج القرآن: «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن»، «وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما»، «فاصفح الصفح الجميل»، «ولا تصعّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور، واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير». وفي الحديث: «الراحمون يرحمهم الرحمن»، و«المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، و«لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا». عندنا شريعة ربّانيّة مباركة لكن

التطبيق ضعيف، يقول عالم هندي: (المرعى أخضر ولكن العنز مريضة).







--------------------------------------------------------------------------------

--------------------------------------------------------------------------------




عائض القرني وعلي بن الجهم


عبدالعزيز السماري









نال الشيخ الدكتور عائض القرني شهرة واسعة بسبب كتابه الشهير لا تحزن، ودخلت أعداد مبيعاته دائرة الأرقام القياسية، لكن مقاله الأخير الذي كتبه أثناء رحلته العلاجية إلى باريس، (نحن العرب قساة جفاة)، انفرد بخاصية المقال الأكثر قراءة والأكثر



تعليقاً حسب اطلاعي، لم يكن مصدر هذا الاهتمام فقط أسلوبه الأدبي الرفيع، لكن ما تضمنه من إعجاب منقطع النظير بالحضارة الغربية وبسلوك الفرنسيين الغربيين الراقي حسب رأيه، وما يتمتعون به كما وصفهم من رقة الحضارة، وتهذيب الطباع، ولطف المشاعر، وحفاوة اللقاء،حسن التأدب مع الآخر، أصوات هادئة، حياة منظمة، التزام بالمواعيد، ترتيب في شؤون الحياة، خلافاً للعرب الذي وصفهم -عفا الله عنه- بالقسوة والجفاء الذي يظهر على وجوههم وتعاملهم.



هاجم في مقاله العرب وقال: (في البلاد العربية يلقاك غالب العرب بوجوه عليها غبرة ترهقها قترة، من حزن وكِبر وطفشٍ وزهق ونزق وقلق، ضقنا بأنفسنا وبالناس وبالحياة، لذلك تجد في غالب سياراتنا عُصي وهراوات لوقت الحاجة وساعة المنازلة والاختلاف مع الآخرين، وهذا الحكم وافقني عليه من رافقني من الدعاة) هذا البعد الإنساني الذي سطره الشيخ الدكتور في مقاله عن حضارة الغرب الراقية والإنسانية لا يمكن بأي حال تجاوزه، إذا كانت ذكرى المحاضرة الشهيرة لا تزال عالقة بالذهن، والتي حكى فيها الشيخ عائض القرني، عندما كان أهم شيوخ الحركة السلفية الشابة في السعودية، عن رحلته الشهيرة إلى أمريكا، فصورها على أنها الجحيم بعينه، بلاد الكفر والفجور والزندقة فقال (فيها اختلال الأمن والاطمئنان أما أحوالهم فكما رأينا وشاهدنا، مسألة الأمن، هل يعيشون أمناً واستقراراً؟! لأن فروخ العلمانية حدَّثوا عن أمريكا فوصفوها بأنها جنة، وبأنها ديموقراطية، وبأنها أمُّ الحرية، وبأنها أساس العدالة، فهل يعرفون أمناً ورخاءً؟)..



وقال فيها شعراً:

(ورأيت أمريكا التي نسجوا لها أغلى وسام

قد زادني مرأى الضلال هوى إلى البيت الحرام

وتغيرت تلك البقاع فصار يومي مثل عام

ما أرضهم أرضًا رأيت وما غمامهم غمام

وعجبت للإنسان مبتور الإرادة والمصير

يحيا بلا دين ولا قصيد ولا هدي منير

مركوزة قدماه في طين المرارة والسعير

زيفٌ من الهالات في قسماته شعب حقير)..





لست الخبير بالنقد الفكري أو الأدبي أو بقراءة تجربة الصحوة، وما طرأ عليها من تعرية في مهب النظام العالمي الجديد، لكني مواطن من عوام القوم يعشق العبث والكتابة على صفحات هامش الأحداث وغرائب الأفكار، وأحد مصادر هذا العبث الهامشي هو التداعي العفوي للمشاهد والأفكار، وظهورها أحياناً في مخيلتي بصورة لا إرادية عندما أتوقف مثلاً عند سيرة رجل مشهور من طراز الشيخ الدكتور حفظه الله، وصل هذا التداعي إلى ذروته عندما قرأت مقاله الأخير عن رحلته الأخيرة لباريس لعلاج ركبتيه شفاهما الله.

ولسبب ما ظهرت شخصية شاعر الخليفة المتوكل الشهير علي بن الجهم في مقدمة خيال ذاكرتي حين أتممت قراءة مقال الشيخ الأخير عن باريس، وعلي بن الجهم كان بدوياً جافياً، قدم على المتوكل العباسي، فأنشده قصيدة، منها:



أنت كالكلب في حفاظك للود

وكالتيس في قِراع الخطوب

أنت كالدلو، لا عدمناك دلواً

من كبار الدلاء كثير الذنوب





عرف المتوكل حسن مقصده وخشونة لفظه، وأنه ما رأى سوى ما شبهه به، لعدم المخالطة وملازمة البادية، فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة، فيها بستان حسن، يتخلله نسيم لطيف يغذّي الأرواح، والجسر قريب منه، وأمر بالغذاء اللطيف أن يتعاهد به، فكان -أي ابن الجهم- يرى حركة الناس ولطافة الحضر، فأقام ستة أشهر على ذلك، والأدباء يتعاهدون مجالسته ومحاضرته، ثم استدعاه الخليفة بعد مدة لينشده، فحضر وأنشد:





عيون المها بين الرصافة والجسر

جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري





فقال المتوكل : لقد خشيت عليه أن يذوب رقة ولطافة..



في التشهير بهذه القصة في العصر العباسي لمحة شعوبية تصور العرب أجلافاً لا يعرفون ذوقا ولاً أدباً، و فيها أيضاً وصفة مناسبة لظاهرة (الجلافة) والقسوة عند العرب كما صورها الشيخ الجليل في مقاله، فعندما هيأ الخليفة الدار الحسنة وحياة الرفاهية لهذا الأعرابي (الجلف) تحسنت طباعه، وظهر ذلك جلياً في قصيدته الأخيرة، ولعل أغلب العرب الذي وصفهم الشيخ بالقسوة وانعدام الذوق يحتاجون لمثل هذه الرفاهية والكفاف في العيش حتى تلين طباعهم مثلما لانت طباع علي بن الجهم، و طباع الفرنسيين والغربيين.



ربما لهذا السبب تداعت شخصية علي بن الجهم أمام ناظري عندما قرأت مقالة الشيخ، لكني لا أجده سبباً مقنعاً..



حاولت تكراراً أن أجد تفسيراً آخر لهذا الربط الذهني بين الشخصيتين، لكنني لم أفلح في ذلك، فسيرتهما لا تتطابق في أوجه كثيرة، من أهمها أن علي الجهم كان قريباً من السلطة وكانت قسوة تعابيره في البدء غير موفقة من أجل إرضاء الخليفة، لكنها أصبحت في منتهى الذوق والرقة في قصائده الأخيرة عندما تطبّع بطباع رغد العيش ورفاهيته، بينما كانت سيرة الشيخ الجليل مختلفة تماماً، فعندما هاجم أمريكا والحضارة الغربية كان يسكن في دار مجهولة، ويقف في موقف البعيد وغير الراضي عن السلطة، وعندما كتب مقاله الأخير في مدح الفرنسيين والحضارة الغربية وذم العرب، كان ينعم بدار حسنة على شاطئ نهر السين في العاصمة الفرنسية.
__________________
[grade="008080 008080 008080 008080"]لا اله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين[/grade][grade="DC143C DC143C DC143C DC143C"]beshry@hotmail.com[/grade]
صالح بن ناعمه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس